غزوة حنين: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
الرجوع عن التعديل 37054102 بواسطة A.H.Ayyad (نقاش) ضمن نص مقتبس
وسمان: رجوع تعديل المحمول المتقدم
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:إصلاح وصلات الأخطاء الإملائية
سطر 3:
|جزء_من = [[غزوات الرسول محمد]]
| صورة = Map of Arabia 600 AD.svg
| تعليق = غزوة [[حنين (توضيح)|حنين]]
|تاريخ = [[10 شوال]] [[8 هـ|8هـ]] / [[يناير (شهر)|يناير]] [[630]]م
|مكان = وادي حنين بين مكة والطائف
|نتيجة = انتصار [[مسلم|المسلمين]]
|مقاتل1 = {{المسلمون}} في [[المدينة المنورة|المدينة]]
|مقاتل2 = قبيلة [[هوازن|هوزان]]<br/>قبيلة [[ثقيف]]
|قائد1 = [[محمد|رسول الإسلام محمد]]
|قائد2 = [[مالك بن عوف النصري]]
|قوة1 = 12,000 مقاتل
سطر 17:
}}
 
'''غزوة حنين''' هي [[غزوات الرسول محمد|غزوة]] وقعت في العاشر من [[شوال]] في السّنة الثامنة ل[[هجرة (إسلام)|لهجرة]] بين [[مسلم|المسلمين]] وقبيلتي [[هوازن]] و[[ثقيف]] في واد يسمّى [[حنين (توضيح)|حنين]] بين مدينة [[مكة|مكّة]] و[[الطائف]].
كان قائد [[معركة|المعركة]] وسببها رجل يسمّى مالك بن عوف النّصري من قبيلة [[هوازن]] وقد سيّر [[جيش]]ه حتى وصل بالقرب من [[مكة]]، وعندما وصلت [[خبر (نحو)|الأخبار]] للمسلمين وجّه [[مسلم|المسلمون]] جيشًا كبيرًا وكان يضم الكثير ممّن أسلموا بعد فتح [[مكة|مكّة]] وقد أعجبت كثرة [[جيش|الجيش]] وعدّته وعتاده [[مسلم|المسلمين]] ووصلوا بثقتهم بالجيش إلى حد الغرور وقد قال بعض [[مسلم|المسلمين]] لن نغلب اليوم من قلّة.
إن غزوة حنين هي من الأحداث التي تلت [[صلح الحديبية]]، و[[غزوة خيبر]]، و[[غزوة مؤتة]]، و[[فتح مكة]]، وقد جرت هذه الغزوة في فترة إزدهار وانتشار [[إسلام|الإسلام]] في داخل [[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] وخارجها، حيث كان [[صلح الحديبية]] هو السبب في هذا الإزدهار والانتشار لهذا [[الإسلامإسلام|الدين]]، فقد تفرغ [[محمد|الرسول]] خلال مدة هذا الصلح إلى الدعوة ومراسلة الملوك في داخل [[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] وخارجها.
وقعت غزوة [[حنين (توضيح)|حنين]] بالتحديد في شهر [[شوال]] من السنة الثامنة ل[[الهجرةهجرة (توضيح)|لهجرة]]، وقد بدأت القصة بعد فتح [[مكة|مكة المكرمة]]، واستسلام العديد من [[القبائل (توضيح)|القبائل]] في [[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]]، وتسليمها بالأمر الواقع، إلا بعض القبائل القوية مثل: [[هوازن]] و[[ثقيف]] و[[نصر]] وجشم، وقبائل [[سعد بن بكر]]، فما رضيت هذه القبائل بالإستسلام والخضوع، فتحالف من تحالف معها، وقررت إعلان الحرب على [[مسلم|المسلمين]]، وكان قائدهم في هذه الحرب هو [[مالك بن عوف النصري]]، وهو شاب في الثلاثين من عمره.
 
== تاريخ الغزوة ==
كانت غزوة حنين في العاشر من [[شوال]] من العام الثامن ل[[الهجرةهجرة (توضيح)|لهجرة]] منصرفَ [[محمد|النبي]] من [[مكة]] بعد أن منَّ الله عليه بفتحها، وقد انصرف [[محمد|رسول الله]] {{صلى}} من [[مكة]] لست خلت من [[شوال]]، وكان وصوله إلى [[حنين (توضيح)|حنين]] في العاشر منه.<ref>زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2010، (3/479)</ref> دارت هذه الغزوة في موضع يقال له حنين، وهو [[وادي|واد]] إلى جنب [[سوق ذي المجاز|ذي المجاز]] بينه وبين [[مكة]] بضعة عشر [[ميل|ميلاً]] من جهة [[عرفات (توضيح)|عرفات]].<ref name="ReferenceA">فتح الباري، أبو الفضل العسقلاني، دار المعرفة - بيروت، 2010، (8/27)</ref>
== الاستعداد للغزوة ==
[[ملف:Saudi Arabia location map.svg|220px|تصغير|يسار|مكة حيث انطلق المسلمون للقتال]]
قرر [[محمد]] {{صلى}} الخروج للقتال في مكان متوسط بين [[هوازن]] و[[مكة]]، فقد آثر ألاّ ينتظر ب[[مكة]]. وفي ذلك حكمة كبيرة جدًّا؛ لأنه لو بقي في [[مكة]] وغزاها مالك بن عوف بجيشه، فقد يتعاون أهل [[مكة]] معه. وفي تلك الأثناء، كان أهل مكة حديثو عهد ب[[شرك بالله|شركٍ]] و[[جاهلية]]، وهذه كارثة؛ لأن الحرب بذلك ستصبح من الداخل والخارج، ومن ثَمَّ فضَّل [[محمد|الرسول]] {{صلى}}أن يخرج بجيشه إلى مكان مكشوف بعيد عن [[مكة]]. كما قرر [[محمد]] {{صلى}}أن يخرج بكامل طاقته العسكرية، ويأخذ معه العشرة آلاف [[قتال|مقاتل]] الذين فتح بهم [[مكة]] من قبل؛ لأن أعداد [[هوازن]] ضخمة وكبيرة. وقام أيضًا بأخذ معه من داخل [[مكة|مكة المكرمة]] [[مسلم|المسلمين]] الطلقاء الذين أسلموا عند الفتح، وفي ذلك بُعد نظر كبير من [[رسول|الرسول]] [[محمد]] {{صلى}} ؛ فهؤلاء إن تركوا في [[مكة]]، قد ينقلبون إلى [[كفر (توضيح)|الكفر]] مرة ثانية، وقد ينفصلون بمكة عن [[إسلام|الدولة الإسلامية]]، وخاصةً إذا تعرض المسلمون لهزيمة من [[هوازن]]. ومن ناحية أخرى، لم يكتفِ [[رسول|الرسول]] بسلاح جيش المسلمين الذي فتح به [[مكة|مكة المكرمة]]، مع كون هذا السلاح من الأسلحة الجيدة والقوية جدًّا، بدليل انبهار [[أبو سفيان بن حرب|أبي سفيان]] به عند رؤيته ل[[الجيش الإسلامي في العراق|جيش المسلمين]]. ومع ذلك لم يكتفِ به ، كما لم يكتفِ بسلاح [[مسلم|المسلمين]] من الطلقاء، وإنما سعى إلى عقد [[صفقة|صفقة عسكرية]] كبرى لتدعيم [[الجيش الإسلامي في العراق|جيش المسلمين]]؛ فقد ذهب بنفسه {{صلى}} إلى [[أسلحةسلاح|تجار السلاح]] في [[مكة|مكة المكرمة]]، وكان على رأس هؤلاء التجار [[صفوان بن أمية بن خلف|صفوان بن أمية]]، ونوفل بن الحارث بن [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]]، وكان هذان الاثنان لا يزالان على [[شرك بالله|شرك]]هما وقتئذٍ، فطلب منهما [[سلاح|السلاح]] على سبيل الاستعارة بالإيجار والضمان، حتى إن [[صفوان بن أمية بن خلف|صفوان بن أمية]] سأل الرسول {{صلى}} وهو لم يزل على كفره: أغصبٌ يا [[محمد]]؟ فقال : "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ".<ref>رواه أبو داود (3562)، وصححه الألباني.</ref> واهتم الرسول {{صلى}} اهتمامًا كبيرًا بالحراسة الليلية لئلاّ يُباغت فجأة، ووضع عليها [[أنس بن أبي مرثدقائمة الغنويالصحابة|أنس بن أبي مرثد]].<ref>موقع قصة الإسلام، غزوة حنين (1- 2)، بتاريخ 17 أبريل 2010</ref>
== سبب الغزوة ==
كان سبب هذه الغزوة أن مالكًا بن عوف النصري جمع القبائل من [[هوازن]] ووافقه على ذلك الثقفيون، واجتمعت إليه [[مضر]] وجشم كلها و[[سعد بن بكر]] وناس من [[بني هلال (توضيح)|بني هلال]]؛ بغية محاربة [[مسلم|المسلمين]]، فبلغ ذلك [[محمد|النبي]] {{صلى}} فخرج إليهم.<ref name="ReferenceA"/><ref>زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2010، (3/465)</ref> لقد كان فتح [[مكة]] كما قال [[ابن قيم الجوزية|ابن القيم]]: "الفتح الأعظم الذي أعز الله به [[الإسلامإسلام|دينه]] و[[محمد|رسوله]] {{صلى}} وجنده وحزبه الأمـين، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدي للعالمين، من أيدي [[لادينية|الكفار]] و[[شرك بالله|المشركين]]. وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء... ودخل الناس به في دين الله أفواجًا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجًا".
وكان لهذا الفتح الأعظم رد فعل معاكس لدى [[قبيلة|القبائل العربية]] الكبيرة القريبة من [[مكة]]، وفي مقدمتها قبيلتا: [[هوازن|هوزان]]، و[[ثقيف]]. فقد اجتمع رؤساء هذه [[قبيلة|القبائل]]، وسلموا قياد أمرهم، إلى مالك بن عوف سيد [[هوازن|هوزان]]. وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال [[مسلم|المسلمين]]، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم.<ref>موقع غسلام ويب، غزوة حنين تداعياتها ونتائجها، بتاريخ 31 مارس 2004</ref>
{{غزوات الرسول2}}
{{سرايا الرسول2}}
 
== تعداد الجيش ==
خرج [[نبي|النبي]] ومعه اثنا عشر ألف مقاتل في جيش [[مسلم|المسلمين]]، ولم يكن كل جيش [[مسلم|المسلمين]] من [[صحابة|صحابة النبي]] من [[مهاجر (توضيح)|المهاجرين]] و[[الأنصار]] بل كان به كثيراً من الذين دخلوا في [[إسلام|الإسلام]] حديثاً بعد فتح [[مكة]].
وقد كان عدد جيش [[هوازن]] ثلاثون ألف مقاتل بقيادة "مالك بن عوف"، وقد أمر مالك بن عوف قومه بأن يخرجوا جميعًا لملاقاة [[مسلم|المسلمين]] ويأخذوا معهم [[امرأة|نساء]]هم وأبناءهم و[[مال|أموالهم]] و[[غنم|أغنامهم]] و[[جمل|إبل]]هم و[[بقرة|أبقارهم]] معهم في المعركة. وذلك حتى لا يفر المقاتلون من أرض المعركة. وقد خرج في جيش [[هوازن]] أحد شيوخها وهو [[دريد بن الصمة|دريد بن الصمه]]، وقد كان عمره مائه وستون عاماً، وهو ذو درايه وخبرة بفنون [[حرب|الحرب]] وأساليب [[قتال|القتال]]. ولما علم من أمر مالك بن عوف مع قومه بأن يخرج الأبناء و[[النساء (توضيح)|النساء]] والأموال و[[ماشية|الماشية]]؛ أنكر دريد هذا الرأي وقال إن هذا لاينفعنا ولكن مالك بن عوف أصر على رأيه وخرج [[هوازن|الجيش]] بما فيه فقال [[دريد بن الصمة|دريد]] لمالك بن عوف: "إذا لقيت [[محمد|محمدًا]] وجهًا لوجه فاعلم أنك مهزوم. فقال له مالك: "وما الرأي إذًا"، فقال [[دريد بن الصمة|دريد]]: "أكمن لهم فاذهب إلى [[حنين (توضيح)|حنين]] وأدخل بين الاشجار وعندما يصل [[مسلم|المسلمون]] إلى وادي حنين اخرج عليهم وحاصرهم."<ref name="ReferenceB">الموقع الرسمي للداعية مصطفى حسني، قصة غزوة حنين، الحلقة الحادية عشر</ref>
== قبل المعركة ==
=== أخبار العدو ===
أرسل [[محمد|الرسول]] ابن أبي حدرد وقال: "اجلس بينهم وخذ أخبارهم وائتني بأعلامهم"، وهذا قبل [[معركة|المعركة]]، فجلس بينهم في الليل؛ فسمع مالك بن عوف النصري يقول: "إذا أتينا غدًا فصبحوهم واضربوهم ضربة رجل واحد، فأخبر [[محمد|الرسول]] بذلك. وقد نقلت [[جهاز مخابرات|المخابرات]] الإسلامية بسرعة إلى الرسول أخبار [[هوازن]]، واستعدادها للحرب، وكان الرسول وقتئذٍ في [[مكة]]، فأرسل الرسول مباشرة الصحابي الجليل عبد الله بن أبي حَدْرَد الأسلميّ ؛ليتأكد من الخبر، فجاء بتأكيد ذلك، كما ذكر أحد [[مسلم|المسلمين]] ل[[محمد|رسول]] [[الله]] أن [[هوازن]] قد جاءت على بكرة أبيهم ب[[نساءامرأة|نسائهم]] ونعمهم وشائهم. وكان رد فعل [[محمد|الرسول]] بتبسم وقال: "تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ".<ref>رواه أبو داود (2501)، وصححه الألباني.</ref>
=== الاستعانة بسلاح العدو ===
لما أراد [[محمد|الرسول]] حنيناً قال ل[[صفوان بن أمية بن خلف|صفوان بن أمية]] وقد كان طلب مهلة أربعة أشهر حتى يفكر في دخول [[إسلام|الإسلام]]، قال: "يا أبا وهب: أتعيرنا مائة [[درع (توضيح)|درع]] و[[سلاح]]ها؟ قال: غصباً يا [[محمد]]، قال: بل عارية مضمونة"؛ فأخذها عارية مضمونة -أي إذا تلفت هذه [[درع (بذلة)|الدروع]] و[[سلاح|السلاح]] نضمنها لك. وهنا استعان الرسول بسلاح غير المسلم لقتاله.<ref>فتاوى الشيخ الألباني ومقارنتها بفتاوى العلماء، الطيبي، مكتبة التراث الإسلامي، 1994، ص300</ref>
== الغزوة ==
{{إسلام}}
خرج جيش [[مسلم|المسلمين]] وكان عدده اثني عشر ألف مقاتل، لكن [[المسلمونمسلم|المسلمين]] اغتروا بكثرتهم فقال بعضهم لبعض لن نهزم اليوم من قله. وأثناء سير [[محمد|النبي]] بجيش [[مسلم|المسلمين]] على الجبل، نظر [[محمد|النبي]] فوجد منحدر كبير ثم [[واد|وادي]] واسع ومساحه شاسعة من [[شجرة|الأشجار]] في اليمين والشمال ووجد جيش [[هوازن]] يقف عن بعد فأيقن [[محمد|النبي]] أن جيش [[هوازن]] يكمن في هذه الأشجار فأمر [[محمد|النبي]] أحد [[صحابة|الصحابة]] واسمه [[أنسقائمة بن أبي مرثد الغنويالصحابة|أنس بن أبي مرثد]] أن يأتي ب[[خيل|حصان]] ويصعد به إلى رأس الجبل ويقف عليه حتى يراقب المكان وذلك من طلوع [[الشمس]] حتى [[غروب|الغروب]]. كما أوصاه [[محمد|النبي]] ألا يترك مكانه إلا لقضاء حاجته أو لأداء [[صلاة|الصلاة]].
فامتثل أنس لأمر [[محمد|النبي]]، ثم عاد [[محمد|النبي]] فسأله [[محمد|النبي]]: "هل رأيت شيئاً؟" قال: "لا والله"، فقال [[محمد|النبي]]: "أبشر فان لك الجنة ما ضرك ما فعلت بعد اليوم."
بعدما تأكد [[محمد|النبي]] بعدم وجود [[كمين|كمائن]] بين الأشجار بدأ [[محمد|النبي]] يصف الجيش فكانت أول [[كتيبة (وحدة عسكرية)|كتيبة]] بقيادة [[خالد بن الوليد]]، والثانية [[الزبير بن العوام|الزبير]] والثالثه بقيادة [[علي بن أبي طالب|على بن أبي طالب]]. ثم بدأت أول كتيبه بقيادة [[خالد بن الوليد]] تنزل إلى هذا المنحدر وعند نزولها بدأت كمائن جيش [[هوازن]] تخرج من بين الأشجار؛ فارتبك جيش [[مسلم|المسلمين]]. قال تعالى: {{قرآن مصور|التوبة|25}}. يقول راوي القصة أن بعض من كان بجيش المسلمين من كان يجري إلى [[مكة]] لا يلتفت إلى الوراء لضراوة المعركة، ولم يبقى مع [[محمد|النبي]] إلا قله من أصحابه وبدأ [[محمد|النبي]] ينادي ويقول: "إليّ عباد الله أنا رسول [[الله]] فكان أول من أجاب [[محمد|النبي]] عمه العباس ففرح [[محمد|النبي]] لأن العباس كان صوته عاليًا. فقال له [[محمد|النبي]]: "نادِ عليهم يا عباس"، فقال: "ماذا أقول؟"، قال [[محمد|النبي]]: "قل يا أصحاب [[غزوة بدر|بدر]]"، فبدأ [[مسلم|المسلمون]] يتجمعون حول [[محمد|النبي]]، وكان عددهم 66 من [[الأنصار]] و33 من [[مهاجرون|المهاجرين]].
ثم بدأ القتال يشتد ويقول العباس من شدة القتال نزل [[محمد|النبي]] من على فرسه وركب بغلته وتوجه بها في اتجاه جيش [[هوازن]] وهو يقول: "أنا النبي لا كذب أنا ابن [[عبدالمطلبعبد المطلب بن هاشم|عبدالمطلب]]."
ثم أخذ [[محمد|الرسول]] قبضة من التراب بيده وألقاها في اتجاه جيش [[هوازن]]، وقال شاهت الوجوه اللهم نصرك الذي وعدت يقول العباس فمارأيت أحداً من [[هوازن]] إلا يفرك عينيه أو فمه واشتد القتال ولجأ [[صحابة|الصحابة]] إلى [[الله]] عز وجل.
قال تعالى {{قرآن مصور|التوبة|26}}. فقد أنزل الله سيدنا [[جبريل]] ومعه كتائب من [[ملاك|الملائكة]] من السماء يراهم [[مؤمن (توضيح)|المؤمنين]] على هيئة نمل أسود صغير على أجساد [[كافرلادينية|الكافرين]] ويراهم الكافرين [[فارس|فرسان]] بيض. في هذه الأثناء، كان [[خالد بن الوليد]] قائد جيش المسلمين ملقى على الأرض وجسده كله طعنات فجاء [[محمد|النبي]]، وتفل في يده ومسح على جسد [[خالد بن الوليد]] حتى برأ .
ثم لحقت الهزيمة ب[[هوازن]] وفر الجيش من ميدان المعركة تاركاً وراءه عشرات الآلاف من الأبقار والأغنام والإبل.
وجاء [[أبو سفيان بن حرب|أبو سفيان]] ل[[محمد|النبي]] ليأخذ نصيبه من [[غنيمة|الغنائم]] فأعطاه النبي مائة أوقية من [[ذهب|الذهب]] ومثلها من [[فضة|الفضة]] وطلب لأبنائه فأعطاه [[محمد|النبي]]. وجاء صفوان بن أميه فأعطاه [[محمد|النبي]] مائة أوقية من [[ذهب|الذهب]] ومثلها من [[فضة|الفضة]] ومائة [[جمل|ناقة]]. يقول صفوان – وقد كان مازال كافراً – فما زال محمدًا يعطيني حتى أحببته.
كان نصيب [[محمد|النبي]] من الغنائم [[جمل|إبل]] ما بين جبلين. فنظر أحد [[أعراب|الأعراب]] إلى نصيب [[محمد|النبي]] فقال له [[محمد|النبي]]: "أتعجبك؟"، قال: "نعم"، قال: "هي لك." فذهب إليها وهو يلتفت ثم أخذ الإبل يسوقها إلى قومه يقول يا قوم أسلموا لقد جئتكم من عند خير الناس إن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى [[فقر|الفقر]] أبداً.
فكان [[محمد|النبي]] حريص على أن يجزل العطاء من [[غنيمة|الغنائم]]، فقال [[الأنصار]] لقد وجد محمداً أهله في [[مكة]] فبلغ هذا الكلام [[سعد بن عبادة]] سيد [[الأنصار]]؛ فذهب ا[[محمد|النبي]] وقال له ما قاله [[الأنصار]] فقال له [[محمد|النبي]]: "وما قولك يا سعد ؟ فقال يا رسول الله: "إنما أنا امروء من قومي"، قال: "إذًا أجمع الناس"، فجمع [[محمد|النبي]] الأنصار وقال لهم: "لقد بلغتني عنكم مقالة أنكم وجدتم عليّ أني قد وجدت أهلي."<ref name="ReferenceB"/>
<gallery>
File:علي بن أبي طالب.gif|
سطر 58:
</gallery>
=== بداية الغزوة ===
لحقت الهزيمة ب[[مسلم|المسلمين]] في بداية غزوة [[حنين (توضيح)|حنين]]، وفر معظمهم في ميدان المعركة؛ لأنهم فوجئوا بما لم يتوقعوه.<ref>المجتمع المدني في عهد النبوة، العمري، ص204-205</ref> وقعت الهزيمة في الجولة الأولى لعدة أسباب منها:
# أن شيئًا من العجب تسرب إلى قلوب [[مسلم|المسلمين]]، لما رأوا عددهم، فقد قال رجل منهم: لن نغلب اليوم من قلة، فشق ذلك على [[محمد|النبي]] فكانت الهزيمة.
# خروج شبان ليس لديهم [[سلاح]] أو سلاح كافٍ، وإنما عندهم حماس وتسرع.
# أن عدد [[شرك بالله|المشركين]] كان كثيرًا بلغ أكثر من ضعفي عدد [[مسلم|المسلمين]].
# أن مالك بن عوف سبق بجيشه إلى [[حنين (توضيح)|حنين]] فتهيأ هنالك ووضع الكمائن والرماة في مضايق الوادي وعلى جوانبه، وفاجأوا [[مسلم|المسلمين]]، برميهم ب[[نبالنيبال|النبال]] وبالهجوم المباغت.
# كان العدو مهيأ ومنظمًا ومستعدًا للقتال حال مواجهته لجيش [[مسلم|المسلمين]]، فقد جاء المشركون بأحسن صفوف رُئيت: صف [[خيل|الخيل]] ثم المقاتلة ثم [[النساء (توضيح)|النساء]] من وراء ذلك ثم الغنم ثم النعم.
# وجود ضعاف الإيمان الذين أسلموا حديثًا في [[مكة]]، ففروا فانقلبت أولاهم على أخراهم، فكان ذلك سببا لوقوع الخلل وهزيمة غيرهم.<ref>المستفاد من القصص القرآن للدعوة والدعاة، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، 1998، (2/409).</ref><ref>المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، النووي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، (12/116، 117).</ref>
لمّا وصل [[محمد|رسول الله]] إلى وادي حُنين، وإذا بالعدو قد سبقهم إليه، فأحاطوا ب [[محمد|النبي]] وجيشه وحملوا عليهم حملة رجل واحد، فانهزم الناس خوفاً منهم، أخذ ينادي "صلى [[الله]] عليه وآله": «أيّها الناس هلمّوا إليّ، أنا رسول الله [[محمد بن عبد الله|محمّد بن عبد الله]]»، فلا يأتيه أحد!
ولمّا رأى [[محمد|النبي]] هزيمة القوم عنه قال للعباس ـ وكان صيّتاً جهوري الصوت: «ناد القوم وذكّرهم العهد»، فنادى بأعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب [[سورة البقرة]]! إلى أين تفرّون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه [[محمد|رسول الله]].<ref name="ReferenceC">أعيان الشيعة، العاملي، طبعة دارالتعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، سنة 1406 هـ / 1986م، (1/279).</ref>
==== ثبات ====
ثبت مع النبي يوم حنين عشرة أو اثنا عشر، وقيل: ثمانون، وقيل: مائة. ورجح [[ابن حجر العسقلاني]] وأغلب علماء أهل السنة أنهم كانوا عشرة، أنهم كانوا عشرة، وهم: [[أبو بكر الصديق]] و[[عمر بن الخطاب]] و[[عبد الله بن مسعود]] و[[العباس بن عبد المطلب]] وابنه الفضل و[[علي بن أبي طالب]] و[[أبو سفيان بن الحارث]] وأخوه ربيعة و[[أسامة بن زيد]]، وأخوه من أمه أيمن بن أم أيمن، ثم إن آخرين قد عادوا بسرعة إلى المعركة فعدّوا فيمن لم ينهزم.<ref>[http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=228550 عدد من ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، إسلام ويب] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180711202621/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=228550 |date=11 يوليو 2018}}</ref>
 
بينما لم يذكر علماء الشيعة أبا بكر وعمر وابن مسعود فيهم، وقالوا أنهم تسعة فقط من بني هاشم وهم: [[علي بن أبي طالب]]، و[[العباس بن عبد المطلب|العباس بن عبد المطّلب]]، و[[الفضل بن العباس|الفضل بن العباس بن عبد المطّلب]]، وربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، و[[عبد الله بن الزبير المطلبي|عبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب]]، وعتبة ومعتب ابنا [[أبو لهب|أبي لهب]]، و[[قائمة الصحابة|أيمن بن عبيد]] ، وهو ابن أُمّ أيمن مولاة [[محمد|رسول الله]] وحاضنته، وقد قُتل يوم حُنين، ويورى في ذلك أبياتًا للعباس يقول فيها:
{{اقتباس خاص|
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة ** وقد فرّ مَن قد فرّ منهم واقشعوا
سطر 78:
وعاشرنا لاقى الحمام بسيفه ** بما مسّه في الله لا يتوجّع}}
 
يعني [[قائمة الصحابة|أيمن بن عبيد]]. وقال الشيخ المفيد: «لم يبق مع [[محمد|النبي]] إلّا عشرة نفر، تسعة من [[بنو هاشم|بني هاشم]] خاصّة، والعاشر أيمن ابن أُمّ أيمن».<ref name="ReferenceC"/>
 
ومن المواقف المشرفة في هذه المعركة موقف [[صحابة|الصحابية]] أم سُليم رضي الله عنها، وكانت مع زوجها [[أبو طلحة الأنصاري|أبي طلحة]] رضي الله عنه. وقد روت كتب الحديث والسِّيَر بسند صحيح وقائع خبرها، فعن أنس رضي الله عنه، أن أم سليم رضي الله عنها اتخذت يوم [[حنين (توضيح)|حنين]] خنجرًا، فكان معها فرآها [[أبو طلحة الأنصاري|أبو طلحة]]، فقال: يا رسول الله ! هذه أم سليم، معها [[خنجر]]، فقال لها [[محمد|رسول الله]]: ما هذا الخنجر؟ قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل [[محمد|رسول الله]] يضحك، قالت: يا رسول [[الله]] اقتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك، فقال [[محمد|رسول الله]]: "يا أم سليم! إن الله قد كفى وأحسن."<ref>موقع إسلام ويب، غزوة حنين تداعياتها ونتائجها، بتاريخ 31 مارس 2004</ref>
 
=== هزيمة ونصر ===
تمكّن [[محمد|رسول الله]] من بثّ روح [[جهاد|الجهاد]] في نفوس [[مسلم|المسلمين]] من جديد، وقد كان أصابهم الخوف والذعر وأوشكوا على الفرار الكامل وتسجيل الهزيمة النكراء، فاجتمع [[مسلم|المسلمون]] ثانية وهجموا هجمة واحدة على [[شرك بالله|المشركين]]، ومضى [[علي بن أبي طالب]] -رضي الله عنه- إلى صاحب راية [[هوازن]] فقتله، وبعد مقتله كانت الهزيمة للمشركين.
و هكذا كتب الله النصر لرسوله الكريم ونصرهم بجنود من [[ملاك|الملائكة]]، وإلى هذا النصر يشير [[القرآن|القرآن الكريم]]: {{قرآن مصور|التوبة|26}}<ref>القران الكريم، سورة التوبة، الآية:26.</ref>
قال [[الشيخ المفيد]]: «وأقبل رجل من [[هوازن]] على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس [[رمح]] طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفراً من المسلمين اكبّ عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتّبعوه، وهو يرتجز ويقول:
{{إقتباس خاص|
سطر 92:
{{إقتباس خاص|
قد علم القوم لدى الصباح ** إنّي في الهيجاء ذو نطاح}}
فكانت هزيمة [[شرك بالله|المشركين]] بقتل أبي جرول، ثمّ التأم الناس وصُفّوا للعدو، فقال [[محمد|رسول الله]]: «اللّهمّ إنّك أذقت أوّل قريش نكالاً، فأذق آخرها نوالاً»، وتجالد [[مسلم|المسلمون]] والمشركون، فلمّا رآهم [[محمد|النبي]] قام في ركابي سرجه حتّى أشرف على جماعتهم، وقال: «الآن حمي الوطيس»
{{اقتباس خاص|
أنا النبي لا كذب ** أنا ابن عبد المطّلب}}
فما كان بأسرع من أن ولّى القوم أدبارهم، وجيء بالأسرى إلى [[محمد|رسول الله]] مكتّفين.<ref>الإرشاد، (1/142).</ref>
قال [[سلمة بن الأكوع]]: «ونزل [[محمد|رسول الله]] عن البغلة، ثمّ قبض قبضة من [[تراب (توضيح)|تراب]]، ثمّ استقبل به وجوههم وقال: "شاهت الوجوه"، فما خلف [[الله]] منهم إنساناً إلّا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولّوا مدبرين، واتبعهم [[مسلم|المسلمون]] فقتلوهم، وغنّمهم الله [[امرأة|نساء]]هم وذراريهم وشاءهم وأموالهم».<ref>[[صحيح مسلم]] (1777)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار، الكجراتي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الطبعة الثالثة، 1967، (21/167).</ref>
ولما انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى [[الطائف]]، وطائفة إلى نَخْلَة، وطائفة إلى أوْطاس، فأرسل [[محمد|النبي]] إلى أوطاس [[سرية أوطاس|سرية]] من المطاردين يقودهم [[أبو عامر الأشعري]]، فَتَنَاوَشَ الفريقان القتال قليلاً، ثم انهزم جيش [[شرك بالله|المشركين]]، وفي هذه المناوشة قتل القائد [[أبو عامر الأشعري]].
وطاردت طائفة أخرى من فرسان [[مسلم|المسلمين]] فلول [[شرك بالله|المشركين]] الذين سلكوا نخلة، فأدركت دُرَيْدَ بن الصِّمَّة فقتله ربيعة بن رُفَيْع، وأما معظم فلول [[شرك بالله|المشركين]] الذين لجؤوا إلى [[الطائف]]، فتوجه إليهم [[محمد|رسول الله]] بنفسه بعد أن جمع الغنائم.<ref>الرحيق المختوم، المباركفوري، دار الهلال، بيروت، ص 423-424.</ref>
==== خسارة بشرية ====
قتل من [[هوازن]] في ذلك اليوم خلق عظيم، وقتل [[دريد بن الصمة]] فأعظم الناس ذلك، فقال [[محمد|رسول الله]]: "إلى [[نار (توضيح)|النار]] وبئس المصير، إمام من أئمة [[كفر (توضيح)|الكفر]]، إن لم يُعِنْ بيده فإنه أعان برأيه". واستشهد في ذلك اليوم من [[مسلم|المسلمين]] أربعة نفر هم : أيمن بن عبيد، من [[بنو هاشم|بني هاشم]]؛ [[يزيد بن زمعة|يزيد بن زمعة بن الأسود]]، من [[بنو أسد|بني أسد]]؛ سراقة بن الحارث بن عدي، من [[الأنصار]]؛ [[الأشعريأشعرية|أبو عامر الأشعري]]، من الأشعريين.<ref>تاريخ الطبري، أبو جعفر الطبري، دار التراث - بيروت، 1387 هـ، (3/81).</ref><ref>خليفة بن خياط، بن خياط بن خليفة الشيباني العصفري البصري، دار القلم ، مؤسسة الرسالة - دمشق ، بيروت، 1397، ص42</ref>
==== غنائم ====
رجع [[محمد|رسول الله]] إلى [[جعرانة|الجعرانة]] بمن معه من الناس، وقسّم بها ما أصاب من [[غنيمة|الغنائم]] يوم حُنين، وهي: ستّة آلاف من الذراري والنساء، ومن البهائم ما لا يُحصى ولا يُدرى.<ref>مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي، 5/36.</ref>
==== سبايا ====
سبى المسلمون من [[شرك بالله|المشركين]] في ذلك اليوم سبايا كثيرة، بلغت عدّتهم ألف [[فارس]]، وبلغت الغنائم أثنى عشر ألف [[جمل|ناقة]] سوى الأسلاب. ثم جمعت إلى [[محمد|رسول الله]] سبايا حنين وأموالها، وكان على المغانم مسعود بن عمرو القاري، فأمر[[محمد|النبي]] بالسبايا والأموال إلى الجعرانة فحُبست بها.<ref>تاريخ الطبري، أبو جعفر الطبري، دار التراث - بيروت، 1387 هـ، 3 / 81.</ref>
وقد كان فيما سُبي أُخته بنت [[حليمة السعدية]]، فلمّا قامت على رأسه قالت: يا محمّد أُختك شيماء بنت حليمة، فنزع [[محمد|رسول الله]] برده فبسطه لها فأجلسها عليه، ثمّ أكبّ عليها يسألها، وهي التي كانت تحضنه إذ كانت أُمّها ترضعه.<ref>إعلام الورى بأعلام الهدى، الطبرسي، (1/239).</ref>
== دروس مستفادة ==
قال تعالى: {{قرآن مصور|التوبة|25|26|27}}<ref>القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 25-27</ref>
إن غزوة حنين سُجلت في [[القرآن|القرآن الكريم]] لكي تبقى درسًا للأمة في كل زمان ومكان، ولقد عرضت في [[القرآن|القرآن الكريم]] على منهجية [[الله|ربانية]] كان من أهم معالمها الآتي:
# بين القرآن الكريم أن [[مسلم|المسلمين]] أصابهم الإعجاب بكثرة عددهم، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) ثم بين [[القرآن]] أن هذه الكثرة لا تفيد ﴿فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا).
# بين [[القرآن|القرآن الكريم]] أن [[مسلم|المسلمين]] انهزموا وهربوا ما عدا النبي ونفر يسير من أصحابه، قال تعالى: ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ).
# بين القرآن الكريم أن [[الله]] نصر رسوله في هذه المعركة وأكرمه بإنزال السكينة عليه وعلى المؤمنين فقال تعالى: {{قرآن مصور|التوبة|26}}<ref>القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 26</ref>
# بين [[القرآن|القرآن الكريم]] أن [[الله]] أمد رسوله [[محمد|محمدًا]] بالملائكة في حنين قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ).
# وأكد –سبحانه- على أنه يقبل [[التوبة في الإسلام|التوبة]] من عباده ويوفق من شاء إليها، قال تعالى: {{قرآن مصور|التوبة|27}}<ref>القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 27</ref><ref>حديث القرآن (2/602، 603).</ref>
 
=== الكثرة ===
الإعجاب بالكثرة حجب عن [[مسلم|المسلمين]] النصر في بداية المعركة، وقد عبر [[القرآن|القرآن الكريم]] عن ذلك بقوله: {{قرآن مصور|التوبة|25}}.<ref>القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 25</ref> وقد نبه إلى هذا [[محمد|رسول الله]] حينما أوضح أنه لا حول ولا قوة إلا بالله فيقول: «اللهم بك أحول وبك أصول، وبك أقاتل».<ref>سنن الدارمي، الدرامي، دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 2011، (2/135)</ref><ref>مسند الإمام أحمد بن حنبل، بن أسد الشيباني، مؤسسة الرسالة، 2010، (4/333).</ref> وهكذا أخذ [[محمد|الرسول]] يراقب [[مسلم|المسلمين]] ويقوِّم ما يظهر من انحرافات في التصور والسلوك، حتى في أخطر ظروف المواجهة مع خصومه العتاة.<ref>المجتمع المدني في عهد النبوة، العمري، ص199</ref>
 
=== مواقف الطلقاء يوم حنين ===
في هذا الموقف الصعب تباينت مواقف الطلقاء، فمنهم من صرّح ب[[كفر (توضيح)|كفر]]ه بعد أن كان متظاهرًا ب[[إسلام|الإسلام]]، مثل كَلَدَة بن الحنبل، ولكنه أسلم بعد ذلك وله صحبة، فهذا الرجل قال في ذلك الوقت: ألا بطل السِّحْر اليوم.
فهو يتهم [[محمد|الرسول]] بالسحر، مع أنه خارج مع [[مسلم|المسلمين]] على أنه [[مسلم]]. ومنهم من لم يكتفِ بالكفر، بل حاول قتل [[محمد|الرسول]] مثل [[شيبة بن عثمان الأوقص|شيبة بن عثمان]]، وبفضل الله أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه. ومنهم من أظهر الشماتة دون أن يظهر [[كفر (توضيح)|الكفر]] ك[[أبو سفيان بن حرب|أبي سفيان]] زعيم [[مكة]] الذي قال: لا تنتهي هزيمتهم دون [[بحر|البحر]].<ref>السيرة النبوية، ابن كثير، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت - لبنان، 1976، (3/619).</ref>
 
=== ترك حب الدنيا نصرة للإسلام ===
[[ملف:الأنصار2.png|230px|تصغير|يسار|شجرة أنساب الأنصار وتظهر فيها أسماء لمشاهير رجال ونساء الأنصار]]
رأى [[محمد]] أن يتألف الطلقاء و[[أعراب|الأعراب]] بالغنائم تأليفًا لقلوبهم لحداثة عهدهم ب[[إسلام|الإسلام]]، فأعطى لزعماء [[قريش]] و[[بنو غطفان|غطفان]] وتميم عطاء عظيمًا، إذ كانت عطية الواحد منهم مائة من [[جمل|الإبل]]، ومن هؤلاء: [[أبو سفيان بن حرب]]، و[[سهيل بن عمرو]]، و[[حكيم بن حزام]]، و[[صفوان بن أمية بن خلف|صفوان بن أمية]]، وعيينة بن حصن الفزاري، و[[الأقرع بن حابس]]، و[[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] و[[يزيد بن أبي سفيان|يزيد]] ابنا [[أبو سفيان بن حرب|أبي سفيان]]، وقيس ابن عدي.<ref>كتاب الفضائل، مسلم، باب ما سئل رسول الله شيئًا قط، (4/1806) رقم 2312.</ref> وكان الهدف من هذا العطاء المجزي هو تحويل قلوبهم من حب الدنيا إلى حب [[إسلام|الإسلام]]، أو كما قال [[أنس بن مالك]]: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون [[إسلام|الإسلام]] أحب إليه من [[دنيا (توضيح)|الدنيا]] وما عليها.وعبر عن هذا [[صفوان بن أمية بن خلف|صفوان بن أمية]] بقوله: "لقد أعطاني [[محمد|رسول الله]] ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ".<ref>كتاب الفضائل، مسلم، باب ما سئل رسول الله شيئًا قط، نفسه (4/1806) رقم 2313.</ref>
وقد تأثر حدثاء [[الأنصار]] من هذا العطاء بحكم طبيعتهم البشرية، وترددت بينهم مقالة، فراعى هذا الاعتراض وعمل على إزالة التوتر، وبين لهم الحكمة في تقسيم [[غنيمة|الغنائم]]، وخاطب [[الأنصار]] خطابًا إيمانيًّا عقليًّا عاطفيًّا وجدانيًّا، ما يملك القارئ [[مسلم|المسلم]] على مر الدهور وكر العصور وتوالي الزمان إلا البكاء عندما يمر بهذا الحدث العظيم، فعندما دخل سعد على [[محمد|رسول الله]] فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من [[الأنصار]] قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في [[قائمة قبائل العرب|قبائل العرب]]، ولم يكن في هذا الحي من [[الأنصار]] منها شيء. قال: «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال: يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي، قال: «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة؟» قال: "فجاء رجال من [[مهاجرون|المهاجرين]]، فتركهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردَّهم، فلما اجتمعوا أتى سعد، فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من [[الأنصار]]، فأتاهم رسول الله، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «يا معشر [[الأنصار]]، ما قالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضُلاَّلا فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟» قالوا: [[الله]] ورسوله أمنُّ وأفضل، ثم قال: «ألا تجيبوني يا معشر [[الأنصار]]؟» قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل. قال: «أما والله لو شئتم لقلتم فلصَدَقْتم ولصُدِّقتُم: أتيتنا مكذَّبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلا فآسيناك. أوجدتم عليَّ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من [[دنيا (توضيح)|الدنيا]] تألفتُ بها قومًا ليسلموا، ووكلتكم إلى [[إسلام]]كم، ألا ترضون يا معشر [[الأنصار]] أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس [[محمد]] بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، ولولا الهجرة، لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا وواديًا، وسلكتْ الأنصار شعبًا وواديًا لسلكتُ شعب الأنصار وواديها، [[الأنصار]] شعار والناس دثار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار». قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا ب[[محمد|رسول الله]] قسمًا وحظًّا، ثم انصرف رسول الله وتفرقوا، وفي رواية: «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض».<ref>كتاب الزكاة، مسلم، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، (2/738) رقم 1061.</ref>
 
=== الصبر على جفاء الأعراب ===
لقد ظهر من [[محمد|رسول الله]] الكثير من [[صبر|الصبر]] على جفاء [[أعراب|الأعراب]]، وطمعهم في الأموال، وحرصهم على المكاسب، فكان مثالًا للمربي الذي يدرك أحوالهم، وما جبلتهم عليه [[بيئة|بيئتهم]] وطبيعة حياتهم من القساوة والفظاظة والروح الفردية، فكان يبين لهم ويطمئنهم على مصالحهم ويعاملهم على قدر عقولهم، فكان بهم رحيمًا ولهم مربيًا و[[إصلاح (سياسة)|مصلحًا]]، فلم يسلك معهم مسلك ملوك عصره مع رعاياهم الذين كانوا ينحنون أمامهم أو يسجدون، وكانوا دونهم محجوبين، وإذا خاطبوهم التزموا بعبارات التعظيم والإجلال، كما يفعل العبد مع ربه، أما [[محمد|الرسول]] فكان كأحدهم؛ يخاطبونه ويعاتبونه، ولا يحتجب عنهم قط، وكان [[صحابة|الصحابة]] رضوان الله عليهم يراعون التأدب بحضرته ويخاطبونه بصوت خفيض، ويكنون له في أنفسهم المحبة العظيمة، وأما جفاة [[أعراب|الأعراب]] فقد عنفهم [[القرآن]] على سوء أدبهم وجفائهم، وارتفاع أصواتهم وجرأتهم في طبيعة مخاطبتهم ل[[محمد|لرسول]].
 
قال أبو موسى الأشعري: كنت عند النبي وهو نازل بالجعرانة بين [[مكة]] و[[المدينة المنورة|المدينة]] ومعه بلال، فأتى النبيَّ [[بدو|أعرابي]] فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: «أبشر» فقال: قد أكثرت عليَّ من أبشر، فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال: «رد البشرى، فاقبلا أنتما» قالا: قبلنا. ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه ثم قال: «اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا» فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة.<ref>كتاب المغازي، البخاري، رقم 4328.</ref>
 
قال [[عبد الله بن مسعود]]: "... فلما كان يوم حنين آثر [[محمد|رسول الله]] ناسا في القسمة، فأعطى [[الأقرع بن حابس]] مائة من [[جمل|الإبل]]، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف [[عرب|العرب]]، وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: و[[الله]] إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله، قال: فقلت: والله لأخبرن [[محمد|رسول الله]]، قال: فأتيته فأخبرته بما قال، قال: فتغير وجهه حتى كان كالصرف، ثم قال: «فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟!» قال: ثم قال: «يرحم الله [[موسى عليه السلام|موسى]]؛ قد أوذي بأكثر من هذا ف[[صبر]]» قال: قلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثًا.<ref>كتاب الزكاة،مسلم، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، حديث 1062.</ref>
== انظر أيضا ==
* [[غزوة أحد]]
سطر 143:
|-
|width="30%" align="center"|'''قبلها:'''<br/>'''[[فتح مكة]]'''
|width="40%" align="center"|'''[[غزوات الرسول محمد|غزوات الرسول]]'''<br/> غزوة حنين <br/>
|width="30%" align="center"|'''بعدها:'''<br/>'''[[غزوة الطائف]]'''
|}