الحرب الباردة: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
بندر (نقاش | مساهمات)
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:إصلاح وصلات الأخطاء الإملائية
سطر 9:
خلال هذه الفترة، ظهرت الندية بين القوتين العظميين خلال التحالفات العسكرية والدعاية وتطوير الأسلحة والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي. ولقد اشتركت القوتين في انفاق كبير على الدفاع العسكري والترسانات النووية وحروب غير مباشرة – باستخدام وسيط.
 
في ظل غياب حرب معلنة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي قامت القوتان بالاشتراك في عمليات بناء عسكرية وصراعات سياسية من أجل المساندة. على الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى كانا [[قواتحلفاء الحلفاء (الحرب العالمية الثانية)|حلفاء]] ضد [[قوات دول المحور|قوات المحور]] إلا أن القوتين اختلفتا في كيفية إدارة ما بعد الحرب وإعادة بناء العالم. خلال السنوات التالية للحرب، انتشرت الحرب الباردة خارج أوروبا إلى كل مكان في العالم.
حيث سعت الولايات المتحدة إلى سياسات المحاصرة والاستئصال للشيوعية وحشد الحلفاء خاصة في أوروبا الغربية والشرق الأوسط. خلال هذه الأثناء، دعم [[الاتحاد السوفيتي]] الحركات الشيوعية حول العالم خاصة في [[أوروبا]] الشرقية وأمريكا اللاتينية ودول جنوب شرق [[آسيا]].
 
صاحبت فترة الحرب الباردة عدة أزمات دولية مثل أزمة [[حصار برلين]] [[1948]]–[[1949]] و[[الحرب الكورية]] [[1950]]–[[1953]] و[[حصار برلين|أزمة برلين]] عام [[1961]] و[[حرب فيتنام]] [[1956]]–1975 و[[الحرب السوفيتية في أفغانستان|الغزو السوفييتي لأفغانستان]] وخاصة [[أزمة صواريخ كوبا|أزمة الصواريخ الكوبية]] [[1962]] عندها شعر العالم أنه على حافة الانجراف إلى حرب عالمية ثالثة. آخر أزمة حدثت خلال تدريبات قوات [[حلف شمال الأطلسي|الناتو]] 1983. شهدت الحرب الباردة أيضاً فترات من التهدئة عندما كانت القوتين تسعيان نحو التهدئة. كما تم تجنب المواجهات العسكرية المباشرة لأن حدوثها كان سيؤدى إلى دمار محتم لكلا الطرفين بسبب [[سلاح نووي|الأسلحة النووية]].
 
اقتربت الحرب الباردة من نهايتها أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. بوصول الرئيس الأمريكي [[رونالد ريغان]] إلى السلطة ضاعفت الولايات المتحدة ضغوطها السياسية والعسكرية والاقتصادية على الاتحاد السوفيتي. في النصف الثاني من الثمانينات، قدم القائد الجديد للاتحاد السوفيتي [[ميخائيل غورباتشوف]] مبادرتي بيريستوريكا - إصلاحات اقتصادية – وغلاسنوت – مبادرة اتباع سياسات أكثر شفافية وصراحة. لينهار [[الاتحاد السوفيتي]] عام [[1991]] تاركا ً [[الولايات المتحدة]] القوة العظمى الوحيدة في عالم أحادي القطب.
سطر 18:
== أصل المصطلح ==
هي حالة من الصراع والتوتر بين المعسكرين بقيادة الأمريكان من جهة والسوفييت من جهة أخرى، وقد أستخدم اللفظ لأول مرة من طرف الملك الإسباني خوان إيمانويل في القرن 14 ثم الاقتصادي الأمريكي برنارد باروش في بداية [[1947]] ثم أصبح شائع مع الصحفي ولتر ليمان.
لا يوجد توافق بين المؤرخين فيما يتعلق ببداية الحرب الباردة. فبينما يقول معظم المؤرخين أنها بدأت بعد [[الحرب العالمية الثانية]] فورا، يقول بعض المؤرخون أنها بدأت في نهاية [[الحرب العالمية الأولى]]. على الرغم من أن المشكلات بين [[إمبراطورية روسية|الإمبراطورية الروسية]] و[[إمبراطورية بريطانية|الإمبراطورية البريطانية]] والولايات المتحدة تعود إلى منتصف [[القرن 19|القرن التاسع عشر]]، إلا أن الخلاف في وجهات النظر بين [[شيوعية|الشيوعية]] و[[رأسمالية|الرأسمالية]] يعود إلى عام [[1917]]، عندما انطلق [[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفيتى]] من [[الثورة الروسية (1917)|الثورة الروسية]] كأول دولة شيوعية في العالم. هذا أدى إلى جعل [[العلاقات الأمريكية الروسية]] مصدر قلق ومشكلات لفترة طويلة.
 
أدت العديد من الأحداث إلى نمو الشك وعدم الثقة بين (الولايات المتحدة) و[[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفيتى]] مثل: التحدى البلشيفكى للرأسمالية –من خلال عمليات إسقاط عنيفة للنظم الرأسمالية واستبدالها بنظم شيوعية-، وانسحاب [[روسيا]] من [[الحرب العالمية الأولى]] عن طريق عقد معاهدة بريست ليتوفسك مع [[ألمانيا]]، وتدخل الولايات المتحدة في روسيا لدعم [[الحركة البيضاء]] خلال [[الحرب الأهلية الروسية]]، ورفض الولايات المتحدة الاعتراف بالاتحاد السوفيتى حتى عام [[1933]].
 
أحداث أخرى حدثت في الفترة ما بين الحربين أدت إلى تعميق مناخ عدم الثقة المتبادل مثل: معاهدة رابللو والاتفاق على عدم الاعتداء بين [[ألمانيا]] و[[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفيتى]].
 
== نشأة المصطلح ==
سطر 44:
خلال جهودهم المشتركة في المجهود الحربي من [[1941]]، بدأ السوفيت يشتبهون بقوة في أن البريطانيين والأميركيين قد تآمروا لترك السوفييت يتحملون العبء الأكبر من المعركة ضد [[ألمانيا النازية]]. ووفقا لهذا الرأي، فإن {{المقصود|الحلفاء|الحلفاء}} الغربيين اشتركوا في الصراع في آخر لحظة من أجل التأثير على التسوية السلميه والسيطرة على [[أوروبا]]. وهكذا فإن العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والغرب تحولت إلى حالة من العداء الخفى.
 
بعد الحرب، توافق {{المقصود|الحلفاء|الحلفاء}} على الشكل الذي يجب أن تكون عليه خريطة أوروبا، وطريقة ترسيم الحدود. كل من الجانبين، كان يحمل آراء مختلفة عن طرق التأسيس وحماية [[سلام (مصطلح)|السلام الدولي]] في فترة ما بعد الحرب. مفهوم الأمريكان عن الأمن يعتبر أنه في حالة انتشار النموذج الأمريكي سياسيا واقتصاديا فإن الدول في هذه الحالة تستطيع حل خلافاتها في سلام عن طريق [[منظمة دولية|المنظمات الدولية]]. بينما اعتمد النموذج السوفيتى على التكامل مع حدودهم. تبنت روسيا هذا المفهوم بناء على تجاربها التاريخية حيث ظلت تتعرض للغزو من الغرب على مدى 150 سنة. الدمار الضخم الذي خلفه الألمان على الاتحاد السوفييتي لم يكن له مثيل سواء في خسائر الأرواح (حوالي 27 مليون شخص) أو مدى الدمار. اهتمت موسكو بأن يضمن النظام الجديد في [[أوروبا]] الأمن السوفيتى لفترة طويلة وسعت إلى القضاء على أي فرصة لقيام حكومة معادية على حدودها الغربية عن طريق التحكم في حكومات هذه الدول. [[بولندا]] بالذات كانت مشكلة مقلقة. في أبريل عام [[1945]]، قام [[ونستون تشرشل|تشرشل]] والرئيس الأمريكي الجديد [[هاري ترومان|ترومان]] بالاعتراض على قرار السوفيت لدعم حكومة لبلن والتي كان يتحكم فيها السوفيت ضد الحكومة البولندية في المنفى التي كانت على علاقة سيئة بالاتحاد السوفيتى.
[[ملف:Yalta summit 1945 with Churchill, Roosevelt, Stalin.jpg|تصغير|ستالين وروزفلت وتشرشل في مؤتمر يالتا]]
 
في [[فبراير]] [[1945]]، عقد الحلفاء مؤتمر (يالتا) ليحاولوا تجديد مسار عمل لتسوية ما بعد الحرب في أوروبا لكنهم فشلوا في إيجاد توافق حقيقى فيما بينهم. في أبريل [[1945]] حذر وزير الدعاية الألمانى [[يوزف غوبلز|جوزيف غوبلز]] من أن " ستار حديدى " سينتشر في أوروبا. بعد انتصار {{المقصود|الحلفاء|الحلفاء}} في مايو، احتل السوفيت [[أوروبا الشرقية]]، بينما احتلت [[الولايات المتحدة]] وحلفاؤها [[أوروبا الغربية]]. في ألمانيا المحتلة، قامت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى بالاشتراك مع بريطانيا و[[فرنسا]] بإقامة أربعة مناطق تحكم كل دولة منطقة من هذه المناطق. قام {{المقصود|الحلفاء|الحلفاء}} بإنشاء [[الأمم المتحدة]] للحفاظ على السلام الدولي لكن [[مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة|مجلس الأمن]] لم يكن فعالا ً بما فيه الكفاية بسبب استخدام القوى العظمى [[حق النقضالفيتو|الفيتو]]، مما جعل [[الأمم المتحدة]] تتحول إلى مجرد مكان للجدال وإلقاء الخطابات وهذا ما فهمه السوفيت.
 
شعر رئيس وزراء بريطانيا ونستون [[ونستون تشرشل|تشرشل]] بالقلق بسبب ضخامة حجم القوات السوفيتية المنتشرة في أوروبا في نهاية الحرب، وتصور ان الزعيم السوفيتي [[جوزيف ستالين]] لا يمكن الاعتماد عليه، مما أدى إلى تواجد التهديد السوفيتي إلى [[أوروبا الغربية]]. في نيسان / أبريل - ايار / مايو [[1945]]، وضعت اللجنة البريطانية لشؤون الحرب والتخطيط خطة أطلقت عليها " عملية الغير متوقع "تقضى هذه الخطة "أن يتم فرض إرادة الولايات المتحدة وبريطانيا على روسيا"، إلا أنه تم رفض الخطة لأنها غير ممكنة عسكريا.
 
== عقيدة الدمار المتبادل المؤكد (MAD) ==
سطر 72:
=== مؤتمر بوتسدام وهزيمة اليابان ===
[[ملف:L to R, British Prime Minister Winston Churchill, President Harry S. Truman, and Soviet leader Josef Stalin in the... - NARA - 198958.jpg|220px|تصغير|يسار|ونستون تشرشل وهاري ترومان وجوزيف ستالين في مؤتمر بوتسدام عام 1945.]]
ظهرت خلافات خطيرة في [[مؤتمر بوتسدام]] - الذي بدأ في أواخر يوليو بعد استسلام [[ألمانيا]] - حول مستقبل ألمانيا وبقية [[أوروبا الوسطى]] و[[أوروبا الشرقية|الشرقية]]. علاوة على ذلك، ساهم تصاعد لغة الكرهية والعدوانية للمشاركين في تأكيد شكوكهم حول النوايا العدوانية لبعضهم البعض وترسيخ مواقفهم.<ref>Alan Wood, p. 62</ref> أبلغ [[هاري ترومان|ترومان]] - في هذا المؤتمر [[جوزيف ستالين|ستالين]] أن [[الولايات المتحدة]] تمتلك سلاحاً جديداً قوياً.
 
كان [[جوزيف ستالين|ستالين]] على وعي أن الأمريكيين يعملون على [[سلاح نووي|القنبلة الذرية]]، ونظراً إلى أن البرنامج المنافس الخاص ب[[الاتحاد السوفيتي]] مُلائم، أظهر ستالين ردود فعل هادئة. أعرب الزعيم السوفيتي عن سعادته بتلك الأنباء وأمله في أن يستخدم السلاح ضد [[اليابان]]. بعد أسبوع واحد من انتهاء [[مؤتمر بوتسدام]]، قصفت [[الولايات المتحدة]] [[هيروشيما]] و[[ناغاساكي (مدينة)|ناغازاكي]]. بعد الهجمات بفترة قصيرة، احتج ستالين إلى المسؤولين الأمريكيين عندما عرض [[هاري ترومان|ترومان]] على السوفييت نفوذ حقيقي ضئيل في اليابان المُحتلة.
 
=== بدايات الكتلة الشرقية ===
[[ملف:EasternBloc BorderChange38-48-ar.svg|230px|تصغير|يسار|التغييرات الإقليمية في أوروبا في فترة ما بعد الحرب وتشكيل الكتلة الشرقية، فيما يسمب ب "الستار الحديدي".]]
وضع [[الاتحاد السوفيتي]] أساس نشأة الكتلة الشرقية - خلال المراحل الأولى من [[الحرب العالمية الثانية]] - بضم عدة دول مباشرة لتُكون [[جمهوريات الاتحاد السوفيتي]]، والتي تنازلت عنها مبدئياً(وفعلياً) [[ألمانيا النازية]] في [[الاتفاق الألماني السوفيتي|الاتفاق الألماني السوفييتي]]. تشمل تلك الدول شرق [[بولندا]] (أًدرجت في جمهوريتين مختلفتين تابعتين لجمهوريات الاتحاد السوفيتي)، و[[لاتفيا]] (التي صارت [[جمهورية لاتفيا الاشتراكية السوفيتية|جمهورية لاتفيا السوفيتية الاشتراكية]])، و[[إستونيا]] (التي صارت [[جمهورية إستونيا الاشتراكية السوفيتية|جمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية]])، و[[ليتوانيا]] (صارت [[جمهورية ليتوانيا الاشتراكية السوفيتية|جمهورية ليتوانيا السوفيتية الاشتراكية]])، وجزء من شرق [[فنلندا]] (صارت جمهورية كاريليا الفنلندية السوفيتية الاشتراكية) وشرق [[رومانيا]] (صارت [[جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية|جمهورية مولدوفا السوفيتية الاشتراكية]]).<ref>Shirer 1990, p. 794</ref>
 
أُضيفت الأراضي التابعة لوسط وشرق [[أوروبا]] - الني حُررت من [[نازية|النازيين]] واحتُلت من [[القوات المسلحة السوفيتية]] - إلى [[الكتلة الشرقية]] بتحويلها إلى [[دولة تابعة|دول تابعة]] مثل شرق ألمانيا، و[[جمهورية بولندا الشعبية]]، وجمهورية بلغاريا الشعبية، وجمهورية المجر الشعبية، و[[جمهورية تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية]]،<ref>Grenville 2005, pp. 370–71</ref> وجمهورية رومانيا الشعبية، وجمهورية ألبانيا الشعبية.<ref>Cook 2001, p. 17</ref>
 
أعادت الأنظمة التي نشأت على النمط السوفيتي في [[الكتلة الشرقية]] ليس فقط [[اقتصاد مخطط مركزيا|الاقتصاد السوفيتي المُوجه]]، لكن أيضاً تبنت الطرق الوحشية التي استخدمها [[جوزيف ستالين]] و[[شرطة سرية|الشرطة السرية]] السوفيتية لقمع المعارضة الحقيقية والمحتملة. كما سيطر [[الجيش الأحمر]] -<ref>Roht-Arriaza 1995, p. 83</ref> في [[آسيا]] - على [[منشوريا]] في الشهر الأخير من [[حرب|الحرب]]، واستمر في احتلال أجزاء كبيرة من الأراضي الكورية الواقعة [[خط عرض 38° شمال|شمال خط العرض 38]].
 
أشرفت [[المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية]] - بقيادة [[لافرينتي بيريا]] - على وضع أنظمة الشرطة السرية على النمط السوفيتي في الكتلة - كجزء من تعزيز سيطرة [[جوزيف ستالين|ستالين]] على [[الكتلة الشرقية]] -، والتي من المفترض أن تقضي على المقاومة المناهضة ل[[الشيوعيةشيوعية|لشيوعية]]. عندما بدأت الشرارات الأولى للاستقلال في الظهور في الكتلة الشرقية، اتبع [[جوزيف ستالين|ستالين]] الاستراتيجية التي استخدمها للتعامل مع منافسيه الداخليين في فترة قبل الحرب: أُزيلوا من السلطة، وقُدموا للمحاكمة، وسُجنوا، وفي عديد من الحالات، أُعدموا.
 
قلق [[ونستون تشرشل]] - رئيس الوزراء البريطاني - من وجود تهديد سوفيتي [[أوروبا الغربية|لأوروبا الغربية]]، نظراً للحجم الهائل للقوات السوفيتية المنتشرة في أوروبا في نهاية الحرب، واعتقاد أن [[جوزيف ستالين]] - القائد السوفيتي - غير موثوق به.<ref>Fenton, Ben [https://web.archive.org/web/20080528222149/http://www.telegraph.co.uk/htmlContent.jhtml?html=/archive/1998/10/01/nwar101.html at the https://en.wikipedia.org/wiki/Wayback_Machine ], telegraph.co.uk, 1 October 1998. Retrieved 23 July 2008.</ref>
سطر 90:
=== الاستعداد لحرب جديدة ===
 
ساعدت "الرسالة التلغرافية الطويلة" ل "[[جورج كينان]]" القادمة من [[موسكو]] - في فبراير عام 1946 - في التعبير عن التشدد المتزايد لحكومة [[الولايات المتحدة]] في التعامل مع السوفييت، كما أصبح الأساس الاستراتيجي للولايات المتحدة في التعامل مع [[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفييتي]] خلال فترة الحرب الباردة.<ref>Schecter 2003, pp. 152–154</ref> في سبتمبر التالي أصدر الجانب السوفيتي تلغراف نوفيكوف - أرسله السفير السوفيتي لكن كُلف [[فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف]] به كما ساعد في تأليفه - حيث وصف الولايات المتحدة بكونها واقعة في قبضة [[الرأسماليةرأسمالية|الرأسماليين]] الاحتكاريين الذين يعملون على بناء القدرة العسكرية "لتهيئة الظروف للفوز بالسيادة العالمية في حرب جديدة".<ref>Kydd 2005, p. 107</ref>
 
في 6 سبتمبر عام 1946 ألقى [[جيمس بيرنز]] خطاباً في [[ألمانيا]] يستنكر فيه خطة مورجنثاو (وهو اقتراح بتقسيم ألمانيا ما بعد الحرب وإزالة إمكانيات التصنيع بها)، ويحذر السوفييت أن [[الولايات المتحدة]] تهدف إلى الحفاظ على الوجود العسكري في [[أوروبا]] إلى أجلٍ غير مُسمى. كما اعترف بيرنز بعد مرور شهر أن "جوهر برنامجنا هو الفوز بالشعب الألماني ... كانت معركة بيننا وبين روسيا للاستحواذ على العقول..."<ref>Morgan, Curtis F. http://www.daz.org/enJamesFByrnes.html James F. Byrnes Institute. Retrieved 9 June 2008.</ref>
 
بعد أسابيع قليلة من إرسال " الرسالة التلغرافية الطويلة"، ألقى رئيس الوزراء البريطاني السابق خطابه الشهير "[[الستار الحديدي]]" في [[فولتون،فولتون (ميزوري)|فولتون بولاية ميزوري]]. دعا الخطاب إلى تحالف أنجلو-أمريكي ضد [[الاتحاد السوفيتي]] الذين اتهمهم بإنشاء ستار حديدي من [[شتشين|شتتين]] في [[بحر البلطيق]] إلى [[ترييستي]] في [[البحر الأدرياتيكي]].
 
== بدايات الحرب الباردة ==
=== كومنفورم وانفصال تيتو-ستالين ===
 
في سبتمبر عام 1947 أنشأ السوفييت ال[[كومنفورم]] بغرض فرض العقيدة داخل [[شيوعية|الحركة الشيوعية]] العالمية، وتشديد السيطرة السياسية على [[دولة تابعة|الدول التابعة]] ل[[الاتحاد السوفيتي|لاتحاد السوفيتي]] من خلال تنسيق الأعمال بين [[حزبالحزب شيوعيالشيوعي سوفيتيالسوفيتي|الأحزاب الشيوعية]] في [[الكتلة الشرقية]]. واجه ال[[كومنفورم]] إخفاق حرج في يونيو التالي عندما ألزم [[انفصال تيتو-ستالين]] أعضائها بطرد [[يوغوسلافيا]]التي ظلت شيوعية لكن تبنت موقف [[عدم الانحياز]].<ref>Carabott & Sfikas 2004, p. 66</ref>
 
=== سياسة الاحتواء ومبدأ ترومان ===
[[ملف:Cold war europe military alliances map ar.png|230px|تصغير|يسار|التحالفات العسكرية الأوروبية.]]
بحلول عام 1947 حث مستشارو [[رئيس الولايات المتحدة|الرئيس الأمريكي]] [[هاري ترومان]] باتخاذ خطوات فورية لمواجهة [[نفوذ]] [[الاتحاد السوفيتي]]، مُشيراً إلى جهود [[جوزيف ستالين|ستالين]] (وسط ارتباك وانهيار ما بعد الحرب) ل[[تقويض]] [[الولايات المتحدة]] من خلال تشجيع التنافس بين الرأسماليين التي يُمكن أن تُعجل حرب أخرى. في فبراير عام 1947 أعلنت الحكومة البريطانية أنها لم تعد قادرة على تمويل النظام العسكري الملكي اليوناني في [[حرب أهلية|الحرب الأهلية]] ضد المتمردين تحت سيطرة [[شيوعية|الشيوعية]].
 
تبنت الحكومة الأمريكية [[سياسة|سياسة الاحتواء]] رداً على تلك الأنباء، والهدف من ذلك هو وقف انتشار الشيوعية. ألقى ترومان خطاب يدعو فيه لتخصيص 400 مليون دولار للتدخل في الحرب؛ الأمر الذي كشف النقاب عن [[مبدأ ترومان]]، والذي حدد إطار الصراع على أنه منافسة بين الشعوب الحرة و[[شموليةالشمولية|الأنظمة الشمولية]]. على الرغم من مساعدة [[يوغوسلافيا]] التابعة [[جوزيف بروز تيتو|لجوزيف بروز تيتو]] للمتمردين، اتهم صناع السياسة الأمريكيين الاتحاد السوفيتي بالتآمر ضد الملكيين اليونانيين في محاولة لتوسيع نظاق النفوذ السوفيتي.
 
أرخ إعلان [[مبدأ ترومان]] بداية التوافق في [[سياسة خارجية|السياسة الخارجية]] وسياسة الدفاع ل[[الولايات المتحدة|لولايات المتحدة]] بين {{المقصود|الحزب الديمقراطي|الحزب الديمقراطي}} و[[جمهورية|الجمهوري]] التي ركزت على الاحتواء والردع، والتي ضعفت أثناء وبعد [[حرب فيتنام]]، لكنها استمرت بعد ذلك في النهاية.<ref>Hahn 1993, p. 6</ref><ref>Higgs 2006, p. 137</ref> أعطت الأحزاب المعتدلة والمحافظة في [[أوروبا]] - فضلاً عن [[الديمقراطية الاشتراكية|الديمقراطيين الاشتراكيين]] - بالفعل الدعم غير المشروط إلى التحالف الغربي؛<ref>Moschonas & Elliott 2002, p. 21</ref> بينما انضم الشيوعيون الأمريكيون والأوروبيون - المدفوعين من قبل [[لجنة أمن الدولة (الاتحاد السوفيتي)|الاستخبارات السوفييتية]] والمشاركين في العمليات الاستخباراتية - إلى صف [[موسكو]] على الرغم من بدء ظهور الانشقاق بعد عام 1956. ظهرت انتقادات لسياسات التوافق من قبل نشطاء مناهضين لحرب فيتنام و[[حملة نزع السلاح النووي]] وحركة تجميد البرنامج النووي.<ref>Crocker, Hampson & Aall 2007, p. 55</ref>
 
=== مشروع مارشال وانقلاب تشيكوسلوفاكيا ===
[[ملف:Marshall Plan.png|230px|تصغير|يسار|خريطة حقبة الحرب الباردة [[أوروبا|لأوروبا]] و[[شرق أدنى|الشرق الأدنى]] تُظهر البلدان التي تلقت مساعدات [[مشروع مارشال|خطة مارشال]]. تُظهر الأعمدة الحمراء الكمية النسبية لإجمالي المساعدات التي تلقتها كل دولة.]]
[[ملف:Cold war europe economic alliances map ar.png|230px|تصغير|يسار|التحالفات الاقتصادية الأوروبية]]
في أوائل عام 1947 فشلت كل من [[المملكة المتحدة|بريطانيا]] و[[فرنسا]] و[[الولايات المتحدة]] في الوصول إلى اتفاق مع [[الاتحاد السوفيتي]] بشأن خطة تُحقق [[اكتفاء ذاتي]] اقتصادي لألمانيا، بما في ذلك حساب مُفصل بشأن المنشآت الصناعية و{{المقصود|السلع|السلع}} و[[بنية تحتية|البنية التحتية]] التي أزالها السوفييت بالفعل.<ref name="Miller">Miller 2000, p. 16</ref> في يونيو عام 1947 بالتزامن مع [[مبدأ ترومان]]، فَعَّلت [[الولايات المتحدة]] [[مشروع مارشال|خطة مارشال]]؛ وهو تعهد بتقديم المساعدات الاقتصادية لجميع دول أوروبا الراغبة بالمشاركة، بما في ذلك [[الاتحاد السوفيتي]].<ref name="Miller"/>
 
هدفت الخطة لإعادة بناء النظم الاقتصادية والديمقراطية لأوروبا ومواجهة التهديدات الملموسة لتوازن السلطة في [[أوروبا]] مثل فرض سيطرة [[حزب شيوعي|الأحزاب الشيوعية]] من خلال [[ثورة|الثورات]] و[[انتخابات|الانتخابات]]. أكدت الخطة أيضاً على أن الازدهار الأوروبي يتوقف على تعافي الاقتصاد الألماني. بعد مرور شهر وقع [[هاري ترومان|ترومان]] قانون الأمن الوطني لعام 1947، مما ترتب عليه إنشاء وزارة دفاع موحدة، و[[وكالة المخابرات المركزية|وكالة الاستخبارات المركزية]] (CIA)، ومجلس الأمن القومي (NSC). أصبحت تلك السلطات البيروقراطيات الأساسية لسياسة [[الولايات المتحدة]] في الحرب الباردة.<ref name="Karabell">Karabell 1999, p. 916</ref>
 
يعتقد ستالين أن التكامل الاقتصادي مع الغرب يتيح لدول الكتلة الشرقية الهروب من السيطرة السوفيتية، وأن الولايات المتحدة كانت تحاول عقد صفقة لكسب دولة موالية ومنحازة للولايات المتحدة في أوروبا. لذلك منع ستالين دول الكتلة الشرقية من تلقي مساعدات خطة مارشال. أصبحت خطة مولوتوف (والتي أخذت طابع مؤسسي في يناير عام 1949 يُعرف بمجلس التعاون الاقتصادي) هي بديل الاتحاد السوفيتي لخطة مارشال، والتي تزعم تضمن التجارة والمساعدات السوفيتية مع أوروبا الوسطى والشرقية. كان يخشى ستالين من إعادة إعمار ألمانيا؛ فرؤيته لألمانيا بعد الحرب لا تشمل القدرة على إعادة تسليح نفسها أو تشكيل أي نوع من التهديد للاتحاد السوفيتي.
 
في أوائل عام 1948 بعد متابعة تقارير عن تعزيز "العناصر الرجعية"، قضى عملاء [[الاتحاد السوفيتي]] على [[انقلاب]] في [[تشيكوسلوفاكيا]]، وهي الدولة الوحيدة في [[الكتلة الشرقية]] التي سمح السوفييت بالاحتفاظ بهياكل الديمقراطية بها.<ref>Patterson 1997, p. 132</ref> أصاب [[قمع|القمع]] الوحشي لجموع الانقلاب صدمة لدول الغرب أكثر من أي حدث حتى ذلك الوقت، مع إطلاق العنان لذعر من حدوث حرب وجرفت آخر بقايا المعارضة ل[[مشروع مارشال|خطة مارشال]] في [[الكونغرس الأمريكي]].<ref>Miller 2000, p. 19</ref>
 
أدت السياستان التوأم ل[[مبدأ ترومان]] و[[مشروع مارشال|خطة مارشال]] إلى بلايين من المساعدات العسكرية والاقتصادية [[أوروبا الغربية|لأوروبا الغربية]] و[[اليونان]] و[[تركيا]]. فاز [[الجيش اليوناني]] في [[حرب أهلية|الحرب الأهلية]] بفضل مساعدة [[الولايات المتحدة]].<ref name="Karabell"/> تحت قيادة [[ألتشيدي دي غاسبيري]]، هزم [[الحزب الديمقراطي المسيحي الإيطالي]] التحالف الشيوعي الاشتراكي الضخم في انتخابات عام 1948.<ref>Gaddis 2005, p. 162</ref> في نفس الوقت كان هناك زيادة في النشاط الاستخباارتي والتجسسي، وانشقاقات [[الكتلة الشرقية]]، والترحيل الدبلوماسي.<ref>Cowley 1996, p. 157</ref>
 
=== حصار برلين والجسر الجوي ===
[[ملف:C-47s at Tempelhof Airport Berlin 1948.jpg|220px|تصغير|يسار|تفريغ حمولة [[دوغلاس سي-47 سكاي ترين|C-47]] في [[مطار برلين تمبلهوف]] خلال [[حصار برلين]].]]
دمجت [[الولايات المتحدة]] و[[المملكة المتحدة|بريطانيا]] الأراضي المحتلة [[ألمانيا الغربية|لألمانيا الغربية]] التابعة لهم في اتحاد ذي منطقتين (كان ذلك 1 يناير عام 1947، صارت فيما بعد اتحاد ذي ثلاث مناطق بعد انضمام [[فرنسا]] إليهم عام 1949). في أوائل عام 1948، أعلن ممثلي [[الولايات المتحدة]] وعدد من الحكومات الأوروبية الغربية - كجزء من إعادة البناء الاقتصادي لألمانيا - اتفاقية لدمج المناطق الألمانية الغربية إلى نظام حكومي فيدرالي. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً ل[[مشروع مارشال|خطة مارشال]]، بدأوا بإعادة بناء وتصنيع الاقتصاد الألماني، بما في ذلك إدخال [[مارك ألماني|عملة المارك الألمانية]] الجديدة بدلاً من العملة القديمة [[رايخ مارك]] التي بخس السوفييت من قيمتها.
 
بعد ذلك بفترة قصيرة، فرض [[جوزيف ستالين|ستالين]] [[حصار برلين]] (24 يونيو 1948 - 12 مايو 1949)؛ وهي واحدة من الأزمات الكبرى للحرب الباردة حيث مُنعت المواد الغذائية والمعدات والإمدادات من الوصول إلى غرب برلين. بدأت [[الولايات المتحدة]] و[[المملكة المتحدة|بريطانيا]] و[[فرنسا]] و[[كندا]] و[[أستراليا]] و[[نيوزيلندا]] وعدة بلدان أخرى في إمداد [[برلين الغربية|غرب برلين]] بالطعام وغيرها من المؤن من خلال جسر برلين الجوي الضخم.
 
شن [[الاتحاد السوفيتي]] حملة علاقات عامة ضد تغيير السياسة المتبعة. كما حاول شيوعيو [[ألمانيا الشرقية]] مرة أخرى تعطيل الانتخابات البلدية ل[[برلين]] (كما فعلوا في انتخابات 1946)، التي عُقدت 5 ديسمبر 1948 وكانت نسبة الإقبال بها تتعدى 86.3%، وكانت النتيجة فوزاً ساحقاً للأحزاب غير الشيوعية. كانت النتائج ذي تأثير فعال مما تسبب بتقسيم المدينة إلى شرق وغرب لما كان عليه سابقاً. تظاهر نحو 300000 برليني، ودعوا لاستمرار الجسر الجوي الدولي، كما قام غيل هالفرسون - طيار في السلاح الجوي الأمريكي - بعمليات نقل مؤن، والتي وفرت الحلوى للأطفال الألمان. في مايو عام 1949 تراجع [[جوزيف ستالين|ستالين]] ورفع الحصار.
 
في عام 1952 اقترح [[جوزيف ستالين|ستالين]] عدة مرات خطة لتوحيد شرق وغرب [[ألمانيا]] في ظل حكومة واحدة منتخبة تحت إشراف [[الأمم المتحدة]] إذا كانت ألمانيا الجديدة ستظل خارج التحالفات العسكرية الغربية. رفضت السلطات الغربية هذا الاقتراح نتيجة لطعن بعض المصادر في صدق الاقتراح.<ref>Van Dijk, Rudd. http://www.wilsoncenter.org/sites/default/files/ACFB54.pdf Woodrow Wilson International Center for Scholars. Cold War International History Project, Working Paper 14, May 1996.</ref>
 
=== بدايات حلف الناتو وإذاعة أوروبا الحرة ===
[[ملف:Truman signing National Security Act Amendment of 1949.jpg|230px|تصغير|الرئيس ترومان يوقع على اتفاقية تعديل قانون الأمن القومي مع ضيوفه لعام 1949 في [[المكتب البيضاوي]].]]
وقعت [[المملكة المتحدة|بريطانيا]] و[[فرنسا]] و[[الولايات المتحدة]] و[[كندا]] وثماني دول أوروبية غربية معاهدة حلف شمال الأطلسي في أبريل عام 1949، والذي مهد لتأسيس منظمة [[حلف شمال الأطلسي]] ([[حلف شمال الأطلسي|الناتو]]). في أغسطس التالي تم تفجير أول [[مفاعل نووي]] سوفيتي في سيميبالاتينسيك في [[كازاخستان]] السوفيتية. بعد رفض [[الاتحاد السوفيتي]] المشاركة في جهود إعادة إعمار [[ألمانيا]] التي أطلقتها الدول الأوروبية الغربية عام 1948، قادت [[الولايات المتحدة]] و[[المملكة المتحدة|بريطانيا]] و[[فرنسا]] تأسيس [[ألمانيا الغربية]] ابتداءً من المناطق الغربية الثلاثة المحتلة في أبريل 1949.<ref>Heike Bungert, "A New Perspective on French-American Relations during the Occupation of Germany, 1945–1948: Behind-the-Scenes Diplomatic Bargaining and the Zonal Merger." Diplomatic History (1994) 18#3 pp: 333-352.</ref> أعلن الاتحاد السوفيتي منطقته المحتلة في ألمانيا - في أكتوبر التالي - [[ألمانيا الشرقية|الجمهورية الديمقراطية الألمانية]].<ref name="Byrd">{{cite encyclopedia|author=Byrd, Peter|editor1=McLean, Iain |editor2=McMillan, Alistair |encyclopedia=The concise Oxford dictionary of politics|title=Cold War (entire chapter)|url=https://books.google.com/?id=xLbEHQAACAAJ|accessdate=16 June 2008|year=2003|publisher=Oxford University Press|isbn=0-19-280276-3|ref=harv}}</ref>
 
كان [[إعلام|الإعلام]] في [[الكتلة الشرقية]] جهازاً من أجهزة الدولة؛ يعتمد كلياً على [[حزب شيوعي|الحزب الشيوعي]] وتابعاً له بالتزان مع منظمات [[إذاعة|الإذاعة]] و[[تلفاز|التليفزيون]] التابعة للدولة، بينما تمتلك المنظمات السياسية عادة وسائل الإعلام المقروءة والتي تكون غالباً مملوكة من الحزب الشيوعي المحلي. استخدمت الدعاية السوفيتية [[فلسفة ماركسية|الفلسفة الماركسية]] لمهاجمة [[رأسمالية|الرأسمالية]]، وادعت أن الاستغلال في العمل و[[إمبريالية|الإمبريالية]] المُروجة للحرب أشياء متأصلة في النظام.<ref>James Wood, p. 111</ref>
 
بدأ بث [[إذاعة أوروبا الحرة]]/الإذاعة الحرة <ref>[[Cold War#CITEREFPuddington2003|Cold War - Wikipedia, the free encyclopedia<!-- عنوان مولد بالبوت -->]]</ref> كجهد دعائي كبير عام 1949 - جنباً إلى جنب مع بث [[بي بي سي|هيئة الإذاعة البريطانية]] و[[صوت أمريكا]] في [[أوروبا الوسطى]] و[[أوروبا الشرقية|الشرقية]] - مُكرسة جهودها لمحاولة تحقيق الزوال السلمي للنظام الشيوعي في [[الكتلة الشرقية]]. حاولت إذاعة أوروبا الحرة تحقيق تلك الأهداف من خلال عملها بمثابة محطة إذاعية منزلية بديلة، بديلاً عن الصحافة المحلية التي يسيطر عليها الحزب ويهيمن عليها. إذاعة أوروبا الحرة هي نتاج واحد من أبرز مهندسي الاستراتيجية الأمريكية للحرب الباردة المبكرة؛ خاصة أولئك الذين اعتقدوا أن خوض الحرب الباردة سيكون أخيراً بوسائل سياسية لا عسكرية مثل [[جورج كينان]].
 
اعترف صناع الحرب الأمريكيين - بما فيهم [[كينان]] و[[جون فوستر دالاس]] - أن الحرب الباردة كانت في جوهرها حرب أفكار. مولت [[الولايات المتحدة]] - التي تعمل من خلال [[وكالة المخابرات المركزية]] - قائمة طويلة لمواجهة النداء الشيوعي بين المثقفين في [[أوروبا]] و[[العالم الثالث|العالم النامي]]. ترعى وكالة المخابرات المركزية سراً أيضاً حملة دعائية محلية تُدعى الحملة الصليبية من أجل الحرية.
 
عملت الولايات المتحدة - في أوائل خمسينيات القرن العشرين - لإعادة تسليح [[ألمانيا الغربية]]، وفي عام 1955 حصلت على عضويتها الكاملة في [[حلف شمال الأطلسي|حلف الناتو]].<ref name="Byrd" /> قدمت [[بيريا (توضيح)|بيريا]] في مايو عام 1953 - التي تولت في ذلك الوقت منصب حكومي - اقتراح غير ناجح لإعادة توحيد دولة ألمانية محايدة لمنع ضم ألمانيا الغربية إلى [[حلف شمال الأطلسي]].
 
=== الحرب الأهلية الصينية وسياتو ===
[[ملف:Mao, Bulganin, Stalin, Ulbricht Tsedenbal.jpeg|230px|تصغير|يسار|[[ماو تسي تونغ]] و[[جوزيف ستالين]] في [[موسكو]]، ديسمبر 1949]]
في عام 1949 هزم [[جيش التحرير الشعبي الصيني|جيش التحرير الشعبي]] ل[[ماو تسي تونغ]] حكومة [[الكومينتانغ]] الوطنية [[شيانج كاي شيك|لشيانج كاي شيك]] المدعوم من [[الولايات المتحدة]]، وسارع الاتحاد السوفيتي لعقد تحالف مع [[الصين|جمهورية الصين الشعبية]] التي شكلت حديثاً. وفقاً لما قاله المؤرخ النرويجي أود أرني ويستاد، فقد ربح الشيوعيون الحرب الأهلية لأنها ارتكبت أخطاء عسكرية أقل من [[شيانج كاي شيك]]، ولأن في بحثه عن حكومة مركزية قوية، عادى شيانج الكثير من [[جماعاتضغط الضغطسياسي|جماعات المصالح]] في [[الصين]]. علاوة على ذلك، تم إضعاف حزبه في الحرب ضد [[اليابان]]. في الوقت نفسه أخبر الشيوعيون مختلف المجموعات - مثل الفلاحين - ما يريدون سماعه بالضبط، وتستروا على أنفسهم في غطاء القومية الصينية.
 
تراجع شيانج وحكومة [[الكومينتانغ]] إلى [[تايوان (جزيرة)|جزيرة تايوان]]. بعد مواجهة [[الثورة البلشفية|الثورة الشيوعية]] في [[الصين]] ونهاية الاحتكار الذري الأمريكي عام 1949، أسرعت حكومة [[هاري ترومان|ترومان]] لتصعيد [[سياسة|سياسة الاحتواء]] وتوسيعها. اقترح مجلس الأمن القومي في وثيقته السرية لعام 1950 (NSC-68) تعزيز نظم التحالف الموالي للغرب ومضاعفة الإنفاق على الدفاع.
 
انتقل مسؤولون من [[الولايات المتحدة]] بعد ذلك لتوسيع الاحتواء في [[آسيا]] و[[أفريقيا]] و[[أمريكا اللاتينية]] لمواجهة الحركات القومية الثورية، التي تقودها في الغالب الأحزاب الشيوعية ويمولها [[الاتحاد السوفيتي]]، للنضال ضد استعادة الامبراطوريات الاستعمارية الأوروبية في [[جنوب شرق آسيا]] وكل مكان آخر. في أوائل خمسينيات القرن العشرين (تُعرف الفترة أحياناً باسم "Pactomania")، عقدت الولايات المتحدة سلسلة من التحالفات مع اليابان و[[أستراليا]] و[[نيوزيلندا]] و[[تايلاند]] و[[الفلبين]] (لا سيما [[أنزوس]] عام 1951 و[[سياتو]] عام 1954)، وبالتالي يكفل للولايات المتحدة عدداً من القواعد العسكرية طويلة المدى.<ref name="Byrd" />
 
=== الحرب الكورية ===
[[ملف:IncheonLandingMcArthur.jpg|200px|تصغير|يمين|الجنرال [[دوغلاس ماك آرثر]]، قائد الأمم المتحدة، يراقب القصف البحري على [[إنتشون|انشيون]] من [[الاتحاد السوفيتي]] [[جبل ماكنليدينالي|جبل ماكينلي]]، 15 سبتمبر 1950.]]
كان واحداً من النتائج البارزة [[سياسة الاحتواء|للاحتواء]] هو اندلاع [[الحرب الكورية]]. في يونيو 1950 [[الجيش الشعبي الكوري|الجيش الشعبي لشمال كوريا]] التابع ل[[كم إل سونغ|كيم إل سونغ]] اجتاح [[كوريا الجنوبية|جنوب كوريا]]. خطط [[جوزيف ستالين]] ل[[الغزوغزو|لغزو]] وأعد له وبدأه، وأنتج خطط حرب مفصلة التي شاركها مع [[كوريا الشمالية]].<ref>Douglas J. Macdonald, "Communist Bloc Expansion in the Early Cold War," International Security, Winter 1995–6, p. 180.</ref><ref>John Lewis Gaddis, We Know Now: Rethinking Cold War History (Oxford University Press, 1997), p. 71.</ref><ref>Sergei N. Goncharov, John W. Lewis and Xue Litai, Uncertain Partners: Stalin, Mao and the Korean War (Stanford University Press, 1993), p213</ref><ref>William Stueck, The Korean War: An International History (Princeton University Press, 1995), p. 69.</ref> فوجئ [[جوزيف ستالين|ستالين]] لدعم [[مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة|مجلس الأمن]] التابع ل[[الأمم المتحدة|لأمم المتحدة]] الدفاع عن [[كوريا الجنوبية]]، على الرغم أن [[الاتحاد السوفيتي]] قاطع الاجتماعات التي تتظاهر بسبب حصول [[تايوان]] و[[الصين]] غير الشيوعية على مقعد دائم في [[مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة|مجلس الأمن]]. اجتمعت قوة من موظفي [[الأمم المتحدة]] من [[كوريا الجنوبية]] و[[الولايات المتحدة]] و[[المملكة المتحدة]] و[[تركيا]] و[[كندا]] و[[كولومبيا]] و[[أستراليا]] و[[فرنسا]] و[[جنوب أفريقيا|جنوب إفريقيا]] و[[الفلبين]] و[[هولندا]] و[[بلجيكا]] و[[نيوزيلندا]] ودول أخرى لوقف الغزو.
 
كان من ضمن النتائج الأخرى أن [[الحرب الكورية]] حفزت [[حلف شمال الأطلسي|حلف الناتو]] لتطوير البنية العسكرية. انقسم {{المقصود|الرأي العام|الرأي العام}} في البلدان المعنية - مثل [[بريطانيا العظمى]] ما بين مؤيد ومعارض للحرب. يخشي العديد التصعيد إلى حرب عامة مع [[الصين]] الشيوعية، وحتى [[حرب نووية]]. تسببت المعارضة القوية في الأغلب للحرب في توتر [[العلاقات الأمريكية البريطانية]]، لذلك سعى المسؤولون البريطانيون لوضع نهاية سريعة للصراع على أمل توحيد كوريا تحت رعاية [[الأمم المتحدة]] وانسحاب جميع القوات الأجنبية.
 
على الرغم أن [[الصين]] وشمال كوريا أُستنزفت بسبب الحرب، وكانوا على استعداد لإنهائها بنهاية عام 1952، لكن أصر [[جوزيف ستالين|ستالين]] على استمرار الصراع، وتمت الموافقة على [[هدنة|الهدنة]] فقط في يوليو عام 1953 بعد وفاة ستالين. أسس [[كم إل سونغ|كيم إل سونغ]] - زعيم [[كوريا الشمالية]] - ل[[ديكتاتورية]] [[الشمولية|شمولية]] ذات مركزية عالية - وهي مستمرة حتى الآن - ليمنح نفسه سلطة غير محدودة والتمهيد لعبادة الشخصية المفرطة. في [[كوريا الجنوبية|جنوب كوريا]]،<ref name="Byrd" /> أدار [[إي سنغ مان]] -الديكتاتور المدعوم من {{المقصود|أمريكا|أمريكا}} - نظام أقل وحشية بشكل ملحوظ لكن أكثر فساداً وتسلطاً. بعد الإطاحة بإي سنغ مان عام 1960، سقطت كوريا الجنوبية في خلال عام تحت [[قانون عرفي|الحكم العسكري]] الذي استمر حتى إعادة إنشاء [[نظام متعدد الأحزاب]] في أواخر ثمانينات القرن العشرين.
 
== الأزمة والتصعيد ==
سطر 164:
=== خروتشوف وآيزنهاور وعملية اجتثاث الستالينية ===
[[ملف:1959 NATO and WP troop strengths in Europe.svg|230px|تصغير|يسار|قوات حلف الناتو وحلف وارسو في أوروبا عام 1959.]]
تسببت التغيرات في القيادة السياسية في كلا الجانبين - عام 1953 - في تحول دينامكية الحرب الباردة.<ref>Karabell, p. 916</ref> نُصِّب [[دوايت أيزنهاور|دوايت آيزنهاور]] رئيس البلاد في يناير التالي. خلال ال18 أشهر الماضية من إدارة [[هاري ترومان|ترومان]]، تضاعفت ميزانية [[وزارة الدفاع (الولايات المتحدة)|وزارة الدفاع الأمريكية]] أربع مرات. عمل آيزنهاور على تقليل الإنفاق العسكري بنسبة الثلث مع الاستمرار في صراع الحرب الباردة على نحو فعال.
 
بعد وفاة [[جوزيف ستالين]]، أصبح [[نيكيتا خروتشوف]] الزعيم لسوفيتي بعد خلع [[لافرينتي بيريا]] وإعدامه، بالإضافة إلى التخلص من منافسيه مثل [[جورجي مالينكوف]] و[[فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف]]. في 25 فبراير عام 1956، صدم خروتشوف مندوبي المؤتمر ال20 ل[[الحزب الشيوعي السوفيتي|لحزب الشيوعي السوفيتي]] بعد تعديد جرائم ستالين وإدانتها. كجزء من حملة اجتثاث الستالينية، أعلن أن السبيل الوحيد للإصلاح والابتعاد عن سياسات ستالين هو الاعتراف بأخطاء الماضي.<ref name="Karabell"/>
سطر 170:
في 18 نوفمبر عام 1958، بينما كان يلقى خطاباً للسفراء الغربيين في حفل استقبال بالسفارة البولندية في موسكو، ألقى خروتشوف تعبيره الشهير (إذا كنتم ترغبون ذلك أم لا، التاريخ هو ملكنا. سوف ندفنكم) الذي صدم جميع الحضور. ادعى بعد ذلك أنه لم يكن يتحدث عن حرب نووية، لكن عن انتصار الشيوعية المثبت تاريخياً على الرأسمالية. في عام 1961 أعلن خروتشوف أنه حتى لو كان الاتحاد السوفيت لم يلحق بالغرب، لكن في غضون عقد ستختفي أزمة الإسكان، وتتوفر السلع الاستهلاكية، وخلال عقدين من الزمان على الأغلب سيُكتمل بناء مجتمع شيوعي في الاتحاد السوفيتي.
 
استخدم [[جون فوستر دالاس]] - وزير خارجية آيزنهاور - سياسة "نيو لوك" في [[سياسة|سياسة الاحتواء]]، داعياً إلى زيادة الاعتماد على [[سلاح نووي|الأسلحة النووية]] ضد أعداء [[الولايات المتحدة]] في وقت الحرب.<ref name="Karabell"/> أكد دالاس أيضاً على عقيدة "الانتقام الهائل" التي تهدد برد قاسٍ ل[[الولايات المتحدة|لولايات المتحدة]] على أي عدوان سوفيتي. سمح امتلاك التفوق النووي لآيزنهاور على مواجهة التهديدات السوفيتية للتدخل في [[الشرق الأوسط]] خلال [[العدوان الثلاثي]] عام 1956.
 
=== حلف وارسو والثورة المجرية ===
[[ملف:Map of Warsaw Pact countries.png|250px|تصغير|يسار|خريطة لبلاد [[حلف وارسو]]]]
بينما كان لموت [[جوزيف ستالين|ستالين]] أثره في تخفيف التوترات قليلاً عام 1953، ظل الوضع في [[أوروبا]] [[هدنة]] مسلحة غير مستقرة.<ref name="Palm">[[Cold War#CITEREFPalmowski|Cold War - Wikipedia, the free encyclopedia<!-- عنوان مولد بالبوت -->]]</ref> عقد [[الاتحاد السوفيتي]] - الذي أنشأ بالفعل شبكة من معاهدات المساعدة المتبادلة في [[الكتلة الشرقية]] عام 1949 -<ref>Feldbrugge, p. 818</ref> تحالف رسمي هناك، وهو [[حلف وارسو]] عام 1955.
 
اندلعت الثورة المجرية عام 1956 بعد فترة وجيزة من ترتيب [[نيكيتا خروتشوف|خروتشوف]] لعزل [[ماتياش راكوشي]]، الزعيم الستاليني للمجر. نتيجة للانتفاضة الشعبية، أزال النظام الجديد [[شرطة سرية|الشرطة السرية]]، مُعلناً نيته للانسحاب من [[حلف وارسو]] والتعهد بإعادة الانتخابات الحرة. قام الجيش السوفيتي بالغزو. اُعتقل آلاف المجريين وسُجنوا ورُحلوا إلى [[الاتحاد السوفيتي]]، وفر حوالي 200000 مجري من [[المجر]] خلال الفوضى. نُفذ حكم الإعدام على القائد المجري [[إيمري ناج]] وآخرين بعد محاكمات سرية.
 
== هوامش ==