الإسكندر الأكبر: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تدقيق لغوي |
|||
سطر 150:
[[ملف:Batalla de Gaugamela (M.A.N. Inv.1980-60-1) 02.jpg|تصغير|يمين|منحوتة عاجيّة من [[القرن الثامن عشر]] تُظهر الشاه [[دارا الثالث]] وهو يفرّ من ساحة المعركة ناجيًا بحياته.]]
[[ملف:Charles Le Brun - Entry of Alexander into Babylon.JPG|تصغير|الإسكندر يدخل بابل على عربة الشاه دارا الثالث.]]
اقترح قادة جيش الإسكندر مباغتة الفرس عشيّة المعركة ومهاجمتهم تحت جنح الظلام وأخذهم على حين غرّة، ذلك أن مواجهة هذا الجيش العرمرم وجهًا لوجه لهو أمرٌ في غاية العسر إن لم يكن مستحيلاً. لكن الإسكندر رفض هذه الفكرة، قائلاً أنه لن يسرق هذا النصر، بل سيظفر به عن جدارة، فكيف عساه يكون ملك [[آسيا]] الحق إن لم يكسبها بحق. وفي جميع الأحوال فإن هكذا هجوم كان سيُقدّر له الفشل على الأرجح، إذ أن دارا استبق الأمور وتوقعه، فأمر رجاله بالبقاء
=== بلاد فارس ===
سطر 175:
{{أيضا|معركة هيداسبس{{!}}معركة هيداسپس}}
[[ملف:The phalanx attacking the centre in the battle of the Hydaspes by Andre Castaigne (1898-1899).jpg|تصغير|كتائب الجيش المقدوني تهاجم مركز الجيش الهندي في معركة هيداسپس.]]
بعد موت سپنتامنش، تزوّج الإسكندر بأميرة باخترية تُدعى [[روكسانا|رخسانة]] ليقوّي العلاقات مع حكّام أقاليمه الجدد، ثمّ حوّل أنظاره إلى [[شبه قارة الهند|شبه القارة الهندية]] لفتحها، فأرسل إلى زعماء القبائل في إقليم «گندهارة» ([[قندهار]])، الواقع في شمال [[باكستان]] حاليًا، يأمرهم بالمثول أمامه والاعتراف بسلطانه على بلادهم. استجاب صاحب مقاطعة «تکسیلا»، المدعو «أومفيس»، والذي كانت مملكته تمتد من [[نهر السند]] إلى نهر جهلم، إلى أمر الإسكندر، لكن شيوخ بعض قبائل التلال، المنتمين لعشيرة الكمبوجة تحديدًا، رفضوا ذلك رفضًا قاطعًا.<ref name="Ind118">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Tripathi|1999|p=118–121}}</ref> فما كان من الإسكندر إلا أن حمل على تلك القبائل في [[شتاء]] سنة 327/326 ق.م، واتجه لقتال كل منها في عقر دارها: بوادي كنار، ووادي پنجكرا، ووادي [[سوات]] وبونير.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Narain|1965|pp=155–165}}</ref> تميّزت معارك الإسكندر مع هذه القبائل بالضراوة الشديدة، فعندما لقي قبيلة «الأسپاسيوا»، لم يهزمهم إلا بعد أن أصيب بنبلة في كتفه، وعندما اتجه لمواجهة قبيلة «الأساكينوا»، وجد أنهم تحصنوا في بضعة مواقع، في مساگا وأورا وأورنوس،<ref name=Ind118/> فاضطر إلى ضرب الحصار عليهم، وبعد أيام قليلة من القتال العنيف، جُرح خلالها الإسكندر جرحًا بالغًا في كاحله، تمكن المقدونيون من اقتحام حصن مساگا ودمّروه تدميرًا. يقول المؤرخ الروماني «كوينتس كورتيوس روفوس»: {{اقتباس مضمن|لم يكتف الإسكندر بذبح جمهرة مساگا كاملةً، بل أقدم على هدم كل أبنيتها وجعلها [[غبار|غبارًا]] منثورًا}}.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|McCrindle|1997|p=229}}</ref> تعرّض المحاربون المتحصنون بأورا لمذبحة شبيهة بتلك التي وقعت لإخوانهم في مساگا، وعندما وصلت الأخبار إلى من بقي من الأساكينوا، هرب العديد منهم إلى حصن أورنوس، لكن ذلك لم
[[ملف:Le Brun, Alexander and Porus.jpg|تصغير|يمين|الإسكندر والراجا پور خلال معركة هيداسپس الملحمية. بريشة شارل لبرون.]]
بعد النصر في أورنوس، سار الإسكندر بجيشه وعبروا [[نهر السند]] ليواجهوا [[راجا|الراجا]] «پور»، سيد مملكة پوراڤة، الواقعة حاليًا في إقليم [[بنجاب (منطقة)|البنجاب]]، في معركة ملحمية - سميت [[معركة هيداسبس]] - أُضرجت خلالها الأرض بالدماء، وذلك في سنة 326 ق.م.<ref name="Ind124">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Tripathi|1999|p=124–125}}</ref> كانت تلك المعركة أقسى معارك الإسكندر على الإطلاق، فقد خسر فيها كثيرًا من الجنود، وقاومه الراجا الهندي بما أوتي من قوة، ودافع عن بلاده دفاع الأبطال أمام تقدم الفاتح المقدوني، لكن خبرة الإسكندر العسكرية كان لها القول الفصل في تحديد المنتصر، كما أن قادته وعساكره المخضرمين ما كان لهم أن يُهزموا بسهولة، فتمكنوا من الجيش الهندي وهزموه هزيمة منكرة. أُعجب الإسكندر بشجاعة وإقدام الراجا پور، وبسالته في الدفاع عن أرضه، فاتخذه حليفًا، وأبقاه حاكمًا على الأراضي التي شكلت مملكته، وأضاف له عليها أقسام أخرى لم تكن تابعة له، وبهذا ضمن تحكمه بتلك المنطقة البعيدة أشد البعد عن [[اليونان]]، فلو كان قد أقام عليها حاكمًا أجنبيًا، ما كان باستطاعته أن يردها إلى حوزته بسهولة فيما لو قامت فيها ثورة عليه.<ref name="Ind126">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Tripathi|1999|p=126–127}}</ref> أسس الإسكندر مدينتين متقابلتين على ضفتيّ نهر جهلم، سمّى إحداها «بوسيفلا» تيمنًا بجواده الذي نفق قرابة هذا الوقت،<ref name="BriefLife120">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Gergel|2004|p=120}}</ref> والأخرى «نيقية» أي «النصر»، الوقعة حاليًا بالقرب من بلدة «مونغ» في [[باكستان]].<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Worthington|2003|p=175}}</ref>
سطر 205:
وُضع جثمان الإسكندر في تابوت ذهبي صُنع على هيئة بشرية، ووُضع هذا بدوره في ناووس من الذهب.<ref name="sarco1">Kosmetatou, Elizabeth (1998). [http://wayback.archive.org/web/jsp/Interstitial.jsp?seconds=5&date=1085972269000&url=http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/location.html&target=https://web.archive.org/web/20040531025749/http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/location.html "The Location of the Tomb: Facts and Speculation"]. Greece.org. Archived from [http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/location.html the original] on 31 May 2004. Retrieved 16 December 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170331064545/http://greece.org/alexandria/alexander/Pages/location.html |date=31 مارس 2017}}</ref> تفيد بعض النصوص أن عرّافًا يُدعى «أريستاندر» تنبأ بأن البلد التي سيُدفن فيها الإسكندر «ستعرف السعادة طيلة أيامها ولن يقوى أحد على غزوها وقهرها».<ref name="Aelian">Aelian, [http://penelope.uchicago.edu/aelian/varhist12.xhtml#chap64 ''Varia Historia'' XII, 64]</ref> يُحتمل أن يكون كل خليفة من خلفاء الإسكندر قد اعتبر الاستحواذ على جثمان ملكهم الراحل عملاً يُضفي الشرعية على خلافته الخاصة، لا سيما وأن دفن الملك الحالي للملك السابق كان يُعد إثباتًا قاطعًا لحقه في العرش.<ref>{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Green|2007|p=32}}</ref> أثناء سير موكب جنازة الإسكندر من [[بابل]] إلى [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]]، تعرّض لهم [[بطليموس]] وقطع عليهم الطريق، وحوّل المسير إلى [[منف]] عاصمة [[مصر القديمة|مصر]] حيث [[تحنيط|حُنّط]] الجثمان ووري الثرى،<ref name=sarco1/><ref name=Aelian/> ثم قام خليفته [[بطليموس الثاني]] بنقل التابوت إلى [[الإسكندرية]] حيث بقي حتى ما قبل بداية [[العصور الوسطى]] بقليل. أقدم [[بطليموس التاسع]]، وهو من أواخر خلفاء بطليموس الأول، أقدم على نقل [[مومياء]] الإسكندر من التابوت الذهبي إلى تابوت آخر مصنوع من [[زجاج|الزجاج]]، وذلك حتى يتسنى له تذويب الأول وسكّ العملات من سائله.<ref name="sarco2">Kosmetatou, Elizabeth (1998). [http://wayback.archive.org/web/jsp/Interstitial.jsp?seconds=5&date=1093614212000&url=http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/aftermath.html&target=https://web.archive.org/web/20040827134332/http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/aftermath.html "The Aftermath: The Burial of Alexander the Great"]. Greece.org. Archived from [http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/aftermath.html the original] on 27 August 2004. Retrieved 16 December 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170615221626/http://www.greece.org/alexandria/alexander/Pages/aftermath.html |date=15 يونيو 2017}}</ref> قام كل من القادة الرومان [[بومبيوس الكبير|پومپي]] و[[يوليوس قيصر]] و[[أغسطس (إمبراطور)|أغسطس قيصر]] بزيارة ضريح الإسكندر، ويُقال أن الأخير اقتلع الأنف عن طريق الخطأ، كما ورد بأن يوليوس قيصر بكى عندما بلغ عامه الثالث والثلاثين، قائلاً أنه على الرغم من كل إنجازاته لم يبلغ ما بلغه الإسكندر من المجد في هذا السن. كذلك قيل أن الإمبراطور الروماني [[كاليغولا|كاليگولا]] اقتلع الصفحية الصدرية من المومياء واحتفظ بها لنفسه. أقدم الإمبراطور [[سيبتيموس سيفيروس|سپتيموس سيڤيروس]] على إغلاق ضريح الإسكندر أمام العامّة في سنة 200 م، وقام ابنه [[كاراكلا]]، وهو من أشد المعجبين بالإسكندر، بزيارة قبره خلال فترة حكمه. أما بعد مضي هذا العهد، أخذت الدلائل والنصوص التي تتحدث عن الضريح تقل شيءًا فشيئًا إلى أن انتهت لغاية الندرة، حتى أصبح موقعه ومصيره من ضمن الأمور التاريخية التي يكتنفها الضباب حاليًا.<ref name=sarco2/>
[[ملف:Alexander-sarkofagen, Nordisk familjebok.png|تصغير|«تابوت الإسكندر»، عُثر عليه بالقرب من مدينة صيدا بلبنان، وهو الآن محفوظ في متحف الآثار باسطنبول.]]
عام [[1887]]، اكتشف العالم والباحث العثماني، [[عثمان حمدي
=== تقسيم الإمبراطورية ===
سطر 228:
يجمع المؤرخون على أن الإسكندر استحق لقب «الأكبر» أو «الكبير» عن جدارة، بسبب نجاحه العسكري منقطع النظير،<ref name="Roisman 2010 192"/> فهو لم يخسر معركة قط، على الرغم من أن أغلب الجيوش التي قاتلها فاقت جيشه عددًا وعدّة،<ref name="Roisman 2010 192"/> وذلك يعود إلى حسن استغلاله لأراضي الوقعات، ولتدريبه فيالق المشاة والخيالة على استخدام تكتيكات فذّة، ولاستراتيجياته الجسورة المقدامة، وللولاء الأعمى الذي كنّه له جنوده.<ref name="Roisman 2010 193">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Roisman|Worthington|2010|p=193}}</ref><ref name="Morkot 1996 110">{{استشهاد بهارفارد دون أقواس|Morkot|1996|p=110}}</ref> سلّح الإسكندر فيالقه برماح طويلة تصل إلى 6 أمتار (20 قدمًا)، وكانت هذه الفيالق قد تدرّبت على القتال تدريبًا صارمًا منذ أيام فيليپ الثاني،<ref name="Morkot 1996 110"/> حتى بلغت أعلى درجات كمال الجيوش في عصرها، فكان تحركها سريعًا وقدرتها على المناورة في أرض المعركة كبيرة، وقد استغل الإسكندر هذه الأمور ليتفوق على القوّات الفارسية الأكبر عددًا والأكثر تباينًا من كتائبه المتجانسة.<ref name="Morkot 1996 110"/> أدرك الإسكندر أيضًا إمكانية وقوع شقاق في جيشه بسبب تنوعه العرقي واللغوي واختلاف أسلحته، فذلل هذه المشكلة عبر انخراطه شخصيًا في المعارك،<ref name="Morkot 1996 121"/> بصفته ملك مقدوني.<ref name="Roisman 2010 193"/><ref name="Morkot 1996 110"/>
عندما خاض الإسكندر أولى معاركه في [[آسيا]]، أي معركة نهر گرانیکوس، استخدم قسمًا صغيرًا من جيشه، تألّف من 13.000 من [[مشاة|المشاة]]، و5.000 [[سلاح الفرسان|خيالة]]، على الأرجح، فيما بلغ
لجأ الإسكندر إلى نفس أسلوب نشر الجند عندما خاض أول معركة مع [[دارا الثالث]] سنة 333 ق.م، أي [[معركة إسوس]]، فوضع فيلق الرمّاحين في الوسط، وقد تمكنوا من خرق صفوف الفرس مرة أخرى.<ref name="Morkot 1996 122"/> تولّى الإسكندر بنفسه قيادة الهجوم في الوسط، وتوجيه جيش العدو لصالحه.<ref name="Roisman 2010 193"/> وفي [[معركة غوغميلا|الموقعة الحاسمة مع الفرس في گوگميلا]]، قام دارا بتجهيز [[عجلة حربية|عرباته]] بمناجل على عجلاتها حتى يتمكن من خرق صفوف الرمّاحين، وزوّد مشاته برماح طويلة شبيهة برماح المقدونيين، غير أن الإسكندر تيقن لخطته، فجعل رمّاحيه يصطفون بصفوف مزدوجة يتقدم وسطها إلى الأمام على شكل زاوية، وتتفرق عندما تتجه العربات نحوها، ثم تعود لتصطف مجددًا عند نهاية الهجوم وتتابع تقدمها. كان هذا التكتيك ناجحًا للغاية، فخرق وسط الجيش الفارسي، وأرغم الشاه وجنوده على الانسحاب.<ref name="Morkot 1996 122"/>
سطر 318:
== تأريخ حياة الإسكندر ==
إن جميع النصوص المكتوبة من قبل أشخاص عاشروا الإسكندر ورافقوه في حملاته أو جمعوها من أخبار رفاقه وأصحابه، قد ضاعت كلها ولم يبق منها إلا بضعة مخطوطات منها ما هو كامل ومنها ما استحال فتاتًا.<ref name="Roisman 2010 186"/> من الأشخاص المعاصرين للإسكندر والذين كتبوا عن حياته: مؤرخه الخاص كاليستنس، والقادة في جيشه [[بطليموس]] ونيارخوس، وأحد الضبّاط الصغار المدعو «أريستوبولوس»، وكبير الربّان «أونيسيكريتوس». كُتبت كل النصوص التي تناولت حياة الإسكندر بالاستناد إلى تلك التي كتبها هؤلاء الرجال، وأول النصوص المنقولة كان ذاك الخاص بالمؤرخ [[ديودور الصقلي|ديودورس سلوقس]] ([[القرن 1 ق م|القرن الأول ق.م]])، تلاه نص كوينتس كورتيوس روفوس (ما بين أواسط وأواخر القرن الأول ق.م)، ثم آريان (ما بين [[القرن 1|القرن الأول]] و<nowiki/>[[القرن
== المصادر ==
|