مخترع: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
CipherBot (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي وتنسيق
مسح خرق.....يجب أن نضيف المعلومات في المقالة بمجهودنا وليس بنسخ المعلومات من أماكن أخرى
سطر 4:
على المخترع أن تتوفر فيه ثلاثة عوامل أساسية لإنجاز اختراعه وهي المعرفة، ذلك أنه لابد عليه فهم عملي لكيفية عمل هذا الاختراع. القدرة على معرفة المشكلة، والقدرة الفنية الإبداعية.
 
الاختراع هو ابتكار أداة أو عملية جديدة أو منتج جديد. وقد منحتنا الاختراعات سيطرة هائلة على البيئة ومكنتنا من أن نحيا حياة أفضل وأسهل وأسعد من ذي قبل. فلو لم نتمكن من الاختراع لبقينا رهن ظروف المناخ واليابسة. ولقد مكَّنت الاختراعات، بمشيئة الله تعالى وفضله، بني الإنسان من الاستمرار في البقاء على الرغم من مخاطر البيئة، ومن ثمَّ تمكَّن من تطوير مجتمعٍ متمدِّن.
لقد غَـيَّرت الاختراعات، عبر التاريخ، طريقة عيش النّاس، كما أنها ساعدتهم شيءًا فشيئًا على اختيار المكان الذي يعيشون فيه ونوع العمل الذي يستطيعون عمله. كما ساعدتهم أيضًا في اختيار ما يأكلون ويلبسون، وكيف يلعبون ويرتاحون. فلقد عاش الناس منذ عدة آلاف من السنين على صيد الحيوانات وجمع النباتات البرية، وكانوا يضطرون إلى التنقل من مكان إلى آخر بحثًا عن الطعام. وعند بداية الألف التاسع قبل الميلاد، اكتشفوا أن بمقدورهم أن يزرعوا ما يأكلون وأن يربوا الماشية. ودلهم التوسع في الزراعة على أنهم لم يعودوا مضطرين إلى التجول بحثًا عن القوت، وعلى أن بإمكانهم الاستيطان في القرى للزراعة. ثم جاءت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر الميلادي، وما رافقها من اختراع آلات الغزل والنسيج والمحرك البخاري. وقد أحدثت هذه المخترعات تغييرًا آخر واسعًا في حياة الناس، فاندفعوا أفواجًا إلى المدن ليعملوا في المصانع. وعلى هذا، فإن الحياة العصرية التي نعرفها هذه الأيام وجدت بسبب الاختراعات بالدرجة الأولى.
يختلف الاختراع عن الاكتشاف ولكنهما متصلان، ويرتبط أحدهما بالآخر إلى حد بعيد. فاكتشاف شيء موجود في الطبيعة إنما يحصل حين يشاهد ذلك الشيء أو حين يتم التعرف عليه لأول مرة. أما الاختراع، فهو ابتكار شيء ما لم يكن موجودًا من قبل. فنقول مثلاً: اكتشف الإنسان النار، لكنه اخترع عود الثقاب لإشعال النار، وبالتالي فإن الاختراع هو اتحاد المعرفة بالمهارة مع إعمالهما معًا في مختلف الاكتشافات والمشاهدات.
كانت معظم المخترعات قبل بداية القرن العشرين الميلادي من إبداع مخترعين منفردين يعمل كلٌّ منهم على حدة. وقد كان العديد من هؤلاء المخترعين إما حِرَفيِّين أو ميكانيكيِّين ليس لديهم إلا قدرٌ ضئيل من التعليم، لكنَّ معظم المخترعات هذه الأيام تنتجها فِرَق من المهندسين والعلماء الذين يعملون معًا في المختبرات كفريق عمل واحد تُوجَّه جهوده نحو الاختراع.
ينهل المخترعون من معين المعرفة التي جمعها عبر القرون الفلاسفة (المفكرون) والمراقبون والمخترعون الآخرون والعلماء. وكثيرًا ما يرى المخترع الحاجة إلى اختراع ما ولكن تعوزه المواد والمهارات التكنولوجية لإنجازه. وعلى سبيل المثال فقد أنتج ليوناردوُ دافينشي عدة تصاميم لاختراعات لم يكن ممكنًا أبدًا إنجازها في عصره.
على الرغم من أن معظم الاختراعات قد نفعت الناس، فإن بعضها، مثل أسلحة الحرب، ظلت ضارة. كما أن بعضها الآخر ظل نافعًا وضارًا في آن واحد. فالسيَارة مثلاً أعطتنا وسيلة سريعة ومريحة للتنقل، ولكنها في نفس الوقت أسهمت كثيرًا في تلويث الهواء.
الواقع أن تلوث الهواء ليس إلا إحدى المشاكل العديدة التي يواجهها الناس هذه الأيام. فثمة أعداد كبيرة من المدن مكتظة بالسكان، وإن أكثر من نصف سكان العالم اليوم ليس لديهم الكفاية مما يأكلون. ويقضي مرض القلب وغيره من الأمراض على ملايين لا تحصى من الناس سنويًا. ومن أجل حل هذه المشكلات وغيرها، فإن على الناس أن يعوِّلوا، متوكلين على الله، على قدرتهم على الاختراع.
 
الاختراعات تسهل حياتنا وتجعلها أكثر بهجةً، حيث يُساعدنا بعضها في تقليل حجم العمل المنزلي، وبعضها الآخر يُعين التلاميذ في المدارس، أو يساعد العمال في أداء مختلف المهمات.
لماذا يخترع الناس
يخترع الناس لأسباب عديدة. فبعضهم يأمل في كسب المال من مخترعاتهم، ويخترع آخرون لإشباع فضولهم أو حوافزهم نحو الإبداع. ومع ذلك، فقد ظل الحافز الأعظم للاختراع هو سد حاجات الناس. ويمكن تقسيم هذه الحاجات إلى ثلاث مجموعات: 1- الحاجات الاقتصادية. 2- الحاجات العسكرية 3- الحاجات الاجتماعية. ويجب أن يشبع أي اختراع حاجةً ما في إحدى هذه المجموعات، وإلا فإن الناس سوف تتجاهله. وهناك أعداد كبيرة من الاختراعات لم تدخل مرحلة الاستعمال أبدًا لأنها عجزت عن الوفاء بأي حاجة.
 
إختراعات أعطت الناس الضوء
الإختراعات التي أعطت الناس الضوء: يمكن الدلالة على القدرة البشرية على الإبتكار من خلال الأدوات التي تم تطويرها لإنتاج الضوء الصناعي. فقد اعتمد الناس آلاف السنين على مصباح الزيت وضوء الشمعة. وخلال القرن التاسع عشر الميلادي، اختُرعت مصابيح الغاز ومصابيح الكيروسين (البرافين) لإنتاج الضوء الصناعي. أما في هذه الأيام، فإنَّ الأقطار الصناعية تعتمد بصورة شبه كلية على المصابيح المتوهجة ومصابيح النيون والمصابيح العالية القدرة تجعل الفضاء ساطعًا بما يكفي للعب كرة القاعدة (البيسبول) ليلاً.
الحاجات الاقتصادية. لقد أفضت الحاجة الاقتصادية إلى معظم الاختراعات. ولا تشمل هذه الاختراعات الآلاف من الأدوات والآلات المستعملة في الزراعة وفي العمل وفي الصناعة فحسب، بل تشمل كذلك أنواعًا عديدة من العمليات والمنتجات.
والاختراع الاقتصادي الناجح يوجد حاجة لمزيد من الاختراعات والمثال على ذلك الفيض من الاختراعات التي أحدثت ثورة في صناعة المنسوجات البريطانية في القرن الثامن عشر الميلادي.
في عام 1733م اخترع صانع الساعات الإنجليزي جون كاي آلة نسيج سميت الوشيعة الطائرة. ولقد مكنت الوشيعة الطائرة النساجين من إنتاج القماش بسرعة تفوق كثيرًا السرعة التي يمدهم بها الغزالون بالخيوط، الأمر الذي دفع صانعي النسيج إلى البحث عن المزيد من الغزالين أو الإسراع في عملية الغزل.
في الستينيات والسبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي أنتج ثلاثة مخترعين إنجليز هم: جيمس هارجريفز، والسير ريتشارد آركرايت، وصمويل كرومبتون سلسلة من الاختراعات مكَّنت العمال من غزل الخيوط بسرعة أكبر. فتوافرت فجأة الخيوط لصانعي النسيج بكميات أكثر مما لديهم من نساجين وآلات نسيج لصناعة القماش. ثم توصل مخترع إنجليزي آخر في أواسط الثمانينيات من القرن الثامن عشر الميلادي هو إدموند كارترايت إلى اختراع نول يُدار بقوة البخار. وكانت هذه الآلة تنسج القماش بسرعة فائقة إلى الحد الذي مكّن النسَّاجين من مجاراة الكميات الكبيرة من الخيوط التي تغزلها آلات الغزل.
لقد مكَّنت الآلات الجديدة للغزل والنسيج صانعي المنسوجات من إنتاج كميات كبيرة من القماش القطنيّ بتكاليف أقل. ونتيجة لذلك، تمكنوا من بيع القماش بأسعار مخفضة، الأمر الذي أنشأ سوقًا جديدًا واسعًا له. وبالتالي، ازداد الطلب على القطن الخام، مما أنشأ مشكلة جديدة، فالقطن الخام يحتوي على بذور لابد من نزعها من قبل أن يغدو ممكنًا استعماله في آلات الغزل. وكان العمال ينزعون هذه البذور بأيديهم، وهي عملية بطيئة لم يكن بمقدورها مجاراة حجم الطلب على القطن. وفي عام 1793م، تمكّن المخترع الأمريكيّ إلي ويتني من صناعة محلاج القطن، وكان بوسع هذه الآلة نزع البذور من القطن بسرعة تعادل سرعة خمسين عاملاً يعملون بأيديهم. لقد مكَّن محلاج القطن من الوفاء بمتطلَّبات آلات الغزل والنسيج من مادة القطن.
الحاجات العسكرية. لقد ظلت الحرب والأخطار المنذرة بها تحفز إلى الاختراع على الدوام. فالأمة التي في حالة حرب تشجَع مخترعيها ومهندسيها وعلماءها على إيجاد أسلحة جديدة تكون أكثر تدميرًا مما لدى أعدائها. كما أدت الحرب أيضًا إلى اختراعات عديدة كان لها منافع وافرة وقت السلم.
أكدت الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م) أهمية البحث العلمي والاختراع أكثر من أية حرب أخرى. وقد أنتجت هذه الحرب أسلحة أكثر تدميرًا مما عُرف في أي حروب أخرى في أي وقت من الأوقات، مثل القنبلة الذرية. وعلى الرغم من ذلك، برزت نتيجة هذه الحرب مخترعات عديدة أفادت الناس بصورة كبيرة. فالطاقة الذرية، التي استعملت لأول مرة في القنبلة الذرية، تمد الصناعة الآن بالقوة المحركة. وقد حفزت هذه الحرب اختراع الرادار، وهو اختراع يؤدي دورًا مهمًا هذه الأيام في الطيران التجاري وفي التكهن بأحوال الطقس.
الحاجات الاجتماعية. أدّت حاجات المجتمعات إلى آلاف الاختراعات والاكتشافات التي خفَّفت الكثير من الأخطار على الصحة فأطالت عمر الإنسان بمشيئة الله تعالى. والبعض الآخر منها أيضًا جعل الحياة أسهل وأكثر راحة.
ساعد العديد من المخترعات الناس في مقاومة الأمراض ومعالجتها، فمنها ما مكَّن الأطباء من تشخيص الأمراض، ومنها ما ساعد على اكتشاف عقاقير وتقنيات جديدة لمعالجة الأمراض. فلم يكن بمقدور العلماء أبدًا أن يحققوا خطوات إلى الأمام ذات شأن في الكفاح ضد الأمراض المعدية من غير المجهر المركب. فقد اخترع صانع الأدوات البصرية الهولندي زاكريس جانسن المجهر المركب عام 1590م. وفي عام 1853م اخترع الطبيب الفرنسي شارل برافاز المحقنة تحت الجلدية التي تمكّن الأطباء من إدخال الأدوية بسهولة تحت الجلد. وفي أواسط القرن العشرين، طور الطبيبان الأمريكيان جوناس سالك وألبرت بروس سابين لقاحات تساعد في منع الإصابة بشلل الأطفال.
تشمل المخترعات التي تجعل الحياة أسهل وأكثر راحة العديد من الأجهزة والمنجزات المتوفرة في منازلنا. فالمكنسة الكهربائية التي نال براءة اختراعها بضعة مخترعين هي واحدة بين عدد كبير من الأدوات التي تقلل من حجم الأعباء المنزلية. وجعلت الأطعمة التجارية المجمدة تنظيم وإعداد الوجبات الغذائية مهمة أسهل. وقد طوَّر المخترع الأمريكي كليرنس بيردزآي عملية حفظ الأغذية بالتجميد السريع في العشرينيات من هذا القرن.
عملية الاختراع
أنتج الناس ملايين المخترعات النافعة من أيسر الأدوات في عصور ما قبل التاريخ إلى أكثر الآلات العصرية تعقيدًا، إلا أن جميع هذه المخترعات نشأت عما يمكن تسميته العملية الابتكارية. وفي عملية الاختراع، يدرك المخترع بادئ ذي بدء الحاجة إلى اختراع معيَّن. ثم يجمع بين المعرفة والمهارة مستعملاً المواد المناسبة لابتكار اختراع نافع.
وقد ظلت معظم المخترعات حتى القرن العشرين من إنتاج مخترعين أفراد كانوا يعملون، كلٌّ على حدة، معتمدين بشكل واسع على معرفتهم ومهاراتهم الشخصية. ولكن حل محل المخترع المنفرد هذه الأيام، على نطاق واسع، مجموعات من العلماء الفنيين الذي يعملون معًا في مختبرات حكومية أو صناعية أو جامعية للبحوث العلمية. ومن خلال الإسهام المشترك بقدراتهم بدلاً من العمل على انفراد، فإنَّ هؤلاء الكيميائيين والمهندسين وغيرهم من الاختصاصيين يزيدون من فرص ابتكار مخترعات نافعة.
هناك مثل قديم يقول: الحاجة أم الاختراع؛ فالحاجة مثلاً إلى الاتصالات السريعة عبر مسافات طويلة، وُجدت قبل اختراع الراديو والمبرقة والبرق والهاتف بوقت طويل. كما أننا لا نزال نفتقر إلى العلاج الشافي من الزكام أو من أمراض عديدة أخرى. غير أن المخترع لا يمكنه أن يبتكر اختراعًا بمجرد إدراك أن الناس في حاجة إليه. فلابد أن تتوفر للمخترع الناجح علاوةً على ما تقدم، ثلاثة عوامل مهمة لإنجاز الاختراع: 1- المعرفة 2-القدرة الفنية 3- البصيرة الإبداعية.
المعرفة. من أجل ابتكار اختراع ما، لابد أن يتوفر للمخترع فهم عملي لكيفية عمل هذا الاختراع. فالقوس والسهم يُعدان من أقدم وأهم المخترعات، ولابد أن الشخص الذي اخترعهما في عصور ما قبل التاريخ كان يعرف أن غصن الشجرة يمكن ثنيه ليصبح قوسًا. وعليه كذلك أن يفهم إمكانية إطلاق السهم إذا شد إلى الوراء خيطًا مربوطًا إلى كلٍّ من طرفي الغصن.
القدرة الفنيَّة. تعني القدرة الفنية المواد والأجزاء والعُدة التي يجب توافرها لدى المخترع ليبتكر اختراعًا ما. ولقد كان للمخترعين على مدى التاريخ مفاهيم الاختراع، لكن كانت تعوزهم القدرة الفنية لتحويل مفاهيمهم عن الاختراع إلى واقعٍ محسوس. فمثلاً أراد كثير من المخترعين بناء آلة تطير قبل بداية القرن العشرين بكثير، لكنهم افتقروا إلى محرِّك أساسيٍّ عالي القدرة يكفي لجعل آلتهم تطير، ويظل مع ذلك صغير الحجم كي يكون عمليًا. ولم يتم الوصول إلى هذا المحرك، محرك البنزين إلا أواخر القرن التاسع عشر حين ساعد تطوير المحرك المخترعَيْن الأمريكيين الأخوين أورفيل وويلبر رايت على بناء الطائرة الأولى الناجحة عام 1903م.
البصيرة الإبداعية. تساعد البصيرة الإبداعية المخترع على الوصول إلى الفكرة التي تدمج معرفته وقدرته التقنية على نحو يتفتَّق عن اختراع. وفي معظم المحاولات، يدرك المخترع هذه الفكرة بعد مدة طويلة من التجربة والخطأ. وقد تتكشف هذه الفكرة للمخترع بمحض المصادفة أحيانًا.
إن المحاولة والخطأ لا تعني ببساطة نهجًا يُصيب حينًا ويخطئ حينًا. ذلك أنه يتعين على المخترع أن يحدِّد المعضلة بدقة، ثم عليه أن يجري تجاربه بصبر باستعمال تصاميم أو مواد مختلفة حتى يعثر من بينها على الحل للمعضلة، فمثلاً كان المخترعان الأخوان رايت يعرفان أنهما بحاجة إلى أجنحة مشكلة على وجه خاص من شأنه أن يُساعد على رفع الطائرة من الأرض وأن يبقيها في الهواء، ولقد جرب الأخوان أشكالاً عديدة قبل أن يجدا الشكل الذي أتاح قدرة كافية لرفع الطائرة.
قد يعثر المخترع مصادفة، بعد سنوات من التجارب غير الناجحة، على الفكرة الهادية التي تؤدي إلى الاختراع. فقد حاول المخترع الأمريكي تشارلز جوديير مدة خمس سنوات أن يجد طريقة لجعل المطاط مُنتجًا نافعًا. كان يريد مطَّاطًا لا ينصهر عند درجات الحرارة المرتفعة ولا يصبح قَصِفًا صلبًا في درجات الحرارة المنخفضة. لذا، فقد أجرى جوديير عدة معالجات على الصمغ المطاطي، وهو الاسم الذي أطلقه على المطاط لكن أيّا منها لم ينجح.
في إحدى ليالي الشتاء من عام 1839م، كان جوديير يتكلم مع أخيه في المنزل، وكان يحمل في يده قطعة من المطاط رشَّ عليها كبريتًا، وبمحض المصادفة أسقط قطعة المطاط على موقد متوهج بالحرارة. فإذا به يفاجأ، فبدلاً من أن تنصهر قطعة المطاط فإذا هي قد تفلطحت لتصبح قرصًا صغيرًا. وقد وجد أنَّ قطعة المطاط، بعد رفعها عن الموقد، لا تزال قابلة للانثناء وعالية المقاومة. ثم علق جوديير القرص على عضادة الباب طوال الليل في الشتاء البارد. وفي الصباح التالي، كان القرص لا يزال محتفظًا بخاصيته المطاطية، وهكذا يكون جوديير قد اخترع، بمحض المصادفة الفلكنة، أي عملية تسخين المطاط المُعالج بالكبريت لإكسابه خواص: المرونة والصلابة والمقاومة معًا.
في جميع الحالات التي جاءت فيها المخترعات مصادفةً تقريبًا، فإن المخترعين كانوا اختصاصيين على درجة عالية من التمرس. فقد كانوا يواصلون العمل في اختراعهم لمدة طويلة كما كانوا منتبهين إلى معضلاته. لقد كان لدى جوديير من التفكير البارع والتجربة ما عرّفه أن المصادفة قد منحته الفكرة الهادية التي حلت له معضلته.
 
مختبرات البحوث
 
مختبرات البحوث، تتضافر جهود العلماء والمهندسين في مختبرات البحوث لإنتاج المخترعات. وترعى هذه المختبرات إما الحكومات أو الجامعات أو القطاع الصناعي الخاص.
لا يمكن أن يتوافر لدى أي مخترع منفرد جميع المعارف العلمية والتقنية المتوافرة لفريق مختبر بحوث، فإن تيسر هذا القدر من المعرفة، فإن من شأنه أن يزيد كثيرًا من قدرة كل عضو في الفريق على الاختراع. وفضلاً عن ذلك، فإنَّ مختبرات البحوث تتيح للمخترعين تجهيزات معقدة لا يقدر على شرائها إلا القليل من الناس بوصفهم أفرادًا.
إن جهاز الترانزستور واحد من أهم الأجهزة الإلكترونية التي تم اختراعها في أي زمان، وهو مثال على الكيفية التي تعمل بها مختبرات البحوث. ففي أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين كانت مجموعة بل للهاتف، التي تشغِّل معظم الهواتف في الولايات المتحدة الأمريكية تتوقع زيادةً في استعمال الهواتف. ولهذا، فقد طلبت المجموعة من هيئة البحوث المرتبطة معها، وهي مختبرات هواتف بل، أن تبحث عن طريقة تُعالج بها معضلة الزيادة المتوقعة. وتم إسناد هذه المهمّة إلى العلماء والمهندسين في مختبرات بِلْ في مَري هِلْ بولاية نيوجيرسي. فقرر هؤلاء بأن حلَّ المعضلة يكمن في ابتكار أداة من شأنها أن تحسن عمل تجهيزات وصل وقطع دوائر الهاتف. وقد ساعدت هذه التجهيزات في التحكم في عدد الاتصالات التي يمكن إجراؤها في وقت واحد.
كان الصّمام الثرميوني جزءًا حاسمًا من تجهيزات فتح وإغلاق دوائر الهاتف في ذلك الوقت، لهذا قرَّر العاملون في مختبرات بل أن يحاولوا ابتكار أداة أكثر كفاءة من هذا الصّمام. وكان علماء شركة بل يعرفون المعادلات الرياضية ومبادئ الفيزياء المتعلقة بالمعضلة، وقد أدرك مهندسو شركة بل نوعية المواد التي يمكن استعمالها لصنع الأداة المطلوبة. ومن خلال تجميع ما لديهم من معارف، اخترع هؤلاء الاختصاصيون في عام 1947م الترانزستور الذي هو أخف وأصغر وأمتن من الصمام، وهو كذلك يبدأ بالعمل في اللحظة التي يُدار فيها، ويحتاج أثناء عمله إلى قدرةٍ كهربائية أقل بكثير مما يتطلَّبه الصمام.
 
تاريخ الاختراعات
 
الإختراعات الهامة في التاريخ
عصور ما قبل التاريخ. لقد ظهرت أوائل المخترعات خلال العصر الحجري القديم الذي امتد منذ ما يقرب من مليوني سنة قبل الميلاد وحتى حوالي عام 8000 ق.م. وقد اكتشف الناس في ذلك العصر أن بوسعهم أن يصنعوا فؤوسًا وأزاميل ومعدات أخرى من خلال تشظية العظام والصّوّان والقرون والعاج والحجارة وتحويلها إلى رقائق بالشكل المرغوب، كما أنهم اخترعوا القوس والسهم والرمح. ولقد ساعدت هذه الأسلحة أولئك الناس البدائيين في اصطياد الحيوانات البرية قوتًا لهم بطريقة أكثر فعالية. وكذلك، فقد اكتشف الناس في العصر الحجري أن بوسعهم أن يشعلوا النار من خلال قَدْح الصّوّان بخام المعدن.
بحلول أواخر العصر الحجري، كان الناس قد تعلَّموا كيف يزرعون المحاصيل، فقد اخترعوا المعزْقة والمنْجل ومعدات أخرى لزراعة محاصيل أجود، وللمساعدة في حصادها. وقد دلَّ تطوير الزراعة على أن الناس لم يعودوا مضطرين إلى الانتقال من مكان إلى آخر بحثًا عن قوتهم حيث أخذ المزارعون البدائيون يستوطنون في القرى التي أصبحت فيما بعد سلفًا لأوليات المدن.
كان الناس في عصور ما قبل التاريخ يصطادون الحيوانات ويستعملون جلودها لباسًا. غير أن المزارعين البدائيين صاروا بعد ذلك بحاجة إلى مصدر آخر للباسهم، نظرًا لأنَّ صيد الحيوانات لاستخدامها طعامًا قد تضاءل عندهم. ولهذا، فقد اخترع الناس المنسوجات. ومن أجل صنع المنسوجات تم اختراع أدوات الغزل لإنتاج خيوط من ألياف الحيوان والنبات، كما اختُرع نولٌ ينسج الخيوط قماشًا.
لا أحد يعلم متى استطاع الناس صناعة أشياء من المواد الفلزية لأول مرة. ويعتقد العلماء أنَّ الناس في العصر النيوليتي (العصر الحجري الحديث) كانوا يطرقون تلك الخامات المعدنية لفلزات النحاس والذهب والفضة ويشكلون منها حُليًا. وقد تعلم الناس منذ عام 3500 ق.م. أنه من الممكن صهر فلزي القصدير والنحاس ثم مزجهما معًا لإنتاج البرونز، وهو مادة فلزية أقوى وأمتن من كلٍّ من العنصرين بمفرده. أما العجلة، وهي أحد أكثر المخترعات أهمية، فقد ظهرت للوجود حوالي عام 3500 ق.م.، وكان الناس قبل اختراعها يحملون أثقالهم على ظهورهم أو يجرونها على مزالج ثقيلة، كما أنهم كانوا يستعملون العربات الصغيرة التي بدورها مكَّنت الناس من تحريك البضائع بسهولةٍ أكثر، ومن نقل أحمالٍ أضخم مما عرفوه في أيّ وقت مضى.
الحضارات الأولى. لقد تطورت الحضارات الأولى فيما بين عامي 3500 و3100 ق.م وذلك في أودية الأنهار، فيما بين نهري دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين، وفي وادي نهر النيل بمصر. وقد تأسست هذه الحضارات على الزراعة. وترجع نشأة الحضارات الأولى في أودية الأنهار إلى خصوبة الأرض، إذ كانت الأنهار تفيض سنويًا مرسِّبةً معها كميات كبيرة من التربة الخصيبة في الأودية. لقد اخترع سكان هذه الأودية أنظمة القنوات والخنادق والحُفر للتحكم في اتجاه جريان الماء أثناء الفيضانات، كما أنهم تحكَّموا من خلال هذه الأنظمة في عملية صرف مياه الفيضان وإعادتها إلى مجاري الأنهار.
لعل الاختراع الأكثر أهميةً لتلك الحضارات الممعنة في القدم هو الكتابة. فقد طور السومريون، الذين عاشوا في الجزء الجنوبي من بلاد ما بين النهرين أول نظام للكتابة. ويعتقد المؤرخون أنَّ السومريين اخترعوا هذا النظام حوالي عام 3500 ق.م. وقد جعل اختراع الكتابة الناس غير مضطرين إلى استخدام الذاكرة في المعارف كلها. فقد صار بوسعهم أن يدوِّنوا المفاهيم والمعلومات كي يستعملوها في وقت لاحق. وكذلك تمكنوا لأول مرة من الاتصال بعضهم ببعض عبر مسافات طويلة، وذلك من خلال نقل ما يكتبونه من مكان إلى آخر، وعلاوة على ذلك، فإن الكتابة قد حفظت المفاهيم والمعارف للأجيال المقبلة.
بلاد اليونان القديمة. لقد قامت حضارة مزدهرة في بلاد اليونان بحلول القرن السادس قبل الميلاد على وجه التقريب. وأفضل ما عُرف عن الإغريق القدماء مآثرهم في الفنون والفلسفة والعلوم، غير أنهم أنتجوا كذلك العديد من المخترعات. وكان من بين المخترعين الإغريق الأكثر أهمية، ستيسيبيوس وأرخميدس وهيرو.
عاش ستيسيبيوس في القرن الثالث قبل الميلاد في الإسكندرية بمصر، وقد كانت آنذاك مركزًا للتعليم الإغريقي والثقافة الإغريقية. صنع ستيسيبيوس أول مضخة كانت تتكون من أسطوانة بداخلها كبَّاس، فكلما جرى تحريك الكباس إلى أعلى وإلى أسفل أحدث ذلك ضغطًا يمكن استعماله في ضخ الماء.
عاش أرخميدس في القرن الثالث قبل الميلاد. في سيراقوسة، وهي مدينة إغريقية تقع في صقلية. ومع أنه الأكثر شهرةً باكتشافاته الرياضية المهمة، فإنه أنتج العديد من المخترعات. وقد كان شادوف أرخيميدس الذي جرى تصميمه لرفع الماء من مستوىً منخفض إلى مستوىً آخر أعلى منه، أكثر مخترعاته ذيوعًا. وقد استعمل شادوف أرخيميدس في مصر القديمة في وادي النيل. وكانت هذه الأداة تتألف من شادوف مثبت بإحكام داخل أسطوانة مفتوحة الطرفين. فيوضع الطرف الأدنى من الأداة داخل الماء بينما يزوَّد طرف الأداة العلوي بمقبضٍ متصل بالشادوف، وعند تدوير المقبض يرتفع الماء إلى أعلى من خلال أسنان الشادوف ليخرج من الطرف العلوي.
أما هيرو، فقد عاش خلال القرن الأول الميلادي في الإسكندرية. ومن أكثر مخترعاته أهمية المكبس اللولبي. والمكبس اللولبي أداة لاستخراج العصارة من العنب لصنع العصائر ولاستخراج الزيت من الزيتون. لم تكن المكابس الأقدم عمرًا توفر سوى ضغط ضئيل، وهكذا كان يتخلف كثير من العصارة داخل الثمرة. ويتكون المكبس اللولبي من عمود مسنن متصل بكتلة الخشب التي تعتصر الثمار. وعند إدارة العمود، يقع ضغط هائل على ثمار العنب أو الزيتون، وبالتالي فإن مكبس هيرو اللولبي صار يعتصر كمية من السائل أكثر بكثير من المكبس الأقدم منه عمرًا.
 
البوصلة المغنطيسية اختُرعت في الصين في القرن الثاني عشر الميلادي. وباستعمال البوصلات تمكن المكتشفون في القرن السادس عشر الميلادي من تعيين الطرق التي كانوا يسلكونها إلى البلاد البعيدة.
الصين. أنتجت الصين العديد من المخترعات المهمة. وقد نقلت العديد من هذه المخترعات إلى أوروبا في وقتٍ مبكر حيث أسهمت هذه المخترعات في توجيه تاريخ العالم الغربي. ففي عام 105م اخترع تساي لن، الموظف في الحكومة الصينية، الورق. كما اخترع الصينيون الخزف الصيني. وتعود النماذج الباقية إلى الآن من الخزف الصيني إلى الفترة من 618م حتى 907م حين كانت أسرة تانْغ تحكم الصين. وعلى الرغم من ذلك، فإن من المعتقد أن الصينيين قد بدأوا صناعة الخزف الصيني قبل ميلاد المسيح عليه السلام. وقد اخترع الصينيون كذلك البوصلة المغنطيسية في وقت ما، خلال حكم أسرة سونج (960 - 1279م). ثم أخذها عنهم العرب وطوروها فانتقلت منهم إلى أوروبا.
في حوالي 1045م، اخترع الطبَّاع الصيني بي شنغ الحروف المطبعية المتحركة، حيث صنع قطعًا منفصلة من الحروف المطبعية لكل حرف أبجدي في اللغة الصينية، إلا أنَّ اختراعه هذا لم ينتقل إلى الغرب لأن الحروف المطبعية المتحركة اخترعت في أوروبا بصورة مستقلة بعد نحو 400 عام من الاختراع الصيني.
 
الاسطرلاب اخترعه المسلمون لتعيين ارتفاعات الأجرام السماوية ومعرفة الوقت، ومن ذلك أوقات الصلوات ومعرفة الجهات الأصلية ومنها تعيين جهة القبلة (القرن العاشر الميلادي).
العرب والمسلمون. يعود الفضل للعرب في اختراع بارود المدافع، وكان مسلمو الأندلس أول من صنع المدافع، ونقلها إلى أوروبا الجنود الذين كانوا يحاربون في صفوف الجيش الأسباني في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. وكان جابر بن حيان أول من حضر حمض الكبريتيك بالتقطير من الشب وأول من اكتشف الصودا الكاوية واستخرج نترات الفضة. كما اخترع الكيميائيون العرب أول ميزان حساس في التجارب المخبرية. واخترع الفارابي آلة القانون الموسيقية. واخترع أحمد بن موسى بن شاكر كثيرًا من المخترعات الميكانيكية كالألعاب والآلات نحو عام 250هـ، 864م، وينسب لعباس بن فرناس فضل اختراع عدد من الآلات الفلكية مثل الحلق وصنع الزجاج من الرمال والحجارة. كما اخترع أبو سعيد عبد الرحمن بن يونس المصري رقاص (بندول) الساعة حوالي عام 390هـ، 1000م، وينسب للبيروني اختراع الجهاز المخروطي وهو أقدم مقياس لتعيين كثافة المواد نحو عام 415هـ، 1024م، واخترع ابن الرزاز الجزري حوالي عام 600 هـ، 1203م، مضخة سحب الماء التي تعد الجد الأقرب للآلة البخارية. ويعود للعرب والمسلمين فضل اختراع كثير من آلات الرصد الفلكي من ذلك اللبنة والحلقة الاعتدالية وذات الأوتار والمشبهة بالناطق وقد اخترعها جميعًا تقي الدين الراصد. كما اخترع أبو إسحاق النقاش الزرقالي (ت 493هـ، 1099م) آلة تشبه الإسطرلاب سميت الزرقالة نسبة له. وفي مجال العلوم الرياضية كان لغياث الدين الكاشي الفضل في اختراع الكسور العشرية نحو عام 800هـ، 1397م.
العصور الوسطى الأوروبية. شهدت العصور الوسطى الأوروبية التي استمرت من القرن الخامس الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي تغييرات هائلة في طريقة العيش في أوروبا. وقد نشأ العديد من هذه التغييرات عن المخترعات في مجالات الزراعة والنقل والحرب.
لقد ساعد اختراع طوق الحصان الصلب في القرن التاسع الميلادي في تقدم كل من الزراعة والنقل. ذلك أن الخيول، قبل هذا الاختراع، كانت تلبس أطقمًا تنطبق على حلقها. فإذا جرَّ الحصان حمله بقوة، فإن الطقم يكاد يقطع عليه نفسه، لكن استعمال الطوق الصلب يحوِّل ثقل الحمل إلى كتفي الحصان، وهكذا فإنه باستعمال الطقم الجديد صار في وسع الحصان أن يجر حملاً أثقل بكثير من ذي قبل.
لقد استفادت عملية النقل المائي من عدة اختراعات في العصور الوسطى. وكان الشراع المثلث الشكل أو الشراع اللاتيني أحد هذه المخترعات وقد ظهر في القرن السادس الميلادي. أما الأشرعة المربعة الشكل التي كانت شائعة الاستعمال في ذلك الوقت فإنها تعمل بصورةٍ جيدةٍ فقط عندما تهب الرياح من خلف السفينة. لكن الأشرعة المثلثة الشكل صارت تعمل بصورة جيدة في الحالتين عندما تبحر السفينة عكس الرياح وعندما تبحر مع الرياح.
وصلت البوصلة المغنطيسية إلى أوروبا من الصين عن طريق العرب خلال القرن الثاني عشر الميلادي. ولقد جعلت البوصلة الملاحة البحرية المضبوطة أمرًا ممكنًا عندما تكون السفينة في منأى عن رؤية اليابسة، وعندما لا يكون الملاح قادرًا على الاستدلال بالنجوم أو بالشمس لتحديد اتجاهه.
ظهرت دفة القائم الكوثلي في القرن الرابع عشر الميلادي، وكانت السفن قبل هذا الاختراع تُوجه بوساطة مجاديف كبيرة قرب كوثلها (مؤخرها). وكانت المجاديف الكبيرة غير مريحة وغير وافية بالغرض. وكثيرًا ما كانت تنكسر أثناء العواصف. فضلاً عن ذلك فإن استعمال مجاديف التوجيه ساعد في أن يجعل حجم السفينة محدودًا، كما زادت المسافة التي تقطعها بعيدًا عن اليابسة. وأمكن استعمال الدفة في توجيه سفن أكبر حجمًا، كما أنها أتاحت للسفن أن تبحر بأمان عبر البحار الهائجة. ولقد ساعد اختراع دفَّة القائم الكَوثلي، مع غيره من المخترعات في حقلي بناء السفن والملاحة، في القيام بالرحلات المهمة التي أدّت إلى اكتشاف العالم الجديد.
والواقع أنَّ أحد أهم مخترعات العصور الوسطى كان الرِّكاب الذي وصل إلى أوروبا من الهند عن طريق الصين. وبإضافة الركاب إلى السَّرْج تمكن الجنود من خوض المعارك فوق ظهور الخيل. أما قبل اختراع الرّكاب، فقد كان الجنود المشاة هم الذين يقومون بمعظم أعمال القتال. وباختراع الرّكاب، صار المحاربون الراكبون، المسمون بالفرسان، هم الذين يقومون بمعظم القتال.
عصر النهضة الأوروبية. بدأ عصر النهضة الأوروبية في القرن الرابع عشر الميلادي ودام حتى القرن السابع عشر الميلادي. وفي خلال هذه الفترة من اليقظة الحضارية في أوروبا، كان عدد المخترعات التي ظهرت أقل مما ظهر أثناء العصور الوسطى الأوروبية. وعلى الرغم من ذلك، فقد أفرز عصر النهضة اثنين من أكثر المخترعات أهمية في التاريخ - البارود والطباعة.
لقد اخترع العرب البارود قبل عصر النهضة الأوروبية بقرون، وقد استخدمه مسلمو الأندلس الذين كانوا كذلك أول من صنع المدافع. وبحلول القرن الثالث عشر، كان استعمال البارود قائمًا في أوروبا. وقد غير البارود طبيعة الحرب؛ ففرسان القرون الوسطى لم يعد بوسعهم الدفاع عن أنفسهم أمام الأسلحة النارية والمدافع التي حلت محل أسلحة قديمة كالقوس والنُشَّاب والرمح. لذا؛ فقد حل محل الفرسان في المعركة سلاح المدفعية والجنود المشاة المسلحون بالأسلحة النارية.
في أواسط القرن الخامس عشر الميلادي، اخترع الألماني جُوهانس جوتنبرج الطباعة كما نعرفها في هذه الأيام، وهي تعتبر مثالاً لكيفية ابتكار اختراع معين من عدة اختراعات قائمة. ذلك لأن كلاً من الحبر والحروف المتحركة والورق والمكبس كانت قد اخترعت قبل عصر جوتنبرج بوقت طويل. لكن جوتنبرج جمع بين هذه المخترعات بطريقة إبداعية كي ينتج الطباعة التي سرعان ما أصبحت الوسيلة الأولى للاتصالات على نطاقٍ واسع. وضعت الطباعة أكبر قدرٍ من المعرفة في متناول أكبر عدد من الناس بطريقة أسرع وبتكلفة أقل عن أي وقت مضى. وبالتالي، فقد ساعدت الطباعة على تطوير الديمقراطيات الحديثة التي تعتمد على وجود مواطنين واسعي الاطلاع كي يشاركوا في الحكومة.
عصر العقل. بدأ عصر العقل في القرن السابع عشر وظل حتى أواخر القرن الثامن عشر. وخلال هذه الفترة، ظهر العديد من المخترعات المهمة، كما ساهمت العلوم بدرجة ملموسة لأول مرة في ابتكار المخترعات، وأنتج بعض العلماء مخترعات معينة. وعلى سبيل المثال، اخترع الفيزيائي الإيطالي جاليليو القطاع المحسِّن وهو أداةٌ لرسم وقياس الزوايا. وكان ثمة علماء آخرون، مثل السير إسحق نيوتن من إنجلترا، قد قدموا المعارف العلمية التي أدّت بدورها إلى اختراعات أخرى فيما بعد. فقد أدت قوانين الحركة لنيوتن، التي نشرها في البرنسِبيا عام (1687م) دورًا مهمًا في اختراع محرِّكات الدفع النفاث ومحركات الدفع الصاروخي الذي تم في القرن العشرين.
لم يكن قطاع جاليليو سوى واحد من عدة أجهزة قياس علمية تم اختراعها في عصر العقل. ففي عام 1608م، اخترع صانع الأدوات البصرية الهولندي هانز ليبرشاي التلسكوب (المقراب)، وفي عام 1643م اخترع الفيزيائي الإيطالي إيفانجليستا تُوريشلي البارومتر (مقياس الضغط الجوي).
يشمل العديد من المخترعات التي ظهرت خلال عصر العقل آلات جديدة وطرقا زراعية خاصة تساعد على زراعة المحاصيل وحصادها. لقد أحدثت هذه المخترعات تغييرًا ضخمًا في الزراعة سُمِّي الثورة الزراعية. ولقد كانت البذّارة أحد هذه المخترعات المهمة التي اخترعها في القرن الثامن عشر الميلادي جثرو تل وهو مزارع إنجليزي. وكان المزارعون، قبل اختراع تل، يزرعون البذور بنثرها على الأرض ويُفْقَدُ في هذه الطريقة الكثير من البذور، أما البذَّارة فقد كانت تُحدث حفرًا في صفوف مستقيمة في التربة ليقوم المزارعون بإلقاء البذور داخلها.
الثورة الصناعية. بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا خلال القرن الثامن عشر الميلادي. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، كانت الثورة الصناعية قد امتدت إلى كلِّ مكان في أوروبا الغربية وإلى الولايات المتحدة الأمريكية. والواقع أن الثورة الصناعية لم تطور الصناعة فقط، بل إنها أحدثت تغييرات هائلةً في الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية.
محرك جيمس واط البخاري أدى دورًا مهمًا في الثورة الصناعية التي حدثت في القرن الثامن عشر الميلادي. وفر المحرك مصدرًا رخيصا وفعالاًا للطاقة لإدارة الآلات.
لقد أسهم العديد من المخترعات المهمة في قيام الثورة الصناعية. ويصف الجزء الخاص بالحاجات الاقتصادية من هذه المقالة بعض المخترعات التي طورت صناعة المنسوجات. ويعتبر المحرك البخاري، الذي طوره الأسكتلندي جيمس واط، هو أهم الآلات التي أنجزت في الثورة الصناعية.
لم يخترع واط المحرك البخاري، فقد كانت المحركات المستعملة قبل عصره رديئة الصنع، كما أنها غير فعالة وذات تكلفة تشغيل عالية. وفي الستينيات من القرن الثامن عشر، اخترع واط محركًا محسنًا. ثم أوجد مخترعون آخرون استعمالات جديدة لمحرك واط الذي غدا بسرعة المصدر الرئيسي للقدرة اللازمة لأعمال النقل والصناعة. وفي عام 1787م، توصل جون فيتش إلى أول سفينةٍ بخارية يمكن تشغيلها عمليًا في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1804م، اخترع ريتشارد تريفيثيك القاطرة البخارية. وفي عام 1839م، اخترع المهندس الأسكتلندي جيْمس نازمث المطرقة البخارية الخاصة بتشكيل الفلزات.
وفي عام 1831م حقَّق الفيزيائيان، مايْكِل فارادي من إنجلترا، وجوزيف هنري من الولايات المتحدة الأمريكية ـ كلّ على حدة ـ اكتشافهما الذي أدى إلى اتخاذ الكهرباء مصدرًا للطاقة. وقد توصَّل كلٌّ من فارادي وهنري إلى أنهما كلما حركا ملفًا من أسلاك النحاس بالقرب من مغنطيس، أو حركا مغنطيسًا بالقرب من ملف من أسلاك النحاس، ولَّدا تيارًا كهربائيًا يسري في السلك. وهكذا، اكتشف المخترعان مبدأ الحث (التأثير) الكهرومغنطيسي. وسرعان ما أدرك المخترعون إمكانية استعمال الكهرباء بطرق عديدة. وفي عام 1832م، اخترع هيبولايت بكسي، وهو صانع أجهزة قياس فرنسي، أول مولد كهربائيّ يعمل بمبدأ الحث. وفي عام 1837م، سجل الفيزيائيان البريطانيان وليم كوك، وتشارلز ويتستون اختراع المبرقة الكهربائية (التلغراف)، ثم تبعهما المخترع الأمريكي صمويل مورس فسجل اختراع مبرقة أخرى عام 1840م.
وقد استمرت الثورة الزراعية أثناء الثورة الصناعية؛ ففي أواخر القرن الثامن عشر اخترع أحد النبلاء الإنجليز، توماس كوك من هولكهام، طريقة جديدة للدورة الزراعية في مزرعته بمقاطعة نورفوك. وقد سُمِّيت طريقته بنظام نورفوُك.
وقد دأب المزارعون منذ العصور الوسطى الأوروبية على ترك ثلث حقولهم بورًا، أي من غير أن تُزرع سنويًا. وقد ترك دأبهم هذا مجالاً للتربة كي تسترد المواد المعدنية التي تمتصها منها المزروعات. واكتشف كوك أنَّ بعض المزروعات، مثل الفصفصة والبرسيم، بوسعها أن تعيد إلى التربة المواد المعدنية، وعلاوة على ذلك فإنَّ مثل هذه المزروعات يمكن أن تُحصد وتستعمل علفًا للحيوانات. وهكذا، فإنه من خلال زراعة المحاصيل المنتجة للعلف في أعقاب زراعة محاصيل الحبوب الاعتيادية استطاع المزارعون أن يجعلوا أرضهم منتجةً كل عام، وأن يحافظوا مع ذلك على محتوى التربة من الأملاح المعدنية. وساعدت زراعة محاصيل العلف على حصول المواشي على تغذية أفضل، الأمر الذي أتاح كميات أكبر وذات نوعية أجود من لحوم البقر والضأن وكذلك الألبان والصوف. ومع هذا كله، فقد أعطت المواشي التي صارت في وضع صحيٍّ أفضل سمادًا أكثر وأجود لتخصيب أراضيهم الزراعية.
أواخر القرن التاسع عشر. حاول عددٌ من المخترعين خلال القرن التاسع عشر تطوير محرِّكات أكثر كفاءة من المحرك البخاريّ. وفي سنة 1860م، صنع المخترع الفرنسي جان جوزيف إتيان لانوار أول محرك احتراق داخليّ عمليّ يعطي قدرة من خلال حرق الوقود داخل أسطوانة مغلقة. وهكذا صار محرك الاحتراق الداخلي أبسط عملاً وأصغر حجمًا وأكثر كفاءة من المحرك البخاريّ الذي كان يحرق الوقود خارج الأسطوانة. وفي عام 1885م، صنع المخترعان الألمانيان كارل بنز، وجوتليب ديملر ـ كلٌّ على حدة ـ محركات احتراقٍ داخليّ تشبه من حيث الأساس محركات البنزين المستعملة في السيارات هذه الأيام. وبالتدريج، حل محرك الاحتراق الداخليّ محل محركات البخار، واستعملت البطاريات الكهربائية لتزويد السيارات الأولى بالقدرة المحركة.
في أواخر القرن التاسع عشر، أدى ظهور عدة اختراعات إلى إحداث ثورة في الاتصالات. ففي عام 1867م، سجل ثلاثة مخترعين أمريكيين، هم كريستوفَر لاثام شولز، وكارلوس جليدين، وصمويل سول براءة اختراع أول آلة كاتبة عملية. وفي عام 1876م، سجل المخترع الأمريكي جراهام بِلْ براءة اختراع الهاتف. وفي عام 1884م، سجل المخترع الألماني المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية أوتمار مرجنتيلر آلة اللينوتيب (آلة الطباعة بالتنضيد السطري)، وهو الاختراع الذي أزال الحاجة إلى تنضيد الحروف باليد، وبالتالي زادت كثيرًا من سرعة طباعة الكتب والمجلات والصحف. وفي عام 1895م، اخترع الإيطاليّ جوليلمو مارْكوني المِبرقة اللاسلكية.
اكتشف الفيزيائي الألماني ويلهلم رونتجن الأشعة السينية في عام 1895م. وقد أدى هذا الاكتشاف إلى اختراع جهاز الأشعة السينية، الذي كان له تأثير كبير في تقنيات الجراحة والصناعة والبحث العلمي.
 
توماس أديسون يعد أشهر المخترعين في التاريخ. والصورة أعلاه تظهره وهو يستمع إلى نسخة بدائية من الحاكي (الفونوغراف) الذي اخترعه عام 1877م.
سجل توماس أَديسون وهو من أشهر المخترعين في التاريخ، أولى براءات اختراعاته، وهو مسجل الصوت، في عام 1869م. وعندما توفي عام 1931م، كان قد حصل على 1,093 براءة اختراع، وأنتج العديد من أهم اختراعاته في الأعوام الأخيرة من القرن التاسع عشر، وقد اشتملت هذه المخترعات على الضوء الكهربائي وآلة نسخ الرسائل وآلة التصوير (الكاميرا) ذات الأفلام مع جهاز العرض والحاكي (الفونوغراف).
بدأت مختبرات البحوث الصناعية في الظهور في الصناعات الكيميائية الألمانية وذلك في نهاية القرن التاسع عشر. وفي عام 1876م وضع أديسون أولى لبنات مختبرات البحث العلمي الأمريكية في مينلو بارك بولاية نيوجيرسي. ولكن هذا المختبر لم يكن قائمًا على أساس فريق البحث العلمي كما حدث بعد ذلك في مختبرات البحوث. ولقد سيطرت عبقرية أديسون على المختبر، فاستأجر واستخدم العلماء والفنيين وذلك لهدف وحيد وهو تطبيق أفكاره وإظهارها للوجود.
أوائل وأواسط القرن العشرين. غدت السيارة وسيلة نقلٍ رئيسية في أوائل هذا القرن، ذلك لأنَّ المخترعات الجديدة جعلت السيارات أسهل تشغيلاً وأكثر أمانًا. ففي عام 1911م، ابتكر المخترع الأمريكي تشارلز فرانكلين كترنج بادئ الحركة الذاتي الكهربائي المسمى (المارش). فقد كان بدء حركة السيارات قبل هذا الاختراع يتم بتدوير عمودها يدويًا. وجاء اختراع كترنج ليُمكِّن من بدء تشغيل محرِّك السيارة بوساطة الضغط على أحد الأزرار. وفي عام 1918م، اخترع الأمريكي مالكولم لوكهيد النظام الهيدروليكي للكبح على العجلات الأربع. ولقد ساعد هذا الاختراع سائقي السيارات على إيقاف سياراتهم بأمانٍ أكثر مما كانت تُتيحه أنظمة الكبح من قبل.
كما أنجز الأخوان أورفيل وويلبر رايت رحلات الطيران الناجحة الأولى عام 1903م، وكانت طائرتهما تعمل بمحرك احتراق داخلي، ذلك لأنَّ المحركات النفاثة استعملت لأول مرة في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م). وبحلول الستينيات من القرن العشرين، أصبح استعمال المحرِّكات النفاثة واسعًا في كل من الطيران التجاري والعسكري على السواء. والمخترعون للمحركات النفاثة هم الإنجليزي السيرفرانك ويتل والألمانيان ولي ميسرشميت وهانز فون أوهاين.
أدى تطوير الصمام الأيوني الحراري (الثيرميوني) في أوائل القرن العشرين إلى تأسيس صناعة الإلكترونيات. ففي عام 1904م، اخترع المهندس الكهربائي البريطاني السير جون فليمنج الصمام الثنائي الذي يمكنه أن يكشف عن الإشارات اللاسلكية. وفي عام 1907م، سجل المخترع الأمريكي لي دي. فُورسْت اختراع الصمام الثلاثي، الذي ساعد على تقوية الإشارات اللاسلكية. وقد أحدث المهندسون عقب هذين الاختراعين تحسينات عديدة في صناعة الصمام الإلكتروني الذي أدى دورًا مهمًا ليس فقط في تطوُّر الراديو، ولكن كذلك في تطور الرادار، والهاتف والتلفاز، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. وفي عام 1947م اخترع العلماء والمهندسون والعاملون في مختبرات بِل للهاتف التّرانزستور، وهو نبيطة (أداة) تفضل الصمام بميزات عديدة جعلتها تحل محله في التجهيزات الإلكترونية على نطاق واسع.
أما الطاقة النووية التي تكاد تكون مصدرًا لقدرة غير محددة، فقد تم تطويرها في أواسط القرن العشرين. وقد استعملت الطاقة النووية لأول مرة في الحرب العالمية الثانية. ومنذ تلك الفترة، يجدّ المخترعون والعلماء في إحداث المزيد من الاستعمالات السلمية أو العسكرية للطاقة النووية. ففي عام 1956م، افتتحت بريطانيا أول محطة توليد للكهرباء من القدرة النووية يجري بناؤها في العالم على نطاق واسع. أما الآن، فقد أصبحت محطات توليد الكهرباء تعمل في أقطار عديدة في جميع أنحاء العالم.
لقد شهدت أوائل وأواسط القرن العشرين إنتاج مواد جديدة عديدة. ففي عام 1909م، اخترع الكيميائي الأمريكي ليو بيكلاند أولى الراتينجيات الصناعية (الباكليت) وهي أول أنواع البلاستيك ظهورًا. وفي أواسط هذا القرن، اخترع العلماء الباحثون في المختبرات الألياف الصناعية مثل الترلين والنيلون.
تركز العديد من اختراعات أوائل وأواسط القرن العشرين في حقل الزراعة. فقد طور العلماء أساليب استيلاد جديدة لتحسين الإنتاج الحيواني والنباتي. واخترعت أيضًا آلات جديدة لزراعة عدة أنواع من المحاصيل ولتعهدها ولجنيها. أما الصناعات الكيميائية فقد طورت أسمدة كيميائية صناعية لتخصيب التربة، كما طورت مواد كيميائية أخرى للسيطرة على الحشرات الضارة، وعلى أمراض الحيوان والنبات.
 
الحواسيب. توفر الحواسيب خدمات عديدة لأعمال التجارة وللحكومات وللصناعة. ويظهر في الصورة أعلاه المهندس الأمريكي فانفربُش أمام حاسوب التماثل الذي اخترعه عام 1930م.
وفي أواسط القرن العشرين، جمع عدد من المخترعين بين مفاهيم وأدوات عديدة لإنتاج الحاسوب الإلكتروني. ولقد أصبح الحاسوب واحدًا من أوسع مخترعات القرن العشرين تأثيرًا، نظرًا لأن الحواسيب تعالج المعلومات بسرعة مذهلة، كما تحل المسائل الرياضية المعقدة في ثوان معدودات، وتقوم بعدد ضخم من مختلف الوظائف الأخرى. وتُسْتعمل الحواسيب أيضًا في التجارة والتعليم وأعمال الحكومات والصناعة والعلوم. ويستعمل رواد الفضاء الحواسيب لإبقاء مركباتهم في مسارها. وتستعمل مؤسسات الأعمال الخاصة الحواسيب لإنجاز جداول الرواتب ولطبع الشيكات الخاصة بمدفوعاتها. أما في الصناعات، فإن الحواسيب تُستعمل في ضبط عمليات الآلات الأخرى في نطاق العملية المعروفة في الصناعة بالأوتوماتية (ذاتية الدفع).
في منتصف القرن العشرين طور الباحثون الخلية الشمسية التي تسمى أيضًا الخلية الفولطية الضوئية تولد فيها الطاقة من الشمس. تحول الخلية الفولطية الضوئية ضوء الشمس والإشعاع الشمسي إلى طاقة كهربائية. استطاع المهندسون في مختبرات بل للهاتف استخدام خلية فولطية ضوئية فعالة في عام 1954م ومنذ ذلك التاريخ استخدمت قوة الخلايا الفولطية الضوئية في مختلف الأجهزة الإلكترونية بدءًا بالحاسبات اليدوية الصغيرة إلى الأقمار الصناعية.
 
مخترعات عصر الفضاء جعلت من استكشاف القمر أمرًا مستطاعًا. وطئ رجل الفضاء جيمس ب. إروين سطح القمر عام 1971م في مركبة مطورة (من نوع جديد) تسمى الجوالة القمرية.
التطورات الأخيرة. تطورت تقنية الحاسوب بسرعة في الستينيات من القرن العشرين. وكان أهم التطورات هو اختراع الدائرة المتكاملة، وهي شريحة دقيقة من مادة شبه موصلة، عادة ما تكون السليكون، توضع بداخلها ترانزستورات وأجزاء إلكترونية أخرى. استطاع المهندس الأمريكي جاك كلبي والفيزيائي الأمريكي روبرت نويس اختراع أول دائرة متكاملة في عام 1960م، فتقدمت تقنيات الحاسوب تقدمًا سريعًا في الستينيات من القرن العشرين. وقد ساعد أيضًا في اختراع المعالج الدقيق للحاسوب. أدت التحسينات التي طرأت على المعالج الدقيق والدائرة المتكاملة إلى تقليل أحجام الحواسيب في السبعينيات. في عام 1959م اخترع الفيزيائي الأمريكي ثيودور ميمان أول ليزر. وأصبح اختراع الليزر من أكثر اختراعات القرن العشرين إفادة حيث استخدم في الأقراص (الأسطوانات) المدمجة CD. وبيع أول قرص مدمج في اليابان عام 1982م. تستعمل الأسطوانات المدمجة لحمل التسجيلات الموسيقية وتخزين المعلومات لأجهزة الحاسوب.
أنشأت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) في ستينيات القرن الماضي لخدمة عمليات الجيش الأمريكي. وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991م، تحولت الشبكة إلى خدمة الأغراض المدنية، وأصبح يشارك في إدارتها وتغذيتها وصيانتها كثير من الجامعات والشركات والمؤسسات الخاصة. وتربط هذه الشبكة ملايين الحاسوبات معًا. ويعرف أن نائب الرئيس الأمريكي السابق ألبرت جور كان أول من فكر في استخدام هذه الشبكة على نطاق عالمي. وفي البداية نقلت الشبكة المعلومات والبيانات في شكل نصوص وأرقام. وفي بداية تسعينيات القرن الماضي اخترع خبراء الإنترنت برامج حاسوبية مكنت مستخدمي الشبكة من التجول عبر الشبكة ومشاهدة كل ما فيها بالصورة والصوت والفيديو. وقد سهل هذا التطور الذي عرف باسم الشبكة العالمية العنكبوتية استخدام الإنترنت. أغرت الشبكة العالمية العنكبوتية الملايين من مستخدمي الحاسوب للتجول عبر شبكة الإنترنت.
تحديات المستقبل
 
الحاجة إلى المياه العذبة دفعت المخترعين للتفكير في طرق لتحلية المياه المالحة. في الصورة محطة تحلية مياه البحر في جدة، بالمملكة العربية السعودية، التي أنشئت عام 1390هـ، 1970م وهي تنتج 88,5 مليون جالون في اليوم بالإضافة إلى 840 مي
تواجه قدرة الإنسان على الابتكار اثنين من التحديات أحدهما: كيفية تحسين النمو الاقتصادي للبلدان النامية. أما التحدي الآخر فهو كيفية التعامل مع الآثار الضارة الناتجة عن المخترعات القائمة. وتعتمد نوعية الحياة في المستقبل إلى حد بعيد على المدى الذي سيحسن فيه بنو الإنسان مواجهة هذين التحديين.
يمتلك عدد قليل من الدول في العالم الآن من الصناعات ما يكفي لإتاحة مستوى عال من العيش لمواطنيها، بينما تعاني أكثر شعوب العالم من مستوى معيشي منخفض؛ فإن الشعوب ترغب في توفر السلع التي وفرتها المخترعات وعمليات التصنيع في البلدان الغنية. ويعتقد كثير من هذه الشعوب أنه يجب على الأمم المصنعة أن تساعد في رفع مستوى المعيشة لدى الدول النامية، كما يعتقد هؤلاء أنه إذا ما قصرت البلدان الغنية في ذلك، فإنَّ الهوة ستتسع بين مستويات المعيشة في البلدان المصنّعة والبلدان النامية، الأمر الذي سيؤدي إلى تنامي التوتر بين الأمم الغنية والأمم الفقيرة باستمرار.
وعلى الرغم من ذلك فإنَّ البلدان المصنِّعة لا يمكنها أن تقوم ببساطة بتصدير المخترعات والمهندسين والفنيين إلى البلدان النامية. ولقد أثبتت التجربة أن التقنية الغربية لا يمكن أن تنجح إذا طُبقت لدى حضارات تفتقر إلى أحوال اقتصادية وسياسية واجتماعية معينة، فمثلاً لا يمكن للاختراعات المعقدة أن تكون مؤثرةً في بلد يعاني من اقتصاد زراعي بدائي ومن مستوى منخفض في التعليم. ولهذا، فإنه يتعين على علماء الاقتصاد الغربيين والمخترعين والعلماء والسياسيين والقادة، أن يبحثوا عن طرق لتكييف المهارات الفنية الغربية بما يناسب المناطق النامية.
يعتقد الكثيرون أن تكييف التقنية لمواكبة حاجات وأحوال البلدان النامية يمكن أن يحل بعضًا من مشاكلها. فمثلاً قد يوفّر الاستعمال الابتكاري للتقنية البسيطة، على النقيض من التقنية العالية، مزايا عديدة لتلك البلدان، فالسيارات والشاحنات ومضخات الماء، التي تحوي أجزاء موحَدة القياس غير معقدة التركيب والتي يمكن تفكيكها وتجميعها بسهولة، تظل أكثر نفعًا من مثيلتها ذات التصميمات البالغة التعقيد ولكنها سريعة العطب، تلك التصميمات المستعملة في البلدان المصنعة.
لقد دأب بنو آدم في الماضي على إطلاق العنان لقدراتهم الابتكارية كي تعمل من غير ضوابط. لذا، فإن بعض أكثر مشكلاتنا إلحاحًا قد أحدثته مخترعات سابقة، والسيارات مثال وجيه على ذلك. فقد أضحت السيارة واحدة من أهم وسائل النقل لدينا، لكن دخان العادم المنبعث من السيارات يسبب الكثير من تلوث الهواء. ويعتقد بعض الناس أنه من أجل حل المشاكل التي أحدثتها المخترعات السابقة يجب حظر مثل هذه المخترعات أو الحد منها. فمثلاً يقترح البعض تقييد المكان والزمان الذين يمكن للمرء أن يقود سيارة فيهما. ويعتقد آخرون أن حل مثل هذه المشكلات يكمن في ابتكار اختراعات جديدة يمكنها التخلص من الآثار الخطيرة للمخترعات الحالية. فمثلاً، يرى هؤلاء أنه بدلاً من تقييد استعمال السيارات، يجب علينا أن نخترع محركات وأنواعًا من الوقود من شأنها أن تقلِّل من التلوث الناتج عن عادم السيارات.
إن بني آدم سوف يواصلون الاختراع لسد حاجاتهم ولإشباع فضولهم وحوافزهم نحو الإبداع، ولكنَّ عليهم أن يحاولوا التبصر بالآثار المؤذية التي قد تنتج عن اختراعاتهم وذلك لكي لا تتعرض الأجيال القادمة للأخطار.
 
[[تصنيف:مخترعون]]