بخل: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط v2.03b - باستخدام ويكيبيديا:فو (مرجع قبل علامة الترقيم)
ط بوت: إصلاح خطأ فحص ويكيبيديا 61
سطر 2:
'''البخل''' وهو كنز المال وجمعه وعدم إنفاقه في المباحات بحجة الخوف من عاديات المستقبل، والبخل خصلة ذميمة مكروهة تمنع الفرد من البذل والعطاء.<ref>http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=111221 البخل أصل النقائد {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20081208022133/http://www.islamweb.net:80/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=111221|date=2008-12-08}}</ref> والبخل يعد من أسوأ الصفات التي يكرهها الناس، على الأخص [[عرب|العرب]]، فهي بنظرهم من الصفات القبيحة التي تقلّل من الرجولة.
 
والبُخْلُ: ضِدُّ الكَرَمِ والجُودِ، وقد بَخِلَ بكذا: أي ضنَّ بما عنده ولم يجُدْ، ويقال: هو بخيل وباخل، وجمعه بخلاء.<ref>تاج العروس، للزبيدي</ref> وقال [[الراغب الأصفهاني]]: (البُخْلُ: إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه).<ref>مغردات القرآن، للأصفهاني</ref>.
وقال ابن حجر: (البخل هو منع ما يطلب مما يقتنى، وشره ما كان طالبه مستحقًّا، ولا سيما إن كان من غير مال المسئول).<ref>فتح الباري، لابن حجر العسقلاني</ref>.
 
اختلف أهل العلم في '''البخل والشح'''، هل هما مترادفان أم لكلِّ واحد منهما معنى غير معنى الآخر، وقد بين الطِّيبي أن الفرق بينهما عسير جدًّا.
الشُّحُّ في اللغة: البُخْل مَع حِرْصٍ.<ref>الصحاح للجوهري</ref> قال [[النووي]]: (الشحُّ: هو البخل بأداء الحقوق، والحرص على ما ليس
له).<ref>شرح النووي على مسلم (16/222).</ref>. وقال [[الطبري]]: (الشحُّ: الإفراط في الحرص على الشيء).<ref>((مفردات القرآن)) (ص 446).</ref>.
 
وفرَّق [[ابن عمر]] بين الشحِّ والبخل، فقال: (ليس الشحيح أن يمنع الرجل ماله، ولكنه البخل، وإنه لشرٌّ، إنما الشحُّ أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له).<ref>ذكره البغوي في تفسيره</ref>. وقيل أنهما مترادفان لهما نفس المعنى.<ref>((أحكام القرآن)) لابن العربي (1/396)</ref> وقيل: (البخل هو نفس المنع، والشحُّ الحالة النفسية التي تقتضي ذلك المنع).<ref>((الكليات)) للكفوي (1 /361)</ref>.
ويرى [[ابن مسعود]] {{رضي الله عنه}}: أن البخل هو البخل بما في اليد من مال، أما الشح فهو أن يأكل المرء مال الآخرين بغير حقٍّ، فقد (قال له رجل: إني أخاف أن أكون قد هلكت قال: وما ذاك قال: إني سمعت الله يقول: {{قرآن|وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}}.<ref>~[سورة الحشر: 9]</ref> وأنا رجل شحيح، لا يكاد يخرج مني شيء، فقال له ابن مسعود: ليس ذاك بالشحِّ، ولكنه البخل، ولا خير في البخل، وإنَّ الشحَّ الذي ذكره الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلمًا).<ref>رواه ابن أبي شيبة، والطبراني والحاكم والبيهقي.</ref>.
وقال ابن القيم أنَّ (الفرق بين الشحِّ والبخل: أنَّ الشحَّ هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه، والبخل منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه، وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشحِّ، والشحُّ يدعو إلى البخل، والشحُّ كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحَّه، ومن لم يبخل فقد عصى شحَّه ووقي شرَّه، وذلك هو المفلح {{قرآن|وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}}).<ref> ((الوابل الصيب)) (ص 33)</ref>.
 
قيل أيضا: إنَّ الشحَّ هو البخل مع زيادة الحرص، وهو ما رجَّحه [[القرطبي]]، فقال: (وقيل: إنَّ الشحَّ هو البخل مع حرص. وهو الصحيح لما رواه مسلم عن [[جابر بن عبد الله]] أنَّ رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: ((اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم)).<ref>رواه مسلم</ref>. وهذا يردُّ قول من قال: إنَّ البخل منع الواجب، والشحُّ منع ال[[مستحب]]. إذ لو كان الشحُّ منع المستحب لما دخل تحت هذا الوعيد العظيم، والذمِّ الشديد الذي فيه هلاك الدنيا والآخرة. ويؤيد هذا المعنى ما رواه [[النسائي]] عن [[أبي هريرة]] عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}}: ((لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدًا، ولا يجتمع شحٌّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدًا)).<ref>صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي</ref>).)<ref>الجامع لأحكام القرآن</ref>.
 
== أنواع الرجال عند العرب ==
سطر 31:
 
- قال تعالى: {{قرآن|'''الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ'''}} ~[الحديد: 24]...
(أي: يجمعون بين الأمرين الذميمين، اللذين كلٌّ منهما كافٍ في الشرِّ: البخل: وهو منع الحقوق الواجبة، ويأمرون الناس بذلك، فلم يكفهم بخلهم، حتى أمروا الناس بذلك، وحثوهم على هذا الخلق الذميم، بقولهم وفعلهم، وهذا من إعراضهم عن طاعة ربهم، وتوليهم عنها...).<ref name="مولد تلقائيا1">تفسير السعدي</ref>.
 
- وقال تعالى: {{قرآن|'''وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ'''}} ~[آل عمران: 180]...
(أي ولا يظنُّ الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله، من المال والجاه والعلم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما لا يضرُّهم منه لعباده، فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنُّوا به على عباد الله، وظنُّوا أنَّه خير لهم، بل هو شرٌّ لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم {{قرآن|سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}} ~[آل عمران: 180] أي: يجعل ما بخلوا به طوقًا في أعناقهم، يعذَّبون به).<ref name="مولد تلقائيا1" />.
 
- وقال تعالى: {{قرآن|'''وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا'''}} ~[النساء: 36-37]...
قال [[ابن تيمية]]: (قَدْ تُؤُوِّلَتْ في البُخْل بالمال والمنع والبخل بالعلم ونحوه، وهي تَعُمُّ البخل بكلِّ ما ينفع في الدِّين والدُّنيا مِن علم ومال وغير ذلك).<ref>مجموع الفتوى، لابن تيمية</ref>. (والمراد بالبخل في الآية البخل بال[[إحسان]] الذي أمر به فيما تقدم، فيشمل البخل ب[[لين]] الكلام، وإلقاء السلام، و[[نصيحة|النصح]] في التعليم، وإنقاذ المشرف على التهلكة، وكتمان ما آتاهم الله من فضله يشمل كتمان المال، وكتمان العلم).<ref>((تفسير المراغي)) (5/38)</ref>.
 
- وقال تعالى: {{قرآن|'''وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ'''}} ~[الحشر: 9]...
قال الطبري: ("وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ". يقول تعالى ذكره: من وقاه الله شح نفسه "فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" المخلدون في الجنة... وأما العلماء فإنهم يرون أنَّ الشحَّ في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حقٍّ).
وقال السعدي: (من رزق ال[[إيثار]] فقد وقي شح نفسه "وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" ووقاية شح النفس، يشمل وقايتها الشح، في جميع ما أمر به، فإنه إذا وقي العبد شح نفسه، سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله، ففعلها طائعًا منقادًا، منشرحًا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه، وإن كان محبوبًا للنفس، تدعو إليه، وتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفسه، بل ابتلي بالشح بالخير، الذي هو أصل الشر ومادته).<ref name="مولد تلقائيا1" />.
 
- قال تعالى: {{قرآن|'''وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا'''}} ~[ النساء: 128 ]...
 
قال [[السعدي]]: (وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ أي: (جبلت النفوس على الشحِّ، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحقِّ الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعًا، أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضدَّه وهو ال[[سماحة]]، وهو بذل الحقِّ الذي عليك؛ والاقتناع ببعض الحقِّ الذي لك. فمتى وُفِّق الإنسان لهذا الخلق الحسن سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله، وتسهَّلت الطريق للوصول إلى المطلوب. بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشحِّ من نفسه، فإنَّه يعسر عليه الصلح والموافقة؛ لأنَّه لا يرضيه إلا جميع ماله، ولا يرضى أن يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتدَّ الأمر).<ref name="مولد تلقائيا1" />.
 
<u>*في السنة:</u>
 
- عن [[جابر بن عبد الله]]، أنَّ رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|'''إيَّاكم والظلم، فإنَّ ال[[ظلم]] ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ، فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم'''}}<ref>رواه مسلم (2578). </ref>...
قال النووي: (قوله {{صلى الله عليه وسلم}}: (واتقوا الشحَّ، فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم). قال القاضي: يحتمل أنَّ هذا الهلاك هو الهلاك الذي أخبر عنهم به في الدنيا بأنهم سفكوا دماءهم، ويحتمل أنَّه هلاك الآخرة، وهذا الثاني أظهر، ويحتمل أنه أهلكهم في الدنيا والآخرة).<ref> ((شرح النووي على مسلم)) (16/134)</ref>.
 
- وعن أبي هريرة {{رضي الله عنه}} قال: {{حديث| '''ضرب رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} مثل البخيل والمتصدق، كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد، قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما، فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه، حتى تغشي أنامله وتعفو أثره، وجعل البخيل كلما همَّ بصدقة قلصت، وأخذت كل حلقة مكانها، قال: فأنا رأيت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، يقول: بإصبعه في جيبه، فلو رأيته يوسعها ولا توسع'''}}.<ref>رواه البخاري (5797) مسلم (1021).</ref>
قال [[ابن القيم]] تعليقًا على هذا الحديث: (لما كان البخيل محبوسًا عن ال[[إحسان]]، ممنوعًا عن [[بر|البرِّ]] والخير، وكان جزاؤه من جنس عمله؛ فهو ضيق الصدر، ممنوع من الانشراح، ضيق العطن، صغير النفس، قليل الفرح، كثير الهمِّ والغمِّ والحزن، لا يكاد تقضى له حاجة، ولا يعان على مطلوب، فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه، بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها، وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة؛ لزمت كلُّ حلقة من حلقها موضعها، وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو).<ref>((الوابل الصيب)) (ص 33).</ref>.
 
- وعن [[أنس بن مالك]]، قال: كان النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{حديث|'''اللهم إني أعوذ بك من [[هم|الهمِّ]] وال[[حزن]]، والعجز وال[[كسل]]، وال[[جبن]] والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال'''}}<ref>واه البخاري (6369) ومسلم (2706)</ref>...
يقول [[ابن القيم]] تعليقًا على هذا الحديث: (...ثم ذكر الجبن والبخل فإنَّ الإحسان المتوقَّع من العبد إما بماله؛ وإما ببدنه؛ فالبخيل مانع لنفع ماله، والجبان مانع لنفع بدنه ...).<ref>(مفتاح دار السعادة)) (1/113)</ref>. وقال: (والجبن والبخل قرينان: فإن عدم النفع منه إن كان ببدنه فهو الجبن، وإن كان بماله فهو البخل).<ref>((الجواب الكافي)) (1/73)</ref>.
 
- وعن جابر {{رضي الله عنه}} قال: لما قدم رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} قال: {{حديث|يا بني سلمة من سيدكم قالوا: الجدُّ بن قيس وإنا لنبخِّله. قال: وأيُّ داء أدوأ من البخل؟! بل سيدكم الخير الأبيض [[عمرو بن الجموح]]}}. قال: وكان على أضيافهم في الجاهلية، قال: وكان يولم على رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} إذا تزوَّج<ref>رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8/373) (8913)، والبيهقي في ((شعب الإيمان))، وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) </ref>...
قال [[المناوي]]: (أيُّ عيب أقبح منه؛ لأنَّ من ترك الإنفاق خوف الإملاق لم يصدق الشارع، فهو داء مؤلم لصاحبه في الآخرة، وإن لم يكن مؤلمًا في الدنيا).<ref>التيسير بشرح الجامع الصغير)</ref>.
 
- وعن أبي هريرة، عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}}، قال: {{حديث|'''يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقَى الشحُّ، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج. قالوا: يا رسول الله، أيُّمَ هو؟ قال: ((القتل القتل))''' }} <ref>رواه البخاري (6037) و اللفظ له ومسلم (157).</ref>...
قال ابن حجر: (أما قوله: ويلقى الشح. فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم؛ حتى يبخل العالم بعلمه، فيترك التعليم وال[[فتوى]]، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشحِّ؛ لأنَّه لم يزل موجودًا).<ref>((فتح الباري)) (13/17).</ref>. وقال [[ابن الجوزي]]: (قوله: يلقى الشح. على وجهين: أحدهما يلقى من القلوب، يدل عليه قوله: ويفيض المال. والثاني: يلقى في القلوب، فيوضع في قلب من لا شحَّ عنده، ويزيد في قلب الشحيح. ووجه هذا أنَّ الحديث خارج مخرج الذمِّ، فوقوع الشحِّ في القلوب مع كثرة المال أبلغ في الذمِّ).<ref>((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) </ref>.
 
* <u>في أقوال العلماء:</u>
 
- قال [[طلحة بن عبيد الله]] {{رضي الله عنه}}: (إنا لنجد بأموالنا ما يجد البخلاء؛ لكننا نتصبر).<ref>ذكره الغزالي في ((إحياء علوم الدين)) (3/255).</ref>.
 
- قال [[علي]] {{رضي الله عنه}}: (البخل جلباب المسكنة، وربما دخل السخيُّ [[سخاء|بسخائه]] الجنة).<ref> ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3/310).</ref>.
 
- وسئل [[الحسن بن علي]] {{رضي الله عنهما}} عن البخل فقال: (هو أن يرى الرجل ما ينفقه تلفًا، وما يمسكه شرفًا).<ref>((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3/299).</ref>.
 
- وقال [[بشر بن الحارث]]: (البخيل لا [[غيبة]] له؛ قال النبي {{صلى الله عليه وسلم}} ((إنك إذًا لبخيل)) .<ref>رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/442) (10912).</ref>.
 
- وقال: (لا تزوِّج البخيل ولا تعامله، ما أقبح القارئ أن يكون بخيلًا) .<ref name="ReferenceA">((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3/311).</ref>.
 
- ومدحت امرأة عند رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فقالوا: ((صوَّامة قوَّامة إلا أن فيها بخلًا، قال: فما خيرها إذن؟)).) .<ref>رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/442)</ref>.
 
- قال [[حبيش بن مبشر الثقفي]] الفقيه: (قعدت مع [[أحمد بن حنبل]] و[[يحيى بن معين]]، والناس متوافرون فأجمعوا أنهم لا يعرفون رجلًا صالحًا بخيلًا).<ref> ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3name="ReferenceA"/311).</ref>.
 
- وقال [[أبو حنيفة]]: (لا أرى أن أُعدِّل بخيلًا؛ لأنَّ البخل يحمله على الاستقصاء؛ فيأخذ فوق حقه خيفة من أن يغبن، فمن كان هكذا لا يكون مأمون ال[[أمانة]]) .<ref name="مولد تلقائيا2">((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/256)</ref>.
 
- وقال [[الشعبي]]: (لا أدري أيهما أبعد غورًا في نار جهنم البخل، أو الكذب).<ref>((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/255).</ref>.
 
- وقال [[ابن المعتز]]: (أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه).<ref name="مولد تلقائيا2" />. - وقال أيضًا: (بشِّرْ مال البخيل بحادث، أو وارث).<ref>((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3 / 317)</ref>.
 
- وقال [[يحيى بن معاذ]]: (ما في القلب للأسخياء إلا حبٌّ؛ ولو كانوا [[فجور|فجارًا]]، وللبخلاء إلا بغض؛ ولو كانوا [[بر|أبرارًا]]).<ref name="مولد تلقائيا2" />.
 
- وقال [[الماوردي]]: (الحرص والشحُّ أصل لكلِّ ذم، وسبب لكلِّ [[لؤم]]؛ لأنَّ الشحَّ يمنع من أداء الحقوق، ويبعث على القطيعة والعقوق).<ref>(أدب الدنيا والدين)) (ص 224)</ref>.
 
- وقال ابن القيم: (والجبن والبخل قرينان: فإن عدم النفع منه إن كان ببدنه فهو الجبن، وإن كان بماله فهو البخل).<ref>((الجواب الكافي)) (ص 73). </ref>.
.
 
=== حكم البخل ===
 
ليس للبخل حكمًا واحدًا ينطبق على جميع صوره وأنواعه، وإنما لكل صورة من صور البخل حكمًا خاصًّا بها، وإن كان البخل في عمومه مذمومًا مكروهًا، يقول [[ابن تيمية]]: (والبخل جنس تحته أنواع [[كبيرة|كبائر]] وغير كبائر).<ref>((مجموع الفتاوى)) (28/156).</ref>.
 
فإن كان المنع بخلًا '''بواجب''' فهو '''محرم''' شرعًا، بل هو كبيرة من الكبائر توعَّد الله صاحبها بالعقوبة والعذاب، كمن منع ال[[زكاة]] الواجبة بخلًا بالمال وحرصًا عليه، قال ابن تيمية: (فإنَّ البخل من الكبائر، وهو منع الواجبات: من الزكاة، وصلة الرحم، وقرى الضيف، وترك الإعطاء في النوائب، وترك الإنفاق في سبيل الله)<ref>((المستدرك على فتاوى ابن تيمية)) </ref>
 
'''أشد درجات البخل''': قال [[ابن قدامة المقدسي]]: (وأشد درجات البخل أن يبخل الإنسان على نفسه مع الحاجة، فكم من بخيل يمسك المال، ويمرض فلا يتداوى، ويشتهي الشهوة فيمنعه منها البخل. فكم بين من يبخل على نفسه مع الحاجة، وبين ما يؤثر على نفسه مع الحاجة، فالأخلاق عطايا يضعها الله عزَّ وجلَّ حيث يشاء)<ref>((مختصر منهاج القاصدين)) (ص 265).</ref>
سطر 106:
 
1- أن يحسن المرء الظنَّ بالله عزَّ وجلَّ، وليعلم أنَّ الله الذي أمره بالإنفاق قد تكفَّل له بالزيادة. وقد قيل: (قلة الجود سوء ظنٍّ بالمعبود).
2- الإكثار من الصدقة، وإن كان ذلك ثقيلًا على من اتصف بهذه الصفة، وبذلك يعتاد على صفة الكرم والإنفاق، قال ابن القيم: (فالفقير الآخذ لصدقتك يستخرج منك داء البخل، كالحجام يستخرج منك الدم المهلك).<ref>((عدة الصابرين)) لابن القيم (22/6).</ref>.
3- معرفة أن الإيحاء بالفقر والتخويف منه إنما هو وعد شيطاني، وأن وعد الله هو المغفرة للذنوب وزيادة الفضل، يقول الله تعالى: {{قرآن|الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}} [البقرة: 268].
4- الاستعاذة بالله من البخل، كما كان يفعل أكرم الخلق وأجودهم {{صلى الله عليه وسلم}}، حيث كان يستعيذ من البخل فيقول: ((اللهمَّ إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أُردَّ إلى أرذل العمر)).