صلاة (مسيحية): الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
CipherBot (نقاش | مساهمات)
ط إملائي
CipherBot (نقاش | مساهمات)
ط سايفربوت: إملائي
سطر 3:
{{مسيحية}}
 
إن الصلاة هي صلةُ الإنسان الروحية بالله خالقه . وهي كما سمَّاها بعض المفسرين بأنها التنفس الروحي للمؤمن الذي بدونه لا يقدر أن يحيا روحياً . والصلاة المسيحية هي التعبير الصادر من قلب المؤمن يخاطب به أباه السماوي ليحمده ويشكره ويطلب منه ما يحتاج إليه . فالصلاة إذاً هي اللغة التي يعبر فيها المؤمن عن حبه لله وشكره له وعن ولائه لشخصه الكريم . ومن خلال صلاته يقدم المصلّي طلباته وتوسلاته لسدِّ إحتياجاتٍ معينة سواء كانت تخصّه هو أو تخصُّ غيره . فاحتياجات الإنسان كثيرة يمكنه أن يعرضها على الله في صلاته ، ويرجوا الاستجابة لها بحسب مراحم الله وإحساناته . إنَّ نظرة المسيحية لله عدا عن كونه الخالق العظيم القادر على كل شيء فهو أيضاً إلهٌ محبٌ حنانٌ،وهوحنانٌ، وهو أبٌ عطوفٌ رحيمٌ بأبنائه المؤمنين ، وهو صديقٌ أمينٌ حافظٌ للعهد مع كل من دخل معه في عهد ولاءٍ صادق . لذلك فكلمات الصلاة التي يرفعها المؤمن لله تأتي عَفَويَّه من منطلق هذه المفاهيم فيعبّر في صلاته ، عن حبه وولائه كما يقدم طلباته وأدعيته وتوسلاته بكلماتٍ تخرج من قلبه تعبّر فعلياً عن مشاعره وهو يقف في محضر الله أثناء صلاته . ما أريد أن أوضِّحه هنا هو أن الصلاة المقبولة لدى الله هي الصلاة النابعة من قلب المصلّي من داخله من أحاسيسه ، يخاطب بها الله ويتحدث إليه كالخالق العظيم والأب الرحيم . يحدثنا إنجيل الوحي عن الصلاة بأنها علاقة فردية بين المؤمن والله فهي علاقة شخصية تربط الفرد المؤمن بربه . لذلك فهي ليست شيئاً يُفاخَرُ به أمام الناس لأن الصلاة علاقة مع الله وليست علاقة مع الناس ، وهو سبحانه الفاحص القلوب والعالِم بالنيّات . أما الناس لو رأوا إنساناً يصلّي لا يرون إلا الظاهر ، لذلك تظاهر الإنسان بصلاته أمام الناس يُحذِّرُ منه الانجيل ، لأن التظاهر بالصلاة أو الصوم يعمّم الرياء ويكثر من النفاق في الأمة، ويَحْرِفُ المصلي عن جوهر الصلاة للاهتمام بمظاهرها الخارجية وكسب مديح الناس . لذلك يقول المسيح القدوس في عظته على الجبل المدونة في إنجيل متى الأصحاح الخامس الكلمات التالية :
 
ومتى صليت فلا تكن كالمرائين . فإنهم يحبّون أن يصلّوا قائمين في المجامع وفي " زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس . الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم . وأما أنت فمتى صلّيت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء . فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية ". ثم يقول :" وحينما تصلّون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم ، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم . فلا تتشبهوا بهم ، لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه " .
 
فمن كلمات المسيح هذه عن الصلاة نتعلم أن الصلاة ليست تمثيلية يقوم بها المصلّي أمام الناس لكي ينال مديحهم بل الصلاة علاقة شخصية بين الفرد وربه . كما نتعلّم أيضاً أن لا لزوم للتكرار المستمر لكلمات أو جمل يرددها البعض أثناء صلاتهم وكأنَّ في تكرارها استجابة أفضل . فالله يسمع ويرى ويعرف احتياجاتنا قبل أن نسأله ، ومع ذلك فهو ينصحنا بالصلاة وعرض احتياجاتنا لدى جلاله لأن في ذلك عبادة . وفيه اعترافٌ بسلطان وقدرة المولى على تسديد احتياجاتنا التي نعرضها عليه ، أما التكرار الممل الذي يمارسه الكثيرون فلا معنى له ، كأن يردد أحدهم صلاة أو كلمات يحفظها فيتمتمها عشرون مرة أو خمسون مرة ويظن أن في تكرارها استجابة أفضل أو عبادة أوفر !.. الصلاة المسيحية صلاة بسيطة ، وهي ليست صلاة تقليدية يرددها المصلّي بغرض تأدية فرض مفروضٍ عليه ، بل الصلاة المسيحية تقوم على إحساسٍ قلبي ، دافعها علاقة حبيِّة مع الله . ففي صلاته يتحدث المصلّي مع ربه كما يتحدث الحبيب مع حبيبه ، ولذلك تأتي كلمات الصلاة من انشاءٍ ذاتي عفويّ تحكمها ظروف المصلّي وأحواله ومشاعره . ولعلها مناسبة نجيب بها على السائل الكريم الذى يقول : هل للكنيسة أو لرجال الدين أو غيرهم سلطة ترغم الناس على الصلاة تحت طائلة المسئولية لمن يقصِّر أو يتهاون أو يغفل عن الصلاة أو الصوم ؟.. فنقول للأخ الكريم : إن الكنيسة ورجال الدين هم آباءٌ محترمون يؤدون خدماتهم بالإرشاد والتوعية بكلِّ إنسانيةٍ ولطف . فقضايا الإيمان أو الصوم والصلاة ، هذه أمور تَنْتُجُ عن تفاعلٍ داخليٍ في قلب الإنسان وفي أعماقه ولا يمكن أن تأتي بالعصا أو التهديد بالقصاص . فالعصا والتهديد ينتجان حتماً أمةً منافقة تحكمها العصا ويُرْغمها التهديد للقيام بالواجبات الدينية . فلو حصل ستصبح الممارسات الدينية عبارة عن تمثيلية يؤديها الفرد خوفاً من البشر ، ثم مع التكرار ستتملكه العادة فيؤديها دون إحساس ببهجة العبادة بل بحكم العادة . والكتاب المقدس يقول :" اعبدوا الرب بفرح ، ادخلوا دياره بالتسبيح ". ولذلك فالعبادة المسيحية عبادة تبهج الروح ويؤديها المصلّي بابتهاج وسرور . ووجوه العابدين غالباً ما تكون باشّه . لأن اللقاء بالله في وقت الصلاة لقاءٌ مبهج ، منعشٌ للروح . والسبب في ذلك أن الصلاة المسيحية ليست فرضاً بقدر ما هي تجاوباً قلبياً لصدى محبة الله في قلب المؤمن . ففي هذا الإطار الجميل يؤدي المؤمن المسيحي صلاته بكل خشوع وتقوى / تتوِّجُها بهجة العبادة، كما يؤديها بقناعةٍ قلبية وبحريةٍ دون إرغام أو تهديدٍ أو إكراه . وما نقوله عن الصلاة نقوله أيضاً عن الصوم ، فالصائم يصوم لله ، طاعةً لربه وتقرباً إليه . ولذلك فالصوم عملية قائمة بين الإنسان الفرد وربه ، يؤديها المؤمن المسيحي بحريته عندما يشاء،وكمايشاء، وكما يشاء ، فلا علاقة لتداخلات الناس في صيامه أو عدم صيامه فهو في الحالين لا يؤذي أحد ، والقضية ترتبط بعلاقة الفرد بربه ، وهذه دائرة تخص الله وحده لا دخل لها لا للدولة ولا لرجال الدين . وأما الصائم ، فلا يجوز في المسيحية أن يفاخر بصيامه أو يتظاهر به ، بمعنى أن لا يجعل من صومه مدعاةً للمفاخرة وكسب مديح الناس لأن الصوم لله . فإشهار الصائم لصيامه فيه رياءٌ ونفاقٌ يحذر الإنجيل منه بقوله :
 
ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين . فإنهم يغيّرون وجوههم لكي يظهروا للناس أنهم صائمين . الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم . وأنا أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء . فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية .