مستخدم:حسن أشلحي/ملعب

لهيدرا . في الأدب العالمي توجدُ أُسْطورةٌ ، تحكي عن بَطلٍ شُجاعٍ ، يُصارعُ فيمن يُصارعُ من الأعداءِ والوحوش ، كائناً قوياً ومُخيفاً ، اسمه ( الهيدرا ) ، له رُؤوسٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، يُكَشِّرُ مِنْ خلالها عن أنْيابٍ صَخْريَّةٍ ، وينْفثُ من أَفْواهِها نيراناً ملتهبةً . والبطل ( هرقل ) يصارعه بشجاعة ، ويُطاوله ، ويُراوغُه ، بهِمَّةٍ عاليةٍ ، حتى يكتشف نُقْطةَ ضُعْفِه ، فيأتيه منها ، ويصْرَعُهُ بضَرْبة قاضيةْ ... هذا في الأسطورة ، ولكن في الواقع ، لسنا ذلك البطل ؛ فالحياةُ التي نُصارِعُها أقوى من ذلك الوحش ، وليس لها نُقطةُ ضُعْفٍ واضحةٌ ، بل جميع نُقطها قويَّة ، ومُحَصَّنةٌ ، ومَنيعةٌ . وهي حولنا مُعقدةٌ أشدَّ التعقيد ، تَفْرشُ تحت أقدامنا مشاكلَ كثيرةً ، وتَبْسُطُ هُموماً كبيرةً ، وتزْرعُ في أَرْضنا أَشواكاً حادَّةً ، ومساميرَ حاميةً ، وتَرُشُّنا بالغاز والنَّارِ ، وتَنْفثُ في وجوهنا سموماً خبيثةً تمتزج بأعصابنا ودمائنا ، فتستولي علينا أحزانٌ كثيفة ، وهموم ثقيلةٌ ، تَصْرعُنا في النِّهايةِ . وقد يظهر مِنْ بيننا مَنْ يتشجع ، ويَسْتبسِلُ ، ويتسلَّحُ بالإرادة والعزيمة ، فيحاولُ جاهداًً أن يتغلَّبَ على ذلك الوحش ، ويُزيح عن الطريق الأشواكَ والمساميرَ ، ويُخْمدَ من الهواء تلك النار المشتعلة ، ولكنه للأسف كُلَّما قام بمُحاولةٍ ، بَدتْ ناجحةً لِلَحْظةٍ ، طلعت مكانها أشواكٌ ومساميرُ أُخرى ، والْتهبَتْ نارٌ أشدُّ سَعيراً ... فلا تنسوا أن الحياة مثل ( الهيدرا ) لها رُؤوسٌ مُتعدِّدَةٌ !!