الطب اليوناني القديم: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
Raafat (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 1:
[['''الطب عند اليونان]]'''
[[Image:Hippocrates.jpg|thumb|left|The physician [[Hippocrates]] , known as the ''Father of Modern Medicine'']]
 
بقلم الدكتور كمال المويل
 
لقد كان أهم الحوادث في تاريخ العلوم اليونانية في عصر بركليز (القرن الخامس قبل الميلاد) نهضة الطب القائم على العقل لا على الخرافة، ذلك أنّ الطب اليوناني قبل ذلك الوقت كان وثيق الارتباط بالدين إلى حد كبير، وكان كهنة هيكل أسكليبيوس Asclepius لا يزالون يقومون بعلاج المرضى، وكان العلاج في هذا الهيكل يقوم على خليط من الأدوية التجريبية والطقوس الدينية والرُقى السحرية التي تؤثر في خيال المريض وتطلق عقاله، وليس ببعيد أنهم كانوا يلجؤون إلى التنويم المغناطيسي وإلى بعض المخدرات، وكان الطب الدنيوي ينافس الطب الديني ويحاول أن يتغلب عليه، وكان أنصار هذا وذاك يعزون منشأ علمهم إلى أسكليبيوس، ولكن الأسكليبيوسيين غير الدينيين كانوا يرفضون الاستعانة بالدين في عملهم، ولا يدَّعون أنهم يعالجون المرضى بالمعجزات، وقد أفلحوا شيئا فشيئا في إقامة الطب على قواعد العقل.
سطر 13:
وكان أكبر رجال الطب في نيدس هو أوريفرون Euryphron، الذي كتب في الطب خلاصة موجزة تُعرف باسم الجمل النيدية، وقال عن التهاب البلورا إنه مرض في الرئتين، وإنّ الإمساك منشأ الكثير من الأمراض، وذاع صيته لنجاحه في عمليات التوليد، وقامت حرب مشؤومة بيم مدرستي كوس ونيدس لأنّ النيديين لم يكونوا يحبون ولع أبوقراط في أن يقوم التشخيص على معرفة طبائع الأمراض، ومن ثم أصروا على وجوب العناية بتصنيف الأمراض كلها تصنيفا دقيقا، وعلاج كل مرض منها بطريقته الخاصة،وتسرب في نهاية الأمر الكثير من الكتابات النيدية إلى المجموعة الطبية الأبوقراطية.
 
ويبدو ==أبوقراط أعظم أطباء زمانه بلا منازع:==
 
وقد ولد في مدينة كوس في السنة التي ولد فيها ديموقريطس (464ق.م)، وأصبح الرجلان صديقين حميمين بالرغم من بعد موطنهما، ولربما كان "للفيلسوف الضاحك" نصيب في توجيه الطب وجهة دنيوية، وكان أبوقراط ابن طبيب، ونشأ ومارس صناعة الطب بين آلاف المرضى والسُّياح الذين وفدوا على كوس لأخذ الماء من عيونها الساخنة، ووضع له معلمه هيرودكس السلمبري Herodicus الأساس الذي بنى عليه فنَّه بتعويده الاعتماد على نظام التغذية وعلى الرياضة الجسمية أكثر من اعتماده على الأدوية، وذاعت شهرة أبوقراط حتى كان من بين مرضاه بيركديكاس ملك مقدونية، وأردشير الأول ملك الفرس، وفي عام (430ق.م) استدعته أثينا ليحاول وقف انتشار الطاعون فيها، ومات أبوقراط في الثالثة والثمانين من عمره.
سطر 35:
ويتضح من هذه الفقرات وغيرها أنّ الطب اليوناني في عهد أبوقراط قد تقدم تقدما ملحوظا من الناحيتين الفنية والاجتماعية، فقد كان الأطباء اليونان قبل أبوقراط ينتقلون من مدينة إلى أخرى كلما دعتهم الحاجة إلى هذا الانتقال، أما في عهده فقد استقروا في مدنهم وافتتحوا مكاتب وأماكن للعلاج Iatreia يعالجون فيها المرضى تارة ويعالجونهم في منازلهم تارة أخرى، وكثرت عندهم الطبيبات، وكن يُستخدمن عادة في علاج أمراض النساء، وقد كتب بعضهن رسائل في العناية بالجلد والشعر تعد حجة في موضوعاتها، ولم تكن الدولة تحتم على من يريد ممارسة الطب أن يُقدم امتحانا عاما ولكنها كانت تطلب إليه أن يقدم أدلة مقنعة على أنه قد تمرَّن أو تتلمذ على طبيب مُعترَف به، ووقفت حكومات المدن بين الطب المؤمم والطب الخاص باستخدام أطباء للعناية بالصحة العامة ولعلاج الفقراء، وكان أكبر أطباء الدولة هؤلاء، أمثال ديموسيدز Democedes، يتقاضون وزنتين في العام، أي: ما قيمته (12000 ريال أمريكي)، وكان عندهم بطبيعة الحال دجالون كثيرون، كما كان عندهم عدد لا يُحصى من الهواة الذين يدَّعون العلم بكل شيء في الطب، وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان، ولقد قاست المهنة في تلك الأيام كما تُقاسي في كل جيل من الأجيال، الأمرَّين من أعمال أقلية فيها خربة الذمة، عاجزة عن القيام بواجبها، وثأر اليونانيون لأنفسهم كما ثأر غيرهم من الأمم، من عدم وثوقهم بأطبائهم بما كالوه لهم من السخرية والفكاهة اللاذعة.
 
==قَسَم أبوقراط:==
 
لقد رفع أبوقراط من شأن المهنة بتأكيده على الأخلاق في الطب، ذلك أنه لم يكن طبيبا فحسب بل كان طبيبا ومدرسا للطب في نفس الوقت، وربما كان القَسَم الشهير الذي يُعزى إليه قد وُضع لضمان ولاء طالب الطب لأستاذه، ويقال: إنّ القسم من وضع المدرسة الأبوقراطية لا من وضع أبوقراط نفسه، ونص القَسَم هو:
سطر 43:
ويضيف أبوقراط إلى هذا أنّ من واجب الطبيب أن يحتفظ بحسن مظهره الخارجي، وأن ينظف جسمه، ويتأنق في ملبسه، ويجب عليه أن يكون هادئا على الدوام، وأن يكون سلوكه بحيث يبعث الثقة والاطمئنان في نفس المريض، ويجب عليه أن يعتني بمراقبة نفسه، وأن لا يقول إلا ما هو ضروري، ثم يضيف: ((وإذا ما دخلت غرفة مريض فتذكر طريقة جلوسك، وكن متحفظا في كلامك، معتنيا بهندامك، صريحا حاسما في أقوالك، موجزا في حديثك، ولا تنس ما يجب أن تكون عليه أخلاقك وأنت إلى جانب فراش المريض، واضبط أعصابك، وازجر من يقلقك، وكن على استعداد لفعل ما يجب أن يُفعل، وأوصيك أن لا تقسو على أهل المريض، وأن تراعي بعناية أحوال مريضك المالية، وعليك أن تقدِّم خدماتك من غير أجر، وإذا لاحت لك فرصة لتؤدي خدمة لإنسان غريب ضاقت به الحال فقدِّم له معونتك كاملة، ذلك أنه حيث يوجد حب الناس يوجد حب الفن، وإذا أضاف الطبيب إلى هذا دراسة الفلسفة والعمل بها كان هو المثل الأعلى لأبناء مهنته، لأنّ الطبيب الذي يُحب الحكمة لا يقل عن الآلهة في شيء)) (قصة الحضارة). قلت: هذا النص في أخلاق الطبيب وآداب مهنة الطب هو من أقدس ما أنتجه الفكر البشري، وقسم أبوقراط ما يزال معمولا به في سائر المؤسسات الطبية في العالم، ولكن هناك إشكالان كبيران فيه وهما: (الأول) القسم بالآلهة هو من الشرك في الشريعة الإسلامية، ولذلك عمدت الدول الإسلامية إلى استبدال القسم بالآلهة بالقَسَم بالله العظيم. (الثاني) الحفاظ على أسرار المهنة الطبية يتعارض في بعض الأحيان مع القوانين المعمول بها في الدول كافة،وهذا الإشكال غالبا ما يحلّ لصالح القوانين وليس لصالح الحفاظ على سر المهنة وذلك لأنّ صاحب القانون هو الذي يملك السلطة والعقاب، وإني لأرجو أن يكون الحفاظ على سر المهنة مقدَّما على العمل بالقوانين التي توجب التبليغ عن حالات معينة، ومثال ذلك: إنّ بعض الأطباء تم سجنهم لمدد مختلفة بتهمة كتم معلومات حيث عالجوا فارِّين من السلطة ولم يُبلِّغوا عنهم.
 
==ذروة مجد الطب اليوناني (مدرسة الإسكندرية):==
 
بعد عصر سقراط بدأت الثقافة اليونانية تتراجع حتى على الأرض التي ازدهرت عليها وانتقل مركز الثقافة إلى الإسكندرية حيث نشأت مدرسة طبية في عام (300ق.م) تقريبا. وقد أنجبت هذه المدرسة ثلاثة أطباء ذاع صيتهم في أرجاء العالم وهم: تيوفراستوس THEOPHRASTUS أكبر نباتي في العصور القديمة، هيروفيلوس HEROPHILUS أكبر عالم تشريح في العصور القديمة، إيراسيستراتوس ERASISTRATUS أكبر عالم فيزيولوجيا في العصور القديمة.
سطر 54:
 
أولئك هم الرجال الذين جعلوا الإسكندرية في العصر القديم أشبه بفيينا في العصر الحديث، غير أنه كانت توجد أيضا مدارس طبية عظيمة في كل من تراليس وميليتس وإفسوس وبرجوم وتاراس وسرقوسة، وكان للكثير من المدن إدارات طبية بلدية يتقاضى الأطباء العاملون فيها مرتبا وسطا، وكان من أسباب فخرهم أنهم لا يفرِّقون بين الأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد، وأنهم كانوا يهبون أنفسهم لعملهم في أي وقت مهما يكن الخطر المحدق بهم، فقد ذهب أبلونيوس الملطي ليكافح الطاعون في الجزائر القريبة من موطنه من دون أن ينال على ذلك أجرا، ولما فتك المرض بجميع أطباء كوس بعد أن بذلوا كل ما يستطيعون من الجهد لمقاومته أقبل غيرهم من أطباء المدن المجاورة لإنقاذهم، وما أكثر القرارات العامة التي أصدرها الحكام للإشادة بذكر الأطباء في ذلك العصر والاعتراف بفضلهم، ومع أنّ الكثير من القدماء كانوا يسخرون من عجز الأطباء المأجورين فإنّ هذه المهنة العظمى قد احتفظت بذلك المستوى الأخلاقي الرفيع الذي ورثته عن أبوقراط والذي كانت تعده أفخر تراثه وأثمنه.
 
--[[خاص:مساهمات/197.122.68.212|197.122.68.212]] ([[نقاش المستخدم:197.122.68.212|نقاش]]) 21:40، 23 مارس 2012 (ت ع م)محمود
[[ca:Medicina de l'antiga Grècia]]
[[cs:Starořecké lékařství]]
[[de:Altgriechische Medizin]]
[[es:Medicina en la Antigua Grecia]]
[[fr:Médecine en Grèce antique]]
[[it:Medicina greca]]
[[pt:Medicina da Grécia Antiga]]
[[ro:Medicina Greciei antice]]
[[ru:Медицина Древней Греции]]
[[tr:Antik Yunanistan'da tıp]]