تراجيديا: الفرق بين النسختين

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط استرجاع تعديلات نعام الحمدي (نقاش) حتى آخر نسخة بواسطة JarBot
وسم: استرجاع
JarBot (نقاش | مساهمات)
سطر 1:
[[ملف:Sarah Siddons as Euphrasia in The Grecian Daughter, 1782.jpg|تصغير|يسار| مشهد مأساوي .]]
'''المأساة''' هي شكل من العمل الفني الدرامي يهدف إلى تصوير مأساة قد تكون مبنية على قصة تاريخية، أصل الكلمة هو من ال[[لغة يونانية|يونانية]] الكلاسيكية (τραγῳδία) وتعني حرفياً "أغنية الماعز" ، نسبة إلى طقوس [[مسرحية]] ودينية كان يتم فيها غناء الكورس مع التضحية بالماعز في [[اليونان]] القديمة. ال'''تراجيديا'''عموماً تتعلق باستعراض أحداث من الحزن ونتيجة مؤسفة في النهاية ،النهاية، كما تنطبق هذه التسمية أيضاً في الثقافة الغربية على وجه التحديد على شكل من أشكال [[دراما|الدراما]] التي حددها [[أرسطو]] اتسمت على جانب من الجدية والشهامة والتي تنطوي على شخص عظيم يمر بظروف تعيسة. (تعريف أرسطو أيضاً يمكن أن يشمل تغير الأحوال من سيء إلى جيد، ولكنه أرسطو يقول إن التغير من الجيد إلى السيء هو الأفضل لأن هذا يؤدي إلى إثارة الشفقة والخوف داخل متفرج). ووفقاً لأرسطو أيضاً فإن "هيكل العمل التراجيدي لا ينبغي أن يكون بسيطا بل معقدا وأن يمثل الحوادث التي تثير الخوف والشفقة." ويرى أرسطو ،أرسطو، "أن التغير في الحال نحو التعاسة والمأساة لا يعود إلى أي خلل أو عيب أخلاقي ،أخلاقي، ولكن إلى خطأ من نوع ما." كما أنه عكس الاعتقاد الخاطئ بأن هذه المأساة يمكن أن تنتج من قبل سلطة عليا (على سبيل المثال القانونالقانون، ،الآلهة، الآلهة ، المصير ،المصير، أو المجتمع) ، بينما إذا كان سقوط شخصية ما في هذه المحنة ناجم عن سبب خارجي ،خارجي، فإن [[أرسطو]] يصف ذلك بأنه "بلية" وليس مأساة.<ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص 22</ref>
 
== تعريفها ==
 
{{اقتباس خاص|[[التراجيديا]] هي [[محاكاة]] لفعل جاد كامل ذي حجم معين ، في لغة منمقة تختلف طبيعتها باختلاف أجزاء " [[المسرحية]] " ، و بواسطة أشخاص يؤدون الفعل لا عن طريق السرد ، و بحيث تؤدي إلي تطهير " النفس " عن طريق الخوف و الشفقة بإثارتها لمثل هذه الانفعالات}}
كما يعرفها [[أرسطو]] أو كما يعرف باسم " المعلم الأول " بكتابه " عن [[فن الشعر (أرسطو)|الشعر]] " <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:95</ref>. و يري [[أرسطو]]أن [[المحاكاة]] نزعة فطرية تولد مع [[الإنسان]] منذ نعومة أظفاره ،أظفاره، و أن [[الإنسان]] هو أكثر [[الكائنات الحية]] براعة في هذا المضمار ،المضمار، حيث إنه ينال تعليمه و معارفه في طفولته عن طريق [[المحاكاة]] ، و أن البشر جميعا يجدون متعة كبيرة في [[المحاكاة]] . كذلك نجد أن الكلمة التي استخدمها [[الإغريق]] للدلالة علي [[الشاعر]] هي Poietes و هي كلمة لا تعني شخصا يخلق من عدم ،عدم، بل تعني الشخص الذي يؤلف و يركب و ينظم الأجزاء التي نقلها عن طريق [[المحاكاة]] . و هذا يتطابق مع نظرية [[أفلاطون]] بين الأصل والصورة له . و أن كل شيء ب[[الحياة]] هو صورة لأصل في السماء . و معني هذا أن [[المحاكاة]] ليست نقلا حرفيا و لا خلقا من العدم ،العدم، بل نقل يتضمن تغييرا و إضافة ذاتية ممن قام بها . ألي جانب انها معني لاصيق بالإنسان و أيضا تحمل معني الإضافة والابتكار <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص22</ref>.
 
في تعريف [[أرسطو]]: هي [[محاكاة]] أي حدث يثير انفعال الألم، (وغالباً ما ينتهي بالموت) حيث يكون بطل هذا الحدث شخصاً ذا مكانة عالية، وحيث تؤدي عاطفتا الخوف والشفقة إلى تطهير النفس من هذه الانفعالات. وقد تحتوي في العصر الحديث على بعض العناصر الهزلية أو القصص الثانوية، بقصد إظهار التباين، أو التفريج عن التوتر العاطفي. استمدت المأساة من الشعائر الدينية القديمة في بلاد [[اليونان]] ، أما المآسي التي كتبها [[إسخيلوس]]، و[[يوربيديس]]، و [[سوفوكليس]]، فقد كانت تتسم بالطابع الأدبي أكثر من اتسامها بالطابع الديني. وكانت [[المأساة]]في [[فرنسا]] إبان [[القرن 17]]، وبخاصة في المسرحيات التي كتبها [[راسين]]، وكورني، كانت تلتزم بالوحدات الكلاسيكية الثلاث، وهي وحدة [[الزمن]]، ووحدة [[المكان]]، ووحدة [[الحدث]]. وهو ما يتعارض مع [[المأساة]] في الأدب الإنجليزي، كما في مسرحيات [[وليم شكسبير]]. ولم يعد للمأساة بمفهومها التقليدي وجود في الوقت الحاضر. فالمأساة عند [[إبسن]] تعالج في الغالب مشكلات اجتماعية وسياسية. ومن أشهر كتاب [[المأساة]] في العصر الحديث:[[تشيكوف]]، وسترندنبرج، و يوجين أونيل، و ماكسويل أندرسون.
 
== مكونات [[التراجيديا]] ==
وفقا لما ورد عند [[أرسطو]] فإنه كان لابد من وجود ستة عناصر تكون منها [[التراجيديا]] الإغريقية كعرض مسرحي ،مسرحي، هي : [[القصة]] و [[الشخصيات]] و [[الفكرة]] والبيان و [[الأغنية]] والمشهد المسرحي <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:96 : 97</ref>.
 
=== القصة ===
و هي أهم مكونات [[التراجيديا]] ، و هي عبارة عن تركيب لأفعال البشر و تصرفاتهم و ما في حيتهم من [[خير]] و [[شر]] ، لأن [[التراجيديا]] لا تحاكي [[الأشخاص]] و لا تتعرض لسرد قصة حياتهم ،حياتهم، بل تحكي مواقفهم عن [[الحياة]] . و يري [[أرسطو]] أن [[السعادة]] والشقاء يكمنان في الفعل ،الفعل، و أن غاية [[الحياة]] ليست كيفية [[الوجود]] ، بل كيفية الفعل . يعتبر الكتاب [[الإغريق]] أهم فترة درامية في حياة [[الإنسان]] هي الفترة الأخيرة من عمره ،عمره، لأنها بمثابة بلورة لموقفه و تصرفاته و نظرته إلي ما يحيط به من بشر و موجودات ،موجودات، و لأنه لا يمكن الحكم بصدق علي موقف إنسان أو تقويمه ببدايته بل بنهايته ،بنهايته، فقد تحدث أمور تؤدي إلي تغيير جذري في حياة أي [[إنسان]] بحيث تحول مصيره من النقيض إلي النقيض <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص26</ref>.
 
و تتعرض [[القصة]] من جانب لشخصيات الأفراد من حيث هم أفراد في [[المجتمع]] ، و من جانب أخر إلي أفعالهم سواء كانت هذه الأفعال تتسم ب[[السعادة]] لأم الشقاء ،الشقاء، بحيث تكون [[المحاكاة]] فيها للفعل الذي تقوم به [[الشخصية]] لا للشخصية نفسها ،نفسها، ف[[الدراما]] هي الفعل و ليست [[الشخصية]] ، و لو وجدت الشخصية و غاب فعلها لما كانت هناك دراما .
 
و ثمة عنصران كان لابد من توافرهما في القصة الدرامية الإغريقية حتى يتحقق المغزي الدرامي التراجيدي و هما : التحول والاكتشاف <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص27</ref>.
 
=== الشخصيات ===
الشخصيات ب[[التراجيديا]] هي التي تقوم بالفعل ،بالفعل، فإن كل شخصية في [[المسرحية]] ينبغي أن تفسر مسار السلوك الإنساني ،الإنساني، و لماذا يتجه بكليته إلي جانب دون الآخر ،الآخر، و ينبغي للشخصيات ب[[التراجيديا]] أن تعتمد علي فهم النزعات الإنسانية التي تدفع الإنسان إلي اتخاذ موقف سلوكي ما بناء عليها و ليس مجرد ترديد للكلمات .
أما عن الصراع بين الشخصيات ب[[التراجيديا]] فيعتمد علي مدي صلة [[الشخصيات]] ببعضها اليعض ،اليعض، و هذه الصلة أما ان تكون صلة محبة أو عداء . فإذ كانت عداء فلابد إلا تظهر الشخصية أي تعاطفا أو رحمة تجاه من تعادي ،تعادي، سواء بالقول أو الفعل و تحت أي ظرف كان إلا حينما تحل بها فاجعة محزنة أو شقاء جسيم . و علي العكس في صلة المحبة حيث لا تضمر الشخصية البغض أو الكره نحو من يحبها إلا إذا اندفعت إلي ذلك بسبب آثامها ،آثامها، فقد يقدم الأخ علي قتل أخيه ،أخيه، أم الأنبن علي قتل أبيه ،أبيه، أو الأم علي قتل ولدها أو العكس ،العكس، بيحيث تنتج عن ذلك مآس مفجعة .
و لكن هذا العدوان لا يحدث بسبب شر كامن داخل الشخصية ،الشخصية، أو متعمد من ناحيتها ،ناحيتها، بل بسبب أهواء أو نوازع داخلية تجعل الإنسان ينقاد دون تبصر إلي الوقوع في الإثم <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص28:29</ref>.
 
و يري [[أرسطو]] أن هناك أربعة عناصر لابد من توافرها عند بناءالشخصية
 
1- لابد للشخصيات التراجيدية أن تتصف بالسمو و سلوك متفرد حتى تكون أكثر تأثيرا في النفس ،النفس، و حاي تحقق بسلوكها المتميز بالنسبة للسلوك العادي التضاد و من ثم الصراع . و من ناحية أخري فإن التراجيديا الإغريقية كانت دوما ذات موضوع سام ،سام، و كان هدفها باستمرار المثل الأعلي الذي كان لا يوجد -برأي [[الإغريق]]- بين البشر العاديين ،العاديين، بل بين الأبطال العظام و أنصاف الآلهة ،الآلهة، أو علي الأقل بين البشر ذوي الصيت الذائع والشهرة العظيمة.
و كما يري [[الإغريق]] أن الفاجعة تحل بإنسان عظيم مرموق تكون أكثر تأثيرا في نفس المشاهد مما لو حلت بشخص عادي مغمور <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:100</ref>.
 
2-التوافق بين الشخصية و صفاتها الفطرية ،الفطرية، فلا يصح أن تصور [[المرأة]] بصفات خاصة بالرجل وحده ،وحده، مثل البسالة ب[[الحرب]] أو الخشونة ،الخشونة، أو الرجل بصفات [[المرأة]] وحدها <ref name="ReferenceA">نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص30</ref>.
 
3- التماثل بين ما تقوله الشخصيات و ما تفعله ،تفعله، فلا ينبغي أن يشذ الفعل عن القول ،القول، لأن معني هذا ان الشخصية بلا دور إيجابي أو موقف ،موقف، و بالتالي تصبح بعيدة [[الواقع]] و غير مقنعة <ref name="ReferenceA"/>.
 
4- التناسق في بناء [[الشخصية]] بمعني أن تلتزم [[الشخصية]] في قولها و فعلها بموقف معين ما دامت الظروف ثانية ،ثانية، و ألا يتحول سلوكها فجأة و بدون دافع من موقف إلي موقف مضاد .
و لابد للشخصية أن تخضع في قولها و فعلها إلي قانون الضرورة أو الاحتمال بمعني أن لا تقول شيء أو تأتي بفعل بعيد عن الاحتمال مجاف للواقع و ل[[منطق]] الأمور <ref name="ReferenceB">نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص31</ref>.
 
=== الفكرة ===
الفكرة هي القدرة علي ابتكار ما تقوله كل شخصية من أجل إيضاح فعلها ،فعلها، و تبرير سلوكها بما يناسب الموقف ،الموقف، و بمعني آخر وضع أفكار الشخصية علي لسانها بحيث تتحول من فكرة ذهنية إلي سلوك فعلي . و يري أرسطو أن الفكرة تنحصر في المقدرة علي إيجاد اللغة الملائمة والمناسبة للموقف، و أن هذه [[اللغة]] ذات التعبيرات المناسبة توجد في الخطب السياسية والخطب الريتوريقية " البلاغية " . و أن أوائل الكتاب التراجيديات مثل [[إسخيلوس]] قد انطلقت شخصياته بلغة الخطب السياسية علي حين لجأ المتأخرون منهم والمعاصرون ل[[أرسطو]] مثل [[يوربيديس]] إلي استخدام اللغة البلاغية <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:101</ref>.
 
الفكرة ببساطة هي القدرة علي التعبير باللفظ و طبقا لأرسطو ينبغي أن تخضع لمعاير معينة .
 
1- الوضوح :بمعني أن تجعل المشاهد يحار غبثا في فهم مرامي الألفاظ ،الألفاظ، و إلا تغرقه في الرموز والتجريد ،والتجريد، فينسي المغزي و لا يدرك الهدف و يصبح من العسير عليه أن يتابع أحداث المسرحية مهما كانت ثقافته واسعة <ref name="ReferenceB"/>.
 
2- التفنيد : و هي القدرة علي دحض الأفكار التي تطرحها شخصية ما من أجل تعضيد موقفها إزاء شخصية أخري تتخذ منها موقفا مضادا ،مضادا، أو القدرة علي إضعاف الخصم و تعزيز الآراء الخاصة بالشخصية المناهضة له <ref name="ReferenceB"/>.
 
3- القدرة علي إثارة الأحاسيس المتباينة في النفس مثل الشقفة أ,أ، الخوف أو الغضب و ما شابه ذلك .
 
4- القدرة علي الاسهابالإسهاب والإيجاز حسب ما يقتضيه الموقف الدرامي ،الدرامي، بمعني أن يكون اللفظ في مكانه تماما و دون زيادة أو نقصان ،نقصان، لأن الكلمات التي يحتاجها الموقف الدرامي إن زادت جعلت المشاهد يفقد التركيز و يصاب بالملل ،بالملل، و إن نقصت فشلت في إيضاح الموقف ،الموقف، و عجزت عن بلورة الفعل الدرامي كله <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص32</ref>.
 
إلي جانب هذه العناصر الأربعة لابد من توافر الترتيب والتنسيق حتى تؤدي بالنهاية لتحقيق الأثر المطلوب منها .
 
=== البيان ===
البيان مرتبط باللغة ،باللغة، لأنه عبارة عن تكوين اللفظي للأفكار و صياغتها بالكلمات سواء كان ذلك شعرا أو نثرا ،نثرا، كما أنه يرتبط بطرق التعبير والأداء و لذلك فإن له نفس الخصائص سواء لدي كتاب الشعر أو النثر <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:فقرة 1449</ref>.
 
و للبيان أنماط و هي الأمر والتمني والسرد " القص ،القص، أو الحكي " والتهديد والسؤال والجواب . أما العناصر المكونة له و هي الحرف والمقطع والأداة و أداة الربط والاسم والفعل و حالة الإعراب والعبارة " الجملة " و معني ذلك أن عناصر البيان تجمع إلي جانب الحروف الأبجدية أجزاء الكلام المعروفة باللغة <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص33</ref>.
 
=== الأغنية ===
 
كما يصفها [[أرسطو]] بأنها ذات قدرة تامة علي التأثير ،التأثير، و إيضا أنها أكثر عنصر يضفي علي [[الدراما]] جاذنبية " وفقا للمفهوم الإغريقي القديم " .
و [[الأغنية]] هي [[الأناشيد]] التي كانت [[الجوقة]] تقوم بإنشادها في" الأوركسترا " بين المشاهد التمثيلية ،التمثيلية، و هي أناشيد تكون مصحوبة عادة بموسيقي الناي و الرقص و الإيقاع السريع في بعض أجزائها . و يفسر وجود [[الغناء]]ب[[التراجيديا]] علي أنه يهدف إلي تخفيف التوتر الذي تحدثه المشاهد التراجيدية العنيفة في نفس المشاهد . و بالوقت نفسه يرمي إلي الترفيه عنه و إمتاعه، حتى يكون أكثر استعدادا لمتابعة الأحداث دون ملل أو توتر .
أن وجود [[الجوقة]] بأناشيدها ب[[التراجيديا]] الإغريقية كان يعد أمرا اساسيا حيث أن نشأة المسرح من البداية كانت من خلال [[الأناشيد الديثرامبية]] ، فالجوقة هي لبنة هذا المسرح ،المسرح، و وجودها به يعد محافظة علي أرث قديم ،قديم، لا بيمكن للكتاب العزف عن استخدامه . كذلك للجوقة و الأناشيد دور وظيفي حيث -سواء ب[[التراجيديا]] أو [[الكوميديا]]-كان يستخدم دخول و خروج [[الجوقة]] بتحديد أجزاء المسرحية و فصولها <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة</ref> .<ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص34</ref>
 
=== المشهد المسرحي ===
 
كما يقول [[أرسطو]] بكتابه " عن [[الشعر]] " أن المشهد المسرحي يجذب الجمهور و يمتعهم . و رغم هذا فهو لا يرتبط من الاناحية الدرامية بالنص المكتوب ،المكتوب، ف[[التراجيديا]] -كنص مسرحي مكتوب- قادرة علي إحداث الأثر و المغزي بدون العرض المسرحي ،المسرحي، و بدون الممثلين . لذلك فإن فن [[المخرج]] " المشرف علي المناظر " يعد أشد ارتباطا بالمشهد المسرحي " العرض المسرحي " من ارتباط [[الشاعر]] الذي ألف [[التراجيديا]] <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص34 "لقد فطن أرسطو إلي أن للمخرج فنه الخاص و عمله المرتبطبالعرض المسرحي ، إلي أن دوره دوره مقصور علي المشهد المسرحي ، و لا مقدرة له علي خلق الدراما ذاتها أو كتابتها</ref>.
 
== أجزاء [[التراجيديا]] ==
أكتملت [[التراجيديا]] و أصبحت فنا أدبيا متكملا و متميزا خاصة في عصر ثالث الشعراء الكبار " [[يوربيدس]] " كانت تتألف من الأجزاء الأربعة التالية :
 
=== المقدمة ===
 
و تعرف ب "البرولوج "عبارة عن الجزء الذي يقع دخول [[الجوقة]] إلي [[الأوركسترا]] لأول مرة و كان [[الكاتب]] بهذا الجزء يمهد للموضوع الذي سيعرضه في مسرحيته ،مسرحيته، و احيانا كانت تصاغ بصيغة [[المونولوج]]فيلقيه أحد الشخصيات مثل ثلاثية الأوريستية ل[[أيسخيلوس]] ، حيث يبدأها حاجب القصر ،القصر، و أحيانا تكون عبارة عن حوار " ديالوج " بين أثنين من الممثلين ،الممثلين، و قد أهتم [[يوربيدس]] بالمقدمة و طورها <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:127</ref>.
 
=== أغنية الجوقة ===
سطر 77:
تنقسم أغنية [[الجوقة]] إلي قسمين
 
1- أغنية المدخل و هي أول جزء كامل تلقيه الجوقة عند دخولها إلي [[الأوركسترا]] لأول مرة في [[المسرحية]] ، و ينظم هذا الجزء في أوزان راقصة سريعة ،سريعة، تلائم حركة أفراد [[الجوقة]] و هم يقومون ب[[الرقص]] و الإنشاد معا .
 
2- الفاصل الإنشادي : و هي أغاني [[الجوقة]] الكاملة التي تقوم بإنشادها بين الفصول ،الفصول، و لقد سميت بهذا الاسم لأنها عبارة عن أغان غير مصحوبة ب[[الرقص]] ، و لا يدخل في نظمها التفعيل " الأنابيستي " .
 
و يأتي هذا الجزء أحيانا -أغنية [[الجوقة]]- ببداية المسرحية بالنسبة للتراجيديات التي تبدأ بأغنية [[الجوقة]]مباشرة . أما بالنسبة للتراجيديات المحتوية علي مقدمة فإن دخول الجوقة يكون بعد المقدمة مباشرة . و كانت أغنية [[الجوقة]] تتخلل [[المسرحية]] من بدايتها إلي نهايتها " سواء كانت بالمسرحية مقدمة أو لا " حيث تقوم [[الجوقة]] بإنشاد أغانيها التي تتفاوت في طولها ،طولها، و في ارتباطها بالأحداث التراجيدية وفقا لتطور [[الفن]] الدرامي ،الدرامي، و و فقا لاتجاهات المؤلف نفسه ،نفسه، ذلك أن بعض المؤلفين كان يزيد من العنصر الغنائي و بعضهم كان يحاول اختصاره إلي أدني حد ممكن ،ممكن، كما أن البعض كان يربط أغاني [[الجوقة]] بالمواقف الدرامية ،الدرامية، أما البعض الآخر فكان لا يهتم بإيجاد مثل هذا الترابط أو يفشل في إيجاده <ref name="ReferenceC">نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص36</ref>.
 
=== المشهد التمثيلي ===
سطر 89:
[[ملف:Seated Euripides Louvre Ma343.jpg|تصغير|200px|تمثال يمثل يوربيديس.]]
 
يعد الجزء الدرامي ب[[التراجيديا]] و يكون عبارة عن مقطوعات من الحوار التمثيلي الذي يدور بين شخصيات المسرحية ،المسرحية، ليكشف للمشاهد عن أبعاد كل شخصية ،شخصية، و عن الصراع الدائر بينها .
 
عرف [[أرسطو]] " المشهد التمثيلي " بأنه جزء من [[التراجيديا]] يقع بين أغنيتين كاملتين من أغاني [[الجوقة]] . و علي هذا يمكن اعتبار " المشهد التمثيلي " بمثابة فصل من فصول المسرحية الحديثة ،الحديثة، و لم تكن [[التراجيديا]] الإغريقية في أي عصر من عصورها تحتوي علي أكثر من خمسة من هذه " المشاهد التمثيلية ".<ref name="ReferenceC"/>
 
و في عهد [[أسخيلوس]] -أول الكتاب الثلاث- كان المشهد التمثيلي بالتراجيديا عبارة عن حوار بين شخصين فقط ،فقط، بمعني أنه لم يكن يشترك ممثل ثالث بالحوار الدائر بين الشخصيتين إلا بعد خروج أحدهما ،أحدهما، و لكن بالنسبة ل[[سوفوكليس]] و [[يوربيديس]] من بعده كان المشهد التمثيلي عبارة عن حوار بين ثلاث شخصيات في المنظر الواحد . و لقد أضاق الممثل الثالث الذي أدخله [[سوفوكليس]] عمقا جديدا للصراع الدرامي الدائر ،الدائر، لأنه بوسعه الانضمام إلي طرف ضد الآخر بناء علي موقف و سلوك كل منهما ،منهما، بحيث يؤدي هذا بلورة الصراع و توضيحه بأكثر مما لو كان التضاد بين طرفين فقط لا ثالث لهما <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص37</ref>
 
=== الخاتمة ===
 
بهذا الجزء يتم حل العقدة التي تكون قد بلغت ذروتها قبله بقليل ،بقليل، و به أيضا تخرج [[الجوقة]] من [[المسرح]] بعد انتهاء العرض المسرحي ،المسرحي، و يكون هذا بمثابة إسدال الستار في [[المسرح]] الحديث في نهاية العرض المسرحي .
 
و علي مؤلف [[التراجيديا]] بهذا الوقت أن يراعي تصاعد الأحداث حتى تصل إلي ذروتها ،ذروتها، و أن يوجد لها الحل المنطقي المناسب ،المناسب، كما كان عليه أن يوائم بين مشاهد [[الحوار]] و [[الأغاني]] بحيث لا يطغي عنصر علي آخر . لأنه إذا زاد العنصر الغنائي علي الحد فقدت الدراما حركتها و تأثيرها ،تأثيرها، و إذا انعدام العنصر الغنائي أو قل عن الحد أصبحت [[التراجيديا]] ثقيلة الوطأة علي نفس المشاهد ،المشاهد، و فقدت بالتالي جاذبيتها لدي جمهور [[المسرح الإغريقي]] القديم <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص38:39</ref>
 
== موضوعات التراجيديا ==
 
استمد كتاب [[التراجيديا]] موضوعاتهم من [[الأساطير]] القديمة والتي كانت تراثا معروفا لمواطنيهم ،لمواطنيهم، لأن [[المسرح الإغريقي]] ارتبط منذ ظهوره و نشأته ب[[الدين]] و [[العقيدة]] ، لهذا لزاما أن ترتبط موضوعات التراجيديا بالعقيدة الإغريقية متمثلة في التراث الأسطوري ،الأسطوري، حيث أن الأساطير تعد عقيدة [[الإغريق]] . تكونت هذه [[الأساطير]] عبر العصور و ساهم في صنعها [[الشعراء]] و [[الأدباء]] ، و لم تعتمد علي لكتابة بل التناقل الشفهي و تصور [[الإغريق]] أنفسهم <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص39</ref>.
 
اتسمت موضوعات [[الأساطير]] بالمأساة والنهايات المأساوية التي لحقت بأبطالها ،بأبطالها، كذلك أن [[الدراما]] ارتبطت بالتطهير ،بالتطهير، والتطهير مرتبط بالعقيدة من ناحية تطهير النفس من شرورها ،شرورها، و هذا يفسر اتجاه كتاب [[التراجيديا]] لي [[الأساطير]] كواجهة للعقدية الإغريقية كما يتصورها الإغريقي القديم .
اعتقد الإغريق أن وقائع الأساطير قد حدثت بالفعل بالماضي السحيق ، لهذا كانت حقل خصب للكتاب و ذلك لتوافقها مع قانون " الضرورة أو الاحتمال " ، كذلك إلي جانب أن شخصياتها تعد تاريخية أو شبه تاريخية .
 
ترتكز [[الأساطير]] علي رؤية فلسفية حكيمة لحياة [[الإنسان]] ، و وجد الكتاب بها حقلا خصبا فشخصياتها تصلح بأبعادها المتباينة لتصوير الصراع في [[التراجيديا]] ، حيث أن الشخصيات العادية لا تعطي التراجيديا عمق أو صراع . ف[[الدراما]] ليست فكرة داخل ذهن الإنسان لا ينتج عنها تصرف معين ،بل هي سلوك و تصرف و فعل إنساني يظهر و ينمو و يتعدي حدود الذاتية فيؤثر في الآخرين و يتحمل صاحبه تبعة تصرفه لأنه واع و مدرك لما يفعل ، بل أنه يصر علي فعله إصرارا . و يتمادي في الدفاع عنه بكل قوته حتى لو أدي ذلك إلي صدام هالك مع الآخرين . أذا ف[[التراجيديا]] ذات مغزي أخلاقي و هدفها التطهير المرتبط ب[[العقيدة]] ، و كان هذا كله محقق ب[[الأساطير]] <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:130</ref>.
 
لم تقتصر موضوعات [[التراجيديا]] علي عالم [[الأساطير]] ، فهناك كتاب استمدوا موضوعاتهم من الحياة المعاصر ، خاصة الجانب السياسي منها مثل " الحروب مع [[الفرس]] " ، خاصة مع خروج [[الإغريق]] منتصرين بعد حربا طويلة <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص42</ref>.
سطر 116:
1- خضعت موضوعات إلي قانون " الضرورة و الاحتمال " لتحقيق المغزي التراجيدي و تصل بالمشاهد حد التطهير
 
2- استمدت موضوعاتها بشكل عام من الأساطير و من الحياة المعاصر بشكل خاص .
 
3- مع ارتباط [[التراجيديا]] بالأطار الديني لكنها في الحقيقة تعالج السلوك الإنساني بوجه عام والمشاكل المترتبة عليه ، والدوافع المحركة له .
 
4- إيضا ترتبط الدراما -تراجيديا و [[كوميديا]]- بشكل عام بالجماهير ، لهذا فارتبط بمعالجة مشكلاتهم و يتحدث عن سلوكهم في مجتمعاتهم .
 
== البناء الدرامي ==
 
البناء الدرامي يحتوي علي بداية بها تمهيد للأحداث الخاضعة لقانون " الضرورة و الاحتمال " ، و يليها " وسط " به عرض لهذه الأحداث و تفصيل دقائقها ، ثم نهاية بها ذروة هذه الأحداث و حلها . و لقد أطلق المحدثون علي هذه السلسلة الثلاثية العضوية ما يعرف باسم " الخط الدرامي " . و ان تطور هذا الخط ينشأ عن عدة تغيرات في التوازن بين الإدارة الإنسانية و مصيرها المحتوم <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص43</ref>.
 
طبقا ل[[أرسطو]] ينبغي أن يحتوي الفعل الكامل علي بداية و وسط و نهاية . و لابد للبداية أن ترتبط عضويا بما يليها " الوسط و النهاية " بمعني أن تمهد لهما ، و تكون مقدمة لما يحدث فيهما ، و يكون ما بعدها نتيجة لها ، و لا يحدث بعدها ما يناقض ما جاء بها .
و يري [[أرسطو]] أن البناء الدرامي الأمثل هو الذي لا يمكن أن تقع فيه البداية بعد الوسط أو قبل النهاية ، و أن يكون الوسط مرتبط بما قبله من أحداث و ما بعده و هو النهاية . أما النهاية فهي الجزء الذي يرتبط عضويا بكل من الوسط والبداية ، و يكون نتيجة حتمية لكل منهما <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، الفقرة 1450</ref>.
 
== مكونات الخط الدرامي ==
سطر 143:
== سمات البناء الدرامي ==
 
ينبغي أن يكون البناء الدرامي منطقيا و مترابطا ، بحيث لا يبدأ بداية متعسفة أو ينتهي نهاية مبتسرة أو تسير فيه الأحداث مصادفة . كذلك يشترط أن يتحقق التجانس بين الموضوع والحجم بهذا البناء ، و تحقيق عنصر التعادل بين الشكل والمضمون .
 
يري [[أرسطو]] أن الجمال يعتمد علي عنصريين وهما : الحجم والترتيب . و كذلك أن الجمال لا يتوافر في الحجم متناهي الصغر و لا في الحجم البالغ الضخامة ، حيث في الحالة الأولي يعجز البصر عن رؤية تفاصيل الحجم ، و بالحالة الثانية يفشل النظر في الإحاطة بالحجم . حيث أن الجمال يكمن في الحجم ذي القدر المحدود الذي يسمح للرؤية بأن تستوعبه بجلاء . و قياسا علي ذلك يري أن الموضوع الدرامي ينبغي أن يكون ذا حجم معين بحيث يستطيع العقل والذاكرة أن يستوعباه <ref name=""مولد تلقائيا"1">فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، الفقرة 1451</ref>.
 
و لكن هذا كله لا يعد من الفن أن يكتب المؤلف حسب حجم محدد مسبقا و لكن الأمر كله أن يراعي بقدر الأمكان الحجم الكافي بالنسبة للبداية والوسط والنهاية حسب ما يتوافق و توضيح الأحداث . والحجم الأمثل هو الحجم الذي يسمح بتتابع الأحداث و تطورها وفقا لقانون " الاحتمال و الضرورة " بحيث يمكن عن طريقه إظهار التحول " في شخصية البطل " من الشقاء إلي الهناء أو من السعادة إلي الشقاء .
 
و ملخصا لما سبق يمكن القول بأن مفهوم البناء الدرامي في [[التراجيديا]] هو تكوين الموضوع و ترتيبه و تطويعه بحيث يغدو ملائما للمفهوم المسرحي ، و يكمن سر الدراما في هذا البناء و به وحده يتفاعل المشاهد مع [[التمثيل]] و يعايش الأحداث <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص45</ref>.
سطر 160:
3- وحدة المكان " المكان الثابت "
 
تعد هذه الوحدات هي قاعدة أو قانون [[الدراما]] ، والتي ذكرها [[أرسطو]] بكتابه " عن [[الشعر]] " ، و [[هوراس]] بكتابه " فن [[الشعر]] " . و يجدر بنا التنويه بأن أرسطو لم يتحدث باستفاضه سوي عن " وحدة الموضوع " فقط ، بل و لم يرد علي لسانه ما يعرف باسم " وحدة [[الزمان]] أو [[المكان]] " و هي استنتاجات منه أن للزمان قاعدة و أن للمكان وحده .
 
و علي الأرجح أن هذا التحديد القاطع من جانب نقاد عصر النهضة بثبات عنصري الزمان والمكان لم يكن قانونا و قاعدة كما ظنوا ، بل كان بمثابة عرف أملته ظروف التراجيديا الإغريقية القديمة ،و كان [[أرسطو]] دون ريب محقا في اقتصاره علي وحدة الموضوع أن هي أساس [[الدراما]] و أنه لا توجد دراما بدون موضوع آيا ما كا مفهومها ، و مهما اختلف هذا المفهوم بين القدماء والمحدثين ، أما ما أسماه نقاد عصر النهضة بالخروع علي " وحدتي " [[الزمان]] و [[المكان]] فلا يعدو سوي مبالغة في النمطية والتقليد تصور لهم أن في هذا الخروج إلغاء للدراما ، في حين أن إلغاءها يكون فقط في الخروج علي وحدة الموضوع ، لأنها جوهر الدراما .
 
فالدراما فن متطور لا يسمح للقيود بأن تكبله أو تعوقه ، كما أنه في نفس الوقت جوهر لا يمكن إلغاؤه كلية بدعوى التطور . ذلك أن الدراما البسيطة ذات الوحدات الثابتة قد استبدلت بها الدراما المركبة التي لا تتقيد في بنائها بأي وحدة ، خاصة بعد ظهور " [[وليم شكسبير]] " و خروجه عن هذه الوحدات التي اعتبرها بعض النقاد هي سبب خلود الدراما الإغريقية القديمة ، في حين رأي البعض الآخر أن سبب نجاح [[وليم شكسبير]] هو خروجه عنها . هذا التضارب في الأراء يعود للصراع ما بين المذهب الكلاسيكي والمذهب الرومانسي .
 
== وحدة الموضوع ==
سطر 172:
{{اقتباس خاص|قد يظن البعض أن حياة البطل الواحد لا تعطي سوى قصة واحدة " أو موضوعا واحدا " جاهلين أن حياة شخص واحد قد تتضمن قدرا كبيرا من الأفعال و التصرفات لا يمكن أن تصاغ كلها في موضوع ذي وحدة واحدة ، و ناسيين أن شخصا واحدا قد يقوم بأفعال كثيرة و ليس من بينها فعل واحد يصلح أن يكون فعلا دراميا . و بناء علي ذلك يخطئ الكتاب الذين يختارون موضوعا لهم الحياة الكاملة لبطل قام بأفعال عديدة و شهيرة مثل أعمال هيراقل " الهرقليات " أو أعمال ثيسيوس " الثيسيات " ، معتقدين أنه ما دام البطل واحدا فإن قصته بالضرورة ستكون ذات وحدة واحدة}} <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، يتحدث أرسطو بهذه الفقرة ، عن كتاب ألفوا أعمالا تدور حول مغامرات الأبطال القدماء و لكنها عبارة عن سجل تاريخي أكثر من كونها عملا فنيا أو أدبيا يتسم بالوحدة</ref>
 
و ينبغي لكي تتحقق الوحدة أن تكون وحدة [[المحاكاة]] ناتجة عن وحدة الموضوع ، حيث أن المحاكاة في [[الدراما]] تكون محاكاة للفعل فإن هذا الفعل ينبغي أن يكون واحدا كاملا في الوقت نفسه ، و أن تكون أجزاءه مترابطة البناء بحيث إن أي تغيير في ترتيبها أو قطع في تسلسلها أو تناقض في تتابعها يؤدي إلي انهيار البناء كله و انقلابه رأسا علي عقب ، و بمعني أنه لا يجوز إضافة هذه الأجزاء و لا يصح أي حذف بها .
 
و لكن الكتاب كانوا بصدد تناول الاساطير و هذه الاساطير لها وحدة موضوع ، فينوه أرسطو أن هليس علس الكاتب تناول الأسطورة بالكامل حيث أن للكاتب المتسع في ذكر ما يراه مناسبا لقانون " الاحتمال و الضرورة " .
سطر 188:
{{اقتباس خاص|تختلف الملحمة عن التراجيديا في أن الأولي ذات أوزان بسيطة ، و في أنها تعتمد علي السرد . و هناك فرق آخر يتعلق بالطول " البعد الزمني " ، فالتراجيديا تحاول أن تنحصر في نهار يوم واحد " دورة واحدة للشمس " أو لا تتعدي ذلك إلا قليلا ، في حين أن الملحمة ليس لها حد زمني معلوم}}
 
و معني هذا أن [[الزمان]] في [[التراجيديا]] الإغريقية -وفقا لهذا العرف الأدبي- كان محددا بنهار يوم واحد ، علي أساس أن هذا اليوم سيشهد تطور الفعل الدرامي من بدايته حتى نهايته ، حيث يتم حله بعد وصول الأحداث إلي ذروتها .
 
و كمثال نجد أن سوفوكليس[[سوفوكليس]] في مسرحيته " أوديب ملكا " يحدد الفعل الذي تدور حوله المسرحية باليوم الذي علم به بحقيقة مولده ، و حل فيه الدمار بشخصه ، أما الأحداث الأخري التي دارت قبل هذا اليوم مثل حل اللغز و الوباء الذي حل بطيبة ، و استشارة الوحي ، و الجرم البشع ، فقد جعله المؤلف خارج إطار تناوله الدرامي ، بحيث جعل كل شئ ينجلي في نهار ذلك اليوم ذاته . إن اعتقاد [[الإغريق]] القدامي هو الذي أملي عليهم هذا التحديد الصارم بالنسبة للزمان ، فحياة الإنسان عندهم رغم طولها لا تحتوي إلا علي لحظات قليلة ، يمكن القول أنها حاسمة ، و تلك اللحظات هي التي تحدد مصيره ، و تحول حياته من نقيض إلي نقيض ، كلحظات الاكتشاف المروع أو وقوع جرم خطيلا أو حلول كارثة أو الموت ، تلك اللحظات هي التي تختارها [[التراجيديا]] الإغريقية كإطار زمني لموضوعاتها . و من هذا نستنتج أن تحديد الزمان في [[التراجيديا]]الإغريقية كان مرجعه إلي عرف أدبي ، و نتاج عن اعتقاد فكري ملائم لطبيعة الموضوعات التي يعالجها الكتاب ، و لم يكن قط قانونا أو قاعدة أو شرطا .<ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص52</ref>
 
== وحدة المكان ==
[[ملف:Archeologico firenze, bronzi della Meloria, eschilo.JPG|تصغير|أسخيلوس، تمثال نصفي برونزي]]
 
أما [[المكان]] فيتم تحديده بناء علي الموضوع نفسه ، ذلك أنه ما دام الموضوع محاكاة لفعل إنساني فمن الضروري أن يدور هذا الفعل في مكان معين . و لقد جري العرف ب[[التراجيديا]] الإغريقية علي أن يكون هذا المكان واحدا أو ثابتا ، فقد يدور الحدث الدرامي بقصر أو ساعة أو أحدي الجزر ، حسب موضوع [[المسرحية]] . و ما دام الفعل واحدا أو ذا وحدة ، و ما دامت الفترة الزمنية التي يدور فيها هذا الفعل محدودة -كما سبق القول- بحيث لا تسمح بالتنقل ما بين مكان و آخر علي الأقل بالنسبة للبطل فمن المنطقي و الحال كذلك أن يكون المكان الذي يشهد الفعل ثابتا إيضا <ref>لا يمكننا الجزم بثبات المكان دائما ، لأن هناك مسرحيتين لا تتمسكان بهذا العرف ، أولاهما " ربات الغضب لأيسخيلوس حيث تدور بعض الأحداث في معبد أبوللو بدلفي ، و البعض الآخر في معبد أثينا بمدينة أثينا ، و المسرحية الثانية هي " أياس " لسوفوكليس حيث تدور الأحداث أولا أمام خيمة أياس بسهل طروادة ثم تنتقل بد ذلك إلي مكان آخر علي ساحل البحر</ref>.
 
و لكن الجزم بثبات [[المكان]] دائما ، لأن هناك مسرحيتين لا تتمسكان بهذا العرف ، أولاهما " ربات الغضب " ل[[إسخيلوس]] حيث تدور بعض الأحداث في معبد أبوللون بدلفي ، و البعض الآخر في معبد أثينا بمدينة أثينا . و المسرحية الثانية هي " أياس " ل[[سوفوكليس]] حيث تدور الأحداث أولا أمام خيمة أياس بسهل طروادة ثم تنتقل بعد ذلك إلي مكان آخر علي ساحل [[البحر]] <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص55</ref>.
 
== التحول و الاكتشاف و الفاجعة ==
سطر 211:
== التحول ==
 
و هو تغير الأحداث أو المواقف من النقيض إلي النقيض وفقا لقانون " الاحتمال والضرورة " ، قد يؤدي إلي تحول في المسرحية الواحدة إلي أن ينتقل إنسان من السعادة إلي الشقاء أو النقيض ، مثلا في مسرحية " ادويب ملكا " البطل [[أوديب]] بعد سعادته و ارتفاع نجمه يصاب بالشقاء حينما يواجه بمشاكل مدينته التي حل بها الوباء ، و حينما يعرف أن مولده يحيط به [[الشك]] ، و أن من المحتمل أن يكون هو نفسه مرتكب الإثم الفظيع ، و لكنه يسعد مرة أخري حينما يعرف بنبأ موت والده " الذي رباه في كورنثة " مما يدل علي براءته من دمه ، ثم يشقي مرة أخري حينما تنبلج الحقيقة سافرة في النهاية ، و يتضح دون شك أنه نفسه مرتكب الإثم .
 
يري [[أرسطو]] أنه ما دامت التراجيديا ذات الموضوع المركب أفضل كثيرا من الدراما ذات الموضوع البسيط ، حيث أن الأولي قادرة علي إ‘ثارة عاطفتي " الخوف والشفقة " في نفس المشاهد <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:145</ref>.
سطر 219:
'''أولا''' : ينبغي ألا نظهر الأخيار من الناس أمام المشاهدين و هم يتحولون من السعادة إلي الشقاء ، لأن مثل هذا التحول لا يؤدي إلي إثارة الشفقة في نفسه ، بل يؤدي بدلا من ذلك إلي إثارة الامتعاض و الاشمئزاز بسبب تناقض المصير مع الفعل " الفعل خير والمصير مفجع " .
 
'''ثانيا''' : ينبغي إلا نظهر أشرار [[الناس]] أمام المشاهد و هم يتحولون من الشقاء إلي الهناء ، لأن مثل هذا التحول بعيد كل البعد عن مغزي التراجيديا ، و لا يحقق أيا من شروطها ، بالإضافة إلي أنه لا يؤدي إلي تعاطف المشاهد إنسانيا مع الشخصية و لا يثير في نفسه سوي السخط .
 
'''ثالثا''' : ينبغي ألا نظهر أمام المشاهدين أشخاصا بلغت الذروة في شرها و جرمها و هم يتحولون من ذروة الهناء إلي حضيض الشقاء ، لأن الشقاء سيعتبر جزاء وفاقا علي ما ارتكبوه من شر مستطير ، و حتى لو أثار مثل هذا التحول الارتياح و أرضي مشاعر المشاهد الإنسانية بوجه عام ، فإنه لن يثير في نفسه شفقة و لا خوفا ، هما عاطفتان ضروريتان لمغزي [[التراجيديا]] الإغريقية . إن الشقفة لا تنبعث إلا في حالة رؤية المشاهد لإنسان لا يستحق كل ما حل به من شقاء ، و [[الخوف]] لا يثار إلا في حالة وجود تماثل بين المشاهد و الشخصية التي حل بها الشقاء ، شقفة عليها لأنها لا تستحق كل هذا الشقاء ، و خوفا لتماثله معها في مثل هذا الموقف .
 
أفضل مظاهر التحول و أكثرهم إقناعا هو التحول الذي يتم من الهناء إلي الشقاء لا بالنسبة لخيار الناس و لا لشرارهم ، بل في حالة الأشخاص الذين يلاتكبون إثما معينا لم يتردوا فيه لشر متعمد ، بل استسلموا له بسلل غطرتستهم و غرورهم ، علي أن يكون هؤلاء الأشخاص من ذوي الشهرة الذائعة و من المنعمين بالسعادة " في طلع حياتهم " .
 
يري [[أرسطو]] أنه ينبغي لكي يتحقق النجاح للموضوع أن يكون حل العقدة فيه واحدا لا مزدوجا و بحيث لا يتم التحول فيه من الشقاء إلي الهناء بل علي النقيض من ذلك ، أي من السعادة إلي التعاسة ، لا بسبب شر مستطير بل بسبب إثم عظيم يتردي فيه البطل الذي يكون ممن يتصفون بالسمو أكثر من كونه سيئا .
 
=== الاكتشاف ===
سطر 233:
=== أنواع الاكتشاف<ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص60:64</ref> ===
 
ثمة أنواع أخري من الاكتشاف ، نظرا لأن الاكتشاف ممكن الحدوث عن طريق الأشياء و كذلك عن طريق الأحداث ، كما يمكن حدوث الاكتشاف في حالة ما إذا قام شخص بفعل معين أو لم يقم به . غير أن أفضل الأنواع جميعا هو الاكتشاف الذي ينبع من الأحداث ، و يرتبط بالموضوع و مواقفه ، بحيث يؤدي مع عنصر التحول إلي إثارة عاطفتي الخوف والشفقة في نفس المشاهد ، و يحقق المغزي التراجيدي الناتج عن [[المحاكاة]] ، و بحيث يتوقف هناء الشخصية أو تعاستها علي ما تقوم به من أفعال مرتبطة بعنصري التحول والاكتشاف . حيث أن الاكتشاف يتعلق بطرفين من البشر فإنه لا يتم دفعة واحدة ، بل علي مرحلتين : في الأولي يعرف الطرف الأول شيئا عن الطرف الثاني ، و في الثانية تتم المواجهة بين الطرفين فيحدث الاكتشاف الكامل ، و من ثم لا يكون هناك شك في شخصية أي من الطرفين .
 
و هناك طرق أخري بعيدة عن المهارة الفنية و قاصر من الوجهة الدرامية رغم شيوع استخدامها ، لأن الاكتشاف فيه يتم عن طريق
 
'''أولا''' : علامات مميزة قد تكون موروثة ظاهرية مثل القلادات أو الأوشام .
 
'''ثانيا''' : مثل الكلمات التي تأتي علي لسان الشخصية المكتشفة " من خلال الخطاب المرسل " ،
سطر 245:
== الفاجعة<ref>فن الشعر ، أرسطو : تعد كلمة فاجعة هي الأكثر دلالة علي الحادث الأليم الذي يصيب البطل نتيجة صدامه مع القوى الأخري المسيطرة . و لم يكن من المحتم أن تنتهي كل تراجيديا إغريقية بحادث مفجع للبطل ، و مع ذلك فإن مغزى التراجيديا الإغريقية و هدفها و هو التطهير كانا يتطلبان وجود هذا العنصر المأساوي و لا يحبذان غيابه</ref> ==
 
العنصر الأخير هو الفاجعة أو [[المعاناة]] التي يكابدها البطل بعد وقوعه في الإثم و بعرفها [[أرسطو]] علي أنها " حادث مدمر أو أليم يحدث علي [[المسرح]] (خلف الكواليس) مثل [[الموت]] أو الألم الفظيع أو الجراح المهلكة أو ما شابه ذلك .
 
الفاجعة هي أكثر الكلمات دلالة علي الحادث الأليم الذي يصيب البطل نتيجة صدامه مع القوي الأخري المسيطرة . و لم يكن من المحتم أن تنتهي كل التراجيديات الإغريقية بحادث مفجع للبطل ، و مع ذلك فإن مغزي [[التراجيديا]] الإغريقية و هدفها و هو التطهير كانا يتطلبان وجود هذا العنصر المأساوي .
 
و المغزي من [[التراجيديا]] يقتضي أن تبعد عن العرض المسرحي المشاهد العنيفة ك[[القتل]] و سفك الدماء و قد أكد كل من [[أرسطو]] و [[هوراتيوس]]. و وفقا لهذا العرف لا يجب علي المشاهد أن يري مشاهد القتل لهذا تحدث خلف الكواليس . و علي أن يعرف المشاهدين هذه الأحداث عن طريق رسول أو من خلال الحوار ، و ذلك لاعتقادهم أن هذه المشاهد تصيب النظارة بالرعب و الفزع مما يؤدي إلي ضياع المغزي التراجيدي الذي يهدف إلي إثارة الخوف فحسب لدي المشاهدين .
 
== الجوقة <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص:99</ref> ==
 
أن [[التراجيديا]] لم تكن في الأصل سوى جوقة و لا شئ غيرها ، و أن الجوقة هي أصل [[الدراما]] الحقيقي و ذلك كما جاء بكتاب [[نيتشه]] " مولد [[التراجيديا]] من روح [[الموسيقى]] " . و فعلا أذ نظرنا سنجد أن [[التراجيديا]] هي الأساس الذي نشأت عنه [[التراجيديا]] الإغريقية في أول عهدها ، فرغم اختلاف دور الجوقة و حجمها في [[المسرحيات]] الإغريقية إلا أن كتاب [[التراجيديا]] جميعا دون استثناء قد حرصوا علي أن تكون [[أغاني]] الجوقة جزءا لا يتجزأ من مسرحياتهم .
 
مما يدل علي أن [[التراجيديا]] الإغريقية قد تطورت في الأصل عن الإنشاد ، و أن جميع التقسيمات التي ذكرها [[أرسطو]] علي أنها أجزاء للتراجيديا تشير إلي أن الجوقة هي أساس [[التراجيديا]] ، و أن المسرحية تقسم حسب دخول الجوقة و خروجها و أغانيها ، كذلك أن العنصر الغنائي كان أحد مكونات التراجيديا الستة .
 
اختلف الكتاب في توظيف الجوقة ، حيث استخدمها [[سوفوكليس]] لتقوم بدور ممثل و بأن تشارك في المشاهد التمثيلية ، و تبادل الحوار مع شخصيات المسرحية ، كما جعل اغانيها مرتبطة بموضوع المسرحية و بنائها الدرامي بحيث تساعد المشاهد علي فهم أبعاد النص الدرامي . أما [[يوربيدس]] فلم يهتم بإيجاد هذا الارتباط مما ترتب عليه [[أغاني]] الجوقة في مسرحياته كادت تنفصل عن البناء الدرامي .
 
=== دور الجوقة<ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص67:71</ref> ===
يتلخص دور الجوقة في [[التراجيديا]] الإغريقية في النقاط التالية :
 
أولا : توضيح الأحداث والتعليق عليها ، و كذلك التخفيفي من حدة التوتر الذي يحس به المشاهدون من جراء تتابع المواقف التراجيدية العنيفة . و ينبغي أن تكون الكلمات التي تعلق بها الجوقة علي الأحداث مرتبطة بالموقف الدرامي ، و حتى لو افترضنا أن الجوقة كانت تعبر عن آراء الكاتب أحيانا فإن ذلك كان يتم بطريقة طبيعية ، دون افتعال ، بحيث تكون أناشيد الجوقة مكملة للمشاهد التمثيلية و مرتبطة بما جاء فيها ارتباطا طبيعيا .
 
أن الجوقة بالتراجيديا تمنح المشاهدين لحظات من الإثارة الهادئة ، يمكن عن طريقها أن توضح لهم ما يدور من أحداث ، و أن تعلق علي المواقف الدرامية ، بحيث تربط كل مشهد بالذي يليه . أما فيما يختص بالتخفيف من حدة التوتر فإن الجوقة كانت عقب كل مشهد تراجيدي تستوعب خوف المتفرج الناشئ عن متابعته للأحداث العنيفة ، ثم تهيئه لخوف جديد ، حتى لا يكون وقع الفاجعة علي نفسه قاسيا ، و حتى لا يضيع المغزي التراجيدي في خضم انفعالاته المتلاحقة . كذلك كانت الجوقة و أناشيدها و رقصاتها عاملا ملطفا و مهدئا لبصر المشاهد و عقله فيما بين المشاهد التمثيلية .
 
ثانيا : القيام بأداء دور ممثل بمعني أن تشترك الجوقة في الحوار تماما مثل أي ممثل آخر ، و بمعني أن يكون حديثها و إنشادها جزءا من موضوع المسرحية ، غير أن هذا لم يكن يعني أنها أحدي الشخصيات الرئيسية في المسرحية ، لأن المفترض أن الجوقة لا تشترك في الصراع الدائر بين الشخصيات علي خشبة المسرح " حيث صنع الفعل الدرامي " بل تلزم الحياد التام ، و تبقي في مكانها علي [[الأوركسترا]] " حيث مراقبة الفعل " .
 
و بهذا تعتبر من الوجهة الفعلية خارج الأحداث مهما اشتركت في الحوار . إن الجوقة لا تملك إرادة التغيير ، و ليس هذا قصورا منها بقدر ما هو نتيجة لطبيعة دورها ، فهي ليست صانعا للأحداث بل مجرد مشاهد لها . والجوقة لا تقرأ الغيب كي تحذر منه بل تعلق فقط علي ما يحدث أمامها ، و تبي فيه وجهة نظرها ، لأن الصراع في [[التراجيديا]] يخضع في مجموعة لحتمية القدر بحيث لا تملك الجوقة إزاءه تغييرا أو تبديلا .
 
كذلك في عدم مبارحة الجوقة لمكانها في الأوركسترا ما يؤكد حدود دورها في [[التراجيديا]] الإغريقية القديمة ، و هو دور لا ينبغي أن يتحول من التأثر بالأحداث إلي التأثير الفعلي فيها ، و من التعليق بالرأي إلي اتخاذ القرار .
 
ثالثا : أن تعبر عن الرأي العام بمعني أن تمدح الأفعال الطيبة و تذم الأفعال الشريرة ، و تثني علي الأخيار و تستقبح فعل الأشرار ، تتعاطف مع البطل في محنته و لكنها لا تتواني في نقدها حينما يحيد عن الحق . فالجوقة تعني الرزانة في الرأي والوقار في التصرف بقدر وقار ملابسها و أقنعتها . و كانت خيرة في عالم الأبطال الذين يتردون بسبب هفواتهم و آثامهم في هاوية من العذاب .
 
== العقدة ==
سطر 280:
تتكون العقدة من أربع أقسام <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص72</ref>
 
1- المركبة : التي تحتوي علي عنصري التحول والاكتشاف ، البسيطة التي لا تحتوي علي العنصرين السابقين . و يفضل [[أرسطو]] المركبة لأنها تحقق المغزي الدرامي بعكس البسيطة التي تكون قاصرة عن تحقيق هذا المغزي .
 
2- المعتمدة علي الفاجعة .
سطر 290:
أن أهم ما في [[المسرحية]] هو العقدة و حلها ، و لا يكفي أن تصاغ العقدة بمهارة ، ثم يأتي حلها ضعيفا أو غير مقنع ، بل ينبغي علي المؤلف أن يجعل الحل علي مستوي العقدة بحيث تتم صياغة العقدة و حلها بنفس الدرجة من المهارة والإتقان . العقدة -إذا- هي أهم ما في المسرحية ، لأن [[الدراما]] بحق هي فن العقدة ، و لأن الصراع الذي لا يؤدي إلي عقدة هو صراع غير درامي .
 
إن الذروة في [[الدراما]] هي أن يصل الصدام بين الإرادة الإنسانية والحتمية التي تمثلها النواميس الكونية إلي الدرجة التي تتحطم فيها أحد القوتين : إرادة [[الإنسان]] أو النواميس الثابتة . و لما كان من العسير بل من المستحيل وفقا للمفهوم الإغريقي أن تتحطم نواميس [[الكون]] الثابتة -فإن الصدام يجعل من المحتم إعادة تشكيل السلوك البشري والعلاقات الإنسانية علي نحو جديد أفضل . فأفعال البشر من ذوي الإرادة القوية تدفع بهم مباشرة إلي حتمية الصدام رغم أنهم في قرارة أنفسهم يبذلون أقصي جهدهم لتجنبه ، والفعل الدرامي مرتبط بالإرادة الإنسانية و لا تقوم له قائمة في غفلة من هذه الإرادة الواعية ، بل إنه يبدأ لحظة نهوض هذه الإرادة لتحقيق هدف ما أو درء خطر ما <ref>نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، ص74</ref>.
 
و يتم حل العقدة بالتراجيديا بناء علي ما تقتضيه الأحداث نفسها و ما تسفر عنه ، و هناك سبيل يستخدم و هو خارج عن فنية العمل لكنه استخدم كثيرا و هو " الحل الآلي " الإلة من الألة ، و يري أرسطو أنه لا ينبغي استخدام حيلة الآلة إلا في أحداث المسرحية التي لا تنتمي إلي الفعل الدرامي ،و إلا في الأحداث التي وقعت قبل الفعل الدرامي ، و في الأحداث التي لا يستطيع المرء إدراك كنهها ، أو في الأحداث التي وقعت بعد الفعل الدرامي ، أو في الأحداث التي يلزم إظهارها عن طريق التنبؤ أو السرد ، ذلك لأننا نفترض في الألهة المقدرة علي رؤية كل شيء " و ننسب إليهم ما نعجز عن فعله " <ref>فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ، ص127</ref>.
سطر 333:
== المصادر ==
* نظرية الدراما الإغريقية ، د/ محمد حمدي إبراهيم ، سلسلة أدبيات ، الشركة المصرية العالمية للنشر - لونجمان ، ط 1 ، 1994 ، القاهرة .
* فن الشعر ، أرسطو ، ترجمة د/ إبراهيم حمادة ،الناشر : مكتبة الأنجلو المصرية. .إ
{{مراجع|2}}
{{تلفاز}}