عقد اجتماعي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط روبوت (1.2): تعريب (State_of_nature->حالة الطبيعة)
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V4.2 (تجريبي)
سطر 1:
{{copyتدقيق editلغوي|date=ديسمبر 2018}}
[[File:Leviathan by Thomas Hobbes.jpg|thumb|200px|الغلاف الرئيسي لكتاب [[توماس هوبز|هوبز]] «[[لوياثان]]» الذي ناقش فيه مفهوم نظرية العقد الاجتماعي]]
'''العقد الاجتماعي''' في [[فلسفةأخلاقيات الأخلاقفوقية|الفلسفة الأخلاقية]]، و[[فلسفة سياسية|السياسية]] هو نظرية أو نموذج تبلور في عصر التنوير، ويهتم عادة بشرعية سلطة الدولة على الأفراد.<ref>"For the name social contract (or original contract) often covers two different kinds of contract, and, in tracing the evolution of the theory, it is well to distinguish them. Both were current in the 17th century and both can be discovered in Greek political thought. ... [The first] generally involved some theory of the origin of the state. The second form of social contract may be more accurately called the contract of government, or the contract of submission.... Generally, it has nothing to do with the origins of society, but, presupposing a society already formed, it purports to define the terms on which that society is to be governed: the people have made a contract with their ruler which determines their relations with him. They promise him obedience, while he promises his protection and good government. While he keeps his part of the bargain, they must keep theirs, but if he misgoverns the contract is broken and allegiance is at an end." [[J. W. Gough]], ''The Social Contract'' (Oxford: Clarendon Press, 1936), pp.{{nbsp}}2–3. Modern revivals of social contract theories have not been as concerned with the origin of the state.</ref> تنادي نظرية العقد الاجتماعي بالتحديد بأن الأفراد يقبلون، بشكل ضمني أو صريح، أن يتخلوا عن بعض حرياتهم ويخضعوا لسلطة الحاكم (أو لقرار الأغلبية) لقاء حماية بقية حقوقهم. ومن ثم، فإن العلاقة بين الحقوق الطبيعية والشرعية هي في العادة مبحث من مباحث نظرية العقد الاجتماعي. وقد أخذ المصطلح اسمه من كتاب العقد الاجتماعي [[جان جاك روسو|لجان جاك روسو]] الذي ناقش فيه هذا المفهوم.
 
رغم أن أفكارا مماثلة لنظرية العقد الاجتماعي تواجدت قديما في [[فلسفة يونانية|الفلسفة الإغريقية]] و[[رواقية|الرواقية]] والقانون الروماني والكنسي، إلا ان النظرية بلغت أوج أهميتها منذ منتصف القرن السابع عشر وحتى بداية القرن التاسع العشر، حيث كانت الفلسفة السياسية السائدة آن ذاك. تشترك معظم نظريات العقد الاجتماعي في نقطة انطلاقها، وهي فحص حالة الإنسان في غياب أي نظام سياسي، وأطلق [[توماس هوبز]] على ذلك «الحالة الطبيعية».<ref>Ross Harrison writes that "Hobbes seems to have invented this useful term." See Ross Harrison, ''Locke, Hobbs, and Confusion's Masterpiece'' (Cambridge University Press, 2003), p.{{nbsp}}70. The phrase "state of nature" does occur, in [[حالة الطبيعة]]'s [http://dhspriory.org/thomas/QDdeVer19.htm ''Quaestiones disputatae de veritate'', Question 19, Article 1, Answer 13]. However, Aquinas uses it in the context of a discussion of the nature of the soul after death, not in reference to politics. {{Webarchive|url=httphttps://web.archive.org/web/20171019181354/http://dhspriory.org/thomas/QDdeVer19.htm |date=19 أكتوبر 2017}}</ref> في هذه الحالة، تكون أفعال الأفراد مرتبطة فقط بقوتهم ووعيهم الشخصي. وانطلاقا من هذا المفهوم المشترك، يسعى منظرو العقد الاجتماعي إلى البرهنة بشتى الطرق على السبب الذي يجعل الفرد العقلاني يتخلى طواعية عن حريته الطبيعية من أجل الحصول على منافع النظام السياسي.
 
برز في القرن السابع عشر والثامن عشر كثير من منظري العقد الاجتماعي والحقوق الطبيعية، منهم [[هوغو غروتيوس]] (1625)، [[توماس هوبز]] (1651)، صموئيل فون بوفندروف (1673)، [[جون لوك]] (1689)، [[جان جاك روسو]] (1762)، و[[إيمانويل كانت|إيمانويل كانط]] (1797). وقد حاول كل منهم حل مسألة السلطة السياسية بشكل مختلف. فقد افترض غروتيوس أن للبشر حقوق طبيعية. وقال [[توماس هوبز]] قوله الشهير بأن الحياة الإنسانية في «الحالة الطبيعية» ستكون منعزلة، فقيرة، مقرفة، بهيمية، وقصيرة. ففي غياب النظام السياسي والقانون، ستغدو لدى الجميع حريات طبيعية لا حد لها، بما في ذلك حق الوصول إلى كل شيء، مما يعني أيضا حرية النهب، الاغتصاب، والقتل، فستكون هنالك «حرب كل ضد كل» لا نهاية لها. ومن أجل تفادي ذلك، على الرجال الأحرار التعاقد لإنشاء مجتمع سياسي (مجتمع مدني) بعقد اجتماعي ينعمون من خلاله بالأمان، وذلك لقاء خضوعهم لسلطة مطلقة لرجل أو مجلس من الرجال. وعلى الرغم أن أوامر السلطة قد تكون استبدادية ومتعسفة، إلا أن هوبز رأى في الحكومة المطلقة البديل الوحيد للأناركية المرعبة في الحالة الطبيعية. وأكد هوبز أن البشر يوافقون على التنازل عن حقوقهم لصالح سلطة الحكومة المطلقة (ملكية كانت أم برلمانية). عارض بوفندروف معادلة هوبز عن الحالة الطبيعية والحروب.<ref name="Patrick Riley 2006 pp. 347">Patrick Riley, ''The Social Contract and Its Critics'', chapter{{nbsp}}12 in ''The Cambridge History of Eighteenth-Century Political Thought'', Eds. Mark Goldie and Robert Wokler, Vol{{nbsp}}4 of ''The Cambridge History of Political Thought'' (Cambridge University Press, 2006), pp.{{nbsp}}347–75.</ref> كما قدم جون لوك وجان جاك روسو بديلا، فجادلا بأننا نحصل على حقوقنا المدنية مقابل قبولنا بالالتزام بمراعاة والدفاع عن حقوق الآخرين، متخلين بذلك عن بعض حرياتنا.
 
الفرضية الرئيسية التي تنادي بها نظرية العقد الاجتماعي هي أن القانون والنظام السياسي ليسا طبيعيين، بل هما من اختراع البشر. يعمل العقد الاجتماعي والنظام السياسي الذي ينشأ عنها كوسيلة للوصول إلى غاية، وهي منفعة الأفراد الذين يشملهم العقد الاجتماعي، ويكون العقد الاجتماعي شرعيا فقط ما داموا يؤدون ما اتفقوا عليه. ينادي هوبز بأن الحكومة ليست طرفا في العقد الأصلي، وأن المواطنين ليسوا ملزمين بالخضوع إلى الحكومة عندما تكون أضعف من أن تتصرف بحزم لتمنع التحزب والاضطراب المدني. وفقا لمنظرين آخرين عن العقد الاجتماعي، ففي حال فشل الحكومة في تأمين الحقوق الاجتماعية (كما عند لوك)، أو فشلها في تلبية أهم اهتمامات المجتمع (ما يسميه روسو «الإرادة العامة»)، يمكن للمواطنين حينها أن يمتنعوا عن طاعة الحكومة، أو أن يغيروا القيادة عبر انتخابات أو عبر وسائل أخرى، وإن لزم الأمر فيمكن اللجوء للعنف.
 
آمن [[جون لوك]] بأن الحقوق الطبيعية غير قابلة للمصادرة، ومن ثم فإن القانون الإلهي يمكن أن يحل محل سلطة الحكومة، بينما آمن روسو بأن الديمقراطية (الحكم الذاتي) هو الطريق الأمثل لضمان الرفاهية مع إبقاء الحرية الفردية خاضعة لحكم القانون. وقد طبقت رؤية لوك عن العقد الاجتماعي في إعلان الاستقلال الأمريكي. اندثرت نظريات العقد الاجتماعي في القرن التاسع عشر حين توجهت الأنظار إلى [[نفعية|النفعية]]، والهيغلية، و[[ماركسية|الماركسية]]، لكن أعيد إحياؤها في القرن العشرين، لا سيما على هيئة تجربة ذهنية بواسطة جون رولس.<ref name="Patrick Riley 2006 pp. 347" />
 
==التاريخ==
سطر 21:
{{quote|في الأيام الأولى للكون، عاش البشر في بعد غير مادي، وكانوا يتراقصون على الهواء وكأنهم في عبقر، فلم يحتاجوا إلى طعام أو لباس، ولا ملكية خاصة أو عائلة أو حكومة أو قوانين. لكن دورة الاضمحلال الكوني بدأت حينها، وأصبح البشر مرتبطين بالأرض، فشعروا بالحاجة للطعام والملجأ. ولما خسر الناس مجدهم في أول الزمان، ظهرت للعيان فروق الطبقات، واتفق الناس فيما بينهم وقبلوا مؤسستي الملكية العامة والعائلة. وبجانب ذلك، ظهرت جرائم القتل والزنا وغيرها، ولذلك اجتمع الناس وقرروا تنصيب واحد منهم ليحفظ النظام لقاء شطر من ما ينتجونه من حقولهم وقطعانهم. وأطلقوا عليه «المختار العظيم» (ماهاساماتا)، ولقب بلقب «راجا» لأنه أسعدَ الناس.<ref name="AL Basham pp 83">AL Basham, ''The Wonder That Was India'', pp. 83</ref>}}
 
كما ذكر على مراسيم الملك أسوكا الصخرية أنه نادى بصياغة عقد اجتماعي كبير وبعيد المدى. ويعكس الفينايا البوذي أيضا العقود الاجتماعية المتوقع من الرهبان اتباعها. فعلى سبيل المثال، عندما تصدر شكوى عن أناس في بلدة ما من أن الرهبان يقطعون أشجار الساكا، فإن [[غوتاما بودا|البوذا]] يأمر رهبانه بالتوقف عن ذلك واحترام العادات المجتمعية.
 
وفي القرن الرابع قبل الميلاد، امتلك [[إبيقور]] فهما قويا لمفهوم العقد الاجتماعي وتأصل العدالة والقانون في الاتفاق والمنفعة المتبادلين، ويتضح ذلك في ما يلي من كتابه «المذاهب الرئيسية»:
{{quote|31. العدالة الطبيعية هي التزام بالمنفعة المتبادلة، ومنع أحد الناس من أن يضر غيره ومنعهم من أن يضروه.
32. إن تلك الحيوانات التي لا تستطيع الالتزام باتفاقيات فيما بينها لئلا تؤلم أو تضر بعضها البعض هي كائنات بلا عدالة أو ظلم، والأمر عينه ينطبق على أولئك الناس الذين لا يمكنهم ولن يمكنهم إبرام اتفاقيات لئلا تؤلم أو تضر بعضها البعض.
33. لم يكن هناك قط ما يسمى بالعدالة المطلقة، بل هناك اتفاقيات تبرم بالاتفاق المتبادل بين الناس، في أي مكان وزمان، لضمان عدم إلحاقهم الألم أو الضرر ببعضهم البعض.<ref>{{citeمرجع webويب|authorمؤلف=Vincent Cook |urlمسار=http://www.epicurus.net/en/principal.html |titleعنوان=Principal Doctrines |publisherناشر=Epicurus |dateتاريخ=2000-08-26 |accessdateتاريخ الوصول=2012-09-26| مسار الأرشيفأرشيف = https://web.archive.org/web/20181025013005/http://www.epicurus.net:80/en/principal.html | تاريخ الأرشيفأرشيف = 25 أكتوبر 2018 | وصلة مكسورة = yes }}</ref>}}
 
===تطورات عصر النهضة===
يجادل كوينتين سكينر بأن العديد من التطويرات الحديثة التي أدخلت على نظرية العقد الاجتماعي مذكورة في كتابات الكالفنيين والهوغونوتيونيين الفرنسيين، وقد استشهد بأعمالهم كتاب البلدان المنخفضة الذين اعترضوا على إخضاعهم لإسبانيا، ولاحقا [[كاثوليكية|الكاثوليك]] من [[إنجلترا]]. [8] يمكن اعتبار فرانشسكو سواريز (1548 – 1617)، من مدرسة سالامانكا، كواحد من أول المنظرين لنظرية العقد الاجتماعي والقانون الطبيعي كمحاولة لتقييد الحق الإلهي للملكية المطلقة. تمكنت كل تلك الجماعات من تفصيل أفكار عن السيادة العامة عن طريق مواثيق أو عقود اجتماعية، ودارت كل هذه الجدالات حول «الحالة الطبيعية»، وصولا إلى أن أساس السياسة هو أن كل إنسان بطبيعته حر من الخضوع لأي حكومة.
 
ومع ذلك، فقد اعتمدت هذه الجدالات على نظرية مؤسسية وجدت في القانون الروماني، ووفقا لها فإن «الشعب» يمكن ان يتواجد ككيان شرعي مستقل. وعليه فإن هذه الجدالات ترى أنه من الممكن أن تنضم جماعة من الناس إلى الحكومة لأن لديها القدرة على تمثيل إرادة واحدة ولديها صوت واحد في اتخاذ القرارات بعيدا عن السلطة السيادية –وهي فكرة رفضها هوبز والعديد من منظري العقد الاجتماعي اللاحقين.
سطر 35:
== نظريات تفسير العقد الاجتماعي ==
=== أولاً توماس هوبز ===
في محاولة لدراسة نشوء المجتمعات الإنسانية، انطلق [[توماس هوبز|هوبز]] من السؤال التالي:
 
'''لماذا يجب علينا أن نخضع للسلطة؟'''