أحمد عبد الرحيم مصطفى: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 82:
* بريطانيا والدول العربية (1920- 1948).
* الولايات المتحدة والمشرق العربي، سلسلة عالم المعرفة
 
 
 
 
السطر 90 ⟵ 92:
وتأسيس المعرفة العلمية للتاريخ
 
د. أحمد زكريا الشلق
أستاذ بكلية الآداب – جامعة عين شمس
 
فى الخامس والعشرين من مارس 2002 رحل فى صمت عن عالمنا مؤرخ كبير، وعالم من علماء التاريخ المفكرين البارزين ، هو الأستاذ الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى ، أستاذ تاريخ مصر والعالم العربي الحديث والمعاصر ، وبفقده ، فقدت مصر واحدا من أعلام المؤرخين الذين أرسوا أسس وتقاليد المدرسة العلمية الحديثة فى كتابة التاريخ، وأرسوا تقاليد البحث العلمي الموضوعي بكتاباتهم وندواتهم وتلاميذهم.
وقد ولد الأستاذ الجليل فى إحدى قرى سوهاج بصعيد مصر فى نوفمبر عام 1925، وحصل على درجة الليسانس الممتاز فى الآداب من جامعة القاهرة عام 1946، وأعقبه بدبلوم معهد التربية العالي عام 1948 ليشتغل فترة قصيرة بالتعليم الثانوي ، يعين بعدها معيدا بجامعة عين شمس (إبراهيم باشا آنذاك) حيث حصل على درجة الماجستير عام 1951 بدراسته عن "علاقى مصر بتركيات فى عهد الخديوى إسماعيل 1863 – 1879" تحت إشراف الأستاذ محمد فؤاد شكرى ثم الأستاذ الدكتور أحمد عزت عبد الكريم ، الذى درس معه لدرجة الدكتوراه فى البداية ، ثم أوفد فى بعثه دراسية إلى جامعة لندن ، ليحصل على دكتوراه الفلسفة فى التاريخ عام 1955 فى موضوع من أهم موضوعات تاريخ مصر الحديث يتناول "شئون مصر الداخلية والخارجية 1876 – 1882" تحت إشراف الأستاذين هارولد بوون ومدلكوت، ليقدم لنا دراسة وثائقية لهذه الفترة الحرجة من تاريخ الوطن، وهى فترة تزايد التدخل الأجنبي ونمو الحركة الوطنية المصرية ، التى أفضت إلى قيام الثورة الوطنية المعروفة بالعرابية ، وتعد أكمل وأهم دراسة صدرت عن هذا الموضوع وقد عربها بعد ذلك ونشرتها دار المعارف عام 1965 تحت عنوان "مصر والمسألة المصرية 1876 – 1882" ونفدت فى حينها ولم تطبع منذ ذلك التاريخ رغم أهميتها الشديدة.
السطر 110 ⟵ 113:
  
 
 
قراءة جديدة فى أصول التاريخ العثمانى
 
ما فتئ المؤرخون يرددون عبارة "ان التاريخ لم يقل كلمته الأخيرة بعد" وهم على حق، طالما كان من حق المؤرخ تفسير الأحداث والظواهر التاريخية من خلال رؤيته الخاصة، وفى ضوء معطيات عصره، ومن ثم تعددت التفاسير والتواريخ والحدث واحد.
ولا يملك المرء إلا أن يتذكر هذه الحقائق، إذ يطالع كتاب (فى أصول التاريخ العثمانى) للدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى، فهو كتاب يمثل القليل النادر الذى حظى به تاريخ الدولة العثمانية فى المكتبة العربية. فالحقيقة أن ما كتبه المؤرخون العرب عن الدولة العثمانية قليل بالقياس إلى ما كتب عن تاريخ الدول الأوروبية مثلا، وإذا ما شرعنا نفتش فيما كتب عن تاريخ الدولة العثمانية –منذ أوائل القرن العشرين وحتى نهايته- نجدها تنقسم إلى ثلاث مجموعات :
الأولى : كتب صدرت فى العقود الأولى من القرن ونظرا لأنها كتبت فى ظل الحكم الملكى ولم تكن الدولة العثمانية قد غابت عن الوجود بعد، فقد جاءت بمثابة قصائد مديح فى آل عثمان، كما جاءت فى شكل تراجم أحوال للسلاطين فى ترتيبهم الزمنى.
الثانية : كتب عبارة عن أبحاث جريئة منها ما هو أكاديمى ومنها ما هو غير أكاديمى ورغم أهمية هذه المؤلفات، فهى لا تعطى الصورة الكلية لتاريخ الدولة العثمانية ولا تضعها فى السياق التاريخى أو الحضارى العام.
الثالثة : كتب صدرت فى العقود الأخيرة من القرن العشرين، وهى مؤلفات تؤرخ للدولة من نشأتها إلى سقوطها ويمكن تقسيمها طبقاً لأهداف مؤلفيها إلى المجموعات التالية :
1- كتب دراسية للطلاب فى الجامعات العربية، ونظرا لهذا الغرض الدراسى، ينحصر توزيعها داخل الجامعات أى أنها محدودة الفائدة، كما أناه تتميز فى الغالب بالاختصار والخلو من التوثيق.
2- كتب صدرت أولاً بالتركية ثم ترجمت إلى العربية، منها ما هو غير أكاديمى ويخلو من التوثيق، وآخر أكاديمى موثق والنوع الأخير يعد موسوعة شاملة يؤرخ للدولة العثمانية ومؤسساتها الحضارية.
3- هناك نوع من المؤلفات حدد لها مؤلفوها هدفا منذ البداية وهو الدفاع عن الدولة العثمانية حيث يبدو هذا الهدف واضحا جليا من عنوان الكتاب الذى يصفها بانها (دولة مفترى عليها) ورغم الطابع الأكاديمى لهذا الكتاب فإن النبرة الحماسية فى الدفاع واللغة الخطابية أضعفت فيه هذا الطابع.
وهنا نتساءل أين موقع كتاب (فى أصول التاريخ العثمانى) للدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى بين هذه المؤلفات؟ وما هو الجديد الذى أتى به؟ أى ما الذى دفعه إلى إعادة النظر فى تفسير التاريخ العثمانى؟ فإذا كان هدفه الدفاع عن الدولة العثمانية فما هى وسيلته فى الدفاع؟ وما هى الأسانيد التى اعتمدا عليها؟ هذا ما سنحاول الاجابة عليه من خلال استقراء سطور وما بين سطور هذا الكتاب.
لابد للمؤرخ من هدف واضح يضعه نصب عينيه حال شروعه فى تناول الظواهر او الحوادث التاريخية، فما الذى حدا بالمؤرخ الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى أن يعود للتاريخ العثمانى بعد عشرات السنين. ويبدو هذا الهدف واضحاً جليا منذ الوهلة الأولى.
فهو محاولة لعرض التاريخ العثمانى فى إطاره الصحيح وهنا نتساءل ألم يكن التاريخ العثمانى (فى إطاره الصحيح)؟ فيجيب المؤلف موضحاً واقع التاريخ العثمانى قائلاً:
"تعرض التاريخ العثمانى للإهمال بوجه عام حتى النصف الول من القرن العشرين ولم يقف الأمر عند حد الاهمال بل تعداه إلى ان جرى تفسير التاريخ العثمانى من وجهة النظر القومية لهذه الدول (ويعنى بها الدول الأوربية) وهى بوجه عام تفسيرات متحيزة ومنقوصه" ولم يترك المؤلف حكمه على الظاهرة دون تفسير، فلماذا هى متحيزه ومنقوصة؟ وهنا يعدد الأسباب التى جعلتاه كذلك فيما يلى:
"لأن الدولة العثمانية كانت تمثل رد الفعل الاسلامى تجاه الخطر الصليبى، ولأنها كانت تعارض المشروعات الاستعمارية الأوربية" فضلاً عن ذلك "فقد اعتبر الأوربيون الدولة العثمانية العدو الأكبر للمسيحية ووصمة سوداء تلطخ قيم الحضارة الغربية وكابوسا يخيم على التطور التاريخى للبشرية" ولم يكن ذلك هو موقف المؤرخين الأوربيين وحدهم بل والعرب أيضاً إذ اعتبروا ظهور الأتراك نهاية لازدهار الحضارة العربية الاسلامية وعقبة فى سبيل اقتباس درجات التطور التى أصابتها الحضارة الغربية.
ولكن التاريخ العثمانى ليس هو الهدف المقصود فى حد ذاته فللمؤلف هدف قومى أيضا ذلك لأن : "هذه الفترة جزء لا يتجزأ من التاريخ العربى العام وبدونها لا يمكن تفسير كثير من الأوضاع والنظم العربية المعاصرة".
فإذا اعتبرنا أن الظاهرة هى (الحكام الناقصة والمغلوطة) فى تفسير التاريخ العثمانى والهدف هو (وضع التاريخ العثمانى فى إطاره الصحيح) فما هى الوسائل التى توسل بها المؤلف لكى يصل إلى ما كان يرمى اليه؟
فى البداية يقرر المؤلف عدة مبادئ عامة لتحقيق هذا الهدف منها:
"الدراسة الجادة الشاملة مع الملاحظة المتأنية لما خلفه العثمانيون فى بلادنا من آثار مادية سياسية وسلوكيه تنفى ما يقال عنهم انهم "كانوا مجرد محاربين مجردين من أى قيم حضارية" ولا شك أن ذلك يقتضى عدم الاعتداد بالمراجع الأوروبية بل يجب الرجوع إلى المصادر الأساسية للتاريخ العثمانى وهذا يستلزم معرفة اللغة التركية وتوجيه طلابها على دراسة الوثائق العثمانية واستفاء الأحكام التاريخية منها.
فإذا ما انتقلنا إلى موضوعات الكتاب الفيناه يبدأ بداية تقليدية فيرجع بالدولة العثمانية إلى نشأتها الأولى ثم يتتبع مسيرتها فى الانتقال من إمارة إلى دولة توسعت تحت لواء الاسلام ووصلت إلى أقصى اتساع لها فى القرن التاسع عشر الميلادى، واستقرت لها أنظمتها مما جعل المؤلف يفرد فصلا خاصا عن (نظام الحكم العثمانى)، ومصداقا للمثل القائل "ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع" تبدأ مرحلة الضعف والانهيار فيما أطلق عليه المؤلف "مرحلة الانتقال " تنتقل الدولة بعد ذلك إلى مرحلة محاولات الاصلاح.
الخصائص المميزه لهذا الكتاب:
1- تناول المؤلف نشأة الدولة العثمانية من خلال نظرته الكلية إلى التاريخ باعتباره عملية تاريخية متكاملة تمر بها المجتمعات البشرية فى إطار حضارى متكامل، فإذا اعتبرنا الحضارة الاسلامية وحدة حضارية واحدة فإن العهد العثمانى ما هو إلا مرحلة من مراحل تاريخ الدول الاسلامية المتعاقبة فى المنطقة التى نعرفها الآن باسم (الشرق الأوسط) ولذلك كان لابد من البحث عن الأساس الدينى الذى قامت عليه الدولة العثمانية. ومن ثم حين راح المؤلف يعدد عوامل قيام هذه الدولة أبدى اهتماما خاصا بدور نظرية الجهاد الدينى الذى تبناها العثمانيون كما أبرز دور الطرق الصوفية "التى لعبت دوراً رائداً خلال نشأة الدولة العثمانية فى استقرار الأتراك على الأراضى التى تم الاستيلاء عليها".
ولما كان الأوربيون قد اعتمدوا على الأساطير والروايات الشعبية بحيث "لم تكن لمعلوماتهم أى قيمة إلا من حيث اعتبارها انعكاسا لفكرة أوروبا عن العثمانيين" لجأ المؤلف إلى المؤرخين التراك أنفسهم مثل محمد فؤاد كوبريلى أو خليل اينالجيك، وكمال كاربات ولا شك أن ذلك يعكس اهتمام المؤلف بالنظر إلى التاريخ العثمانى من زاوية جديدة.
2- ولا شك أن الدكتور احمد عبدالرحيم مصطفى، وهو من أعمدة المدرسة الحديثة فى كتابة التاريخ، يؤمن ايمانا قاطعا بان التاريخ ليس مجرد أحداث أو تراجم أحوال لسير الحكام والقادة، بل هو رصد للحركة الاجتماعية بكل مناهجها، ولذلك جاء تفسيره لضعف الدولة العثمانية وتدهور الحوال بها أبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، تفسيرا اقتصاديا أكثر منه سياسيا فيقول معللا فشل جهود الاصلاح فى عهد التنظيمات.
3- تبدو الروح النقدية لدى المؤلف واضحة فى مناقشته لآراء غيره من المؤرخين إذ يقول : "وقد أعلن بعض المؤرخين أن الهدف من التنظيمات هو حرمان الدول الأوربية من ذرائع فرض حمايتها على المسيحيين" إلا أن وجهة نظرهم هذه لا تمثل إلا جانبا من الحقيقة.
4- وفى إطار الهدف الذى وضعه المؤلف نصب عينيه منذ البداية ألا وهو تصحيح ما لحق بالتاريخ العثمانى من مغالطات فى الكتب العربية فقد تعرض لعدة قضايا كانت محور اهتمام المؤرخين الأوروبيين، وهى فى نفس الوقت تمثل أهم مواضع الاتهام للتاريخ العثمانى أيضا ولعل اهم هذه القضايا :
• قضية التسامح الدينى :
تبنى المستشرقون ومن حذا حذوهم سواء من المؤرخين الأوربيين أو العرب فكرة أن الاسلام إنما انتشر بحد السيف، وان الحاكم العثمانيين مارسوا كل ألوان القهر ليجبروا رعايا الدولة على اعتناق الاسلام، ولم يدخر هؤلاء جهداً فى كيل الاتهامات لسلاطين آل عثمان بانهم قوم متعصبون تعصبا أعمى، وان الإسلام ما كان لينتشر فى شرقى أوروبا بدون سياسة الاكراه التى اتبعها هؤلاء السلاطين ولا سيما بتطبيقهم نظام الجزية الذى كان يدفع بالذميين إلى الإسلام هروبا منها.
وقد سادت هذه الآراء فى المؤلفات الأوروبية حتى باتت من الأدبيات الغربية، وأصبحت صفة الإسلام لصيقة بالعنف والقهر والبربرية على الرغم مما يعرفونه من أن الاكراه فى الدين مبدأ مرفوض فى الاسلام وان الكتاب والسنة يدعوان دائما إلى المعاملة الحسنة لأهل الذمة فلهم دينهم وهم أحرار فيما يتعتنقون. ومن الطبيعى ألا يدع الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى مثل هذه الاتهامات لتمر دون الرد عليها فقد تناولها بنظرة موضوعية، حيث تفحص الدول المعاصرة للدولة العثمانية ولجأ إلى منهج المقارنة بقوله:
"مما لا يمكن إنكاره أنهم كانوا أول امة فى التاريخ الحديث تأخذ بمبدأ الحرية الدينية باعتباره الدعامة الأساسية لقيام الدولة مما جعل المسلم والمسيحى يعيشان معا فى وئام".
وقد أثبتت الوثائق العثمانية صحة هذا الرأى وكان لابد من ربط الأسباب بالنتائج فلم ينس المؤلف فى هذا الصدد أن يبحث فى أسباب انتشار الاسلام دون لجوء الدولة إلى العنف فيقول فى ذلك :
"ولا يمكننا قبول الراى الخاص بان الجزية وحدها كانت مسئولة عن اعتناق بعض مسيحى الدولة للاسلام بل إن ذلك مرجعه ما تميزت به الإدارة العثمانية من كفاءة وإفساحها الفرص أمام الرعايا أيا كان أصلهم".
وفى هذا السياق عرج المؤلف على نظام (الدوشيرمه) وهو من الأنظمة التى اعتبرها المستشرقون من البقع لاسوداء التى كانت تلطخ التاريخ العثمانى ولكن بنظرة متانية ومقارنة بالنظم المماثلة التى كانت سائدة فى الدول المعاصرة للعثمانيين أكد المؤلف على أنه كان أخف وطأة من غيره بل كان يمنح اطفال النصارى ميزة على غيرهم : "لأن الأطفال الدوشيرمه كانوا يكبرون يشكلون قمة جهاز الحكم ويسيطرون على الأتراك ذاتهم"
• نظم الحكم العثمانى
وصف المؤرخون الأوربيون نظام الحكم العثمانى بالجمود والتخلف وحذا المؤرخون العرب حذوهم حتى لا يكاد يخلو كتاب فى التاريخ العربى الحديث من إلصاق هذه الصفات بالعهد العثمانى فضلا عن الاستبداد ولأهمية نظم الحكم فى التأريخ للدول أولى الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى اهتماما كبيرا بنظم الحكم المركزية لدى الدولة العثمانية وأفرد لها فصلا خاصا فى كتابه موضوع الحديث ودفع عنها هذه الاتهامات فى معرض حديثه عدد مزايا هذه النظم وتركز حديثه فى النقاط التالية :
أ- أن الحكم العثمانى كان بيروقراطياً ومن ثم تبوأ آل عثمان وضعاً وظيفيا فى إطار الجهاز البيروقراطى وكان اهتمامهم بالكفاءة باعتبارها المعيار الوحيد للرتبة والوضع الاجتماعى.
ب- قامت لادولة العثمانية باعتبارها دولة اسلامية ومن ثم كان ولاء السلاطين للاسلام أولا، ثم الدولة بعد ذلك، ولم يكن حكم السلطان العثمانى حكما مطلقا بل كان مقيدا بالقرآن والسنة، فلم يكن باستطاعته تجاهل حدود الشريعة الاسلامية بصورة علنية حقيقة أنه كان يتمتع بالسلطتين (التشريعية والتنفيذية) إلا أن (خطوطه الشريفة) كانت تأتى فى المرتبة الرابعة بعد المصادر الأساسية للقانون الاسلامى.
ج- مارست الدولة العثمانية البيروقراطية بان أدخلت فى تنظيمها مؤسسات اجتماعية وجماعات انبثقت بشكل طبيعى أو عفوى، مما أدى إلى اتضاح الارتباط بين المجموعات المنظمة والأسرة الحاكمة.
د- يعد نظام الاقطاع الحربى من النظم التى ورثتها الدولة العثمانية عن غيرها من الدول الاسلامية وقد حرصت الدولة على تطبيقه منذ قيامها، وكان موضع انتقاد المؤرخين المحدثين ولا سيما من تأثر منهم بالنظم الاقتصادية الحديثة واعتبروه صنوا للاقطاع الأوروبى القديم، ولكنه يختلف عن نظام الاقطاع الأوربى جملة وتفصيلا، واهم ما يميزه أنه لم يكن وراثياً كما انه كان ضروريا فى ذلك الوقت "لأنه ساعد على التوسع فى زراعة مساحات شاسعة من الأراضى، كما وفر للدولة فى أوقات الحرب قوات من الفرسان كانت تبلغ أحيانا 200.000 فارس دون ان تتحمل الدولة أية نفقات.
• شخصية السلطان عبدالحميد
لا شك أن شخصية السلطان عبدالحميد الثانى (1876-1909) قد تضاربت حولها الأقوال والآراء لدرجة جعلتها من القضايا الخلافية فى التاريخ العثمانى، وقد كان الأتراك أنفسهم يطلقون على عهده عهد الاستبداد ولذلك كان من الطبيعى أن يتوقف عندها الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى فيستهل حديثه مقررا أن الرأى قد استقر على انصاف العهد الحميدى.
"إذ انتهى منذ زمن طويل اعتبار عصر السلطان عبدالحميد مجرد فترة يغلب عليها الطابع الرجعى، فقد اوضح بعض الكتاب المتخصصين فى التاريخ العثمانى ان معظم التغيرات التى بدأت منذ أوائل القرن التاسع عشر واستمرت حتى تولى عبدالحميد ولم تتوقف حتى نهاية حكمه.
بعد هذا الاستهلال الذى يوحى بان المؤلف سيقف مدافعا عن الاصلاحات التى تمت فى عهد السلطان عبدالحميد الثانى ناقش المؤلف موقف السلطان فى ظل الظروف والملابسات الدولية وعدد الخطوات الاصلاحية فى مجال السياسة والاقتصاد والتعليم والعمران مققر ان السلطان عبدالحميد لم يكن معاديا لأى اصلاح ما دام لا يهدد سلطاته، فقد كان يرى أن انقاذ الامبراطورية وتحسين أحوالها يقتضى إمساكه بتقاليد السلطة ثم يختتم المؤلف حديثه عن الاصلاحات بعبارة لا تخلو من الحكمة بقوله:
"هكذا كان عبدالحميد مصلحا على طريقته الخاصة أى عن طريقه هو وحده واسكات الناقدين"
وهكذا تناول الدكتور أحمد عبدالرحيم التاريخ العثمانى مؤكدا على حق المؤرخ فى إعادة كتابة التاريخ وتفسيره طبقاً لمقتضيات عصره الذى يحدد أهدافه من التأريخ، مادام لديه من الحقائق والوثائق ما يستند اليه، وهو بذلك يثبت ان التاريخ حوار بين الماضى والحاضر والمستقبل، وقد تميز هذا التناول بموضوعية الباحث وحكمة الموضوع.
 
== مصادر ==