عرب سودانيون

العرب في السودان

عرب سودانيون يشكل العرب 70% من سكان السودان،[1] وهم مسلمون، على مذهب أهل السنة والجماعة، ويتحدثون اللغة العربية باللهجة السودانية، ويشتمل السودان على عدة قبائل عربية، مثل قبائل المجموعة الجعلية الكبرى (الجعليين، الشايقية، البديرية، الرباطاب، الميرفاب)، وقبائل أخرى مثل الأشراف المغاربة، [2]جهينة والشكرية و الدباسين والبطاحين و وغيرها من القبائل العربية التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية واختلطت مع سكان البلاد من النوبيين، وتوجد أيضا قبيلة الرشايدة آخر القبائل العربية التي هاجرت إلى السودان.

عرب سودانيون
اللغات
الدين
المجموعات العرقية المرتبطة
مجموعات ذات علاقة
من حيث المصاهرة: نوبيون، بجا

وقد يضاف إليهم بعض المجموعات السودانية الأخرى مثل النوبيين الحاليين، الذين هم خليط ما بين القبائل العربية والسكان الأصليين النوبيين. إلا أن الفرق أن تلك المجموعات حافظت على اللغة النوبية. فهناك قبيلة الجوابرة العربية التي امتزجت مع النوبيين فعُدّوا منهم، ويطلق عليهم في النوبية «جبركي».[3]

وأيضا الكنوز (بنو كنز) وهم من قبيلة ربيعة العربية، وكانت لهم دولة عظيمة في بلاد النوبة، وقد اختلطوا بالنوبة.[4] والنوبيون الحاليون لا يختلفون عن القبائل العربية بشمال السودان في الملامح.

الصفات الشكلية عدل

يتميز العرب السودانيون عموما بالملامح العربية، والبشرة السمراء الداكنة، ومع أن القبائل العربية في السودان اختلطت بالسكان الأصليين من النوبة، إلا أنهم لا يعدون من ضمن العرق الأفريقي الأسود (الزنوج)، وليس لهم قسمات وملامح الزنوج. فمثلا الرحالة بوركهارت الذي زار السودان في القرن التاسع عشر، يصف سكان مدينة بربر التي تقع في شمال السودان، وسكانها ينتمون إلى قبيلة الميرفاب العربية، إحدى قبائل المجموعة الجعلية الكبرى فيقول:

  وأهل بربر سلالة جميلة، ولون الخلص منهم أسمر داكن.. وليست لهم قسمات الزنوج إطلاقا، فالوجه بيضي، والأنف في كثير منهم إغريقي خالص، وعظم الوجنة لا بروز فيه ولا نتوء. بيد أن في الشفة العليا غلظا خفيفا ينحرف بها عن معايير الجمال عند الأوروبيين، ولكن مع هذا بعيدة الشبه بشفاه الزنوج.[5]  

—رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان- جون لويس بوركهارت، ص174.

وقد زار مدينة شندي معقل الجعليين، ويقول عن قبيلة الجعليين أحد أكبر القبائل العربية في السودان:

  ويلوح لي بعد أن تأملت سحن رواد السوق أن هؤلاء العرب جميعا من سلالة واحدة، إلا أن البدو الجعليين الخلص القادمين من الصحراء الشرقية أكثر بياضا من سكان ضفاف النيل، ولعل ذلك راجع إلى تحاشيهم الاختلاط بالزنجيات، أو اتخاذ الخليلات منهم، وقد أدهشتني قسمات الكثير من هؤلاء الجعليين، فقد كانت شبيهة كل الشبه بقسمات بدو شرقي شبه الجزيرة العربية، ويزيدون عليهم قصر لحاهم وخفة شعرها.[6]  

—رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان- جون لويس بوركهارت، ص229.

اللغة واللهجة عدل

 
امرأة سودانية من شمال السودان مشلخة بشلوخ الشايقية، مع مجموعة من الأطفال.

يتحدث السودانيون العرب باللغة العربية، ولكن تختلف اللهجات العربية السودانية باختلاف القبيلة، مع كونها كلها متشابهة ومتقاربة ولكن مع بعض الفروقات البسيطة. فمثلا توجد الإمالة عند قبيلة الشايقية وبعض القبائل الأخرى المجاورة لها مثل البديرية والمناصير وغيرها، فكلمة «كريمة» مثلا ينطقونها «كريمي» وكلمة «دايرة» ينطقونها أيضا «دايري». والإمالة موجودة في أصل اللغة العربية، وهي موجودة في العديد من الدول العربية الأخرى. كما توجد لدى كثير منهم ظاهرة العنعنة وهي من لهجة بني تميم، فيقلبون الهمزة في بعض كلامهم عينا، وهي ظاهرة صوتية قديمة لدى بعض قبائل شبه الجزيرة العربية، ويتوسع في ذلك بدو أهل السودان فيقولون «العنبوبة» قاصدين «الأنبوبة»، و«سعَل» في «سأل»، و«فقع» في «فقأ».[7]

ومع أن لهجات القبائل السودانية هي لهجة عربية، إلا أن العديد من المصطلحات والكلمات النوبية دخلت إلى اللهجة العربية السودانية، نظرا لاختلاط العرب وتزاوجهم مع النوبة.

التاريخ عدل

 
بلاد النوبة في الفترة المسيحية
 
شاهد قبر عربي يعود للعام 1063م ، عثر عليه في مينارتي، شمال السودان.

على الرغم من ثبوت الوجود العربي المبكر، والاتصال ببلاد النوبة والسودان في فترة ما قبل الإسلام، إلا أنه لم يكن ذا تأثير واضح في سكان البلاد، فقد هاجرت عشيرة من الحضارمة إلى السودان قبل الإسلام، وامتزجوا بالبجا وبالذات الأرتيقة، كانت منهم الرئاسة ومنهم ينتخب الأمراء، وكانت عاصمتهم هَجَر، ويخضع لهم الزنافج. ثم انطلقوا بعد ذلك جنوبا، وقد شكلوا الطبقة الحاكمة البلوية التي سيطرت على المنطقة بين سواكن ومصوع في منطقة البني عامر.[8]

ولكن أهم نقطة تحوُّل في تاريخ العَلاقة بين العرب المسلمين وبين منطقة وادي النيل وبلاد النوبة والسودان، حدثت بعد الفتح الإسلامي لمصر سنة 21هـ في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، بقيادة الصحابي عمرو بن العاص[9][10][11][12] كانت هي توقيع المسلمين لمعاهدة البقط[13] مع ملوك النوبة والسودان من النصارى الذين كانوا يقيمون في شمالي السودان وحاضرتهم مدينة دنقلة؛ ذلك أن هذه المعاهدة تضمنت بنودًا مهمة سهَّلت وسمحت في مجملها للقبائل العربية بالهجرة، والتدفق نحو بلاد النوبة والسودان بشكل كبير لم يحدث له مثيل[14]؛ مما مكَّنها مستقبلاً من الإحاطة بالكيانات النوبية المسيطرة، وتحول النوبيين وأهل السودان من المسيحية إلى الإسلام.

وحين وقَّع عبد الله بن سعد عهدَ الصلح مع ولاة النوبة نص صراحة على حق الترحال لرعايا البلدين في البلد الآخر دون الإقامة الدائمة، فساق هذا الحق التُّجار المسلمون إلى أعماق النوبة مع بضاعتهم وتجارتهم وعقيدتهم الإسلامية، واستطاعوا بما اكتسبوا من معرفةٍ بأحوال البلاد تمهيدَ الطريق لهجرة القبائل العربية في أعداد كبيرة، بل إن أعدادًا منهم قد استقرَّت في فترة مبكرة في سوبا عاصمة مملكة علوة المسيحية جنوب المقرة، حتى أصبح لهم حيٌّ كامل يُعرف بهم.[15]

وأدى استقرار القبائل العربية في بلاد البجة إلى اختلاطِهم بقبائل البجة عن طريق المصاهرة، فنَقَلوا إليهم العقيدة الإسلامية، وتغيَّرت كثيرٌ من عاداتهم وتقاليدهم بهذا النسب الجديد.[16]

إضافة لذلك، فإن مراعي النوبة وأراضيها أكثر خصوبة من أراضي ومراعي شبه الجزيرة العربية، وعلى وجه الخصوص النوبة الجنوبية (علوة)والتي تضم الان مناطق جنوب الخرطوم وولاية الجزيرة، التي كانت أكثر اتساعًا وأخصب أرضًا وأوفر ثروة من المقرة،[17] إضافة إلى أن مناخ النوبة الشمالية (المقرة) يشابهُ مناخ وبيئة شبه الجزيرة العربية، وهو ما يوائم حياتهم التي جُبِلوا عليها في حب الترحال والتنقل، وقد كان لهذا التشابه في المناخ وطبيعة البلاد والأرض المسطحة، أثرُه في دفع هذه القبائل للتقدم نحو الجنوب، وهي قبائل بدوية رعوية، أو شبه رعوية لا تستطيع التقدم إلا في السهول المكشوفة؛ فكان تدفقهم في كل أرض وصلوها يقف عند اصطدامهم بعقبات طبيعية؛ كالبحار، والجبال، والغابات، وهذا ما حدث بالضبط؛ إذ إن تلك القبائل لم تتوقَّف في زحفها إلا عند المناطق التي تسوء فيها الطرق، وتتفشَّى فيها الأمراض الفتاكة، بَيْدَ أن هذه الجماعات العربية المهاجرة اختلطت بالعناصر النوبية والبجاوية في تلك المناطق، وأدى هذا الاختلاط إلى تأثر هؤلاء بالدماء العربية، التي كانت تتجدد باستمرار مع توالي وصول عناصر عربية جديدة إلى هذه الجهات.[18]

هذا وقد تعاظمت أعدادُ القبائل العربية المهاجرة، وانتشرت أحياء العرب من جُهَينة في بلادهم - أي النوبة - واستوطنوها وملكوها.[19] ونتيجة لهجرة القبائل العربية المختلفة إلى النوبة، اختلط العرب وتصاهروا مع السكان الأصليين النوبيين. وانتشرت اللغة العربية في جميع أرجاء بلاد النوبة.

الدراسات الجينية عدل

 
مناطق تواجد هابلوغروب j1

أثبتت دراسات وتحاليل الحمض النووي في علم الوراثة أن ترددات الهابلوغروب j1 الذي تنتمي إليه معظم القبائل العربية مرتفع في شرق السودان.

مراجع عدل

  1. ^ "The World Factbook: Sudan". U.S. Central Intelligence Agency. ISSN:1553-8133. مؤرشف من الأصل في 2018-07-31. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-10.
  2. ^ عون الشريف (١٩٩٦). موسوعة القبائل والأنساب في السودان. السودان: آفروقراف. ج. الجزء السادس. ص. ٢٣٥٢. {{استشهاد بكتاب}}: روابط خارجية في |مرجع= (مساعدة)
  3. ^ موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج1، ص509.
  4. ^ موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج5، ص2012.
  5. ^ رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان- جون لويس بوركهارت، ص174.
  6. ^ رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان- جون لويس بوركهارت، ص229.
  7. ^ موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج1، ص398.
  8. ^ موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج2، ص564.
  9. ^ الصادق المهدي: مستقبل الإسلام في السودان، ص 17.
  10. ^ مصطفى مسعد مكتبة الأنجلو القاهرة 1960م: الإسلام والنوبة ص 106 - 109.
  11. ^ يوسف فضل حسن: الهجرات البشرية وأثرها في نشر الإسلام.
  12. ^ بحث منشور ضمن إصدار بعنوان: "الإسلام في السودان" عن جماعة الفكر والثقافة الإسلامية، دار الأصالة، الخرطوم، ص 3.
  13. ^ مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 108.
  14. ^ ربيع محمد القمر: قراءة جديدة في نصوص معاهدة البقط، الدارة العدد (الثاني) الرياض، السنة الحادية والعشرون - محرم/ صفر/ ربيع الآخر 1416هـ، ص 162.
  15. ^ ابن سليم الأسواني: أخبار النوبة، (المواعظ والاعتبار للمقريزي)، ج 1المطبعة الأميرية القاهرة 1270هـ، ص 193.
  16. ^ مصطفى مسعد: البجة والعرب في العصور الوسطى، مجلة كلية الآداب جامعة القاهرة، مجلد 21، عدد 2 القاهرة، ص 29.
  17. ^ اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي، ج 1، دار صادر، بيروت، 1960م، ص 191.
  18. ^ مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 138.
  19. ^ ابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1968م، ج 5، ص 923.