محمد بن أحمد العياشي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V3.3
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V4.2 (تجريبي)
سطر 21:
|أوسمة =
}}
'''محمد بن أحمد المالكي الزياني العياشي''' المعروف ب'''المجاهد العياشي''' (ولد [[980 هـ]] - توفي [[1051 هـ]] ) مجاهد ومتصوف مغربي، بطل شعبي، بزغ نجمه في أواخر عهد [[السعديون|الدولة السعدية]]، في النصف الأول من القرن السابع عشر. فرضت شخصية العياشي نفسها بقوة في [[تاريخ المغرب]] فلم تترك من سبيل إلى تجاوز الإشارة إليها في كل المصادر التي تناولت الحقبة التي تلت وفاة [[أحمد المنصور الذهبي|المنصور الذهبي]]، والتي عرفت اضطرابات سياسية متتالية تسبب فيها صراع أبناء المنصور على السلطة وانقضاض البرتغاليين والإسبان على شواطئ المغرب، منتهزين فرصة الفوضى العارمة التي سادت المغرب يومئذ. فخاض المجاهد العياشي حربا ضروسا دامت أربعين عاما ضد الغزو الأجنبي.
== مسيرته ==
ولد العياشي عام [[980 هـ]]، وكان طالبا بمدينة سلا عند شيخ من شيوخها المشهورين وهو الولي [[عبد الله بن حسون]] والراجح أنه أخذ عنه العلم والتصوف، [[أحمد بن خالد الناصري|فالناصري]] يصفه في [[الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى|الاستقصا]] ''بالفقيه المشارك''، وأثنى عليه كل من [[محمد الصغير الإفراني]] في «''[[نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي]]''» و[[محمد القادري]] في ''[[نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني|نشر المثاني]]'' على موهبته العسكرية.
 
كان المغرب الأقصى يموج بالتطاحنات الداخلية تحت وطأة هجمات القوى الأوروبية على سواحل البلاد، فقد سقطت [[المهدية (المغرب)|المعمورة]] [[العرائش|والعرائش]] في أيدي النصارى فسادت حالة من التذمر في صفوف المغاربة فكان هذا الجو ملائما لبزوغ نجم العياشي كمخلص للأمة من سلاطين ضعفاء متخاذلين، فخرج العياشي إلى [[أزمور]] ب[[دكالة]]<ref>[http://habous.net/daouat-alhaq/item/165-البطل-الشعبي-محمد-العياشي البطل الشعبي محمد العياشي، دعوة الحق، عبد القادر الصحراوي 12 العدد] تاريخ الولوج 18 يناير 2014 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20140201145358/http://habous.net/daouat-alhaq/item/165-البطل-الشعبي-محمد-العياشي |date=1 فبراير 2014}}</ref> وخاض معارك ضارية مابين [[1604]] إلى [[1615]] ضد البرتغاليين الذين كانوا يسيطرون على [[مازاغان]] المحصنة، وانتصر في غزواته فذاع صيته، ولم يطلب الإمارة لنفسه بل دخل في طاعة السلطان [[زيدان الناصر بن أحمد|زيدان]] وحرص على إرسال الغنائم إليه في [[مراكش]] استرضاء له وحرصا على وحدة الصف.
سطر 29:
تقرب البرتغاليون بالهدايا على حاشية بلاط السلطان، محاولين اقناعهم بالتخلص من محمد العياشي. فاقتنع السلطان ، وأمر بالتخلص منه، فقد قوى ساعده واشتد عوده، وقد أصبح ذا نفوذ كبيرة مشكلا بذلك خطرا على العرش، فبعث إليه القائد محمد السنوسي [[اغتيال|لاغتياله]]، إلا أن تعاطف هذا القائد معه وتشكيكه في مشروعية هذه العملية، أفشل المخطط، حيث بعث إلى محمد العياشي على جناح السرعة، وهو في طريق إليه، بعض من يثق بهم من خواصه المقربين إليه، يطلب منه أن يهرب من أزمور قبل أن يصل هو إليها، فقد جاء إليه باسم السلطان، لكي يقتله، ولكي يحمل رأسه لمراكش.
=== اللجوء إلى سلا ===
بعد ارتحاله إلى [[سلا]]، استأنف الدعوة إلى الجهاد في سلا والرباط معا، في بيئة غير مستقرة، ينعدم الانسجام بين أصحابها، بسبب استقرار [[مورسكيون|الموريسكيين]] المطرودين فيها. حيث تكاثر المهاجرين الأندلسيين وظهر «المشكل الموريسكي» في بلادالمغرب، إذ كونوا كتلة متميزة بعاداتها وعقليتها، خصوصا بالرباط و[[قصبة الوداية]] وعززوا أسطول الجهاد في العدوتين, وقامت لهم «[[جمهورية بورقراق|جمهوريات مدن أبي رقراق الثلاث]]» على غرار [[البندقية]] [[جنوة|وجنوة]]. فأدى اختلال توازن القوى إلى قيام فتن طويلة الأمد بين الموريسكيين والمجاهد العياشي.<ref>[http://habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/2239 تأملات حول الفترة التي سبقت تأسيس الدولة العلوية دعوة الحق 96 العدد] {{Webarchive|url=httphttps://web.archive.org/web/20170802035110/http://www.habous.gov.ma:80/daouat-alhaq/item/2239 |date=02 أغسطس 2017}}</ref>
 
وجود الإسبان بالمهدية والعرائش، جعله يلهب حماس السكان بسلا والرباط كما فعل من قبل في آزمور وناحيتها. فضيق العياشي الخناق على الحامية الإسبانية بالمهدية، وقتل من الإسبانيين في أول التحام بينهم في المهدية وبين جيشه نحو أربعمائة جندي إسباني، كما قتل من المواطنين مائتان وسبعون. حين أعلن الجهاد ضد الإسبان في سلا كان يملك سوى أربعمائة بندقية وهو تسليح ضعيف إذا قورن بإمكانيات أعدائه، لا شك أن العياشي كان يملك قدرة تنظيمية كبيرة وموهبة عسكرية مكنته من تلافي مكامن ضعفه ففي ظل هذه الظروف عمد العياشي إلى أسلوب شبيه بحرب العصابات لاستنزاف خصمه.<ref>[http://www.maghress.com/almassae/162126 محمد بن أحمد العياشي أعلام مغاربة من التاريخ المساء، نشر في المساء يوم 24 - 08 - 2012] {{Webarchive|url=httphttps://web.archive.org/web/20140121033100/http://www.maghress.com/almassae/162126 |date=21 يناير 2014}}</ref>
 
لم يتوقف السلطان عن تدبير المكائد له بإيعاز من حاشيته فحاول إلقاء القبض عليه، عن طريق قائده الزعروري قائد الفرقة العسكرية الأندلسية المقيمة بالرباط، فتريثوا ليتجسسوا عليه واختبار نواياه، فشعر العياشي بأن شيء ما يدور بين المحيطين به، فقرر هو أيضا أن يتريث، فلازم العياشي بيته. فإذا بهؤلاء الأندلسيون ينقلبون على السطان زيدان، فقتلوا ونهبوا بيت الزعروري، فبعث إليهم الملك من طرفه قائدا آخر، فقتلوه كما قتلوا سلفه من قبله، وأعلنوا خروجهم عن الطاعة، وأسسوا [[جمهورية بورقراق]].
 
=== بيعة الفقهاء والقضاة ===
ثم عمد إلى إضفاء طابع الشرعية على جهاده لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتعاطفين، فكان يستفتي الفقهاء في قضايا الجهاد مؤثرا لوحدة الصف، مقدما لحرب النصارى على حرب خصومه من المسلمين يقول اليفرني: {{اقتباس|ولما طلبه الناس للتقدم عليهم للنظر في مصالح المسلمين وأمور جهادهم مع عدوهم أمر أشياخ القبائل وأعيانهم من عرب وبربر ورؤساء بأن ينزلوا خطوطهم في [[ظهير (توضيح)|ظهير]] بأنهم رضوه وقلدوه وقدموه على أنفسهم والتزموا طاعته وأي قبيلة خرجت عن طاعته وأمره كانوا معه على مقاتلتها حتى تفيء إلى أمر الله، فكتبوا بذلك خطوطهم ووافق عليه قضاة الوقت وفقهاؤه من تامسنا إلى تازى.}}
كان العياشي مدركا لطبيعة الأجواء التي يقود فيها حركته وأن فقهاء السلطان سيناوشونه من كل الجهات فهيأ نفسه لحرب فقهية لا تقل أهمية عن حرب الأسنة والأسل، وقد ساهم [[عبد الواحد بن عاشر|ابن عاشر]] و[[ابن أبي بكر الدلائي]] والكلالي وغيرهم في توفير الغطاء الشرعي لحركته كما ساهم الشاعر المكلاتي والدغوغي في تنظيم حملة دعائية لأعماله الجهادية، فكان طبيعيا بعد ذلك أن يتسع نفوذه بعد أن توفرت له كل أسباب الظفر، لم يتوقف العياشي عند حدود ثغر سلا بل تعداه إلى العرائش و[[طنجة]] ووجه حركته نحو فاس لقمع قبائل الحياينة واشراكة بعد استنجاد أهل فاس به لرد عدوانها، ويروي الشيخ [[ميارةمحمد الفاسيميارة|أبو عبد الله ميارة]] الفاسي عن زيارته للعياشي: {{اقتباس|قد من عَليّ ذُو العظمة والجلال الْكَرِيم المتفضل المتعال بزيارة الْوَلِيّ الصَّالح الْعَالم الْعَامِل السائح قطب الزَّمَان وكهف الْأمان الْمُجَاهِد فِي سَبِيل رب الْعَالمين المرابط فِي الثغور مُدَّة عمره لحياطة الْمُسلمين ذِي الكرامات الشهيرة العديدة والفتوحات الْعَظِيمَة الحميدة من لَا شَبيه لَهُ فِي عصره وَمَا قرب مِنْهُ وَلَا نَظِير وَلَا معِين لَهُ على نصْرَة الْإِسْلَام وَلَا نصير إِلَّا الله الَّذِي تفضل بِهِ علينا وَأقرهُ بمنه وجوده بَين أظهرنَا فَهُوَ كَمَا قيل
(حلف الزَّمَان ليَأْتِيَن بِمثلِهِ ... حنثت يَمِينك يَا زمَان فَكفر).
الْبركَة الْقدْوَة المجاب الدعْوَة أبي عبد الله سَيِّدي مُحَمَّد بن أَحْمد العياشي أبقى الله بركته وَعظم حرمته وبلغه من خير الدَّاريْنِ أمْنِيته وَأطَال للْمُسلمين عمره وَقواهُ وَجعل الْجنَّة نزله ومأواه مَعَ جمَاعَة من أَعْيَان السَّادة من الشرفاء وَالْفُقَهَاء القادة وَذَلِكَ أواسط ذِي الْحجَّة الْحَرَام متم سَبْعَة وَأَرْبَعين وَألف عَام وَهُوَ رزقنا الله رِضَاهُ بثغر سلا أمنها الله من كل مَكْرُوه وَبلا فاجتمعت إِذْ ذَاك بنجله السعيد الْمُوفق الرشيد الْعَالم الْهمام}}
 
وكان الذي أغرى الحياينة بفاس هو [[أحمد بن زيدان]]، وكانت غاراتها على فاس لم تكن تنقطع واستحلوا فيها النساء والأموال والأنفس حتى خضد العياشي شوكتهم. ويروي الشيخ ميارة أن العياشي جاء لمدينة فاس وغزا عرب الحياينة مرَارًا وأثخن فيهم حَتَّى خضعوا للطاعة.<ref>[[الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى]] جزء 6 / صفحة 85</ref> فأدال العياشي [[محمد الشيخ المأمون بن أحمد|المأمون بن أحمد]] سلطان فاس، وحارب الإسبان والبرتغال وأخضع منطقة الغرب لنفوذه ونظم السفارات فتمكن من ربط علاقات متميزة مع الإنجليز سهلت حصوله على سلاح متطور استخدمه في حصار معمورة.
 
=== قتال الأندلسيين ===
سطر 50:
فقرر محمد العياشي أن يصفي حسابه مع الجالية الأندلسية، فأفتوه رجال الدين بجواز قتالهم، وتردد بعضهم في ذلك، مثل الفقيه [[عبد الواحد بن عاشر]]، إلى أن أتوه بدليل خيانتهم، فأفتى هو الآخر بذلك، واجتمعوا على أن أفراد هذه الجالية خارجون على الأمة محاربون لها مساعدون لأعدائها عليها، فشن العياشي حملة عليهم فقتل منهم كل من ثبتت الحجة عليه، وفر كثير منهم داخل المغرب وخارجه، وأعلن الباقون توبتهم واستعدادهم للتكفير عن خطاياهم، وأعطوه على ذلك العهود والمواثيق.
 
في مايو [[1627|1627م]] تفاوض مع مبعوث ملك إنجلترا، الدبلوماسي [[جون هاريسون (دبلوماسي)|جون هاريسون]] الذي عرض عليه مده بالعتاد ضد [[زيدان الناصر بن أحمد|السلطان زيدان]] واطلاق سراح أسرى إنجليز.<ref name="Andrews 167">{{مرجع كتاب|الأخير=Andrews|الأول=Kenneth R.|العنوانعنوان=Ships, Money and Politics: Seafaring and Naval Enterprise in the Reign of Charles 1|المسارمسار=http://books.google.com/books?id=5tY9AAAAIAAJ&pg=PA167|تاريخ الوصول=18 February 2013|السنةسنة=1991|الناشرناشر=CUP Archive|الرقم المعياري=9780521401166|الصفحاتصفحات=167–}}</ref>
 
وبعد ضبط الأمور مع الأندلسيين، بدأ يعد العدة لجولة أخرى مع الاسبان في [[العرائش]]، فشن عليها حملة وانتصر فيها بعد مناوشات متعددة، قتل في معركتها الفاصلة من الإسبانيين نحو الآلف، وفر الباقون منهم.