نظرية التحديث: الفرق بين النسختين

'''نظرية التحديث''' تنص على أنه يمكن تحقيق التنمية من خلال اتباع عمليات التنمية التي تم استخدامها من قبل الدول المتقدمة حاليا. وتُستخدم نظرية التحديث لشرح عملية التحديث داخل المجتمعات. يشير التحديث إلى نموذجٍ يتيح الانتقال التدريجي من مجتمع ‹‹ما قبل الحداثة›› أو المجتمع ‹‹التقليدي›› إلى مجتمعٍ ‹‹حديث››. نشأت نظرية التحديث من أفكار عالم الاجتماع الألماني [[ماكس فيبر]] (1864-1920)، والتي هيّأت الأساس لنموذج التحديث الذي طوّره عالم الاجتماع [[جامعة هارفارد|بجامعة هارفارد]] [[تالكوت بارسونز]] (1902- 1979). تبحث النظرية في العوامل الداخلية لبلدٍ ما مع افتراض أنه بمساعدة الدول ‹‹التقليدية›› يمكن تطوير تلك الدول بنفس الطريقة التي تطوّرت بها البلدان النامية. كانت نظرية التحديث نموذجًا سائدًا في العلوم الاجتماعية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، ثم خفتَت شهرتها. عادت إلى الواجهة من جديد بعد عام 1991 لكنها لا تزال نموذجًا مثيرًا للجدل.<ref>{{citeمرجع bookكتاب|firstالأول=Wolfgang|lastالأخير=Knöbl|chapter=Theories That Won’t Pass Away: The Never-ending Story|editor-first=Gerard|editor-last=Delanty|editor2-first=Engin F.|editor2-last=Isin|titleعنوان=Handbook of Historical Sociology|yearسنة=2003|pagesصفحات=96–107 [esp p. 97]}}</ref>

تحاول نظرية التحديث تحديد المتغيرات الاجتماعية التي تُسهم في التقدم الاجتماعي وتطوّر المجتمعات وتسعى إلى شرح عملية [[تطور اجتماعي|التطور الاجتماعي]]. تخضع نظرية التحديث للنقد الذي ينشأ بين أيديولوجيات [[اشتراكية|الاشتراكية]] [[سوق حر|والسوق الحرّة]]، ومنظري المنظومات العالمية، ومنظري [[عولمة|العولمة]]، ومنظري التبعية وغيرهم. لا تشدّد نظرية التحديث على عملية التغيير وحسب، بل على ردود الفعل إزاء هذا التغيير أيضًا. وتتناول أيضًا الديناميات الداخلية مع الإشارة إلى الهياكل الاجتماعية والثقافية والتكيّف مع التقنيات الجديدة. تؤكد نظرية التحديث على أن المجتمعات التقليدية سوف تتطوّر مع تبنيها لممارساتٍ أكثر حداثة. يزعم أنصار نظرية التحديث أن الدول الحديثة أكثر ثراءً وأكثر قوّة وأن مواطنيها يتمتّعون بقدرٍ أكبر من الحرية لينعموا بمستوىً معيشي أفضل. إن التطورات كتكنولوجيا البيانات الجديدة والحاجة إلى تحديث الوسائل التقليدية في النقل والاتصالات والإنتاج، كما يُجادَل، تجعل التحديث ضروريًا أو على الأقل أفضل من الوضع الراهن. يجعل هذا الرأي من النقد أمرًا صعبًا لأنه يعني أن مثل هذه التطورات تتحكم في حدود التفاعل الإنساني، وليس العكس. لكنه، وعلى نحوٍ متناقض، يعني أيضًا أن التدخلات البشرية تتحكم في سرعة وشدّة التحديث. من المفترض أن تصل المجتمعات التي تمرّ بعملية التحديث عادةً إلى أشكالٍ من الحكم تمليها المبادئ المجرّدة، بدلاً من سيطرة التقاليد على المجتمعات. وفقًا للنظرية، عادةً ما تصبح المعتقدات الدينية التقليدية والسمات الثقافية أقل أهمية حالما يترسّخ التحديث.<ref name="HttpwwwbritannicacomEBcheckedtopicmodernization">{{citeمرجع webويب

| urlمسار = https://www.britannica.com/topic/modernization

| titleعنوان = Modernization

| websiteموقع = Britannica.com

| publisherناشر = Encyclopædia Britannica

| accessdateتاريخ الوصول = 2013-08-17

| مسار الأرشيفأرشيف = https://web.archive.org/web/20191010053732/https://www.britannica.com/topic/modernization | تاريخ الأرشيفأرشيف = 10 أكتوبر 2019 }}</ref>

ربط المؤرخون التحديث بعمليات [[تحضر|التحضّر]] [[تحول صناعي|والتحوّل الصناعي]] وانتشار التعليم. كما يلاحظ كيندال (2007): ‹‹يرافق التحضّر التحديث وعملية التحوّل الصناعي السريع››.<ref>{{citeمرجع bookكتاب|firstالأول=Diana|lastالأخير=Kendall|titleعنوان=Sociology in Our Times|locationمكان=Belmont|publisherناشر=Thomson/Wadsworth|editionإصدار=6th|yearسنة=2007|pageصفحة=11|isbn=0-495-00685-8}}</ref> في [[النظرية النقدية (مدرسة فرانكفورت)|النظرية النقدية]] [[علم الاجتماع|الاجتماعية]]، يرتبط التحديث بعملية شاملة من العقلانية. عندما يزداد التحديث داخل المجتمع، يصبح الفرد ذا أهمية مُتعاظمة، ويحلّ في النهاية محلّ الأسرة أو المجتمع كوحدة أساسية في المجتمع.

قدّمت النظريات الاجتماعية في أواخر القرن التاسع عشر، [[داروينية اجتماعية|كالداروينية الاجتماعية]]، أساسًا لطرح الأسئلة عن قوانين تطور المجتمع البشري.<ref>{{cite journal|last=Bernstein|first=Henry|title=Modernization theory and the sociological study of development|journal=Journal of Development Studies|volume=7|issue=2|year=1971|pages=141–60|doi=10.1080/00220387108421356}}</ref> نشأت نظرية التحديث الحالية من أفكار عالم الاجتماع الألماني [[ماكس فيبر]] (1864-1920) فيما يتعلق بدور العقلانية واللاعقلانية في الانتقال من المجتمع التقليدي إلى الحديث. وفّر منهج فيبر الأساس لنموذج التحديث كما نشره عالم الاجتماع بجامعة هارفارد [[تالكوت بارسونز]] (1902-1979)، الذي ترجم أعمال فيبر إلى الإنجليزية في ثلاثينيات القرن العشرين وأدلى بشرحه الخاص.<ref>{{citeمرجع bookكتاب|firstالأول=Jeremiah I.|lastالأخير=Dibua|titleعنوان=Modernization and the Crisis of Development in Africa: The Nigerian Experience|urlمسار=https://books.google.com/books?id=eRLBjz2pWQMC&pg=PA20|yearسنة=2006|publisherناشر=Ashgate|pagesصفحات=20–22|isbn=0-7546-4228-3}}</ref><ref>{{citeمرجع bookكتاب|editor-first=Leon H.|editor-last=Mayhew|titleعنوان=Talcott Parsons on institutions and social evolution: selected writings|locationمكان=Chicago|publisherناشر=University of Chicago Press|yearسنة=1985|isbn=0-226-64749-8}}</ref>

ارتفع عدد [[سياحة|السيّاح]] الوافدين عبر الحدود سنويًا إلى 456 مليون بحلول عام 1990 وتضاعف العدد ثلاث مرات تقريبًا، ووصل إجمالي عدد السياح إلى 1.2 مليار في عام 2016.<ref>(Knowles, 1994: FT, 7 January 1997: V11)</ref><ref>{{Citeمرجع webويب

| urlمسار = http://www2.unwto.org/press-release/2017-01-17/sustained-growth-international-tourism-despite-challenges

| titleعنوان = Sustained growth in international tourism despite challenges {{!}} World Tourism Organization UNWTO

| websiteموقع = www2.unwto.org

| languageلغة = en

| access-dateتاريخ الوصول = 2017-09-30

| مسار الأرشيفأرشيف = https://web.archive.org/web/20190514020343/http://www2.unwto.org/press-release/2017-01-17/sustained-growth-international-tourism-despite-challenges | تاريخ الأرشيفأرشيف = 14 مايو 2019 }}</ref> وتُعد الاتصالات مجالًا رئيسيًا آخر نما بفضل التحديث. مكّنت صناعات الاتصالات الرأسمالية من الانتشار في جميع أنحاء العالم. لعبت الاتصالات الهاتفية والبرامج التلفزيونية والخدمات الإخبارية ومزوّدو الخدمات عبر [[إنترنت|الإنترنت]] دوراً حاسماً في العولمة. كان الرئيس الأمريكي السابق [[ليندون جونسون]] مؤيدًا لنظرية التحديث وكان يعتقد أنه لدى التلفاز القدرة على توفير الأدوات التعليمية في مجال التنمية.<ref>{{Cite journal|lastالأخير=Lindo-Fuentes|firstالأول=Héctor|dateتاريخ=2009|titleعنوان=Educational Television in El Salvador and Modernisation Theory|jstor=27744205|journalصحيفة=Journal of Latin American Studies|volumeالمجلد=41|issueالعدد=4|pagesصفحات=757–92|doi=10.1017/S0022216X09990587}}</ref>

بالإضافة إلى السمات الإيجابية الواضحة للعولمة، هناك أيضًا عواقب سلبية. غالبًا ما ينتج عن النموذج السائد والليبرالي الجديد للعولمة تزايد التباينات بين مجتمع الأغنياء وفقرائه.<ref>{{Citeمرجع bookكتاب|urlمسار=http://plato.stanford.edu/archives/win2014/entries/feminism-globalization/|titleعنوان=The Stanford Encyclopedia of Philosophy|lastالأخير=Parekh|firstالأول=Serena|last2الأخير2=Wilcox|first2الأول2=Shelley|dateتاريخ=2014|editor-last=Zalta|editor-first=Edward N.|editionإصدار=Winter 2014}}</ref> توجد في المدن الكبرى للدول النامية مناطق توجد فيها تقنيات العالم الحديث وأجهزة الحواسيب والهواتف المحمولة والتلفزيونات الفضائية إلى جانب الفقر المدقع. أنصار العولمة هم منظّرو تحديث العولمة ويجادلون بأن العولمة تنعكس إيجابًا على الجميع، حيث يجب أن تمتد فوائدها في النهاية لتشمل جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الفئات المُستضعفة كالنساء والأطفال.

يجادل لاري دياموند وخوان لينز، اللذان عمِلا مع ليبسيت في كتاب ‹‹الديمقراطية في البلدان النامية: أمريكا اللاتينية››، بأن الأداء الاقتصادي يؤثّر على تطوّر الديمقراطية بثلاث طرق على الأقل. أولاً، يجادلون بأن النمو الاقتصادي أكثر أهمية للديمقراطية من مستويات معيّنة من التنمية الاجتماعية الاقتصادية. ثانيًا، التنمية الاجتماعية الاقتصادية تولّد تغييرات اجتماعية يمكن أن تسهّل عملية الانتقال إلى نظامٍ ديمقراطي. ثالثًا، تُشجّع التنمية الاجتماعية الاقتصادية التغييرات الأخرى، كتنظيم الطبقة الوسطى، الذي يفضي إلى الديمقراطية.<ref>{{citeمرجع bookكتاب|titleعنوان=Democracy in Developing Countries: Latin America|pagesصفحات=44–46}}</ref>

كما قال سيمور مارتن ليبسيت: ‹‹جميع الجوانب المختلفة للتنمية الاقتصادية (التحوّل الصناعي، والتحضّر، والثروة والتعليم) مترابطة ترابطًا وثيقًا بحيث تشكّل عاملًا رئيسيًا يتمتع بالارتباط السياسي للديمقراطية››.<ref>{{citeمرجع bookكتاب|firstالأول=Seymour Martin|lastالأخير=Lipset|titleعنوان=Political Man|yearسنة=1963|pageصفحة=41}}</ref> تظهر الحجّة أيضًا في عمل والت ويتمان روستو ‹‹السياسة ومراحل النمو›› (1971)؛ وعمل أبرامو فيمو كينيث أورغانسكي ‹‹مراحل التطوّر السياسي›› (1965)؛ وعمل ديفيد أبتر ‹‹سياسة التحديث›› (1965). في ستينيات القرن العشرين، جادل بعض النقاد بأن الارتباط بين التحديث والديمقراطية كان يستند إلى حدٍ كبير إلى مثال التاريخ الأوروبي ويهمل تاريخ [[العالم الثالث]].<ref>{{citeمرجع bookكتاب|firstالأول=Andre Gunder|lastالأخير=Frank|titleعنوان=Latin America: Underdevelopment or Revolution|urlمسار=https://archive.org/details/capitalismunderd00fran|url-access=registration|yearسنة=1969}}</ref> وقد استُشهِد بالمظاهرات الأخيرة لإحلال الديمقراطية في [[كوريا الجنوبية]] [[تايوان|وتايوان]] [[جنوب أفريقيا|وجنوب أفريقيا]] كدعم لأطروحة ليبسيت.

يستكشف بيرينبوم العلاقات بين الديمقراطية وسيادة القانون وعلاقتهما بالثروة من خلال الإشارة إلى أمثلة من البلدان الآسيوية، كتايوان وكوريا الجنوبية، اللتين لم تنجحا في تحقيق الديمقراطية إلا بعد أن وصل النمو الاقتصادي إلى مستويات مرتفعة نسبيًا، ومن خلال الإشارة إلى أمثلة لدول أخرى مثل [[الفلبين]] [[بنغلاديش|وبنغلاديش]] [[كمبوديا|وكمبوديا]] [[تايلاند|وتايلاند]] [[إندونيسيا|وإندونيسيا]] [[الهند|والهند]]، التي سعت إلى تحقيق الديمقراطية وهي تتمتع بمستوياتٍ أقل من الثروة ولكنها لم تحقق ذلك أيضًا.<ref>{{citeمرجع bookكتاب|firstالأول=Randall|lastالأخير=Peerenboom|titleعنوان=China Modernizes: Threat to the West or Model for the Rest?|yearسنة=2008|pageصفحة=63}} He suggests China will grant democratic rights when it is as modern and as rich as the West per capita.</ref>