اللهجات العربية في آسيا الوسطى: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
عباد ديرانية (نقاش | مساهمات) طلا ملخص تعديل وسم: تعديل مصدر 2017 |
عباد ديرانية (نقاش | مساهمات) طلا ملخص تعديل وسم: تعديل مصدر 2017 |
||
سطر 37:
== التاريخ ==
[[ملف:Afghanistan 14.jpg|تصغير|250بك|[[مسجد شاه دو شامشيرا]] في [[كابول]] ب[[أفغانستان]]، وهي من المدن التي يحتملُ أن العرب سكنوها بكثرة في بعض الفترات التاريخية.]]
من المحتمل أن أصول العرب الذين يتحدثون باللهجات العربية في آسيا الوسطى قديمة جداً. إذ إن العرب هاجروا إلى وسط آسيا منذ [[فتح ما وراء النهر]] ودخول المسلمين إليها في القرنين السابع والثامن الميلاديَّيْن، واستوطن بعضهم منذئذٍ في المدن الكبرى بهذه البلاد، بينما انتشر آخرون بالتدريج إلى الأرياف والقرى. تشيرُ عِدّة أدلة تاريخية، من ضمنها رواية [[الجاحظ]] في القرن التاسع للميلاد والجغرافي [[اليعقوبي]] في القرن التاسع عشر، إلى أن جالياتٍ كبيرة من العرب سكنت في مدن وسط آسيا وانصهروا مع ثقافة السكان الأصليين ولغتهم، لكن من المحتمل أن بعض هؤلاء العرب نزحوا إلى الضواحي والبادية، ولعلَّ العُزْلة التي نالوها هناك ساعدتهم على صونِ ثقافتهم ولغتهم رغم طول الزمن.
لم يقتصر سكن العرب تاريخياً في هذا الإقليم على بخارى وقشقداريا، وإنما يشيرُ اليعقوبي إلى أن العرب استقرّوا حضراً في ميدنتي [[مرو]] (في [[تركمانستان]] حالياً) و[[بلخ]] (في [[أفغانستان]]) وبدواً في ضواحي هاتين المدينتين، ومن أمثلة ذلك أيضاً ما ورد عن أن البدو العرب في ضواحي [[جرجان]] بلغوا عشرين ألفاً، كما ورد في بعض المصادر أن كثيراً من العرب قطنوا مدينة [[كابول]] الأفغانية في القرن السادس عشر. وتندرُ المعلومات عن تاريخ العرب في وسط آسيا بالقرنين السابع عشر والثامن عشر، على أن سجلات عِدّة تثبتُ وجودهم في مطلع القرن التاسع عشر في محيط بخارى (حيث كان لهم حكمٌ ذاتي بزعامة الأمير "هازور") وفي [[ترمذ]] و[[قرشي]].{{sfn|تشيكوفاني|2010|p=92}}
=== الأصول المعاصرة ===
ويتداول سكان قرى بخارى العربية رواياتٍ شتّى عن أصولهم، إذ تزعمُ بعض هذه الروايات أن أصلهم من العرب الذي وقعوا أسرى لدى [[تيمور لنك]]، فوطَّن أسلافهم في هذه المنطقة منذ القرن الرابع عشر أو الخامس عشر ميلادياً،{{sfn|زعبل|2010|p=222}} بينما يزعمُ بعضهم الآخر أن أجدادهم وفدوا إلى وسط آسيا أثناء الفتوحات الإسلامية في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي).
[[ملف:Shahrisabz 01.jpg|تصغير|يمين|260بك|يقولُ بعض من عرب بخارى وأوزبكستان أن أصولهم تنحدرُ من قبائل وطَّنها تيمور لنك في هذه البلدان، ويظهر هنا تمثالٌ لتيمور في مدينة [[شهرسبز]] بولاية قشقداريا.]]
ومن المُوثَّق بين الباحثين أن عرب أفغانستان (الذين يسكنون قرب مدينة بلخ) هم في الأصل من عرب بخارى، وتفيدُ المصادر بأنهم وفدوا إلى أفغانستان كلاجئين ممَّا واجهوه من تضييق [[الاتحاد السوفيتي]] أثناء القرن التاسع عشر ميلادياً.{{sfn|Seeger|2013|p=3}} ويختلفُ هؤلاء عن عرب كابول، الذين ذكرتهم الوثائق التاريخية في القرن السادس عشر (كما سبق) على أنهم انصهروا تماماً بمحيطهم الفارسي.{{sfn|Owens|2000|p=182}} ويذكر "مير عبد الكريم البخاري" في نهاية القرن الثامن عشر أن آلاف العائلات من العرب ما زالوا يسكنون حول مدينة [[أندخوي]] في شمال أفغانستان منذ عهد الدولتين الأموية والعباسية، على أنه لا يؤكّد إن كانوا يتحدثون العربية أم غيرها. وذكَرَ محافظ مدينة [[مزار شريف]] في سنة 1957 أن بعض البدو غرب المدينة ما زالوا يتحدثون باللسان العربي.{{sfn|Owens|2000|p=183}}
سطر 58:
== النطاق الجغرافي ==
[[File:Nowruz in northern Afghanistan-2011.jpg|تصغير|250بك|نزح كثيرٌ من العرب إلى شمال أفغانستان في نهاية القرن الثامن عشر، وانصهر كثيرٌ منهم بالمجتمع الأفغاني، على أن بعض الناطقين بالعربية ما زالوا يعيشيون في ضواحي مدينة مزار شريف (التي يظهر وسطها وجامعها الأزرق هنا).]]
تنقسمُ اللهجات العربية في وسط آسيا إلى أربع فئات: أولها هي '''اللهجة البخارية''' الدارجة في ضواحي مدينة [[بخارى]] (التي تقعُ قريباً من نهر [[جيحون]] في جنوب دولة أوزبكستان)،
وقد انعزلت هذه اللهجات الأربع عن سائر اللهجات العربية لحقبةٍ طويلة من الزمن فاكتسبت صفاتٍ خاصة، والحال التي اكتسبتها من ذلك شبيهة بحالة [[عربية مالطية|العربية المالطية]] التي أمست لغةً قائمةً بذاتها بفعل هذا التأثير، على أن اللهجات العربية في وسط آسيا تختلفُ عن المالطية بأنها منطوقةٌ حصراً، فهي ليست لغاتٍ تستخدم للكتابة ولا للتدوين{{sfn|تشيكوفاني|2010|p=91}} (ما عدا ما وردَ في كتب وأبحاث علماء اللسانيات ممَّن درسوهما).{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=134}}
سطر 164:
واكتسبتها اللهجة البخارية كثيراً من أدواتها الإعرابية من لغاتٍ أجنبية (أي من الطاجيكية والأوزبيكية)، ومن ذلك حرف "كِ" الذي يأتي بمعنى "أنه" ليسبق الكلام المنقول عن شخصٍ ما، وحرف "نا" للنفي (مثل ما النافية)،{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=153}} وكلمة "هاسْتْ" بمعنى "هناك" (وهي مستخدمة في بعض اللهجات العراقية كذلك)، و"أَغَار" بمعنى "إذا" (كما ويستخدمُ بنفس السياق حرف "إِنْ" من العربية)، وأداة الاستفهام "مِي" (وأصلها من التركية)، ولاحقة "-جي" لوصف وظيفة الإنسان (وهي إضافة شائعةٌ في اللهجات العربية المشرقية).{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=154}}
يبدأ الفعل المضارع في اللهجة البخارية بحرف الميم، ومن حالاته كلمة "مدري" أي: "أنا أعرف" (وهذا على النقيض من معظم اللهجات العربية، بما فيها اللهجة القشقدارية المجاورة، التي تعني فيها هذه الكلمة: "لا أعرف"). وأما صوتياً، فإنَّ اللهجة البخارية تصونُ لفظ الحروف العربية الساكنة (مثل القاف وغيرها)، وتشيرُ هذه الخاصية إلى أن اللهجة البخارية لهجة مدنية، على عكس القشقدارية التي تعد [[لهجة بدوية]] لهذه الصّفة وغيرها.
== اللهجة القشقدارية ==
سطر 171:
تشبهُ اللهجة القشقدارية [[العربية الفصحى]] ومعظم اللهجات العربية المشرقية في عدم التقاء السَّاكِنَيْن، فالسَّائد هو أن يتبع [[حرف ساكن|الحرف الساكن]] [[حرف علة]].وفي هذه اللهجة حرفان ساكنان غير موجودين بالعربيَّة الفصحى ولا لهجاتها، والأول منهما هو [[شفتاني وقفي مهموس|الباء المهموسة]] أو الباء الثلاثية ([[أبجدية صوتية دولية|بالرسم الصوتي العالمي]]: ({{أصد|[p]}})، مثل كلمة "پوليشتا" (أي: وسادة)، والثاني هو حرف "تش" (({{أصد|[tʃ]}}، كما يرسمُ بصورة [[Č]])، مثل كلمة "تشاي" (أي: شاي). وقد يردُ هذان الحرفان في كلماتٍ أجنبية مستعارةٍ أو في كلماتٍ أصلها عربيّ، كحال الفعل: "هَرَپ"، وهي حالةٌ شائعةٌ في هذه اللهجة تُمْسِي فيها الحروف [[جهر|المجهورة]] (ومنها الباء) حروفاً [[همس (لغة)|مهموسة]] (ومنها الباء الثلاثية أو المهموسة).{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=128}}
كما أن في هذه اللهجة [[چ|الجيم المثلثة]] التي تكثرُ في اللهجات العربية المشرقية، رغم أنها غير موجودةٍ في الفصحى.{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=128}} وتستعيضُ اللهجة القشقدارية عن حرف [[قاف|القاف]] في العربية الفصحى [[كاف|بالكاف]]، فيُقَالُ "كرا" بمعنى "قرأ".
وأما من ناحية [[حروف العلة]] فإن اللهجة القشقدارية تختلفُ عن العربية الفصحى بعدمِ تمييزها بين الصوائت الطويلة والقصيرة (فالفتحة وألف المدِّ متماثلان في المعنى بها). وقد تأثَّرت هذه اللهجة بالسمات الصوتية للغة الطاجيكية فصارت تقلبُ ألف المدّ إلى واو مدّ، فتتحوَّرُ فيها كلمة "ماء" إلى "مُويَا"، و"زمان" إلى "زَمُون"، "جواب" إلى "جَوُوب" (وأحياناً تُقَال هذه الكلمات بكلا الشكلين، فتصلحُ بالواو وتصلحُ بالألف).{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=129}} كما يُقَال: "كلوم" مكان "كلام" و"طعوم" مكان "طعام".
=== دلالياً ===
سطر 189:
=== نحوياً وصرفياً ===
تشبهُ اللهجة القشقدارية العربية الفصحى في خاصية [[جمع المؤنث السالم]] بإلحاق "ات" بنهاية الكلمة، كما أن فيها خواصاً للجمع غريبةً عن اللغة العربية، مثل لاحقة "م" (مثال: كلمة "حمرا"، أي "نقد"، جمعها "حمرايام). ومن كلماتها ذات الأصول العربية الواضحة "كرا" أي "قرأ"، و"جزيرة" أي "صحراء".
تُضَاف إلى أول [[الفعل المضارع]] سابقة "تا" لتصف المستقبل الحالي، مثل "تانوغدي" أي "لنذهب حالاً".
على الصعيد النحوي، تستخدم [[الجملة الفعلية]] في اللهجة القشقدارية بعِدَّة طرقٍ تختلفُ عن تلك المألوفة في العربية، ولعلَّها بتأثيرٍ من اللغة الأوزبكية. ومن هذه الطرق ما يلي:
* تبدأ [[المفعول به]] يليه [[الفاعل]] وتنتهي بالفعل. مثال: "إيزوجة أفندي كال" (أي: "قال الأفندي لزوجته"),
* تبدأ بالفاعل يليه الفعل وتنتهي بالمفعول به. مثال: "پُوشُو چال إِوَلَد" (أي: قال الباشا للولد..").
* تبدأُ بالفاعل يليه المفعول به وتنتهي بالفعل. مثالأ: "بُويْ إِبِنْت حُوشْرُيَة چالكِ" (أي: "قال البيه للفتاة الجميلة).{{sfn|Csató|Isaksson|Jahani|2005|p=131}}
|