محمد بلقايد الهبري: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تهذيب
لا ملخص تعديل
وسوم: مُسترجَع تعديلات طويلة تكرار محارف لفظ تباهي تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
سطر 1:
التعريف بمولانا الشيخ محمد بلقائد الهبري قدس الله سره
{{معلومات شيخ
 
| الاسم = محمد بلقايد الهبري
هو شيخنا محمد بلقايد بن أحمد بن الحاج محمد بن العربي بن محمد الكبير الشريف الحسني الإدريسي، المربي القطب و الغوث ، الداعي إلى الله بإذنه و سراج منير ، حجة الله في أرضه الذي حمل مشعل النور في عصر الظلام فأشرقت الأرض بنور ربها ، فجدد لهذه الأمة بعدما أصابها من الأحداث ، وسيطر على دفة السفينة و شراعها بعد أن أوشكت على الغرق ، فأوصلها إلى بر الأمان ، شيخ المشائخ في الشريعة و الطريقة و الحقيقة ، هو بشارة حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : '' يبعث الله على كل رأس مـائة سنة لهـذه الأمة من يجـدد ديـنها...'' ، فكيف لا يكون شيخـنا محمد بلقايد قدس الله سره قدر أمة و مصيـرها ، فهو معدن أصيل نشا في أسرة كلها منابت للعلم و مغارس للأفكار السليمة ، فقد ولد قدس الله سره وطيب الله ثراه بحاضرة تلمسان عام 1332من هجرية سيد المرسلين صل الله عليه و سلم، الموافق لعام 1911 ميلادي، نشأ في عائلة تعرف بالشرف و العـلم و الطهارة و العـفاف تحـت رعاية والـده ثم جـده ، فاعتنى بتربيته عناية الأب الرحيم ، و الأستاذ الحليم، كان جده سند قوى فأخد منه الكثير، وجده كان ذا منزلة سنية في الطريقة الهبرية و كان يحبه الشيخ سيدى محمد الهبرى رضى الله عنه ، كان رضى الله عنه يتولى نقل الفقراء لزيارة الشيخ الهبرى على حسابه و بماله الخاص ، و أنتقل رحمه الله الى الرفيق الأعلى طاويا سره، كاتما له ، و من أسراره أنه وجد حفيده-أي سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سره(محيّ الطريق)- و كان صبيا يحاول أن يقرأ بعض رسائل جده التى كان يتبادلها مع شيخه سيدى الحاج محمد الهبرى ، فأخذها منه و أحرقها و قال له...هذا سرّ بينى و بين شيخيّ لا ينبغى لاحد أن يعلمه إلا الله...، و كان يحب سيدنا الشيخ –محيّ الطريق-حب شديد حتى انه كان يقوم ليلا و يتفـقده فيجده إما قائما أو ذاكرا أو يتلو في كتاب الله ، فـقال له مقالة مشهورة سمعتها من الشيخ بن سهلة رحمه الله...كم صمنا ، و كم زرنا، و كم ذكرنا فما بلغنا ما بلغته...: فأجابه سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سرّه في تواضع و أدب قائلا:... إنما الإبن حسنة أبيه... فأجابه الجد:... نعم هو كذلك...، و كان سيدنا الشيخ في مرحلة طلب العلم كان يأتي الى جده و يستظهر عليه ما حفظه و يوضح له جده مااستشكل عليه من صعاب المسائل..، كان شيخنا محمد بلقايد قدس الله سره في حياة شيخه الروحي سيدي محمد الهبري نور الله ضريحه يصاحب العلماء و العارفين و المحدثين مما أتاح الفرصة لشيخنا قدس الله سره فتلقى من أفواه الرجال وأخـذ عن كـبار العـلماء و جهابذة الفقهاء فنهل منهم بشغف و شدة إقبال، أشهرهم الشيخ أحمد أبو العروق الأزهري التلمساني و العلامة بلحساين النجـار السـلاوي و الشيخ بن ناصر و بعد شد الرحال في رحلات مباركة كمدينة سيدي بلعباس و معسكر وسعيدة بل تعـداها إلى البلدان العربية شرقا و غربا و ألتقى بكبار العلماء و العارفين فناقشهم في العلم و ناضرهم في المسائل تعلما و تدقيقا لا جدلا و إدعاءا مما جعله يحضى بمحبتهم، أذكر يوم كنت معه في مؤتمر الذى أنعقد في مدينة قسنطينة و كان موضوعه .. الإجتهاد.. سنة 1983 م ، و كنت جالس بيمينه و فقير من الغرب عن يساره بيده قلم و كراس صغير يسجل مايقوله سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سـرّه، و جمع من العلماء جالسين معه يتناقشون حول رأي الإمام مالك رضى الله عنه عنهم عن الإجتهاد، و تكلم سيدنا و قدم البراهين و الأدلة لإمام مالك رضى الله عنه عن الإجتهاد .. فقام الإمام محمد الغزالي رحمه الله و قبل رأس سيدنا الشيخ قدس الله سرّه ، فقال الشيخ عبد الرحمان شيبان رحمه الله - و كان أنذاك وزيرا للشؤون الدينية- هذه المقولة للسيدنا الشيخ..".. من يحسن هذا غيرك..، و لهذا كانت دعـوتنا لك جـزاك الله كل خير عن هذه الأمة.."..، و سألوه الدعاء فذرفت عـينـاه و قال بصوت خافت كله خشوع :
| صورة = Sidi Mohamed Belqayed.jpg
يظنون بي خيرا و مابي من خير و لكنــتني عبد ظلوم كما تــدرى
| حجم الصورة = 100بك
سترت عيوبي كلها عن عـــــيونهـــــم و ألبستني ثوبا جميلا من الستـر
| الاسم بالكامل = محمد بلقايد الهبري
| ميلاد = 1911
فصاروا يحبوني و ماأنا بالــذي يحــــب و لـــكن شبــهــــوني بالـــــــــغـــــيــــر
| مكان الميلاد = [[تلمسان]] ، {{علم الجزائر}}
فلا تفضحني في القيامة بيــنهم و كن لي يامولاى في موقف الحشر
| وفاة = {{تاريخ الوفاة|1998|8|22}}
= = = = = = = = = = =
| مكان الوفاة = ضريح سيدي السنوسي ، {{علم الجزائر}}
وقد أجازه كل من لقيه من العلماء العاملين سواء من المتقدمين كالعلامة عبد الحي الكتاني ، و الفقيه العالم المجتهد الحافظ أحمد بن الصديق الغماري صاحب كتاب... إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة...، و الشيخ عبد الفتاح أبو غدة شيخ المحدثين و الشيخ الإمام البشير أبو يجرة الذي وصفه في إحدى رسائله قائلا ..:
| العقيدة = [[أهل السنة والجماعة|سنية]] - [[مالكية]] - [[صوفية|تصوف]]
أحيى بهذا إمام الإسلام و شيخ الشريعة صنو الهمام
| تأثيرات = الطريقة الهبرية
= = = = = = = = = = = = = = =
}}
و لم يزل نوره يتكامل الى ان صار بدرا كاملا يستضيىء بنوره كل من جالسه إلا من حرمه الله بغيوم الحرمان المتلبد..، و لما بلغ قدس الله سرّه السادسة عشر من عمره أذن له شيخه سيدى محمد الهبرى في التربية والسير بالمريدين الى حضرة رب العالمينن فأحس و كأن كـلام شيخه نزل عـليه ثـقيلا ، فخـرج من عـند شيخه وهو يبكى من ثقل هذا الامر فتوجه مباشرة الى سيدى العربي الجبـال رضى الله عـنه..و قال له.. ياسيدى إن هذا الامر كبير عليّ و أنا شاب صغير السن..؟ فقال له سيدى العربى الجبالى رضى الله عنه..:.. ياولدى هذا عطاء الله .. و الله هو من أكرمك .. مبروك عليك..، و كان هذا العارف الصالح من كبار الفقراء أنذاك علما و سنا كان مقدما و مأذون في كل شيء يتعلق بالطريقة من شيخه سيدى محمد الهبرى رضى الله عنه، و كان هذا العارف التقي الورع عندما يذهب معه سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سرّه الى زيارة شيخه محمد الهبرى و يكون زمن البرودة الشديدة ، حيث لم يكن هناك غطاء و لا فراش كان سيدى الجبالى ينزع رداءه و يجلس عليه سيدنا الشيخ و يغطيه به ، كان سيدى الجبالى يحب سيدنا الشيخ قدس الله سرّه و كان سيدنا الشيخ يكن له محبة و إحترام و كان يخدمه خدمة الإبن لأبيه.
'''محمد بلقايد الهبري الشريف الحسني الإدريسي''' (1911 - 1998) عالم دين إسلامي ومن شيوخ [[شاذلية|الطريقة الشاذلية]] في الجزائر ومؤسس الطريقة الهبرية وأحد أعلام التصوف،<ref name="malkia">[http://malikia.net/biography_texte.php?num_bio=27 سيدي محمد بلقائد - موقع مالكية الجزائر] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20130627152421/http://www.malikia.net:80/biography_texte.php?num_bio=27 |date=06 2يناير3 }}</ref> ولد عام 1911، وحفظ القرآن وتتلمذ على يدعلماء مدينة [[تلمسان]] ومنهم الإمام بوعروق والإمام حسين النجار وغيرهم ثم سافر إلى خارج الجزائر ليتلقى العلم عن صدور العلماء في مختلف البلدان ومنها الشام، وممن أجازه في العلوم الدينية الشيخ [[عبد الحي الكتاني]] والعلامة أحمد بن يلس الدمشقي وغيرهم كثير، توفي في تلمسان عام 1998.{{بحاجة لمصدر}}
قــد عـــاش طــــول حياته على محبة شيخه ، يذكره في كـــل مجلس بالتعظيــــم ، وفــي كــــــل
زيارة له إلا ونجد سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سره يحيي ذكره وينشر علينا محاسن سيرته حتى يتصور لنا في بعض المشاهد أنه هو سيدي الهبري رضي الله عنه.. ، ومما سمعنا من كبار الفقراء.. ذات يوم كانوا يتكلمون في الاحوال الربانية العالية و في ميادين السير الى الله ، فتكلم سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سرّه بكلام رباني بهت فيه الحاضرون..، فكان شيء في نفوسهم..، فذخل الشيخ سيدى محمد الهبرى رضى الله عنه و بعد أن جلس و تأمل في الفقراء فقال رضى الله عنه..".. الفتح ليس خاصا بالكبار فقط ، بل يشترك فيه الصغار و الكبار لأنه عطاء الله.."..، وكان يحب العلم والعلماء يجالسهم و يقوم هو بنفسه بخدمتهم وعندما يسأل عن هذا يقول : '' أحب أن أستفيد و أفيد ...'' ، لا يعرف كللا و لا مللا في الحضور إلى مجلس علم أو جمع فيه ذكر الله، إذا ذكر أدمع العيون و حرك القلوب، كان فريد عصره حتى عند مجالسته تحس بأخلاق نبوية عالية سواء فيما يقوله أو فيما يشير إليه علينا حتى في حالة صمته كنا نرتاح إلى محاسن أخلاقه، كان يدعو بحاله قبل مقاله، إذا أخذت كتاب شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم تتجلى شمائله صلى الله عليه وسلم في شمائل شيخنا محمد بلقايد قدس الله سره ، إذا نظرت إليه يتخل أنك في عصر النبوة أو بعصر النبوة قد بعثت أجداثها ، كان شيخنا محمد بلقايد قدس الله سره يواجه أي محن أو استفزاز بنفس مطمئنة و حلم و صبر جميل ، وقد شهدنا كيف يستسلم الخصم العنيد ويتحول إلى ولي حميم ، وذلك من حلمه و لطفه كان ودودا ، إذا نـظر إليه عاقـل سالـم الروح يلـوح إلـيه من وجهه الشريف سكون وهـيبة و وقار، ترى و كأن عليه حلة كلام الله وجمال و بهاء و سر القرآن العظيم، تشعر و كأنك مع شخص لا يشقى جالسه.
كان يدعوا ويلح على الجمع السنوي الذي يقام بتلمسان ، ويحث أن يكون إجتماع محمدي بحـث ، تتبادل فيه النصائح و المواعظ بين من يحظر من أتباع الطـريقـة و محبيها أحـي الطريق بالذكر و المذاكرة كان يقول رضي الله عنه... "
..المـــذاكـــرة روح الـــــطــريق.. ".. يــــــقـــدم كــــل من فـــيـه أهلية للإرشــــاد و التذكيـــر ولم تكن
تخلوا مجالسه النـورانية الربانية من مذاكرته التي تنقل الفقير من الكون إلى المكـون و كأن المسافات طويت لك ، يستوجب منك توجها قليلا لقلب ذلك المدد حتى يطوي لك بعد المسافة بالكل و تظهر من أنواره رحبا واسعا مملوء ما يبرز من ألسنتهم بما يراه صالحا للمقام في صيغة دينية روحية ولهجة ودية ، وكان في بعض الأحيان في الجمع الكبير ينوهنا بمواعظ تشتمل على فوائد جليلة تتضمن إرشادات ثمينة أو بـدعاء وكأنها إلهامات برزت إلينا على لسـانه الشريف من عالـم الغـيب ، كلامه دائما يرمي إلى جمع كلمة الأمة و جعلها كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ''…كالجسد الواحد…'' ، و إلى زرع التعاليم الدينية الروحية بين الفقراء أولا وعامتها التي فقـدتها هذه الأمة ، في صياغة غرس بذور التحـابب و التآلف و التوادد في قلوبنا ، فالأمة متعطشة و محتاجة إلى من يأخذ بيدها ، وشيخنا أوجد لـيفتح لنا كل ما انغلـق ، فسـلك بنا طريق الإقـبال على الله و الإدبار عما سواه فهو بمثابة الماء الذي يطهر النفس ، وتكون ممن قال فيهم سبحانه : 'والذين هم في صلاتهم دائمون…' .
من تأثير كلامه قدس الله سره في النفوس ، أنك تحس نقشات في صفحات مرآة قلبك فترى الفقراء جالسين أمامه في سكينة و وقار و كأن على رؤوسهم الطير ، كانت مجالسه مجالس سكينه ووقار ، كلها ذكر و مذاكرة و دعوه الى الله فكان يحب أن يسأل فيجيب فإذا سئل أطرق رأسه الشريف ساعة ثم يشرع في الجواب مستدلا بالقرآن العظيم ثم بما ورد في السنة الشريفة و أقوال العلماء و يكلل بذكر قصة من قصص الصالحين والأتقياء من أفراد الامة و كان يفضل ذكر مناقب أهل زمانه ممن أجتمع بهم من الأولياء و كبار الصالحين ، و كان قدس الله سرّه ينتهز فرص المناسبات كحلول شهـر رمضان، أو حلول أشهـر الحج و حلـول شهـر الـمحـرم و خاصة شهر ربيع الاول – شهـر مـولود سيـد الـبشـر صلى الله عليه و سلم- ليذكرنا بما فيها من فضائل و خيرات و يرغبنا في الإكثار من الطاعات فيها و يبين لنا الاحكام الشـــرعيــة الخاصة بها، تشعــــر وكأنه يشير إليك بــهذه المـــذاكرة و هذا ما وصف سيدنا الإمام علي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :.. ''…من رآه بديهةً هابَهُ ومن خلطه معرفة أحبه ، يقول ناعته: لم أرى قبله ولا بعده مثله..".. أحي به الله مناقب أهل الله و جعله إمام الأئمة العاملين المأذون في تلقين الاسم الأعظم بإذن صاحب السلسلة الذهبية صلى الله عليه وسلم ، فهيأه الذي يعلم حيث يجعل رسالته لتربية الرجال لا للتأليف ، كل هذا الذى أعطاه الله من فضل، إلا انه كان الغالب عليه الخمول مع أنه مأذون في التربية، انه نسخة من شيخه سيدي محمد الهبري رضي الله عنه ، سئل قدس الله سره : هل ترك الشيخ الهبري مؤلفات أو رسائل فأجاب شيخنا محمد بلقايد قدس الله سره :.."..أنا كتابه فسل عما بـدا لك.."..، فشيخنا محمد بلقايد قدس الله سره كان شغله تطهير القلوب و تزكية نفوس الفقراء ، وليس في ملئ الأوراق ، فصدق من قال :''… علمنا علم أذواق لا علم أوراق…'' ، وسـيـد الـوجـود صلى الله عـليه وسلـم قـال عن الـتقـوى :''… ها هـنا…'' و أشار إلى صدره الشريف صلى الله عليه وسلم.
أفنى حياته متمسكا بكتاب الله و سنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم قال يوما:''… إذا كنا لا نتبع الشريعة وننتصر لها فمن ؟.."..، ويقول قدس الله سرّه .. ".. إن المريد إذا سلك طريق القوم فقد لبس ثوبا أبيضا ناصعا و لو أن نقطة سوداء وقعت عليه لظهرت ظهورا بينا يراها القريب و البعيد.."..، كان يظهر على محياه نور يتم على إيـمانه القوي بالله ، تظهر عليه صفة أهل العزم و الجد في العمل ، كان يمقت السياسة و التدخل في شؤونها ، رغم أنه كان يستشار من قبل مجاهدي ثورة نوفمبر بناحية تلمسان في القضايا الفقهية و الشرعية التي كانت تهم الثورة آنذاك ، و مما سمعنا أنه أعطى للثورة دورها في الإشعاع الروحي على الـمنطقـة العربية و الإسـلامية ، وقـد عـزف عن دخـول المدرسة الـتـابعة للاسـتعـمار ، لأن والده أقنعه أن فرنسا ضد الإسلام، أو الـتـكـلم باللغة الفرنسية ، و من هنا نشأ سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سرّه مقاما بمظهره بمقاطعة اللسان الفرنسي ، مقاما بالمحافظة على الزى العربي الذى كانـت أسـرته تعتبره أحد مقومات الشخصية العربية والوطنية، وكانت الزاوية الهبرية آنذاك تحتضن مجاهـــــدي ثــــورة التحريـــر أفــضـــت إلى قرار الاستعمار بغلقها فحول شيخنا قدس الله سره نشاطه إلى مسجد " ابن مرزوق "متخدا من هذا المسجد الصغير مقرا للتربية الروحية و الجهادية ، و مما سمعنا أنه كان مركزا لتخرين السلاح..، و كان أول شهـيد من الطـريـقة الهبرية الـبلقايـدية..أحمد بلقايد..، ثم سي صالح بن سهلة..، و القائمة طويلة في صفوف فقراء الطريقة الهبرية البلقايدية.
هو المفسر إن أردت معاني القرآن الكريم ، و إن أردت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو المحدث ،إذا تكلم في محبة الله و رسوله أبهر العقول و أثلج الصدور يصفها بأنها ذوق و يستدل بقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم.." ..من ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا، وبالإسلام دينا، و بـمحمد صلى الله عليه و سلم رسولا.."..، ثم يدندن بقول سيدى أحمد بن موسى الكرزازى رضى الله عنه:
محـــــــــــــبـــــة الله ذوق سيدى ياحنينى في القلب ماأحلاها سيدى ياحنينى
تقدى لهيب الشوق سيدى ياحنينى و يـــغـــيب مـــــولاهـــا ســـيـــــدى ياحنينى
= = = = = = = = = = = = = = = =
و كان يردد قول القائل..:.. " .. صاحب العمل ساير ، وصاحب المحبة طاير.."..
كان يدعو الى محبة آل البيت رضى الله عنهم و توقيرهم والتأدب معهم ، و يستدل بقوله تعالى ...".. قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى .."... ، و قوله تعالى...".. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهـيـرا.."...، و قول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ..".. تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدى : كتاب الله و أهل بيتي..:..، و كان قدس الله سرّه تحس وكأنه يتلذذ بقول سيدنا ابى بكر رضى الله عنه.."..أرقبوا محمد صلى الله عليه و سلم في أهل بيته..".. ، و كان يردد كثيرا قول الإمام الشافعي رضى الله عنه..:
ياآل بـيت رســـــــــــول الله حبكـم فرض من الله في القرآن أنــــــــزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له
و قول الإمام البُصيرى في حق آل البيت..:
سدتم الناس بالـــتــــقى و سواكم ســــودتـــه الــــبيـــضــاء و الصفـــــراء
و إذا أشكلت في أمر ما فهو الفقيه يحل بحلال أو حرام ، و إذا سمعته بتمعن فهو البليغ بحكمة علوية أي- و الله اجتمعت فيه صفات العلماء العاملين والأولياء ، الذين همهم دعوة الناس إلى باب الله ، فسيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سره يدخلنا إلى حضرة الله بكلامه و توجيهاته التي هي إلهام الله ، يدخلنا على الله بعد أن يجرد العالم من علمه ، و المعتمد على عمله من عمله أي يجعله مع الله ، و هذا التأثير الروحي شيء سري ينتقل من الشيخ إلى الفقير ، و هذه هي الصفة التي كان عليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في اهتمامه بإرشاد الخلق و تلطفه في جر الناس بأنواع الرفق و اللطف و الأخبار كثيرة عنه صلى الله عليه وسلم بأن شفقته على أمته أعظم من شفقة الوالد على ولده ، هكذا كان شيخنا محمد بلقايد قدس الله سره معنا و هذا السر الذي يحسه الفقير مع شيخه لا يدرك بالعلم أو بالعقل ، و إنما شيء يوقــــره الله في الــقــــلـــــب وإذا تولى الله أمر قلب عبده المؤمن فاضت عليه الرحمة وأشرقـت فيه الأنوار وانشرح الصدر وانكشف له سر الملكوت ، وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهـية.
تراه قدس الله سره في الجمع أثناء السماع متصل بالله و كأنه مخمور في ذات الله تعظيما لهيبته، وأثناء الهيبة ترى في كلامه قدس الله سره و كأن خزائن الأسرار كشفت له بحلاوة الذكر.
رغم اللهـيب الذي نحسه منه والاضطــرابات تــــــراه ثابت بـــــمعــــرفـة الله التي لا تــــزول و كأن الوجود يـطرب راحـته ، فسيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سره عنده الوجد الذي يحرك الجوارح مفقود لأنه حاضر مع الحق ، و ضرب الله لنا مثالا عن ذلك بقوله : ''... وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب..."
فـــسيـــدنا الشيـــخ قــــدس الله ســـــره يحـق فــــيه ما أخبــــر عـــنه الرسول الكـريـم صلى الله عليه وسلم عن الحق ''...فبي يسمع و بي يبصر...'' ، حتى في حالة ظهور الوجد عليه فوجده ليس كوجدنا فيه اضطراب و اهتزاز ، إنما يظهر عليه نور يشرق علينا بنور الاشتياق فتقشعر منه جلودنا و تضطرب الروح ويهيم القلب فتحس كأنك ناولت كأس من شراب أهل الله من يده الشريفة كل واحد على قدره و صدق من قال:
وراقب الشيخ في أحاله فعسى يرى عليك من استحسانه أثرا
= = = = = = = = = = = = = = =
إذا نظرت إلى شيخك ببصيرتك وأنت في هذا الجو الروحي تحس أنه يرتقي بك إلى الاستئناس بالله عزوجل وكأنك تردد مقولة سيدنا حارثة :''…وكأنني أنظر إلى عرش ربي بارزا…'' .
السماع مع سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سره ملازما ومصاحبا في كل الأحوال وكل ما يجلس في جمع إلا و يشير إلى المسمعين :
فيا حاذي العشاق قم واحد قائما وزمزم لنا باسم الحبيب و روحـنــا
= = = = = = = = = = = = = = = =
وعند السماع تراه قدس الله سره متحرزا إلى المسمعين وسائر الفقراء و كأنه يتفقد أحوالهم في الوجد مشتغلا بجميع الحضور بل يراقب ما يفتح الله من رحمته في سره وهو ساكن الظاهر هادئ الأطراف ، تارة قدس الله سره تراه مطرق الرأس مستغرق في فكر مع قوة الوجد في باطنه ، لكن لا يظهر وجده لكمال القوة الربانية على ضبط الجوارح ، تراه أكثر مخـمورا عند سماع القرآن لقد تغلغل القرآن في قـلبـه و سرى في عروقه فرفعه الله بكتابه ، هذا سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه يروى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال..".. إن الله يرفع بهذا الكتاب أقـواما و يضـع بـه آخـرين..".. ، وهذه الخـمـرة التي تـظهـر فيه فهـي الإظـمانية و الإقـشعـرار كل ذلك وجد ''… إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم…'' روي أن سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه قرأ على الرسول صلى الله عليه وسلم سورة النساء فلما انتهى إلى قوله:''… فـكيف إذا جئنا من كـل أمة شهيد ، وجئنا بك على رأس هؤلاء شهيدا …'' فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ''…حسبك…'' وكانت عيناه تذرفان الدموع ، هكذا كان سيدنا الشيخ محمد بلقايد قدس الله سره عندما يسمع يدرك معنى السماع بالمعاني الحقيقية ، فلا تـسـمع مـنه إلا أزيز الاسم الأعظم وبذلك الأزيز تسري إلـينا صـفاته قدس الله سـره من حيث لا ندري.
وقد توافـــد عـــــليه الكــــثير من العلــــماء، و خاصـة بمكة الـمكـرمة كــــان محـــــل الحــــفــــــــاوة و الإهتمام و الرعاية و الإكرام من كبار العلماء فما أن يبلغ خبر وصوله لأهل مكة إلا و يبادر الوجهاء و الأعيان و طلبة العلم لزيارته في مقر سكناه بمكة المكرمة فرحا به و شوقا للقاءه و الإفادة منه علما و تربية و سلوكا و على رأس أصحاب الفضل المحب الصادق معالى الدكتور محمد عبده يمانى الداعية الإسلامـي، له بشيخنا صلة خاصة، و الدكتور البرفسور المفكر الإسلامي مدير جامعة الملك عبد العزيز: محمد عمر الزبير..، و المطوف الشهير الشيخ: إسماعيل حريــري ، و السيد صافـــي عـــــلوي و الشيخ محمد بن علوى المالكي – صاحب كتاب مفاهيم يجب أن تصحح -، فأخذو عنه العهد و الطريقة ومنهم من لقنه الإسم الأعـظـم ، و أذكر على سبيل التذكير الذي تخرج على يديه في خلوته بسيدي عفيف بتلمسان الإمام والعلامة المصري الشيخ متولي الشعراوي الذي قال بعد أن شرب وذاق و عرف حقيقة شيخه فاعترف :
نور القلوب و ريّ روح الـــــــوارد هـــــــبـــرية تـــدني الـــــوصـــول لعابــد
تــــــــــزهــــــــو بسلسلة لهـا ذهــــــــبيــــة من شاهد للمصطفى عن شاهد
طوفت في شرق البلاد وغربهـا و بحث جهـــدي عــن إمـــام رائـــــد
فهـداني الوهـاب جـــل جـــلالـــــه حتى وجـدت بتلمسان مقاصـــــد
و اليوم آخد نورها عن شيخـــنــــا محي الـــطـــــريق محمد بلــــقــايــــد
إلي أن قال :
شــــاهد رسـول الله فـــيـه فــــإنـــه إرث تـــــورث ماجـــدا عـــــــن ماجــد
فإذا وصلت به لنور المصطفى فالمصطفى لله أهــــــدى قائـــد
= = = = = = = = = =
رغم مرضه قدس الله سره الذي أقعده لم يغلق بابه، بل بقي في استقبال زواره من أتباعه الفقراء ومن محبيه من سائر البلاد، يفسر و يشرح وينصح، ويأمر بالمحافظة على الصلاة وذكر الله صباحا مساءا وخاصة الذكر بالاسم الأعظم...الله... استطاع أن يؤثر في الأرواح ويغــــير النفــــوس ويــــصقــــل العقــــول ويطهــــر القلوب ، فصنع رجالا
صادقين أعادوا الثقة إلى النفوس الحائرة مثلي ، وكان انتقاله قدس الله سره إلى الرفيق الأعلى عشية الجمعة 28 ربيع الثاني 1419 هجري الموافق لـ:22 أوت 1998 ميلادي بوهران ودفن يوم السبت بتلمسان ، ''... كل من عليها فان...'' ، ''... كل نفس ذائقة الموت...'' ، ''... إنك ميت وإنهم ميتون...'' .
صعدت روح نجم الأقطاب ، فاضت روح قطب الزمان إلى ربها راضية مرضية أدى الأمانة، وبلغ الرسالة ، وجاهد في الله حق جهاده ، سوف تبقى حي بحكمك السارية التي ترن على مسامعنا في كل لحظة مئات الآلاف يرددون الورد المحمدي فكم من حي ميت ، وكم من ميت حي، والناس صنفان موتى في حياتهم ، وآخرون ببطن الأرض أحياء ، اللهم ألحقنا به غير مبدلين ولا مغيرين ، واحشرنا مع شيخنا محمد بلقايد بحبه وحب حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وازرع في قلوبنا حب أوليائك وحب أحبابك وافتح علينا فتح العارفين، فالكل منك و لك وبك ، أسأل الله أن لا يغيب طيفه عن خاطرنا حتى تجمعنا به ياآلله في الآخرة كما جمعتنا به في الدنيا، وما ذاك على الله بعزيز.
وإن كان شبحه إنحجب على الجميع ، إلا ان روحه و شموس أنواره و ظلال بركاته و أسرار مدده لا يـزال يسبح فيه بقية البقـية بوجود وارث ســرّه و خليـفته في هـذا الزمان الشيخ سيدى محمد عبد اللطيف بلقائد رضى الله عنه وأرضاه ، و أدام الله لنا حياته ، و أمده بالصحة و العافية و نفع به أمــة لاإلــه إلا الله...
 
== نسبه ==