إبراهيم المويلحي: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
طلا ملخص تعديل
سطر 16:
كان إبراهيم المويحلي جملة رجال في رجل واحد كان رجل بلاط وسياسياً ورحالة وشاعراً وناثراً وصحفياً وناقداً اجتماعياً وكان العمل في البلاط والسياسة في عصره يقوم على المكائد والدسائس ولم يكن السفر وجوب الآفاق يقتضي التفرغ كما هي الحال زمن ابن بطوطة ولكنهما كانا جزءا من العمل بالسياسة ولم يكن الشعر وقتها يزيد كثيراً على تلبية نداء المناسبات بل لم يكن النثر والاشتغال بالصحافة يفترقان أو يستغنيان عن الأدب والنقد الاجتماعي وفي هذا كله ساهم المويلحي بنصيب متفاوت من الدرجة من النضج فشعره القليل مثلاً يضم بعض القصائد الجيدة وأسلوبه النثري لا يخلو من السلاسة والفكاهة وطريقته في تحرير الموضوعات الصحافية تسير على أسلوب الجاحظ بل كان يضع عناوين الأخبار والحوادث في صورة حكم وأمثال وأشعار مشهورة أو ينظمها شعراً ومع ذلك لم يجامله جرجي زيدان عندما كتب عنه أنه "كان نابغة في الإنشاء الصحافي وفي الطبقة الأولى من كتاب السياسة وشاقة ومتانة وأسلوب مع ميل إلى النقد والمداعبة" ولم يجامله أيضاً مصطفى المنفلوطي عندما كتب عنه أنه "شيخ الكتابة العربية في هذا العصر وأنه هو الذي علم الكتاب كيف يرقون بلغتهم إلى المنزلة التي وصلت إليها اليوم وكيف يدعون كتاباتهم النكات البديعة والمعاني المستطرفة ويخرجون بها من ذلك الجمود القديم".
وإذ كان زيدان والمنفلوطي عاصراً المويلحي وعرفاه عن قرب فقد نشأ أبناء المويلحي وعرفاه عن قرب فقد نشأن أبناء الجيل التالي على كتاباته ومن هؤلاء عباس العقاد وعبدالعزيز البشري فقد كتب عنه العقاد إنه "لم يكن دون علي الليثي ومحمود ابي النصر في فن النظم ولا في المنادمة بل كان أعر منهما بأدب العرب والإفرنج" الشرق عندي هو المثل الأعلى للبيان العربي"، تعيدنا هذه الأحكام إلى كتابات المويلحي ومن هذه قصيدة عبر فيها عن شوقه إلى صديقه الشيخ محمد عبده وهو منفي في الشام عام 1883م وصديقه الآخر الشيخ محمد بيرم وهو بعيد عنه في تونس فقال :
 
سقى الله أرض الشام الحيا واخضل قيعانها والربـى
رياض كأن نجوم السمـاء خيال لأزهارها في السماء
إلى الله أشكو جـو فرقـة أجدت هموما وهاجت أسى
خليل بلبنان أمسى وخـل بتونس ألقته أيدي النوى
يشقان قلبي شـق النـواة فشـق لهـذا وشـق لـذا
سقى الله أرض الشام الحيا واخضل قيعانها والربـىوالربى
 
رياض كأن نجوم السمـاءالسماء خيال لأزهارها في السماء
 
إلى الله أشكو جـو فرقـةفرقة أجدت هموما وهاجت أسى
 
خليل بلبنان أمسى وخـلوخل بتونس ألقته أيدي النوى
 
يشقان قلبي شـق النـواةالنواة فشـق لهـذا وشـق لـذالذا
لا تقل هذا القصيدة في الحقيقة عن أنضج ما كتب في عصره من شعر ولكن كم من أمثالها كتب المويلحي وهو غارق في اهتمامات عديدة بعيدة تقتل الشعر والشاعرية ؟!. من كتاباته أيضاً مقاماته التي سماها "حديث موسى بن عصام" وفيها جعل بطلها شيخاً خبيراً حكيماً وراويها فتى طموحاً متسائلاً ثم جعل الحوار بين الشيخ والتفي يخوض في شتى الموضوعات السياسية والاجتماعية مع حس نقدي بارز ولعل طه حسين قرأها في مطلع شبابه وتأثر بها حيث أنشأ حوراه المماثل بين الأستاذ الشيخ وتلميذه الفتى وكان الهدف من هذه المقامات التي نسج ابنه على منوالها هو الإصلاح وكان رأس وسائل الإصلاح إنشاء الشركات ونشر العلوم والمعارف والآداب ومع ذلك لم يجمع أحد حتى اليوم هذه المقامات ولا اهتم أحد باستنقاذ مقالاته وقصائده من الأعداد القليلة الباقية من "مصباح الشرق" أما كتابه المصادر "هنالك" فقد أعيد طبعه قبل سنوات وفيه تنبأ بسقوط الخلافة العثمانية، وصور عوامل تدهورها وفيه أيضاً ازدهر حسه الفكاهي.