التاريخ الاجتماعي للفيروسات: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Glory20 (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
Glory20 (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 58:
كُررت التجربة على أحد عشر طفلاُ من الأيتام ونجو جميعهم من ذلك البلاء. وتم تطعيم أحفاد الملك [[جورج الأول ملك بريطانيا العظمى|جورج الأول]] عام 1722 م.<ref>Lane, p. 137</ref> لم تكن تلك الطريقة آمنة تماما حيث كان هناك فرصة واحدة لحدوث وفاة من بين خمسين حالة.<ref name="Rhodes, p. 21">Rhodes, p. 21</ref> بالاضافة إلى ذلك كانت تلك الممارسة مُكلفة؛ كان الطبيب يتقاضى مان بين 5 و10 جنيه استرليني نظير القيام بذلك الاجراء. وكانت تُباع للممارسين الأخرين بأتعاب بين 50الى 100 جنيه استرليني أو مقابل نصف الأرباح. أصبحت ممارسة التجدير (التطعيم بالجدري) مُربحة ولكنها ظلت بعيدة عن متناول الكثيرين لتكلفتها العالية حتى أواخر 1770s.<ref name="Rhodes, p. 21"/> في ذلك الوقت لم يعرف أحد شيئاً حول الفيروسات أو [[جهاز مناعي|الجهاز المناعي]] ولم يعرفوا حتى كيف لتلك الممارسة بالتجدير أن تُوفر المناعة والوقاية من مرض الجدري.<ref>Zimmer, p. 83</ref>
 
'''[[إدوارد جينر]]'''(17 مايو 1749 - 26 يناير 1823) هو طبيب ملكي إنكليزي كان أول من اكتشف [[لقاح]] لمرض الجدري. تلقى التطعيم بالتجدير وهو طفل صغير وعانى كثيراً من الجدري لكنه عاش ونشأ محمياً منه.<ref>Booss, p. 57</ref><ref>Reid, p. 16</ref> لاحظ "جينر" ان عُمال حلب الأبقار الذين أصابهم مرض حمى جدري البقر معتدلة ( cowpox ) لديهم مناعة ضد مرض الجدري. لذلك قرر اختبار تلك النظرية ولكنه لم يكن أول من يقوم بذلك. وفي 14 مايو 1796 اختار جينر طفل سليم "[[جيمس فيبس]]" عمره 8 سنوات ليقوم بتطعيمه بمرض جدري البقر. ونجا الطفل من التطعيم التجريبي لفيروس جدري البقر، وعانى الطفل من حُمى خفيفة فقط . وفي 1 يوليو 1796 أخذ "جينر" عينة من قيح الجدري وقام ب[[تطعيم]] الطفل "فيبس" بها في ذراعه وقام بالأمر مرارا وتكرارً، ونجا الطفل بعد أكثر من 20 مرة دون استسلام للمرض. بعد وقت قليل اتضح ان طريقة جينر للتطعيم بجدري البقر أكثر أماناً من طريقة التجدير، وفي عام 1801 م تم تطعيم أكثر من 100.000 شخص ضد المرض.<ref name="Lane, p. 140">Lane, p. 140</ref>
[[ملف:Jenner cartoon from 1802.jpg|200px|تصغير|يسار|رسم كارتون عام 1802 م ،م، يُصور "إدوارد جينر" يقوم بتطعيم الناس بلقاح جدري البقر، والأبقار تخرج من أجسامهم .]]
بالرغم من اعتراضات الممارسين الطبيين للتلقيح بالجدري(varilation) لأنهم توقعوا انخفاضاً في دخلهم، جعلت [[المملكة المتحدة]] التطيعم بالمجان للفقراء في عام 1840 م. وفي العام نفسه تم منع الممارسة بالحقن بالجدري وأعُلن انها ممارسة غير قانونية بسبب الوفيات المصاحبة لها.<ref name="Lane, p. 140"/> ثم أصبح التطعيم إجباريا في بريطانيا وويلز بموجب قانون التطيعم لعام 1853 م، ونص القانون على تغريم الأباء £1 جنيه استرليني ما لم يتم تطيعم أطفالهم قبل بلوغهم عمر ثلاثة أشهر. ولم يُطبق القانون بالشكل الكافي بالاضاقة إلى عدم فعالية نظام توفير التطعيمات والذي لم يتغير منذ 1840 م.وبعد أن اظهر السكان امتثالا مبكرا للتطعيم، نسبة قليلة فقط تم هي التي خضعت للتطعيم.<ref>Brunton, pp. 39–45</ref> فلم يلقى التطعيم الاجباري ترحيباً، وبعد مظاهرات معارضة، تم تكوين رابطة مناهضة للتطعيم وأُخرى مناهضة للتطعيم الإجباري في عام 1866 م.<ref>Glynn, p. 153</ref><ref>Brunton, p. 91</ref> وعقب الحملات المناهضة للتطعيم الاجباري تفشى الجدري في صورة وباء خطير في مدينة [[غلوستر]]، حيث ضرب الوباء المدينة لأول مرة منذ 20 سنة ومات 434 شخص من بينهم 281 طفل.<ref>Glynn, p. 161</ref> وبالرغم من ذلك وافقت الحكومة على رأي معارضي التطعيم، وارضاءاً لهم أصدرت قانون التطعيم لعام 1898 م ومنعت بموجبه الغرامات، كما أدرجت بنداً لأول مرة "[[المستنكف الضميري]]" (Conscientious objector) يتعلق بأن يعمل المرء بما يمليه عليه ضميره، ويسمح للآباء والأمهات الذين لا يؤمنون بفعالية التطعيم أو سلامته بالحصول علي شهادة إعفاء من التطعيم. وخلال السنوات التالية تم منح 205.000 اعفاء من التطعيم، وبحلول عام 1912 تم تطعيم أقل من نصف عدد السكان من المواليد الجُدد.<ref>Glynn, p. 163</ref> وفي عام 1948 م لم يعد التطعيم ضد الجدري اجبارياً في المملكة المتحدة.<ref>Glynn, p. 164</ref>
=== لويس باستير و مرض داء الكلب ( السُعار ) ===
سطر 67:
وفي فرنسا خلال عهد [[لوي باستير|لويس باستير]] (1822-1895) كان هناك بضع المئات من العدوى بالسُعار بين البشر كل سنة،ويأس الناس من الشفاء من المرض. بالرغم من إدراك باستير للخطر المُحتمل له قام بالبحث عن الجرثومة في الكلاب المسعورة.<ref>Reid, pp. 93–94 {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20140216075636/http://www.altibbi.com:80/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1 |date=16 فبراير 2014}}</ref> أوضح باستير انه عند طحن النخاع الشوكي الذي استخلصه من الكلاب الميتة بسبب المرض وتجفيفه لإضعاف الفيروس في الأنسجة العصبية من خمس إلى 10 أيام، ومن ثم حقن كلب سليم بتلك الأنسجة ووجد ان الكلب لم يُصب بالعدوى. وكرر باستير تلك التجربة عدة مرات على نفس الكلب باستخدام أنسجة تم تجفيفها لأيام أقل في كل مرة، وعاش الكلب حتى بعد الحقن بأنسجة عصبية نشيطة مصابة بالدوى. وبذلك قام باستير بتحصين الكلب كما فعل ذلك مع 50 كلب غيره.<ref>Reid, p. 96</ref>
[[ملف:Rabies cartoon circa 1826.jpg|200px|تصغير|يسار|رسم كارتوني يُصور كلب مسعور في أحد شوارع لندن]]
كان لدى ''باستير'' فكرة ضئيلة عن كيفية عمل طريقته ونجاحها ومع ذلك قام باختبارها على ''جوزيف مايستر''، هو صبي أحضرته أمه الي باستير في 6 يوليو عام1886، وكان الصبي مُغطى بالعضات بسبب كلب مسعور، توسلت أم الصبي إلى ''باستير'' لكي يُنقذ طفلها. ولم يكن باستير طبيباً بل كان عالماً لذلك كان مدركاً للعواقب التي من الممكن أن تحدث اذا سارت الأمور على غير ما يُرام او عند حدوث خطأ ما. ومع ذلك قرر ''باستير'' مساعدة الطفل وقام بحقنه بأنسجة من أرنب مُصاب بالسُعار على مدار 10 أيام متتالية.<ref>Reid, pp. 97–98</ref> وفي وقت لاحق كتب باستير " يبدو ان وفاة هذا الطفل أمر لا مفر منه، و بالرغم من القلق الشديد ...الشديد، قررت أن اقوم بتطبيق الممارسة اللتي نجحت مع الكلاب على ''جوزيف مايستر''".<ref>Dobson, p. 159</ref> وشُفي جوزيف وعاد مع أمه الي البيت في 27 يوليو. وفي أكتوبر من نفس السنة نجح باستر في معالجة صبي آخر؛ جين بابتيست جوليب صبي راعي يبلغ 15 عاماً، تم عضه بشدة أثناء محاولته حماية أطفال أخرين من كلب مسعور.<ref>Dobson, pp. 159–160</ref> وظلت طريقة باستير للعلاجة مستخدمة لأكثر من 50 سنة بعد ذلك.<ref>Dreesen DW (1997). "A global review of rabies vaccines for human use". Vaccine 15: S2–6. doi:10.1016/S0264-410X(96)00314-3. {{PMID|9218283}}.</ref>
 
كانت المعلومات عن مسببات هذا المرض قليلة جدا حتى عام 1903، وكان طبيب [[علم الأمراض]] '''نيغري إلشي''' أول من اكتشف الفيروسات المجهرية الدقيقة في أدمغة الحيوانات المسعورة خلال قيامه بدراسة البنية المجهرية للأنسجة، ويُطلق على تلك الأجسام الدقيقة الآن '''[http://www.altibbi.com/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6/%D8%AC%D8%B3%D9%85-%D9%86%D9%8A%D8%BA%D8%B1%D9%8A أجسام نغري]''' Negri bodies.<ref>Kristensson K, Dastur DK, Manghani DK, Tsiang H, Bentivoglio M (1996). "Rabies: interactions between neurons and viruses. A review of the history of Negri inclusion bodies". Neuropathology and Applied Neurobiology 22 (3): 179–187. doi:10.1111/j.1365-2990.1996.tb00893.x. {{PMID|8804019}}.</ref>، واعتقد بالخطأ ان تلك الاجسام هي [[أولي (كائن)|أَوَالي]] طفيلية او كائنات وحيدة الخلية. بعد ذلك قام الطبيب الفرنسي '''بول رملنجر''' (1871-1964) بتجارب الترشيح والتي اظهرت ان تلك الأجسام هي أصغر بكثير من الكائنات وحيدة الخلية وحتى أصغر من البكتريا. وبعد 30 عام اتضح ان اجسام نيغري هي تراكمات دقائق غروانية يصل طولها من 100-150 [[نانومتر]] وهو حجم اجسام [[فيروسات ربدية|الفيروسات الربدية]] المعروفة الآن المُسببة لفيروس الُسعار او داء الكلب.<ref name="Mahy, b p. 243"/>
سطر 73:
== القرن العشرون والحادي والعشرون ==
 
في مطلع القرن 20 تم الحصول على أدلة تُثبت وجود الفيروسات عن طريق تجارب الترشيح والتي كان بها مسام أصغر من تلك المرشحات التي يمكن ان تعبر من خلالهاالكتريا؛ وتم صياغة مصطلح "فيروس رشوح" من أجل وصف تلك الفيروسات.<ref>Crawford (2000), p. 14</ref> في الثلاثينات من القرن العشرين اعتقد معظم العلماء ان الفيروس هو نوع من البكتريا الصغيرة، ولكن بعد اكتشاف المجهر الالكتروني عام 1931 اتضح انها مختلفة تماما عن البكتريا لدرجة ان بعض العلماء لم يقتنع أنهم أي شيء آخر غير تراكمات من [[بروتين|البروتينات]] السامة.<ref>Kruger DH, Schneck P, Gelderblom HR (2000). "Helmut Ruska and the visualisation of viruses". Lancet 355 (9216): 1713–1717. doi:10.1016/S0140-6736(00)02250-9. {{PMID|10905259}}.</ref> وتغير الوضع جذرياً حين تم اكتشاف ان الفيروسات تحتوى على مادة وراثية (جينات) في شكل حمض نووي [[الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين|DNA]] أو [[حمض نووي ريبوزي|RNA]] .<ref>Crawford (2000), p. 15</ref> وبمجرد أن تم التعرف على الفيروسات بوصفها كيانات بيولوجية متميزة أصبحت سريعاً السبب في العديد من الأصابات والعدوى لكثير من النباتات والحبوانات وحتى البكتريا.<ref>Oldstone, pp. 22–40</ref>
 
الجدري هو أحد الأمراض البشرية العديدة التي تسببها الفيروسات في القرن ال20، و قد تم القضاء عليه. ولكن الأمراض مثل مرض [[فيروس العوز المناعي البشري|نقص المناعة البشرية]] HIV والأنفلونزا تسببها فيروسات أكثر تعقيدا ويصعب السيطرة عليها.<ref>Baker, p. 70</ref> و تُمثل الأمراض اللتي تسببها أربوفيروس (نوع من الفيروسات) تحدياً جديداً.<ref>Levins, pp. 123–125, 157–168, 195–198, 199–205</ref>