مستخدم:انور الحاير/مقالة 1

حالة شفاء فتاة من سرطان الثدي في جنوب شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام..

اذا صادف واكتشف في أي حضارات قديمة مرض الثدي المعروف بسرطان الثدي، فذلك امر طبيعي، حيث المهم أي حضارة استطاعة ايجاد الدواء الناجح للقضاء على ذلك المرض الخطير، فلا تستغربوا أن الطب في اليمن القديم نجح في ذلك وكان السباق في تلك الجوانب الطبية التي ما تزال مستعصية على الطب الحديث حتى الان . وفي هذا النقش حالة شفاء احدى المرضى وهي فتاة من سرطان الثدي بنجاح!

نقدم اليكم عرض ملخص ومختصر عن حالة شفاء في اليمن القديم وتحديدا في معبد المعبود ( المقيت ) في ( اوام ) ذلك الوقت العريق في القدم، استنادا للإعلان نفسه -نقش مدون بخط المسند- ) ونقصد بذلك الاعلان النقش الذي يذكر اصابة فتاة تسمى ( حبيبه ) بثديها وبعد معاناتها المرضية لمدة تسعة اشهر ومن ثم يتمكن العاملين في معبد اوام من شفائها ومن وعلاجها بنجاح ، والمعروف أن المرض الذي يصيب ثدي المرأة ويدوم لكثير من الوقت ما هو إلا سرطان الثدي..

في عام 2015م تم اكتشاف دليل على وجود سرطان الثدي في مصر القديمة اعتمادا على بقايا جثة مرأة تعود إلى الأسرة السادسة وذلك في مقبرة قبة الهوا، التي أظهرت الضرر النموذجي المدمر بسبب انتشار السرطان النقيلي. ووصفت أوراق البردي لإدوين سميث 8 حالات أورام أو قرح من الثدي التي كانت تعالج بالكي.ولكن لا توجد ادلة مادية على علاج سرطان الثدي في مصر القديمة ولعل الثابت حتى الان استعمال ( الكي ) لعلاج سرطان الثدي، وهو لا شك غير ناجح تقريبا، وبالتالي فان اول ادلة مادية على علاج ناجح لسرطان الثدي كان في اليمن منذ 2500 عام تقريبا، حيث تفيد النقوش بشكل واضح على شفاء فتاة من ذلك المرض التي كانت تعاني منه منذ تسعة اشهر.

-سرطان الثدي هو نوع من أنواع السرطان يظهر في أنسجة الثدي. من علاماته تغير في شكل الثدي، وظهور كتلة في الثدي، تقشير الجلد، سائل قادم من الحلمة، حلمة مقلوبة حديثًا، أو بقع حمراء أو متقشرة. في حالة انتشار المرض في الجسم تظهر العلامات التالية:آلام العظم، انتفاخ في الغدد الليمفية، ضيق في التنفس أو اصفرار في الجلد.

-سرطان الثدي في النقوش اليمنية الققديمة:

يمكنا الاعتماد على تاكيد ذلك من خلال نقش مدون بخط المسند من نقوش معبد اوام في مارب والموسوم بــــ (NAM 2494) ويعود تاريخة الى المرحلة الكتابية المتوسطة( د) ومكون من ( 17 سطر )،والمودع حاليا متحف عدن، وقد تناول هذا النقش عالمنا الكبير ( الفريد بيستون ) عام 1980م، ولكن ربما لم ينتبه لطبيعة المرض الذي اصاب الفتاة في ثديها، واكتفى في قراءة النص وتوثيقة وله منا خالص الشكر والتقدير على ذلك.

-هاهي المرأة ( شافن اب ) الفيشانية وابنتها " د د ت " ( حبيبه ) التي كانت مصابة بسرطان الثدي، تتقدم بتمثال ( انثى ) من البرونز للمعبود " المقه " في معبد " اوام " في مارب.. وذلك لانها لم توفي بنذرها ( وعدها ) للمعبود المقه الذي كانت قد نذرت به عندما احضرت ابنتها الى معبد اوام وهي في حالة مرض مستعصي وخطير -( سرطان الثدي )- وبجاه المقه تم شفائها ذلك الوقت فوعدت ونذرت الام -لحظة فرحتها للمعبود المقه الذي له الفضل في شفاء ابنتها- بانها سوف تعود في موسم الحج وبصحبتها ابنتها ( حبيبه ) لأداء فروض الحج وفاءا للمعبود على شفاء ابنتها من سرطان الثدي الذي كانت تعاني منه ولم تجد له دواء شافي إلا في معبد المقه ( اوام ) في مارب..

الغريب في الامر أن الفتاة بعد شفائها لم تاتي مع والدتها في لاداء الحج كما وعدت بذلك والدتها عندما كانت مريضة، بل ذهبت الى اقرب معبد في صنعاء وهو وفقا للنقش معبد ( اوام ) في صنعاء، وهذا يعد عدم الايفاء بالنذر التي التزمت والدتها به في مارب، الامر الذي جعل الام أن تقدم تمثال لفتاة من البرونز كتكفير عن عدم احضار ابنتها للحج في مارب اضافة الى تدوين الواقعة على نصب حجري يسجل تفاصيل الذنب والسبب الذي من اجله قدم التمثال وكتابة النقش..

ما سبق ذكره نموذج لخلاصة دراسة النقوش وفقا للطريقة المعهودة، والتي تلحق دائما بتحليلات لغوية لألفاظ النقش فقط دون التعمق في التحليلات وما الى ذلك..الخ.

ونحن شخصيا لا نعتقد بان دراسة تلك النقوش كافية والسبب في ذلك وجود تسائلات ليس لها اجابة حتى الان؛ ويعتبر ذلك قصور لاننا لم نعطي اي نقش حقه في دراسة تفصيلية ليس من حيث المدلولات اللغوية او الدينية او الاجتماعية وحسب. وانما هنالك ماهو اهم من ذلك ويجب علينا المحاولة في العمق لاي نقش وتحليله من كافة النواحي التي تركت لذلك. ومن اهم تلك الامور التي نتركها مجهولة مع انها تتطلب حتميا اكتشافها ومعرفة تفاصيلها اعتمادا على النقش،بداية من نوع الحجر ومقاساتها ونمط الخط و و و..الخ.

ومن تلك التسائلات التي نجهلها ونهملها على الرغم من اهميتها الكبيرة،المعنى من الدلالة الحسية إلى الدلالة المعنوية العقلية المجردة وفن الرموز التعبيرية التي تركها امامنا ذلك الكاتب والخطاط المحترف لخط المسند قديما . على اعتقاد منه بانها خاصية سهلة ومن الامور اليسيرة على العقل شأنها شان تلك الخواص المعروفة باللغة اليمنية القديمة، وقد تكون تلك المفاهيم الذهنية ساقطة رمزيا في النقش ولكنها ثابتة عقليا ومفاهيمها الدلالية معروفة، كما عليه الحال من حيث خصائص اللغة اليمنيه القديمة مثل خاصية الكتابة بخط المسند فتسقط بعض الحروف اواسط الكلمات كتابة من الوسط ولكن يتم اثباتها نطقا..

من هي المرأة ( شافن اب الفيشانية وابنتها "د د ت " حبيبة التي دون لهن نقش بخط المسند وبحجم كبير جدا مكون من 19 سطر ?

وقبل أن نحدد مسقط راس المرأة " شافن اب ) سوف نتطرق الى دلالة الاسم:

ش اف ن ا ب:

اسم علم لامرأة، وهو مركب على صيغة الجملة الفعلية من ثلاثة أجزاء: الأول الفعل الماضي ( ش ف ) من الفعل ش و ف، أي: "حمى،رعي، "، والثاني ضمير المتكلم ( ني )، والثالث المعبود ( اب ) وتاتي هذه الصفة للدلالة على أن الشافي والمعافي المعبود، فقد جاء مثل هذه الصيغة في النقوش المدونة بخط المسند قديما.

والملاحظ في هذا النقش عدم اهمال كتابة الحروف اللينية في هذا الاسم وهذا يساعد في تحديد حال الضمير هل هو للمفرد أو للجمع، وفي هذا النقش حدد الضمير بانه للمفرد المؤنث، لذلك يجب أن يُقرأ الاسم ( شافني اب ) أي : حماني اب، شفاني اب... تاكد من الالف لان المعتمد ( شفاني اب – حماني اب ).

أ م هــ: أي " إمة "، وهي صيغة المفرد من أمة نقيض حُرَّة.

وتاتي نفس الصيغة في نقش (السعيد: 4) " ش ف ن ح ل ف : أي: ( ش ف ) من الفعل " ش و ف " بمعنى: حمى، رعى، وقى (السعيد- سعيد، نقوش سبئية، 2002، ص16)

بداية علينا التعرف على خطورة مرض سرطان الثدي: سرطان الثدي: (بالإنجليزيّة: Breast cancer) هو أحد أنواع السرطان التي تُهاجم الخلايا المُكوِّنة للثدي، ويُصيب سرطان الثدي النساء، والرجال، إلا أنَّه أكثر شيوعاً بين النساء.

من ناحية اخرى وجدنا نقوش مدونة بخط المسند تؤكد على وجود الحجر والعزل الصحي قبل الاسلام في جنوب الجزيرة العربية، وكان الحجر الصحي يخص كل من ينشر مرض الجذام اثناء إقامة الحضرات والشعاير الدينية وكما هو في نص النقش حسب الاتي:

الحجر الصحي من خلال النقش المدون بخط المسند والموسوم بـــــ CiH126

محتوى النقش بحروف المسند:

١_ ك ن / ه ث ب/ و ه ح ر/ ي د ع إ ل/ ب ي ن/ م ل ك/ س ب أ/ ب ن/

٢ _ ك ر ب أ ل / و ت ر/ ل أ د م ه و / ف ي ش ن /و ب ك ل م/ب ش

٣ _ ب م / ع ر ن/ا ل و / ل ك ذ / م ن / ذ ل ه و / ي ر ي س ن/

٤ _ و ض ا /و س ت و ض أ/ ت ج د م م / ب د و ل ت / ف ي ش ن /

٥ _ ي ه و ض أ/ ب ذ / ن س و ر/ن ح ق ل/ ب ن /ذ ن / خ رف ن /

٦ _ س ت و ض أ/ ب م ح ر م ن / ا و م /ذ ع ر ن / ا ل و / و ل ي م ت ن / ن ف س ه و /ا س ن / و ق ن ي ه و / ل ي س ت م خ ض /

المعنى العام للنقش في قراءة جد يدة إن

هاهو الملك يدع ال بين بن كرب ال وتر ملك سبأ شرع قانون لأتباعه فيشان وبكيل في شبام وحصن ( الو ) ، ( ونص القانون ) كل من ثبت بانه اتى او حاول الحضور و ( اخفى ) انه مصاب ( بمرض ) الجذام ) الى ارض فيشان، يعتبر ( مخالف لقانون الحجر الصحي ) خاصة ( من ثبت انه حاول ) الحضور الى حرم المعبد اوام ( في حصن الو ) اثنا اقامة الطقوس والشعائر الدينية في شهر ذي نسور ( وفي حال كان المريض على علم بخطورة العدوى ) فانه سوف يتم اعدامه وتصادر ( كافة ممتلكاته اكان ( المريض وحامل العدوى ) رجل أو امرأة، ومن اعترف انه كان مصاب ( بالجذام ) فيتم عزله ( في الحجر الصحي ) لمدة سبعة ايام، فان لم يمت خلال تلك الفترة ( فانه غير مصاب ) وان ثبت عكس ذلك فللملك حق التصرف في ممتلكاته... ومن الناحية اللغوية للاسم الذي هو لامرأة يمكنا وصفها بصاحبة النقش والذي جاء اسمهاء في النقش بخط المسند

ش ف ن اب :

لم ياتي الاسم المركب بصغيته هذا الا في نقش الدراسة، مع وجود الشق او الاسم الاول في نقوش اخرى ضمن اسماء نساء منها :

( شفن، شفن اب، شفن حلف، شفن نسر ،شفن رم، ، شفن سر، شفن ثهو، وشفن قن)

جاء الاسم شفن نق مع اسم علم مذكر يحمد ربما ناه زوجها في النقش (CIH 706 RES 3255; RES 3953):

1 nṣb Yḥmd *w*-S²fnqn w-Ḥs³t w-Ḫ(l)—

وجاء في النقش ارياني 34 من محرم بلقيس وهو في متحف بيحان حاليا، وفي مدونة النقوش الايطالية (DASI) هذا التعليق حول النقش:

تكرس ثلاث نساء للمقة أربعة تماثيل لحماية بناتهن الثلاث وابن. يعتبر النقش مثيرًا للاهتمام من وجهة نظر لغوية ، ليس فقط للأشكال المؤنثة للفعل والضمائر ، ولكن أيضًا للتعبير المؤنث المصادق عليه ؛ في الأسماء المؤنثة يوجد ضمير المفرد الأول في حالة النصب -n (انظر Ryckmans 1974 و 1975 ، Stein 2003 a: 131-132). وجاء في النقش (CIH 389):جاء فيه أن " اختاه وشفن رم صاحبتا خمتن بخلف مدينة مارب" كذلك في النقش (MB 2005 I-93)، كما في النقش سبأية اخرى منها منها النقش (YM 20660) الذي يذكر امرأة وهي لوحة قديمة تصور المرأة شافن تقريبا، وعليها اسمها بخط المسند:

1 (ẓ)lt S²(fn) bt ʾlyt

المفهوم: ظلة شافن بنت الية. وقد حاول عربش معرفة النص وتاريخه قائلا: تنتمي الكتابة إلى الفترة C أو D. وعلى أساس الأصل من الجوف ، فمن المحتمل أن تكون اللغة سبأية مع أن اللوحة تعرضة للتلف ولم نسطيع الجزم في مكان اكتشافها

كما جاء الاسم ( ش ف ن ح ل ف ) اسم امرأة في النقش السبأي (al-Saʿīd 2002a (4))، وهو من نقوش محرم بلقيس والمودوعة متحف الرياض في السعودية: وتعرض في نهاية السطر الاول للتلف

والغريب في الامر انه يتحدث عن شفاء حالة فتاة من مرض ما، وقد اعتقد البعض أن هذا النقش يمكن الاستدلال به على امومة والانساب للام، يقول مدونة النقوش الايطالية هذا المالحظة:

يمكن أن يكون اسم Mrḍwt الأول اسمًا لسلالة ولكن أيضًا ، نظرًا لحدوثه في l. 8 ، اسم أنثى يدل على والدة المؤلفين. في هذه الحالة ، سيكون هذا مثالًا آخر على نقش يشهد على النسب الأمومي.

كما جاء الاسم " ش ف ن " اسم علم مذكر في النقش السبأي المزبور على عود الخشب:

(Mon.script.sab. 68):

د د ت: ب ت / ش ف ن :

جاء في النقش ( فخري : 121) من مارب غير موثق في صورة له، اسم " د د ت ".

ولان نعود الى نقشنا الرئيس:


1- شفن اب/ وبتهو/ ددت/ [... ...]

2- حمم/ افيشتن/ امه/ ذجر[ت../ ]هق

3- [ني]تي/ المقه / ثهون بعل/ اوم/ صل(م)

4- (ت)م/ ذت/ ذهبم/ لقبلي/ ذاتوت/ شفن اب

5- لهحضرن/ المق(ه)/ واولت/ بتهو/ ددت/ (ب)

6- ثديهو/ ذتسعم/ ورخم/ وشفتت/ [المق]

7- ه/ شفن اب/ كمعنمو/ حيت/ لهو/ بت(ه)[و/ دد]

8- ت/ تهجب(ا)[ن]هو/ لهحضرن/ ب[عم]هو/ وجبا

9- ت/ شفن اب/ لهحضرن/ بذهب(س)/ وال/ علوت/

10- بعمهو/ بتهو/ ددت/ وهبررت/ ددت/ لشو

11- ن/ شفنا ب/ وعدوت/ محرمن/ ذاوم/ ذخ

12- لف/ صنعو/ بملبسم/ مجيبم/ ونقمه[و]

13- / المقه/ وشمهو/ بتوضعم/ ثني/ خرف[ن]

14- ورا/ كوقههمو/ ال[مقه]/ بامرهو/ ك[ي]

15- هقنينن/ صلمتم وليخمرنهو/ الم

16- قه/ هعنن/ ددت/ بن/ ه(و)ت/ مرضن/ لمظاه[و]

17- [... ...]و/ وتضرعن/ (ل)(هوت)[... ...]


اللفظ " ثديهو : ثديها، ودلالة اللفظ على اصابة الفتاة بمرض السرطان قبل الاسلام ، وجاء في المعاجم اللغوية، ثدي: الثَّدْيُ: ثَدْيُ الْمَرْأَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ وَغَيْرِهِ: الثَّدْيُ مَعْرُوفٌ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ أَيْضًا، وَجَمْعُهُ أَثْدٍ وَثُدِيٌّ عَلَى فُعُولٍ وَثِدِيٌّ أَيْضًا بِكَسْرِ الثَّاءِ لِمَا بَعْدَهَا مِنَ الْكَسْرِ( اللسان : مادة- ث د ي ). ولم ياتي اللفظ الا في هذا النقش حتى الان.

كما جاء في السطر الاول ان الام تنتسب الى فيشان، التي تعد من اقدم مسميات القبائل ( ش ع ب ن / ف ي ش ن ) منذ القدم بل كانت في المرحلة القديمة تقارن بقبيلة سبأ ويعود اقدم ذكر لقبيلة فيشان في مارب في القرن الثامن قبل الميلاد ويبدوا ان تلك القبيلة في المرحلة الميلاديه قد توسعت جغرافيا وصار امتدادها الى صنعاء وحولها. وما يؤكد ذلك أن الفيشانيون في مرحلة ما سكنو حول صنعاء ما جاء في النقش (CIAS 39.11/o 6 n° 5):


من خلال ما سبق تناوله يمكنا تحليل خلاصة مضمون النقش وطبيعة المرض اعتماداً على المنهج التحليلي حسب الاتي من المهم أن ندرك ان النقوش التي دونت وسجلت ونحتت على الاحجار بخط المسند لم تكن غالبيتها تعبيرا عن معانات وأحداث مشهورة فقط، وربما نقش " شافن اب " دون بهذا الخط وبشكله الانيق.. لانها حادثة كبيرة واشتهرت بين العامة ربما لحالة الشفاء التي تحققت بفضل المعبود " المقيت " في اوام، وحتى يكون لها صداها من الناحية الدينية عن قوة المعبود في شفاء الامراض الخبيثة والمستعصية وعبرة لمن في قلبه مرض عن قوة المعبود، وعن تلك الامكانيات الطبية التي ربما كانت متوفرة في معبد اوام. وبالتالي فان حديثنا على اهم تلك المفردات اللغوية في هذا النقش سوف نتركها كما فسرها عالمنا واستاذنا الكبير ( الفريد بيستون ) ولكن سوف نحاول بقدر الامكان ايجاد حلول وفرضيات لتلك التسائلات السابقة بهدف الوصول الى معرفة كاملة عن تلك الحالة المرضيةمن البداية الى النهاية اعتمادا على رؤى واقعية ويستوعبها العقل والمنطق، وربما لم يدركها الكثير من قبل، باستثناء من كان على يقين من عظمة خط المسند ، ودلالات كل حرف من حروفه المسندية.

من خلال ما سبق تناوله وجدنا من الصعب تحديد التاريخ الدقيق للنقش والسبب عدم ذكر أي اسماء ملوك او اعلام معروفة او احداث يمكنا الاستناد بها لتحديد التاريخ، لذلك نعتقد انه يعود للمرحلة الكتابية ( د ) أي في القرن الثاني والأول قبل الميلاد تقريبا وقد يكون اقدم من ذلك بكثير.. واعتمادا على المنهج التحليلي يمكنا التوصل للنتائج التحليلية المفصلة حسب الاتي:

بعد أن قامت الام في عرض ابنتها في مسقط راسها حول صنعاء وهي تنتقل بها من معبد الى اخر، ولكن دون جدوى لم يستطيع أي معبد شفاء ابنتها من هذا المرض الخبيث، بل جميع كهنة المعابد في صنعاء والمناطق المحيطة بها ، نصحوها بسرعة التوجه الى مارب للحالة الخطيرة التي تعاني منها ابنتها من ورم خبيث في ثديها، لم تترك مكان ديني او مختص للعلاج ولم تطرقة " شافن اب " ف يصنعاء، وكان قلبها يقطر دموع القهر والاسف على ابنتها التي ربما تموت ولم تستطيع انقاذها، وفي الاخير وفي صباح احد الايام الباكر جهزت ناقتها واعدت ( هودج صغير ) يكون مناسب لحالة ابنتها المرضية، اضافة الى اخذ متطلبات السفر من زاد وغير ذلك، وعبر طريق خولان ثم جحانة فنقيل الوتدة ومن ثم صرواح كان اقرب طريق من مسقط راسها الى مارب اذا افترضنا انها من بني ( ج ر ت ) سنحان حاليا.

لا شك اتجهت السيدة " شافن اب " بصحبة ابنتها " داداة " ا وتحديداً الى المجمع الديني ( اوام ) في مارب، وذلك من صنعاء، والمسافة من صنعاء الى مارب حوالي ثلاثة مراحل سفر تقريباـ ويبدوا أن شافن اب اخذت وقت اكثر حتى وصولها مارب بسبب مرض ابنتها العضال، وقبل أن تصل الى معبد اوام استوقفتها الانات والمعانات ودموع ابنتها في مدينة صرواح فدخلت الى معبد المقيت هنالك ومعها ابنتها وقبل أن تتوجه الى الكهان في الطب اتجهت الى المعبود في المعبد طالبة الرحمة والعون والشفاء لابنتها مما اصابها من مرض خبيث.. وفي نفس الوقت لتاخذ قسطا من الراحة جراء التعب من طريق السفر والارهاق وعسى تجد عناية المعبود في معبد اوعال صرواح لابنتها، فقدمت ابنتها وعرضتها على اكبر العلماء من الكهنة من ال خليل المختصون في الامور الدينية والطبية ، الذي بدورهم حاولوا بكل مالديهم من علوم ومن وسائل وأدوية ايقاف معانات تلك الفتاة التي اصبحت حالتها اكثر مرضا ، ولكن للاسف فشلت كل محاولتهم الكريمة، في تقديم يد العون طبيا، الامر الذي دفعهم بالتاكيد عليها بسرعة التحرك والتوجة الى مارب حيث وحالة ابنتها اصبحت حرجة جدا وربما بايصالها باسرع وقت الى معبد اوام ينقذها من هذا المرض الخطير، لان معبد اوام يعتبر المقام الاكثر شهرتا للمعبود حيث لا يعجزه أي شيئ لانه البيت الرئيس للمعبود المقه ( المقيت ) ، نهضت الام " تلمم اغراضها " وما تبقى من زادها من الرغيف اليابس، لتهرع على عجالة بوضع كل تلك الاغراض البسيطة " وتدسها" في تلك الشملة الجلدية ( جونية، شوال ) الخاصة بتلك الاشياء ، وفي تلك اللحظة تغادر سريعا هذا المعبد وتخرج من البوابة التي دخلت منها لمدينة صرواح وهي تذرف تلك الدموع على خديها حرقتا على حال ضناها وقرت عينيها ،فتتجه الى المكان الخاص الذي تركت فيه ناقتها اما مدخل صرواح ، لتصل الى ناقتها فتطلب جلوسها قائلة للناقة ( اخ اخ اخ ) فتستجيب الناقة للطلب فتربض على الارض، فتنزل الام من على ظهرها الى ظهر الناقة ابنتها " دادة " لتضعها على فرش داخل ذلك الهودج المتهالك من ظروفها الاقتصادية الصعبة التي كانت نتيجة البحث عن دواء لابنتها خوفا أن تفقدها وتموت من السرطان.

( داداة) وهي حبيبه تقول: بصوت اناااات المرض.. ياااااا سافن يا اماه " رديني رديني" ارجعيني الى صنعاء "رديني" ارجعيني الى البيت لاني سوف اموت ولا داعي لتعبك اكثر من هذا..

فترد عليها امها " سافن " وهي "تنوووووح " قائلة: (عزت عليا الحيود والجبال ) كيف يموت الظنى والروح قبلي، فداك حياتي وعمري يا قرة عيوني، ليت المرض فيني ولا فيك ( تمطروا بي وعزوا عليا بالعزا )، " فتنهر" تصيح " الام " لتصب زعلها بصوت الوجع مخاطبة الناقة ( قوووومي ) لتنهض الناقة، والام تقتادها باتجاه مارب وقدماها حفاة دامية من عناء طريق السفر والمشي على تلك الطريق حافية القدمين ، وهي تدعي بجاهك يالمقه وبرحمتك ياود وبحفظك ياإيل ..

نعتقد بان مغادرة الام " شافن اب "مدينة صرواح صباح احد الايام الباكر ومن ثم كان وصولها بعد العصر تقريبا الى مدينة مارب حيث اخذت قسطا من الراحة بدخولها مدينة مارب ولم تتوقف الا في معبد " ح ر و ن م " ( حروان ) حيث جثمت على ركبتيها وهي تبكي وتعالى صوتها من حرقتها عى ابنتها وعذابها رافعة اياديها للسماء داعية " المعبود المقيت " أن يمن على ابنتها بالشفاء العاجل،وفي نفس الوقت تقدم كبار الاطباء في المعبد لتفحص الفتاة " دادة -حبيبه" التي بدات حالتها تسوى اكثر وأصبحت لم تعد تتكلم فقط انين الوجع ونفسها بخفة لمقاومة الموت ،

فكانت تنادي الام " سافن " لابنتها ،( يامي وابي انتي يا حبيبه ) وحاول من في معبد ( حرونم ) من الكهنة المختصين في الطب بعمل الازم لايقاف ذلك الورم الخبيث، ولكن سرعان ما طلبوا منها مواصلة رحيلها سريعا والاتجاه الى معبد اوام،

وصلت الى معبد اوام ولم تدخل معبد بران حيث والحالة كانت قد ازدادت سوا لبنتها فوصلت بتلك العربة التي اقلتها من ( حرونم ) الى معبد اوام، سلمت المريضة الى نخبة من اكبر كهنة المعبد المختصين في الامراض المستعصية والخبيثة، بينما اتجهت الام الى ( المسأل ) وهو اقدس الاماكن واطهرها في المعبد، وهي تبكي فسجدت سجود الاستغاثة قائلة : بجاهك يا مقيت وبعزتك يا مقيت وبرحمتك يا مقيت وبعظمتك يا مقيت انقذ ابنتي ...

وفي نفس الوقت كانت " دادة " في الجناح الخاص للامراض المستعصية وممنوع الزيارة، وعند اكمال الام طقوسها الدينية من صلاة وعبادة غادرت ( المسأل ) باتجاه جناح المقيت الخاص بالامراض المستعصية والخبيثة، حاولت الدخول فطلب منها عدم السلام او الاحتكاك با يانسان لان المرض خبيث وربما معدي، واذا خالفت ذلك ربما يتم اعدامها لذلك. نعتقد بان الام جلست امام مدخل تلك الحجرات الخاصة وهي تسمع انواع كثيرة من الامراض النفسية والامراض الجراحية، وهي تغمض عينيها وتقول ( يامقيت رحمتك )