علاء الدين الكاساني: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط ناني بوت: تغييرات تجمييلية
لا ملخص تعديل
سطر 6:
'''ملك العلماء الإمام علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني'''المتوفى [[10 رجب]] [[587 هـ]] = [[9 أغسطس]] [[1191]]. كانت حلب الشهباء خلال تاريخها المديد بلداً ينجب العلماء من أبنائه، وموئلاً للعلماء من أقطار العالم الإسلامي الذين قصدوه زواراً يطلبون العلم والمعرفة، أو للإقامة والاستيطان، يحلون على الرحب والسعة، فقد كان أهل حلب منذ القديم يكرمون الضيف ويحلونه مكانة أعز من أنفسهم، ويحبون العلماء ويحرصون على مجالسهم والاتصال بهم والانتفاع منهم بالعمل والتوجيه والقدوة، وكان علماء حلب يتمتعون بسمعة متميزة بين علماء المسلمين لدأبهم على الدراسة وتمكنهم من ناصية العلم ومتانة إنتاجهم العلمي، ولذا كانت حلب بحق من عواصم الثقافة الإسلامية العريقة في علمائها وشعرائها وكتابها وأدبائها، وتتبين عاصمية حلب جلياً في المؤلفات التي أرخت لحلب ولأعلامها مثل تاريخ حلب للصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم عمر بن أحمد الهواري العُقَيلي الحلبي، المعروف ب[[ابن العديم]] المتوفى سنة [[660 هـ]]= [[1258]]،‏ الذي استقيت منه معظم هذه السيرة، أو في كتب تاريخ العلماء التي رجعت إليها مثل الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن محمد القرشي المتوفى سنة [[775 هـ]] = [[1373]]م، ومثل تاج التراجم في طبقات الحنفية لزين الدين قاسم بن قطلوبغا المتوفى [[879 هـ]] = [[1474]]م.
 
وسيرة الإمام الكاساني تعالى، العلامة والفقيه الكبير الذي عاش في القرن السادس الهجري أو الثاني عشر الميلادي من خير الأمثلة على مكانة حلب من الثقافة الإسلامية وكيف وردها العلماء وطلبة العلم من البلاد الإسلامية البعيدة والقريبة، فهذا الأمام الكبير ولد بكاسان وكانت أسرته تنتمي لدار الإمارة فيها، وكاسان تلفظ كما قال السمعاني في الأنساب بفتح الكاف والسين بينهما الألف والنون في آخرها، وقد يقال لها قاشان أحياناً، وهي بلدة حدد جغرافيو المسلمين موقعها بوراء الشاش أو وراء النهر من بلاد الترك، ووصفوها بأنها قلعة حصينة، وهي اليوم مدينة [[قازان]] Kazan في جنوبي شرق [[أوزبكستان]]، ولا تبعد كثيراً عن مدينة [[بخارى]] التي تقع في شمالها الشرقي والتي أقام بها عالمنا واشتغل فيها بطلب بالعلم على شيخه الإمام علاء الدين محمد بن أبي أحمد السمرقندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل: التحفة في الفقه الحنفي، وشرح التأويلات في تفسير القرآن العظيم، وغيرهما من كتب الأصول، وسمع منه الحديث، ومن غيره وبرع في علمي الأصول والفروع، وزوّجه شيخه السمرقندي بابنته [[ فاطمة الفقيهةبنت محمد السمرقندي ]]لفقيهة العالمة، وقيل إن سبب تزويجه بابنة شيخه أنها كانت من حسان النساء وتفقهت على أبيها وحفظت كتاب التحفة الذي ألفه والدها، وطلب الزواج بها جماعة من ملوك بلاد الروم فامتنع والدها، ولما جاء الكاساني ولزم والدها ودرس على يديه وبرع في علم الأصول والفروع وصنف كتاب البدائع في شرح كتاب شيخه "التحفة"، وعرضه على شيخه فازداد فرحا به وزوجه ابنته وجعل مهرها منه ذلك، فقال الفقهاء في عصره: شرح تحفته وزوجه ابنته، وكان زوجها الكاساني ربما يعرض له شيء من الوهم في الفتيا فترده إلى الصواب وتعرفه وجه الخطأ فيرجع إلى قولها، وكانت تفتي وكان زوجها يحترمها ويكرمها وكانت الفتوى أولا يخرج عليها خطها وخط أبيها فلما تزوجت الكاساني صارت الفتوى تخرج وعليها خط الثلاثة خطها وخط والدها وخط زوجها.
 
تقول كتب التاريخ أنه بعد أن أصبح عالماً يشار إليه بالبنان غادر بخارى مع زوجته إلى "بلاد الروم" وهو اللفظ الذي يطلقه مؤرخو الحقبة المسلمون على مملكة [[السلاجقة]] التي بسطت نفوذها على جزء كبير مما يعرف اليوم بتركيا، ويمت ملوكها بوشائج القربى لقبائل وسط شرق آسيا، وكان ملكها السلطان [[مسعود بن قليج أرسلان]] السلجوقي وعاصمته [[قونية]]، وكانت بينه وبين [[نور الدين زنكي]] في حلب علاقات وثيقة وتعاون مضطرد لطرد الصليبيين من هذه البقاع، ولقي الكاساني من لدنه كل احترام وتقدير لا سيما وهو سليل الإمارة ولا تزال لديه كما يقول [[ابن العديم]] نخوة الإمارة وعزة النفس وكان ـ خلافاً لعادة الفقهاء في ذلك الوقت ـ يركب الحصان إلى أن مات، وله رمح يصحبه في الحضر والسفر.