محمد محيي الدين عبد الحميد: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
ط روبوت: تغييرات تجميلية
سطر 5:
ويكفي الشيخ فخرًا أنه عالج معظم كتب النحو المتداولة بين طلبة العلم وذوي الاختصاص اللغوي العميق، لتيسير دراستها وتذليل قراءتها بالشروح والتعليقات، بدءًا بالآجرومية وهو متن للنحو للمبتدئين، وانتهاءً بشرح الأشموني للألفية وشرح ابن يعيش للمفصل، ويندر أن تجد أحدًا من دارسي العربية في العالم لم يتتلمذ على كتب الشيخ محيي الدين في اللغة والنحو أو يستفد منها.
 
== نشأته ==
ولد الشيخ محمد محيي الدين في قرية [[كفر الحمام]] ب[[محافظة الشرقية]] سنة [[1318 هـ]] / [[1900]] م، ونشأ في كنف والده العالم الأزهري الشيخ عبد الحميد إبراهيم الذي كان من رجال القضاء والقتيا، فدفع به إلى من يحفظه القرآن ويعلمه مبادئ القراءة والكتابة، حتى إذا انتهى من ذلك التحق بمعهد دمياط الديني حين كان والده قاضيًا ب[[فارسكور]] و[[دمياط]]، ثم انتقل إلى معهد القاهرة لما انتقل والده لتقلد منصب المفتي لوزارة الأوقاف، وظل بالأزهر حتى حصل على شهادة العالمية النظامية مع أول فرقة دراسية تنال هذه الدرجة وفق طريقة دراسية منتظمة، وذلك في سنة [[1344هـ]] = [[1925]].
 
وظهرت مواهب الشيخ الجليل مبكرًا، وهو في طور الدراسة، وكان لنشأته في بيت علم وفقه أثر في ذلك، فقد شب وهو يرى كبار رجال العلم والقضاء يجتمعون مع أبيه في البيت ويتطارحون مسائل الفقه والحديث واللغة، فتاقت نفس الصغير إلى أن يكون مثل هؤلاء؛ فأكب على القراءة والمطالعة تسعفه نفس دءوبة وذاكرة واعية وهمة عالية، وطموح وثاب، وكان من ثمرة ذلك قيامه بشرح مقامات [[بديع الزمان الهمذاني]] شرحًا مسهبًا مستفيضًا مشحونًا بدرر الفوائد العلمية وتفسير الإشارات الأدبية والتاريخية التي تمتلئ بها مقامات الحريري، ونشر ذلك العمل وهو لا يزال طالبا قبل أن يظفر بدرجة العالمية، وصدّر هذا الشرح بإهداء إلى والده عرفانًا بفضله عليه.
 
== في قاعات الدرس ==
بعد التخرج يتلقفه معهد القاهرة مدرسًا به، حتى إذ أنشئت كليات الجامع الأزهر لأول مرة اختير للتدريس بكلية اللغة العربية سنة [[1350هـ]] / [[1931م]]، وكان أصغر أعضاء هيئة التدريس بالكلية سنًا، وكان هذا امتيازًا لم يحصل عليه بعض شيوخه وأساتذته، لكنه ناله بجده واجتهاده، ولم تمضِ عليه أربع سنوات بالكلية الجديدة حتى اختير سنة [[1354هـ]] = [[1935]] للتدريس بتخصص المادة لطلبة الدراسات العليا، وزامل الكبار من أساتذته وشيوخه مزاملة خصبة مثمرة، فاعترفوا بفضله وعلمه، وتجاوزت شهرته جدران الكلية واسترعى انتباه الإمام الأكبر [[محمد مصطفى المراغي]] شيخ الأزهر؛ فاختاره محاضرًا في المناسبات الدينية العامة بالجامع الأزهر كالإسراء والمعراج والاحتفال بالهجرة والمولد النبوي كما مثل الأزهر في كثير من المؤتمرات الثقافية واللغوية والأدبية.
 
== في السودان ==
عندما فكرت حكومة السودان في إنشاء دراسة في الحقوق ب[[كلية جوردون]] استعانت بالشيخ محمد محيي الدين ليشترك في وضع مناهج للعلوم الشرعية سنة (1359هـ= 1940م)، وعمل هناك أستاذًا للشريعة الإسلامية، وانتقل من تدريس النحو والصرف إلى دراسة المواريث وأحكام الأسرة، ولم يكتف ذلك، بل وضع كتابين جيدين في الأحوال الشخصية وأحكام المواريث، ولا يزالان يعدان من المراجع الوافية في بابهما، وظل في السودان أربع سنوات مليئة بالعمل والعطاء حتى عاد إلى مصر في سنة [[1352هـ]] / [[1943]]م.
 
== العودة إلى مصر ==
بعد عودته من السودان عين وكيلا لكلية اللغة العربية وأسهم في تطوير وإعلاء شأنها، ثم عين في سنة [[1367هـ]] / [[1946]]م مفتشًا بالمعاهدة الدينية، وبعد عامين نقل أستاذًا بكلية أصول الدين، فمكث بها نحو أربع سنوات حتى اختير مديرًا لتفتيش العلوم الدينية والعربية بالجامع الأزهر، ثم تقلد في سنة [[1374هـ]] / [[1954]]م عمادة كلية اللغة العربية، وظل شاغلا هذا المنصب خمس سنوات عاد بعدها أستاذًا إلى كلية أصول الدين، ومكث بها خمس سنوات رجع بعدها عميدا لكلية اللغة العربية مرة أخرى سنة [[1384هـ]] / [[1964]]م حتى بلغ سن التقاعد بعدها بعام واحد.
 
في أثناء ذلك وبعده اختير في لجنة الفتوى بالأزهر عضوًا، ثم تولى رئاستها، واختير عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة ([[1384 هـ]]= [[1964]]م)، وتولى رئاسة [[لجنة إحياء التراث]] ب[[المجلس الأعلى للشئون الإسلامية]] بالقاهرة، وكان عضوًا في [[مجمع البحوث الإسلامية]] التابع للأزهر الشريف.
 
== إسهامه العلمي ==
قامت شهرة الشيخ محمد محيي الدين على جهوده في إخراج كتب النحو وشرحها، وإخراجها في أنقى صورة؛ فحقق وشرح الآجرومية، وقطر الندى، وشذور الذهب، وأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، وابن عقيل على الألفية، ومغني اللبيب، وشرح الأشموني على ألفية ابن مالك، والإنصاف في مسائل الخلاف. وهذه الكتب كانت تدرس في الأزهر الشريف في سنوات دراسية متدرجة من المرحلة الابتدائية حتى مرحلة تخصص المادة في كلية اللغة العربية.
 
سطر 38:
لم يكن الشيخ يستعين بأحد في إخراج هذه الكتب الكثيرة، وبعضها من ذوات المجلدات، وكان يتولى بنفسه تصحيح تجارب الطبع إمعانًا في الدقة.. وهذه الخصوبة في إخراج كتب التراث التي تجاوزت ثمانين كتابًا أثارت حقد بعض المشتغلين بالعلم، فاتهموا الشيخ بأنه لا يلتزم بالمناهج الجديدة في التحقيق، وأنه لا يتابع التعليق، مكتفيًا بالنص الصحيح، وإغفال النسخ الخطية التي اعتمد عليها في تحقيقه، وهذا النقد وإن كان بعضه صحيحًا يحتاج إلى مناقشة؛ فالعبرة بإخراج نص سليم من الأخطاء قريب من الصورة التي وضعها عليه المؤلف، وما قيمة التعليقات على نص مليء بالأخطاء، وقد عرف الناس قدر الشيخ فأقبلوا على قراءة ما كتب، ومطالعة مؤلفاته وتحقيقاته، ونالت كتبه الحظوة وبُعد الصيت فانتشرت انتشارًا واسعًا.
 
== وفاته ==
ظل الشيخ محمد محيي الدين منكبًا على عمله في تحقيق كتب التراث لا يعوقه مرض أو مسئوليات منصب، أو عضوية المجامع عن مواصلة طريقه حتى لقي الله في [[25 ذو القعدة]] [[1392]]هـ الموافق [[30 ديسمبر]] [[1972]]، تاركًا هذا الإنتاج الخصب الذي لا تزال تنتفع بما فيه الأجيال، ويتعجب الإنسان كيف اتسع عمره لإخراج هذا العدد من الكتب المتنوعة في التخصص، الكثيرة في العدد، المختلفة في الأحجام، ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء.
 
== المصادر ==
* محمود محمد الطناحي: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي ـ مكتبة الخانجي ـ القاهـرة ـ (1405هـ= 1984م)
* محمد رجب البيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين ـ دار القلم ـ دمشق ـ (1415هـ= 1995م).
* محمد مهدي علام: المجمعيون في خمسين عاما ـ الهيئـة العامة لشـئون المطابع الأميرية ـ القاهرة ـ ( 1406هـ= 1986م)
* عبد السلام هارون: تأبيـن الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد ـ مجلة مجمع اللغة العربية القاهرة ـ الجزء الثاني والثلاثون ـ (1393هـ= 1973م).
* [[أحمد حسن الزيات]]
* [[مصطفى صادق الرافعي]]