مستخدم:عثمان شيخ الدين عثمان (عكرة)/ملعب

انقلاب الانقاذ بدايات ازمة حكم الحركة الاسلامية في السودان

عدل

الثلاثون من يونيو 1989م أذاعت المجموعة التي نفذت انقلابها المنتظر بيانها للشعب، ببرود، وفي هدوء، ولزم الشعب حالة من رد فعل (اللامبالي) تمثلت في عدم إظهار أي شعور (قبول) الناس جاء نتيجة خيبات الأمل في الديمقراطية المؤودة!.

الجيش عملها أو كان منتظراً منه ذلك لأن بيان فبراير 1989م كان ممهداً لأي انقلاب، لدرجة أن هنالك تنظيماً سياسياً، وزع ملصقات في تلك الأجواء يقول إن الانقلاب العسكري ليس هو الحل.. كانت الجبهة الإسلامية بقيادة دكتور الترابي قد شكلت نواة تنظيمها العسكري بدخول ملتزمين إلى القوات المسلحة خاصة خريجي الجامعات!!.

الجبهة الاسلامية القومية تخطط للانقلاب

عدل

ونوايا الجبهةالاسلامية التي لها تاريخ طويل من اخوان مسلمين الي جبهة ميثاق اسلامي والجبهةالاسلامية القومية كان اسمها الذي ظهرت به بعد ثورة ابريل 1985م التي اطاحت بالمشير جعفر النميري، وتخطيطها كان هادماً للتجربة الديمقراطية بما وضعته أمامها من متاريس أدت إلى اخفاقها، إذ لم يكن لانقلاب أن ينجح إذا نجح الحكم الديمقراطي في تثبيت دعائمه!!.

تبريرات تلك المرحلة حسب ما تذيعه الجبهة إنها كانت تسابق آخرون (بعثيين جهويين وغيرهم)!! رغم أن عراب الانقلاب الترابي كان في وقت سابق اعترف بخطأ تفكيره الانقلابي!.

وجود تنظيم في الجيش لأي حزب أو تيار كان سمة في كل جيوش المنطقة، خاصة القوى الحديثة حيث أن ولاء الأحزاب التقليدية كان تقليدياً غير مستوعب لمتغيرات الحراك السياسي بالبلاد!!.

قد يقول قائل إن تنظيم الجبهة الإسلامية كان مطلوباً منه فقط كشف التحركات الانقلابية للآخرين لا التسابق معها، خاصة وإنها كانت لها مكاسب كبيرة قد حققتها في الديمقراطية الثالثة بفوزها في عدد كبير من الدوائر من البرلمان، بينما يكون المبرر مقبولاً للبعث الذي لم يغذ في أي دائرة، حيث كانت جهوده منصبة فقط على الوصول على الطريق السهل وهو الانقلاب العسكري، وهو الطريق الذي وصلت به أحزابه في العراق وسوريا للسلطة، أما دخوله للمعركة الديمقراطية فلم يكن إلا مناورة سياسية وأعطته فرصة للوجود العلني وترويج لأفكاره السياسية بدأ الحزب متجهاً للعمل الخاص، حيث مازال (أثر توجهاته باقياً يحوم حول القوات المسلحة) رغم انهيار حزبه الكبير في العراق وشروخه القاتلة، في سوريا.. إذ أن عقديتهم في الانقلاب تظل باقية رغم تظاهره مع الأحزاب معارضة ومشاركة.


البعث العربي القومي يتابع

عدل

وسبق لي أن طالعت ردود فعل القيادة البعثية من وثائقهم المنشورة بعد سقوط بغداد، وكانت نقاشاتهم حول توقع انقلاب من الجبهة الإسلامية، وكان للقيادة رد فعل سلبي تجاه الإسلاميين، ولكن كان واضحاً أنهم لم يستطيعوا وقف تنفيذ انقلاب الإنقاذ ولكن واصلوا تخطيطهم لانقلابهم الخاص وهو ما عرف بانقلاب الخلاص الوطني في 1990 حيث اجهضت المحاولة فيما عرف بمجزرة شهداء رمضان

توالي سياسي

عدل

جاءت الإنقاذ كانقلاب عسكري، وبحسب ما أثير بعد أنهم وضعوا خططاً محددة للوصول والانتقال إلى نظام مدني بدأت أرهاصاته بحل مجلس قيادة الثورة، وتشكيل مجلس نيابي انتقالي والبدء في إجراءات انتخابات 1996م، وصولاً لفتح شكل من أشكال التعددية (التوالي السياسي) وفقاً لدستور 1998م.

إذا استرجعنا شريط المشهد السياسي الذي صاحب بدايات الإنقاذ، فالسودانيون عادة يستقبلون التغيير بنوع من الإطمئنان والشعور بالرضا (لمازال عنهم من نظام سابق) يرون أنه سبب كل البلاوي والمحيطات التي أحاطت بهم دون أن يطرحوا هذا السؤال، هل الحل هو في التغيير الجذري؟ أم الإصلاح الطويل النفسي؟ أم في إجراءات جراحات محددة في بنية النظام القائم آنئذٍ!!.

وهذا يعطي تفسيراً آخر هو أن الشعب السوداني شعب انفعالي في معالجته لمشكلاته العامة وقضاياه العميقة.

حوارات وخبراء ثم فقدان البوصلة

عدل

كان أمام الإنقاذ أن تبدأ في إنفاذ رؤاها لبناء الوطن وتحويل أحلامها السياسية إلى واقع، مستثمرة (كوادر مدربة) دفعت بها إلى الواجهة.. وسرعان ما فقدت الإنقاذ البوصلة وبدأت نفتح شكلاً من التواصل مع المجتمع، فعقدت للنخب وللخبراء ولأهل الاختصاص مؤتمرات الحوار الوطني حول (قضايا السلام، الاقتصاد، الإعلام، النظام السياسي... الخ).

هي مؤتمرات وجدت فيها كثبيراً من الرؤى وعجزت أن تبنى جسوراً مستديمة مع أولئك الخبراء، فاكتفت في مرحلة سريعة بالشكل الحزبي التنظيمي رغم تبنيها لنظام سياسي شامل أطلقت عليه نظام المؤتمرات.

عزلة حكومة المهدي ادت الي نجاح الانقاذ

عدل

المناخ الذي ساعد الإنقاذ على النجاح هي العزلة الخارجية التي أدخل الصادق البلاد فيها، إذ كانت علاقته متدهورة مع كل الدول إلا قلة خاصة مصر، بينما النظام الليبي الذي يعتبر النظام الصديق مع المهدي لم يكن لديه تأثير على الشارع، ونجحت الإنقاذ في تسويق نفسها عربياً عبر بوابة النظام المصري الذي وضح أن استراتيجيته قامت على القبول باي نظام خلاف حكومة الصادق المهدي التي توترت علاقتها مع مصر!.

العلاقة مع النظام المصري ظلت تراوح مكانها إلى أن تفجرت أزمة دخول العراق الكويت، واتخاذ السودان موقفاً صارماً ضد دخول قوات أمريكية، ففقد بذلك دعم الخليج العربي بأكمله ومصر، وبدأت المصائب تلوح في سماء الإنقاذ!!.

المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي

عدل

أشترت الإنقاذ الوطني المصائب والصعاب بموقف سياسي اشتطت فيه وظنته موقفاً أخلاقياً، لم تكن الإنقاذ تحسب ثمن تلك البضاعة التي ظنتها (محفزة للشارع العربي والإسلامي) للتغيير الشامل!! وتأسست عبر بوابة مجلس الصداقة الشعبية المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي في إشارة لمؤتمر (الممانعة) للوجود الأمريكي.. كان المؤتمر في شكل عمل ضخم أو هكذا ظنته تلك الدول، ولكن كان مجرد (تظاهرة سياسية وإعلامية) لم تفعل أكثر من إصدار البيانات وتوثيق التواصل بين كيانات من أقصى اليسار والقومية إلى الإسلاميين لتوظيفهم ضد مشروع الهيمنة الأمريكية الذي مضى، فعاقب السودان بوضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب!!.

الجبهة الاسلامية ادخلت الجيش للسياسية

عدل

خلاصة الأمر أن الجبهة الإسلامية ساهمت ضمن قوى سياسية في إدخال الجيش متاهة السياسة، اذ يقول الاسلاميون انهم بدأوا التفكير بانشاء تنظيم لهم داخل الجيش بعد نجاح الشيوعيون والقوميون العرب في الوصول للسلطة عبر انقلاب مايو، 1969 م، حسب افادات لقياداتهم د حسن الترابي، علي عثمان محمد، طه وابراهيم، السنوسي وارتكبت بذلك مع سبق الإصرار تدابير سياسية أفضت إلى حشد الرأي ضد حكومة الديمقراطية الثالثةحيث.قادت مظاهرات طلابية واحتجاجات واسعة النطاق،كما عملت منظومتها الاعلامية صحيفة الراية والوان وصحف اخري موالية لها علي احداث شروخ في علاقة حكومة الصادق المهدي المهدي مع الشعب ولقد اعترف بذلك المهدي في اكثر من منبر وحوار اجري معه خلال اعوام تالية لانقلاب الانقاذ

وأن الإنقاذ بعد صولها للسلطة وجدت أمامها تحديات كبيرة و رأي عام (لا مبالي) لما آلت إليه الأوضاع، ولم يبدِ أي مقاومة أو رفض لوأد النظام الديمقراطي، نتيجة للأخطاء ولاستغلال وسائل الإعلام وخاصة الصحافة في تعرية النظام القائم سابقاً عليها، وأن الإنقاذ وجدت فرصة ذهبية بوجود قبول عربي واسع لها، ولكنها استثمرت خطأ في الوقوف ضد مصالح تلك الدول وتمادت في مواقف أدت إلى حصارها، وفقدان التأييد العربي، إلى أن أدت تلك المواقف إلى انقسام السودان.