سفر القضاة (بالعبرية: ספר שופטים) هو سابع أسفار التناخ الكتاب المقدس في الديانة اليهودية والعهد القديم في المسيحية؛ ولا يوجد خلاف على قدسيته لدى مختلف طوائف الديانتين باستثناء الصدوقيون إحدى الطوئف اليهودية القديمة التي رفضت جميع أسفار التناخ عدا أسفار موسى الخمسة الأولى المعروفة باسم التوراة.

سفر القضاة

شمشون في الأسر.
العنوان الأصلي ספר שופטים
الكاتب صموئيل[1]
تاريخ الكتابة القرن الحادي عشر قبل الميلاد - القرن الخامس قبل الميلاد.
اللغة الأصلية العبرية التوراتية
التصنيف الأسفار التاريخية، تناخ
الأسلوب سردي قصصي
ويكي مصدر سفر القضاة
أسفار أخرى

ظهرت تسمية سفر القضاة للمرة الأولى في الترجمة السبعونية للكتاب المقدس والتي تمت على أيدي لاهوتيين يهود في الإسكندرية خلال القرن الثاني قبل الميلاد، وأصل التسمية تعود لمفردة قاضي، فبعد وفاة يشوع لم يعد الأنبياء يقودون الشعب بل القضاة؛ وإن جمع بعضهم بين الصفتين،[2] المدة التاريخية للسفر مختلف بشأنها أيضًا لكنها طويلة بين 300 عام إلى 420 عامًا،[3] وبالتالي يعتبر السفر أطول أسفار حسب المدة الزمنية التي تتناولها بعد سفر التكوين.

أصل التسمية عدل

 
فلسطين وقد قسمت بين أسباط بني إسرائيل الاثني عشر: البيئة التاريخية لسفر القضاة.

لا يشير مصطلح قضاة إلى مهنة القاضي بالشكل المتعارف عليه اليوم، إذ كان القاضي يتمتع بصلاحيات الملك لدى بني إسرئيل، مع بقاء الملك الرسمي في حوزة الله،[4] وقد وردت في التقليد الكتابي لفظة القضاة للإشارة إلى الفترة الممتدة منذ وفاة يشوع وحتى قيام الملكية على يد شاول؛ ولم يكن منصب القاضي محصورًا لدى بني إسرائيل إذ إن سفر عاموس يذكر أن للموآبيين قاضٍ،[5] كذلك يفعل المؤرخ يوسيفوس فلافيوس؛ وقد نسب فعل المخلص إلى القضاة في بعض الأحيان فتكون لفظة القاضي سابقة للفظة المسيح في الديانة اليهودية؛[6] ولا يمكن اعتبار القضاة ملوكًا لبني إسرائيل من جميع النواحي، فهم أشبه بقادة ثوريين استطاعوا طرد المحتل وتولوا الحكم مكانه، وإذاك يضعف حكمهم العام على الأسباط وقد يحصر بمناطق محلية محددة، وقد نشأت عدة حروب أهلية حول طاعة القضاة، كالحرب بين أبيمالك وإخوته،[7] والحرب بين أبيمالك وسكان شكيم عاصمته،[8] والحرب بين سبطي جلعاد وأفرايم أيام يفتاح،[9] وعدد من الأسباط ضد سبط بنيامين.[10]

وربما ظهر عدد من القضاة في الوقت ذاته ضمن مناطق مختلفة، لم يأت السفر على ذكرهم، إن هذا يدل على ضعف الرابط بين إسرائيل بعد قرون من خروجهم من مصر وفق التقليد، فالرابط بينهم كان يغلب عليه رابط القربى مع اختفاء وجود تنظيم سياسي موحد.[11]

وكان القضاة عادة ينتخبون لهذا المنصب مدى الحياة وبالتناوب بن الأسباط الإثني عشر وسوى ذلك لا نعرف اليوم طرق انتقال السلطة والمنصب، ولا يرد مصطلح قضاة في السفر أبدًا، غير أن المصطلح يعود إلى التقليد الكتابي إذ ذكر على سبيل المثال في سفر صموئيل الأول.[12]

وبشكل عام فإن بعض عواصم القضاة كان لها بعد ديني أيضًا، وأشهر عواصم بني إسرائيل قبل أورشليم كما ترد في سفر القضاة، هي: شكيم، بيت أيل، مزار عرفة حيث ظهر ملاك الرب وفق العهد القديم، مزار شيلوه حيث تابوت العهد.[13]

قصة السفر وأحداثه عدل

القاضي مدة حكمه
مملكة آرام نهرين 8 سنوات
عثانئيل بن قناز 40 سنة
مملكة موآب 18 سنة
إيهود العسرواي 80 سنة
مملكة حاصور الكنعاني 20 سنة
دبورة وبالاق 40 سنة
مملكة الميدانيين 7 سنوات
جدعون 40 سنة
أبيمالك 3 سنوات
تولع بن فواة 23 سنة
يائير الجلعادي 22 سنة
مملكة العمونيين 18 سنة
يفتاح 6 سنوات
إيصان من بيت لحم 7 سنوات
إيلون الزبلوني 10 سنوات
عبدون بن هليل 8 سنوات
حكم الفلسطيين 40 سنة
شمشون 20 سنة
مدة السفر 420 عامًا

المقدمة عدل

السفر يصنف ضمن الأسفار التاريخية في العهد القديم، إذ لا يحتوي على أية عقائد تذكر، كما أنه لا يحوي على لحمات زمنية واضحة ومتتابعة ولا يروي فترة زمنية خاصة بل هو يروي عددًا من القصص المنتقاة من التاريخ العبري لسلسلة القضاة الذين حكموا منذ وفاة يشوع وحتى قيام الملكية؛ وهو يذكر عدة أجيال ما يؤكد نظرية أن السفر قد كتب في وقت لاحق من وقوع الأحداث.

يبدأ السفر بذكر احتلال أورشليم،[14] ولم تكن حينها عاصمة بني إسرائيل، هي لم تعد العاصمة حتى عهد داوود الملك، أما قبل ذلك فإن شكيم، بيت أيل والجلجال كانوا عواصم مختلفة للشعب اليهودي،[15] كذلك فقد فتح سبط يهوذا كما يذكر السفر مدينة حبرون،[16] ومدينة دبير،[17] ثم أغار على غزة وعسقلان وتخومهما،[18] ويذكر السفر أن اليهود لم يطردوا سكان المدن الأصليين كما فعلوا سابقًا، (انظر سفر يشوع)[19] وفي بعض الحالات اكتفوا بفرض الجزية عليهم فقط،[20] لكن هذا التسامح لم يكن مفيدًا للشعب اليهودي، لأن الغرباء شجعوا اليهود على عبادات وثنية كعبادتي البعل وعشتار:[21] فحمي غضب الرب على إسرائيل، فدفعهم بأيدي ناهبين، بنهبوهم وباعوهم بأيدي أعدائهم.[22] لذلك أقام الرب القضاة، لكي يخلصوهم من أيدي ناهيبيهم.[2] لكن بني إسرائيل عند موت القاضي المعين كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم بالذهاب وراء آلهة أخرى ليعبدوها ويسجدوا لها، ولم يكفوا عن أفعالهم وطرقهم القاسية.[23] لذلك أعاد الرب تليمهم لأيدي عدائهم، وهنا يذكر السفر عدة قصص لقضاة، يتمازج بها الجانب التاريخي بالجانب الأسطورري.

عثانئيل بن قناز عدل

إثر ارتكابهم المعاصي، سلم الله بني إسرائيل حسب السفر إلى كوشان رعثيم ملك آرام نهرين، وبعد ثمانية سنوات من العبودية صرخ بنو إسرائيل إلى الرب فأقام الرب مخلصًا لبني إسرائيل فخلصهم.[24] وهو عثانئيل الذي كان روح الله عليه،[25] فخلص شعبه من حكم ملك آرام نهرين وافتتح عهد أمان دام أربعين عامًا وكان القاضي الأول الذين يذكره السفر.[26]

إيهود العسرواي عدل

بعد أربعين عامًا من الاستقرار عاد بنو إسرائيل وعملوا الشر في عيني الرب[27] فاحتلهم هذه المرة عجلون ملك موآب،[28] وتقع موآب إلى الجنوب من البحر الميت ضمن الأردن اليوم، وبعد مانية عشر عامًا من العبودية لمملكة موآب، أقام الرب مخلصًا إيهود بن جبرا البناميني الأعسر[29] ويذكر السفر كيف استطاع إيهود أن يقتل ملك الموآبين في قصره،[30] وخلص بني إسرائيل من حكمهم: فضرب بني إسرائيل موآب في ذلك الوقت نحو عشرة آلاف راجل، كل نشيط وكل ذي بأس، ولم ينج أحدًا، فذلّ الموآبيون في ذلك اليوم على يد إسرائيل واستراحت الأرض ثمانين سنة.[31]

دبورة وبالاق عدل

 
قتل سيسرا وابتهاج دبورة وباراق، كما يرد في الفصل الرابع والخامس من السفر.

بعد ثمانين عامًا من تخلصهم من الموآبيين عاد بنو إسرائيل فعملوا الشر في عيني الرب[32] فتسلط عليهم هذه المرة ملك حاصور الكنعاني، وعين عليهم رئيس جيشه سيسرا قائدًا، فنكل هذا ببني إسرائيل بحسب السفر عشرين عامًا بشكل شديد القسوة؛[33] وعندما طلب بنو إسرائيل الصفح طلب الله من النبية دبورة اختيار بالاق وتكليفه اصطحاب عشر آلاف رجل من سبطي زبلون ونفتالي،[34] وهناك حصلة معركة في قادش بين الطرفين التي هزم بها سيسرا وجيشه،[35] ثم يذكر السفر كيف هرب سيسر إلى خيمة امرأة إسرائيلية تدعى ياعيل،[36] وعندما عرفت أنه سيسرا القائد أكرمت وفادته ولما نام قامت بغرس وتد الخيمة في صدغه فمات،[37] وآل حكم بني إسرائيل إلى بالاق والنبية دبورة.

جدعون وأبيمالك عدل

 
عودة يفتاح وللقاءه الأول بابنته الوحيدة؛ لوحة لجيمس غاندي 1807.

بعد أربعين سنة حسب السفر،[38] عاد بنو إسرائيل وعملوا الشر في عيني الرب[39] فتسلط عليهم الميديانيين الذين تقع مملكتهم جنوب الأردن وشرق شبه جزيرة سيناء وقد ظل الميديانيون يحتلون بني إسرائيل سبعة سنوات،[40] وكانوا يأخذون محاصيلهم ويتلفون غلالهم ويصادرون مواشيهم حسب السفر الذي يسميهم كالجراد الكثير، دخلوا الأرض لكي يخربوها.[41] لكن ملاكًا ظهرًا لجدعون وطلب منهم إنفاذ الشعب، فتردد جدعون في بادئ الأمر وطلب عدة شواهد من الملاك تذكر في الفصل السادس من السفر كي يتثبت من صدق دعوته،[42] ولما تأكد جدعون من دعوته قاد جيشًا مؤلفًا من اثنين وثلاثين ألف جندي،[43] لكن الرب قال لجدعون: إن الجيش الذي معك كثير، لئلا يعتمد بني إسرائيل قائلاً يداي خلصتني[44] وبعد عدة تجارب يذكرها الفصل السابع من السفر تم تقليص عدد الجيش إلى ثلاثمائة فقط،[45] واستطاع جدعون بهذا العدد القليل طرد المديانيين ومعهم العماليق،[46] ثم قضى على تمرد بضعة أسباط لعدم مشاركتها في الحرب،[47] ويذكر السفر أن جدعون قد أنجب سبعين ولدًا لأن له نساء كثيرات،[48] وجعل من شكيم عاصمة لملكه،[49] وخلفه ابنه أبيمالك،[50] بعد أن قتل إخوته السبعين جميعًا،[7] وبعد ثلاث سنوات فقط أرسل عليه الرب حسب السفر روحًا شيطانية رديئة لأنه قتل إخوته،[51] ثم ثار عليه الشعب في عاصمته شكيم وقتلوه بثورة،[52] وكانت هذه الثورة واحدة من عدة حروب أهلية قامت بين الأسباط.

تولع بن فواة، يائير الجلعادي وابنه يفتاح عدل

 
شمشون ينتقم من الفلسطيين كما ورد في الفصل السادس عشر من السفر.

يذكر سفر القضاة تولع بن فواة بشكل عرضي، فلا يذكر كيف وصل إلى السلطة أو أهم الأحداث في عهده، لكنه يذكر أنه عمل صالحًا واتخذ من شامير في جبل أفرايم عاصمة له،[53] وأن مدة حكمه بلغت ثلاثًا وعشرين عامًا،[54] وكذلك يذكر يائير الجلعادي بشكل عرضي فلا يذكر كيف انتقلت إليه السلطة لكنه يذكر أنه حكم اثنان وعشرون عامًا،[55] وكان له ثلاثين ولدًا متسلطين وقد اتخذ من أرض جلعاد عاصمة له،[56] وإثر وفاته حكم أولاده الثلاثين سوية وبالتراضي، لكن بني إسرائيل أخذوا يعملون الشر في عيني الرب وعبدوا آلهة غريبة،[57] فسيطر عليهم بنو عمون واستمروا في احتلالهم ثمانية عشر عامًا،[58] عندها صرخ بنو إسرائيل إلى الرب قائلين أخطأنا إليك لأننا تركنا إلهنا وعبدنا البعليم[59] لكن الرب رفض مساعدتهم:[60] امضوا واصرخوا إلى الآلهة الغريبة التي اخترتموها لتخلصكم هي في زمان ضيقكم.[61] ثم عاد فاختار يفتاح ليكون مخلصًا لبني إسرائيل ويفتاح هو شقيق أولاد يائير الجلعادي الثلاثين لكنه غير شرعي،[62] لذلك طرد ولم يرث مع أشقاءه الثلاثين،[63] وقبل يفتاح مهمته بشرط أن يحكم منفردًا بني إسرائيل بعد انتصاره،[64] واستطاع تخليص قومه من سيطرة العمونيين،[65] واحتل سيحون أيضًا،[66] لكنه نذر للرب نذرًا: إن دفعت بني عمون إلى ليدي فالخارج الذي يخرج من أبواب بيتي أولاً للقائي عند رجوعي بالسلامة من عند بني عمون، يكون للرب وأصعده محرقة.[67] وعندما عاد إلى منزله كانت ابنته الوحيدة في استقباله فذبحها وقدمها للرب،[68] لكن إخوته رفضوا انفراده في الحكم، فدارت حرب أهلية انتهت بانتصار يفتاح.[69]

خواتم السفر عدل

تلا يفتاح إيصان من بيت لحم مدة سبع سنوات،[70] ثم إيلون الزبلوني مدة عشر سنوات،[71] وأخيرًا عبدون بن هليل مدة ثماني سنوات،[72] ولا يذكر السفر شيءًا عن أعمالهم أو أحداث حكمهم، لكني بنو إسرائيل وعقب هذا الاستقرار عادوا فعملوا الشرب أمام الرب فسلمهم لأيدي الفلسطيين وهم أقوام من أصول يونانية وليسوا الفلسطينيين،[73] واستمر احتلالهم لنبي إسرائيل أربعين عامًا،[74] ثم يروي السفر قصة شمشون الذي يدعوه بالجبار، فهو ولد لامرأة عاقر،[75] كنذير للرب،[76] وتزوج من الفلسطيين مرتين،[77] على الرغم من كونهم أعداء بني إسرائيل،[78] وقد خدعته زوجته الثانية دليلة،[79] وكانت سبب إسلامه لهم،[80] بعد أن أرهبهم طويلاً؛ لكن شمشون انتقم عندما هدم البيت الذي كان مسجونًا فيه وقد حوى حسب السفر على ثلاثة آلاف رجل فرحين باعتقاله، فماتوا جميعًا مع شمشون.[81]

ولا يذكر السفر قصة أي قاضي بعد شمشمون: في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل، وكان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه.[82] لكنه يذكر قصة ميخا وسبط وسف في الفصلين السابع عشر والثامن عشر، وقصة الرجل اللاوي المتغرب في الفصل التاسع عشر، ثم الحرب الأهلية التي نشبت بين جميع الأسباط ضد سبط بنيامين وكيف آلت هذه الحرب إلى الصلح في الفصل العشرين والفصل الحادي والعشرين منه، ويعتبر البعض القصتين بمثابة ملحق عام للسفر مكمل له.[83]

يستخدم السفر بشكل خاص مصطلح بعل للإشارة إلى الله، وهو يعني في اللغة الموآبية، إحدى اللغات السامية السيّد أو الرب، واسم بعل أساسًا اسم لأحد آلهة الكنعانيين؛ غير أن اليهود اعتبروا اسم بعل مرادفًا لاسم الله، كذلك يلقب في سفر القضاة ببعل بريث أي رب العهد، إلى جانب يهوه وهو التسمية التقليدية.[84]

الواقعية التاريخية عدل

ليس من الواضح ما إذا كان أي من الأشخاص الذين تم وصفهم بالقضاة موجودًا فعلا أم لا،[85][86][87] ويوجد شك لدى علماء حول ما إذا كان السفر به أي واقعية تاريخية.[88]

غاية السفر وأهميته عدل

 
شمشون ودليلة، لوحة لجان فرانسوا جودار، 1784.

يعتبر السفر شديد الأهمية من الناحية التاريخية فهو يسد ثلمة مقدارها ثلاث قرون في تاريخ بني إسرائيل يطلق عليها اسم حقبة القضاة، وهي تسبق الحقبة الملكية؛ وقد استمرت حقبة القضاة خارج السفر إذ إن العهد القديم يذكر أن صموئيل وابنيه كانوا قضاةً،[89] وقبلهما الكاهن عالي،[90] أما من الناحية العقائدية والدروس والعبر الروحية يعتبر السفر غنيًا أيضًا، فهو يظهر العدالة الإلهية ورحمة الله وغضبه، ودور المرأة ممثلاً بدبورة النبية، ودعوة الله للإنسان كما يظهر في قصة جدعون، وأن الله لا يميز بين ابن الزنى والآخرين من خلال اختياره يفتاح ليكون قاضيًا ومخلصًا، كما تبرز في السفر أهمية النذر والوفاء به، ويمكن تلخيص غاية السفر بما يلي:

  يبيّن لنا سفر القضاة كم أن نشوء الوحدة بين أسباط إسرائيل كانت صعبة، واحتلال الأرض واستملاكها بطيئين، والخصومات والمنازعات بين القبائل قوية، والإيمان بدائياً، والتهديدات الخارجية جدية ومتواصلة. لكن القصص التي يتضمنّها السفر هدفت أساساً إلى إعطاء تعليم، وهو أن الصعوبات التي واجهها الشعب الإسرائيلي عند دخوله أرض كنعان، لم تكن سوى امتحان شاءه الله في سبيل التهذيب والتقويم، وعلى كل جيل جديد أن يكتشف ما سبق وتعلّمه الآباء والأجداد عند خروجهم من مصر، ومسيرهم في البرية، ودخولهم أرض الميعاد. والعبرة الأهم في هذه القصص، هي أن العقاب يكون نصيب الشعب في كل مرّة ينسى إلهه؛ على عكس ذلك، تشكّل العودة إلى الله والتوبه إليه (3/7- 9، 12- 15) ينبوع خلاص له. هكذا يصبح تأمل الماضي أمثولة للحاضر وللمستقبل.  

سوى ذلك يرى بعض المسيحيين أن السفر يشير ببعض رموزه إلى يسوع وهو الماشيح المنتظر، ولا يستشهد أبدًا في العهد الجديد بهذا السفر باستثناء ما ورد في إنجيل لوقا من تشابه صفات الحبل بيوحنا المعمدان وشمشون،[91] وتعداد الرسالة إلى العبرانيين عدد من شخصيات السفر كأمثلة حية عن الإيمان.[92] لكن سفر صموئيل الأول يذكر عدة حوادث في سفر القضاة في إطار عظات، مذكرًا بها.[93]

ولا يبدو الزنى في سفر القضاة ذنبًا كبيرًا كما في سائر أسفار العهد القديم الأخرى، إذ يذكر الفصل السادس عشر: ثم ذهب شمشون إلى غزة، ورأى هناك امرأة زانية فدهل إليها.[94] في حين أن حوادث الزنى الآخرى في العهد القديم تترافق مع الكثير من طقوس التوبة والندم والانهزام، لا يأت السفر على أي شيء من هذا القبيل.[95]

انظر أيضًا عدل

هامش عدل

1 ربما يكون الكاتب صموئيل أو فنيخاس الكاهن، أو ربما كاتب مجهول آخر، فالتقليد المسيحي واليهودي لا ينسب السفر إلى كاتب محدد. انظر مقدمة المقال.


مراجع عدل

  1. ^ إسرائيل فينكلستاين ونيل أشير سيلبرمان، كشف البيبل، ص. 29.
  2. ^ أ ب قضاة 16/2
  3. ^ مدخل إلى الكتاب المقدس: سفر القضاة، كلمة الحياة، 26 أيلول 2010 [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 28 أغسطس 2008 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ تفسير سفر القضاة: المقدمة، موسوعة الأنبا تكلا، 26 أيلول 2010 نسخة محفوظة 16 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ عاموس 3/2
  6. ^ سفر القضاة، مؤلفات وأعمال الأب بولس فغالي، 26 أيلول 2010. [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 22 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ أ ب قضاة 5/9
  8. ^ قضاة 9/ 22-54
  9. ^ قضاة 12/ 4-8
  10. ^ قضاة، 20
  11. ^ سفر القضاة الأب بولس فغالي، 27 أيلول 2010 [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 22 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ سفر القضاة، أعمال الآب بولس فغالي، 30 أيلول 2010. [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 22 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ العبادات في الديانة اليهودية، عبد الرزاق الموحي، دار الأوائل، طبعة أولى، دمشق 2004، ص.104
  14. ^ قضاة 8/1
  15. ^ قضاة 19/3
  16. ^ قضاة 10/1
  17. ^ قضاة 11/1
  18. ^ قضاة 18/1
  19. ^ قضاة 1/ 27-34
  20. ^ قضاة 35/1
  21. ^ قضاة 13/2
  22. ^ قضاة 14/2
  23. ^ قضاة 19/2
  24. ^ قضاة 9/3
  25. ^ قضاة 10/3
  26. ^ قضاة 11/3
  27. ^ قضاة 12/3
  28. ^ قضاة 3/ 12-13
  29. ^ قضاة 15/3
  30. ^ قضاة 3/ 16-27
  31. ^ قضاة 30/3
  32. ^ قضاة 1/4
  33. ^ قضاة 3/4
  34. ^ قضاة 6/4
  35. ^ قضاة 16/4
  36. ^ قضاة 20/4
  37. ^ قضاة 21/4
  38. ^ قضاة 31/5
  39. ^ قضاة 1/6
  40. ^ قضاة 6/ 1-2
  41. ^ قضاة 5/6
  42. ^ قضاة 6/ 11-40
  43. ^ قضاة 3/7
  44. ^ قضاة 7/ 3-4
  45. ^ قضاة 7/7
  46. ^ قضاة 7/ 15-25
  47. ^ قضاة 8/ 10-28
  48. ^ قضاة 30/8
  49. ^ قضاة 31/8
  50. ^ قضاة 9/ 1-4
  51. ^ قضاة 23/9
  52. ^ قضاة 9/ 50-56
  53. ^ قضاة 1/10
  54. ^ قضاة 2/10
  55. ^ قضاة 3/10
  56. ^ قضاة 4/10
  57. ^ قضاة 6/10
  58. ^ قضاة 10/ 7-8
  59. ^ قضاة 10/10
  60. ^ قضاة 13/10
  61. ^ قضاة 15/10
  62. ^ قضاة 1/11
  63. ^ قضاة 2/11
  64. ^ قضاة 8/11
  65. ^ قضاة 33/11
  66. ^ قضاة 21/11
  67. ^ قضاة 11/ 30-31
  68. ^ قضاة 11/ 34-39
  69. ^ قضاة، 12
  70. ^ قضاة 9/12
  71. ^ قضاة 11/12
  72. ^ قضاة 19/12
  73. ^ تعرف إلى العهد القديم موقع الأب بولس فغالي، 27 أيلول 2010 [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 22 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  74. ^ قضاة 1/13
  75. ^ قضاة 2/13
  76. ^ قضاة 4/13
  77. ^ قضاة 1/14
  78. ^ قضاة 3/14
  79. ^ قضاة 4/16
  80. ^ قضاة 23/16
  81. ^ قضاة 16/ 29-31
  82. ^ قضاة 6/17
  83. ^ تفسير سفر القضاة، المكتبة القبطية، 1 تشرين أول، 2010. نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  84. ^ العبادات في الديانة اليهودية، مرجع سابق، ص.104
  85. ^ Thomas L. Thompson (1 يناير 2000). Early History of the Israelite People: From the Written & Archaeological Sources. BRILL. ص. 96. ISBN:978-90-04-11943-7. مؤرشف من الأصل في 2016-12-23.
  86. ^ Marc Zvi Brettler (2002). The Book of Judges. Psychology Press. ص. 107. ISBN:978-0-415-16216-6. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08.
  87. ^ Philip R. Davies (1995). In Search of "Ancient Israel": A Study in Biblical Origins. A&C Black. ص. 26. ISBN:978-1-85075-737-5. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08.
  88. ^ Brettler 2002, p. 107
    Davies 2006, p. 26
    Thompson 2000, p. 96.
  89. ^ صموئيل الأول 8/ 1-7
  90. ^ صموئيل الأول 18/4
  91. ^ لوقا 15/11 وقضاة 4/13
  92. ^ عب 32/11
  93. ^ صموئيل الأول 12/ 9-11
  94. ^ قضاة 1/16
  95. ^ تفسير الفصل السادس عشر من سفر القضاة، منتديات الكنيسة، 1 تشرين أول 2010. نسخة محفوظة 24 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.

بيبلوجرافيا عدل

Arnold، Bill T.؛ Williamson، H. G. M. (2005). Dictionary of the Old Testament: Historical Books. Downers Grove, Illinois: InterVarsity Press. ISBN:978-0-8308-1782-5.
Boling، Robert G.؛ Nelson، Richard D. (2006). "Judges". في Attridge، Harold W.؛ Meeks، Wayne A. (المحررون). The HarperCollins Study Bible (ط. rev.). HarperCollins Publishers.
Brettler، Marc Zvi (2002). The Book of Judges. London: Routledge. ISBN:978-0-415-16216-6.
Coogan، Michael D. (2009). A Brief Introduction to the Old Testament. New York: Oxford University Press. ISBN:978-0-19-533272-8.
Davies، Philip R. (2006) [1992]. In Search of "Ancient Israel": A Study in Biblical Origins. London: Continuum. ISBN:978-1-85075-737-5.
Drum، Walter (1910). "Judges" . في Herbermann، Charles G.؛ Pace، Edward A.؛ Pallen، Condé B.؛ Shahan، Thomas J.؛ Wynne، John J. (المحررون). الموسوعة الكاثوليكية. New York: Encyclopedia Press (نُشِر في 1913). ج. 8. ص. 547–549.
This article incorporates text from this public-domain publication.
Gordon، Cyrus H. (1962). Greek and Hebrew Civilizations.
Hauser، Alan J. (1975). "The 'Minor Judges': A Re-Evaluation". Journal of Biblical Literature. ج. 94 ع. 2: 190–200. DOI:10.2307/3265729. ISSN:0021-9231.
Kitchen، K. A. (2003). On the Reliability of the Old Testament. Grand Rapids, Michigan: William B. Eerdmans Publishing Company. ISBN:978-0-8028-4960-1.
Malamat، A. (1971). Mazor، Benjamin (المحرر). Judges. Givatayim, Israel: Rutgers University Press. ص. 129–163.
Payne، J. P. (1996). "Book of Judges". في Marshall، I. Howard؛ Millard، A. R.؛ Packer، J. I.؛ Wiseman، D. J. (المحررون). New Bible Dictionary (ط. 3rd). Leicester, England: Inter-Varsity Press. ISBN:978-0-8308-1439-8.
Thompson، Thomas L. (2000). Early History of the Israelite People: From the Written & Archaeological Sources. Leiden, Netherlands: Brill. ISBN:978-90-04-11943-7.

مواقع خارجية عدل

سبقه
سفر يشوع
العهد القديم


تبعه
سفر راعوث