غزوة بدر: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
←‏المعركة: اضافة صورة
←‏نتائج المعركة: اضافة صورة
سطر 93:
[[ملف:Badr campaign-ar.png|تصغير|يمين|خارطة تُظهر مسير الجمعين إلى بدر]]
ارتحل [[الرسول محمد|الرسول محمدٌ]] من "ذفران" فسلك على ثناياً يقال لها الأصافر، ثم انحط إلى بلد يقال لها الدبة وترك الحنان بيمين وهو كثيب كالجبل العظيم، ثم نزل قريباً من بدر، فركب هو و[[أبو بكر الصديق]] حتى وقفا على شيخ من [[العرب]] يقال له سفيان الضمري الكناني، فسأله عن [[قريش]]، وعن [[محمد]] وأصحابه، وما بلغه عنهم، فقال الشيخ: «لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟»، فقال له [[الرسول محمد]]: {{اقتباس مضمن|إذا أخبرتنا أخبرناك}}، قال: «أذاك بذاك؟»، قال: {{اقتباس مضمن|نعم}}، قال الشيخ: «فإنه بلغني أن [[محمد|محمداً]] وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني، فهم اليوم بمكان كذا وكذا (للمكان الذي فيه الرسول [[محمد]])، وبلغني أن [[قريش|قريشاً]] خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا (للمكان الذي فيه [[قريش]])»، فلما فرغ من خبره قال: «ممن أنتما؟»، فقال له [[الرسول محمد]]: {{اقتباس مضمن| نحن من ماء}}، ثم انصرف عنه والشيخ يقول: «ما من ماء، أمن ماء العراق؟».<ref>[[سيرة ابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام]]، ص616</ref>
 
[[ملف:Battle of Badr 1.jpg|تصغير|240x240بك|موقع غزوة بدر في الوقت الحالي]]
ونظم [[الرسول محمد|الرسولُ محمدٌ]] جنده بعد أن رأى طاعة [[الصحابة]] وشجاعتهم واجتماعهم على القتال،<ref name="علي الصلابي" /> وعقد اللواء الأبيض وسلَّمه إلى [[مصعب بن عمير]]، وأعطى رايتين سوداوين إلى [[سعد بن معاذ]] و[[علي بن أبي طالب]]، وجعل على الساقة [[قيس بن أبي صعصعة|قيساً بن أبي صعصعة]]،<ref>[[زاد المعاد في هدي خير العباد]]، [[ابن قيم الجوزية]]، ج3 ص172</ref> وأرسل [[علي بن أبي طالب|عليًّا بن أبي طالب]] و[[الزبير بن العوام|الزّبيرَ بن العوام]] و[[سعد بن أبي وقاص|سعداً بن أبي وقاص]] في نفر من أصحابه إلى ماء [[بئر بدر|بدر]]، ليأتوا له بالأخبار عن جيش [[قريش]]، فوجدوا غلامين [[قريش|لقريش]] يستقيان للجيش، فأتوا بهما إلى الرسول محمد وهو يصلي، فسألوهما، فقالا: «نحن سقاة [[قريش]]؛ بعثونا لنسقيهم من الماء»، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا [[أبي سفيان|لأبي سفيان]]، فضربوهما، فلما أذلقوهما قالا: «نحن لأبي سفيان»، فتركوهما، وركع الرسول، وسجد سجدتين، ثم سلَّم، فقال: {{اقتباس مضمن|إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما! صدقا والله، إنهما لقريش}}، وقال لهما: {{اقتباس مضمن|أخبراني عن جيش [[قريش]]}}، فقالا: «هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى»، فقال لهما: {{اقتباس مضمن|كم القوم؟}}، قالا: «كثير»، قال: {{اقتباس مضمن|ما عدتهم؟}}، قالا: «لا ندري»، قال: {{اقتباس مضمن|كم ينحرون كل يوم؟}}، قالا: «يومًا تسعًا ويومًا عشرًا»، فقال الرسول محمد: {{اقتباس مضمن|القوم ما بين التسعمائة والألف}}، ثم قال لهما: {{اقتباس مضمن|فمن فيهم من أشراف قريش؟}}، فذكرا [[عتبة بن ربيعة]]، و[[شيبة بن ربيعة]]، و[[عمرو بن هشام المخزومي|أبا جهل بن هشام]]، و[[أمية بن خلف]]، [[أبو البختري بن هشام|وأبا البختري بن هشام]]، و[[حكيم بن حزام]]، و[[نوفل بن خويلد]]، والحارث بن عامر بن نوفل، و[[طعيمة بن عدي|طعيمة بن عدي بن نوفل]]، و[[النضر بن الحارث|النضر بن الحارث بن كلدة]]، وزمعة بن الأسود، ونبيه بن الحجاج، و[[منبه بن الحجاج]]، و[[سهيل بن عمرو]]، و[[عمرو بن عبد ود]]، فأقبل الرسول إلى أصحابه قائلاً: {{اقتباس مضمن|هذه [[مكة]] قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها}}.<ref>[[سيرة ابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام]]، ج2 ص229</ref><ref>[[تاريخ الطبري]]، [[محمد بن جرير الطبري]]، ص443</ref> وبعد أن جمع الرسول محمد المعلومات عن جيش [[قريش]] سار مسرعًا ومعه أصحابه إلى [[بئر بدر|بدرٍ]] ليسبقوا [[قريش|قريشاً]] إلى مائها، وليَحُولوا بينهم وبين الاستيلاء عليه.<ref name="علي الصلابي" />
 
=== وصول المسلمين إلى بدر والتخطيط للمعركة ===
سطر 100:
نزل الرسول محمد و[[المسلمون]] عند أدنى ماء من مياه [[بئر بدر|بدر]]، فقال [[الحباب بن المنذر]] للرسول: «يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل؟ أمنزلاً أنزلكه [[الله]] ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟»، قال: {{اقتباس مضمن|بل هو الرأي والحرب والمكيدة}}، قال: «يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض يا رسول الله بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراءه من الآبار، ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون»، فأخذ الرسول محمد برأيه ونهض بالجيش حتى أقرب ماء من العدو فنزل عليه، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من الآبار.<ref>مرويات غزوة بدر، ص165</ref>
 
وبعد نزول [[الرسول محمد]] و[[المسلمين]] على أدنى ماء [[بئر بدر|بدر]] من [[قريش]]، اقترح [[سعد بن معاذ]] على الرسول بناء عريش له يكون مقرّاً لقيادته ويأمن فيه من العدو،<ref name="علي الصلابي" /> وكان مما قاله [[سعد بن معاذ|سعد]] في اقتراحه: «يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا، فقد تخلف عنك أقوام، يا نبي الله، ما نحن بأشد لك حبًا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، ويناصحونك، ويجاهدون معك»، فأثنى عليه الرسول محمد خيرًا ودعا له بخير، ثم بنى [[المسلمون]] العريش للرسول محمد على تل مشرف على ساحة القتال، وكان معه فيه [[أبو بكر الصديق]]، وكانت ثلة من شباب [[الأنصار]] بقيادة [[سعد بن معاذ]] يحرسون عريش الرسول محمد.<ref>[[سيرة ابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام]]، ج2 ص233</ref> ثم بات [[المسلمون]] تلك الليلة، التي هي ليلة المعركة، ويعتقد [[المسلمون]] أن [[الله (إسلام)|الله تعالى]] قد أنزل على [[المسلمين]] في تلك الليلةِ النعاسَ والطمأنينة، فقد جاء في [[سورة الأنفال]]: {{قرآن مصور|الأنفال|11}}.<ref>سورة الأنفال، الآية: 11</ref> قال [[القرطبي]]: «وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها، فكان النوم عجيبًا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم، وكأن الله ربط جأشهم».<ref name="علي الصلابي" /> أما الرسول محمد فقد ظل يصلي ويبكي حتى أصبح، قال [[علي بن أبي طالب]]: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير [[المقداد بن الأسود|المقداد]] على فرس أبلق، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله {{ص}} تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح».<ref name="علي الصلابي" />
 
وبدأ الرسول بالتخطيط للمعركة، فصفَّ [[المسلمين]] فاستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه فاستقبل أعداؤه الشمس،<ref>القيادة العسكرية، ص453</ref> أي جعل الشمس في ظهر جيشه وفي وجه أعدائه حتى تؤذي أشعتها أبصارهم. كما أخذ يعدل الصفوف ويقوم بتسويتها لكي تكون مستقيمة متراصة، وبيده سهم لا ريش له يعدل به الصف، فرأى رجلاً اسمه سواد بن غزية، وقد خرج من الصف فضربه في بطنه، وقال له: {{اقتباس مضمن|استوِ يا سواد}}، فقال: «يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني»، فكشف الرسول محمد عن بطنه وقال: {{اقتباس مضمن|استقد}}، فاعتنقه سواد فقبّل بطنه، فقال: {{اقتباس مضمن|ما حملك على هذا يا سواد؟}}، قال: «يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك»، فدعا له الرسول محمد بخير.<ref>صحيح السيرة النبوية، ص236</ref>
سطر 106:
ثم بدأ الرسول بإصدار الأوامر والتوجيهات لجنده، ومنها أنه أمرهم برمي الأعداء إذا اقتربوا منهم، وليس وهم على بعد كبير، فقد قال: {{اقتباس مضمن|إن دنا القوم منكم فانضحوهم بالنبل}}،<ref>صحيح السيرة النبوية برواية أخرى ونفس المعنى، ص239</ref> كما نهى عن سل السيوف إلى أن تتداخل الصفوف،<ref>غزوة بدر الكبرى، أبو فارس، ص63-64</ref> قال: {{اقتباس مضمن|ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم}}،<ref>صحيح السيرة النبوية، ص239</ref> كما أمر الصحابةَ بالاقتصاد في الرمي، قال: {{اقتباس مضمن|واسْتَبْقُوا نَبْلَكم}}.<ref>[[صحيح البخاري]]، [[محمد بن إسماعيل البخاري]]، كتاب المغازي، باب من شهد بدراً، رقم: 3984، 3985</ref>
 
وقد كان لتشجيع الرسول لأصحابه أثرٌ كبيرٌ في نفوسهم ومعنوياتهم، فقد كان يحثهم على القتال ويحرضهم عليه،<ref name="علي الصلابي" /> ومن ذلك قوله لأصحابه: {{اقتباس مضمن|قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض}}، فقال [[عمير بن الحمام|عمير بن الحمام الأنصاري]]: «يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟»، قال: {{اقتباس مضمن|نعم}}، قال: «بخٍ بخٍ»، فقال الرسول محمد: {{اقتباس مضمن|ما يحملك على قول: بخٍ بخٍ؟}}، قال: «لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها»، قال: {{اقتباس مضمن|فإنك من أهلها}}، فأخرج تمرات من قرنه (جعبة النشاب) فجعل يأكل منه، ثم قال: «لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة»، فرمى بما كان معه من [[التمر]] ثم قاتلهم حتى قُتل.<ref>مختصر صحيح مسلم، زكي الدين عبد العظيم المنذري، ج2 ص70، رقم: 1157</ref> ومن تشجيعه أيضاً أنه كان يبشر أصحابه بقتل صناديد [[قريش]]، ويحدد مكان قتلى كل واحد منهم،<ref>[[جامع الأصول في أحاديث الرسول]]، [[ابن الأثير أبو السعادات|ابن الأثير]]، ج8 ص202</ref> كما كان يبشر [[المسلمين]] بالنصر قبل بدء القتال فيقول: {{اقتباس مضمن|أبشر أبا بكر}}، ووقف يقول [[الصحابة|للصحابة]]: {{اقتباس مضمن|والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة}}.<ref>[[سيرة ابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام]]، ج1 ص239</ref> وقد دعا الرسول [[المسلمين|للمسلمين]] بالنصر فقال: {{اقتباس مضمن|اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني}}.<ref>[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، ج3 ص267</ref>
 
=== وصول قريش إلى بدر ===
قبل وصول [[قريش]] إلى [[بئر بدر|بدر]] بعثت [[عمير بن وهب الجمحي]]، للتعرف على مدى قوة جيش [[المدينة المنورة|المدينة]]، فدار [[عمير بن وهب الجمحي|عمير]] بفرسه حول العسكر، ثم رجع إليهم فقال: «ثلاثمئة رجل، يزيدون قليلاً أو ينقصون، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد»، فضرب في الوادي حتى أبعد، فلم ير شيئاً، فرجع إليهم فقال: «ما وجدت شيئاً، ولكني قد رأيت يا معشر قريشٍ البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يُقتل رجلٌ منهم حتى يَقتلَ رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادكم، فما خير العيش بعد ذلك، فروا رأيكم»، ولكن [[أبا جهل|أبا جهلٍ]] رفَضَ العودة إلى [[مكة]] بدون قتال وأصر على المضي لقتال [[المسلمين]].<ref name="الرحيق المختوم" />
 
ولما وصل جيش [[مكة]] إلى [[بئر بدر|بدر]] دب فيهم الخلاف وتزعزعت صفوفهم الداخلية،<ref name="علي الصلابي" /> فعن [[ابن عباس]] أنه قال: لما نزل [[المسلمون]] وأقبل [[المشركون]]، نظر رسول الله {{ص}} إلى [[عتبة بن ربيعة]] وهو على جمل أحمر، فقال: {{اقتباس مضمن|إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا}}، وكان عتبة يقول: «يا قوم أطيعوني في هؤلاء القوم فإنكم إن فعلتم لن يزال ذلك في قلوبكم، ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه، فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا»، فقال [[أبو جهل]]: «انتفخ والله سحره (أي جَبُنَ) حين رأى [[محمد|محمدًا]] وأصحابه، إنما [[محمد]] وأصحابه أكلة جزور لو قد التقينا»، فقال [[عتبة بن ربيعة|عتبة]]: "ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قومًا يضربونكم ضربًا، أما ترون كأن رؤوسهم الأفاعي وكأن وجههم السيوف".<ref>مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي نور الدين، ج6 ص76، وقال: رواه البزار ورجاله ثقات</ref> واستفتح [[أبو جهل]] في ذلك اليوم فقال: «اللهم أقطعُنا للرحم، وآتانا بما لا نعرفه، فأحنه الغداة، اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم»، فنزلت في ذلك الآية: {{قرآن مصور|الأنفال|19}}.<ref name="الرحيق المختوم" /><ref>سورة الأنفال، الآية: 19</ref>
 
=== بداية المعركة ===
 
بدأت المعركة بخروج رجل من جيش [[قريش]] هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي قائلاً: «أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه»، فخرج إليه [[حمزة بن عبد المطلب]]، فلما التقيا ضربه حمزة فأطَنَّ قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره تشخُب رجلُه دماً نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد أن تُبَرَّ يمينُه، ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو داخل الحوض.<ref name="الرحيق المختوم" />
 
وردّاً على ذلك، خرج من جيش [[قريش]] ثلاثة رجال هم: [[عتبة بن ربيعة]] وأخوه [[شيبة بن ربيعة]] وابنه [[الوليد بن عتبة]]، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من [[الأنصار]] وهم: [[عوف بن الحارث|عوف]] و[[معوذ بن الحارث|معوذ]] ابنا الحارث (وأمهما عفراء) و[[عبد الله بن رواحة]]، ولكن الرسول أرجعهم؛ لأنه أحب أن يبارزهم بعض أهله وذوي قرباه،<ref name="علي الصلابي" /> وقيل أن رجال [[قريش]] هم من رفضوا مبارزة هؤلاء [[الأنصار]]، فقالوا لهم: «من أنتم؟»، قالوا: «رهط من [[الأنصار]]»، قالوا: «أكفاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا»، ثم نادى مناديهم: «يا [[محمد]]، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا»،<ref name="الرحيق المختوم" /> فقال الرسول محمد: {{اقتباس مضمن|قم يا [[عبيدة بن الحارث]]، وقم يا [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]]، وقم يا [[علي بن أبي طالب|علي]]}}، وبارز [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] [[شيبة بن ربيعة|شيبة]] فقتله، وبارز [[علي بن أبي طالب|علي]] [[الوليد بن عتبة|الوليد]] وقتله، وبارز [[عبيدة بن الحارث]] [[عتبة بن ربيعة|عتبة]] فضرب كل واحد منهما الآخر بضربة موجعة، فكرَّ [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] [[علي بن أبي طالب|وعلي]] على [[عتبة بن ربيعة|عتبة]] فقتلاه، وحملا [[عبيدة بن الحارث|عبيدة]] وأتيا به إلى الرسول محمد، ولكن ما لبث أن تُوفّي متأثراً من جراحته، وقد قال عنه الرسول محمد: {{اقتباس مضمن|أشهد أنك شهيد}}،<ref>المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة، عبد الكريم زيدان، ج2 ص126</ref> وفي هؤلاء الستة نزلت هذه الآيات من [[سورة الحج]]: {{قرآن مصور|الحج|19|20|21|22|23|24}}.<ref name="علي الصلابي" /><ref>سورة الحج، الآيات: 19-24</ref>
 
ولما شاهد جيش [[قريش]] قتل الثلاثة الذين خرجوا للمبارزة غضبوا وهجموا على [[المسلمين]] هجومًا عامًا، فصمد وثبت له [[المسلمون]]، وهم واقفون موقف الدفاع، ويرمونهم بالنبل كما أمرهم الرسول محمد، وكان شعارُ [[المسلمين]]: {{اقتباس مضمن|أَحَد أَحَد}}،<ref name="علي الصلابي" /> ثم أمرهم الرسول بالهجوم قائلاً: {{اقتباس مضمن|شدوا}}، وواعدًا من يُقتل صابرًا محتسبًا بأن له [[الجنة]]، ومما زاد في نشاط [[المسلمين]] واندفاعهم في القتال سماعهم قول الرسول محمد: {{قرآن مصور|القمر|45}}.<ref>سورة القمر، الآية: 45</ref>
 
ويؤمن [[المسلمون]] أن [[الله (إسلام)|الله تعالى]] قلل [[المشركين]] في أعين [[المسلمين]] و أكثر [[المسلمين]] في أعين [[المشركين]].<ref name="الرحيق المختوم، ص116: 118">الرحيق المختوم، ص116-118</ref> فقد كان الرسول قد رأى في منامه ليلة اليوم الذي التقى فيه الجيشان، رأى [[المشركين]] عددهم قليل، وقد قص رؤياه على أصحابه فاستبشروا خيرًا، جاء في [[القرآن]]: {{قرآن مصور|الأنفال|43|44}}.<ref>سورة الأنفال، الآيتان: 43-44</ref> ومعنى الآيتين أن الرسول رأى [[المشركين]] في منامه قليلاً، فقصّ ذلك على أصحابه فكان ذلك سببًا لثباتهم.<ref name="علي الصلابي" /> ووجه الحكمة في تقليل [[المسلمين]] في أعين [[المشركين]] هو أنهم إذا رأوهم قليلاً أقدموا على قتالهم غير خائفين ولا مبالين بهم، ولا آخذين الحذر منهم، فلا يقاتلون بجد واستعداد ويقظة وتحرز، ثم إذا ما التحموا بالقتال فعلاً تفجؤهم الكثرة فيبهتون ويهابون، وتُكسَر شوكتهم حين يرون ما لم يكن في حسابهم وتقديرهم، فيكون ذلك من أسباب خذلانهم وانتصار [[المسلمين]] عليهم<ref>[[تفسير الزمخشري]]، [[الزمخشري]]، ج2 ص225</ref><ref>[[تفسير ابن كثير]]، [[إسماعيل بن عمر بن كثير]]، ج2 ص315</ref>
 
لقد ابتكر الرسول في قتاله مع أعدائه يوم بدر أسلوبًا جديدًا في مقاتلة الأعداء، لم يكن معروفًا من قبلُ عند [[العرب]]، فقاتل بنظام الصفوف،<ref>القيادة العسكرية، محمد الرشيد، ص401</ref> وهذا الأسلوب أشار إليه [[القرآن]] في [[سورة الصف]] في هذه الآية: {{قرآن مصور|الصف|4}}،<ref>سورة الصف، الآية: 4</ref> وصفة هذا الأسلوب: أن يكون المقاتلون على هيئة صفوف [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]]، وتقل هذه الصفوف أو تكثر تبعًا لقلة المقاتلين أو كثرتهم، وتكون الصفوف الأولى من أصحاب الرماح لصد هجمات الفرسان، وتكون الصفوف التي خلفها من أصحاب النبال، لتسديدها من المهاجمين على الأعداء،<ref name="علي الصلابي" /> واتبع الرسولُ أسلوب الدفاع ولم يهاجم قوة [[قريش]]، وكانت توجيهاته التكتيكية التي نفذها جنوده سببًا في زعزعة مركز العدو، وإضعاف نفسيته، وبذلك تحقق النصر على العدو برغم تفوقه.<ref>مقومات النصر، أحمد أبو الشباب، ج2 ص154</ref>
 
ويؤمن [[المسلمون]] أن [[الله (إسلام)|الله تعالى]] قد ألقى في قلوب أعدائهم الرعب في غزوة بدر، كما يؤمنون أنه تعالى قد أنزل [[الملائكة]] تقاتل معهم أعداءهم، وأن إمداده للمؤمنين [[الملائكة|بالملائكة]] أمر قطعي ثابت لا شك فيه،<ref name="علي الصلابي" /> فقد جاء في [[سورة الأنفال]]: {{قرآن مصور|الأنفال|12}}،<ref>سورة الأنفال، الآية: 12</ref> وفي [[سورة آل عمران]]: {{قرآن مصور|آل عمران|123|124}}،<ref>سورة آل عمران، الآيتان: 123-124</ref> كما قال الرسول محمد يوم بدر: {{اقتباس مضمن|هذا جبريل آخذُ برأس فرسه عليه أداة الحرب}}،<ref>[[صحيح البخاري]]، [[محمد بن إسماعيل البخاري]]، كتاب المغازي، باب فضل من شهد بدرًا، رقم: 3995</ref> وروي عن [[علي بن أبي طالب]] أنه قال: «فجاء رجل من [[الأنصار]] قصير [[العباس بن عبد المطلب|بالعباس بن عبد المطلب]] أسيرًا، فقال [[العباس بن عبد المطلب]]: «يا رسول الله، إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهًا على فرس أبلق ما أراه في القوم»، فقال الأنصاري: «أنا أسرته يا رسول الله»، فقال: {{اقتباس مضمن|اسكت فقد أيدك الله بملك كريم}}».<ref>صحيح السيرة النبوية، ص247</ref>
 
وبدأت أمارات الفشل والاضطراب تظهر في صفوف [[قريش]]، واقتربت المعركة من نهايتها، وبدأت جموع [[قريش]] تفِرُّ وتنسحب، وانطلق [[المسلمون]] يأسرون ويقتلون حتى تمت على [[قريش]] الهزيمة.<ref name="الرحيق المختوم، ص116: 118" />
 
وقُتل القائد العام لجيش [[قريش]]، وهو [[عمرو بن هشام المخزومي]] المعروف عند [[المسلمين]] باسم [[أبي جهل]]، فقد قتله غلامان من [[الأنصار]] هما [[معاذ بن عفراء]] و[[معاذ بن عمرو بن الجموح]]، ويروي الصحابي [[عبد الرحمن بن عوف]] قصة مقتله فيقول:
سطر 136:
{{غزوة بدر}}
منهم ستة من [[المهاجرين]] هم:
 
# [[عبيدة بن الحارث]] المطلبي القرشي.
# [[عميرعبيدة بن أبي وقاصالحارث]] الزهريالمطلبي القرشي.
# [[صفوانعمير بن بيضاء|صفوان بنأبي وهبوقاص]] الفهريالزهري القرشي.
#[[صفوان بن بيضاء|صفوان بن وهب]] الفهري القرشي.
# [[عاقل بن البكير]] الليثي الكناني.
# [[ذو الشمالين بن عبد عمرو]] الخزاعي.
# [[مهجعذو الشمالين بن صالحعبد عمرو]] العكيالخزاعي.
#[[مهجع بن صالح]] العكي.
 
وثمانية من [[الأنصار]] هم:
 
# [[سعد بن خيثمة]] الأوسي.
#[[سعد بن خيثمة]] الأوسي.
#[[مبشر بن عبد المنذر]] العمري الأوسي.
# [[يزيد بن الحارث]] الخزرجي.
# [[عمير بن الحمام]] السَلَمي الخزرجي.
# [[رافع بن المعلى]] الزرقي الخزرجي.
# [[الحارث بن سراقة|حارث بن سراقة]] النجاري الخزرجي.
# [[معوذ بن الحارث]] النجاري الخزرجي.
# [[عوف بن الحارث]] النجاري الخزرجي.
 
ولما تم النصر وانهزم جيش [[قريش]] أرسل الرسول محمد [[عبد الله بن رواحة]] و[[زيد بن حارثة]] ليبشرا [[المسلمين]] في [[المدينة المنورة|المدينة]] بانتصار [[المسلمين]] وهزيمة [[قريش]].<ref>المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة، عبد الكريم زيدان، ج2 ص133</ref>
السطر 162 ⟵ 164:
لما انتصر [[المسلمون]] يوم بدر ووقع في أيديهم سبعون أسيراً، قال الرسول محمد: {{اقتباس مضمن|ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟}}، فقال [[أبو بكر الصديق]]: «يا رسول الله قومك وأهلك، استبقهم واستأْنِ بهم لعل الله أن يتوب عليهم»، وقال [[عمر بن الخطاب|عمر]]: «يا رسول الله، أخرجوك وكذبوك، قرِّبهم فاضرب أعناقهم»، وقال [[عبد الله بن رواحة]]: «يا رسول الله، انظر واديًا كثير الحطب، فأدخلهم فيه ثم اضرم عليهم نارًا»، فقال [[العباس بن عبد المطلب|العباس]]: «قطعت رحمك»، فدخل الرسول محمد ولم يَرُدَّ عليهم شيئاً، فقال ناس: «يأخذ بقول [[أبي بكر الصديق|أبي بكر]]»، وقال ناس: «يأخذ بقول [[عمر بن الخطاب|عمر]]»، وقال ناس: «يأخذ بقول [[عبد الله بن رواحة]]»، فخرج عليهم الرسول محمد فقال: {{اقتباس مضمن|إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا [[أبا بكر]] كمثل [[إبراهيم]] عليه السلام قال: «فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» ومثلك يا [[أبا بكر]] كمثل [[عيسى بن مريم|عيسى]] قال: {{قرآن مصور|المائدة|118}}،<ref>سورة المائدة، الآية: 118</ref> وإن مثلك يا [[عمر بن الخطاب|عمر]] كمثل [[نوح]] إذ قال: {{قرآن مصور|نوح|26}}<ref>سورة نوح، الآية: 26</ref>، وإن مثلك يا [[عمر بن الخطاب|عمر]] كمثل [[موسى]] قال: {{قرآن مصور|يونس|88}}<ref>سورة يونس، الآية: 88</ref>}}، ثم قال: {{اقتباس مضمن|أنتم عالة، فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق}}، قال [[عبد الله بن مسعود]]: «يا رسول الله، إلا سهيل بن بيضاء فإنه يذكر الإسلام»، فسكت الرسول محمد، يقول [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]]: «فما رأيتُني في يوم أخوف أن تقع علي حجارة من السماء في ذلك اليوم»، حتى قال الرسول محمد: {{اقتباس مضمن|إلا سهيل بن بيضاء}}، فنزلت الآية: {{قرآن مصور|الأنفال|67}}.<ref>سورة الأنفال، الآية: 67</ref><ref>[[مسند أحمد]]، ج1 ص373</ref><ref>[[تفسير ابن كثير]]، [[إسماعيل بن عمر بن كثير]]، ج2 ص325</ref>
 
لقد كانت معاملة الرسول محمد للأسرى بأساليب متعددة، فهناك من قتله، وبعضهم قبل فيهم الفداء، والبعض الآخر منَّ عليهم، وآخرون اشترط عليهم تعليم عشرة من أبناء [[المسلمين]] مقابل المنِّ عليهم.<ref name="علي الصلابي" /> وكان الذين قتلهم [[المسلمون]] من الأسرى في بدر: [[عقبة بن أبي معيط]] و[[النضر بن الحارث]]، ويرى [[المسلمون]] أن قتلهم ضرورة تقتضيها المصلحة العامة لدعوة [[الإسلام]] الفتية،<ref>غزوة بدر الكبرى، محمد أحمد باشميل، ص162</ref> فقد كانا من أكبر دعاة الحرب ضد [[الإسلام]]، فبقاؤهما يعد مصدر خطر كبير على [[الإسلام]]،<ref name="علي الصلابي" /> فقد كان [[النضر بن الحارث]] يؤذي الرسول محمداً وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك [[الفرس]] وأحاديث [[رستم]] و[[إسفنديار]]، فكان إذا جلس الرسول محمد مجلسًا فذكَّر فيه بالله، وحذر قومه ما أصاب قبْلَهم من الأمم من نقمة [[الله (إسلام)|الله]]، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: «أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثًا منه، فهلم إليَّ فأنا أحدثكم أحسن من حديثه»، ثم يحدثهم عن ملوك [[بلاد فارس|فارس]] و[[رستم]] و[[إسفنديار]]، ثم يقول: «بماذا محمد أحسن حديثًا مني؟».<ref>[[سيرة ابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام]]، ج1 ص439-440</ref> فلما أسره [[المسلمون]] أمر الرسول محمد بقتله، فقتله [[علي بن أبي طالب]].<ref>[[سيرة ابن هشام|السيرة النبوية]]، [[ابن هشام]]، ج2 ص255</ref>
[[ملف:Umar Farrukh's Prisoner teaching Muslim Children.png|تصغير|أحد أسرى قُريش وهو يُعلِّم أولاد المُسلمين لقاء حُريَّته.]]
ولما رجع الرسول محمد إلى [[المدينة المنورة]] فرَّق الأسرى بين أصحابه، وقال لهم: {{اقتباس مضمن|استوصوا بهم خيرًا}}،<ref>[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، ج3 ص306</ref> وقد روي عن [[أبي عزيز بن عمير]] أخي [[مصعب بن عمير]] أنه قال: «كنت في الأسرى يوم بدر، فقال رسول الله {{ص}}: {{اقتباس مضمن|استوصوا بالأسارى خيرًا}}، وكنت في نفر من [[الأنصار]]، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا [[التمر]]، وأطعموني البُرَّ لوصية رسول الله {{ص}}».<ref>مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي نور الدين، ج6 ص86، وقال: رواه [[الطبراني]] في الصغير والكبير وإسناده حسن</ref>
السطر 168 ⟵ 170:
وقال [[أبو العاص بن الربيع]]: «كنت في رهط من [[الأنصار]] جزاهم الله خيرًا، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا [[التمر]]، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم، حتى إن الرجل لتقع في يده كسرة فيدفعها إليَّ»، وكان [[الوليد بن الوليد بن المغيرة]] يقول مثل ذلك ويزيد: «وكانوا يحملوننا ويمشون».<ref>المغازي، [[الواقدي]]، ج1 ص119</ref>
 
وبعثت [[قريش]] إلى الرسول محمد في فداء أسراهم، ففدى كلُّ قوم أسيرَهم بما رضوا،<ref name="علي الصلابي" /> وكان ناس من الأسرى يوم بدر ليس لهم فداء، فجعل الرسول فداءهم أن يعلِّموا أولاد [[الأنصار]] الكتابة،<ref>صحيح السيرة النبوية، ص261، رواه [[ابن عباس]]</ref> وبذلك شرع الأسرى يعلِّمون غلمان [[المدينة المنورة|المدينة]] القراءة والكتابة، وكل من يعلِّم عشرة من الغلمان يفدي نفسه.<ref>التربية القيادية، ج3 ص74</ref>
 
=== نتائج المعركة ===
[[ملف:شهداء بدر.jpg|تصغير|232x232بك|جدارية أسماء شهداء غزوة بدر]]
كان من نتائج غزوة بدر أن قويت شوكة [[المسلمين]]، وأصبحوا مرهوبين في [[المدينة المنورة|المدينة]] وما جاورها،<ref name="علي الصلابي" /> كما أصبح للدولة الإسلامية الجديدة مصدرٌ للدخل من غنائم [[الجهاد]]؛ وبذلك انتعش حال [[المسلمين]] المادي والاقتصادي بما غنموا من غنائم بعد بؤس وفقر شديدين داما تسعة عشر شهرًا.<ref>التاريخ السياسي والعسكري، علي معطي، ص274-275</ref>
 
أما نتائج الغزوة بالنسبة [[قريش|لقريش]] فكانت خسارة فادحة، فقد قُتل فيها [[عمرو بن هشام المخزومي|أبو جهل عمرو بن هشام]] و[[أمية بن خلف]] و[[عتبة بن ربيعة]] وغيرهم من زعماء [[قريش]] الذين كانوا من أشد القرشيين شجاعةً وقوةً وبأسًا، ولم تكن غزوة بدر خسارة حربية [[قريش|لقريش]] فحسب، بل خسارة معنوية أيضاً، ذلك أن [[المدينة المنورة|المدينة]] لم تعد تهدد تجارتها فقط، بل أصبحت تهدد أيضاً سيادتها ونفوذها في [[الحجاز]] كله.<ref>التاريخ السياسي والعسكري، ص375-376</ref>
السطر 177 ⟵ 180:
== موقع بدر ==
{{مفصلة|بئر بدر}}
[[ملف:Battle of Badr 1.jpg|تصغير|240x240بك|موقع غزوة بدر في الوقت الحالي]]
تقع بدر جنوب غرب [[المدينة المنورة]]، والمسافة بينها وبين [[المدينة المنورة|المدينة]] بطرق القوافل القديمة التي سلكها الرسول حوالي 257,5 كيلومتراً (160 ميلاً)، كما أنها تقع شمالي [[مكة]]، والمسافة بينها وبين [[مكة]] بطرق القوافل القديمة التي سلكها جيش [[قريش]] حوالي 402,3 كيلومتراً (250 ميلاً). أما المسافة اليوم بين [[مكة]] وبدر بطرق السيارات فهي 343 كيلومتراً، والمسافة بين [[المدينة المنورة|المدينة]] وبدر بهذا الطريق هي 153 كيلومتراً، وأما المسافة بين بدر وساحل [[البحر الأحمر]] الواقع غربيها فهي حوالي ثلاثين كيلومتراً.<ref>غزوة بدر الكبرى، محمد أحمد باشميل، طبعة دار الفكر، ص17</ref>