فقه إسلامي: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط بوت:إزالة تصنيف عام (3.5) إزالة تصنيف:علوم إسلامية لوجود (تصنيف:علوم شرعية+ تصنيف:علوم القرآن+ تصنيف:أصول الفقه+ تصنيف:فقه مواريث+ تصنيف:فقه إسلامي+ تصنيف:فقه العبادات)) |
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V4.2 (تجريبي) |
||
سطر 1:
{{فقه}}
'''الْفِقْهُ''' في اللغة: الْفَهْمُ للشيء والعلم به، وفهم الأحكام الدقيقة والمسائل الغامضة، وهو في الأصل مطلق الفهم، وغلب استعماله في العرف مخصوصا [[علوم شرعية|بعلم الشريعة]]؛ لشرفها على سائر العلوم،<ref name="مختار الصحاح">مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي. حرف الفاء (فقه). المكتبة العصرية -الدار النموذجية، 1420 هـ/ 1999 م</ref> وتخصيص اسم الفقه بهذا الاصطلاح حادث، واسم الفقه يعم جميع الشريعة التي من جملتها ما يتوصل به إلى معرفة الله ووحدانيته وتقديسه وسائر صفاته، وإلى معرفة أنبيائه ورسله عليهم السلام، ومنها علم الأحوال والأخلاق والآداب والقيام بحق العبودية وغير ذلك.<ref name="الزركشي"/> وذكر [[بدر الدين الزركشي]] قول [[أبو حامد الغزالي|أبي حامد الغزالي]]: «أن الناس تصرفوا في اسم الفقه فخصوه بعلم الفتاوى ودلائلها وعللها» واسم الفقه في العصر الأول كان يطلق على: «علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستلاب الخوف على القلب».<ref>[https://books.google.com/books?id=NuxyyqZ8JSEC&pg=PT98&lpg=PT98&dq=علم+الوجدانيات&source=bl&ots=JZxlBBNDY2&sig=CZXvI9fa5rIMNSDOrROdVNDS81s&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwie9e7M6YjRAhXBPxoKHTPbC_kQ6AEIHjAC#v=onepage&q=%D8%B9%D9%84%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%AA&f=false موسوعة: كشف اصطلحات الفنون والعلوم، لمحمد علي التهانوي ص40 و41.]</ref> وعند الفقهاء: حفظ الفروع وأقله ثلاث مسائل. وعند أهل الحقيقة: الجمع بين العلم والعمل لقول [[الحسن البصري]]: «إنما الفقيه المعرض عن الدنيا، الزاهد في الآخرة، البصير بعيوب نفسه».<ref>{{مرجع كتاب|
وعرف [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] الفقه بالتعريف المشهور بعده عند العلماء بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية».<ref>شرح جمع الجوامع للمحلي، ج1 ص32 ومابعدها، وشرح الإسنوي ج1 ص24، وشرح العضد لمختصر ابن الحاجب، ج1 ص18، ومرآة الأصول ج1 ص50، والمدخل إلى مذهب أحمد، ص58. انظر موسوعة الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي ج1 ص30</ref> وفي اصطلاح علماء [[أصول الفقه]]: «العلم بالأحكام الشرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية».<ref name="الزركشي">البحر المحيط للزركشي، تعريف الفقه ج1 ص30 وما بعدها، دار الكتبي ط14، سنة 1414/ 1994م.</ref> ويسمي عند المتأخرين علم الفقه ويطلق في العصور المتأخرة من [[تاريخ إسلامي|التاريخ الإسلامي]] مخصوصا بالفروع، والفقيه العالم بالفقه، وعند علماء أصول الفقه هو المجتهد. وللفقه مكانة مهمة في الإسلام، حيث دلت النصوص الشرعية على فضله ووجوب التفقه في الدين، وكان من أعلام [[فقهاء الصحابة]] ذوو تخصص في استنباط الأحكام الشرعية، وكانت لهم [[اجتهاد (إسلام)|اجتهاد]]ات ومذاهب فقهية، وأخذ عنهم [[فقهاء التابعين]] في مختلف البلدان، وبذلك بدء [[تأسيس المدارس الفقهية]] في الحجاز والعراق والشام واليمن ومصر، وتلخصت منها [[مذهب (فقه)|المذاهب الفقهية]] وكان أشهرها [[مذهب (فقه)|المذاهب الأربعة]].
وقد كان الفقه بداية التاريخ الإسلامي يطلق على العلم بالأحكام الشرعية عموما، وبعد تطوير الدراسات الفقهية والبحوث العلمية ووضع العلوم وتدوينها كانت الدراسات الفقهية تتضمن: الأصول والفروع والقواعد وتاريخ الدراسة والمدارس الفقهية ومداخل المذاهب و[[مراتب الفقهاء]] و[[مراتب الاجتهاد]] وغيرها. وأصبح الفقه بمعناه الاصطلاحي يطلق على: [[علم فروع الفقه]] وهو أحد أنواع [[علوم شرعية|العلوم الشرعية]]، وهو: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية».<ref>تعريف الفقه، [http://shamela.ws/browse.php/book-437 موسوعة الفقه المصرية] صادر عن وزارة الأوقاف المصرية. {{Webarchive|url=
== تعريف الفقه ==
سطر 25:
=== بالمعنى الاصطلاحي ===
'''الفقه''' في اصطلاح علماء [[أصول الفقه]] هو: «العلم بالأحكام الشّرعيّة العمليّة المكتسب من [[أدلة الفقه|أدلّتها]] التّفصيلة». وعرفه [[أبو إسحاق الشيرازي]] بأنه: «معرفة الأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد»،<ref>اللمع في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي تعريف الفقه</ref> أو هو: «علم كل حكم شرعي بالاجتهاد»، أو «العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال»، أو من طريق أدلتها التفصيلية، وفق أصول فقهية سليمة، واستدلالات منهجية، يتوصل منها إلى معرفة الأحكام الشرعية، المكتسبة من الأدلة التفصيلية.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-37064 خلاصة الجواهر الزكية في فقه المالكية] {{Webarchive|url=
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|والفقه علم كل حكم شرعي|جاء اجتهادا دون نص قطعي.}}
سطر 36:
=== الفقه في الدين ===
'''الفقه في الدين''' في الشرع الإسلامي بمعنى: العلم بأحكام الشرع، وقد أطلق الفقه في العرف بغلبة الاستعمال على معنى الفقه في الدين، أي: المخصوص بكونه في الدين، والدين والشرع والشريعة بمعنى: ما شرعه الله على لسان نبيه من أحكام، وكل ما أتى به الرسول من عند الله. وجاء في القرآن: {{قرآن|ليتفقهوا في الدين}}، أي: ليتعلموا أحكام الدين.<ref>{{مرجع كتاب|
أخرج [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]]: «عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يحدث عن أبيه عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة أئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن الدعوة تحيط من ورائهم».<ref>{{مرجع كتاب|
وأخرج الترمذي أيضا: «عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يحدث عن أبيه قال سمعت النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من سامع». قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله».<ref>{{مرجع كتاب|
=== الفقيه ===
سطر 46:
| align = left
| width = 230
| اقتباس =قال [[الحسن البصري]]: «إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، الدائب في العبادة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم، الناصح لجماعتهم».<ref>[https://books.google.com/books?id=UrJHCwAAQBAJ&pg=PT71&lpg=PT71&dq=إنما+الفقيه+الزاهد+في+الدنيا+كتب+حديث&source=bl&ots=s9geLCdaoE&sig=BK9Di-h97zUa9DTtrzzc17Vsn3g&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiO0I_uopDRAhXRDRoKHQYHBx4Q6AEIJDAF#v=onepage&q=%D8%A5%D9%86%D9%85%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%8A%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A7%D9%87%D8%AF%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7%20%D9%83%D8%AA%D8%A8%20%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB&f=false إحياء علوم الدين]</ref><ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-8216/page-123 كتاب الزهد لابن أبي الدنيا حديث رقم: (123)] {{Webarchive|url=
| المصدر = [http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=78&pid=34277&hid=31 الزهد لنعيم بن حماد باب العزلة]<br />[https://ar.m.wikisource.org/wiki/إحياء_علوم_الدين/كتاب_العلم/الباب_الثالث ويكي مصدر]
}}
سطر 53:
وفي العصور الإسلامية الأولى كان يطلق الفقيه -غالبا- على المتصف بالزهد والورع والصلاح والاستقامة والتقوى والخشية لله، وهذا يتأتى لمن تفقه في الدين، ويؤكد هذا ما نقله العلماء عن [[الحسن البصري]] عن الكلبي قال: رأيت [[الحسن البصري|الحسن]] ب[[مكة]] فسألته عن شيء فلم يجبني، فقلت: نسألكم يا معشر الفقهاء فلا تجيبونا؟ قال: «ويحك وهل رأيت بعينك فقيها قط؟ وهل تدري من الفقيه؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، الدائب في العبادة، البصير بدينه».<ref>الزهد لابن أبي الدنيا الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة الدائب في العبادة، البصير بدينه.</ref> وفي الحديث: «عن [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] رضي الله عنه قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي». متفق عليه».<ref>متفق عليه. ورواه أحمد عنه، وكذا أحمد، والترمذي عن ابن عباس، وابن ماجه عن أبي هريرة.</ref> ومعنى: «من يرد الله به خيرا»: بتنكيره كلمة: خير؛ للتفخيم أي: خيرا كثيرا؛ «يفقهه»: بتشديد القاف أي: يجعله عالما «في الدين» أي: أحكام الشريعة والطريقة والحقيقة، ولا يخص بالفقه المصطلح المختص بالأحكام الشرعية العلمية كما يظن، فعن عمران قال: قلت [[الحسن البصري|للحسن]] يوما في شيء قاله، يا أبا سعيد! هكذا يقول الفقهاء. قال: «ويحك هل رأيت فقيها قط إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بأمر دينه، المداوم على عبادة ربه».<ref>رواه الدارمي انظر: مرقاة المفاتيح للملا علي القاري كتاب العلم ص284.</ref> وفي رواية: «إنما الفقيه من انفقأت عينا قلبه فنظر إلى ربه».
ويؤيده ما في رواية: «من يرد الله به خيرا؛ يفقهه في الدين، ويلهمه رشده». رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود. ثم بين في الحديث أن صفة الفقه في الدين إنما هي منحة من الله لمن يشاء من عبادة في قوله: «وإنما أنا قاسم» أي: للعلم «والله يعطي» أي: يعطي الفهم في العلم بمبناه، والتفكر في معناه، والعمل بمقتضاه. قال الطيبي: الواو في: (وإنما) للحال من فاعل «يفقه» أو مفعوله أي: أنا أقسم العلم بينكم، فألقي إليكم جميعا ما يليق بكل أحد، والله يوفق من يشاء منكم لفهمه. قال ابن حجر: ومن ثم تفاوتت أفهام الصحابة مع استواء تبليغه عليه الصلاة والسلام، بل فاق بعض من جاء بعد الصحابة بعضهم في الفهم والاستنباط كما أشار لذلك الخبر حديث: «رب حامل فقه ليس بفقيه»، و«رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه». قال [[الملا علي القاري|ملا علي القاري]] وقيل: معناه أنا أقسم المال بينكم والله يعطيه، فلا يكون في قلوبكم سخط وتنكر عن التفاضل في القسمة، فإنه أمر الله، والظاهر أن المعنى أنا أقسم العلم بينكم والله يعطي العلم كذا قاله بعض الشراح، والأظهر أن لا منع من الجمع، وإن كان المقام يقتضي العلم والله أعلم. قيل: ولم يقل معط لأن إعطاءه متجدد ساعة فساعة.<ref>{{مرجع كتاب|
== فروع الفقه ==
سطر 73:
{{مفصلة|أصول الفقه}}
{{أصول الفقه2}}
'''أصول الفقه''' مركب من لفظين مفردين بإضافة لفظ: «أصول» إلى لفظ: «الفقه»، ومعنى الأصول باعتباره مفردا هو: "الأدلة الشرعية، التي يعتمد عليها علم الفقه، وتستمد منها أحكامه". و'''أصول الفقه''' بمعناه اللقبي،<ref group=".">معناه اللقبي، أي: المركب الإجمالي، بمعنى: العلم المسمى:«أصول الفقه»</ref> هو: العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.<ref>شرح مختصر الروضة، نجم الدين أبو الربيع سليمان بن سعيد الطوسي، الفصل الأول، تعريف أصول الفقه باعتباره مركبا، ج1 ص120، مؤسسة الرسالة، 1407 هـ/ 1987 م. رابط الكتاب [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=32&bk_no=98&ID=10 مختصر شرح الروضة] {{Webarchive|url=
وأدلة الفقه الإجمالية، تعتمد على [[أدلة الفقه#الكتاب|القرآن]] [[حديث نبوي|والحديث]] فهما الدليلان الذان تعتمد علهما باقي الأدلة الشرعية، ويليهما [[إجماع (فقه)|الإجماع]]؛ لأنه يقوم على أساس من [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]]، ويليه [[قياس (إسلام)|القياس]]، ويعتمد على الأحكام الكلية العامة، من الكتاب والسنة، في الاستدلال به على الأحكام الفرعية التي لم يرد بخصوصها نص في الكتاب والسنة، وفق أحكام وقواعد للاستدلال، فهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة، هي: أصول ثانوية بمعنى: أنها أدلة شرعية يستدل بها المجتهد، عند عدم ظهور الحكم بالأدلة الأربعة، كما أن هذه الأصول الثانوية، مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: [[استصحاب]] الحال، وال[[استحسان]] وهو: الحكم بالأحسن عند عدم وجود نص صريح في المسألة، بشرط أن يكون موافقا للشرع، وألا يخالفه، أو هو العدول عن دليل [[قياس (إسلام)|القياس]] في المسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها لوجه أقوى يقتضي هذا العدول عن المجتهد. و[[مصالح مرسلة|المصالح المرسلة]]: وهي المعاني أو الأمور التي يتم ربط الحكم بها وبناؤه عليها جلب منعفة أو دفع مضرة عن الناس دون أن يوجد نص بخصوص هذا الموضوع، [[عرف (إسلام)|والعرف]]: وهو ما تعارف عليه الناس وألفوه من قول أو فعل تكرر حتى امتزج بأفعالهم وصارت عقولهم تتلقاه بالقبول، وليس في الشرع مايخالفه. وهناك أدلة أخرى مختلف عليها بين الفقهاء بالإضافة إلى أن ما عدا [[إجماع (فقه)|الإجماع]] [[قياس (إسلام)|والقياس]] مختلف أيضاً في حجيتهم. و[[عمل أهل المدينة]] عند [[مالكية|المالكية]]. و[[قول الصحابي]].
سطر 100:
| width = 220
| اقتباس = {{حديث|عن ابن شهاب قال: قال حميد بن عبد الرحمن: سمعت [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] خطيبا يقول: سمعت النبي {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{لون|أخضر|'''من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله'''}}}}.<ref>فتح الباري، شرح صحيح البخاري، ل[[ابن حجر العسقلاني]]، رقم: (71)، ص198. دارالريان للتراث، 1407 هـ/ 1986 م.</ref>
| المصدر = صحيح البخاري.<ref>[http://hadith.al-islam.com/Page.aspx?pageid=192&BookID=24&PID=72 رواه البخاري في صحيحه في كتاب العلم]. {{Webarchive|url=
}}
سطر 121:
==== فضل التفقه في الدين ====
وردت آيات وأحاديث في فضل الفقه والحثّ على تحصيله، ومن ذلك قول الله تعالى: {{قرآن مصور|التوبة|122}}، فقد جعل ولاية الإنذار والدّعوة للفقهاء، وهي وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام.<ref>[http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura9-aya122.html تفسير الطبري]. ([[سورة التوبة]] آية: 122) {{Webarchive|url=
{{حديث|عن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: {{لون|أخضر|نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه}}}}.<ref name="عون المعبود">عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم آبادي، كتاب العلم، (باب فضل نشر العلم)، رقم: (3660) ص75. دار الفكر، 1415 هـ/ 1995 م.</ref>
سطر 136:
ونقل الشرع لازم لعلم الفقه دون العكس، وقد ورد الحث على فهم واستنباط الأحكام الشرعية، والدعاء لمن سمع الحديث النبوي وفهم ووعاه وبلغه، وحامل العلم قد لا يكون ذا فقه كما يدل عليه حديث: {{حديث|عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قام رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} -ب[[الخيف]] من [[منى]]- فقال: {{لون|أخضر|'''نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأولي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من ورائهم'''}}}}.<ref>المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، كتاب العلم (نضر الله وجه امرء سمع مقالتي فوعاها)، رقم: (130)، -302- ج1 ص274، دار المعرفة، 1418 هـ/ 1998 م.</ref> وحامل العلم قد لا يكون فقيها، وقد يحمل الفقه إلى من هو أفقه منه، وقد جاء عن ابن مسعود حديث:
{{حديث|عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "كان عبد الله بن مسعود يمكث السنة لا يقول قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، فإذا قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}؛ أخذته الرعدة ويقول أو هكذا أو نحوه أو شبهه، وقال صَلَوَات اللَّه وسلامه عليه: '''"نَضَّرَ اللَّهُ امْرَء سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه"'''}}.<ref>الإلماع إلى علم أصول الرواية، للقاضي عياض، رقم الحديث: (95).</ref>
<ref>[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=781&hid=95&pid=164312 الإلماع إلى علم أصول الرواية] {{Webarchive|url=
قال العيني: رب للتقليل لكنه كثر في الاستعمال للتكثير بحيث غلب حتى صارت كأنها حقيقة فيه. و"حامل فقه" أي: علم قد يكون فقيها ولا يكون أفقه فيحفظه ويبلغه "إلى من هو أفقه منه" فيستنبط منه ما لا يفهمه الحامل.
"حامل فقه" أي: علم. "ليس بفقيه" لكن يحصل له الثواب لنفعه بالنقل، وفيه دليل على كراهية اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه؛ لأنه إذا فعل ذلك فقطع طريق الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم، وفي ضمنه وجوب التفقه، والحث على استنباط معاني الحديث، واستخراج المكنون من سره.<ref group=".">قال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن، وأخرجه ابن ماجه من حديث عباد الأنصاري عن زيد بن ثابت.</ref><ref name="عون المعبود2"/>
وفي صحيح [[سنن أبي داود]]، و[[سنن الترمذي]]: {{حديث|عن [[زيد بن ثابت|زيد ابن ثابت]]، قال: سمعت رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} يقول: "{{لون|أخضر|نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه}}"}}.<ref>:رواه [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] [http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=184&hid=3177&pid=116259 وأبو داود]. {{Webarchive|url=
== تاريخ الفقه ==
=== نشأة الفقه في العصر النبوي ===
نشأ الفقه في الدين منذ بداية الدّعوة الإسلامية، وكان الصحابة يتعلمون الأحكام الشرعية ويتفقهون في دين الله خلال العصر النبوي الذي اختص بنزول الوحي فيه، حتى اكتمل الدين.<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1489&idto=1489&bk_no=50&ID=1497 تفسير الطبري] محمد بن جرير الطبري، ج9 ص518 إلى 521. {{Webarchive|url=
وقد كان الاجتهاد في العصر النبوي قليل الوقوع في بعض الظروف، وكان في نزول الوحي ما يؤيده أو يبين حكمه. قال في البحر: {{اقتباس مضمن|واختلف في علم النبي {{صلى الله عليه وسلم}} الحاصل عن اجتهاد، هل يسمى فقها؟ والظاهر أنه باعتبار أنه دليل شرعي للحكم لا يسمى فقها، وباعتبار حصوله عن دليل شرعي يسمى فقها اصطلاحا}}.<ref>رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر ابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص37، طبعة: (د.ط)، دار الكتب العلمية، 1412 هـ/ 1992 م.</ref> <ref group=".">الأنفال 67 المائدة 3</ref>
=== خصائص فقهاء الصحابة ===
اختص [[فقهاء الصحابة]] بمميزات مثل: طول الصحبة وكثرة المجالسة والأخذ، وفهم نصوص الشرع، وقوة الفهم والذكاء، والتوفيق والإلهام من الله لمن أراد له الخير وفقهه في الدين، وثبوت المكانة العلمية لبعضهم بنصوص الشرع مثل حديث: «أفرضكم زيد»،{{هامش|9}}: الحديث: {{حديث|عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: «{{لون|أخضر|أرحم أمتي بأمتي [[أبو بكر الصديق|أبو بكر]]، وأشدها في دين الله [[عمر (توضيح)|عمر]]، وأصدقها حياء [[عثمان (اسم)|عثمان]]، وأعلمها بالحلال والحرام [[معاذ بن جبل|معاذ ابن جبل]]، وأقرؤها لكتاب الله عز وجل [[أبي بن كعب|أبي]]، وأعلمها بالفرائض [[زيد بن ثابت|زيد ابن ثابت]]، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة [[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة ابن الجراح]]»}}}}.<ref>رواه أحمد وابن ماجه والترمذي والنسأئي. [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=11&ID=&idfrom=1022&idto=1044&bookid=11&startno=0 التلخيص الحبير] {{Webarchive|url=
=== في زمن الخلفاء الراشدين ===
سطر 210:
أشهر فقهاء الطبقة الأولى من [[فقهاء الصحابة]] في اليمن: [[علي بن أبي طالب]] و[[أبو موسى الأشعري]] و[[معاذ بن جبل]]، ثم [[فقهاء التابعين]] في باليمن واشتهر منهم:[[طاووس بن كيسان|طاوس بن كيسان]] اليماني، و[[عطاء بن مركبوذ]]،<ref>طبقات ج1 ص73</ref><ref>[https://books.google.com/books?id=S8JJCwAAQBAJ&pg=PT188&lpg=PT188&dq=عطاء+بن+مركبوذ&source=bl&ots=1bgjxLoEAv&sig=cG89LmgkpdCsID9u-0UIK4dbyHU&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwi7mfDlz7rPAhXF2hoKHe5oDSUQ6AEIKjAG#v=onepage&q=%D8%B9%D8%B7%D8%A7%D8%A1%20%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%A8%D9%88%D8%B0&f=false الثقات ج5 ص206]</ref> وأبو الأشعث [[أبو الأشعث الصنعاني|شراحيل بن شرحبيل]] الصنعاني،<ref>[https://books.google.com/books?id=zCRICwAAQBAJ&pg=PT225&lpg=PT225&dq=شراحيل+بن+شرحبيل&source=bl&ots=xhGjejHQPO&sig=_PlvpxoLvUaABbWmu96UWAxHDHk&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwig4bXU0rrPAhVHOhoKHWLLAgsQ6AEIJjAE#v=onepage&q=%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D9%84%20%D8%A8%D9%86%20%D8%B4%D8%B1%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D9%84&f=false إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال لابن مغلطاي، ج6 ص226 من اسمه شراحيل وشرحبيل].</ref> نزل دمشق ومات بها، و[[حنش بن عبد الله الصنعاني]]، و[[وهب بن منبه]].
واشتهر من [[فقهاء التابعين]] بالشام والجزيرة: [[أبو إدريس الخولاني]] و[[شهر بن حوشب]] الأشعري، ثم انتقل الفقه إلى طبقة ثانية ومنهم: [[عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي|عبد الله بن أبي زكريا]].<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=841&bk_no=60&flag=1 عبد الله بن أبي زكريا] {{Webarchive|url=
ثم انتقلت الفتوى بالشام إلى: [[عبد الرحمن الأوزاعي|الأوزاعي]] و[[سعيد بن عبد العزيز التنوخي]].<ref>[https://ar.m.wikisource.org/wiki/سير_أعلام_النبلاء/سعيد_بن_عبد_العزيز سير أعلام النبلاء للذهبي (ويكي مصدر)] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181003113703/https://ar.m.wikisource.org/wiki/سير_أعلام_النبلاء/سعيد_بن_عبد_العزيز |date=10 2يناير8 }}</ref> ومنهم: [[يزيد بن يزيد بن جابر]]، و[[عبد الرحمن بن يزيد بن جابر]]،<ref>طبقات الفقهاء للشيرازي ج1 ص76</ref> وأبو الهذيل [[محمد بن الوليد بن عامر]] الزبيدي، و[[يحيى بن يحيى الغساني]] وكان مفتي أهل دمشق. وثبتت الفتيا بالشام على مذهب الأوزاعي و[[سعيد بن عبد العزيز التنوخي|سعيد بن عبد العزيز]]. ومن فقهاء التابعين بالجزيرة: [[ميمون بن مهران]].
سطر 221:
==== فقهاء الكوفة ====
[[ملف:Mihrab in the Kufa Mosque.jpg|تصغير|200بك|محراب [[مسجد الكوفة]]]]
مدرسة الكوفة بالعراق: واشتهرت بفقه [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] وهو من كبار [[فقهاء الصحابة]]، ومن أكثرهم فقها للكتاب والسنة، وملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نصت على ذلك كتب التراجم، وثبت بنص [[حديث نبوي|الحديث]] الأمر بأن يؤخذ عنه.<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=7388&idto=7401&bk_no=56&ID=2045 شرح سنن الترمذي] المناقب. {{Webarchive|url=
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|وابن مسعود الذي سرج القر|ية أصحابه ذوو الأحلام}}
{{نهاية قصيدة}}
ثم انتقل الفقه إلى طبقة أخرى منهم: [[الشعبي (توضيح)|الشعبي]]،<ref>طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي ج1 ص: 81.</ref> و[[سعيد بن جبير]] و[[إبراهيم بن يزيد النخعي|إبراهيم النخعي]].<ref>طبقات الفقهاء، للشيرازي ج1 ص: 82.</ref> ثم انتقل الفقه بعد ذلك إلى طبقة أخرى منهم: [[الحكم بن عتيبة]]،<ref>[[طبقات الفقهاء]] للشيرازي ج1 ص:82.</ref> و[[حماد بن أبي سليمان]] تفقه بإبراهيم النخعي، وأخذ أبو حنيفة عنه الفقه. و[[حبيب بن أبي ثابت]]، و[[الحارث بن يزيد العكلي]]،<ref>تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني، ج2 ص163</ref> و[[مغيرة بن مقسم الضبي|المغيرة بن مقسم الضبي]] وأبو معشر زياد بن كليب بن تميم الحنظلي،<ref>تهذيب الكمال للمزي ج3 ص382</ref> والقعقاع بن يزيد،<ref>في متن ع ط: القعقاع بن حكيم؛ وجاء في هامش ع: في نسخة قد ضرب على حكيم وفوقه (يزيد) وقد جاء بعده ما يصدقه، وهناك من اسمه القعقاع بن حكيم (ابن سعد 6: 226 والتهذيب 8: 383) ولكنه من أهل المدينة.</ref> و[[سليمان بن مهران الأعمش|الأعمش]]،<ref>أبو بكر محمد سليمان بن مهران مولى بني كاهل، مات سنة 148 (المعارف: 489).</ref> و[[منصور بن المعتمر]]،<ref>يكنى منصور أبا عتاب، كان حبشيا، وتوفي سنة 132 (المعارف: 474).</ref> أخذوا العلم عن [[الشعبي (توضيح)|الشعبي]] [[النخعي (توضيح)|والنخعي]].<ref>[[طبقات الفقهاء]] لأبي إسحاق الشيرازي، ج1 ص83 و84.</ref> [[عبد الله بن شبرمة|وابن شبرمة]] [[محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى|وابن أبي ليلى]] ثم حصل الفقه والفتيا في: [[سفيان الثوري]].<ref>[[طبقات الفقهاء]] لأبي إسحاق الشيرازي، ج1 ص84</ref> ونقل عنه أبو إسحاق [[أبو إسحاق الفزاري|إبراهيم بن محمد الفزاري]] و[[عبد الله بن المبارك]] وحسان بن عبيد، وزيد بن أبي الزرقاء،<ref>[https://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=1542&bk_no=60&flag=1 سير أعلام النبلاء ج9 ص316 و317] {{Webarchive|url=
==== فقهاء البصرة ====
سطر 246:
==== فقهاء الأندلس والمغرب ====
بعد انتشار الإسلام في الشام ومصر في عصر الخليفة [[عمر بن الخطاب]] ثم في أفريقية في عصر الخليفة [[عثمان بن عفان]]، ثم الأندلس والمغرب في عصر [[الدولة الأموية]] كان هناك جهود بارزة لأعلام الفقه بدء من [[فقهاء الصحابة]] ثم [[فقهاء التابعين]].<ref>الرابطة المحمدية العليا بالمغرب مجلة الأحياء. [http://www.alihyaa.ma/Revue.aspx?C=5573&N=5556 الصحابة الكرام في التراث المغربي الأندلسي] {{Webarchive|url=
== المذاهب الفقهية ==
{{انظر أيضا|المذاهب الفقهية}}
المذاهب الفقهية هي مدارس فقهية تهتم بصفة أساسية بـ[[علم فروع الفقه]]، والمذهب لغة مكان الذهاب وهو الطريق، والذهاب: السير والمرور، والمذهب: مصدر كالذهاب، ويطلق على المعتقد الذي يذهب إليه.<ref>لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ابن منظور)، ج6، ص48 و49، حرف الذال ذهب، دار صادر سنة النشر: 2003م</ref> واصطلاحا: الأحكام التي اشتملت عليها المسائل. سميت كذلك؛ لأنها توصل إلى المعاد كما أن مكان الذهاب طريق يوصل إلى المعاش، أو؛ لأن الأفكار تتردد في تلك الأحكام، كما أن الأجسام تتردد في الطريق.<ref>حاشية الشرواني على التحفة ج1 ص38</ref> والمذهب عند علماء الفقه يطلق في الحقيقة على ما ذهب إليه إمام المذهب من الاختيارات والأحكام، ثم أطلق في الاصطلاح على ما يشمل تخريجات أصحاب إمام المذهب [[مجتهد التخريج|مجتهدي التخريج]] في مذهب إمامه.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-23611/page-32#page-38 المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد] {{Webarchive|url=
يعد القرن الهجري الأول أفضل القرون الثلاثة الهجرية، حيث أنه يمثل الأصل الأصيل لعلوم الشريعة كلها، وكان رواده أعلام الصحابة الذين نقلوا الشرع، وأسسوا مذاهب الفقه، وكان كل من جاء بعدهم عالة عليهم في الأخذ عنهم. ويعد القرن الثاني والثالث من الهجرة النبوية بمثابة العصر الذهبي لصياغة المذاهب الفقهية وتدوين أصولها وقواعدها، واشتهرت في الحجاز مدرسة أهل الحديث في المدينة المنورة، وكان أشهر أعلامها [[زيد بن ثابت]] ثم [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|عبد الله بن عمر]] ثم [[سعيد بن المسيب]]، ثم تلخص فقه هذه المدرسة بظهور [[مالك بن أنس|الإمام مالك]] مؤسس المذهب المالكي. واشتهرت في العراق مدرسة أهل الرأي في الكوفة، ومن أشهر أعلامها [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] ثم [[إبراهيم بن يزيد النخعي|إبراهيم النخعي]] ثم [[حماد بن أبي سليمان]] ثم تلميذه الإمام [[أبو حنيفة النعمان]] مؤسس المذهب الحنفي. واشتهر من المدرستين ومن مدرسة مكة [[محمد بن إدريس الشافعي|الإمام الشافعي]] مؤسس المذهب الشافعي. واشتهر من مدرسة بغداد ومدرسة أهل الحديث الإمام [[أحمد بن حنبل]] مؤسس المذهب الحنبلي.
سطر 275:
مذهب الزيدية هو مذهب فقهي نسبة إلى مؤسسه [[زيد بن علي]] زين العابدين بن الحسين المتوفى سنة ([[122 هـ]])، الذي يعد مذهباً خامساً بجانب المذاهب الأربعة. وقد كان [[زيد بن علي]] إماماً [[مجتهد مستقل|مجتهدا]] في عصره، صاحب دراية بعلوم القرآن والقراءات وأبواب الفقه، وكان يسمى بـ: «حليف القرآن» وله كتاب «المجموع في الفقه»، <ref group=".">كتاب المجموع في الفقه مؤلفه: زيد ابن علي، يعد أقدم كتاب فقهي هو (المجموع) في الفقه، مطبوع في إيطاليا، وشرحه العلامة شرف الدين الحسين بن الحَيْمي اليمني الصنعاني المتوفى عام [[1221 هـ]] في كتاب (الروض النضير، شرح مجموع الفقه الكبير) في أربعة أجزاء. وأبو خالد الواسطي هو راوي أحاديث المجموع وجامع فقه زيد. ويقال: إن كتبه (15) كتاباً، منها المجموع في الحديث. لكن نسبة هذه الكتب إليه مشكوك فيها.</ref> يعد من أقدم الكتب في الفقه.<ref>الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي ج1 ص56 و57</ref> والزيدية: هم الذين جعلوا الإمامة بعد علي زين العابدين إلى ابنه زيد مؤسس هذا المذهب. وقد بويع لزيد بالكوفة في أيام هشام بن عبد الملك، فقاتله يوسف بن عمر، حتى قتل. وكان زيد يفضل علي بن أبي طالب على سائر [[صحابة|الصحابة]]، ويتولى أبا بكر وعمر، ويرى الخروج على أئمة الجور، ولا يطعن في أحد من الصحابة، وقد أنكر على من طعن على أبي بكر وعمر من أتباعه، فتفرق عنه الذين بايعوه، فقال لهم: رفضتموني، فسموا (الرافضة) لقول زيد لهم: (رفضتموني). ثم خرج ابنه يحيى بعده في أيام الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فقتل أيضاً. والزيدية منسوبة لزيد، لقولهم بإمامته، وإن لم يكونوا على مذهبه في الفروع الفقهية، بخلاف الحنفية والشافعية مثلاً، فهم يتابعون الإمام في الفروع.<ref>الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي ج1 ص58.</ref>
ويعد مذهب الزيدية أقرب المذاهب الشيعية إلى مذهب أهل السنة، ويميل الفقه الزيدي إلى فقه أهل العراق وخصوصا فقه الحنفية، ولايختلف كثيراً في عهد ظهور الزيدية الأولى عن فقه أهل السنة، ويخالفون في مسائل معروفة منها: عدم مشروعية المسح على الخفين، وتحريم ذبيحة غير المسلم، وتحريم الزواج بالكتابيات، مستدلين بقوله تعالى: {{قرآن|[[قالب:قرآن-سورة 60 آية 10|وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ]]}}.<ref>[[سورة الممتحنة]]، [[قالب:قرآن-سورة 60 آية 10|آية رقم: 10]].</ref><ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4049&idto=4049&bk_no=61&ID=4110 التحرير والتنوير] {{Webarchive|url=
=== الإمامية ===
سطر 285:
== الاجتهاد ==
{{انظر أيضا|اجتهاد}}
'''الاجتهاد''' عند علماء [[أصول الفقه]] هو «بذل الجهد في إدراك الأحكام الشرعية» أو هو: «بذل الجهد في تعرف [[الحكم الشرعي]]" ويقابله: [[تقليد (إسلام)|التقليد]].<ref>شرح مختصر الروضة، نجم الدين أبو الربيع سليمان الطوسي، ج3 ص575 الاجتهاد،[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=682&idto=683&bk_no=98&ID=33شرح مختصر الروضة]</ref> والاجتهاد إما تام أو ناقص، فالتام هو: «استفراغ القوة النظرية حتى يحس الناظر من نفسه العجز عن مزيد طلب»، والناقص هو: «النظر المطلق في تعرف الحكم». وهناك شروط وتفاصيل مذكورة في علم أصول الفقه.<ref name="الموافقات للشاطبي">الموافقات للشاطبي (كتاب الاجتهاد) ج5 ص5 وما بعدها [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=372&idto=406&bk_no=99&ID=487 الموافقات] {{Webarchive|url=
قال الخطابي: لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب أو سنة، بل أراد رد القضية إلى معنى [[القرآن|الكتاب]] [[حديث نبوي|والسنة]] من طريق [[قياس (إسلام)|القياس]] وفي هذا إثبات للحكم بالقياس. قال الطيبي: «فيه استصواب منه {{صلى الله عليه وسلم}} لرأيه في استعماله» وهذا معنى قولهم: كل مجتهد مصيب، ولا ارتياب أن المجتهد إذا كدح في التحري وأتعب القريحة في الاستنباط استحق أجرا لذلك، وهذا بالنظر إلى أصل الاجتهاد، فإذا نظر إلى الجزئيات، فلا يخلو من أن يصيب في مسألة من المسائل، أو يخطيء فيها، فإذا أصاب ثبت له أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن أخطاء فله أجر واحد هو أجر الاجتهاد ولا شيء عليه في في الخطأ.<ref>مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري. كتاب الإمارة والقضاء، باب العمل في القضاء والخوف منه، رقم: (3737) ص: 2428 و2429، دار الفكر، سنة: 1422 هـ/ 2002 م</ref>
سطر 297:
=== مفهوم القول بالرأي في الاجتهاد ===
لا يكون الاجتهاد إلا فيما يعرض من إشكالات وفيما هو غامض أو من الدقائق الخفية عند عدم وجود نص شرعي يدل عليه بعينه، ولا يكون الاجتهاد بالرأي إلا في هذه الحالة، فلا رأي في ثبوت نص ثابت، ولا في أمر مجمع عليه، والمقصود بالرأي في الحكم الشرعي: المستند إلى دليل شرعي ووفق شروط مخصوصة لل[[اجتهاد (إسلام)|اجتهاد]]. أما إذا كان مجرد رأي عادي فهو موصوف بالخطأ دائما، وعليه يحمل قول [[علي بن أبي طالب]]: {{اقتباس مضمن|لو كان الدين بالرأي لكان مسح الخف من أسفله أولى بالمسح من أعلاه..}}.<ref>حاشية الزرقاني على الموطأ [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=153&idto=156&bk_no=77&ID=22 شرح الموطأ] {{Webarchive|url=
=== مراتب الاجتهاد ===
سطر 303:
'''مراتب الاجتهاد''' هي درجات ومراتب علمية محددة في [[فقه إسلامي|الفقه]] [[أصول الفقه|وأصوله]]، ويقصد بها ترتيب المستويات العلمية للمجتهدين ودرجاتهم. وقد ذكر علماء الشرع الإسلامي مراتب الفقهاء، وبينوا خصائص كل صنف من المجتهدين وشروطه في الاجتهاد، كما قسم العلماء مراتب المجتهدين إلى قسمين أساسيين وهما: المجتهد المستقل وغير المستقل، فالمجتهد المستقل أو المجتهد المطلق المستقل، هو الذي بلغ رتبة [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]] في جميع أبواب الشرع وفق شروط محددة لذلك، وتعد رتبة المجتهد المستقل من أعلى [[مراتب الاجتهاد]]، فالمستقل ك[[الأئمة الأربعة]]، وغير المستقل هو المنتسب إلى مذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية.<ref>أدب المفتي والمستفتي ل[[ابن الصلاح]]، ج1 ص21 إلى ص25.</ref> وقد فقد الاجتهاد المستقل في القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا اجتهاد المنتسبين إلى المذاهب الفقهية، الذين عملوا في استكمال بناء المذاهب الفقهية، حتى نضج [[علم فروع الفقه]] خصوصا في العصور المتأخرة، فالمسائل والأحكام الفقهية ومعاقد الإجماع أصبحت مقررة، والفقهاء بعد الانتهاء من تمهيد الأحكام مقلدون لأئمة مذاهبهم في الأحكام المفروغ منها.
قال [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]: وقد نص العلماء ك[[ابن الصلاح]] و[[يحيى بن شرف النووي|النووي]] وغيرهما على وجود اختلاف بين [[مراتب الاجتهاد]]، وأنه من دهر طويل فقد المجتهد المستقل، ولم يبق إلا المجتهدون المنتسبون إلى المذاهب.<ref>إرشاد المهتدين ج1 ص14</ref> وقرروا أن المجتهدين أصناف: مجتهد مطلق مستقل، ومجتهد مطلق منتسب إلى إمام من الأئمة، كالمنتسبين إلى [[الأئمة الأربعة]]، ومجتهد مقيد.<ref>[http://islamport.com/w/usl/Web/3359/14.htm إرشاد المهتدين] ج1 ص14 {{Webarchive|url=
=== الإفتاء ===
سطر 328:
=== الفقه والقانون ===
تعتمد قوانين الدول العربية والإسلامية في المجالات الشرعية على علم الفقه، ففي [[علم فروع الفقه]] حصيلة علمية واسعة يأخذ منها علماء التقنين. والقوانين الوضعية التي تنظم سلوك الفرد داخل الجماعة. والشرع الإسلامي منهج متكامل ونظام دقيق يصلح لكل زمان ومكان، لا يماثل القانون ولا يرتقي إلى مستواه مهما كان، ولا يصح قياسه به، فالشرع من عند الله، أما القانون فهو من صنيع البشر ووضعهم، وشرع الله متكامل ودقيق، والنقص والعجز والضعف وقلة الحيلة من صفات البشر. والشرع قواعد شرعها الله تعالى على سبيل الدوام لتنظيم شؤون الجماعة، ولا تقبل التغيير والتبديل، أما القانون فهو قواعد مؤقتة تضعها الجماعة لتنظيم شؤونها وسد حاجاتها. ويعرض لها التغير كلما تغيرت حال الجماعة، فالبشر يضعون القانون خاضعا لتوجهاتهم وعاداتهم وقد يتغيّر بتغيّر الأحول، وما شرعه الله بالوحي لا يتغير؛ لما فيه من الإحكام والإتقان.<ref>تفسير ابن جرير [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3010&idto=3010&bk_no=50&ID=3030 الطبري ج17 ص452] -- [http://www.nourallah.com/tafseer.asp?SoraID=2&AyaOrder=39 تفسير الشعراوي] {{Webarchive|url=
=== الفقه المقارن ===
|