المدينة الفاسدة

مجتمع خيالي، فاسد أو مخيف أو غير مرغوب فيه بطريقة ما
(بالتحويل من دستوبيا)

المدينة الفاسدة[1] أو أدب المدينة الفاسدة أو ديستوبيا أو عالم الواقع المرير (بالإنجليزية: Dystopia)‏ هو مجتمع خيالي، فاسد أو مخيف أو غير مرغوب فيه بطريقة ما. وهو عكس أدب المدينة الفاضلة، وقد تعني الديستوبيا مجتمع غير فاضل تسوده الفوضىٰ، فهو عالم وهمي ليس للخير فيه مكان، يحكمه الشر المطلق، ومن أبرز ملامحه الخراب، والقتل والقمع والفقر والمرض، باختصار هو عالم يتجرد فيه الإنسان من إنسانيته يتحوّل فيه المجتمع إلىٰ مجموعة من المسوخ تناحر بعضها بعضاً. ومعنى الديستوبيا باللغة اليونانية المكان الخبيث وهي عكس المكان الفاضل أو المدينة الفاضلة. ولقد ظهرت قصص مثل هذه المجتمعات في العديد من الأعمال الخيالية، خصوصاً في القصص التي تقع في مستقبل تأملي. والديستوبيات تتميز غالباً بالتجرد من الإنسانية، فهي نتاج الحكومات الشمولية والكوارث البيئية أو غيرها من الخصائص المرتبطة بانحطاط كارثي في المجتمع.

أدب المدينة الفاسدة
صنف فرعي من
فروع

وتتنوع عناصر الديستوبيا من القضايا السياسية إلى القضايا الإقتصادية أو حتى البيئية. فالمجتمعات الديستوبية قد توجد في سلسلة واسعة من الأنواع الفرعية من الخيال العلمي، وعادة تستخدم هذه القصص والروايات لتسليط الضوء على القضايا الموجودة في العالم الواقعي المتعلقة بالمجتمع والبيئة والسياسية والدين وعلم النفس والقيم الروحية أو التكنولوجيا التي قد تصبح الحاضر في المستقبل. لهذا السبب، اتخذت الديستوبيا شكل العديد من التكهنات، مثل التلوث والفقر والانهيار المجتمعي والقمع السياسي أو الشمولية.

أصل التسمية عدل

 
V for Vendetta من أشهر أعمال الديستوبيا في القرن ال21.

على الرغم من وجود عدة استخدامات مبكرة معروفة لها، فقد استُخدمت كلمة ديستوبيا بوصفها نقيضًا لكلمة يوتوبيا (طوباوية) من قِبل جون ستيوارت مل في أحد خطاباته البرلمانية عام 1868 (مناظرات هانسارد في مجلس العموم) من خلال إضافة السابقة «dys» (بالإغريقية القديمة: δυσ، وتعني «سيئ»)، معيدًا تأويل الحرف الأول «U» على أنه السابقة «eu» (بالإغريقية القديمة: ευ، وتعني «جيد») بدلًا من «ou» (بالإغريقية القديمة: οὐ، وتفيد النفي). وقد استُخدمت لشجب سياسة الحكومة المتعلقة بالأراضي الأيرلندية: «ربما يكون إفراطًا في الإطراء أن يدعوهم المرء طوباويين، بل ينبغي بالأحرى أن يُطلق عليهم اسم ديستوبيين، أو كاكوتوبيين. درجت العادة على إطلاق صفة الطوباوية على الأمور التي تكون جيدة أكثر من تقبل التطبيق؛ لكن ما يبدو أنهم ينحازون إليه هو أسوأ من أن يمكن تطبيقه».[2][3][4][5]

قبل عقود من أول استخدام موثق لكلمة «ديستوبيا»، اقتُرحت كلمة «كاكوتوبيا» (بالإنجليزية: cacotopia، باستخدام السابقة «كاكو»، بالإغريقية القديمة: κακόs، وتعني «سيئ» أو «شرير») للمرة الأولى عام 1818 من قبل جيرمي بنثام، «بمثابة مكافئ لليوتوبيا (أو المكان المتخيل لأفضل حكومة)، يمكن التفكير بالكاكوتوبيا (أو المكان المتخيل لأسوأ حكومة) اكتُشفت أو وُصفت». وعلى الرغم من أن كلمة ديستوبيا أصبحت المصطلح الأكثر شعبية، فقد وجدت كلمة كاكوتوبيا طريقًا لبعض الاستخدامات العرَضية، إذ قال عنها أنتوني برجس، كاتب رواية «برتقالة آلية»، إنها التعبير الأفضل لوصف رواية أورويل «1984» لأنها «تبدو بلفظها أسوأ من الديستوبيا».[6]

أعمال أدبية عدل

ومن الأعمال الأدبية في هذا الاتجاه رواية ألف وتسعمائة وأربعة وثمانون، حيث تصور الرواية دولة شمولية غازية عظمى؛ ورواية كالوكين للكاتبة السويدية كارين بوي التي تعتبر ملهمة جورج أورويل في رواية ألف وتسعمائة وأربعة وثمانونن وكذلك قصة فهرنهايت 451؛ فالدولة تحرق الكتب خوفا من ما قد تحرض عليه؛ ورواية ألعاب الجوع، حيث أن الحكومة تسيطر على شعبها من خلال الحفاظ على حالة مستمرة من الخوف من خلال معارك تشعلها حتى الموت؛ ورواية المانح للكاتبة لوريس لوري التي تصور عالمًا قضى على العاطفة في حياة أفراده مجتمع يبدو يوتويوبيًا إلى أن يكتشف انه دستوبيًا[7] ، رواية عالم جديد جرئ، حيث يوضع السكان تحت طائفة محددة من التوزيع النفسي؛ ورواية الجليل والصعلوك للكاتب محمد سالم تتحدث عن قرية خيالية تعيش في طغيان مستشري؛ رواية عطارد للكاتب محمد ربيع وتتحدث عن مصر في المستقبل المظلم الذي ينتظرها. وهناك كذلك روايتا "يوتوبيا" وفي ممر الفئران للكاتب المصري أحمد خالد توفيق حيث تناقشان صورا مستقبلية مضخمة للانقسامات الطبقية والمجتمعية في مصر والعالم وحسب مصادر القوة والنفوذ في المجتمع.[8] كذلك نجد رواية دستوبيا 13 للروائي والصحفي التونسي محمد بوكوم والتي تتحدث عن صراع أخلاقي واجتماعي وطبقي، وتسلط الضوء على فساد الدولة ومعاناة المهمشين في الأحياء الفقيرة.[9][10]

انظر أيضًا عدل

المراجع عدل

  1. ^ نور الدين خليل (2008). قاموس الأديان الكبرى الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلامية (بالعربية والإنجليزية). مراجعة: محمود آدم. الإسكندرية: مؤسسة حورس الدولية للطباعة والنشر. ص. 108. ISBN:978-977-368-087-9. OCLC:166560426. QID:Q125055340.
  2. ^ Cf. "Dystopia Timeline" نسخة محفوظة 3 May 2006 على موقع واي باك مشين., in Exploring Dystopia, "edited and designed by Niclas Hermansson; Contributors: Acolyte of Death ('Gattaca'), John Steinbach ('Nuclear Nightmare'), [and] David Clements ('From Dystopia to Myopia')" (hem.passagen.se), Niclas Hermansson, n.d., Web, 22 May 2009.
  3. ^ "Dystopia". قاموس أوكسفورد الإنجليزي (ط. الثالثة). مطبعة جامعة أكسفورد. سبتمبر 2005. According to the Oxford English Dictionary, a "dystopia" is: "An imaginary place or condition in which everything is as bad as possible; opp. UTOPIA (cf. CACOTOPIA). So dystopian n., one who advocates or describes a dystopia; dystopian a., of or pertaining to a dystopia; dystopianism, dystopian quality or characteristics." The example of first usage given in the OED (1989 ed.) refers to the 1868 speech by John Stuart Mill quoted above. Other examples given in the OED include:
    «1952 NEGLEY & PATRICK Quest for Utopia xvii. 298 The Mundus Alter et Idem [of Joseph Hall] is...the opposite of eutopia, the ideal society: it is a dystopia, if it is permissible to coin a word. 1962 C. WALSH From Utopia to Nightmare 11 The 'dystopia' or 'inverted utopia'. Ibid. 12 Stories...that seemed in their dystopian way to be saying something important. Ibid. ii. 27 A strand of utopianism or dystopianism. 1967 Listener 5 Jan. 22 The modern classics Aldous Huxley's Brave New World and George Orwell's Nineteen Eighty Four are dystopias. They describe not a world we should like to live in, but one we must be sure to avoid. 1968 New Scientist 11 July 96/3 It is a pleasant change to read some hope for our future is trevor ingram ... I fear that our real future is more likely to be dystopian.»
  4. ^ "ADJOURNED DEBATE. (Hansard, 12 March 1868)". Hansard.millbanksystems.com. مؤرشف من الأصل في 2017-03-12. اطلع عليه بتاريخ 2014-06-08.
  5. ^ See also Michael S. Roth, "A Dystopia of the Spirit" 230ff., Chap. 15 in Jörn Rüsen, Michael Fehr, and Thomas Rieger, eds., Thinking Utopia, كتب جوجل Preview, n.d., Web, 22 May 2009. نسخة محفوظة 21 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ Beaumont, Matthew. (2006). Cacotopianism, the Paris Commune, and England's Anti-Communist Imaginary, 1870–1900. ELH, 73(2): 465–487. نسخة محفوظة 5 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ "The Giver - Wikipedia". en.m.wikipedia.org (بالإنجليزية). Archived from the original on 2021-04-22. Retrieved 2021-06-04.
  8. ^ المكرمة، أماني يماني-مكة (17 مارس 2018). "روايات وصفت ديستوبيا ويوتوبيا". Makkah. مؤرشف من الأصل في 2019-02-25. اطلع عليه بتاريخ 2019-02-24.
  9. ^ "دستوبيا 13 لمحمد بوكوم.. حينما يحرّك أدب المدينة الفاسدة المياه الراكدة". Hakaek Online. مؤرشف من الأصل في 2022-11-24. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-29.
  10. ^ "«ديستوبيا» كابوسيّة عن تونس ما بعد التحوّل الكبير: الثورة تنعش أدب المدينة الفاسدة". الأخبار. مؤرشف من الأصل في 2021-11-05. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-29.