جميل مردم بك: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
وسمان: تعديلات طويلة تحرير مرئي
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي V1.4
سطر 55:
 
== البداية ==
ولِد '''جميل مردم بك''' [[دمشق|بدمشق]] وهو سليل أُسرة سياسية عريقة، تعود أصولها إلى جدها الأكبر [[مصطفى لالا باشا]] فاتح [[قبرص]] في القرن السادس عشر. عَمل أفراد الأُسرة في التجارة والزراعة وظهر جده [[عثمان مردم بك]] كأحد أعيان المدينة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=دمشق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ص 247-250|dateتاريخ=1998|publisherناشر=دار الجمهورية|author1مؤلف1=ليندا شيلشر|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> كان [[عثمان مردم بك]] رجلاً مُقتدراً، يملك كامل قرية [[حوش المتبن]] في [[غوطة دمشق]]، وخان الزيت في [[سوق مدحت باشا]]، وحوش الحسينينة في [[وادي العجمان|وادي العجم]]، وكامل قرية [[خان الشيح]]، إضافة لأراضٍ واسعةٍ في حوش [[الصالحية (توضيح)|الصالحية]] التي أصبحت لاحقاً تعرف بمنطقة بستان الرئيس.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=تراجم آل مردم بك في خمسة قرون، ص 343|تاريخ=2009|ناشر=دار طلاس|مؤلف1=تميم مأمون مردم بك|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=دمشق|الأول=|via=|عمل=}}</ref>
 
== الجمعية العربية الفتاة ==
دَرس '''جميل مردم بك''' في [[دمشق]] والتحق بمعهد العلوم السياسية في [[باريس]]، حيث عمل مع مجموعة من الطلاب العرب على تأسيس [[جمعية العربية الفتاة|الجمعية العربية الفتاة]] الرامية إلى تحرير [[سوريا|سورية]] من [[الدولة العثمانية|الحكم العثماني]].<ref name="مولد تلقائيا3">{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=عبقريات وأعلام، ص 36|dateتاريخ=1996|publisherناشر=دار البشائر|author1مؤلف1=عبد الغني العطري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> شارك في تنظيم [[المؤتمر العربي الأول]] في [[فرنسا]] سنة 1913 وأنتخب أميناً عاماً له، فحُكم عليه بالإعدام من قبل [[جمال باشا]]، حاكم [[سوريا|سورية]] العسكري، وظلّ مقيماً في [[فرنسا]] حتى نهاية [[الحرب العالمية الأولى]] سنة 1918. سافر '''مردم بك''' إلى دول [[أمريكا اللاتينية|أميركا اللاتينية]] ممثلاً عن [[المؤتمر العربي الأول|المؤتمر العربي]] لتقوية روابط الصداقة بين [[جمعية العربية الفتاة|جمعية الفتاة]] والجالية العربية المقيمة هناك.<ref name="مولد تلقائيا3" />
 
== في بلاط الملك فيصل الأول ==
عاد بعدها إلى [[دمشق]] وبايع [[فيصل الأول|الأمير فيصل بن الحسين]] حاكماً عربياً على [[سوريا|سورية]]، ليصبح مُترجماً خاصاً له نظراً لطلاقته [[اللغة الفرنسية|باللغة الفرنسية.]]<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=عبقريات وأعلام، ص 37|تاريخ=1996|ناشر=دار البشائر|مؤلف1=عبد الغني العطري|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=دمشق|الأول=|via=|عمل=|author1مؤلف1=|author2مؤلف2=|languageلغة=|العملعمل=}}</ref> وفي كانون الثاني 1919 سافر '''مردم بك''' إلى [[فرنسا]] مع [[فيصل الأول|الأمير فيصل]] لحضور [[مؤتمر باريس للسلام 1919|مؤتمر السلم]] المُنعقد في [[باريس]]، حيث قام بأعمال الترجمة خلال اجتماعات الأمير مع رئيس وزراء [[فرنسا]] [[جورج كليمنصو]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والولايات النتحدة، ص 15|dateتاريخ=2012|publisherناشر=|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=لندن|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> وعند تشكيل حكومة الفريق [[علي رضا الركابي|رضا باشا الركابي]] بعد تتويج [[فيصل الأول|فيصل]] ملكاً على [[سوريا|سورية]] يوم 8 أذار 1920، عُيّن '''جميل مردم بك''' معاوناً لوزير الخارجية الدكتور [[عبد الرحمن الشهبندر]].<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=شرق الجامع الأموي، ص 155|تاريخ=2016|ناشر=دار رياض نجيب الريّس|مؤلف1=سامي مروان مبيض|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=بيروت|الأول=|via=|عمل=}}</ref> لم تكن علاقة [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] و'''مردم بك''' وليدة اللحظة، بل كانت قديمة ومعقدة تعود إلى مراحل عملهما المشترك ضد العثمانيين، عندما كان الأول طبيباً خاصاً [[جمال باشا|لجمال باشا]] وعميلاً سرياً [[الثورة العربية الكبرى|للثورة العربية]]، وكان '''مردم بك''' مُقيماً في [[باريس]] يعمل لمصلحة الحركة الوطنية مع الطلاب العرب الموجودين في [[أوروبا]].  
 
== مردم بك والثورة السورية الكبرى ==
بعد سقوط الحكم الملكي في [[سوريا|سورية]] وفرض [[الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان|الإنتداب الفرنسي]] سنة 1920 إنضم '''جميل''' '''مردم بك''' إلى صفوف الحركة الوطنية بقيادة [[عبد الرحمن الشهبندر]]، وشارك بتأسيس [[حزب الشعب (دمشق)|حزب الشعب]]، الذي كان يهدف إلى تحرير البلاد من أي هيمنة أجنبية وتأسيس حكم ملكي في [[سوريا|سورية]] يكون العرش فيه لأحد أبناء [[الحسين بن علي شريف مكة|الشريف حسين بن علي]]، قائد [[الثورة العربية الكبرى]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 144-145|dateتاريخ=1987|publisherناشر=جامعة برنستون|author1مؤلف1=فيليب خوري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=الولايات المتحدة|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> انطلقت أعمال الحزب في صيف العام 1925 وانضم عدد كبير من الوطنيين إلى صفوفه، مثل [[فوزي الغزي]] و<nowiki/>[[فارس الخوري]] و<nowiki/>[[لطفي الحفار]]. ولكن الحزب لم يستمر بالعمل إلا قليلاً فقد تم القضاء عليه يوم إعلان [[الثورة السورية الكبرى]]، بسبب موقف أعضائه المؤيد لزعيمها [[سلطان الأطرش|سلطان باشا الأطرش]]. عَمل '''جميل مردم بك''' مع [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] وقادة [[حزب الشعب (دمشق)|حزب الشعب]] على نقل [[الثورة السورية الكبرى|الثورة]] من [[جبل حوران|جبل الدروز]] إلى [[دمشق]]، وقام بشراء السلاح وتهريبه إلى ثوار [[غوطة دمشق|الغوطة]] عبر قريته في [[حوش المتبن]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=من هم في العالم العربي، ص 578-579|dateتاريخ=1957|publisherناشر=|author1مؤلف1=جورج فارس|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> فأمرت [[فرنسا]] بإعتقاله ونفيه إلى سجن [[قلعة أرواد]] ومن بعدها وضعته تحت الإقامة الجبرية في مدينة [[يافا]] الفلسطنية، حيث بقي حتى انحسار [[الثورة السورية الكبرى|الثورة]] في منتصف العام 1927.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=شرق الجامع الأموي، ص 156|تاريخ=2016|ناشر=دار رياض نجيب الريس|مؤلف1=سامي مروان مبيض|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=بيروت|الأول=|via=|عمل=}}</ref>
 
== الكتلة الوطنية ==
وبعد خروجه من المعتقل، انضم '''جميل مردم بك''' إلى تنظيم سياسي جديد حمل اسم [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]]، برئاسة [[هاشم الأتاسي]]، أحد زعماء الحركة الوطنية السورية. سعت [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] إلى تحرير [[سوريا|سورية]] من الحكم الفرنسي عبر النضال السّياسي وصناديق الإقتراع، رافعة شعار "التعاون المشرف" مع حكومة الاحتلال من أجل تحقيق الاستقلال التام وغير المشروط.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 250-251|dateتاريخ=1987|publisherناشر=جامعة برنستون|author1مؤلف1=فيليب خوري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=الولايات المتحدة|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> جاءت مبادرة الكتلة بعد فشل [[الثورة السورية الكبرى]] في تحقيق أي من اهدافها المعلنة، وعلى الفور، أدت إلى حصول شرخ كبير في الحركة الوطنية، بين المنادين باستمرار النضال المسلح، الممثلين [[عبد الرحمن الشهبندر|بعبد الرحمن الشهبندر]]، والمطالبين بإلقاء السلاح، الممثلين '''بجميل مردم بك'''.
 
== وزيراً في عهد الرئيس العابد ==
عقد مؤتمر عام [[الكتلة الوطنية (سوريا)|للكتلة الوطنية]] في مدينة [[حمص]] عام 1932 إنتُخب فيه مجلس دائم بات فيه [[هاشم الأتاسي]] رئيساً مدى الحياة و<nowiki/>[[فارس الخوري]] عميداً [[الكتلة الوطنية (سوريا)|للكتلة]] و<nowiki/>[[إبراهيم هنانو|ابراهيم هنانو]] زعيماً لها، وتم انتخاب كلّ من '''جميل مردم بك''' و<nowiki/>[[شكري القوتلي]]، وكلاهما من زعماء [[دمشق]]، ممثلين دائمين في مجلس الكتلة الدائم.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 252|dateتاريخ=1987|publisherناشر=جامعة برنستون|author1مؤلف1=فيليب خوري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=الولايات المتحدة|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> وفي نفس السنة، إنتُخب '''مردم بك''' نائباً عن [[دمشق]] في [[مجلس الشعب السوري|البرلمان السوري]]، ممثلاً عن [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]]. وعند إنتخاب [[محمد علي العابد|محمّد علي العابد]] رئيساً للجمهورية عَرض على '''جميل مردم يك''' تولي وزارة المالية في حكومة الرئيس [[حقي العظم]]، المحسوبة على الفرنسيين.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=تاريخ دمشق المنسي، ص 253|تاريخ=2015|ناشر=دار رياض نجبيب الريس|مؤلف1=سامي مروان مبيض|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=بيروت|الأول=|via=|عمل=}}</ref> كان هذا الطلب مستهجن في صفوف الوطنيين، الذين رفضوا إعطاء أي شرعية [[حقي العظم|لحقي العظم]]، ولكن '''مردم بك''' قبل التكليف ودخل الحكومة بالرغم من معارضة زعيم [[حلب]] [[إبراهيم هنانو|ابراهيم هنانو.]]<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سياسية دمشق والإنتداب الفرنسي، ص 97|dateتاريخ=1998|publisherناشر=دار طلاس|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> حاول '''مردم بك''' إقناعة بالقول أن وجود زعيم وطني واحد في هذه الحكومة أفضل من خلوها بالكامل من أي شخصية وطنية. جاء [[إبراهيم هنانو|هنانو]] من [[حلب]] غاضباً إلى [[دمشق]] وذهب إلى دار شقيقة '''جميل مرد بك'''، وأمر بقدوم الأخير من وزارة المالية ليجد طاولة في وسط الغرفة عليها كتاب استقالته ومسدس، طالباً منه الاختيار بينهما.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=شعاع قبل الفجر، ص 77|تاريخ=2005|ناشر=|مؤلف1=احمد نهاد السياف|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=دمشق|الأول=|via=|عمل=}}</ref> نظراً لكمية الضغوطات التي مورست عليه أُجبر '''مردم بك''' على الاستقالة في نيسان 1933.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي، ص 98|dateتاريخ=1998|publisherناشر=دار طلاس|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> وفور مغادرته الحكم قام بجولة على [[الوطن العربي|البلاد العربية]]، شملت لقاء مع [[عبد العزيز آل سعود|الملك عبد العزيز آل سعود]]، مذكراً خصومه وأصدقائه معاً أنه مازال الرقم الأصعب بين زعماء [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة]].
 
== الاضراب الستيني ==
توفي الزعيم [[إبراهيم هنانو|ابراهيم هنانو]] في تشرين الثاني 1935 وحصلت صدامات عنيفة خلال جنازته بين شباب [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] ورجال الشرطة، أدت إلى اعتقال زعيم [[دمشق]] ونائبها [[فخري البارودي]]، المُتهم من قبل [[فرنسا]] بتحريض الشارع ضد حكومة الإنتداب. نظمت [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] اضراب عام في المدن السورية كافة دام ستون يوماً، قاده '''جميل مردم بك'''، الذي خطب من على منبر [[الجامع الأموي (دمشق)|الجامع الأموي]] [[دمشق|بدمشق]] يوم 21 كانون الثاني 1936 مطالباً بطرد الفرنسيين من [[سوريا|سورية]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=من أوراق الإنتداب: تاريخ ما أهمله التاريخ، ص 125|dateتاريخ=1989|publisherناشر=دار النفائس|author1مؤلف1=زهير الشلق|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> ردت [[فرنسا]] بإعتقاله ونفيه إلى بلدة [[أعزاز|إعزاز]] على [[الحدود التركية السورية|الحدود السورية التركية]]، ولكنها أطلقت سراحه بعد شهرين عندما قبلت حكومة [[باريس]] التفاوض مع زعماء [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] بصفتهم ممثلين شرعيين عن الشعب السوري. شُكّل وفد رفيع للذهاب إلى [[باريس]] والتفواض مع حكومة الرئيس [[إدوار دلادييه]]، ضمّ [[هاشم الأتاسي]] و'''جميل مردم بك''' و<nowiki/>[[سعد الله الجابري]]، ممثلين عن [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] و<nowiki/>[[إدمون حمصي]] والأمير [[مصطفى الشهابي]]، ممثلين عن الرئيس [[محمد علي العابد]]، إضافة إلى ثلاثة مستشارين وهم [[نعيم أنطاكي]] و<nowiki/>[[إدمون رباط]] و<nowiki/>[[رياض الصلح|رياض الصلح.]]<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=هاشم الأتاسي: حياته وعصره، ص 202-209|dateتاريخ=2005|publisherناشر=|author1مؤلف1=محمد رضوان الأتاسي|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref>
 
== مفاوضات باريس عام 1936 ==
أثبت '''مردم بك''' خلال مفاوضات [[باريس]] أنه كان الأمهر والأعلم بين رفاقه في [[تاريخ أوروبا|التّاريخ الأوروبي]] والسياسة الفرنسية، وأنه رجل دولة بإمتياز، حادّ الذكاء، مُغامر ومُقامر. سقطت حكومة [[إدوار دلادييه|دلادييه]] خلال تواجد وفد [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] في [[باريس]] وخلفتها حكومة رئيس الوزراء الإشتراكي [[ليون بلوم]]. وفي أيلول 1936 وقّعت [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] على [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|اتفاق]] تاريخي مع [[حكومة فرنسا|الحكومة الفرنسية]]، أعطى السوريين حقَّ الاستقلال التدريجي على مدى خمسٍ وعشرين سنة، وسمح [[سوريا|لسورية]] بأن يكون لها جيش وطني شرط أن تتكفّل [[فرنسا]] بتدريبه وتسليحه، وأُعطيت قاعدتان عسكريتان دائمتان في [[الساحل السوري]] للقوات الفرنسية، إضافةً إلى تسهيلات عبور للبضائع والصادرات الفرنسية.<ref name="مولد تلقائيا1">{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 237|dateتاريخ=1983|publisherناشر=دار النهار|author1مؤلف1=يوسف الحكيم|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> كما وافقت [[فرنسا]] على إعادة ضمّ الدولتين [[علويون (طائفة)|العلويّة]] و<nowiki/>[[موحدون دروز|الدرزيّة]] إلى أراضي [[سوريا|الجمهورية السورية]]، ووافق الطرفان على اتفاقية دفاع مشترك، تُعطي [[القوات البرية الفرنسية|الجيش الفرنسي]] حق الانتفاع من البر والجو والبحر في [[سوريا|سورية]] حال نشوب حرب عالمية جديدة في [[أوروبا]].<ref name="مولد تلقائيا1" />
 
== العودة الى دمشق وتشكيل الحكومة المردمية الأولى ==
عند سماع الخبر، انفجرت [[دمشق]] فرحاً وظنّ الناس أن الاستقلال صارعلى الأبواب. زُينت الشُّرفات بالأعلام السورية والفرنسية ورُفعت الحبال وعليها الإنارة الملوّنة وعُلّق السجاد الفاخر عليها، احتفالاً بعودة وفد [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة]] من [[باريس]] عبر مدينة [[حلب]]، وشُيّدت أقواس النصر على مداخل [[محطة الحجاز]] ودار الحكومة في [[ساحة المرجة]]<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي، ص 119|dateتاريخ=1998|publisherناشر=دار طلاس|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكلزية|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> استمرت الاحتفالات أربعة أيام بلياليها، وتلاها استقالة [[محمد علي العابد|الرئيس العابد]] من منصبه واجراء انتخابات نيابلية ورئاسية مبكرة، فاز فيها [[هاشم الأتاسي]] برئاسة للجمهورية بواحد وسبعين صوتاً من أصل أصوات المجلس النيابي الثلاثة والثمانين، وأصبح '''جميل مردم بك''' أول رئيس للوزراء في ما عُرف بالعهد الوطني الأول.
 
شكلت حكومة '''جميل مردم بك''' يوم 21 كانون الأول 1936 وتولى فيها رئيس الوزراء حقيبة الاقتصاد الوطني وعيّن زميله [[سعد الله الجابري]] وزيراً للخارجية وسلّم [[شكري القوتلي]] وزيرة المالية والدفاع. وأخيراً جاء بالدكتور [[عبد الرحمن الكيالي]] من [[حلب]] وزيراً للمعارف والعدل.  ولكنّ الفرحة الكبرى لم تتمّ بسبب رفض [[البرلمان الفرنسي]] لبنود الاتفاق وشنّ حملة صحفية ضده في كبرى الصحف الفرنسية، شاركت فيها نحو ستين مؤسسة فرنسية لها مصالح تجارية مع [[المشرق العربي]]، منها شركات الترامواي والكهرباء وسكك الحديد.<ref name="مولد تلقائيا2">{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 486|dateتاريخ=1987|publisherناشر=جامعة برنستون|author1مؤلف1=فيليب خوري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=الولايات المتحدة|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> قال البعض منهم إن [[فرنسا]] لا يجب أن تغيب عن مسرح الأحداث في [[الشرق الأوسط]] لكي لا تستولي [[المملكة المتحدة|بريطانيا]] على [[سوريا|سورية]] [[لبنان|ولبنان]] وحتى تحافظ [[فرنسا|الجمهورية الفرنسية]] على حقوق الأقليات على حوض المتوسط وتمنع انتشار الشعور القومي في مستعمراتها في [[شمال أفريقيا]] لضمان خطوط التجارة والاتصالات إلى [[شرق آسيا]].<ref name="مولد تلقائيا2" />
 
في حزيران 1937 غادر [[ليون بلوم]] منصبه وعاد [[إدوار دلادييه|إدوار دالادير]] إلى الحكم، رافعاً شعار "التمسك [[الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية|بالإمبراطورية الفرنسية]]"، فسافر الرئيس '''جميل مردم بك''' إلى [[باريس]] في تشرين الثاني 1937، ووقّع عدة ملاحق [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|للمعاهدة السورية الفرنسية]]، فيها الكثير من التنازلات، منها ضمانات إضافية للأقليات والتأكيد على الاستعانة بخبراء فرنسيين دائمين في مؤسسات الحكم السورية. مع ذلك رُفضت [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|المعاهدة]] مجدداً في [[البرلمان الفرنسي]]، فتوجه '''مردم بك''' إلى [[باريس]] في آب 1938 ومكث فيها ثلاثة أشهر متواصلة، وقّع خلالها على تنازلات إضافية وأعطى الفرنسيين حق التنقيب على النفط في المنطقة الشرقية، وضمن لهم مكانة [[اللغة الفرنسية]] في المناهج التربوية السورية وعدداً ثابتاً من المستشارين والخبراء في كافة مفاصل الدولة.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=سورية والانتداب الفرنسي، ص 489|تاريخ=1987|ناشر=جامعة برينستون|مؤلف1=فيليب خوري|مؤلف2=|editor1=|لغة=الأنكليزية|مكان=الولايات المتحدة|الأول=|via=|عمل=}}</ref>
 
== معارضة الشهبندر ==
وبموجب العفو العام الذي صدر بعد توقيع [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|المعاهدة]]، عاد [[عبد الرحمن الشهبندر]] إلى [[سوريا|سورية]] يوم 14 أيار 1937 بعد غياب إجباري دام قرابة اثني عشر سنة وفتح نيرانه على رئيس الحكومة '''جميل مردم بك'''، متهماً حليف الأمس بإعطى [[فرنسا]] الكثير من التنازلات السياسية والإقتصادية. خرج طلاب المدارس وموظفو الحكومة وممثلون عن النقابات بالآلاف رافعين صور [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] في كل شوارع وساحات [[دمشق]]، واصفينه [[سعد زغلول|بزغلول]] [[سوريا|سورية]] نسبةً إلى الزعيم المصري الكبير [[سعد زغلول]]، رئيس [[حزب الوفد]] وقائد نضال بلاده ضد الحكم البريطاني.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=غرب كنيس دمشق، ص 131-133|dateتاريخ=2017|publisherناشر=دار رياض نجيب الريّس|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> أنزعج '''مردم بك''' كثيراً من هذه الحفاوة، وغاب هو وكل رجالات حكمه عن جميع المناسبات التي أٌقيمت [[عبد الرحمن الشهبندر|للشهبندر]]. فلم يُخفِ أحد منهم تخوّفه من عودة [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] إلى الحياة السياسية في [[سوريا|سورية]]، وقلقهم الشديد من مشروعه الشخصي والوطني، وتقمته عليهم جميعاً لتجاهلهم له طوال فترة غيابه عن مسرح الأحداث في [[سوريا|سورية]]، وعدم أخذ مشورته في [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|معاهدة عام 1936]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=غرب كنيس دمشق، ص 133|dateتاريخ=2017|publisherناشر=دار رياض نجيب الريّس|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref>
 
سخِر [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] من خصومه واعتبر أنَّ الاتفاقية الموقعة بين '''جميل مردم بك''' وحكومة [[ليون بلوم]] كانت مليئة بهفوات سياسية وقانونية لا تُغتفر، وتنازلات مُذلّة وغير مُبررة، مضيفاً أنها شرَّعت الانتداب وأعطت الفرنسيين أكثر بكثير مما يستحقون لتقرير مستقبل [[سوريا|سورية]]، من قواعد عسكرية ومدارس وحقوق تنقيب وغيرها.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سياسة دمشق والإنتداب الفرنسي، ص 125|dateتاريخ=1998|publisherناشر=دار طلاس|author1مؤلف1=سامي مروان مبيّض|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> في أحاديثه الصحفية وخُطبه الجماهيرية وجّه [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] اللوم الشديد إلى الحكومة المردمية، معتبراً أنها جاءت إلى الحكم على دماء شهداء [[الثورة السورية الكبرى|الثورة السورية الكبري]]. في إحدى المناسبات فتح [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] نيرانه على [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|معاهدة باريس]] قائلاً: "إنّ هذه المعاهدة كلها سُموم ويحاول السيد '''جميل مردم بك''' تبليعها أبناء سورية وطليها بالعسل، ولكن أبناء البلاد سيطحنون جرعه المعسول بالعقل ليروا السموم المدسوسة فيه.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=صحافة وسياسة في سورية، ص 117|تاريخ=1987|ناشر=دار رياض نجيب الريس|مؤلف1=نصوح بابيل|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=بيروت|الأول=|via=|عمل=}}</ref> تحول خلاف [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] و'''مردم بك''' إلى مادة دسمة لثرثرة المقاهي، ما أضرَّ كثيراً برئيس الحكومة تحديداً بعد تضاعُف الانتقادات الموجهة إليه بسبب رفض [[البرلمان الفرنسي]] التصديق على المعاهدة. رداً على [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] وحملته رَفض '''مردم بك''' إعطاءه ترخيصاً لممارسة العمل السياسي في [[دمشق]]، ثم أمر بوضعه تحت الإقامة الجبرية في داره وبإعتقال عددٍ من مُناصريه بتهمة عقد اجتماعات سياسية غير مرخصة في [[الميدان (دمشق)|حي الميدان]] جرى خلالها التحريض على سلامة الدولة ونظامها الجمهوري. شملت حملة الاعتقالات النائب الدكتور [[منير العجلاني]] ورئيس تحرير [[جريدة الأيام (سورية)|جريدة الأيام]] [[نصوح بابيل]]، التي كانت تُناصر التيار الشهبندري في كل مقالاتها الافتتاحية وتتطاول على رئيس الحكومة.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=صحافة وسياسة في سورية، ص 134|تاريخ=1987|ناشر=دار رياض نجيب الريس|مؤلف1=نصوح بابيل|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=بيروت|الأول=|via=|عمل=}}</ref>  ازداد الخلاف الشديد عند تعرُّض '''جميل مردم بك''' لمحاولة اغتيال على مدخل السرايا في 16 حزيران 1938 عند انفجار قنبلة وضِعت في سيارته، فوجِّهت أصابع الاتهام فوراً إلى [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] ورفاقه.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=صحافة وسياسة، ص 111|dateتاريخ=1987|publisherناشر=دار رياض نجيب الريّس|author1مؤلف1=نصوح بابيل|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=لندن|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref>
 
== سلخ لواء إسكندرون ==
ومن أخطر التحديات التي واجهت الرئيس '''مردم بك''' كانت قضية [[لواء إسكندرون]]، الذي تم ضمّه على مراحل إلى [[تركيا]] خلال السنوات 1936-1939.  أعطت [[فرنسا]] [[لواء إسكندرون|اللواء]] إلى [[تركيا]] لضمان حيادها في الحرب العالمية المقبلة في [[أوروبا]]، وعجز '''جميل مردم بك''' عن حماية تلك المنطقة، مما أثار هجوم عنيف ضده من قبل [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] وغيره من السياسيين السوريين.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=من أوراق الإنتداب: تاريخ ما أهمله التاريخ، ص 171-180|dateتاريخ=1989|publisherناشر=دار النفائس|author1مؤلف1=زهير الشلق|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> زاد من نقمة خصومه عليه أنه توقف في [[أنقرة]] عند عودته من [[فرنسا]]، وقضى ليلة في ضيافة الرئيس [[مصطفى كمال أتاتورك|كمال أتاتورك]]، مما أدى إلى ظهور إشاعة في الوسط الدمشقي بأن '''جميل مردم بك''' قد "باع اللواء" [[تركيا|لتركيا]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 508|dateتاريخ=1987|publisherناشر=جامعة برنستون|author1مؤلف1=فيليب خوري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=الولايات المتحدة|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> أدى سلخ [[لواء إسكندرون|اللواء]] إلى نزوح ما لا يقل عن خمسون ألف لاجئ إلى داخل [[سوريا|سورية]]، مما أحرج حكومة [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] كثيراً وأظهر كامل عجزها على احتواء الأزمة.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=سورية والانتداب الفرنسي، ص 513|تاريخ=1987|ناشر=جامعة برينستون|مؤلف1=فيليب خوري|مؤلف2=|editor1=|لغة=الانكليزية|مكان=الولايات المتحدة|الأول=|via=|عمل=}}</ref>
 
== قانون الأحوال الشخصية ==
في نهاية عهد '''جميل مردم بك'''، ظهرت قضية مرسوم تنظيم الأحوال الشخصية في [[سوريا|سورية]]، الذي صدر عن المندوب السامي [[كونت دامين دو مارتيل|هنري دي مارتيل]]. سُمح بموجب هذا القانون لأي مواطن سوري بلغ سن الرشد أن يختار دينه وأن يتنقل بحرية من طائفة إلى أخرى، أو من دين إلى دين، دون اعلام مجلس الملّة أو الكنيسة أو دار الإفتاء، كما سَمح القانون لأي أمراة مسلمة أن تتزوج من مسيحي.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=ظهور الأقليات في الشرق الأوسط، ص 168|dateتاريخ=2011|publisherناشر=جامعة إدنبرة|author1مؤلف1=بنيامين وايت|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> كان '''مردم بك'''، المعروف بتوجهاته العلمانية منذ العهد الفيصلي، ميّال إلى المصادقة على المرسوم الفرنسي وقد حصل على موافقة من زميله في [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]]، وزير العدل [[عبد الرحمن الكيالي]]، خريج [[الجامعة الأميركية في بيروت]] والمتأثر ايضاً بالفكر العلماني الغربي.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=ظهور الأقليات في الشرق الأوسط، ص 168|dateتاريخ=2011|publisherناشر=جامعة إدنبرة|author1مؤلف1=بينيامين وايت|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> ولكنه أدرك سريعاً استحالة هذا الأمر، تحت ضغط من الجمعيات الدينية والعُلماء، وعلى رأسهم [[محمد كمال القصاب|الشيخ كامل القصاب]]، الذي هدد بعصيان مُسلح ضد الحكومة المردمية لو أكمل '''جميل مردم بك''' بمشروعه.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=ظهور الأقليات في الشرق الأوسط، ص 175|dateتاريخ=2011|publisherناشر=جامعة إدنبرة|author1مؤلف1=بينيامين وايت|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=اللغة الإنكليزية|placeمكان=|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> فبعد اعطاء موافقته الأولية على القرار قام بالتنصل منه وأعطى أمراً معاكساً لكافة المحاكم السورية بعدم تطبيقه، بحجة أنه لم يحصل على موافقة مجلس النواب. وقدم بعدها استقالته من منصبه احتجتجاً عليه، يوم 23 شباط 1939، ارضاء للشارع السوري المحافظ. وقبل مغادرته مكتبه في السراي الكبير، شكّل لجنة لاعادة دراسة القانون، مؤلفة من الشيخ [[عبد المحسن الأسطواني]] و<nowiki/>[[محمد كمال القصاب|الشيخ كامل القصاب]] ورئيس محكمة التميز [[مصطفى برمدا]] والقاضي [[حنا مالك]]، وقرر هؤلاء مجتمعين طي القرار إلى أجل غير مُسمّى.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=سورية والإنتداب الفرنسي، ص 287|dateتاريخ=1983|publisherناشر=دار النهار|author1مؤلف1=يوسف الحكيم|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref>
 
== اغتيل الشهبندر ==
وفي 6 حزيران 1940، اغتيل [[عبد الرحمن الشهبندر]] في عيادته الطبية [[دمشق|بدمشق]]، ووجهت أصابع الإتهام إلى رئيس الورزاء الأسبق '''جميل مردم بك''' ورفاقه في [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]]، [[سعد الله الجابري]] و<nowiki/>[[لطفي الحفار|لطفي الحفا]]<nowiki/>ر، وذلك بسبب الخصومة التارخية بينهم وبين [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]]. هرب ثلاثتهم إلى [[العراق]] وحلّوا ضيوفاً على حكومة الرئيس [[نوري السعيد]]، وتمت محاكمتهم غيابياً في [[سوريا|سورية]] بتهمة التحريض على القتل.<ref>{{مرجع كتاب|عنوان=أوراق جميل مردم بك، ص 19|تاريخ=1994|ناشر=شركة المطبوعات|مؤلف1=سلمى مردم بك|مؤلف2=|editor1=|لغة=العربية|مكان=بيروت|الأول=|via=|عمل=}}</ref> أفاد أحد الجناة أن '''جميل''' '''مردم بك''' أرسل لهم المال والمسدسات عن طريق مدير مكتبه المحامي الشاب [[عاصم النائلي]]، الذي حرّضهم ضد [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] قائلاً أنه علماني مُلحد وعميل [[جهاز الاستخبارات البريطاني|للمخابرات البريطانية]] في [[سوريا|سورية]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=أوراق جميل مردم بك، ص 19|dateتاريخ=1994|publisherناشر=شركة المطبوعات|author1مؤلف1=سلمى مردم بك|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> ولكن '''جميل''' '''مردم بك''' عاد إلى [[دمشق]] مع رفاقه بعد تبرئتهم من كافة التهم الموجهة إليهم وإدانة المجرمين بمحاولة إلساق الجريمة بقادة [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] للتخلص منهم ومن [[عبد الرحمن الشهبندر|الشهبندر]] معاً، بإيعاز من [[مخابرات فرنسية|المخابرات الفرنسية]].<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=عبد الرحمن الشهبندر: حياته وجهاده، ص 399|dateتاريخ=1985|publisherناشر=الدار المتحدة للنشر|author1مؤلف1=حسن الحكيم|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref>
 
== وزيراً للخارجية 1943-1945 ==
وعند عودة [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] إلى الحكم وإنتخاب [[شكري القوتلي]] رئيساً للجمهورية في صيف العام 1943، عُين '''جميل مردم بك''' سفيراً في [[مصر]] ثم وزيراً للخارجية في حكومة الرئيس [[سعد الله الجابري]]، ومن هذا الموقع، شارك في تأسيس [[جامعة الدول العربية]] عام 1944. وفي 14 تشرين الأول 1944، تسلّم حقائب الاقتصاد والدفاع في حكومة الرئيس [[فارس الخوري]]، إضافة لحقيبة الخارجية.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=من هم في العالم العربي، ص 578-579|dateتاريخ=1957|publisherناشر=|author1مؤلف1=جورج فارس|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> قاد '''جميل مردم بك''' المفوضات مع [[فرنسا]] لتسلّم جميع المصالح المشتركة من سلطة الإنتداب، بما فيها المطارات المدنية والعسكرية ومصلحة التبغ وشركة الكهرباء، وكان في الصفوف الأمامية عند جلاء القوات الأجنبية عن [[سوريا|سورية]] يوم 17 نيسان 1946. وقد حاولت [[فرنسا]] إعتقاله يوم عدوانها على مدينة [[دمشق]] في 29 أيار 1945، كما حاولت تصفية كلّ من الرئيس [[شكري القوتلي]] ورئيس البرلمان [[سعد الله الجابري]]، ولكن '''مردم بك''' هرب من دار الحكومة في [[ساحة المرجة]] وتوجه إلى منزل رئيس الوزراء الأسبق [[خالد العظم]] في [[سوق صاروجا|سوق ساروجا]]، حيث مكث مع أعضاء حكومته حتى إنتهاء العدوان بموجب تدخل بريطاني لدى الجنرال [[شارل ديغول]] يوم 1 حزيران 1945.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=مذكرات خالد العظم، ص 297|dateتاريخ=1972|publisherناشر=الدار المتحدة|author1مؤلف1=خالد العظم|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=بيروت|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref>
 
== رئيساً للوزراء خلال حرب فلسطين ==
وفي مطلع عهد الاستقلال، عاد '''جميل مردم بك''' إلى صدارة المشهد عند تكليفه بتشكيل الحكومة يوم 7 تشرين الأول 1947، إثر مرض ووفاة الرئيس [[سعد الله الجابري|سعد الله الجابري.]] قام بتعين رجل القانون [[سعيد الغزي]] وزيراً للعدل وجاء بالدكتور [[منير العجلاني]] وزيراً للمعارف وبالدكتور [[محسن البرازي]] وزيراً للداخلية، كما عهد إلى [[أحمد عثمان الشرباتي|أحمد الشرباتي]] بحقيقة الدفاع. وفي عهده تم تعديل الدستور السوري للسماح للرئيس [[شكري القوتلي]] بولاية رئاسية جديدة، مما أثار حفيظة الطبقة السياسية في [[حلب]] وساهم في ولادة [[حزب الشعب (سوريا)|حزب الشعب]] في شمال البلاد، المناهض لحكم [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] [[دمشق|بدمشق]]. 
 
وقد شهد عهد '''جميل مردم بك''' الخامس والأخير صدور [[قرار تقسيم فلسطين]] وإنشاء [[جيش الإنقاذ]] بقيادة [[فوزي القاوقجي]]، ثمّ الإعلان عن ولادة دولة [[إسرائيل]] ودخول [[القوات المسلحة السورية|الجيش السوري]] إلى ميدان القتال، بعد تسمية '''مردم بك''' حاكماً عرفياً على [[سوريا|سورية]]. قام '''مردم بك''' بتعديل حكومته يوم 22 آب 1948، مستحدثاً منصب نائب رئيس الوزراء، الذي ذهب إلى صديقه القديم [[لطفي الحفار]]، وعيّن المحامي [[صبري العسلي]]، أحد أقرب المقربين من رئيس الجمهورية، في حقيبة الداخلية، مُكلّفاً بضبط الشارع السوري الثائر على حكومته بسبب تقدم العصابات الصهيونية في [[فلسطين]]. وفي عهده تم اعتقال عدد من المعارضين، وكان على رأسهم [[ميشيل عفلق]]، مؤسس [[حزب البعث العربي الاشتراكي (سوريا)|حزب البعث]]، وتعطيل الكثير من الصحف اليومية. وقد تولى '''جميل مردم بك''' وزارة الدفاع بنفسه بعد إستقالةاستقالة الوزير [[أحمد عثمان الشرباتي|أحمد الشرباتي]]، مما وضعه في مواجهة مع قائد الجيش، الزعيم [[حسني الزعيم]]. وقبل انتهاء الحرب، قدم '''جميل مردم بك''' استقالة حكومة في كانون الأول 1948، معلناً انسحباه التام من العمل السياسية، نظراً لهزيمة الجيوش العربية في [[فلسطين]].
 
== المنفى الأخير والوفاة ==
عاش '''جميل مردم بك''' سنواته الأخيرة في [[القاهرة]] حيث تعرف على الرئيس [[جمال عبد الناصر]]، الذي أحبه وحاول إقناعة بالعودة إلى [[سوريا|سورية]] للترشح لرئاسة الجمهورية في شباط 1954، بعد زوال حكم الرئيس [[أديب الشيشكلي]]، ولكن '''مردم بك''' رفض وقام بنشر تصريح في الصحف السورية والمصرية معلناً اعتزاله العمل السياسي يشكل رسمي.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=عبقريات وأعلام، ص 42|dateتاريخ=1996|publisherناشر=دار البشائر|author1مؤلف1=عبد الغني العطري|author2مؤلف2=|editor1=|languageلغة=|placeمكان=دمشق|firstالأول=|via=|العملعمل=}}</ref> وكان أخر ظهور له في شباط 1958، عندما دُعي لحضور مراسيم ولادة [[الجمهورية العربية المتحدة]] في [[القاهرة]]، حيث وقف خلف [[جمال عبد الناصر|الرئيس عبد الناصر]] وصديقه القديم، الرئس [[شكري القوتلي|شكري القوتلي.]] توفي '''جميل مردم بك''' في [[مصر]] عن عمر ناهز 65 عاماً يوم 28 أذار 1960، وأعيد جثمانه إلى [[دمشق]] حيث وري الثرى في مدافن الأُسرة المردمية.
 
== أوراق جميل مردم بك                                    ==