مستخدم:أحمد أمير/ملعب

كنيسة القلب الأقدس (العراق) (احمــــد اميـــر )

تمثل بغداد عمقا تاريخياً صهرت بوتقته التعددية الدينية والمذهبية بهويتها المدنية الحضارية ، فبغداد فضلاَ عن كونها تحتوي مئات المساجد ودور العبادة الاسلامية مثلت تساميها الانساني باحتوائها عشرات الكنائس المسيحية منذ امد طويل اذ توجد في بغداد اكثر من 73

كنيسة  لها تاريخها في حياة المجتمع البغدادي  ،  حيث تواجدت الطائفة المسيحية في بغداد منذ انشائها بل يُرجع بعض المؤرخين تواجد المسيحية في موقع مدينة بغداد الحالي إلى ما قبل إنشاء مدينة بغداد, حيث أشار بعض المؤرخين إلى وجود أديرة مسيحية قديمة في أطراف موقع مدينة بغداد الحالي .وحاليا أكبر تجمع مسيحي عراقي موجود في مدينة بغداد, ويتألفون من عدة طوائف غالبيتهم من الكاثوليك وكذلك يوجد تجمع كبير للكنائس الأرثوذكسية مع تواجد أكبر تجمع بروتستاني في العراق في بغداد . 
          ومن بين تلك الكنائس هي كنيسة (القلب الأقدس) الكاثوليكية التابعة للطائفة الكلدانية التي كانت صغيرة جداً تشبه الفنار في بداية نشأتها عام 1959م في منطقة الكرادة وسط مدينة بغداد، بيد انها توسعت بعد ذلك نظراً لإزدياد أعداد المسيحيين في الرقعة الجغرافية التي تقع فيها الكنيسة , فتطورت عمرانياً نتيجة لتلك الزيادة في أعداد المسيحيين فأصبحت تضم جزأين: جزء اولي يمثل بداية نشأتها والآخر يضم طابقين الاول هو الطابق الارضي والثاني يسمى الكاغولتة الذي هو مكان اكثر ارتفاعاً ويكون أشبه بالمسرح واكثر اتساعاً لاستيعاب أعداد المصليين. ومن ضمن المفارقات أن صحن الكنيسة يخلو في هذا الجزء من اللوحات الفنية الكبيرة والمظاهر الجمالية ولا تظهر فيه لمسات الفن المعماري والمزخرفات في الأسقف والجدران التي طالما تميزت به الصحون الكَنَسية, كما يظهر جلياً صغر حجمه مقارنة بباقي صحون الكنائس الاخرى, علما أن التصميم الهيكلي لصحن كنيسة (القلب الأقدس) يضم جزء مخصص ومحدود للمصلين، ويقابل هذا الجزء (الهيكل) والأخير يضم المذبح الذي يقف الكاهن به لإداء المراسم والطقوس، وكذلك يضم ـ من جهته اليمنى ـ مكانا للشمامسة الذين هم بمثابة خدم بعد القسوس. أما من الجهة اليسرى لهذا المكان فقد خصص للراهبات. 
          ومن جانب آخر تضم الخريطة الهيكلية للكنيسة رواقاَ كبيرا نسبياَ أبرز ما يتضمنه (مغارة مريم) 

التي هي ليست مرتبطة حصريا بهذه الكنيسة فقط، بل توجد هذه المغارة في كافة الكنائس الكاثوليكية كونها مكانا للتبرك وطلب الحاجة، والجدير بالذكر بأن هذه المراسيم الغاية منها طلب الحاجة الشخصية وهي لا تقتصر على المسيحين فقط، وإنما يقصدها العامة من الناس كما ذكر القس ثائر الشيخ وهو القس العام في الكنيسة. والعلة التي اقتصر فيها هذا المكان لنيل البركات تسبقه حادثة ظهور السيدة مريم لفتاة اسمها برنارديت في مغارة تقع في مدينة لورت الفرنسية حيث أعطت السيدة العذراء رسالة لتلك الفتاة مضمونها الصلاة لأجل السلام في العالم. ومن الملاحظ على البناء العمراني لكنيسة ( القلب الأقدس ) أنه يتميز بالبساطة، نظرا لإعتماد الكنيسة على التمويل الذاتي الذي تستقبله الكنيسة من تبرعات بعض المؤمنين، وما يثير الاستغراب أن نسبة الدعم المادي الذي تتلقاه الكنيسة من قبل الوقف المسيحي لغرض الترميم والإعمار كان ضئيلا جدا ولفترة محدودة، وبعدها توقف الدعم تماما نتيجة لما تمر به البلاد من ظروف خاصة وعلى رأسها العجز الحاصل في الميزانية كما ذكر مصدرنا القس ثائر الشيخ أصل تسمية (القلب الأقدس) حقيقة التسمية أن القلب الأقدس هي عبادة قلب يسوع الأقدس نشأت من أخوية أو جروب نشأ في فرنسا نتيجة لظهور السيد المسيح لراهبة أشار لها إلى نوع خاص من العبادة أو الصلاة ومن هنا أخذت مجموعة من الناس تصلي من أجل قلب يسوع الأقدس، وقد لاقت هذه العبادة انتشارا واسعا في العالم ومنها العراق ومن هنا استمدت الكنيسة هذه التسمية.


الكنيسة كمؤسسة لها وظائف .


بغض النظر عن وظيفة الكنيسة الأساسية وهي العبادة، فهي تتمتع بوظائف أخرى كالتعليم كونها تضم المراكز والمؤسسات الخاصة بالتعليم مثل رياض الأطفال والمدارس و كذلك الجانب الصحي إذ أنها تحتوي على مستوصف صحي مجاني، علما أن هذه المؤسسات التعليمية والصحية لا تقتصر وظيفتها على المسيحيين فقط بل لجميع الطوائف الأخرى اذ ان رسالتنا ان لا نعمل من اجل ذواتنا بل من اجل الجميع . إلا أن بعض المؤسسات التي تضمها الكنيسة كالمدرسة توقفت بعد قرار التأميم الخاص بالتعليم من قبل الحكومة العراقية، حيث أن القس (الشيخ ) أوضح بأن الكنيسة بصدد إنشاء مدرسة ابتدائية في العام القادم. و الموظفون الذين يعملون في هذه المؤسسات يتقاضون أجورا توفرها الكنيسة لهم من التبرعات بكونها تعتمد اعتمادا كليا على الدعم الذاتي. وهناك بعض العاملين ممن يشتغلون بالنشاطات البسيطة الأخرى يكون عملهم طوعيا ولا يتقاضون أجورا، أما الكاهن أو القسيس الذي يخدم الكنيسة يتقاضى راتبا يساعده على تسيير أمور حياته ويوفر له منزل ويكون مسؤولا عن النشاطات فيها، وعدد القسيسين والكهنة تقلص في هذه الكنيسة نتيجة للظروف الأمنية في مدينة بغداد والتي على أثرها هاجرت العديد من العوائل المسيحية مما أدى إلى تقلص النسبة الأكبر من المسيحيين الذين يرتادون هذه الكنيسة، وبالتالي أصبحت الإدارة فيها تقتصر على قس واحد

والفئة الأخرى هم الحراس الأمنيين وعددهم أربعة حراس يتناوبون العمل ويتقاضون أجورا من الدولة ولا تعتمد الكنيسة أجورهم.  

  • الكنيسة والتحديات الراهنة


من خلال الحديث مع القس القائم على كنيسة ( القلب الأقدس ) بين ان الكنسية تتعرض لصعوبات عديدة ، ومن تلك الصعوبات التي ذكرها تدهور الوضع الأمني الذي أدى إلى هجرة العوائل المسيحية التي تقطن الرقعة الجغرافية ضمن موقع الكنيسة حيث ذكر أن أعداد هذه العوائل كانت ـ ما قبل سقوط النظام ـ قرابة 2500 عائلة، وفي الوقت الحالي تقلص عددها إلى 200 عائلة فقط بسبب الضغوطات التي تعرضت لها تلك العوائل من قتل وتهجير وتهديد. وهذا كان له المردود السلبي لتوقف الكثير من نشاطات الكنيسة ومراسيمها.


علاوة على ذلك تسبب الوضع الأمني إلى قطع الشارع المؤدي للكنيسة بالحواجز الكونكريتية مما أدى إلى تفعيل الباب الفرعي وغلق الباب الرئيسي.

ولا تنتهي حملة المعاناة لهذا الحد وإنما هناك معاناة لا ترتبط بالوضع


الأمني ارتباطا مباشرة كإنشاء أو إقامة مراكز الترفيه والمراقص الليلية بالقرب من الكنيسة والتي لا تبعد عن الكنيسة سوى بعض الأمتار وهذا ما يخل بقدسيتها. علما أن إنشاء مثل هكذا أماكن لم يكن مسموح به سابقاً لقانون ينص على عدم تشييد هذه الأماكن إلا بمسافة تبعد أكثر من كيلو متر مربع. وبرغم هذا كله ما زال العمل بهذا القانون موجود بالنسبة لدور العبادة الخاصة بالطوائف الأخرى. وإن القائمين على الكنيسة يأملون وضع حد لهذه الانتهاكات لقدسيتها. وعلى وجه العموم هذه الانتهاكات لم تكن لتظهر لو كان هنالك رادع ومتابعة من الجهات المختصة والمعنية بل يعزى السبب الرئيسي في إنشاء تلك الأماكن بالقرب من الكنيسة هو إن المسيحيين مستضعفون كما جاء على لسان القس.