ابن عبد الحكم: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
سطر 1:
'''أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم''' ، أبو القاسم ، [[مؤرخ]] من أهل العلم ب[[حديث نبوي|الحديث]]. [[مصر|مصري]] المولد والوفاة ([[187 هـ]]-[[257 هـ]] ). وكان والده يشغل إذ ذاك منصب صاحب المسائل,المسائل، وهي وظيفة لا ينالها إلا العلماء الأمناء. وأسرة ابن عبد الحكم إحدى الأسر العربية التي جاءت إلى [[مصر]] في القرن الأول الهجري ،الهجري، ونزلت في بلدة الحقل بالقرب من العقبة. وفي القرن الثاني الهجريالهجري، انتقل أفراد الأسرة إلى [[الفسطاط]] التي أصبحت بعد [[الفتح الإسلامي لمصر]] عاصمة البلاد.
 
== نشأته ودراسته ==
== سيرته ==
نزلت أسرة ابن عبد الحكم مصر في القرن الأول الهجري في بلدة الحقل قرب [[العقبة]]، ثم انتقلت إلى [[الفسطاط]] عاصمة البلاد. تفقهت أسرته في الدين وتولوا مناصب كبرى في البلاد، وكان لهم أثر في توجيه الأحداث [[سياسة|السياسية]] بمصر، وبسبب ذلك أتيحت لعبد الرحمن فرصة قيمة لدراسة أحوال البلاد وجيرانهم عن كثب في المجال الفكري والسياسي.
 
في عام [[199 هـ]]، زار [[الإمام الشافعي]] مصر ونزل ضيفًا على والده عبد الله بن عبد الحكم. فعاصر في حداثة سنه الحركة الفكرية الدينية التي أحدثها الإمام في مصر. وبعد ذلك، تولى والده رئاسة جماعة [[المالكية]] في مصر، حيث جاء علماء [[الأندلس]] يدرسون على يديه مذهب [[مالك بن أنس]] فتزود عبد الرحمن منهم أخبار الأندلس و[[المغرب العربي]] وسمع منهم أحوال أوطانهم.
لما بلغ عبد الرحمن الثانية عشرة من عمره حضر وصول الإمام [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] إلى مصر سنة 199هـ ، ونزل ضيفا على والده ، وكان أن فتحت هذه المناسبة الأبواب أمام عبد الرحمن لينتفع من الحركة الفكرية والدينية التي أحدثها الإمام في ربوع مصر.
ولم تلبث الأحداث أن فتحت أمام الصبي سبلا أخرى نحو المعرفة ، وذلك حين تولى والده عبد الله رئاسة جماعة [[مالكية|المالكية]] ، إذ جاء علماء [[الأندلس]] يدرسون على يديه مذهب [[مالك بن أنس|مالك]] والتقوا بالتالي في منزل عبد الله أستاذهم بابنه عبد الرحمن ، فتزود منهم بالأخبار وسمع منهم أحوال أوطانهم ، وقد وجد عبد الرحمن في إخوته الكبار ، وكانوا ثلاثة من أفضل علماء مصر وفقهائها ، شيوخا وأساتذة أيضا ، ونال على أيديهم قدرا عظيما من الثقافة والدربة.
 
بالإضافة إلى ذلك، كان أخوة عبد الرحمن الثلاثة الكبار من أفضل العلماء وكانوا شيوخًا وأساتذة أيضًا ونال عبد الرحمن على أيديهم علما ودراية.
ولما كان عبد الرحمن قد أفاد من نشاط أسرته العلمي ومكانته الدينية والسياسية ، فقد ناله ما نالها من أذى ، فقد حدث ، وكان في السابعة والعشرين من عمره ، أن اعترض جماعة من العلماء من أهل مصر على تعيين الخليفة [[أبو العباس عبد الله المأمون|المأمون]] لأخيه [[أبو إسحاق محمد المعتصم بالله|المعتصم]] حاكما على مصر وكتبوا إليه بذلك ، ولما دخل المعتصم مصر أُلقي القبض على نفر من كبار أهل مصر وكان بينهم عبد الله بن عبد الحكم ، فسيق عبد الله إلى [[سجن|السجن]] وبقي فيه إلى حين وفاته سنة 214هـ وقد أثارت هذه الفاجعة في نفس عبد الرحمن أثرا شديدا وجعلته يكره الاشتغال بالسياسة ، ويعكف إلى مجال التاريخ.
 
== الأحداث السياسية ==
== معاناته ==
في [[214 هـ]]، إعترضت جماعة من علماء مصر على تعيين الخليفة [[المأمون]] لأخيه [[المعتصم]] واليًا على مصر وكتبوا إليه بذلك، وألقى القبض على نفر من كبار أهل مصر وكان من بينهم عبد الله بن عبد الحكم فسجن حتى توفي فيه. فكره عبد الرحمن الاشتغال بالسياسة وعكف على التاريخ.
 
في [[227 هـ]]، حين حدثت [[محنة خلق القرآن|أزمة خلق القرآن]] التي آثارها [[المعتزلة]] أيام المأمون، وصلت الأزمة إلى مصر، وعانى منها أخوته الثلاثة الذين كانوا على مذهب [[مالك بن أنس]]؛ وحين ولي المعتصم اشتدت الأزمة في مصر، حيث أرسل المعتصم إلى قاضي مصر محمد بن أبي الليث يأمره بامتحان الناس في القول ب[[محنة خلق القرآن|خلق القرآن]] فشهر بهم ونالهم الأذى ثم قبض عليهم وعبد الرحمن معهم. عقدت محكمة حينها وعرفت الدعوى باسم [[قضية بني عبد الحكم]] بسبب الأحكام القاسية التي نزلت بهم حيث حكم عليهم بغرامة مقدارها 1,404,000 دينار ثم صودرت أموالهم لتحصيل الغرامة وزج بهم جميعًا في السجن حيث مات الأخ الأكبر عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم.
وتتالت المآسي على ابن عبد الحكم فلم يكد يمضي ثلاثة عشر عاما على وفاة أبيه ، حتى حل بإخوته نكبة فظيعة بسبب أزمة خلق [[القرآن الكريم|القرآن]] التي أثارها [[معتزلة|المعتزلة]] أيام الخليفة المأمون العباسي ، واشتدت هذه الأزمة في مصر حين ولي [[أبو إسحاق محمد المعتصم بالله|المعتصم]] بعد [[أبو العباس عبد الله المأمون|المأمون]] فبعث الخليفة الجديد إلى قاضي مصر محمد بن أبي الليث في امتحان الناس في القول بخلق القرآن. ولما كان أخوة عبد الرحمن على [[مالكية|المذهب المالكي]] ، فقد نالهم نصيب من الأذى وشهر بهم.
 
بعد ذلك بثلاثة أشهر، اتضحت براءة الأسرة فأخرجوا من السجن وأعيدت أموالهم، ولكنهم اعتزلوا الحياة العامة.
ثم حدثت الطامة الكبرى حين أرسلت الخلافة عمالها إلى مصر للتحري عن أموال أحد الثائرين عليها ، ويعرف بابن الجروي ، بعد أن ألقت عليه القبض في تلك البلاد ، وكانت الشائعات قد ترامت بأن ابن الجروي قد أخفى قسما كبيرا من أمواله في حرز ابن عبد الحكم ، ولذا أمر الخليفة بالقبض على أفراد الأسرة ومن بينهم المؤرخ عبد الرحمن وعقدت بعد ذلك محكمة لتتولى النظر فيهم ترأسها القاضي ابن أبي الليث الذي شهر بهم من قبل في أثناء [[محنة خلق القرآن]] وقد عرفت هذه الدعوة باسم " قضية بني عبد الحكم " بسبب الأحكام القاسية التي نزلت بهم إذ حكم القاضي على أبناء هذه الأسرة بغرامة مقدارها ( 1.404.000) ، ثم تبع ذلك اتخاذ الإجراءات القضائية لتحصيل تلك الغرامة من حيث مصادرة أموال وممتلكات الأسرة ، وزج بهم في السجن ، حيث مات الأخ الأكبر عبد الحكم.
 
== أعماله ومؤلفاته ==
بعد أشهر ثلاثة من هذه المحاكمة التعسفية ، اتضحت براءة أفراد الأسرة فأمرت الخلافة بإلقاء القبض على القاضي ابن أبي الليث ومحاكمته لأنه لم يتحرّ الحقيقة في حكمه، ثم أمر بالإفراج عن أبناء عبد الحكم وإعادة ممتلكاتهم إليهم. وأثارت الأسرة بعد توالي هذه النكبات العزلة عن الحياة العامة حتى لا تصاب بنكبات ثانية.
صنف عبد الرحمن في التاريخ واهتم بتاريخ مصر حيث ألف كتابًا بعنوان '''فتوح مصر وأخبارها''' وهو أول ما ألف في التاريخ الإسلامي لمصر وتحدث فيه عن تاريخ [[مصر]] قبل الفتح، ثم عن [[فتح مصر]] وأخبارها وذكر قضاتها منذ دخول جيوش المسلمين بقيادة [[عمرو بن العاص]] وحتى عام [[264 هـ]].
 
وأفرد جزء عن فتوح [[المغرب العربي]] و[[أفريقيا|أفريقية]]، لأنه في فترة من الفترات كانت الجيوش العربية الذاهبة إلى الفتح تخرج من مصر بقيادة أمرائها مثل [[عبد الله بن سعد بن أبي السرح]]، لذا فهذا الجزء من تاريخ المغرب العربي يعتبر مكملاً لتاريخ الفتح الإسلامي.
== مؤلفاته ==
 
كان هدف ابن عبد الحكم تجريد الأخبار المتعلقة بمصر وإفرادها بالتأليف. انفرد بين مؤرخي القرن الثالث الهجري بتجنيب المتلقي الغوص في بحر الصفحات العديدة فجمع الروايات التاريخية وصنفها على السنين. وقد ابتكر أيضا طريقة جديدة في معالجة المادة التاريخية، وهو الأمر الذي كان له الأثر العظيم في تدوين التاريخ الإسلامي في البلاد الإسلامية.
كان هدف ابن عبد الحكم تجريد الأخبار المتعلقة بمصر وأفرادها بالتآليف حتى يكون كتابه الحجة التي يرجع إليها المعاصرون له ، ومن يأتي بعدهم من الباحثين في تاريخ مصر. وبالطبع لم تكن مهمته يسيرة لسبب كثرة ما روي في تاريخ مصر سواء عن طريق الرواة أو القصاص أو المخطوطات التي دأب الباحثون على تدوينها طوال النصف الأخير من القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري ، لكن عبد الرحمن عزم على المضي في تدوين التاريخ متسلحا بالصبر والجلادة على العمل لدراسة تاريخ مصر قبل الإسلام ، والفتح الإسلامي لها ، ثم حالها مع جيرانها في ظل الحكم الإسلامي ، وقد انتهى في سرد بعض الحقائق التاريخية إلى سنة 246هـ أي قبل وفاته بعشر سنين.
 
وقد كان كتابه مرجعًا لكل المؤرخين المصريين أو العرب الذين كتبوا عن تاريخ بداية الحكم العربي لمصر مثل [[ابن زولاق]] و[[المسبحي]] و[[القضاعي]] و[[ابن وصيف شاه]] و[[ابن دقماق]] و[[المقريزي]] و[[ابن حجر]] و[[ابن تغري بردي]] و[[السخاوي]] و[[السيوطي]].
انفرد ابن عبد الحكم من بين مؤرخي القرن الثالث الهجري بتجنيب المتلقي الغوص في بحر الصفحات العديدة فجمع الروايات المتعلقة بتاريخ مصر في كتاب أسماه " فتوح مصر " وكان هدفه بيان الدور الذي لعبه المسلمون في نشر الدين الإسلامي في هذه البلاد وما جاورها ، مع ذكر سنة الرواية المتعلقة بالأحداث كافة التي حدثت في تلك السنة. وقد ابتكر أيضا طريقة جديدة في معالجة المادة التاريخية ، وهو الأمر الذي كان له عظيم الأثر في تدوين التاريخ الإسلامي في مصر وغير مصر من البلاد التي دخلها [[إسلام|الإسلام]].
 
قسم ابن عبد الحكمالحكيم موضوع كتابه في تاريخ مصر إلى سبعة أقسام:
* '''القسم الأول''' : في ذكر فضائل مصر وتاريخها القديم على ضوء القصص التي رواها القدماء والمعاصرون من الشخصيات العربية.
 
* '''القسم الثاني''' : ذكر فتح العرب لمصر.
* القسم الأول: في ذكر فضائل مصر وتاريخها القديم على ضوء القصص التي رواها القدماء والمعاصرون من الشخصيات العربية.
* '''القسم الثانيالثالث''' : ذكر فتحالخطط (المدن والأمصار والمعسكرات) التي شيدها العرب لمصرفي مصر.
* '''القسم الرابع''' : ذكر الإدارة العربية في مصر على عهد [[عمرو بن العاص]] وابن أبي السرح.
* القسم الثالث: ذكر الخطط التي شيدها العرب في [[مصر]].
* '''القسم الخامس''' : ذكر كيف أن مصرا صارت على عهدهما قاعدة لنشر الإسلام والحضارة العربية في شمالي [[إفريقية]] و[[الأندلس]] و[[النوبة]].
* القسم الرابع: ذكر الإدارة العربية في مصر على عهد عمرو بن العاص وابن أبي السرح.
* '''القسم السادس''' : ذكر قضاة مصر منذ الفتح الإسلامي إلى سنة [[246 هـ]].
* القسم الخامس: فتوح شمالي إفريقيا والأندلس والنوبة.
* '''القسم السادسالسابع''' : ذكر قضاةالأحاديث مصرالتي منذحفظها الفتحالصحابة الإسلاميالذين جاءوا إلى سنة 246هـ مصر.
* القسم السابع: ذكر الأحاديث التي حفظها الصحابة الذين جاؤوا إلى مصر.
 
وقد غلبت على ابن عبد الحكم روح [[تاريخ|التاريخ]] وهو يروي أحاديث الصحابة ، فأسهب في ذكر الوقائع التي أحاطت بتلك الأحاديث أو المناسبات التي تعلقت بها, كما أشار إلى الأحاديث التي أنفرد بها الصحابة في مصر وعدد كل منها ، واستطاع بذلك أن يدوّن تاريخ مدرسة الصحابة في مصر وأن يحفظ لرجالها الأجلاء ما أسهموا به من نصيب في خدمة الحضارة الإسلامية والدين القويم.*
 
== مصادر ==
 
* موسوعة علماء العرب ، عبد السلام السيد ، الطبعة الأولى 2005م ، الأهلية للنشر والتوزيع.
{{مؤرخو العصر الإسلامي}}