مسرح: الفرق بين النسختين
[مراجعة غير مفحوصة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
طلا ملخص تعديل |
←المسرح الغنائي: إملائية وسم: تعديلات طويلة |
||
سطر 49:
[[ملف:Teatro LeptisMagna 1997.jpg|تصغير]]
=== مسرح العبث ===
نتج مسرح العبث نعن ظروف سياسية وعالمية كبرى أدت بالفلاسفة المحدثين إلى إعادة التفكير في الثوابت و أنماط تفسير العلاقات الإنسانية
وعلى المستوى
من هو؟ هل سيصل؟ متى سيصل؟ ماذا سيفعل أو يقدم؟ وحتى هذه اللحظة فإن الجدل السائد بين النقاد هو أن غودو لن يصل. لقد ترك صاموئيل بيكيت خلفه ظاهرة أدبية وفنية مهمة ومؤثرة ومثيرة للجدل اسمها العبث أو اللامعقول، وكان رائد هذه الجماعة التي ثارت على كل ما هو مألوف سائرة في طريق العبث دون اهتمام بعامل الزمن لم يكن العبثيون في واقع أمرهم مدرسة أو جماعة وإنما مجموعة من المفكرين والكتاب غلبت على مشاعرهم وأحاسيسهم صفات تشابهت وظهرت في كل كتاباتهم الأدبية خاصة في المسرحية منها. لقد جاء تمرد العبثيين على المدرسة التقليدية العريقة التي أرسى قواعدها أرسطو حينما واضع أسس النقد الأدبي للمسرحية الجيدة ومحدد عناصر نجاحها في ثلاثة هي: الزمان والمكان والحدث. العبثيون بدورهم ضربوا عرض الحائط بأرسطو وكتاباته ومنهجه وكل تاريخ المسرح، فتنكروا للعناصر الثلاثة المذكورة وقرروا أن تكون كتاباتهم في مكان محدود جدًا كشجرة (مسرحية في انتظار غودو) أو كغرفة (مسرحية الغرفة) أو كرسي (كمسرحية الكراسي)، وجعلوا عنصر الزمن غير ذي أهمية تذكر أما العقدة أو الحدث فلم يجعلوا لها وجودًا في مسرحياتهم. وإضافة إلى ذلك فقد عادوا
أهم ما في مسرح العبث بعيدًا عن الزمان والمكان والحبكة هو الحوار، لكن ذلك الحوار كان غامضًا مبهمًا مبتورًا تعوزه الموضوعية والترابط والتجانس. كل شخوص المسرحية تتحدث دون أن يتمكن أحد منهم من فهم الآخر! ولا من توصيل رسالته للآخر. الحوار دائمًا مبتور ولا تستطيع الشخصيات توصيل رسائلها، وقد بالغ كتاب العبث فجعلوا بعض الشخصيات تتكلم ربما كلمة أو كلمتين عند نهاية المسرحية تلخص السخط العام والغضب الشديد، ثم يصل بنا هارولد بنتر إلى ما هو أصعب من ذلك فنراه يقدم لنا شخصية الأخرس كشخصية رئيسية في مسرحية حملت اسمه (النادل الأخرس).
سطر 59:
تعتبر حركة العبث أو اللامعقول والتي سميت بأكثر من مسمى مثل الكوميديا المظلمة وكوميديا المخاطر ومسرح اللاتوصيل امتداداً لحركات أدبية مختلفة ظهرت لفترات قصيرة في بدايات القرن العشرين زمنها على سبيل المثال السريالية، وهي حركة أدبية فنية عبرت بقوة عن غضب الشباب من التقاليد السائدة في تلك الفترة، ثم حركة الشباب الغاضب وهي أيضاً حركة فنية أدبية يدل اسمها على الكثير من طريقة تفكير أصحابها بل ومن أشهر مسرحياتهم (أنظر خلفك في غضب) تعبيرًا عن غضبهم من الحروب العالمية ونتائجها غير الإنسانية. لقد ازدهرت هذه الحركات التي عبرت عن مفاهيم ثائرة على القيم الفنية والأدبية في القرن العشرين، وكان ظهورها واضحًا جليًا بعد الحروب العالمية في محاوله للتعبير الصارخ عن التمرد الاجتماعي على الحروب الدامية وما فيها من مصائب وما تبعها من ويلات وأهوال، وما خلفته من القتلى والجرحى والدمار.
ازدهر العبثيون في الخمسينات من القرن العشرين وبدت مسرحياتهم
من أهم السمات العامة لمسرح العبث قلة عدد شخوص المسرحية التي غالبًا ما تدور أحداثها في مكان ضيق أو محدود جدًا كغرفة مثلاً، وعلى سبيل المثال نرى كل مسرحيات هارولد بنتر تدور أحداثها داخل غرفة، والغرفة عادة مظلمة موحشة أو باردة ورطبة
يعد مسرح العبث مهماً للغاية عند الأوروبيون لأنه يعكس واقعهم الاجتماعي المؤلم، ومن أهم المشكلات التي يعرض لها، معضلة الفردية، فالأوروبي يعيش رغم حضارته المادية والتقدم العلمي، إلا أنه يعاني من فرديته وانعزاليته نتيجة لعدم قدرته على بناء علاقات إنسانية اجتماعية أساسية ورصينة مع الآخرين. على أي حال فما زال هناك من النقاد من يعتقد بأن مسرح اللامعقول يتجه نحو حبكة واضحة المعالم، وأنه إذا أريد لهذا المسرح أن يكون شيئًا فلا بد له من الخروج من دائرة اللاشيء متجهًا نحو مواضيع فنية وسياسية وأدبية واجتماعية ودينية أكثر وضوحًا، لكن المهم هنا هو أنه إذا ما غير مسرح العبث توجهاته وشكله ومضمونه فانه سينتهي كفكرة ومضمون ومغزى. أهم ما قدمه لنا هذا اللون الجديد من الدراما هو دراسة نفسية وفكرية لأوروبا الحديثة وانعزالية الإنسان فيها، وفشله في بناء علاقات اجتماعية، فالمادة هناك هي المقياس الأول وهي المعيار والمحك، ومع هذا الوجود المادي العنيف تضاءلت قيم اجتماعية وتلاشت أخرى. في الختام أود أن أسجل حقيقتين أولهما أنه لم يبق من العبثيين سوى هارولد بنتر الذي لم يضف أي عمل مسرحي منذ سنوات وتفرغ لكتابة المقال، والثانية أن بدايات القرن الحادي والعشرين شهدت تقييمًا للنتاج المسرحي في القرن الماضي فاعتبر النقاد مسرحية صاموئيل بيكيت (في انتظار غودو) أفضل مسرحية كتبت في القرن العشرين.
|