عمر المختار: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:إصلاح تحويلات القوالب
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V4.9.1*
سطر 28:
 
=== نشأته ===
وُلد عمر المختار في [[البطنان]] ببرقة في الجبل الأخضر عام [[1862]]، وقيل عام [[1858]]،<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الصَّلَّابي |الأول=علي محمد |وصلة مؤلف=علي محمد الصلابي |عنوان=الشيخ الجليل عمر المختار: نشأته، وأعماله، واستشهاده |المكتبة العصريةurl= |تاريخ الوصول= |سنة= |ناشر= |مكان=[[صيدا]]-[[لبنان]] |صفحة=7 |صفحات=}}</ref> وكفله أبوه وعني بتربيته تربيةً إسلاميَّة حميدة مستمدة من تعاليم [[سنوسية|الحركة السنوسية]] القائمة على [[القرآن]] و[[حديث نبوي|السنَّة النبويَّة]]. ولم يُعايش عمر المختار والده طويلًا، إذ حدث أن توفي والده وهو في طريقه إلى مدينة [[مكة|مكَّة]] لأداء فريضة [[الحج في الإسلام|الحج]]، فعهد وهو في حالة المرض إلى رفيقه أحمد الغرياني (شقيق شيخ زاوية جنزور) بأن يُبلّغ شقيقه بأنَّه عهد إليه بتربية ولديه عمر ومحمد.<ref>[http://islamstory.com/ar/المجاهد_عمر_المختار قصة الإسلام: عمر المختار أسد الصحراء.] إشراف الدكتور راغب السرجاني. تاريخ التحرير: 29/07/2008 {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170102103814/http://islamstory.com:80/ar/المجاهد_عمر_المختار |date=02 يناير 2017}}</ref> وبعد عودة أحمد الغرياني من الحج، توجه فوراً إلى شقيقه الشيخ حسين وأخبره بما حصل وبرغبة مختار بن عمر أن يتولّى شؤون ولديه، فوافق من غير تردد، وتولّى رعايتهما محققاً رغبة والدهما، فأدخلهما [[مدرسة القرآن الكريم]] ب[[زاوية (توضيح)|الزاوية]]، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي لينضم إلى طلبة العلم من أبناء الإخوان والقبائل الأخرى.<ref name="الأشهب">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة=26 |صفحات=| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref>
 
حصد عمر المختار انتباه شيوخه في صباه، فهو [[يتيم|اليتيم]] اليافع، الذي شجّع [[القرآن]] الناس وحثهم على العطف على أمثاله كي تُخفف عنهم مرارة العيش، <ref>[https://www.alukah.net/Sharia/0/6388/ شبكة الألوكة: حقوق اليتامى في الإسلام.] تأليف الشيخ حسين شعبان وهدان. تاريخ التحرير: 25/6/2009 ميلادي - 2/7/1430 هجري {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170618081643/http://www.alukah.net/sharia/0/6388 |date=18 يونيو 2017}}</ref> كما أظهر ذكاءً واضحًا، مما جعل شيوخه يهتمون به في معهد [[الجغبوب]] الذي كان منارة للعلم، وملتقى [[عالم (مهنة)|للعلماء]] و[[فقه (توضيح)|الفقهاء]] والأدباء والمربين، الذين كانوا يشرفون على تربية وتعليم وإعداد المتفوقين من أبناء المسلمين ليعدّوهم لحمل رسالة [[إسلام|الإسلام]]، ثم يرسلوهم بعد سنين عديدة من العلم والتلقي والتربية إلى مواطن القبائل في [[ليبيا]] و[[أفريقيا]] لتعليم الناس وتربيتهم على مبادئ الإسلام وتعاليمه.<ref name="اتحاد العلماء المسلمين">[https://www.iumsonline.net/ar/Default.asp?ContentID=1052&menuID=10 موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: الشيخ عمر المختار.. نشأته وجهاده] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140401012228/http://www.iumsonline.net/ar/Default.asp?ContentID=1052&menuID=10 |date=01 أبريل 2014}}</ref> مكث عمر المختار في معهد الجغبوب ثمانية أعوام ينهل من العلوم الشرعية المتنوعة [[فقه إسلامي|كالفقه]] و[[علم الحديث|الحديث]] و[[علم التفسير|التفسير]]، ومن أشهر شيوخه الذين تتلمذ على أيديهم: السيّد الزروالي المغربي، والسيّد الجوّاني، والعلّامة فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني، وغيرهم كثير، وشهدوا له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة، وكان يقوم بما عليه من واجبات عمليَّة أسوة بزملائه الذين يؤدون أعمالًا مماثلة في ساعات معينة إلى جانب طلب العلم، وكان مخلصًا في عمله متفانيًا في أداء ما عليه، ولم يعرف عنه زملاؤه أنه أجَّل عمل يومه إلى غده.<ref name="اتحاد العلماء المسلمين"/>
سطر 64:
=== سفره إلى مصر ===
[[ملف:IdrisI3.jpg|تصغير|[[محمد إدريس السنوسي]]، راعي الثورة الليبيَّة على إيطاليا الفاشيَّة بزعامة عمر المختار.]]
سافر عمر المختار في شهر مارس سنة [[1923]] إلى [[مصر]] بصحبة علي باشا العبيدي ليعرض على الأمير محمد إدريس نتيجة عمله ويتلقى منه التوجيهات اللازمة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة=56 |صفحات=| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref> واستطاع اجتياز الحدود المصرية وتمكن من مقابلة الأمير إدريس بمصر الجديدة. وفي مصر جاءته جماعة من قبيلة المنفة وهي قبيلته التي ينتمي إليها، وكانوا قد أقاموا بمصر، لغرض الترحيب به، فاستفسر المختار قبل أن يأذن لهم بذلك عما إذا كانوا قد سعوا لمقابلة الأمير عند حضوره إلى مصر، فلما أجاب هؤلاء بالنفي معتذرين بأن أسبابًا عائليَّة قهرية منعتهم من تأدية هذا الواجب رفض المختار مقابلتهم وقال أنَّه لن يُقابل أناسٌ تركوا شيخه الذي هو ولي نعمته وسبب خيره، وهددهم بالقطيعة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة=8 |صفحات=| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref> فما إن بلغ الأمير إدريس مافعله عمر المختار مع من جاء إليه من أبناء قبيلته حتى أصدر امره بمقابلتهم فامتثل المختار لأمره.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شكري |الأول=محمد فؤاد |وصلة مؤلف= |عنوان=السنوسية؛ دين ودولة |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1948]] |ناشر=مركز الدراسات الليبية |مكان=[[أكسفورد]]- [[المملكة المتحدة]]|الرقم المعياري= |صفحة=271 |صفحات=}}</ref> حاولت إيطاليا بواسطة عملائها بمصر الاتصال بعمر المختار وعرضت عليه بأنها سوف تقدم له مساعدة إذا ما تعهد باتخاذ سكنه في مدينة [[بنغازي]] أو [[المرج (ليبيا)|المرج]]، وملازمة بيته تحت رعاية وعطف إيطاليا، وأن حكومة [[روما]] مستعدة بأن تجعل من عمر المختار الشخصية الأولى في ليبيا كلها وتتلاشى أمامه جميع الشخصيات الكبيرة التي تتمتع بمكانتها عند إيطاليا في طرابلس الغرب وبنغازي، وإذا ما أراد البقاء في مصر فما عليه إلا أن يتعهد بأن يكون لاجئًا ويقطع علاقته بإدريس السنوسي، وفي هذه الحالة تتعهد حكومة روما بان توفر له راتبًا ضخمًا يمكنهّ من حياة رغدة، وهي على استعداد أن يكون الاتفاق بصورة سرية وتوفير الضمانات لعمر المختار ويتم كل شيء بدون ضجيج تطمينًا لعمر المختار وقد طلبت منه نصح الأهالي بالإقلاع عن فكرة القيام في وجه إيطاليا.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=إسماعيل |الأول=محمد محمود |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار شهيد الإسلام، وأسد الصحراء |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1992]] |ناشر=مكتبة القرآن |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة=56 |صفحات=}}</ref> وقد كرر الإيطاليون عرضهم على عمر المختار عدَّة مرّات حتى بعد خروجه من مصر وعودته إلى برقة لكنه كان يرفض في كل مرة ويُصرّ على الجهاد وقتال المحتل الأجنبي. كان المختار قد اتفق مع الأمير إدريس أثناء وجوده في مصر على تفاصيل الخطة التي يجب أن يتبعها المجاهدون في قتالهم الطليان على أساس تشكيل المعسكرات، واختيار القيادة الصالحة لهذه الأدوار، وأن تظل القيادة العليا من نصيب عمر المختار نفسه، وزوده الأمير بكتاب يتضمَّن هذا المعنى، وتمَّ الاتفاق على بقاء الأمير في مصر ليقود العمل السياسي، ويهتم بأمر المهاجرين ويضغط على [[رئيس مجلس الوزراء (مصر)|الحكومة المصريَّة]] والبريطانيَّة بالسماح للمجاهدين بالالتجاء إلى مصر، ويشرف على إمداد المجاهدين بكل المساعدات الممكنة من مصر، ويرسل الإرشادات والتعليمات اللازمة إلى عمر المختار في الجبل، واتُفق على أن يكون الحاج التواتي البرعصي حلقة الوصل بين الأمير وقائد الجهاد، وبعد ذلك الاتفاق غادر عمر المختار [[القاهرة]] إلى السلّوم فبرقة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=شكري |الأول=محمد فؤاد |وصلة مؤلف= |عنوان=السنوسية؛ دين ودولة |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1948]] |ناشر=مركز الدراسات الليبية |مكان=[[أكسفورد]]- [[المملكة المتحدة]]|الرقم المعياري= |صفحة=273 |صفحات=}}</ref>
 
=== معركة بئر الغبي ===
سطر 78:
شهدت الفترة الممتدة بين عاميّ [[1924]] و[[1925]] مناوشات عديدة ومعارك دامية بين الثوَّار والقوَّات الإيطاليَّة، ووسَّع المجاهدون نشاطهم العسكري في الجبل الأخضر ولمع اسم عمر المختار كقائدٍ بارع يُتقن أساليب الكر والفر ويتمتع بنفوذ عظيم بين القبائل.<ref name="المختار 1923">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الصَّلَّابي |الأول=علي محمد |وصلة مؤلف=علي محمد الصلابي |عنوان=الشيخ الجليل عمر المختار: نشأته، وأعماله، واستشهاده |المكتبة العصريةurl= |تاريخ الوصول= |سنة= |ناشر= |مكان=[[صيدا]]-[[لبنان]] |صفحة= |صفحات=11-12}}</ref> وأخذ البدو من أبناء القبائل ينضمّون إلى صفوف المجاهدين، وبادرت القبائل بإمداد هؤلاء بما يحتاجون من مؤنٍ وعتادٍ وأسلحة. كان معسكر البراغيث هو مركز الرياسة العامة ومقر القائد العام عمر المختار، وكان النواة الأولى وحجر الأساس لمعسكرات [[الجبل الأخضر (توضيح)|الجبل الأخضر]] الثلاثة، وكان عمر المختار يُلقَّب بنائب الوكيل العام.<ref name="المختار 1923"/> وكان هناك مجلس أعلى استشاري في المعسكر يترأَّسه عمر المختار ويضم مختلف شيوخ وأعيان القبائل، كما كان هناك نظام رتب عسكرية يماثل ذاك العثماني ويشمل ترقياتٍ لأصحاب الإنجازات والأعمال البارزة.<ref name="المختار 29">{{استشهاد بكتاب |الأخير=الصَّلَّابي |الأول=علي محمد |وصلة مؤلف=علي محمد الصلابي |عنوان=الشيخ الجليل عمر المختار: نشأته، وأعماله، واستشهاده |المكتبة العصريةurl= |تاريخ الوصول= |سنة= |ناشر= |مكان=[[صيدا]]-[[لبنان]] |صفحة= |صفحات=11-29}}</ref> وقد أقرَّ حاكم برقة الإيطالي [[أتيليو تيروتسي|إتيليو تروتسي]] في مذكّراته المنشورة بعنوان "برقة الخضراء"، بأنَّ تكتيك ملاحقة الثوار وضربهم المستمرّ بالجبل الأخضر الذي اتبع منذ استلام الجنرال مومبيللي القيادة عام 1926 قد أدَّى إلى إنهاك القوة الإيطالية واستنفاذ قواها بقدر ما أنهك قوات الثوار، مما جعله أسلوباً غير مجدٍ. كما وأقر تروتسي بالطريقة نفسها بالأثر المعنويّ السيء الذي خلَّفته ضربات الثوار المتلاحقة على القوات الإيطالية بتلك الفترة، والتي لم تستطع ردَّ هذه الضربات أو إيقافها.<ref name="برقة الخضراء30">{{استشهاد بكتاب |الأخير=تروتسي |الأول=إتيليو |وصلة مؤلف= |عنوان=برقة الخضراء |الدار العربية للكتابurl= |تاريخ الوصول= |سنة=1931 |ناشر= |مكان=[[طرابلس]]، [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=156-29-30}}</ref>
 
خلال تلك الفترة كانت إيطاليا تصب اهتمامها على مدينة برقة التي لم تستطع احتلالها منذ أن زحفت جيوشها على [[أجدابيا]] سنة [[1923]]، وانحصرت مجهوداتها على معسكرات عمر المختار الذي لم يخرج يومًا من معركة إلَّا ليدخل في معركة أخرى.<ref name="المختار 1923"/> وقد قام عمر المختار بتأسيس معسكرٍ للمجاهدين في الجبل الأخضر، وأصبح يتولَّى بنفسه إدارته والإشراف على تدريب المقاتلين وتنظيم هجماتهم.<ref name="أسد الصحراء8">محمد محمود إسماعيل، "عمر المختار شهيد الإسلام وأسد الصحراء"، مرجع سابق، ص24: "خطة جديدة من ثلاث نقاط".</ref> ثم اتَّخذ لاحقاً منطقة [[شحات]] قاعدة عسكرية له ولرجاله.<ref name="أسد الصحراء9">محمد محمود إسماعيل، "عمر المختار شهيد الإسلام وأسد الصحراء"، مرجع سابق، ص28: "تدابير حكيمة".</ref> وفي عام [[1927]] تبدَّلت قيادة الجيش الإيطالي في برقة، وتولّى أمرها القائد العام "ميزتي"، وأخذ على عاتقه تنفيذ الخطة الهادفة إلى ضرب الحصار على حركة الجهاد في الجبل الأخضر، كما استبدل حاكم [[بنغازي]] الإيطالي "مومبيلي" بخلفه [[فريق أول (رتبة عسكرية)|الفريق أوَّل]] "تيروتس"، وهو من زعماء الحزب الفاشي، وزوِّد القائد ميزتي بعدد كبير من كبار الضبَّاط وأركان الحرب لمساعدته. وفي نفس السنة تقدمت القوات الإيطاليَّة من طرابلس الغرب بقيادة الفريق أوَّل [[رودولفو غراتسياني]]، فاحتلت [[واحة الجفرة]] والقسم الأكبر من [[فزان]] واشتبكت مع القبائل المحليَّة في عدَّة وقعات كانت الغلبة فيها للجيش الإيطالي.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة=73 |صفحات=| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref> وقد ضاعفت الحكومة الإيطاليَّة من جهودها غير العسكريَّة أيضًا، فبذلت الأموال الطائلة والوعود لزعماء القبائل حتى يكفوا عن القتال، فأصابت في ذلك نجاحًا كبيرًا كان من نتيجته أن سقطت [[الجغبوب]] ومرادة وزلة وجالو وأوجلة في أيديهم.<ref name="المختار-شلبي"/> وقد حاول عمر المختار مراراً إقناعهم بعدم التفاوض مع الإيطاليين والاستمرار في المقاومة.<ref name="برقة الخضراء56">{{استشهاد بكتاب |الأخير=تروتسي |الأول=إتيليو |وصلة مؤلف= |عنوان=برقة الخضراء |الدار العربية للكتابurl= |تاريخ الوصول= |سنة=1931 |ناشر= |مكان=[[طرابلس]]، [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=156-161}}</ref> لكن بعد بدء الرضا السنوسي الدخول هو الآخر في المفاوضات مع الإيطاليين بأواخر عام 1927، متّجهاً في ذلك إلى عقد السلم معهم، أصدر أوامره إلى عمر المختار من جالو بضرورة وقف العمليات العسكرية، <ref name="مولد تلقائيا3">{{استشهاد بكتاب |الأخير=تروتسي |الأول=إتيليو |وصلة مؤلف= |عنوان=برقة الخضراء |الدار العربية للكتابurl= |تاريخ الوصول= |سنة=1931 |ناشر= |مكان=[[طرابلس]]، [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=236}}</ref> وقبل عمر المختار بنقل هذه الأوامر إلى رجاله، فخفَّت وتيرة القتال في أنحاء الجبل الأخضر بانتظار تجلّي الموقف.<ref name="برقة الخضراء97">{{استشهاد بكتاب |الأخير=تروتسي |الأول=إتيليو |وصلة مؤلف= |عنوان=برقة الخضراء |الدار العربية للكتابurl= |تاريخ الوصول= |سنة=1931 |ناشر= |مكان=[[طرابلس]]، [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=197}}</ref> وكان احتلال تلك الواحات الصحراوية التي استسلم زعماؤها قد جعل عمر المختار في عزلة تامَّة في الجبل الأخضر ومع هذا ظلَّ المختار يشن الغارات على [[درنة]] وما حولها حتى أرغم الطليان على الخروج بجيوشهم لمقابلته، فاشتبك معهم في معركة شديدة استمرت يومين كان النصر فيها حليفه، وفرّ الطليان تاركين عددًا من السيَّارات والمدافع الجبليَّة وصناديق الذخيرة و[[جمل عربي|الجمال]]، ودواب النقل.<ref name="المختار-شلبي"/>
 
=== معركة أم الشافتير (عقيرة الدم) ===
{{مفصلة|معركة أم الشافتير}}
[[ملف:Omar Mukhtar with the Libyan Mujahideen.jpg|تصغير|المختار مع بعض المجاهدين.]]
بتاريخ [[28 مارس]] [[1927]]، اشتبك المجاهدون مع القوَّات الإيطاليَّة في معركة ضارية عُرفت باسم [[معركة الرحيبة|معركة الرحيبة أو موقعة يوم الرحيبة]]، وقد تكبّد فيها الطليان خسائر جسيمة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=التليسي |الأول=خليفة محمد |وصلة مؤلف=خليفة التليسي |عنوان=معجم معارك الجهاد في ليبيا 1911-1931 |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة= |ناشر=الدار العربية للكتاب |مكان= |الرقم المعياري= |صفحة=79 |صفحات=}}</ref> كانت تلك الهزيمة بمثابة [[القشة التي قصمت ظهر البعير|القشَّة التي قصمت ظهر البعير]]، فلم تعد الحكومة الإيطاليَّة في [[روما]] قادرة على تقبَّل أي هزيمة بعد أن ظهر جيشها بمظهر هزليّ أمام باقي جيوش أوروبا، كذلك كان الحكَّام الإيطاليّون في ليبيا قد طفح بهم الكيل من الهزائم المُتكررة، وكان لا بدّ لهم من إعادة اعتبارهم ورفع معنويَّات الجنود المنهارة، فشرعوا يعدّون الجيوش الجرَّارة لاحتلال الجبل الأخضر واتخاذه قاعدة لهم.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=مناع |الأول=محمد عبد الرزَّاق |وصلة مؤلف=محمد عبد الرزاق |عنوان=جذور النضال العربي في ليبيا |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1972]] |ناشر=دار مكتبة الفكر |مكان=[[طرابلس|طرابلس الغرب]]-[[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة=130 |صفحات=}}</ref> كانت القوَّات الإيطاليَّة عظيمة العدد والعِتاد، فضمَّت فرقا نظاميَّة إيطاليَّة و[[إريتريا|إريتريَّة]] وليبيَّة محليَّة، بالإضافة لبضعة فرق غير نظاميَّة من [[مرتزق|مرتزقة]] ليبيين و[[أفارقة]]، وعدَّة [[دبابة|دبَّابات]] وسيَّارات مصفحة وفرق هجَّانة وبطاريَّات مدفعيَّة. ويُضاف إلى تلك الاستعدادت سلاح الطيران الذي انطلق من قواعده بالمرج ومراوه وسلنطة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الصَّلَّابي |الأول=علي محمد |وصلة مؤلف=علي محمد الصلابي |عنوان=الشيخ الجليل عمر المختار: نشأته، وأعماله، واستشهاده |المكتبة العصريةurl= |تاريخ الوصول= |سنة= |ناشر= |مكان=[[صيدا]]-[[لبنان]] |صفحة=16 |صفحات=}}</ref> بالمُقابل، تراوح عدد المجاهدين ما بين 1500 إلى 2000 مجاهد، 25% منهم تقريبًا من سلاح الفرسان، <ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=مناع |الأول=محمد عبد الرزَّاق |وصلة مؤلف=محمد عبد الرزاق |عنوان=جذور النضال العربي في ليبيا |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1972]] |ناشر=دار مكتبة الفكر |مكان=[[طرابلس|طرابلس الغرب]]-[[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة=137 |صفحات=}}</ref> ويرافقهم حوالي 12 ألف جمل.<ref>{{Cite journal|الأخير1=ضوي |الأول1=علي عبد الرحمن |الأخير2= |الأول2= |سنة=1984 |عنوان=المسؤولية الدولية عن الأضرار الناشئة عن مخلفات الحرب العالمية الثانية في الإقليم الليبي |صحيفة=مجلة البحوث التاريخية |المجلد=1 |العدد= |صفحات=9. وُصل لهذا المسار بتاريخ [[5 نوفمبر]] [[2007]] |ناشر=منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية |doi= |مسار=https://www.libsc.org.ly/mrkaz/index.php/2011-08-14-14-52-08/2012-03-10-10-41-44/26 |تاريخ الوصول=| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20140423045201/http://www.libsc.org.ly/mrkaz/index.php/2011-08-14-14-52-08/2012-03-10-10-41-44/26 | تاريخ أرشيف = 23 أبريل 2014 }}</ref> علمت إيطاليا بواسطة [[تجسس|جواسيسها]] بموقع المجاهدين في عقيرة أم الشفاتير فارادت أن تحكم الطوق عليهم، فزحفت القوّات الإيطالية نحو العقيرة بعد مسيرة دامت يومين كاملين واستطاعت أن تضرب حصارًا حول المختار ورجاله من ثلاث جهات، وبقوّات جرّارة تكوّنت من حوالي 2000 [[بغل]] و5000 جندي، و1000 جمل بالإضافة إلى السيّارات المُصفّحة والناقلة.<ref>[https://ommoneeb8.blogspot.com/2011_08_01_archive.html عظماء التاريخ (عمر المختار): أهم معاركة] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171228172228/http://ommoneeb8.blogspot.com/2011_08_01_archive.html |date=28 ديسمبر 2017}}</ref> ولمَّا علم المختار بما يخططه الطليان، شرع يعد العدّة مع باقي قادة الجهاد لمُلاقاة العدو، فأعدوا خطة حربيَّة وقاموا بحفر خنادق ليستتر بها المجاهدون وخنادق أخرى لتحتمي بها الأسر من نساء وأطفال وشيوخ، وتمَّ ترتيب المجاهدين على شكل مجموعات حسب انتمائهم القبلي ووضعت أسر كل قبيلة خلف رجالها المقاتلين، وكان قائد تلك المعركة الشيخ حسين الجويفي البرعصي، أمَّا عمر المختار فقاتل إلى جانب المقاتلين الآخرين من غير أصحاب الرتب. ولم يطل الأمر حتى اشتبك المجاهدون مع الطليان في معركة حامية الوطيس، وسقط من الليبيين الكثير من الرجال، وحتى النساء والأطفال، بعد أن قصفت الطائرات الفاشيَّة أماكن تمركزهم، لكنَّ المختار والباقين تمكنوا من دحر الإيطاليين وأجبروهم على التقهقر والانسحاب مرة أخرى. بلغ عدد القتلى الليبيين 200 شخص، كان من بينهم والد زوجة عمر المختار الذي بكاه بكاءًا حارًا وقال بعد أن سمع بمقتله: {{اقتباس مضمن|راحو الكل ياعين الجيران وأصحاب الغلا}}.<ref>[https://www.kl28.net/knol3/?p=view&post=52934&page=8 دار المعرفة، كلمات: الشيخ الجليل عمر المختار] {{وصلة مكسورة|date= أكتوبر 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200126191213/https://kl28.com/knol3/?p=view&post=52934&page=8 |date=26 يناير 2020}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=زيادة |الأول=نقولا |وصلة مؤلف=نقولا زيادة |عنوان=برقة الدولة العربيَّة الثامنة |مسار=https://dar.bibalex.org/webpages/mainpage.jsf?PID=DAF-Job:141387&q= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1950]] |ناشر=[[دار العلم للملايين]] |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |الرقم المعياري= |صفحة=440 |صفحات=}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160304203823/http://dar.bibalex.org/webpages/mainpage.jsf?PID=DAF-Job:141387&q= |date=4 مارس 2016}}</ref>
 
بعد انتهاء المعركة، أصبحت القوَّات الإيطاليَّة منهكة القوى مُصابة بالإعياء من شدة المعارك المستمرة منذ فترة طويلة دون توقف، <ref>{{Cite journal|الأخير1=ضوي |الأول1=علي عبد الرحمن |الأخير2= |الأول2= |سنة=1984 |عنوان=المسؤولية الدولية عن الأضرار الناشئة عن مخلفات الحرب العالمية الثانية في الإقليم الليبي |صحيفة=مجلة البحوث التاريخية |المجلد=1 |العدد= |صفحات=16. وُصل لهذا المسار بتاريخ [[5 نوفمبر]] [[2007]] |ناشر=منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية |doi= |مسار=https://www.libsc.org.ly/mrkaz/index.php/2011-08-14-14-52-08/2012-03-10-10-41-44/26 |تاريخ الوصول=| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20140423045201/http://www.libsc.org.ly/mrkaz/index.php/2011-08-14-14-52-08/2012-03-10-10-41-44/26 | تاريخ أرشيف = 23 أبريل 2014 }}</ref> وكشفت المعركة لعمر المختار عن ملامح السياسة الفاشسيَّة الجديدة وهي الإبادة والتدمير للمصالح والرجال على حدٍ سواء، فاتخذ إجراءات ترحيل النساء والأطفال والشيوخ إلى السلّوم لحمايتهم من الغارات الجويَّة الإيطاليَّة، وتيسيرًا لسهولة تحرّك المجاهدين وفق ما يتطلبه الموقف الجديد. كما أعاد تنظيم المجاهدين على هيئة فرق صغيرة تلتحم مع العدو عند الضرورة، وتشغله في أغلب الأوقات مما يُقلل من نسبة الخسائر المحليَّة أثناء المعارك ويُلحق الخسائر الفادحة بالأعداء وفق التكتيك الجديد لحرب العصابات، ألا وهو الهجوم في الوقت المناسب والانسحاب عند الضرروة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=رايت |الأول=جون |وصلة مؤلف= |عنوان=تاريخ ليبيا |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1972]] |ناشر=دار الفرجاني |مكان=[[طرابلس|طرابلس الغرب]]-[[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة=153 |صفحات=}}</ref> بالإضافة إلى ذلك، أيقن المُختار ضرورة العمل على التعريف بالقضيَّة الليبيَّة والنضال الليبي ضد إيطاليا في [[العالم الإسلامي|البلاد الإسلاميَّة]] والأوروبيَّة على حدٍ سواء، فطلب من بعض المجاهدين الهجرة إلى الخارج للتعريف بالقضيَّةِ في البلدان التي يحلّون بها، فكان من نتيجة هذا تشكيل الجاليات الليبيَّة في الخارج.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=بن موسى |الأول=تيسير |وصلة مؤلف= |عنوان=كفاح الليبيين السياسي في بلاد الشام، 1925-1950 ف |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[2006]] |ناشر=مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية |مكان=[[طرابلس|طرابلس الغرب]]-[[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=140}}</ref>
سطر 107:
 
=== ما بعد المفاوضات ===
كان موقف بادوليو حرجًا وصعبًا وقد اهتزت مصداقيته، فاستسلام عمر المختار لم يتحقق والثورة لم تنته وبدأت روما تتسائل عن حقيقة الموقف، غير أن بادوليو صمم على السير في طريقه وصمّ أذنيه عن الانتقادات وكان واثقًا من أن الثورة في طريق الانهيار بعد أن انفصل عنها البعض، وبعد أن واصل العملاء وكبار الموظفين مساعيهم لتمزيق ما تبقى من الثوّار مع عمر المختار. وكان بادوليو مقتنعًا أنَّ هدنة لبضعة أشهر يصحبها عمل ذكي لعمليات الإغراءات المالية وشق صفوف الثوار تكفي للوصول إلى سلم يؤمن سيادة إيطاليا الكاملة على ليبيا. كما كان مستعدًّا لتقديم الكثير إلى عمر المختار على المدى المباشر دون أن يصل إلى اتفاقية رسمية مكتوبة كان الطرف الليبي يُطالب بها، وقد وعده الفريق أوَّل سيشلياني بها، وقد راهن بادوليو على الخلافات التي يغذيها الإيطاليون وعلى تعب سكان الجبل الأخضر وهي عوامل تجعل من استئناف القتال في وقت قريب أمرا مستحيلًا.<ref>{{Cite journal|الأخير1=روشات |الأول1=جورج |الأخير2= |الأول2= |سنة=[[1937]] |عنوان=قمع المقاومة العربية في برقة 1930-1931 |مجلة حركة تحرير إيطاليا journal= |المجلد=ينايرـ مارس |العدد= |صفحات=320 |ناشر= |doi= |مسار= |تاريخ الوصول=}}</ref> غير أن عمر المختار كان أبعد نظرًا فقد أدرك من البداية حدود اللعبة الإيطالية فأخذ حذره وابتعد بقواته عن المراكز الإيطالية ليجنبها عمليات الإغراءات والاستقطاب التي وقع فيها البعض وواصل احترامه للهدنة على أمل مواصلة المفاوضات وقد بعث برسالة إلى الفريق أوَّل سيشلياني يوم [[29 يونيو]] سنة [[1929]]، يلفت نظره إلى المماطلة الإيطالية والتسويف في استئناف المفاوضات وإلى تصرفات كبار الموظفين الإيطاليين والعملاء لبث الفتنة بين المجاهدين واستمالتهم إلى إيطاليا عن طريق الإغراءات الماديَّة والمالية وكانت رسالة المختار واضحة فقد أراد أن يشعر بادوليو أنه على علم بمخططاته ومحولاته للقضاء على الثورة بدون حرب.<ref name="ليبيا وطننا">[https://www.libya-watanona.com/adab/welbouri/wb16096a.htm ليبيا وطننا: عـمر المختار وبادوليو أو مفاوضات سيدي ارحومه] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20120627213936/http://www.libya-watanona.com/adab/welbouri/wb16096a.htm |date=27 يونيو 2012}}</ref> وطلب المختار في نفس الرسالة تحديد موعد لمقابلة الفريق أوَّل سيشلياني، وفي حالة الرفض أو عدم الإجابة يكون عمر المختار في حل مما قيدته به آداب المجاملة في انتظار نتيجة المفاوضات، وسوف تعود الأمور لما كانت عليه، وكان جواب إيطاليا هو أنها على استعداد ولا داعي للإنذار بإعادة الحرب.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=111-112| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref>
 
وفي يوم [[25 سبتمبر]] أرسل عمر المختار رسالة إلى سيشلياني أشعره فيها بأن مندوبي الحكومة ورؤساء التفاوض المرتبطين بالسلطات الإيطاليَّة يقومون ببث الخلاف بين المجاهدين بمساعدة بعض المتصرفين الذين يقومون بتوزيع المؤن والأغذية وأن المسؤوليَّة تقع على الحكومة إذا تسبب ذلك في سوء تفاهم.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة المهدأة |مسار=https://www.dandis.ps/BookDetails.aspx?itemNo=1361 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1975]] |ناشر= دار الفرجاني للنشر والتوزيع، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: محمد بشير الفرجاني |مكان=[[نابلس]] - [[الضفة الغربية]] - [[فلسطين]] |الرقم المعياري= |صفحة= 32 |صفحات=| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160927071854/http://www.dandis.ps/BookDetails.aspx?itemNo=1361 | تاريخ أرشيف = 27 سبتمبر 2016 }}</ref> وفي [[19 أكتوبر]] بعث عمر المختار برسالة إلى بادوليو ينذره بأن الهدنة لن تجدد بعد الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وبعث في نفس الوقت ببيان إلى الصحافة المصريَّة نشرته صحيفتا [[المقطم (جريدة)|المقطم]] و[[الأهرام (جريدة)|الأهرام]] يوم [[20 أكتوبر]] ضمنه مجمل الحوار الذي دار بينه وبين بادوليو في سيدي ارحومة والذي صحح فيه الوقائع التي كان يذيعها الإيطاليون على غير جديتهم ومحاولاتهم تدمير المقاومة عن طريق شراء الضمائر والدسيسة وشق الصفوف وأكد أن اجتماع سيدي ارحومة انتهى بالاتفاق على الهدنة وقد سلَّم الجانب الليبي شروطه إلى بادوليو الذي وعد بنقلها إلى رؤسائه. وقد أحدث بيان عمر المختار الذي نشرته الصحافة المصرية هزَّة في روما وغضبًا بسبب الأوضاع المتردية في ليبيا والتي يبدو أن بادوليو عاجز عن حلها.<ref name="ليبيا وطننا"/> حاول بادوليو إقناع المسؤولين في روما بأن الأمور سائرة على ما يرام، وأرسل يوم 16 نوفمبر 1929 برقيَّة إلى وزير المستعمرات جاء فيها: {{اقتباس مضمن|لا أدري ما هي الأكاذيب الأخرى التي يخترعها عمر المختار لاتهام الحكومة بأنها لم تفِ بكلمتها وأنكم تعلمون أن خيال المشايخ [[عرب|العرب]] واسع عندما يتعلق الأمر بإخفاء الحقائق ولا يجب العدو ورائهم وإنما ضربهم بقوة.. فإذا ظلت حركة عمر المختار معزولة فيكون من السهل القضاء عليها، إن ثُلثيّ الثوَّار سيكونون في جانبنا، إنَّ الوضع لا يثير أي قلق وسنتغلب عليه في وقت قصير}}.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=ديل بوكا |أنجيلوfirst= |وصلة مؤلف= |عنوان=الإيطاليون في ليبيا، الجزء الثاني |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[1995]] |ناشر= ترجمة محمود علي التائب؛ مراجعة عمر محمد الباروني |مكان= |الرقم المعياري= |صفحة=162 |صفحات=}}</ref><ref>{{Cite journal|الأخير1=البوري |الأول1=وهبي |الأخير2= |الأول2= |سنة=[[2005]] |عنوان=عـمر المختار وبادوليو أو مفاوضات سيدي ارحومه |صحيفة=مجلَّة تراث الشعب |المجلد=25 |العدد=1-2 |صفحات= |ناشر= |doi= |مسار= |تاريخ الوصول=4 March 2013}}</ref>
سطر 120:
[[ملف:Omar Shegewi.jpg|تصغير|يمين|من [[شنق|مشانق]] الطليان في ليبيا.]]
[[ملف:رودولفو قرسياني.jpg|تصغير|الفريق أوَّل رودولفو غراتسياني.]]
اهتز وضع المشير بادوليو بعد فشله في المفاوضات وبعد الإخفاق في الهجوم الذي قصد منه إنهاء الثورة، واستغل الفريق أوَّل دي بونو وزير المستعمرات تزعزع مركز بادوليو فانهال عليه بالتعليمات والتوجيهات وطلب منه إعفاء نائبه الفريق أوَّل سيشلياني وتعيين الفريق أوَّل غراتسياني بديلًا له، وكان دي بونو يريد أن يخلق من غراتسياني ندًا لبادوليو ومنافسًا له. وصل غراتسياني إلى بنغازي يوم [[7 مارس]] سنة [[1930]]، تحيط به هالة من البطولة والاعتداد بالنفس والغطرسة بعد أن قابل موسوليني في روما وأثنى عليه الأخير ووضع ثقته فيه، كما هتف له مجلس النواب الإيطالي. وشرع في عمله باتخاذ سلسلة من الإجراءات القمعيَّة والتعسفيَّة، فأرسل بعض المشايخ إلى سجون إيطاليا وقرر توقيع [[عقوبة الإعدام]] على كل من يتعاون أو يتصل بالثوَّار وسجن معظم المشايخ وأعيان بنغازي ودرنة في قلعة بنينة، أمَّا أبرز ما فعله فكان إنشاء "المحكمة الطائرة"، وهي محكمة بكامل أجهزتها تقطع البلاد على متون الطائرات وتحكم على الأهالي بالموت ومصادرة الأملاك لأقل شبهة وتمنحها للمرتزقة الفاشيّين، وكانت تلك المحاكم تنعقد بصورة سريعة وتصدر أحكامها وتُنفَّذ في دقائق وبحضور المحكمة نفسها لتتأكد من التنفيذ قبل أن تُغادر الموقع الذي انعقدت فيه لتنعقد في نفس اليوم بموقع آخر.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=126-127| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref> بل وقد أعلن جائزة قدرها 200,000 فرنك لقاء جلب عمر المختار سواءً حياً أو ميتاً.<ref name="مجلة البحوث4">د. هاشم يحيى الملاح، "جهاد عمر المختار وتضحيات الجماهير". ص20، مجلة البحوث التاريخية، العدد الثاني، السنة العاشرة، يوليو 1988. منشورات مركز دراسة جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي.</ref> كما ارتكب غراتسياني فظائع أخرى، فأنشأ معسكرات الاعتقال الجماعيَّة في الصحراء، وأحاطها بالأسلاك الشائكة، ونقل إليها كل من يربطه أي نوع من أنواع الصلات بأحد المجاهدين أو المهاجرين إلى مصر، ولم يُراع في ذلك سنّ المعتقلين ولا جنسهم ولا حالتهم الصحيَّة، فاعتقلت النساء والرجال، والشيوخ والأطفال، والصحاح والمُصابين بالأمراض والعاهات. كما أمر بإحراق الكثير من القرى المتعاونة مع الثوَّار، فدُمِّرت المنازل وأُحرقت المحاصيل الزراعيَّة، وأُهلكت الحيوانات فيما عدا ما استعمله الجيش الإيطالي للنقل، حتى أصبحت جميع مناطق الجبل والبطنان هلاكًا تلعب فيه الرياح.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الصَّلَّابي |الأول=علي محمد |وصلة مؤلف=علي محمد الصلابي |عنوان=الشيخ الجليل عمر المختار: نشأته، وأعماله، واستشهاده |المكتبة العصريةurl= |تاريخ الوصول= |سنة= |ناشر= |مكان=[[صيدا]]-[[لبنان]] |صفحة= |صفحات=113 و149}}</ref>
 
وقد كانت معسكرات المجاهدين قريبة من نواجع الأهالي حتى يسهل على المختار وصحبه أخذ العشور والحصول على الذخائر والأسلحة والمؤن، ولكن بعد حشر القبائل في المعتقلات الجماعيَّة تغيَّرت خطة عمر المختار وطوَّر أساليبه القتاليَّة لما يتماشى مع المرحلة واعتمد على عنصر المباغتة وركن إلى مفاجأة القوات الإيطاليَّة بعد كشفها والاستطلاع عليها في أماكن متفرقة.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=محمود |الأول=شلبي |وصلة مؤلف= |عنوان=حياة عمر المختار |مسار=|تاريخ الوصول= |سنة=[[1989]] |ناشر=دار الجيل |مكان=[[بيروت]]-[[لبنان]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=127-128}}</ref> قال غراتسياني في هذا المجال: {{اقتباس مضمن|بالرغم من إبعاد النواجع والسكَّان الخاضعين لحكمنا، يستمر عمر المختار في المقاومة بشدَّة ويلاحق قوَّاتنا في كل مكان}}.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة الهادئة |مسار= https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1980]] |ناشر=دار مكتبة الأندلس، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: إبراهيم سالم بن عامر |مكان=[[بنغازي]] - [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة=227 |صفحات=|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645|تاريخ أرشيف=2018-08-21}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |date=21 أغسطس 2018}}</ref> وعلى الرغم من ذلك، فقد أصدر عمر المختار أوامره إلى رجاله بتجنُّب التعرض للسكان أو منعهم من الرحيل خشية انتقام الإيطاليين.<ref>عصام عبد الفتاح، كتاب "عمر المختار ورجاله: سيد شهداء القرن العشرين". ص74. دار كنوز للنشر والتوزيع [[القاهرة]]، [[مصر]].</ref> استمرَّ غراتسياني في تدابيره العسكريَّة، فلم يأتِ يوم [[14 يونيو]] حتى كان الطليان قد استولوا على منطقة الفايدية، بأجمعها واحتلوها ونزعوا من الأهالي الخاضعين لهم 3175 بندقية، و60,000 [[خرطوش (توضيح)|خرطوش]].<ref name="رودلفو"/> في وقتٍ سابق، كانت قد سقطت [[الكفرة (ليبيا)|الكفرة]] في الجنوب والتي كانت المعقل الأساسي المتبقي لحركة المقاومة، ممَّا ترك عمر المختار في معزلٍ تامّ.<ref name="طاهر الزاوي70">كتاب "عمر المختار"، لطاهر الزاوي، مرجع سابق، ص154-155: "التضييق على السيد عمر".</ref> أمام هذا الواقع نقل عمر المختار دائرة عملياته إلى الناحية الشرقية في الدفنا نظرًا لقربها من الحدود المصريَّة وذلك حتى يتمكن من إرسال [[ماشية|المواشي]] التي يأتيه بها الأهالي إلى الأسواق المصرية في نظير أخذ حاجته من هذه الأسواق، مما جعل غراتسياني يقرر إقامة [[سلك شائك|الأسلاك الشائكة]] على طول الحدود الشرقيَّة.<ref name="رودلفو">{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة الهادئة |مسار= https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1980]] |ناشر=دار مكتبة الأندلس، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: إبراهيم سالم بن عامر |مكان=[[بنغازي]] - [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة=229 |صفحات=|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645|تاريخ أرشيف=2018-08-21}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |date=21 أغسطس 2018}}</ref> وقد تكلَّفت الحكومة الإيطاليَّة 20 مليون فرنك إيطالي حتى تمكنت من مدّ الأسلاك من حدود [[البحر الأبيض المتوسط|البحر المتوسط]] إلى ما بعد الجغبوب، لكنها بالمقابل، وكما ذكر غراتسياني في مذكراته، أدَّت النتيجة المرجوَّة، فحرمت الثوَّار من الإمدادات التي كانت تأتيهم من مصر عن طريق المهاجرين.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة الهادئة |مسار= https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1980]] |ناشر=دار مكتبة الأندلس، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: إبراهيم سالم بن عامر |مكان=[[بنغازي]] - [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=232-233|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645|تاريخ أرشيف=2018-08-21}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |date=21 أغسطس 2018}}</ref>
سطر 131:
[[ملف:Omar Mokhtar arrested by Italian Officials.jpg|تصغير|عُمر المختار في الأسر وقد كُبِّل بالسلاسل دون مراعاة سنّه وحالته الصحيَّة.]]
نُقلت برقية من موريتي، النبأ إلى كلٍ من وزير المستعمرات دي بونو وحاكم ليبيا بادوليو والفريق أوَّل غراتسياني، جاء فيها:
{{اقتباس مضمن|تمَّ القبض على عمر المختار.. في عملية تطويق بوادي بوطاقة جنوب [[البيضاء (ليبيا)|البيضاء]]. وقد وصل مساء الأمس إلى [[سوسة (توضيح)|سوسة]] الكومنداتور دودياتشي الذي تعرف عليه ووجده هادئ البال ومطمئنًا لمصيره، الخسائر التي تكبدها المتمردون هي 14 قتيلًا}}.<ref name="صحيفة الجيل">[https://www.jeel-libya.net/show_article.php?id=16976&section=7 صحيفة الجيل] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20200117155822/https://www.jeel-libya.net/show_article.php?id=16976&section=7 |date=17 يناير 2020}}</ref> وتمَّ استدعاء أحد القادة الطليان، وهو متصرف [[الجبل الأخضر (ليبيا)|الجبل الأخضر]] دودياشي الذي سبق أن فاوض عُمر المختار للتثبت من هوية الأسير. وبعد أن التُقطت الصور مع الأسير، نُقل عمر المختار إلى مبنى بلدية [[سوسة (توضيح)|سوسة]]، ومن هناك على ظهر طرَّاد بحري إلى سجن [[بنغازي]] مُكبّلًا بالسلاسل.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة=146 |صفحات=| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref> يقول غراتسياني في مذكراته أنَّه خلال الرحلة إلى بنغازي، تحدَّث بعض السياسيين مع عمر المختار ووجهوا إليه الأسئلة، فكان يجيب بكل هدوء وبصوت ثابت وقوي دون أي تأثر بالموقف الذي هو فيه.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة الهادئة |مسار= https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1980]] |ناشر=دار مكتبة الأندلس، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: إبراهيم سالم بن عامر |مكان=[[بنغازي]] - [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة=274 |صفحات=|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645|تاريخ أرشيف=2018-08-21}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |date=21 أغسطس 2018}}</ref> وقال أيضًا: {{اقتباس مضمن|هذا الرجل اسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المُفكر والقلب النابض للثورة العربيَّة (الإسلاميَّة) في برقة وكذلك كان المُنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن وقع أسيرًا في أيدينا}}.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة الهادئة |مسار= https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1980]] |ناشر=دار مكتبة الأندلس، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: إبراهيم سالم بن عامر |مكان=[[بنغازي]] - [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=266-267|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645|تاريخ أرشيف=2018-08-21}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |date=21 أغسطس 2018}}</ref>
 
=== في السجن ===
سطر 138:
عندما وصل الأسير إلى بنغازي، لم يُسمح لأي مراسل جريدة أو مجلَّة بنشر أية أخبار أو مقابلات، وكان على الرصيف مئات من المشاهدين عند نزوله في الميناء ولم يتمكن أي شخص مهما كان مركزه أن يقترب من الموكب المُحاط بالجنود المدججين بالسلاح. ونُقل المختار في سيَّارة السجن تصحبه قوَّة مسلَّحة [[رشاش|بالمدافع الرشَّاشة]] حيث أودع في زنزانة صغيرة خاصة منعزلة عن كافَّة [[سجين سياسي|السجناء السياسيين]] وتحت حراسة شديدة، وكان يتم تغيير الحرَّاس كل فترة. ويقول مترجم كتاب "برقة الهادئة" الأستاذ إبراهيم سالم عامر أنَّ زنزانة عمر المختار كانت تحوي سريرًا من [[خشب]] و[[نسيج (قماش)|قماش]] وعلى أرضيَّتها قطعة من السجَّاد البالي لأجل وقع الرجلين عليه، ويُضيف أنَّ المختار كان يجلس عليها ويُسند ظهره على الجدران ويمد رجليه إلى الأمام حتى يُريحهما.<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=غراتسياني |الأول=رودولفو |وصلة مؤلف=رودولفو غراتسياني |عنوان=برقة الهادئة |مسار= https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |تاريخ الوصول= |سنة=[[1980]] |ناشر=دار مكتبة الأندلس، [[تعريب (لغة)|تعريب]]: إبراهيم سالم بن عامر |مكان=[[بنغازي]] - [[ليبيا]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=274-275|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645|تاريخ أرشيف=2018-08-21}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180821160353/https://wadod.org/vb/showthread.php?t=4645 |date=21 أغسطس 2018}}</ref>
 
أثناء مكوث عمر المختار في السجن، أراد المأمور رينسي، وهو السكرتير العام لحكومة برقة، في أمسية الرابع عشر من سبتمبر أن يُقحم الشارف الغرياني في موقف حرج مع عمر المختار فأبلغه بأنَّ المختار طلب مقابلته، أي الغرياني، وأنَّ الحكومة الإيطاليَّة لا ترى مانعًا من تلبية طلبه، وذهب الشارف الغرياني إلى السجن لمقابلة المختار، وعندما التقيا خيَّم السكون الرهيب ولم يتكلم المختار فقال الشارف الغرياني مثلًا شعبيًّا مخاطبًا به المختار: {{اقتباس مضمن|الحاصلة سقيمة والصقر ما يتخبل}}، وماكاد المختار يسمع المثل المذكور حتى رفع رأسه ونظر بحدَّة إلى الشارف الغرياني وقال له: {{اقتباس مضمن|الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه}} وسكت هنيهة ثم أردف قائلًا: {{اقتباس مضمن|ربِّ هب لي من لدُنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، أنني لم أكن في حاجة إلى وعظ أو تلقين، أنني أومن بالقضاء والقدر، وأعرف فضائل الصبر والتسليم لإرادة الله، إنني متعبٌ من الجلوس هنا، فقل لي ماذا تريد؟}}، وهنا أيقن الشارف الغرياني بأنه غرّر به فزاد تأثره وقال للمختار: {{اقتباس مضمن|ما وددت أن أراك هكذا ولقد أرغمت نفسي للمجيء بناءً على طلبك...}} فقال المختار: {{اقتباس مضمن|والجبل الشامخ أنا لم أطلبك ولن أطلب أحدًا ولا حاجة لي عند أحد}}، ووقف دون أن ينتظر جوابًا من الشارف الغرياني، وعاد الأخير إلى منزله وهو مهموم حزين وقد صرّح بأنه شعر في ذلك اليوم بشيء ثقيل في نفسه ما شعر به طيلة حياته، ولما سُئل الشارف الغرياني عن نوع الثياب التي كان يرتديها عمر المختار أهي ثياب السجن أم ثيابه التي وقع بها في الأسر كان جوابه بيتان من الشعر:<ref>{{استشهاد بكتاب |الأخير=الأشهب |الأول= محمد الطيب بن إدريس |وصلة مؤلف= |عنوان=عمر المختار |مسار=https://ia801603.us.archive.org/9/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf |تاريخ الوصول= |سنة=[[1958]] |ناشر=مكتبة القاهرة |مكان=[[القاهرة]]-[[مصر]] |الرقم المعياري= |صفحة= |صفحات=166-167| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20200503170527/https://ia801900.us.archive.org/23/items/oalmukhtar/oalmukhtar.pdf | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2020 }}</ref>
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|عليه ثيابٌ لو تُقاس جميعها|بفلسٍ لكان الفلسُ منهن أكثرا}}