حديث الغدير

حديث نبوي متواتر ومحوري في المذهب الشيعي وفي النقاش السني الشيعي

22°49′30″N 39°04′30″E / 22.825°N 39.075°E / 22.825; 39.075

حديث الغدير
 

حديث الغدير هو حديث نبوي يصل لدرجة التواتر عند السنة والشيعة، مروي عن الرسول محمد في يوم 18 من ذي الحجة سنة 10 هـ، في طريق عودته بعد حجة الوداع في غدير يُدعى خُم قُرب الجحفة.

يستدل الشيعة بهذا الحديث بالإضافة لأحاديث أخرى على خلافة علي بن أبي طالب، بينما يعتقد أهل السنة والجماعة بأنَّه دلالة على منزلة علي بن أبي طالب العالية، ولا يستوجب أحقيته بالخلافة. يحتفل الشيعة بهذا اليوم كل عام في مناسبة تُدعى عيد الغدير بأعمال كالصوم والغُسل.

نص الحديث عند الشيعة عدل

يقول عبد الحسين الأميني في کتابه الغدير في الكتاب والسنة والأدب: ... فلما انصرف (رسول الله) صلى الله عليه وآله من صلاته قام خطيبا وسط القوم على أقتاب الإبل وأسمع الجميع، رافعا عقيرته قال:
  الحمد لله ونستعينه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله ـ أما بعد ـ: أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجبت، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنَّ جنَّته حقّ ونارَه حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: اللهم اشهد، ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟ قالوا: نعم. قال: فإني فرط على الحوض، وأنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء وبُصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين فنادى منادٍ: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عِترَتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يراد على الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ثم أخذ بيد عليٍ فرفعها حتى رؤيَ بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلاث مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي[1]  

ثم طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه وممن هنأه في مقدم الصحابة: الشيخان أبو بكر وعمر كل يقول: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وقال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم، فقال حسان: إئذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن، فقال: قل على بركة الله، فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ثم قال:

«يناديهم يوم الغدير نبيهم * * بخم فاسمع بالرسول مناديا[1]»

نص الحديث عند السنة عدل

ورد الحديث بعدة أوجه، أصحها سنداً عند أهل السنة والجماعة هي:[2]

يقول عن زيد بن أرقم قال:
  : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فينا خطيبًا، بماء يدعى خُمًّا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به». فحَثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي، أذكركم اللهَ في أهل بيتي، أذكركم اللهَ في أهل بيتي، أذكركم اللهَ في أهل بيتي».[3]  
يقول عن زيد بن أرقم قال:
  : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خُمٍّ، أمر بدوحات فقُمِمْن، فقال: «كأني قد دُعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالى، وعِتْرتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يَرِدا عليَّ الحوض». ثم قال: «إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى كل مؤمن». ثم أخذ بيد عليٍّ رضي الله عنه فقال: «من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه».[4]  
يقول وروى الترمذي عن زيد بن أرقم :
  : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كنت مولاه فعَليٌّ مولاه».[5]  
يقول بريدة رضي الله عنه:
  : قال: «غزوت مع عليٍّ اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليًّا فتنقَّصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغيَّر، فقال: «يا بريدة ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قلت: بلى يا رسول الله. قال: «من كنت مولاه فعَليٌّ مولاه».[6]  
يقول عن سعيد بن وهب وزيد بن يثيع قالا::
  : نشد عليٌّ الناس في الرحبة: من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خُمٍّ إلا قام. قال: فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زيد ستة فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه يوم غدير خُمٍّ: أليس الله أولى بالمؤمنين؟ قالوا: بلى. قال: «اللهم من كنت مولاه فعَليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه».[7]  
يقول رياح بن الحارث قال :
  : “جاء رهط إلى عليٍّ بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟! قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خُمٍّ يقول: «من كنت مولاه فإن هذا مولاه». قال رياح: فلما مضوا تبعتهم، فسألت: من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري”.[8]  

وهناك زيادة في الحديث من طرق عده وهي

  • «اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ»، وهي مختَلَفٌ في تصحيحها، والراجح تصحيحها .
  • «وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ»، قال الألباني: «في ثبوته عندي وقفة؛ لعدم ورود ما يجبر ضعفه، و كأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: «اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ»»، وقد ضعَّف ابن تيمية زيادة: «اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ»، وكذَّب زيادة: «وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ»،[9] وقد شرحه الألباني الحديث وطُرُقه في السلسلة الصحيحة عند حديث رقم (1750) (4/330-344)،[10] وقال الهيثمي: «وَعَنْ عَمْرِو بْنِ ذِي مُرٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالُوا: «سَمِعْنَا عَلِيًّا يَقُولُ: نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ لَمَا قَامَ، فَقَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَشَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ، وَأَبْغِضْ مَنْ يُبْغِضُهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ». رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.».[11][12]

تفسير الحديث عند الشيعة عدل

يري الشيعة أن هذا دليل على أن الإمامة لعلي بن أبي طالب ، تقول المراجع الشيعية أن في هذا اليوم نزلت الآية «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِيناً» [5:3] وأن إتمام الدين هو الإيمان بالإمام والولي علي بن أبي طالب من بعد الرسول محمد، [13][14] وتقول أيضًا أن جميع المسلمين والمسلمات قد بايعوه في هذا اليوم على السمع والطاعة. و يستدلون بها بنقاط كما يلي:

  • النقطة الأولى هي أن القضية كانت مهمة للغاية حيث أمر النبي أن يبلغ ما يؤمر به ولو كان لم يبلغ ما أمر به لما كان بلغت رسالته فالأمر الذي أمر الرسول كان يرادف النبوة بعظمتها وعدم الإبلاغ كان يساوي عدم إبلاغ النبوة بأكملها(وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ).
  • النقطة الثانية وهي أن القضية ليست كالصلاة والصوم و الحج لأن عند نزول سورة المائدة في السنة الأخيرة من حياته صل الله عليه وآله كان النبي قد بين جميع الأركان الإسلامية لذلك الزمان.
  • النقطة الثالثة وهي أن المستفاد من الأية هو أن كان قد يظهر الكثير من المعارضين لهذه القضية حيث كان من المحتمل أن تتعرض حياة النبي للخطر.(وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).[15]
  • تهنئة الصحابة لعلي: نقلت المصادر بعد سردها لحادثة الغدير قول أبي بكر وعمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب: بخٍ بخٍ لك علي، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.[16][17][18]

تفسير الحديث عند أهل السنة عدل

يعتقد أهل السنة والجماعة بصحة الحديث الذي رواه مسلم وأحمد،[3] وصححه العديد من علماء الحديث أمثال الذهبي[19] وابن حجر[20] والألباني[21] وغيرهم. ويدلّلون بالحديث على فضل علي بن أبي طالب بصفته أحد آل بيت النبي محمد وعلى مكانته. لكن لا يعتقد أهل السنة والجماعة أن هذا الحديث يؤكد أحقية علي بن أبي طالب بالخلافة. فيقول ابن تيمية :

« ليس في هذا الحديث – حديث غدير خم – ما يدل على أنه نصّ على خلافة علي، إذ لم يرد به الخلافة أصلاً، وليس في اللفظ ما يدل عليه، ولو كان المراد به الخلافة لوجب أن يبلغ مثل هذا الأمر العظيم بلاغًا بيّنًا.[22][23]»

كما قال ابن كثير:

«وأما ما يفتريه كثير من جهلة الشيعة والقُصّاص الأغبياء من أنه أوصى - أي النبي محمد – إلى علي بالخلافة، فكذب وبهت وافتراء عظيم، يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة وممالأتهم بعده على ترك تنفيذ وصيته وإيصالها إلى من أوصى إليه وصرفهم إياها إلى غيره لا لمعنى ولا لسبب.[24]»

. وقد رد أهل السنة والجماعة على إدعاءات الشيعة بعدة أوجه، وهي:[25][26]

الوجه الأول: سبب ورود الحديث هو أن النبي محمد قبْل حجة الوداع أرسل خالد بن الوليد   إلى اليمن في قتال انتصر فيه خالد، وغنم غنائم، فأرسل إلى النبي محمد يخبره بذلك، ويطلب إرسال من يُخمِّس تلك الغنائم، فأرسل النبي محمد عليَّ بن أبي طالب   لتلك المهمة، ثم أمره أن يدركه في الحج، وقسّم عليّ تلك الغنائم بحسب ما جاء من تشريع في القرآن الكريم: أربعةَ أخماس للمجاهدين، وخُمسًا لله والرسول وذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. فأخذ عليّ خُمس ذوي القربى -وهو سيد ذوي القربى- للنبي محمد ، فغضب بعض الصحابة كبريدة بن الحصيب  ، فاشتكى بُريدة إليه.[25][27]

وقال ابن حجر:

«سبب ذلك كما نقله الحافظ ابن الجزري عن ابن إسحاق أن عليًّا تكلم فيه بعض من كان معه في اليمن، فلما قضى حجّه خطبها تنبيهًا على قدره، وردًّا على من تكلم فيه: كبريدة؛ لما في البخاري أنه كان يبغضه.[28]»

وكذلك قال البيهقي:

«وأما حديث الموالاة فليس فيه -إن صح إسناده- نص على ولاية عليٍّ بعده، فقد ذكرنا من طرقه في كتاب الفضائل ما دل على مقصود النبي من ذلك، وهو أنه لما بعثه إلى اليمن كثُرت الشكاة عنه وأظهروا بغضه، فأراد النبي أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه، ويحثهم بذلك على محبته وموالاته وترك معاداته»

.[25]

الوجه الثاني: دعواهم أن معنى المولى في الحديث: الحاكم والخليفة لا يصح؛ لأن المولى له معانٍ كثيرة منها: الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه. والمقصود بالموالاة في الحديث هي المودة والمحبة والمؤازرة، وهي ضد المعاداة.[29]

قال ابن تيمية:

«وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالولي، والله تعالى قال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ۝٥٥1(سورة المائدة، الآية 55)، وقال: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ۝٤2(سورة التحريم، الآية 4)، فبيَّن أن الرسول ولي المؤمنين، وأنهم مواليه أيضًا، كما بيَّن أن الله ولي المؤمنين وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض.[30]»

الوجه الثالث: بعد النظر في روايات حديث الغدير، يتبين جليًّا أنه ليس في شيء منها ما يدل على خلافة علي   من بعد النبي محمد ، وكيف يوصي النبي محمد لعليٍّ ويُخَالْف أمره ، وقد أوصى أبو بكر لعمر رضي الله عنهما وامتثل الناس أمره  ؟! فهل وصية أبي بكر   أجلّ من وصية النبي محمد عند المسلمين؟![25]

الوجه الرابع: أن حديث الغدير كان في الثامن عشر من ذي الحجة، أي بعد نزول قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۝٣3(سورة المائدة، الآية 3)، وثبت في الصحيحين أنها نزلت يوم الجمعة بعرفة،[31] فكيف تكون إمامة علي   من أصول الدين ولم يبلِّغها النبي إلا بعد إكمال الدين وإتمام النعمة بتسعة أيام؟![25]

قال ابن تيمية:

«وهذا مما يبيّن أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أمر بتبليغه، كالذي بلّغه في حجة الوداع، فإن كثيرًا من الذين حجّوا معه -أو أكثرهم- لم يرجعوا معه إلى المدينة، بل رجع أهل مكة إلى مكة، وأهل الطائف إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى بواديهم، وإنما رجع معه أهل المدينة ومن كان قريبًا منها.[32]»

الوجه الخامس: يتضح من كلام ابن تيمية حول الحديث الأول الذي أخرجه مسلم في صحيحه:

«فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله، وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر باتباع العترة، ولكن قال: «أذكركم الله في أهل بيتي»، وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم، والامتناع من ظلمهم، وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خُمّ، فعُلم أنه لم يكن في غدير خُمّ أمر يُشرع نزل إذ ذاك، لا في حق عليٍّ ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها.[33][34]»

انظر أيضًا عدل

وصلات خارجية عدل

هوامش عدل

  • 1 سورة المائدة، الآية 55.
  • 2 سورة التحريم، الآية 4.
  • 3 سورة المائدة، الآية 3.


المصادر عدل

  1. ^ أ ب كتاب الغدير للأميني نسخة محفوظة 21 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ حديث الغدير | وبطلان الاحتجاج به على الإمامة | مركز سلف للبحوث والدراسات نسخة محفوظة 05 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ أ ب رواه مسلم في صحيحه (2408)، وأحمد في مسنده (19285).
  4. ^ رواه النسائي في الكبرى (8148)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1765)، والحاكم في المستدرك (4576). ونقل ابن كثير عن الذهبي تصحيحه، كما في البداية والنهاية 5/229. وقال الألباني: وهو حديث صحيح غاية، جاء من طرق جماعة من الصحابة خرجت أحاديث سبعة منهم، ولبعضهم أكثر من طريق واحد، وقد خرجتها كلها وتكلمت على أسانيدها في سلسلة الأحاديث الصحيحة. “ظلال الجنة في تخريج أحاديث السنة” 2/338: وانظر التخريج الموسع للحديث في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” 4/330.
  5. ^ قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، سنن الترمذي (ح 3713). وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة 4/330.
  6. ^ رواه أحمد في المسند (22945)، والنسائي في خصائص علي رضي الله عنه (81)، والحاكم في المستدرك (4578). وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (5/228): “وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات”. وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/1112).
  7. ^ أخرجه عبدالله في زوائد المسند (950). وهو صحيح لغيره. انظر: السلسلة الصحيحة 4/338.
  8. ^ رواه أحمد في مسنده (23609)، والطبراني في الكبير (4053). وإسناد أحمد صحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/416، وقال الألباني: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات. انظر: السلسلة الصحيحة 4/340.
  9. ^ مجموع الفتاوى 4/417-418
  10. ^ "الشيعة ويوم الغدير.. كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا". 20 ديسمبر 2009. مؤرشف من الأصل في 2021-11-10.
  11. ^ "إسلام ويب - مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد - كتاب المناقب - باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه - باب قوله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه- الجزء رقم2". islamweb.net. مؤرشف من الأصل في 2020-11-12. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-11.
  12. ^ "ص105 - كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - باب قوله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه - المكتبة الشاملة". المكتبة الشاملة. مؤرشف من الأصل في 2021-11-11. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-11.
  13. ^ آية الإكمال ومسألة قيادة الأمة نسخة محفوظة 12 نوفمبر 2010 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ ما هو حديث الغدير؟، مركز الشعاع الإسلامي نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2012 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ شرحی بر خطبه غدیر خم نسخة محفوظة 18 أكتوبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ تفسير الرازي12:50
  17. ^ انظر: أنساب الأشراف، 1:315
  18. ^ ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق، ج3،ص81و1127
  19. ^ السيرة النبوية ج 4 ص 426
  20. ^ فتح الباري ج 7 ص 61
  21. ^ سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 4 ص 330 الحديث 1750
  22. ^ منهاج السنة 4/84-85
  23. ^ موقع الحقيقة - قصة غدير خم نسخة محفوظة 17 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ البداية والنهاية 7/225
  25. ^ أ ب ت ث ج حديث الغدير | وبطلان الاحتجاج به على الإمامة | مركز سلف للبحوث والدراسات نسخة محفوظة 2020-10-09 على موقع واي باك مشين.
  26. ^ حديث الغدير كاملا ... حديث من كنت مولاه ... وأقوال أهل السنة حول حديث غدير خم نسخة محفوظة 2020-10-09 على موقع واي باك مشين.
  27. ^ أصل القصة رواها البخاري (4349)، وأحمد (23086)، والبيهقي في الكبرى (6/342).
  28. ^ الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (1/109) لابن حجر الهيتمي الشافعي.
  29. ^ النهاية في غريب الحديث والأثر (5/510)
  30. ^ منهاج السنة 7/229
  31. ^ صحيح البخاري (7268)، صحيح مسلم (3017)
  32. ^ منهاج السنة النبوية 7/ 227
  33. ^ منهاج السنة النبوية 7/ 318.
  34. ^ البداية والنهاية 5/228