مستخدم:رانية البرزنجي/ملعب

مؤيد الراوي 13.8.1939-2015 08.10

ولد مؤيد الراوي في 13.8.1939 في مدينة كركوك لام مسيحية واب مسلم. درس فيها وتخرج من دار المعلمين ليعمل في سلك التعليم. وعيّن في قرى نائية عن مدينته بسبب توجهاته الفكرية الليبرالية

كانت المدينة في طفولته تتوسع على نحو متسارع وفوضوي، بسبب حقول النفط المكتشفة التي جذبت الاف العوائل النازحة، واستقطبت مجتمعات وافدة شكلت على الدوام تناقضا في الثقافات وفي المصائر الجماعية والفردية، وهي في حالة تحول قلق دائم تمارس عاداتها وطقوسها الخاصة وتتحدث بلغات مختلفة. من خلال معرفته المبكرة باللغات العربية والكردية والتركمانية، بالاضافة إلى الإنكليزية، ومن خلال معايشته التجمعات القومية والاثنية والعرقية تعلم السماحة والليبرالية وتجاوز الارث القومي لينعكس ذلك في ادبه. وليغامر في تجريب كتابة جديدة طليقة القيود. كتابة تشكل قطيعة في الشعر لجهة الوزن والايقاع الخارجي، واغراض الشعر الكلاسيكي العربي الذي لم يتخلص منها ماسمي بالشعر الحديث.وكذلك لجهة الغنائية والعاطفة السطحية الجماعية البعيدة عن ازمة الذات التي تعيش تحولات دراماتيكية لتتعرف على نفسها اولا.

عندما نفي بسبب من افكاره الراديكالية إلى قرى الشمال. وجد ان المنفى الأول، في المكان منحه تجربة مباشرة مع الفلاحين. اولائك الناس الذين كانوا نتاجا طبيعيا لمحيطهم منذ مئات الاعوام بعيدين عن مركزية السلطة، لم تتكامل ذواتهم، يتسمون بالمحدودية وبالعفوية البدائية يعيشون عموما على ما توفره الطبيعة ويتعاملون بالمقايضة.

اعتقل ثلاث مرات، ليس بسبب انتماءه الاديولوجي، او بحثه عن الحرية والعدالة وانما بكل بساطة بسبب تخلف السلطة الشرقية. كان اقساها اثر انقلاب شباط الدموي1963حيث اعتقل وعذب لمدة سنتين وعاش تجربة التعذيب ومواجهة الذات في غياهب السجن حيث التصفيات الجسدية والاف المعتقلين يعض واحدهما بالاخر .، ورأى اناسا يقتلون تحت التعذيب. كانت تلك الفترة تجربة المواجهة مع الذات وغسل الروح والتساؤل عن معنى العدالة ومكونات جوهر المجتمعات البشرية، الاف المعتقلين يعذبون بيد الاف الجنود والاناس العاديين الذين يمثلون بجثث الضحايا.

وتجربة التعذيب هذه عاشها ثانية في سجن انفرادي، عندما عاد من بيروت ودخل العراق سرا سنة 1974 لاصطحاب خطيبته، واطلق سراحه بعد احتجاجات ووساطات من العديد من الهيئات الثقافية والشخصيات السياسية في لبنان والعراق ومنظمة التحرير الفلسطينية. حينها اكتشف ماكنة السلطة في العراق المتخلف تعمل على خراب الناس عبر هيئات مركزية متخلفة، ولكن قادرة على استقطاب قسري في المجتمع يعمل على الغاء ذوات الناس غير المشكلةاصلا، فتوزعهم هوى وارادات منزوعة مثل الطحالب والاشنات وتعينها في ذلك مراكز شبيهة بالسلطة، تتمثل للصياغة السياسية ضد قدر الانسان.

في العام 1966 انتقل إلى بغداد هاجرا الاسرة، ملتجئا إلى مغامرة الذات حيث النفي الطوعي والمواجهة اليومية مع الاخرين وعاش فيها معدما ومشردا، ولكن مغامرا في تجريب الكتابة الجديدة مختلطا بالتجمعات الادبية والفنية لاعبا دورا اساسيا في تطوير روح الستينات الشعرية والفنية في العاصمة، مستوعبا التحولات البارزة التي كانت تصرخ في العالم وفي المنطقة العربية.

عمل في الصحافة العراقية والعربية، وكان له دور بارز في الصحافة الادبية وقد دعى في معظم ماكتب إلى القطيعة مع الادب الذي سبق وعي الستينات، ونبذ الخطاب المعتمد على الجماليات الشكلية. ونشر لاول مرة قصائد تشهد خارطتها توزيعا جغرافيا للاشطار كما حاول نشر بعض من قصائده الاولى في كتاب (نزهة في غواصة) الا ان الرقابة الرسمية في اواخر 1969 لم تسمح باصداره وبقيت المخطوطة قيد ارشيف الامن.

كتب مجموعة من المقالات في الفن عن جواد سليم وارثموفسكي وعن الفن البصري والزخرفة الاسلامية ويكاد يكون الشاعر الوحيد الذي نظر دفاعا عن الفنانين المجددين، وعن عدد من الفنانين العراقيين مثل مهدي مطشر وضياء العزاوي (باعتبار ان لا احد يفرض على الفنان شرطه القبلي، وليس هناك وسائل محددة وقسرية تضعه على طريق معين. ذلك ان الفنان يتفاعل وينمو داخل ملابساته الخاصة وعالمه الشخصي، فيبدع عندما يحل ازمته بحرية وجرأة دون ان يكون ظلا للاخرين). كما جاء في مقدمته للمعرض الثالث لجماعة المجددين 1967.

غادر العراق بداية 1970(بعد ان اُسرّ بنية السلطة في اغتياله) إلى الاردن وشارك في حرب ايلول بين المقاومة الفلسطينية والسلطة الاردنية ثم غادر إلى سوريا واستقر في بيروت . عايش هناك مع المقاومة الفلسطينية نهوضها وافولها وتحول الناس بواسطة العواطف إلى اعداء وإلى اختبار قوة العادة والتاريخ وقوة الصياغة لالاف الاعوام . وكذلك عاش الحرب الاهلية اللبنانية التي مزقت البلاد. وشعر الراوي لا يمكن سبر غوره الا من خلال فهم هذه الاحداث السياسيةـ الاجتماعية التي عاشها العراق والعرب عموما.

اجبر على ترك بيروت من قبل القيادة الفلسطينية بعد كشف التحقيقات ان اسمه كان الأول على قائمة الاغتيالات التي اعدتها المخابرات العراقية وبدأت بتنفيذها منتصف 1979 باغتيال الشهيد خالد العراقي(عادل وصفي)بكاتم صوت في شارع الفاكهاني حيث كان على بعد بضع امتار من مقر مجلة فلسطين الثورة الناطقة باسم منظمة التحرير الفلسطينية التي عمل مؤيد الراوي فيها رئيسا للقسم الفني.

مؤيد الراوي كصحفي ماهر، كانت له اليد الطولى في حياة عدد من الصحف والمجلات العراقية مثل ملحق الجمهورية الادبي الذي نشر فيه قصائد تشهد خارطتها توزيعا جغرافيا للاشطار، وجريدة النصر التي علاوة على تحريرها مع قيس السامرائي(ابو ليلى) كان يكتب فيها عمودا سياسيا جريئا بتوقيع مازن، ومجلة الراصد التي كان ينشر فيها عمودا اسبوعيا بعنوان افكار بصوت عالي ومجلة إلى الامام التي رأس سكرتارية تحريرها لسنوات انتهت باشتراط المخابرات العراقية اخراج مؤيد الراوي منها مقابل مبلغ مغري استلمه فضل شرورو، ولكنه لم يعر اهتماما استثنائيا لعمله الصحفي ولم يعلق عليه امالا، بل اتخذه مجرد وظيفة لسد رمق العيش، وطاردته السلطة الدكتاتورية في عمله وكان ان فصل من عمله كمراسل لمجلة فلسطين الثورة ووكالة وفا الفلسطينية في برلين عندما اتخذ موقفا مضادا لغزو الكويت من قبل الجيش العراقي فيما ساندت القيادة الفلسطينية موقف السلطة الدكتاتورية وجر هذا على الشعب الفلسطيني الويلات بعد سنة1990. لمؤيد الراوي عشرات القصائد والقصص والترجمات والمقالات موزعة في معظم الصحف والمجلات العراقية والعربية، وترجمت قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والايطالية والعبرية والاسبانية وغيرها من اللغات.

مؤيد الراوي هو الوحيد من جماعة كركوك الذي قرن شعره وحياته بنضاله حيث انتمى للثورة الفلسطينية وفي نفس الوقت عمل مع الاطراف اليسارية في المعارضة العراقية سواء في بغداد وبيروت وبرلين وكان له دور بارز في تشكيل «رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين» وفي مجلة «البديل» التي كانت تصدرها.

أعماله

عدل

صدر لمؤيد الراوي ثلاث مجموعات شعرية اولها:

  • احتمالات الوضوح سنة 1977 عن مطابع مجلّة «فلسطين الثورة»
  • ممالك سنة 20015 عن دار الجمل
  • سرد المفرد سنة 2015 عن دار الجمل

ومازال كتاب نصوص منذ خمسة اعوام مركونا في ادراج دار الجمل لصاحبها خالد المعالي ينتظر قرار تجارة الادب. كان مؤيد الراوي شاعرا وناقدا ورساما وخطاطا ومناضلا قد رفض طوال حياته ان يقرأ في مهرجانات ورفض العديد من الدعوات لاجراء حوارات وكان يردد ان الشعر يقرأ ولا يلقى.

الوفاة

عدل

عانى مؤيد الراوي لست سنوات متواصلة من تبعات مرض السكر والغسيل الكلوي ثلاث مرات اسبوعيا ولكي يبتعد عن اجواء المستشفيات الكئيبة قرر مع زوجته اجراء الغسيل اثناء الليل في البيت لمدة سنة كاملة، وبسبب تفاقم ضعف الجسم العام، تقرر نقله ثلاث مرات اسبوعيا إلى المستشفى، لاجراء الغسيل الكلوي ثم اكتشف الاطباء في السنة الاخيرة اصابة الرئتين بالسرطان الذي لم يمهله طويلا وكان اثناء تلك الفترة قد وهن جسمه وانطفأ نور عينيه، حتى فارق الحياة فجر الثامن من اكتوبر سنة 20015 ودفن في برلين التي احبها وقرب زوجته وبنته وابنه.

جوائز

عدل
  • منح مؤيد الراوي في برلين وسام مهرجان الجواهري الثامن من قبل الفريد سمعان عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
  • منح وسام الثقافة والعلوم والفنون مستوى الابتكار في برلين من قبل رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس تقديرا ووفاء لابداعاته الشعرية، ومساهماته الثقافية والصحفية، وتثمينا عاليا لجهوده وعمله في مجلة فلسطين الثورة، وعطائه لفلسطين كأحد المناضلين العرب المخلصين.