سورة الشورى: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسم: تعديل مصدر 2017
سطر 17:
ومن ثم يرتسم في النفس خط الوحدانية بارزاً واضحاً، بشتى معانيه وشتى ظلاله وشتى إيحاءته، من وراء موضوعات السورة جميعاً
 
تبدأ السورة بالأحرف المقطعة : (حا. ميم. عين. سين. قاف).. يليها :(كذلك يوحي{{قرآن|42|3}} إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم).. مقرراً وحدة الوحي في الأولين والآخرين.
 
ثم يستطرد السياق في صفة الله العزيز الحكيم : (له مافي السماوات وما في الأرض وهو العلى العظيم ){{قرآن|42|4}} مقرراً لوحدة المالك لما في السماوات والأرض واستعلاءه وعظمته على وجه الانفراد.
 
ثم يستطرد استطرداً آخر في وصف حال الكون تجاه حالة الإيمان بالمالك الواحد، وتجاه الشرك الذي يشذ به بعض الناس : (تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن. والملائكة يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون لمن في الأرض، ألا أن الله هو الغفور الرحيم، والذين اتخدوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم، وما أنت عليهم بوكيل).{{قرآن|42|5|1}}.
 
وبعد هذه الجولة يعود السياق للحقيقة الأولى : (كذلك أوحينا إليك، قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها، وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه، فريق في الجنة وفريق في السعير){{قرآن|42|7}} ثم يستطرد فيقرر أن لو شاء الله لجعلهم أمة واحدة. ولكن مشيئه اقتضت – بما له من علم وحكمة – أن يدخل من يشاء في رحمته ({{قرآن|س=42|آ=8|والظالمون مالهم من ولى ولا نصير)}} ويقرر أن الله وحده {{قرآن|س=42|آ=9|هو الولى (وهو يحي الموتي وهو على كل شيء قدير )}}.
 
ومن ثم يعود إلى الحقيقة الأولى، حقيقة الوحي والرسالة، فيقرر أن الحكم فيما يختلف فيه البشر من شيء هو الله الذي أنزل هذا [[القرآن]] ليرجع إليه الناس في كل اختلاف : ({{قرآن|س=42|آ=10|وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)}}.
 
ويستطرد مع الربوبية إلى وحدانية الخالق، وتفرد ذاته. ووحدانية التصرف في مقادير السماوات والأرض، وفي بسط الرزق وقبضه، وفي علمه بكل شيء : ( فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً، يذرؤكم فيه، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، له مقاليد السماوات والأرض، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، إنه بكل شيء عليم){{قرآن|42|11|1}}.
 
ثم يعود إلى الحقيقة الأولى : ({{قرآن|س=42|آ=13|شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً) }}. وعلى هذا النسق تمضي السورة في عرض هذه الحقيقة، محوطة بهذا الجو، وهذه الاستطردات المتعلقة بقضايا العقيدة الأخرى، والقارئ يلتقى بعد كل بضع آيات بحقيقة الوحى والرسالة في جانب من جوانبها.
 
أما الدرس الثاني ويؤلف بقية السورة فيبدأ باستعراض بعض آيات الله في بسط الرزق وقبضه، وفي تنزيل الغيث برحمته، وفي خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة، وفي الفلك الجواري في البحر كالأعلام، ويستطرد من هذه الآيات إلى صفة المؤمنين التي تفردهم وتميز جماعتهم، فإلى مشهد من مشاهد يوم القيامة يعرض صورة الظالمين لما رؤوا العذاب : ({{قرآن|س=42|آ=44|يقولون هل إلى مرد من سبيل) }}،( {{قرآن|س=42|آ=45|وقال الذين آمنوا : إن الخاسرين الذين خسروا أَنفُسَهُمْ واهليهم يوم القيامة)}}.
 
ومن ثم يعود إلى الحقيقة الأولى في السورة، حقيقة الوحي والرسالة في جانب من جوانبها : ({{قرآن|س=42|آ=48|فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ)}}.
 
ويمضي سياق السورة حتى ختامها يدور حول هذا المحور مباشرة أوغير مباشرة مع طابع الاستطراد بين كل إشارة وإشارة إلى تلك الحقيقة حتي يكون ختام السورة بهذا البيان : (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب، أويرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء، إنه علي حكيم){{قرآن|42|51}}.
 
ومن وراء هذا التركيز على حقيقة الوحى والرسالة في سياق السورة كله يبرز هدف خاص لعرضها على هذا النحو وفي هذا التتابع هذا الهدف هو تعين القيادة الجديدة للمبشرين ممثله في الرسالة الأخيرة، ورسولها، والأمة المسلمة التي تتبع نهجه الإلهي الثابت القويم
 
وتبدأ أول إشارة في مطلع السورة : (كذلك يوحي إليك إلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم){{قرآن|42|3}} لتقرر أن الله هو الموحي بجميع الرسالات لجميع الرسل، وأن الرسالة هي امتداد لأمر مطرد من قديم وتأتي الإشارة الثانية بعد قليل : ({{قرآن|س=42|آ=7|وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها)}} ... لتقرر مركز القيادة الجديدة التي سترد إليها الإشارة فيما بعد.
 
وفي الإشارة الثالثة يقرر وحدة الرسالة بعد ما قرر في الرسالة الأولى وحدة المصدر : ({{قرآن|س=42|آ=13|شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً)}}.
 
وتستطرد هذه الإشارة إلى التقرير أن التفرق قد وقع. ولم يقع عن جهل من أتباع أولئك الرسل الكرام ولكن عن علم. وقع بقياً وظلماً وحسداً : ({{قرآن|س=42|آ=14|وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم)}}.
 
ثم تستطرد كذلك إلى بيان حال الذين جاءوا من بعد أولئك الذين اختلفوا : ({{قرآن|س=42|آ=14|وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب)}}.
وعند هذا الحد يتبين أن البشرية قد آلت إلى فوضى وارتياب، ولم تعد لها قيادة راشدة تقوم على نهج ثابت قويم.. فرسالة السماء التي تقود البشرية قد آلت إلى اختلاف بين أتباعها. والذين جاءوا من بعدهم تلقوها في ريبة وشك لا تستقيم معها قيادة راشدة .
 
ومن ثم يعلن انتداب الرسالة الأخيرة وحاملها – صلى الله عليه وسلم – لهذه القيادة : ({{قرآن|س=42|آ=15|فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم. وقل : آمنت بما أنزل الله من كتاب،كتاب وأمرت لأعدل بينكم. الله ربنا وربكم)}} ومن ثم تجيء صفة الجماعة المميزة لها طبيعة في سياق هذه السورة بوصفها الجماعة التي ستقوم على قيادة هذه البشرية على ذلك النهج الثابت القويم.
 
وعلى ضوء هذه الحقيقة يصبح سياق السورة وموضوعها الرئيسي والموضوعات الأخرى فيه واضحة القصد والاتجاه.
 
==مصادر==
{{مراجع}}