الحرب العثمانية السعودية: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V3.5
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:عنونة مرجع غير معنون (1.2)
سطر 24:
| قائد2 = {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} '''[[محمد علي باشا]]'''<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} طوسون باشا<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} [[إبراهيم باشا]]<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} [[أحمد بونابرت]]<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} مصطفى بيك<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} [[عابدين بك|عابدين بيك]]<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} محو بيك<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} حسين بيك<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} حسن باشا<br/>{{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} المسيو فاسيير<br/>{{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} إبراهيم آغا{{قفم}}<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} أحمد آغا أبو شنب{{قفم}}<br/>{{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} سليم آغا الخازندار{{قفم}}<br/>{{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} رشوان آغا<br/> {{صورة رمز علم|Flag of Egypt (1793-1844).svg}} آبوش آغا<br/>
| قائد3 =
| وحدات1 =أتباع إمام الدرعية<ref name="مولد تلقائيا13">The glory title in the history of the Najd, Ibn peshr</ref>
| وحدات2 =قوات تركية وأرنؤوط وشركس وليبية ومصرية وحلفائهم<ref>Notes on the Bedouins and Wahábys, Burckhardt</ref>
| وحدات3 =
| قوة1 = 20.000 واحتياطي عشرة آلاف مقاتل<ref>The gloryname="مولد titleتلقائيا13" in the history of the Najd, Ibn peshr</ref>
| قوة2 = 35.000 مقاتل<ref>Total losses of the first campaign Eight thousand fighters+Total forces that remained with Muhammad Ali Pasha in the Hijaz until September 1814 (twenty thousand) of the book (Notes on the Bedouins and Wahábys, Burckhardt) and (A book of documents of the Arabian Peninsula in the modern era, Dr. Abdul Rahim Abdul Rahman Abdul Rahim)+Total forces that came with Ibrahim Pasha from Egypt to surround the Diriyah seven thousand five hundred fighters. Did not calculate the irregular forces of the Arabs, did not calculate the forces of Khalil Pasha, three thousand fighters that came from Alexandria. The losses of Ibrahim Pasha's campaign did not count as he moved to besiege Diriyah.
Book of (Thoughts on Wahhabism, Mohamed Ismail almoqadim)/Book of (Wonders of Archeology in the translations and news, Abdul Rahman al-Jabarti)</ref>
سطر 39:
| صندوق_حملة =
}}
'''الحرب العثمانية السعودية''' أو '''الحرب المصرية السعودية'''، هي حرب نشبت ما بين [[الدولة العثمانية]] و[[الدولة السعودية الأولى]] ما بين سنتي 1811م-1818م، وقد انتهت بعد ست سنوات وأحد عشر شهراً بسقوط الدولة السعودية الأولى وتدمير عاصمتها الدرعية على يد قوات [[محمد علي باشا]] الوالي العثماني ل[[إيالة مصر|مصر]].<ref name="مولد تلقائيا10">عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref><ref name="مولد تلقائيا9">عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref><ref>المقامات، عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب</ref>
==الخلفية التاريخية==
[[ملف:محمد بن عبد الوهاب.png|250px|تصغير|يسار|ولد الشيخ [[محمد بن عبدالوهاب]] بالعيينة وتوفي بالدرعية ما بين سنتي (1703م-1791م) وله أربعة أبناء معقبين.]]
ظهرت الدعوة [[سلفية|السلفية]] في القرن الثامن عشر للميلاد على يد الشيخ [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب التميمي]]. ولد محمد بن عبدالوهاب سنة 1115هـ (1703م) في [[العيينة]] من [[نجد|بلاد نجد]]، ونشأ بها وقرأ [[القرآن|القرآن الكريم]] وحفظه، وتلقى العلم عن أبيه الذي تولى القضاء في بعض بلدات [[اليمامة (إقليم)|إقليم اليمامة]]، وحج إلى بيت الله الحرام وهو بعد في سن الشباب، ثم قصد [[المدينة المنورة]] وأقام بها نحو شهرين، ثم عاد إلى بلده واشتغل بدراسة الفقه على مذهب الإمام [[أحمد بن حنبل]]، وكان حاد الفهم، شديد الذكاء، سريع الإدراك والحفظ، قوي الرغبة في العلم، رحل في طلب العلم فقصد البصرة والحجاز، ثم أقام بالأحساء؛ إذ كانت آهلة برجال العلم والعلماء، وطالت إقامته يتلقى فيها العلم ويقرأ كثيرا من كتب الحديث والفقه واللغة، فاتسع في كل ذلك، ثم عاد إلى أرضه وموطنه.<ref name="مولد تلقائيا4">روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، ابن غنام</ref>
 
كان [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]] [[حنابلة|حنبلي]] المذهب، وقد استنكر كثيرا من البدع الفاشية بين المسلمين ورأى فيها شركا بالله، وسعى لتنقية عقيدة المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية التي انتشرت في الجزيرة العربية وتراها [[سلفية|السلفية]] مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي مثل: التوسل بالقبور والأولياء والذبح لهم والدعاء بهم وطلب البركة منهم واللجوء إليهم وبناء المساجد على القبور وبناء الأضرحة ونحو ذلك. فدعا إلى التوحيد وصنف فيه كتاباً، وكرس نفسه لتنقية الدين وتخليصه مما دخله من البدع، فدعا قومه إلى نبذها وطرح كل ما لم يرد في [[القرآن|القرآن الكريم]] و[[حديث نبوي|السنة النبوية المطهرة]] من التعبدات الشركية، والرجوع بالدين إلى فطرته وبساطته الأولى على ما كان عليه سلف الأمة. وقد وقف معه فئة قليلة وتعرض للأذى الشديد وأخذ يتنقل بين بلدات نجد حتى استقر به المقام بالدرعية وكان ذلك بعد أن طرده أمير العيينة ابن معمر خوفا من [[إمارة آل حميد الأولى|حاكم الأحساء]] الذي توعد بقطع التجارة مع العيينة إن لم يخرج محمد بن عبدالوهاب منها.<ref>روضة الأفكارname="مولد والأفهامتلقائيا4" لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، ابن غنام</ref>
===مناصرة محمد بن سعود الحنفي (أمير الدرعية) لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي===
هو مؤسس [[الدولة السعودية الأولى]] أو أمير الدرعية، تولى الإمارة بعد وفاة أبيه كابرا عن كابر، وقد تزامنت ولايته مع ظهور أمر الدعوة [[سلفية|السلفية]] في [[نجد]]؛ وقد وصل الشيخ [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]] للدرعية، وأخذ يدعو أهلها لنبذ كل ما أدخل على دين الله مما ليس فيه، ومناديا إلى إخلاص العبادة لله وحده، فناصره أهلها، وتوافد عليه طلاب العلم ومنهم ثنيان بن سعود ومشاري بن سعود إخوة أمير الدرعية [[محمد بن سعود بن محمد آل مقرن|محمد بن سعود]]. لم يكن الأمير محمد مهتماً في البداية إلا بعد أن تأثرت زوجته موضي بنت أبي وطبان بالدعوة [[سلفية|السلفية]] فألحت على زوجها الأمير محمد بمناصرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والذهاب إليه ومعاونته والنظر في دعوته، فالتقى الأمير محمد بن سعود بالشيخ محمد بن عبدالوهاب في مسكن الأخير وتأثر بدعوته وتعاهدا على نشر الدعوة وقد تمخض عن ذلك وثيقة الدرعية (اتفاق الدرعية) إيذاناً بقيام [[الدولة السعودية الأولى|الدولة السعودية]] سنة 1157هـ الموافق لسنة 1744م.<ref>روضة الأفكارname="مولد والأفهامتلقائيا4" لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، ابن غنام</ref><ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء1-الجزء2، ابن بشر</ref> أراد أمير الدرعية محمد بن سعود أن يكون بينه وبين الشيخ محمد بن عبدالوهاب عهداً وميثاقاً، فقال له: {{اقتباس مضمن|يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به والجهاد لمن خالف التوحيد، ولكن أريد أن أشرط عليك شرطين اثنين. الأول: نحن إذا قمنا بنصرتك والجهاد في سبيل الله وفتح الله لنا ولك البلدان، أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا، الثاني: إن لي على الدرعية قانونا -أي ما يدفعه الضعيف إلى القوي ليحميه ويدافع عنه في سفره وترحاله- آخذه منهم في وقت الثمار، وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئا}}، أجاب الشيخ: {{اقتباس مضمن|أيها الأمير أما الأول فأبسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثاني فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات، فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها}}. ثم بسط محمد بن سعود يده وبايع محمد بن عبدالوهاب على نصرة دين الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وإقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<ref>روضة الأفكارname="مولد والأفهامتلقائيا4" لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، ابن غنام</ref>
 
روى [[عثمان بن بشر|عثمان بن عبدالله بن بشر الحرقوصي]] المؤرخ النجدي المعاصر لتلك الحقبة عن استعصام الشيخ [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]] بالدرعية، ونصرة أميرها له، ما نصه: {{اقتباس مضمن|أبشر ببلاد خير من بلادك، وابشر بالعز والنعمة. فقال له الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها، ملك البلاد والعباد}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
روى [[حسين بن أبي بكر بن غنام|حسين بن أبي بكر بن غنام التميمي]] الأحسائي أحد مؤرخي [[الدولة السعودية الأولى]] والمعاصر لها في وصف مكانة الشيخ [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]] بالدرعية، ما نصه: {{اقتباس مضمن|وقد بقي الشيخ بيده الحلّ والعقد، والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير، ولا يركب جيش ولا يصدر رأي من محمد بن سعود ولا من ابنه عبدالعزيز، إلا عن قوله ورأيه. فلما فتح الله الرياض، وأمنت السبل، وانقاد كل صعب من باد وحاضر، جعل الشيخ الأمر بيد عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وفوض أمور المسلمين وبيت المال إليه}}. صارت الدرعية مركزاً لنشر دعوة محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، وتقاطر إليها طلاب العلم الذين صاروا فيما بعد أنصاراً للدعوة وللدولة، وبدأ الشيخ يبعث برسائله إلى أمراء البلاد المجاورة وزعماء القبائل، يبلغهم ما يدعو إليه من إحياء للدين.<ref>روضة الأفكارname="مولد والأفهامتلقائيا4" لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، ابن غنام</ref>
 
لاحقاً، ومع توسع الدولة السعودية، ألغي نظام الإخاوة أو القانون الذي كان يدفعه الضعيف في السفر، وحل محله الزكاة. وكذلك لم تعد القوة هي الحكم في الخلافات بين الناس، فقد أقيم قضاة لفصل الخصومات ونشطت الحركة العلمية نشاطاً عظيماً.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، باب مناقب الإمام عبدالعزيز بن محمد، ابن بشر</ref><ref>تاريخ البلاد العربية السعودية (الدولة السعودية الأولى)، المجلد 2، ص8-ص9، أ.د. منير العجلاني عضو المجمع العلمي العربي بدمشق أستاذ تاريخ الحقوق في الجامعة السورية</ref>
سطر 62:
قام الشريف سرور بن مساعد، خلف الشريف أحمد بن سعيد، بمنع أتباع الدرعية من [[الحج في الإسلام|الحج]] حتى قَدم له إمام الدرعية، [[عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالعزيز بن محمد]]، هدايا ثمينة، وتودد له، فسمح لأتباع الدرعية بالحج سنة 1197هـ الموافق لسنة 1782م، ولسنة واحدة فقط. روى [[حسين بن أبي بكر بن غنام|ابن غنام]] الأحسائي المعاصر لتلك الحقبة ما قُدم لشريف مكة في قوله: {{اقتباس مضمن|وفيها أهدى عبدالعزيز، حرسه الله تعالى، إلى سرور والي مكة المشرفة خيلا وركابا، وكرمه بذلك وشرفه، وقصده بذلك التشريف والإكرام، وإهدائه ذلك النفيس الذي هو أجل الحطام، الرخصة لأهل الدين والإسلام، في أداء واجب الافتراض والالتزام، خامس أركان هذا الدين، على التحقيق والجزم واليقين، الذي مُنِعُوه من سنين، وكانوا على قضائه متوجدين، فجاء الأمر منه في ذلك بالرخصة، فشمر المسلمين وانتهزوا الفرصة}}.<ref>[https://www.alukah.net/library/0/76602/الغزوات البيانية والفتوحات الربانية، ص849، ابن غنام]</ref>
 
توفي الشريف سرور بن مساعد سنة 1202هـ الموافق لسنة 1787م، وخلفه أخوه الشريف [[غالب بن مساعد]]، والذي واصل سياسية سلفه، بل وقام بتجريد حملات كبيرة قاصدا إنهاء نفوذ الدرعية عسكريا بإيعاز من الدولة العثمانية؛ إذ كان ذلك بعد أن توسعت وامتد نفوذها لجبل شمر والأحساء المحاذيتين لمناطق نفوذ الدولة العثمانية.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> لاحقاً، سمح الشريف [[غالب بن مساعد]] بعد هزيمة وقعت عليه لأتباع الدرعية ب[[الحج في الإسلام|الحج]] ودون انقطاع.<ref>نفس المصدر، الجزء الأول، ص255، ابن بشر</ref>
 
{{اقتباس عالم|الشيخ [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]]<ref>الدرر السنية في الأجوبة النجدية، الجزء الأول، العقائد، ص87</ref>|متن=وأما ما صدر من سؤال الأنبياء، والأولياء، الشفاعة بعد موتهم، وتعظيم قبورهم، ببناء القباب عليها والسرج، والصلاة عندها، واتخاذها أعياداً، وجعل السدنة، والنذور لها، فكل ذلك: من حوادث الأمور، التي أخبر بوقعوها النبي صلى الله عليه وسلم، وحذر منها، كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقوم الساعة، حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان. وهو صلى الله عليه وسلم حمى جناب التوحيد، أعظم حماية، وسد كل طريق يوصل إلى الشرك، فنهى: أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، كما ثبت في صحيح مسلم، من حديث جابر، وثبت فيه أيضا: أنه بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمره: أن لا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه، ولا تمثالاً إلا طمسه؛ ولهذا قال غير واحد من العلماء: يجب هدم القبب المبنية على القبور، لأنها أسست على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم. فهذا: هو الذي أوجب الاختلاف، بيننا وبين الناس، حتى آل بهم الأمر، إلى أن كفرونا، وقاتلونا، واستحلوا دماءنا، وأموالنا.|مجمل رسالته لأهل [[المغرب]]}}
سطر 82:
بعد هزيمة ثويني بن عبدالله سنة 1211م الموافق لسنة 1796م، جهزت الدولة العثمانية حملة جديدة من اثني عشر ألفاً من المقاتلين بقيادة نائب والي بغداد الكتخدا علي باشا ضمت فيها الجند المدرب والمدافع، وقوة من العشائر جنوب العراق، وسيرتها سنة 1213هـ الموافق لسنة 1798م نحو [[الأحساء (محافظة)|الأحساء]] براً وبحراً، إلا أنها عجزت عن اقتحام حصون الأحساء، ودب اليأس في قواتها مع طول الحصار، فقفلت راجعة للعراق.<ref>تاريخ الفاخري، ص161، محمد بن عمر الفاخري التميمي/[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 323 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref> عندها أسرع [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] في تخريب آبار الماء على طول الدرب وأقام معسكره عند [[ثاج|ماء ثاج]]، شمال الأحساء، ليمنعهم عنه، وقامت مناوشات بين الطرفين عند الماء، وقد انسحب على إثرها الكتخدا علي باشا دون أي طائل.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص251-ص255، ابن بشر</ref><ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 323 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref> لم تحقق تلك الحملات المتواصلة أهدافها في القضاء على إمامة الدرعية إلا أنها أضعفت من قوتها واستنزفتها قبل الحملة العثمانية المصرية المشتركة لاحقاً؛ إذ امتدت النزاعات مع ولاة العراق حتى سنة 1811م.<ref>تاريخ نجد، ابن غنام/عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
{{اقتباس عالم|[[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]]<ref name="مولد تلقائيا6">الدرر السنية في الأجوبة النجدية</ref>|متن=وأما ما ذكرتم أنكم مشيتم على الأحساء، فنقول الحمد لله على ذلك الممشى، فإنه ولله الحمد والمنة، هتك أستاركم به، ونزع به مهابتكم من قلوب المسلمين، وأخزاكم الله به الخزي العظيم الظاهر والباطن، الذي ما عليه مزيد. وقبله، الممشى الذي أخذتُ به مدافعكم، وقتلت فيه عساكركم، يهلكون في كل منهل. ولكن كما قال تعالى: (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) سورة يونس.. فلما أتيتم الأحساء.. ولم يبق إلا قصران من المسلمين في كل واحد منهما خمسون رجلاً، فيهم أطراف الناس، ما يعرفون من المسلمين، وأعجزكم الله تبارك عنهم، وكدتموهم بكل كيد تقدرون عليه، مع وجه الأرض وباطنها، ونحن في ذلك نجمع لكم الجموع، ولا لنا همة غير ذلك، فلما تهيأنا للهجوم عليكم، ولم يبق بيننا وبينكم إلا مسيرة خمس مراحل، قذف الله الرعب في قلوبكم، ووليتم هاربين منهزمين، لا يلوي أحد على أحد، وأشعلتم النار في علف حصنكم، وثقل حملكم وخيامكم، كما قال تعالى: (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار) سورة الحشر. فلما علمنا بانهزامكم مدبرين، أخذنا لوجهكم طالبين، ورجع من المسلمين قريب ثلثي العسكر، لما عرفوا أن الله أوقع بكم بأسه، ولحقناكم وأتيناكم من عند وجوهكم، ونوخنا مناخ سوء لكم، ورجونا أن الله قد أمكننا منكم، وأن يمنحنا أكتافكم، ويورثنا أرضكم ودياركم. فلما حل بكم العطب وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، واستسلمتم لزهوق نفوسكم، توسلتم بابن ثامر، وأمرته يبدي لنا الرقة والوجاهة فجاءنا، ثم جاءنا ركبك، وكتابك، وتوجهك، وجنحنا لقوله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) سورة الأنفال. وأنت في تلك الساعة متحير برهانك، ضائع رأيك، تتأكى في وسط الناس على المراغة.. ولحَّ علينا حمود بن ثامر ومحمد بيك بالوجاهة، وفي حال الحرب، وأنت متق عنا بالعربان، جاعلهم بيننا وبينك ولا خير فيمن جعل الأعراب ذراه.|مجمل رسالته رداً على رسالة الكتخدا علي باشا والتي أعلمه الأخير فيها بمسيره للأحساء ومطالبته بها وقد رافقته عشائر العراق}}
 
يُذكر أن تلك الأعمال والحملات العثمانية على الدولة السعودية كانت سبباً في اندلاع الحرب السعودية المملوكية، حيث أصبحت العراق مركزاً لتجمع المعارضين للنفوذ السعودي ومصدر تهديد لمناطق نفوذها شرقاً وشمالاً. ولذلك أغار [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] على [[الزبير (العراق)|الزبير]] و[[البصرة]] و[[سوق الشيوخ]] و[[السماوة]] و[[النجف]] و[[كربلاء]] و[[عانة (العراق)|عانة]] وبواديهم، وكررها مراراً، وكان ذلك ما بين سنتي 1797م-1811م.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> عمل [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] فيها على جمع قواته من أهل البادية والحاضرة على حدود العراق، والتوغل معهم قاصداً بلدات العراق على [[الفرات|نهر الفرات]]؛ ليقضي على فرصتهم في أن يغيروا عليه في جيوبه المتفرقة كما كان يحدث معه سابقاً.<ref>مواد في تاريخ الوهابيين، ص84، بركهارت</ref><ref>الوهابيون تاريخ ما أهمله التاريخ، ص187، لويس دوكرانسي</ref> أوكلت الدولة العثمانية لاحقاً لوالي الشام عبدالله باشا العظم مهمة القضاء عليه إلا أنه لم يقم بأي عمل فعال بحجة ضعف قواته، فعزلته؛ وعينت مكانه يوسف باشا كنج الذي اكتفى بالمراسلات بينه وبين [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]]، ملئت تلك المراسلات بالتهديد والوعيد، مما أغضب [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] والذي سير حملة كبيرة عليه سنة 1810م أغار فيها على [[بصرى]] و[[المزيريب]]، وتنقل بنفسه على رأس جيشه في [[حوران|سهل حوران]]، ووصل ل[[عين الفيجة|ماء الفيجة]] و[[جبل الشيخ]]، مما أغضب السلطان العثماني فعزل يوسف باشا كنج، وعين مكانه سليمان باشا على أن ينسق مع والي مصر [[محمد علي باشا]] جهودهما ضد الدرعية.<ref>تاريخ جودت، جودت</ref><ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص309-310، ابن بشر</ref>
===دخول الحجاز في طاعة إمام الدرعية===
في سنة 1217هـ الموافق لسنة 1802م، قدم على الدرعية صهر الشريف [[غالب بن مساعد|غالب]]، عثمان بن عبدالرحمن العدواني، وكان مبعوثا من قبل الشريف غالب في مكة للتفاوض خاصة بعد أن لاقت الدعوة [[سلفية|السلفية]] استحسان قبائل الحجاز التابعة للشريف وظهر جلياً خوفه من أن تنقلب عليه. تأثر عثمان العدواني أثناء إقامته بالدرعية بما يدعو إليه الإمام [[عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالعزيز بن محمد]] وصحبه، وانضم لهم وخلع الشريف [[غالب بن مساعد|غالب]] و[[الدولة العثمانية|العثمانيين]] وما كانوا عليه، وسار من نفس العام لضم الحجاز ونشر الدعوة [[سلفية|السلفية]] فيها وكان يرافقه [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] ابن الإمام عبدالعزيز بن محمد مع عدد كبير من قوات الدرعية وكان ذلك قبل اغتيال الإمام [[عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالعزيز بن محمد]].<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
هُزم عسكر الشريف [[غالب بن مساعد]] من نفس العام في معركة العبيلاء، ثم اجتمع لدى عثمان العدواني من أهل الحاضرة والبادية في نجد والحجاز الكثير، فتوجه بهم إلى الطائف وفيها الشريف غالب بن مساعد وقد تحصن واستعد لمنازلتهم، فحاصرها، فما كان من الشريف إلا أن ترك الطائف متوجهاً إلى مكة، فدخلها عثمان وأتباعه وخضعت له جميع قراها وبواديها فجمع الأخماس وبعثها إلى الدرعية؛ وعلى إثر ذلك تم تعينه أميرا على الحجاز تقديراً لصنيعه.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
وفي سنة 1218هـ الموافق لسنة 1803م، خضعت [[الباحة|أرياف مكة الجنوبية]] ومن ثم حاصر عثمان العدواني عامل الدولة السعودية على الحجاز مع أتباعه مكة ودخلها من دون قتال بعد خروج الشريف [[غالب بن مساعد]] إلى جدة، في حين هاجم [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] جدة فامتنعت عن السقوط فانسحب لمناعة أسوارها على أن يعيد الكرة لاحقا. استغل الشريف غالب بن مساعد عودة [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] (والذي عين إماماً عقب وفاة والده من نفس السنة) واستولى على مكة، في حين توجه عثمان العدواني إلى جدة فحاصرها دون طائل فتركها، ودخل عرب مكة ومعظم الحجاز في طاعة عثمان بعد أن تأثروا بالدعوة [[سلفية|السلفية]]، وقد أقام عثمان العدواني حصناً منيعا في المدرة وجعل عليه أحد المخلصين له ليكون كتثبيت لسيطرته، واستمر عثمان العدواني بمضايقة عسكر الشريف غالب بن مساعد ودارت بينهم وقائع كثيرة، تلاها صلح بين الدرعية والشريف غالب بن مساعد بعد أن ضيق علماء مكة على الشريف، فخضع الشريف غالب للدرعية وعُين قائما على مكة فامتد نفوذ الدولة السعودية لمكة المكرمة وكان ذلك بعد أن بايع أهل المدينة المنورة إمام الدرعية وهدموا قباب القبور عندهم سنة 1220هـ الموافق لسنة 1805م. وفي صفر من نفس السنة 1220هـ الموافق لسنة 1805م هجمت قوات الدرعية على العساكر العثمانية في أكبر معسكراتهم بالحجاز وهزمتهم، فدان الحجاز كاملاً للدولة السعودية وبايعت بقية القبائل إمام الدرعية على السمع والطاعة وانتظم الأمر ل[[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]].<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref><ref>تاريخ ابن غنام، ابن غنام</ref>
===شهادة علماء مكة المكرمة في الدعوة الإصلاحية وانضوائهم تحت راية الدولة السعودية===
{{اقتباس عالم|علماء مكة<ref>الدرر السنيةname="مولد فيتلقائيا6" الأجوبة النجدية</ref>|متن=الحمد لله رب العالمين، نشهد ونحن علماء مكة الواضعون خطوطنا وأختامنا في هذا الرقيم، إن هذا الذي قام به الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله تعالى، ودعا إليه إمام المسلمين، سعود بن عبدالعزيز، من توحيد الله، ونفي الشرك، الذي ذكره في هذا الكتاب، أنه هو الحق، الذي لا شك فيه، ولا ريب. وأن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً، ومصر والشام وغيرهما من البلاد إلى الآن، من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنه الكفر، المبيح للدم، والمال، والموجب للخلود في النار. ومن لم يدخل في هذا الدين، ويعمل به، ويوالي أهله، ويعادي أعداءه، فهو عندنا كافر بالله واليوم الآخر، وواجب على إمام المسلمين، والمسلمين، جهاده وقتاله، حتى يتوب إلى الله مما هو عليه، ويعمل بهذا الدين.
أشهد بذلك، وكتبه الفقير إلى الله تعالى عبدالملك بن عبدالمنعم القلعي الحنفي مفتي مكة المكرمة عفى عنه وغفر له. أشهد بذلك وأنا الفقير إلى الله سبحانه محمد صالح بن إبراهيم مفتي الشافعية بمكة تاب الله عليه. أشهد بذلك وأنا الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد عربي البناني مفتي المالكية بمكة المشرفة عفا الله عنه وأصلح شأنه. أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله محمد بن أحمد المالكي عفا الله عنه. أشهد بذلك وأنا الفقير إلى الله تعالى محمد بن يحيى، مفتي الحنابلة، بمكة المكرمة عفا الله عنه آمين. أشهد بذلك وأنا الفقير إليه تعالى عبدالحفيظ بن درويش العجيمي عفا الله عنه. شهد بذلك زين العابدين جمل الليل. شهد بذلك علي بن محمد البيتي. أشهد بذلك وأنا الفقير إلى الله تعالى عبدالرحمن جمال عفا الله عنه. شهد بذلك الفقير إلى الله تعالى بشر بن هاشم الشافعي عفا الله عنه.|حق كتاب الشيخ محمد بن عبدالوهاب المرسل إليهم مع رسالة الإمام [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]]}}
 
سطر 99:
==الحملات العثمانية المصرية على الدولة السعودية==
[[ملف:MahmutII.jpg|تصغير|السلطان العثماني [[محمود الثاني]].]]
أعدم السلطان العثماني [[سليم الثالث]] في انقلاب دبره [[مصطفى الرابع]]، وقد أعدم هذا الأخير لاحقا بعد سنة ووصل [[محمود الثاني]] لدار السلطنة سنة 1223هـ الموافق لسنة 1808م. واصل محمود الثاني سياسة أسلافه سليم الثالث ومصطفى الرابع في محاولة التضييق على نفوذ [[الدولة السعودية الأولى|الدولة السعودية]] وازداد رغبة في تدميرها بعد أن دخلت الحجاز والحرمين الشريفين في ظلها. جدد السلطان محمود الثاني الأوامر لواليه على مصر [[محمد علي باشا]] والذي صدر التكليف له لأول مرة من قبل السلطان مصطفى الرابع بالهجوم على الدولة السعودية بعد أن تبين جلياً عجز ولاة الشام والعراق، إلا أن محمد علي باشا اعتذر بسبب الظروف الاقتصادية السيئة الناتجة من انخفاض فيضان نهر النيل. ولما كرر السلطان تكليفه محمد علي باشا، خشي الأخير أن يكون هناك شرك تنصبه له الدولة، وأبدى، هذه المره، عذره بأن قوته العسكرية غير كافية، ولابد من حشد طاقات عسكرية كبيرة، من ولايات العراق والشام، إلى جانب قوة مصر. كما أنه، منذ سنة 1223هـ الموافق لسنة 1808م، بدأ يثير مشكلة تخوفه من والي الشام سليمان باشا، الذي يتهمه بالتعاون مع خصومه، وربط مهمة قبوله هذه المهمة، بعزل هذا الوالي، وإسنادها إلى صديقه، والي الشام السابق، يوسف باشا كنج، الذي لجأ إلى مصر. وبعد ذلك، بدأ يقترح على الدولة العثمانية وجوب تسيير الجيوش البرية من الشام، بقيادة سليمان باشا نفسه، ليأمن جانب غدره به، أثناء تغيبه في الحجاز. وفي الحقيقة، كان محمد علي باشا، يطمع أن تسند إليه ولاية الشام، إضافة إلى ولاية مصر.<ref name="مولد تلقائيا12">عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref><ref>وثائق عثمانية</ref>
 
لما وجد محمد علي باشا، أن محاولاته للتخلص من تلك المهمة العسيرة، لا تنجح. جند طاقته، وأعد الجيوش، البرية والبحرية.
وفي سنة 1226هـ الموافق لسنة 1811م، قام محمد علي باشا بجمع أمراء المماليك ودبر مكيدة للتخلص منهم جميعاً خوفا من أن يغدروا به حيث فتك بهم بعد أن جمعهم لمأدبة طعام على شرف جيشه، وقد سميت تلك الحادثة ب[[مذبحة القلعة]] توطد فيها سلطانه وسير بعدها بشهور قليلة حملاته على الدولة السعودية.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref>
===الحملة الأولى (1811م - 1813م)===
اتخذ [[محمد علي باشا]] معسكراً بالقرب من [[القاهرة]] لإعداد حملته، وعقد لواءها لنجله طوسون باشا يرافقه فيها كبار قادته، ولما وقعت [[مذبحة القلعة|مذبحة المماليك بالقلعة]]، بدأ محمد علي باشا في حشد المقاتلين والعتاد بشكل كبير وقطع في ذلك ستة أشهر ونيفا إلى أن صارت على أهبة الرحيل، وبلغ عدد رجالها ثمانية آلاف مقاتل منهم ستة آلاف من المشاة وألفان من الفرسان بالإضافة للقوات الغير نظامية من العربان.<ref>تاريخ البلاد العربية السعودية (الدولة السعودية الأولى)، المجلد 3، ص98، أ.د. منير العجلاني عضو المجمع العلمي العربي بدمشق أستاذ تاريخ الحقوق في الجامعة السورية</ref><ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref>
====معارك ينبع والسويقة وبدر====
في شعبان سنة 1226هـ/سبتمبر 1811م، سير [[محمد علي باشا]] جيشه ناحيه الحجاز، وكان خط سير الحملة أن تتحرك السفن بالجنود المشاة من ثغر السويس إلى ينبع البحر، أما الفرسان وعلى رأسهم طوسون باشا فيسيرون براً مع مواشيهم وجمالهم المحملة بالمؤن والسلاح عن طريق برزخ السويس فالعقبة حتى يبلغوا ينبع البحر فيلتقوا بالمشاة بها ومن هناك يزحف الجيش إلى المدينة المنورة.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref> وبعد شهر من مسيرهم، وصلت السفن العثمانية بلدة ينبع البحر واستولت عليها، وقد كان فيها حامية صغيرة فانسحب أميرها الموالي للدولة السعودية الشريف جابر بن جبارة بعد أن خسر ثلاثمائة من أتباعه، وأسرع في إعلام أمير المدينة المنورة المعين من قبل الدولة السعودية مسعود بن مضيان الحربي ليبعث الأخير برسالة على وجه السرعة ل[[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] بالدرعية يعلمه فيها عن هذا الإنزال الكبير، ويعلمه عن القوات الأخرى التي تسير بمحاذاة الساحل براً والتي أخذت في استمالة أبناء القبائل بالهدايا والأموال في طريقها إلى ينبع البحر.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/مانجان، تاريخ مصر في عهد محمد علي</ref>
 
روى [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]] المؤرخ المصري المعاصر لتلك الحقبة ما جرى لأهل البلدة وأحداثها، بقوله: {{اقتباس مضمن|وردت الأخبار بأن العساكر البحرية ملكوا ينبع البحر، ونهبوا ما كان فيه من ودائع التجار، وذلك أنه كان بمرساة الينبع عدة مراكب وداوات.. ونهبوا كل ما كان بالينبع من الودائع والأموال والأقمشة والبن، وسبوا النساء والبنات الكائنات بالبندر، وأخذوهن أسرى، ويبيعوهن على بعضهم البعض، ووصل المبشرون بذلك.. فضربوا لذلك مدافع من القلعة كثيرة، وعملوا شنكا، وطافت المبشرون على بيوت الأعيان ليأخذوا منهم البقاشيش، وأرسلوا بتلك البشارة شخصا معينا كبيرا إلى إسلامبول، يبشرون أهل الدولة وسلطان الإسلام، وكان ذلك أول فتح حصل}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص219-ص220، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
وفي نوفمبر من نفس السنة، وصل طوسون باشا بفرسانه لينبع البحر حيث التقى بقواته المشاة فيها، وسار منها مع قادته قاصداً [[ينبع النخل|ينبع البر]] وفي طريقه أغارت عليه فرقه بقيادة الشريف جابر بن جبارة مع مسعود بن مضيان الحربي ليمنعاه من بلوغها، فهزمهما ودخل [[ينبع النخل|ينبع البر]]،<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا12" التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref> فسارع الشريف ابن جبارة ومسعود بن مضيان الحربي في الانضمام لقوات الدرعية الرئيسية والتي بدأت في حفر خندق في أحد خيوف وادي الصفراء في الطريق الرابط ما بين المدينة وينبع للإيقاع بالقوات العثمانية. لاحقاً، واصلت الحملة العثمانية سيرها نحو المدينة المنورة، تعاونها جموع من القبائل، التي استمالها طوسون باشا بالهدايا والأموال. وتمكنت، بعد اشتباكات يسيرة من الاستيلاء على قريتي السويقة وبدر.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
====معركة وادي الصفراء====
وفي ديسمبر من نفس السنة، زحف طوسون باشا وقادته نحو المدينة المنورة، وكان قد أعد لهم [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله]] ابن الإمام [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] كميناً في أحد خيوف<ref group="معلومة">'''الخيف''' هو ما انحدر من غِلظِ الجبل وارتفع عن مَسِيل الماءِ.</ref> [[معركة وادي الصفراء|وادي الصفراء]] الضيقة في طريقهم للمدينة المنورة بعد أن اتفق الرأي مع من معه على حفر خندق وتعبئة الجيش عنده، فصار عند الخندق أهل نجد بقيادة [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله]] ابن الإمام [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]]، وفي الجبل فوق الخندق أهل الحجاز والجنوب وعليهم عامل الدولة السعودية على الحجاز عثمان بن عبدالرحمن العدواني؛ كما عمل أيضا على وضع بعض التحصينات الصغيرة لتأخير تقدمهم.<ref>الدرر السنية، الجزء 9، ص223، عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب التميمي</ref>
سطر 119:
====طوسون باشا يستميل أهل القبائل ويدخل قرى حرب====
فر طوسون باشا بعد الهزيمة في الصفراء مع من بقي حياً من قواته قاصداً ينبع البحر، وتحصن بها؛ إذ لم يعد معه من عساكره سوى ثلاثة آلاف مقاتل من أصل ثمانية آلاف مقاتل نظامي، والتي لم يدخل فيها القوات الغير نظامية التي نجح في استمالتها وحاربت معه، فأسرع في طلب المدد.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي/عصر محمد علي، ص127، عبد الرحمن الرافعي</ref>
وصلت أنباء هذه الهزيمة لاحقاً إلى [[محمد علي باشا]]، ونسبها طوسون باشا إلى اختلاف قواده وتقصيرهم، وطلب المدد كي يسد الفراغ الذي وقع في صفوف الجيش، فتأثر محمد علي باشا لهذه الهزيمة، وأرسل يستدعي رؤساء الجيش المسؤولين عنها، وعاد بعضهم إلى مصر من تلقاء أنفسهم، فغضب عليهم محمد علي باشا وأقصاهم من مراكزهم ونفاهم من مصر، وكان منهم صالح قوش رئيس الجند الأرنؤوط والذي كان له شأن كبير في مذبحة المماليك بالقلعة، كما اضطر محمد علي باشا للقيام بنفقات الحملة إلى فرض ضرائب جديدة أمكنته أن يمون منها قواته.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref>
 
وفي سنة 1227هـ/1812م، قدم من [[إيالة مصر|مصر]] عن طريق البحر [[أحمد بونابرت]] مع الأموال والعدد والعدة في خمسة عشر ألفاً من المقاتلين بالإضافة لثلاثة آلاف مقاتل من [[المغرب العربي|المغاربة]] جهزهم [[محمد علي باشا]] دعما للقوات المرابطة في ينبع والتي عليها ابنه طوسون باشا.<ref>كتاب (من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث)، [[عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم]]
</ref><ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/54 الصفحتين 55-56 من كتاب Persia and A brief history of the Wahauby الجزء الثاني قسم الوهابية]</ref> تحركت القوات العثمانية بعد تأمين ينبع إلى المدينة المنورة وقد استولت في طريقها على وادي الصفراء وقراه وبلدان حرب دون قتال باستمالة أهلها بالهدايا والمال مع الخُلع لشيوخ العشائر.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 353 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]/عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
====معركة المدينة المنورة====
وصلت القوات العثمانية إلى [[المدينة المنورة]] في منتصف شوال سنة 1227هـ/1812م وضربوا عليها الحصار، وسدوا عنها الماء، ونصبوا عليها المدافع والقنابر الكبار، وهدموا ناحية قلعة البلد؛ ذلك أنه عندما استعصت المدينة بأسوارها وقوة تحصيناتها أمر طوسون باشا قواته بحفر سراديب تحت سور المدينة ناحية قلعة البلد وثوروا فيه البارود وأشعلوا فيه النار فانهار السور واندفعت القوات العثمانية على من كان فيها.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص328-ص329، ابن بشر</ref> وقد كان بالمدينة المنورة من الحامية السعودية عدد من جميع النواحي جعلهم فيها إمام الدولة السعودية [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] أثناء قفوله من الحج سنة 1226هـ/1811م، حيث وضع فيها سبعة آلاف مقاتل إلى جانب الآلاف من القوات المرابطة فيها من أهلها تحسبا لهجوم محتمل.<ref name="مولد تلقائيا2">عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص329، ابن بشر</ref> في تلك الأثناء قام بعض من كان يسكن المدينة بفتح باب البلد فانكسرت القوات السعودية المرابطة فيها وانهارت صفوفهم وكثر الرمي والقتل فيهم عند فجوة السور المنهار ومن داخل البلد فانحازوا لقلعة المدينة المحصنة وذلك لتسعة مضين من ذي القعدة. فأخذت قوات طوسون باشا في ضرب القلعة بالمدافع حتى طلب من كان فيها المصالحة بعد أيام، فأنزلوهم منها بالأمان على أن يغادروا المدينة فغادروها بعد شهر من بدأ المعركة التي امتدت من منتصف شهر شوال إلى منتصف شهر ذي القعدة تقريبا، وقد مات بعد خروجهم الكثير جوعا ومرضا.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا2" تاريخ نجد، الجزء الأول، ص329، ابن بشر</ref>
 
روى بركهارت مؤرخ حملات محمد علي باشا في تاريخه، ما قام به [[أحمد بونابرت]] بعد المعركة، ما نصه: {{اقتباس مضمن|جمع أحمد، بأسلوب الوندال الحقيقي، جماجم كل [[الدولة السعودية الأولى|الوهابيين]] الذين قتلوا في المدينة، فكون منها برجاً في الطريق الرئيسية إلى ينبع، ووضع حرساً قربه. ومع ذلك نجح العرب، وحتى سكان المدينة، من وقت إلى آخر في إزالة ذلك التذكار المرعب. وحين وصلت إلى المدينة.. لم يكن قد بقي منه إلا القليل}}.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 356 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
سطر 134:
بعد انقضاء موسم الحج وعودة [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] للدرعية، قام الشريف [[غالب بن مساعد]] بمراسلة قوات محمد علي باشا عارضا عليهم تسليم [[جدة]] و[[مكة]] دون قتال؛<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، أحداث شهر صفر سنة 1228هـ، عبد الرحمن الجبرتي/عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص331-ص332، ابن بشر</ref> عندها وقع [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|بعبدالله]] ابن الإمام [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] ما أوحشه من الشريف غالب وأحس بغدر الأخير، فاستظهر جنوده المخلصين له بمكة وعجلوا بالخروج منها؛<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص331، ابن بشر</ref> عندها قام الإمام [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] بتجريد حملتين الأولى بقيادة ابنه [[فيصل بن سعود الكبير]] لنجدة المرابطين ناحية مكة الذين أخذوا يناوشون ويتنقلون بين الطائف وعبيلاء ورنية واستقروا بتربة؛<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/عصر محمد علي، ص130، عبد الرحمن الرافعي</ref> والثانية خرج هو على رأسها من عشرين ألفا في آخر ربيع سنة 1228هـ/1813م<ref>من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث، [[عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم]]/عصر محمد علي، ص131، عبد الرحمن الرافعي</ref> قاصدا جهة المدينة المنورة لمعاقبة القبائل التي غدرت به وأيضا لمحاولة قطع الطريق بين المدينة المنورة والإمدادات القادمة من جهة مصر؛ فنزل [[الحناكية]] شرق المدينة المنورة وهزم حامية طوسون باشا فيها واستردها؛ وسار منها حتى بلغ [[جبل أحد]] فأغارت عليه خيالة العثمانيين وحاولوا استدراجه لأسوار المدينة فتركهم وأخذ يهاجم القبائل التي غدرت به حتى بلغ الصفراء فأحرق نخيلها؛ ثم سار على الحرة ونزل على أهل بلدة السوارقية فهزمهم وأحرق نخيلهم.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص332-ص333، ابن بشر</ref> في تلك الأثناء وفي شهر شعبان اجتمع طوسون باشا ومصطفى بيك مع الشريف غالب في مكة بعد أن سلم الأخير لهم جدة ومكة دون قتال؛ وبعد أن وصلت السفن العثمانية [[جدة]] الساحلية من جهة مصر محملة بالإمدادات الكبيرة؛ سار مصطفى بيك قاصدا تربة شرق مكة؛ البلدة المحصنة التي لجأ إليها أهل نجد بعد خروجهم من مكة والتي خرج [[فيصل بن سعود الكبير]] لنجدة من فيها؛ فحاصرها مصطفى بيك لثلاثة أيام وأخذ في ضربها بالمدافع حتى أقبل مدد من أهل بيشة وغيرهم لفك الحصار؛ فناوشوا قواته حتى أوقعوها في أحد الكمائن وكسروها؛ ففر مصطفى بيك للطائف ومن ثم لمكة واحتمى بها مع الشريف غالب وطوسون باشا. أرسل طوسون باشا إلى والده لاحقاً، يخبره بأمر هزيمة قواتهم في تربة، وأنه يجهل مصير الحامية في الحناكية، ورئيسها عثمان الكاشف، لسيطرة [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] على الطرق الموصلة لها، وأنه خشي أن تنكث العربان عهودها، وتنقلب عليه. وألح على والده في سرعة إرسال نجدة إليه، و لذا قرر [[محمد علي باشا]] أن يتولى قيادة الجبهة بنفسه وسار للحجاز سنة 1228هـ/1813م.<ref> وثائق عثمانية، القاهرة__كتاب من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث، عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم</ref><ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص334-ص338، ابن بشر</ref>
 
بلغت خسائر الحملة العثمانية في دورها الأول على الحجاز نحو ثمانية آلاف مقاتل، كما خسرت من مؤونتها نحو خمسة وعشرين ألف رأس من الماشية، وكلفت الحملة إلى ذلك الحين 35 مليون فرنك.<ref>عصر محمد علي، ص131-ص132 عبدالرحمن الرافعي/تاريخ البلاد العربية السعودية (الدولة السعودية الأولى)، المجلد 3، ص134-135، أ.د. منير العجلاني عضو المجمع العلمي العربي بدمشق أستاذ تاريخ الحقوق في الجامعة السورية</ref> في حين خسرت الدولة السعودية مناطق مهمة في الحجاز، مثل: وادي الصفراء الإستراتيجي، والطائف، وميناء جدة، وفقدت الحرمين الشريفين. كما خسرت في أقصى الجنوب الشرقي أجزاء كبيرة من عمان، إثر مقتل قائدها هناك، [[مطلق بن محمد المطيري]]، والذي قتل في [[ولاية بدية|بلدة الواصل]] عقب ثورة اندلعت أثناء انشغال الدرعية بأحداث الحجاز،<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> كما فشلت الحملة التي بعثها إمامها [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] بقيادة عبدالله بن مزروع التميمي لوقف التراجع على الجبهة العمانية سنة 1813م،<ref>الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين، ص478، حميد بن محمد النخلي</ref> كما توفي أبرز حلفائها الشيخ حميد بن ناصر الغافري العماني، مما دفع بقواتها للتحصن في [[ولاية البريمي|البريمي]] حتى سنة 1233هـ/1818م.<ref name="مولد تلقائيا8">نفس المصدر</ref> خسرت الدولة السعودية أيضا عاملها على الحجاز، عثمان بن عبدالرحمن العدواني، حيث غُدر به وأُسر من قبل بعض العربان الذين استمالهم طوسون باشا بالخلع والهدايا والأموال، فسُلم للقوات العثمانية، وأرسل إلى القاهرة ومنها إلى [[إسطنبول|الأستانة]]. وقد روى عبدالرحمن الجبرتي المؤرخ المصري المعاصر لتلك الحقبة قصته بقوله: {{اقتباس مضمن|كان أعظم أعوانهم وهو الذي كان يحارب لهم ويقاتل ويجمع قبائل العربان ويدعوهم عدة سنين ويوجه السرايا على المخالفين ونما أمره واشتهر لذلك ذكره في الأقطار}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|واستهل شهر ذي القعدة بيوم الثلاثاء سنة 1228 وفي خامس عشره، وصل عثمان صحبة المتسفرين معه إلى الريدانية آخر الليل، وأشيع ذلك، فلما طلعت الشمس ضربوا مدافع من القلعة إعلاما وسروراً بوصوله أسيراً، وركب صالح بيك السلحدار في عدة كبيرة، وخرجوا لملاقاته، وإحضاره، فلما واجهه صالح بيك نزع من عنقه الحديد، وأركبه هجيناً، ودخل به إلى المدينة وأمامه الجاويشية والقواسة الأتراك، وبأيديهم العصي المفضضة، وخلفه صالح بيك وطوائفه، وطلعوا به إلى القلعة، وأدخله إلى مجلس كتخدا بيك وصحبه حسن باشا وطاهر باشا وباقي أعيانهم، ونجيب أفندي قبي كتخدا الباشا ووكيله بباب الدولة، وكان متأخراً عن السفر، ينتظر قدوم عثمان ليأخذه بصحبته إلى دار السلطنة، فلما دخل عليهم أجلسوه معهم فحدثوه ساعة، وهو يجيبهم من جنس كلامهم بأحسن خطاب، وأفصح جواب، وفيه سكون وتؤدة في الخطاب، وظاهر عليه آثار الإمارة والحشمة والنجابة، ومعرفة مواقع الكلام، حتى قال الجماعة لبعضهم البعض: يا أسفاً على مثل هذا إذا ذهب إلى إسلامبول يقتلونه، ولم يزل يتحدث معهم حصة، ثم أحضروا الطعام فواكلهم، ثم أخذه كتخدا بيك إلى منزله، فأقام عنده مكرماً ثلاثة حتى تمم نجيب أفندي أشغاله، فأركبوه وتوجهوا به إلى بولاق، وأنزلوه في السفينة مع نجيب أفندي، ووضعوا في عنقه الجنزير وانحدروا طالبين الديار الرومية، وذلك يوم الإثنين حادي عشرينه}}.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا12" التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
===الحملة الثانية (1813م - 1816م)===
[[ملف:ModernEgypt, Muhammad Ali by Auguste Couder, BAP 17996.jpg|تصغير|يسار|[[محمد علي باشا]] يسير إلى الحجاز بعد هزيمة قواته في معركتي الحناكية وتربة.]]
وصل [[محمد علي باشا]] ميناء جدة على رأس حملة جديدة وقاد الجبهة في أول رمضان سنة 1228هـ/28 أغسطس 1813م، وكان ذلك بعد الخسائر التي مني بها طوسون باشا ومصطفى بيك في معركتي الحناكية وتربة سنة 1813م. ومنذ وصوله إلى جدة، بدأ بالتخطيط للمرحلة المقبلة من الحرب، مع تجهيز قواته لمواجهة جيش الدولة السعودية الرئيس المرابط في تربة، وحسم الأمر في معركة فاصلة. كما اتخذ عدداً من الإجراءات المهمة، كتخفيف الضرائب المفروضة على العربان، ليقضي على أي تذمر بينهم، وصرف رواتب شهرية، لمن أسندت إليه منهم عمليات حفظ الأمن. وجعل ثغر جدة، هو المستودع الأساسي للعتاد الحربي. ورتب وسائل نقل العتاد والمؤن، إلى الداخل. واتصل بسلطان مسقط، واستأجر عشرين سفينة لنقل المؤن، لمدة سنة كاملة. وأقام مجموعة من الحاميات، في النقط المهمة إلى جانب من انضم له من العربان، خشية عامل المفاجأة.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 361 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref><ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref>
[[ملف:Destroyed Ottoman Castle Ecyad - panoramio.jpg|تصغير|يمين|قصر الشريف [[غالب بن مساعد]] (أجياد) سنة 1999م.]]
وبعد التخطيط للقتال، أرسل محمد علي باشا، ابنه طوسون باشا، الذي اتخذ من الطائف مقراً لقيادته، على رأس قوات يصحبها الشريف راجح، أحد كبار الأشراف وشجعانهم. وتوجهوا نحو تربة، لملاقاة جيش الإمام [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] الذي تحصن ببيشة ورنية. وتوجه محمد علي نفسه إلى مكة وألقى القبض على الشريف [[غالب بن مساعد]]، لأنه ارتاب في مسلكه، ورأى أنه من أسباب تقدم أتباع الدرعية. كما صادر أمواله، وبعث به إلى القاهرة في ذي الحجة سنة 1228هـ/ديسمبر 1813م. ومن القاهرة، نقل الشريف غالب ناحية [[الأناضول]]، ثم نفي إلى [[سالونيك]]، وظل فيها حتى توفي سنة 1232هـ/1816م.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref><ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
روى ابن بشر عن ما فعله محمد علي باشا في الشريف غالب وأحداثها، بقوله: {{اقتباس مضمن|فلما دخل مكة، واستقر به القرار فيها سار إليه غالب الشريف للتهنئة. فأكرمه محمد علي وأعظمه وأعطاه جزيلاً وفعل معه بالظاهر فعلاً جميلاً، وكان قصده غيره ذلك. فلما ضبط محمد علي مكة بالعساكر وزاره الشريف على عادته أمسكه وقيده وحبسه وأحاط بجميع ما يملك من الأموال والأثاث والمتاع والحلقة والكراع والمماليك، وأخذ جميع ما في خزائنه من الذهب والفضة وغير ذلك مما يعجز عنه الحصر، وأخرج حرمه وعياله من قصر أجياد المعروف في مكة، واستولى عليه}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
====معركة تربة الثانية====
[[ملف:Asir arabic.png|تصغير|المناطق التي شهدت الدور الثاني من حرب [[محمد علي باشا]] ضد [[الدولة السعودية الأولى|الدولة السعودية]] حيث تقع تربة ما بين الطائف ورنية، وتبدو القنفذة على ساحل البحر الأحمر، في حين تمتد بلدات زهران حول المندق.]]
سار طوسون باشا وقادته على رأس ستة آلاف مقاتل إلى تربة، البلدة المحصنة شرقي الطائف، وانضم إليهم عند بلوغهم إياها جموع من أبناء [[بادية|البوادي]] التي تم استمالتها، وجرت معارك كبيرة على أسوارها عمد فيها طوسون باشا إلى ضرب تربة بالمدافع، كما حاولت قواته تسلق أسوارها دون جدوى.<ref>تاريخ البلاد العربية السعودية، المجلد 3، ص145، أ.د. منير العجلاني عضو المجمع العلمي العربي بدمشق أستاذ تاريخ الحقوق في الجامعة السورية</ref><ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> استعصت البلدة، وصمدت، وكان ردءاً لأهلها قائد خيالة الدرعية، غصاب بن شرعان العتيبي، كما كان عليها أمير تربة، رشيد بن جرشان البقمي،<ref>من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث، د.[[عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم]]</ref> كما شاركت أرملة سلفه حمد بن عبدالله البقمي، غالية بنت عبدالرحمن البقمية، في تمويل قوات البلدة بأموالها، وهي أيضا التي أخفت خبر وفاة زوجها إبان معركة تربة الأولى حتى ظُن أنها قائدة للبلدة.<ref>الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر، محمد بسام النجدي/البحر الزاخر، محمود فهمي</ref> لاحقاً، حملت القوات المتحصنة بتربة على قوات طوسون باشا، وأوقعت فيهم خسائر فادحة مما أجبر طوسون باشا على الانسحاب إلى الطائف والتحصن بها.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا12" التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref> نتج عن هذه الهزيمة انشقاق الشريف راجح الذي فضل التواصل مع غصاب العتيبي، والدخول في طاعتهم، كما فر قائم مكة المعين من قبل محمد علي باشا، الشريف يحيى بن سرور، والذي ادعى أنه خارج لنجدة طوسون باشا في الطائف، ففر واستعصم بعسير خوفاً من أن يشك به محمد علي باشا كما حصل مع الشريف [[غالب بن مساعد]] من قَبل، إلا أن محمد علي باشا استطاع لاحقاً استمالته وطمأنته.<ref>تاريخ البلاد العربية السعودية (الدولة السعودية الأولى)، المجلد 3، ص140، أ.د. منير العجلاني عضو المجمع العلمي العربي بدمشق أستاذ تاريخ الحقوق في الجامعة السورية</ref>
 
روى ابن بشر المعاصر لتلك الحقبة أحداث معركة تربة في قوله: {{اقتباس مضمن|ثم إن محمد علي سير ابنه طوسون بالعساكر العظيمة والجموع الكثيرة إلى جهة الحجاز واليمن، وكان أدنى ما يليهم تربة، وكان قد أحصنها [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود]] بالبناء وأعد فيها عدة للحصار ومرابطة، واستنفر أهل الحجاز وأمرهم أن ينزلوا حولها مرابطة لها، ثم أقبل طوسون ومن معه من العساكر والجموع ونازلوا أهل بلد تربة وحاصروها نحو أربعة أيام، ونصبوا المدافع والقنابر ورموها رمياً كثيراً فلم يؤثر فيها شيئاً، وأنزل الله الرعب به وبعساكره ورحل عنها بعدما قتل من قومه قتلى كثيرة}}؛<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> كما قال أيضا عن قيادة غصاب لجبهة تربة وغاراته على البوادي التي تعاونت مع محمد علي باشا حولها: {{اقتباس مضمن|قدم غصاب تربة وأقام بها نحو سنة يقاتل الروم والبوادي}}.<ref name="مولد تلقائيا7">نفس المصدر، ابن بشر</ref> في حين روى [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]] أحداث معركة تربة في قوله: {{اقتباس مضمن|والذي أخبر به المخبرون عن الباشا وعساكره أن طوسون باشا وعابدين بيك ركبوا بعساكرهم على ناحية تربة التي بها المرأة التي يقال لها غالية، فوقعت بينهم حروب ثمانية أيام ثم رجعوا منهزمين ولم يظفروا بطائل}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص324، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
روى ابن بشر عن انضمام الشريف راجح لغصاب العتيبي وتخطيطهم للإيقاع بمحمد علي باشا بمكة، ما نصه: {{اقتباس مضمن|ثم دخلت السنة التاسعة والعشرون بعد المائتين والألف، ومحمد علي صاحب مصر في مكة على الحال المذكورة، ورجع إليه عساكره الذين حاصروا بلد تربة، فلما رجعوا دخل بعضهم مكة وبعضهم جعله عند الطائف، ولم يزل محمد علي في مكة وجدة وابنه طوسون في الطائف، هذا وراجح الشريف ومن تبعه وغصاب العتيبي ومن معه من أهل الحجاز واليمن من جنود المسلمين نازلون فيما بينهم وبين تربة يصابرون تلك العساكر ويدبرون الرأي فيهم، ثم أقبل عساكر كثيفة من مصر مع البحر}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
وفيها في محرم من السنة نفسها 1229هـ، سار أمير القصيم حجيلان بن حمد التميمي وأمير [[حائل|الجبل]] محمد بن عبدالمحسن آل علي بأمر [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] مع بعض قواتهما لمناجزة من عاون الحملة العثمانية وقبل منهم أموالهم، فأغاروا على [[بادية|البوادي]] قرب الحناكية إلا أنهم هزموا. روى ابن بشر في مسيرهم ووقعتها، ما نصه: {{اقتباس مضمن|فنزلوا على البوادي وبنوا خيامهم ووقع بينهم قتال. ثم إن أهل البوادي استصرخوا من حولهم من البوادي.. وقتل منهم قتلى كثيرة}}.<ref>نفس المصدر،name="مولد ابنتلقائيا7" بشر</ref>
====معركة القنفذة====
وفي الحادي عشر من جمادى الأول سنة 1229هـ/الأول من مايو سنة 1814م، توفي إمام الدولة السعودية [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير بن عبدالعزيز]] بالدرعية لعلة أصابته في بطنه، أثناء استعداده للمسير للحجاز، ولقيادة الجبهة هناك. في حين سير محمد علي باشا قبلها بعض قواته بحراً، يرادفهم قوات على البر نحو بلدة القنفذة، فدخلوها واستولوا عليها.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref> ما إن علم عامل الدولة السعودية على عسير [[طامي بن شعيب المتحمي]] بما جرى ببلدة القنفذة حتى حرف وجهته لها؛ إذ كان في طريقه للحجاز للتجمع مع القوات المرابطة بتربة للهجوم على مكة. فسار بالقوات ناحية القنفذة، وقطع آبار الماء عنها، ووقعت معارك كبيرة على بوابة البلدة، فدخلها طامي واستردها. روى ابن بشر عن نتيجة معركة القنفذة، ما نصه: {{اقتباس مضمن|فالتقى الفريقان وحصل قتال شديد ونصر الله المسلمين. فانهزمت العساكر المصرية وقتل منهم مقتلة عظيمة. وأخذوا سلاحاً كثيراً ومدافعهم وأمتعتهم، وانهزم شريدهم ومن كان منهم في السفن، وهربوا إلى مكة وجدة}}؛<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص341، ابن بشر</ref> كما أسهب في وصف تسيير محمد علي باشا قواته نحوها وأحداثها في قوله: {{اقتباس مضمن|فأرسل تلك العساكر براً وبحراً، فسير في البحر أكثر من أربعين سفينة وبندروا عند القنفذة وعساكر تبرا لهم في البر.. وكان أمير عسير وتهامة طامي بن شعيب قد سار بجميع الشوكة من رعيته وتوجه إلى الحجاز، فلما بلغه استيلاء الترك على القنفذة حرف جيوشه إليهم وقصدهم فيها، ومعه أكثر من ثمانية آلاف مقاتل، فنازلهم فيها ووقع قتال شديد فنصر الله طامي ومن معه.. وأخذوا المحطة وما فيها. ومن خيلهم نحو خمسمائة. وغنموا من الركاب والمتاع والسلاح والأزواد ما لا يبغله العدّ حتى قيل إن الخيام التي أخذوا تزيد على الألف، وانهزم شريدهم في السفن. وذلك أنهم لما انهزموا تركوا المحطة وجنبوها وتوجهوا إلى السفن وركبوها}}.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول،ابن بشر</ref>
سطر 156:
في حين أرخها [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]]، المؤرخ المصري في تاريخه، بقوله: {{اقتباس مضمن|وصلت القافلة من ناحية السويس، وأخبر الواصلون عن واقعة قنفذة، وما حصل بها بعد دخول العسكر إليها، وذلك أنهم لما ركبوا عليها برا وبحرا وكبيرهم محو بيك، وزعيم أوغلي، وشريف آغا، فوجدوها خالية، فطلعوا إليها وملكوها من غير ممانع ولا مدافع، وليس بها غير أهلها.. فقتلوهم وقطعوا آذانهم، وأرسلوها إلى مصر ليرسلوها إلى إسلامبول، وعندما علم العربان بمجيء الأتراك خلوا منها، ويقال لهم عرب العسير، وترافعوا عنها.. فلما استقر بها الأتراك ومضى عليهم بها نحو ثمانية أيام رجعوا إليهم وأحاطوا بهم، ومنعوهم الماء، فعند ذلك ركبوا عليهم وحاربوهم، فانهزموا وقتل الكثير منهم، ونجا محو بيك بنفسه في سبعة أنفار وكذلك زعيم أوغلي وشريف آغا، فنزلوا في سفينة وهربوا}}؛<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص332-ص333، عبد الرحمن الجبرتي</ref> كما روى عن تسيير محمد علي باشا بعض قواته براً لنجدتهم في قوله: {{اقتباس مضمن|فغضب الباشا، وقد كان أرسل لهم نجدة من الشفاسية الخيالة، فحاربهم العرب، ورجعوا منهزمين من ناحية البر}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص333، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
وفي هذا الشهر أيضا، كان أكبر أبناء [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] وولي عهده، عبدالله، على رأس حملة بعثه فيها والده قبل وفاته لمحاربة بعض أهل البوادي الذين نجح طوسون باشا في استمالتهم بالأموال والخلع والهدايا ناحية المدينة المنورة، وكان في مرافقته [[علي بن محمد بن عبد الوهاب|الشيخ علي بن محمد بن عبدالوهاب التميمي]]. روى ابن بشر عن وصول الأخبار لعبدالله أثناء عودته من تلك الغاره، وأثناء وقوفه عند ماء الخانوقة في عالية نجد للمبيت ليلاً، ومبايعته إماماً، ما نصه: {{اقتباس مضمن|فلما وصل إلى الماء الخانوقة.. بلغه وفاة أبيه سعود رحمه الله وهو نازل عليها عشاء، فلم يشعر المسلمون بذلك حتى قرأ بهم علي ابن الشيخ صلاة الفجر، بسورة الحمد والمنافقين، فلما بلغ قوله تعالى: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم) فهم بعض الناس من لفظه بالآية وفاة الإمام لأنهم يعلمون أنه مريض، فلما فرغ من الصلاة قام علي في الناس، ووعظهم موعظة بليغة وعزاهم واستشهد بهذه الآية وأورد عليها كلام العلماء والمفسرين فانتحب الناس بالبكاء، ثم قاموا وبايعوا عبدالله على دين الله ورسوله والسمع والطاعة}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
====معركة الحصن ومسير محمد علي باشا لفك الحصار المضروب على قواته في الطائف====
سير [[محمد علي باشا]] جيشاً ضخماً بقيادة عابدين بيك لإخضاع بلدات [[قبيلة زهران|زهران]] الممتدة جنوب [[الطائف]]، وكان ذلك بعد هزيمة قواته في [[القنفذة]]. زحف عابدين بيك في عشرين ألفاً من المقاتلين وضرب حصاره على حصن [[بخروش بن علاس|بخروش بن علاس الزهراني]]، عامل الدولة السعودية في الحجاز. استعصم [[بخروش بن علاس|بخروش]] في حصنه بعد أن فشلت محاولاته في وقف تقدم عابدين بيك ناحيتهم بوضع الصخور الضخمة فوق الجبال المطلة على الممرات والأودية الضيقة وإيقاعها على مؤخرة جيشه. أصدر الإمام [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]] بالدرعية أمراً لعامله على عسير، [[طامي بن شعيب المتحمي]]، بضرورة فك الحصار عن بلدات [[قبيلة زهران|زهران]] بعدما بلغه تحرك قوات كبيرة ناحيتهم من جهة [[الطائف]]؛ فوقع القتال لاحقاً عند الحصن، وتشتت صفوف عابدين بيك، وانهزم، وتراجع إلى الطائف. روى ابن بشر أحداثها في قوله: {{اقتباس مضمن|وفيها في شوال سار طامي بن شعيب برعاياه من عسير وألمع وغيرهم نحو عشرة آلاف مقاتل، وكان الروم قد ساروا من مكة والطائف بعساكر كثيرة نحو عشرين ألفاً من الأتراك والمغاربة، فحاصروا بخروش في أودية وادي زهران. واجتمع عليه طوائف شعلان ومن معه من قبائله، ومحمد بن دهمان ومن معه من قومه وابن حابش وغيرهم، وحصلت المواقعة في الروم وبين تلك الجنود الحجازية والتهامية قرب حصن بخروش فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم الروم هزيمة شنيعة}}. انسحبت قوات عابدين بيك بعد الهزيمة تاركة وراءها الكثير من الخيام والسلاح وتعقبتها قوات [[بخروش بن علاس|بخروش]] و[[طامي بن شعيب المتحمي|طامي]] إلى الطائف، وضربوا حصارهم على البلدة، وكان يتمركز في داخلها طوسون باشا بقواته. فأسرع في نجدتهم محمد علي باشا وسار بنفسه من مكة، ونجح في فك الحصار بالحيلة لضيق الوقت؛ إذ بعث برسالة وهمية تحمل البشرى لطوسون باشا المحاصر في الطائف، وفيها: {{اقتباس مضمن|إني قادم إليك، فأحضر وألحق بنا فوق الجبل}}. قام أحد الرعاة الذين استمالهم محمد علي باشا بإيصال الرسالة ل[[بخروش بن علاس|بخروش]] والذي ادعى أنه حصل عليها من معسكر قريب للعثمانيين، فتوجس [[بخروش بن علاس|بخروش]] أن يقع وقواته بين القوتين العثمانيتين في الداخل والخارج، فانسحب مع [[طامي بن شعيب المتحمي|طامي بن شعيب]] بقواتهما عن الطائف.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/عصر محمد علي، عبد الرحمن الرافعي/بخروش بن علاس الثائر على غزو الأتراك، محمد بن زياد</ref>
سطر 168:
تدارك عابدين بيك أثناء انسحابه الأخير أخطائه، وعمل على ترتيب صفوف قواته؛ إذ قام ببناء حصن في ناصرة بلحارث على الدرب الواصل ما بين بلدات [[قبيلة زهران|زهران]] و[[الطائف]] لتكون قاعدة لمضايقة القوات المرابطة مع [[بخروش بن علاس|بخروش]] و[[طامي بن شعيب المتحمي|طامي]] جنوباً. أدرك ب[[بخروش بن علاس|خروش]] الخطر الكبير من وجود ذلك الحصن القريب من مقره، فزحف نحو ناصرة بلحارث لتدميره في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة 1229هـ/ديسمبر 1814م. عند الليل، تقدمت قواته إلى الحصن وانقسمت إلى فرق صغيرة وتسلقت الأسوار، مما وفر الوقت لمرور فرقه الرئيسية متجاوزة كافة الدفاعات والمتاريس لبوابة الحصن. سقط الحصن سريعاً، وقضي على معظم أفراد الحامية لاحقاً داخل جنبات الحصن، بعد أن تم إحراق وتهديم أجزاء كبيرة منه.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 394 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys ]</ref><ref>بخروش بن علاس الثائر على غزو الأتراك، محمد بن زياد</ref>
====استنفار في تربة====
وفي تربة، البلدة المحصنة شرقي [[الطائف]]، استنفر [[فيصل بن سعود الكبير]] القبائل الموالية للدولة السعودية، وكان ذلك بعد أن ولاه [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]] قيادة الجبهة. لاحقاً، خرج [[فيصل بن سعود الكبير]] بمن معه من تربة وعددهم حوالي العشرة آلاف مقاتل إلى ماء غزايل، لملاقاة قبائل المنطقة التي استجابت إلى ندائه، ووفدت إليه للوقوف إلى جانبه في معركة فاصلة. قدر بركهارت المرافق لحملة محمد علي باشا القوات التي اجتمعت ل[[فيصل بن سعود الكبير]] بحوالي الخمسة وعشرين ألفاً، في حين روى ابن بشر المؤرخ النجدي المعاصر لسقوط [[الدولة السعودية الأولى|الدولة السعودية]] أحداث نزول [[فيصل بن سعود الكبير]] تربة قائلاً: {{اقتباس مضمن|نزل بلد تربة واستنفر الرعايا من المسلمين الحجازية، فقدم [[طامي بن شعيب المتحمي|طامي بن شعيب]] في عسير وألمع ومن دونهم من [[قبيلة زهران|زهران]] ورؤسائهم، و[[غامد]] وغيرهم نحو عشرين ألفاً. فلما أقبلوا على تربة أرسلوا إلى فيصل وأخبروه بقدومهم، فقدم فيصل من تربة ومعه نحو عشرة آلاف مقاتل، فاجتمعت تلك الجموع كلها في غزايل وهو بئر كبير واسع غزير الماء قرب بلد تربة}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
أيقن [[محمد علي باشا]] بعد انقضاء موسم الحج لسنة 1229هـ وما وصله فيه من إمدادات أن قواته جاهزة لمعركة قد تحدد مصير حملته في شبه الجزيرة العربية. ولبث الحماسة في جنوده، أعلن أنه سيخرج على رأس قواته. وقد تحدد هدف الهجوم بلدة تربة المحصنة. وكان من المقرر أن يكون هذا الهجوم هو الأعنف عليها بعد أن ظلت عصية لعام كامل. كان بحوزة هذا الجيش الكثير من سلاح المدفعية الذي قيل أنه سيهدم أسوار تربة في أيام بالإضافة إلى الكثير من [[فأس|الفؤوس]] لقطع أشجار النخيل التي تحمي بلدة تربة. روى بركهارت المرافق للحملة أيضا أن محمد علي باشا قد جلب [[بطيخ أحمر|بذور البطيخ]] من أحد الأودية لتبذر مكان هذه القرية بعد مساواتها بالأرض، وقد أشاع هذا بين الناس في مكة إلا أن كل هذه التحضيرات لم تطمئن الجنود إذ أدركوا مدى الصعوبة والقسوة التي ستكون على أسوار تربة المنيعة.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 392 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
سطر 174:
وصف بركهارت رد فعل القوات المرابطة مع [[فيصل بن سعود الكبير]] عن حشد محمد علي باشا قواته لملاقاتهم، ما نصه: {{اقتباس مضمن|ضحك العدو عندما قيل إن محمد علي يعتبر أخذ تربة أمراً مؤكداً؛ وحول هذا الوقت استلم الباشا من [[بخروش بن علاس|بخروش]] رسالة مكتوبة بأسلوب منطوي على السخرية والاحتقار. لقد أخبره فيها أن لديه بالفعل براهين كافية عما يستطيع الوهابيون أن يفعلوه، وأنه إذا عزم على حربهم فينبغي أن يأتي بجنود أفضل من أولئك الذين يقودهم الآن، لكن الخطة الأكثر حكمة له هي أن يعود إلى مصر من حيث جاء ويغمس نفسه في ماء النيل العذب. وقد كفر بخروش لاحقاً عن إهانته هذه لكرامة الباشا بأن مات ميتة شنيعة}}.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 392-393 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
====معركة بسل====
وفي الثاني من محرم سنة 1230هـ/15 ديسمبر 1814م، غادر [[أحمد بونابرت]] في عشرين ألفاً من المقاتلين إلى كُلاخ للانضمام مع قوات حسن باشا، يرافقهم قوات أخرى غير نظامية من العربان، في حين تأخر [[محمد علي باشا]] وعزم على اللحاق بهم على رأس أربعة آلاف مقاتل في الرابع والعشرين من الشهر نفسه، وذلك بعد أن تناهت إليه الأخبار عن خروج قوات كبيرة من بلدة القنفذة الساحلية لمحاصرة حاميته في جدة. عمل [[طامي بن شعيب المتحمي]] على تضليل [[محمد علي باشا]] عن طريق إصدار الأوامر للحامية المرابطة في [[القنفذة]] بأن تقوم بنصب الخيام بأعداد كبيرة على طول الساحل لصرف انتباه محمد علي باشا عن موقع الهجوم الفعلي وهو بسل؛ إذ استقر رأي [[فيصل بن سعود الكبير]] بعد التشاور مع قادته على المبادرة بالهجوم، رغم أن البعض كانوا يرون أن الأفضل هو البقاء في تربة المحصنة لحماية المؤن، بدلاً من جلبها معهم. تحركت قوات فيصل بن سعود الكبير لاحقاً من غزايل إلى بسل، وسيطروا على قمم الجبال والتلال، وحشدوا أحمالهم، وذخائرهم فيها، وقطعوا المواصلات بين كُلاخ والطائف. روى هارفرد بريدجز أحداث القنفذة وسبب تأخر [[محمد علي باشا]] عن اللحاق ب[[أحمد بونابرت]]، ما نصه: {{اقتباس مضمن|كان الباشا عازماً على اللحاق به في الرابع والعشرين من الشهر نفسه، ولكن أخباراً وصلت تفيد بأن قوة وهابية كبيرة قد شوهدت بالقرب من ميناء القنفذة، وهي على ما يبدو تتقدم باتجاه جدة. وقد أحدث هذا في البداية ذعراً شديداً}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|وصلت إلى الباشا تقارير متنوعة ومختلفة خلال المدة من الرابع والعشرين من ديسمبر إلى السابع من شهر يناير 1815م، وفي هذا اليوم بالضبط خرج الباشا من مكة}}.<ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/n5 Persia and A brief history of the Wahauby]</ref><ref name="مولد تلقائيا5">مواد في تاريخ الوهابيين، بركهارت</ref>
 
ذكر ابن بشر عن مسير [[فيصل بن سعود الكبير]] لبسل على رأس جيشه وأحداثها ما نصه: {{اقتباس مضمن|وساروا إلى الروم وهم قد اجتمعوا بعددهم وعدتهم على بسل، فنازلهم المسلمون ووقع بينهم في ذلك اليوم قتال وطراد، وقتل من الروم عدد كثير}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|أقبل محمد علي صاحب مصر بعساكر كثيرة مدد لتلك العساكر، ووقع القتال بين الفئتين، فثبت فيصل ومن معه ووقع كسيرة في ناحية جموع المسلمين من جهة زهران وغامد، ثم اتصلت الكسرة في قوم طامي من عسير وغيرهم، واتصلت الكسرة على جموع المسلمين لا يلوي أحد على أحد}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
كما أرخها هارفرد بريدجز في قوله: {{اقتباس مضمن|عندما وصل الباشا محطته الثانية في [[الزيمة]] قابله مبعوث أرسل على عجل من كلاخ، وأبلغه أخباراً مفادها أن مجموعة كبيرة من [[الدولة السعودية الأولى|الوهابيين]] قد تمكنت من الاستيلاء على بلدة بسل التي تقع بين كلاخ والطائف، وبذلك استطاعت قطع الاتصال بين هذين المكانين، وأن مجموعة أخرى من الوهابيين كانت تقوم بغارة على العرب المتعاونين مع الأتراك، والذين تقع ديارهم إلى الشرق من كلاخ. على الرغم من كل هذا أسرع الباشا خطاه إلى كلاخ، وفي اليوم التالي تقدم باتجاه بسل ومعه جميع فرسانه. وجد الباشا الوهابيين يعسكرون على سفوح الجبال التي تشرف على سهول بسل، وأن قوتهم تقدر بحوالي خمسة وعشرين ألف مقاتل ولكن فرسانهم كانوا قليلين جداً، في حين لم تكن لديهم مدفعية من أي نوع، ومن ناحية أخرى كان غالبية الزعماء الوهابيين الأقوياء موجودين في هذا المعسكر، وقد ظهر الآن جليا أن الهجوم من القنفذة كان الغرض منه توجيه اهتمام الباشا بعيداً عن هدف الهجوم الأساسي وهو بسل، حيث يسيطرون الآن على موضع قوي في منتصف خطوط المواصلات التركية، وعندما تقدمت الخيالة التركية للهجوم صمد الوهابيون في مواقعهم.. وتمكنوا من صد محاولة قام بها الباشا لزرع واحدة من مدافعه الميدانية في موضع يستطيع مضايقتهم به. وقد أدرك محمد علي في الحال أنه طالما احتفظ الوهابيون بمواقعهم فلن تكون هناك فرصة للنجاح ضدهم، كما أدرك أيضا أنه طالما بقي في مكانه فإن التأخير المترتب على ذلك سيكون له آثار خطرة عليه بقدر ما ستكون فيه فوائد لأعدائه، وخلال الليل أرسل الباشا بطلب التعزيزات من كلاخ، كما قام بنشر مدفعية على جناح القوات [[الدولة السعودية الأولى|الوهابية]]، وعندما طلع الصباح جدد الباشا الهجوم ثانية بواسطة خيالته، ولكنه صد مرة أخرى، بعد ذلك لجأ إلى خدعة تمكن بواسطتها من تحقيق أقصى ما كان يتمناه، لقد أصدر الباشا أوامره للطابور الموجود على جناح القوات [[الدولة السعودية الأولى|الوهابية]] ليتحرك مقترباً من معسكر الوهابيين مع إطلاق النيران من المدفعية، ثم التراجع بعد ذلك بطريقة ظاهرها عدم الانضباط والفوضى؛ حيث تعقب الوهابيون من كانوا قد تصوروهم هاربين واعتقدوا أن الساعة التي يستطيعون فيها وضع النصر بين أيديهم قد جاءت، وأنساهم القدر المحتوم آخر كلمات أميرهم العظيم [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود]] وهو على فراش الموت}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|وصل الوهابيون الآن إلى السهل وأصبحت تفصلهم عن الجبال مسافة كافية لتشجيع الباشا على القيام بالهجوم الذي كان يبيته، لقد حشد كل خيالته وتصدى لمواجهة من كانوا يتعقبونه، ولم يمض وقت طويل قبل أن تصبح نتيجة المعركة في صالحة، وبدأت المذبحة في صفوف الوهابيين. لقد قيل: إنه خلال ساعات طرح خمسة آلاف رأس عند أقدام الباشا، في حين استطاع كثير من زعمائهم الكبار الهرب من ساحة المعركة بصعوبة}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|أشير إلى الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها جماعات عدة من عربان أقسموا بالطلاق من زوجاتهم قبل الخروج في هذه الحملة بألا يولوا ظهورهم للأتراك، لقد وجدهم المنتصرون على الجبال مربوطاً بعضهم إلى بعض عند الساق، لكي يمنع بعضهم بعضاً من الهرب من ميدان المعركة، لقد حارب هؤلاء المتعصبون.. وتم تقطيعهم جميعا إلى أشلاء}}.<ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/90 ص87-ص91 من كتاب Persia and A brief history of the Wahauby الجزء الثاني قسم الوهابية]</ref><ref>مواد فيname="مولد تاريختلقائيا5" الوهابيين، بركهارت</ref>
 
أسهب بركهارت في وصف غدر الشريف راجح بقوات فيصل بن سعود الكبير والتسبب في محاصرتهم وأحداثها بقوله: {{اقتباس مضمن|رأى [[الدولة السعودية الأولى|الوهابيون]] الأعداء يهربون، فظنوا أن اللحظة السعيدة لسحقهم تماماً قد حلت. فتركوا مواقعهم القوية على جوانب الجبال، وتعقبوا الهاربين فوق السهل. وحدث كل شيء كما توقع الباشا. وحينما اعتقد أن العدو ابتعد عن الجبال مسافة كافية، دفع بفرسانه، وواجه المتعقبين لجيشه، وتقرر مصير المعركة فوراً لصالحه. حينئذ اتخذ المشاة الأتراك مواقع العرب. وهنا انضم الشريف راجح، الذي كان قد وصل لتوه مع أتباعه، إلى محمد علي، فأحاط بالوادي الذي سينسحب عبره الوهابيون. وفي ساعات قليلة كوّمت خمسة آلاف رأس أمام الباشا. وأحيط بألف وخمسمائة وهابي في وادي ضيق فمزقوا إرباً}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|وقد أُخذ حوالي ثلاثمائة وهابي أحياء بناء على أمر مستعجل من محمد علي، الذي أمر رجاله أن يمنحونهم مأوى؛ إذ لم يتنازل لطلب الرحمة من الأعداء إلا عدد قليل جداً. وأرسل الشريف راجح مع بعض الفرسان، لتعقب الهاربين}}.<ref name="مولد تلقائيا3">[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 398 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref> كما قال عن سبب هزيمتهم ما نصه: {{اقتباس مضمن|كان سبب هزيمة الوهابيين نزولهم من الجبال إلى السهل؛ إذ لم تكن لديهم أية وسائل لمقاومة الفرسان. وكان [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود]] قد حذر ابنه في كلماته الأخيرة التي وجهها إليه من القيام بمثل هذا العمل. لكن احتقارهم للجنود الأتراك، ورغبتهم في إنهاء الحملة، وربما رغبتهم في اعتقال محمد علي شخصياً، من الأمور التي جعلتهم ينسون الأسلوب الحكيم الذي اتبعوه في الحرب من قبل}}.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 399 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
 
وصف بركهارت مصير قادة وأتباع فيصل بن سعود الكبير وما حل في معسكرهم، ما نصه: {{اقتباس مضمن|أصبح كل مخيمهم وأمتعتهم وأكثر إبلهم فريسة للأتراك، وهرب [[طامي بن شعيب المتحمي|طامي]] نفسه مع عدد قليل فقط من أتباعه}}،<ref>[https://books.google.com.sa/books?id name=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 398 من كتاب Notes on the Bedouins"مولد andتلقائيا3" Wahábys]</ref> إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|[[بخروش بن علاس|بخروش]]، الذي كان من أغلظ زعماء الوهابيين، قتل اثنين بيده من ضباط الباشا. وحين قُتل حصانه اختلط بالفرسان الأتراك حتى وجد فرصة جذب بها أحدهم من فوق ظهر حصانه، ثم امتطاه، وهرب. وقد وجدت مجموعات بكاملها من عرب عسير فوق الجبال وقد ربطوا أرجلهم بحبل واحد. وكانوا عند مغادرتهم لأسرهم قد أقسموا جميعاً بالطلاق.. ألا يفروا أمام الأتراك، وأن يعودوا -إذا أمكن أن يعودوا- منتصرين. وقد مزقوا إرباً بعد ذلك}}.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 400 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
====احتجاج الشريف راجح على إعدام أسرى بسل====
[[ملف:Empalement.jpg|200px|تصغير|يسار|رسم تخيلي لطريقة إعدام أسرى بسل.]]
روى بركهارت مصير الثلاثمائة أسير من أتباع الدرعية واحتجاج الشريف راجح على إعدامهم، ما نصه: {{اقتباس مضمن|أرسل محمد علي الثلاثمائة أسير الذين منحهم مأوى، إلى مكة. واحتفل بانتصاره بأن أمر بوضع خمسين منهم على خوازيق أمام بوابات مكة. ولاقى كل اثني عشر منهم موتاً مروعاً مثل ذلك عند كل واحد من المقاهي العشرة، وأمام كل محطة من محطات التوقف بين مكة وجدة. أما بقيتهم ففعل بهم ذلك عند بوابات جدة. وتركوا حتى افترست الكلاب والنسور جثثهم. احتج الشريف راجح لدى محمد علي، لكن دون جدوى}}.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false صفحة 401 من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
====سقوط تربة وبلدات عسير وزهران====
انفتح الطريق بعد معركة بسل لدخول عسير وبقية بلدات الحجاز، فقد تحرك [[محمد علي باشا]] إلى عسير في الوقت الذي سير فيه محو بيك إلى بلدات [[قبيلة زهران|زهران]]. استطاع محمد علي باشا في البداية دخول تربة،<ref>[https://archive.org/details/narrativelifean01finagoog/page/n8 Giovanni Vinati .. His life and adventures in the Arabian Peninsula 1829]</ref> كما دخلت قواته رنية ومن ثم زحف إلى بيشة وتبالة فدخلهما عنوة قاصداً بلدة طبب مركز طامي وما إن وصلها حتى ضربها بالمدافع ليومين فانسحب طامي إلى حصنه في مسلية، ومنه إلى [[محافظة صبيا|صبيا]]، والتي غُدر به فيها وسلم؛ وأرسل لاحقاً إلى محمد علي باشا الذي كان قد انسحب بعد تدميره طبب لبلدة [[القنفذة]] الساحلية والتي استولى عليها أيضا في أعقاب معركة بسل.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> روى هارفرد بريدجز والذي كان مكلفا من قبل الإمبراطورية البريطانية بدراسة أحوال بلاد فارس وجوارها نقلاً عن مؤرخين مصر، ما نصه: {{اقتباس مضمن|بعد ذلك تم القيام بهجوم ناجح، ضد قبيلة بخروش، وفي أثناء هذا الهجوم قبض على شيخ تلك القبيلة وأخذ أسيراً، وقد حاول بخروش الهرب ولكن أمسك به وتم إعدامه بطريقة قاسية جداً}}.<ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/96 الصفحة 96 من كتاب Persia and A brief history of the Wahauby الجزء الثاني قسم الوهابية.]</ref> في حين وصف بركهارت المرافق لمحمد علي باشا مصيرهما قائلاً: {{اقتباس مضمن|تم إرسال رأسه -بخروش- مع طامي إلى القاهرة، ثم من هناك إلى القسطنطينية، حيث علق ذلك الرأس على ظهر طامي خلال عرضه في شوارع المدينتين، وقد أعدم طامي هناك مباشرة}}.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=sDZAAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false هامش صفحة 408 والصفحة التي تسبقها من كتاب Notes on the Bedouins and Wahábys]</ref>
 
روى [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]] الأحداث التي تلت معركة بسل، والهدايا التي تلقاها الباشا، بقوله: {{اقتباس مضمن|وصلت الأخبار.. بنصرة الباشا على العرب، وأنه استولى على تربة، وغنم منها جمالاً وغنائم، وأخذ منها أسرى.. وفي أواخره ورد لحضرة الباشا هدية من بلاد الإنكليز، وفيها طيور مختلفة الأجناس والأشكال كبار وصغار، وفيها من يتكلم ويحاكي، وآلة مصنوعة لنقل الماء، يقال لها الطلنبة، وهي تنقل الماء إلى المسافة البعيدة، ومن الأسفل إلى العلو، ومرآة زجاج نجف كبيرة قطعة واحدة، وساعة تضرب مقامات موسيقى في كل ربع يمضي من الساعة، بأنغام مطربة وشمعدان به حركة غريبة، كلما طالت فتيلة الشمعة غمز بحركة لطيفة، فيخرج منه شخص لطيف من جانبه فيقط رأس الفتيلة بمقص لطيف بيده، ويعود راجعاً إلى داخل الشمعدان}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص344، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
سطر 193:
كما قال أيضا: {{اقتباس مضمن|وصلت عساكر في داوات إلى السويس، وحضروا إلى مصر وعلى رؤوسهم شلنجات فضة، إعلاماً وإشارة بأنهم مجاهدون وعائدون من غزو الكفار، وأنهم افتتحوا بلاد الحرمين، وطردوا المخالفين لديانتهم حتى أن طوسون باشا وحسن باشا كتبا في إِمضائهما على المراسلات بعد اسمهما لفظة المغازي، والله أعلم بخلقه}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص346، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
====عودة محمد علي باشا للقاهرة وطوسون باشا يعقد الصلح====
وفي جمادى الآخرة سنة 1230هـ/1815م، جاءت الأنباء ل[[محمد علي باشا]] عن حوادث عصيان، في [[إيالة مصر|مصر]]، من قبل المماليك. وتحت هذا الظرف، أسرع محمد علي باشا في الرجوع إلى القاهرة. فأبحر في أواخر جمادى الآخرة سنة 1230هـ/مايو 1815م.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا12" التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
روى ابن بشر المعاصر لتلك الحقبة عن عودة [[محمد علي باشا]] إلى [[إيالة مصر|مصر]] ومسير طوسون باشا إلى [[نجد]] والصلح الذي وقع في قوله: {{اقتباس مضمن|ورجع محمد علي إلى مصر لما بلغه من اختلاف وقع فيه من الغزو رؤساء دولته، وفي مسير محمد علي هذا إلى تهامة وابنه أحمد طوسون في المدينة النبوية يجهز العساكر إلى نجد، وأرسل إلى أهل الرس وأهل الخبراء القريتان المعروفتان في القصيم، وكاتبوه فأرسل طوسون إلى العسكر.. وأمر أن يسيروا إليها، فساروا إلى القصيم وأطاع أهل الخبراء والرس، فدخلهما الروم واستوطنوهما، واستالوا على ما فوقهما من القصيرات والمزارع مثل ضرية ومسكة والبصيري ونجخ المعروفات في تلك الناحية، وثبت بقية بلدان القصيم وحاربوا الروم. فلما بلغ عبدالله ذلك استنفر جميع المسلمين من أهل الجبل والقصيم ووادي الدواسر والأحساء وعمان وما بين ذلك من نواحي نجد، فخرج من الدرعية على استهلال جمادى الأولى، واجتمع عليه المسلمون، ونزل المذنب القرية المعروفة في القصيم، ثم رحل منه ونزل الرويضة المعروفة فوق الرس.. فخرج عسكر الروم من الرس وحصل رمي بالمدافع من بعيد، ولم يقاربوه، وبلغه في أثناء طريقه أن أحمد طوسون وعساكر الروم أقبلوا من المدينة ونزلوا الداث الماء المعروف قرب بلد الرس، فحرف عبدالله جيوش المسلمين وأراد أن يبغتهم على ذلك الماء ويناجزهم، فإذا هم قد رحلوا وقصدوا الرس، فأمر عبدالله على شوكة أهل القصيم أن يرجعوا وينزلوا عند بلدانهم لئلا يقع خلل فيها، فأغار على أهل البصيرى ودهمهم.. ثم ذكر له عسكر من الروم على البعجاء الماء المعروف قرب البصيرى نازلين عليه قاصدين الرس، فقصدهم عبدالله. فلما علم به العسكر دخلوا قصر البعجاء وتحصنوا به فحشدت عليهم الجموع وثلموا جدار القصر وتسوروه عليهم وقتلوهم أجمعين وهم مائة وعشرة رجال كلهم من رؤساء الروم وأغواتهم. ثم رجع عبدالله من البعجاء، ونزل المذنب، وكان طوسون قد استوطن الخبراء وأرسل عسكراًً ونزل الشبيبية المعروفة بين عنيزة والخبراء ومعهم بعض البوادي، وقد أراد طوسون أن يرحل بعدهم من الرس وينزل عنيزة. فلما بلغ ذلك عبدالله رحل من المذنب ونزل عنيزة.. فأقام عبدالله على عنيزة أيام وهو يبعث السرايا على الروم والبوادي الذين في الشبيبية، ويشن عليهم الغارات، فضيقوا عليهم وندم كثير من أهل الرس على إطاعتهم الروم، وانحاز عدة رجال منهم إلى الشنانة النخل المعروف فوق الرس وصاروا في قلعتها، فسار إليهم وحاصروهم أشد الحصار ورموهم بالمدافع والقنابر فثبتوا وقتلوا من الروم عدة قتلى، ورحلوا عنهم ورحل العسكر والبوادي الذين في الشبيبية وانهزموا إلى الرس. ثم رحل عبدالله بن سعود من عنيزة ونزل الحجناوي الماء المعروف بين عنيزة والرس، واحتصر الروم في الخبراء والرس فأقام عبدالله ومن معه من المسلمين على الحجناوي قريب شهرين يصابرون الروم. ويقع مقاتلات ومحاولات بينهم من بعيد، ثم إن الله سبحانه ألقى الرعب الرعب في قلوبهم وجنحوا للسلم، وذلك أنه أقبل ثلاث ركائب عليها ثلاثة رجال رجلين من حرب ومطير، ورجل من رؤساء الروم بالأمر لطوسون بالمصالحة، فوقعوا في قوم عبدالله يحسبونهم عسكر الروم فأخذهم رجال وأتوا بهم عبدالله فضرب عنق الرجلين، وأظهر الرومي كتباً معه، وأنه أتى للمصالحة فأكرمه عبدالله وأرسله إلى أصحابه، فوقع الصلح بينهم وانعقد بين طوسون وعبدالله على وضع الحرب بين الفئتين، وأن الروم يرفعون أيديهم عن نجد وأعمالها، وأن السابلة تمشي آمنة بين الفريقين من بلد الروم والشام ومصر، وجميع ممالكهم إلى نجد والشرق وجميع ممالك عبدالله، وكل منهما يحج آمناً وكتبوا بذلك سجلاً، ورحل الروم من الرس أول شعبان متوجهين إلى المدينة، وبعث عبدالله معهم بكتاب الصلح عبدالله بن محمد بن بنيان شيخ الدرعية والقاضي عبدالعزيز بن حمد بن إبراهيم، ليعرضوه على محمد علي صاحب مصر}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
 
بعد التفاوض، أخلى طوسون باشا معسكراته وغادر القصيم، وعاد إلى المدينة المنورة، ثم أرسل إلى أبيه [[محمد علي باشا]]، يطلب منه السماح له بالعودة إلى مصر، لسوء حالته الصحية، فاستأذن محمد علي باشا السلطان العثماني [[محمود الثاني]] في ذلك، فوافق، وعاد طوسون باشا في الخامس من ذي الحجة سنة 1230هـ، بعد أن تعهد والي مصر بالقضاء على الدولة السعودية، في الوقت المناسب.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا9" التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي</ref>
====محمد علي باشا ينقض الصلح وشيخ الدرعية وقاضيها يزوران الأزهر====
[[ملف:Al-Ghuri Minaret in Al-Azhar Mosque.jpg|200px|تصغير|يسار|مئذنة [[قانصوه الغوري|الغوري]]، [[الجامع الأزهر]]، [[القاهرة]].]]
سطر 205:
===الحملة الثالثة (1816م - 1818م)===
[[ملف:Ibrahin-pasha-arabic.JPG|300px|تصغير|يسار|خط سير إبراهيم باشا من الحناكية إلى الدرعية.]]
بعد انسحاب طوسون باشا وقواته من القصيم، قاد إمام [[الدولة السعودية الأولى|الدولة السعودية]]، [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]]، عدة حملات تأديبية، ضد القبائل والجماعات، التي ساعدت وأيدت طوسون باشا، فأعد جيشاً، شاركت فيه جموع من أهل البادية والحاضرة، من أهل الأحساء ووادي الدواسر وجبل شمر و[[محافظة دومة الجندل|الجوف]]، واتجه نحو القصيم، وحارب بعض أهل البوادي، وواصل عملياته التأديبية إلى قرب المدينة المنورة.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> وفي هذا الوقت، كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق في [[إيالة مصر|مصر]]، للمرحلة القادمة من الحرب، التي اختير لقيادتها ابن محمد علي، [[إبراهيم محمد علي باشا|إبراهيم باشا]]، وشهدت الموانئ ناحية مصر، حركت متزايدة في وصول العساكر والمعدات والمؤن. عمل محمد علي باشا على تلافي الأخطاء التي وقعت في المراحل السابقة، فزود الحملة بمجموعة من الأطباء الإيطاليين، للإشراف الصحي على القوات، وأرفقها بمجموعة من الخبراء العسكريين، وعلى رأسهم المسيو فاسيير، والذي كان قائد أركان حرب لإبراهيم باشا، وهو ضابط فرنسي، خدم جيش [[نابليون بونابرت|نابليون]].<ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/n5 Persia and A brief history of the Wahauby]/عصر محمد علي، ص142، عبد الرحمن الرافعي</ref>
 
بعد أن استكملت الحملة جميع معداتها ولوازمها، اتجهت إلى ينبع، ووصلها في ذي القعدة سنة 1231هـ/سبتمبر 1816م، وفي ينبع بدأت قوات إبراهيم باشا في استعراض قدراتها، لإرهاب من ينوي الخروج عن الطاعة، وقد أدت هذه الأعمال الهدف منها، فتسابقت الأخبار إلى القبائل، التي نزل بها الرعب، فجددت ولاءها لمحمد علي باشا.<ref name="مولد تلقائيا1">عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/عصر محمد علي، عبد الرحمن الرافعي</ref>
 
اتجه إبراهيم باشا إلى المدينة المنورة، وأخذ يضع خططه الحربية، متلافياً الأخطاء السابقة، ثم بدأ زحفه نحو الأراضي النجدية. واستولى على بلدتي الصويدرة والحناكية، إلى الشرق من المدينة المنورة، وجعل من الحناكية مقراً لمعسكره. ومنها بدأ بإرسال [[غارة|الغارات]] على القبائل حولها لإخضاعها كما أرسل فرق للتجسس.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا1" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر/عصر محمد علي، عبد الرحمن الرافعي</ref>
 
{{اقتباس عالم|الإمام [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]]<ref>مانجان، تاريخ مصر في عهد محمد علي</ref>|متن= لقد عقدنا مع السلطان صلحا بواسطة طوسون باشا، ولكن محمد علي مزق هذا العهد.. إنه يريد منا أن نتخلى عن عقيدتنا لنعتنق معتقداته، تلك المعتقدات التي تجعل من السلطان معبوداً، وتبيح السكر والربا والميسر وغير ذلك من المحرمات. إن محمد علي نقض عهده، وهو متعطش إلى دماء المسلمين يسفكها، ولذلك صممنا على محاربته لنحتفظ بديننا ووطننا وشعوبنا التي تؤمن بوحدانية الله، وسينصرنا الله على القوم المشركين.|مجمل خطبته على أهل الدرعية}}
سطر 246:
بعد أن عسكر إبراهيم باشا في الملقى على مشارف الدرعية، سار مع بعض جنوده بالخيل ومعه بعض المدافع ليختار المواقع التي يريد النزول بها عند الدرعية حتى وصل إلى منطقة العلب، في أعلى الدرعية، فنزلوا فيها فقام إبراهيم باشا بحفر متاريس ([[حرب الخنادق|خنادق]]) مقابل متاريس الإمام [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله]] بن [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] فابتدر الإمام [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله]] بن [[سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|سعود الكبير]] بإطلاق النار من مدافعه، وقد ذكر إبراهيم باشا في رسالة وجهها إلى أبيه [[محمد علي باشا]] ضمن وثائق الأرشيف العثماني، قال فيها: {{اقتباس مضمن|بما أن الدرعية كائنة بين جبلين فوزع وقسم المذكور -عبدالله بن سعود- الوهابيين.. على الجبال وأطراف مضيق الدرعية وفي داخل الحدائق -المزارع- المختلفة، وبقية أعوانه في داخل الأسوار والأبراج، وقوى متاريسه تقوية جدية على وجه لا تنفذ فيها القذائف}}.<ref>من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث، [[عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم]]</ref>
* وقعتي شعيب المغيصيبي وشعيب الحريقة:
وهي [[شعيب (وادي)|شعبان]] خارج الدرعية، ناحية الشمال، وناحية الجنوب، حمل فيهما أهل الدرعية على قوات إبراهيم باشا؛ إذ منعوهم من ضرب أسوار الدرعية منهما.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
* وقعة غبيراء:
وهي [[شعيب (وادي)|الشعيب]] الواقع في أقاصي المتاريس الجنوبية من الدرعية، وسببها أن إبراهيم باشا جمع خيلا هاجم بهم متاريس ([[حرب الخنادق|خنادق]]) أهل الدرعية ليلاً من الخلف فحصلت الهزيمة على أهل الدرعية وتراجعوا، وسقط منهم بعض الرجال من الرؤساء والقادة، مثل: فهد بن تركي بن عبدالله ابن [[محمد بن سعود بن محمد آل مقرن|الإمام محمد بن سعود]]. روى ابن بشر خسائر إبراهيم باشا فيها وأحداثها، بقوله: {{اقتباس مضمن|قتل من الروم مقتلة، وهرب من الدرعية تلك الليلة عدة رجال من أهل النواحي، هذا وأهل الدرعية في متاريسهم المذكورة لم يختلف منها شيء}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
* وقعة سمحة النخل:
وهي في أعلى الدرعية وفيها انهزم أهل الدرعية وابتعدوا عن متاريسهم، وذلك أن أناسا من أهل البلد خرجوا إلى إبراهيم باشا وأخبروه بعورات البلد ومواطن الضعف فيها فجمع إبراهيم باشا قواته مع الخيالة وهاجم بهم على بعض متاريس الدرعية وبروجها حسبما أرشدهم إليه الذين انضموا إليهم من أهل الدرعية. فاقتحم إبراهيم مترس [[عمر بن سعود الكبير|عمر ابن الإمام سعود الكبير]] ومترس [[فيصل بن سعود الكبير|فيصل ابن الإمام سعود الكبير]] في سمحة وغيرهم فثبت بعضهم واضطر البعض الآخر إلى الانسحاب بالإضافة لسقوط البرج الذي يلي المتراس.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
* وقعة السلماني:
وذلك أن أهل الدرعية بعد انسحابهم من متاريس سمحة، وانهزامهم أيضاً عن معظم متاريس الدرعية الشمالية والجنوبية، عسكروا في السلماني، ووقع بينهم وبين جنود إبراهيم باشا قتال شديد؛ إذ صدوهم عن أسوار الدرعية. روى ابن بشر عن أحداث انسحابهم من سمحة وبقية المتاريس وتحصنهم بالسلماني واسترداد ما فقدوه، ما نصه: {{اقتباس مضمن|فلما اشتد القتال فيما تقدم وانهزم [[عمر بن سعود الكبير]] خرجت تلك العساكر من خلف متاريس أهل الدرعية، وحمل الباشا وحمل من معه على [[فيصل بن سعود الكبير|فيصل]] وإخوانه ومن معهم في سمحة، وجعلت [[المغرب العربي|المغاربة]] والدالتلية على من في جهتهم من المتارس الشمالية والجنوبية فانهزم أهل الدرعية عن متارسهم، واتصلت الهزيمة في المتارس الشمالية والجنوبية وتركوا أكثر المدافع والأثقال. وحصل مقتلة عظيمة بين الروم وأهل الدرعية، فلم يتراجعوا إلا عند السلماني النخل المعروف على شفير الوادي لإبراهيم ابن الشيخ [[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]]، فوقف [[فيصل بن سعود الكبير|فيصل]] وأخوه سعد وكثير من الأعيان والشجعان فجالدوا الروم جلاد صادق حتى ردوهم على أعقابهم.. ثم جلس أهل مترس في الموضع الذي وقفوا فيه فوضعوا فيه محاجيهم في بطن الوادي وعلى يمنته ويسرته، وبنوها بالحجارة وأحكموها}}.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref>
* وقعة شعيب البليدة:
في الجهة الجنوبية من الدرعية حيث نشب فيها قتال بين الجانبين، ثم حصل قتال آخر من بعد الظهر إلى ما بعد العصر حيث حمل جنود إبراهيم باشا على متاريس أهل الدرعية، لكن أهل الدرعية كما نص ابن بشر حملوا عليهم وأخرجوهم منها.<ref>نفس المصدر<name="مولد تلقائيا8" /ref>
* وقعة شعيب قليقل:
في الجهة الشمالية من الدرعية حيث حصل فيها وقعة عظيمة حينما حمل جنود إبراهيم باشا على أهل الدرعية في ذلك المكان فثبتوا لهم. ثم إن إبراهيم باشا قصد مع بعض جنوده بلدة [[مركز عرقة|عرقة]] القريبة، والتي كانت تمد الدرعية بالمؤن، فهجم عليها ودمرها.<ref>نفس المصدر<name="مولد تلقائيا8" /ref>
* وقعة حريق المستودع:
وهو حريق نشب في مستودع أسلحة جيش إبراهيم باشا وقد خسر فيه أعداد كبيرة من قواته ومعداته. روى المؤرخ المصري [[عبد الرحمن الجبرتي |عبدالرحمن الجبرتي]] أحداثها في قوله: {{اقتباس مضمن|واستهل شهر رمضان بيوم الأحد سنة 1233، في منتصفه، وصل نجاب وأخبر أن إبراهيم باشا ركب إلى جهة من نواحي الدرعية لأمر يبتغيه وترك عرضيه، فاغتنم [[الدولة السعودية الأولى|الوهابية]] غيابه، وكبسوا على العرضى على حين غفلة، وقتلوا من العساكر عدة وافرة، وأحرقوا الجبخانة، فعند ذلك قوي الاهتمام، وارتحل جملة من العساكر في دفعات ثلاث براً وبحراً يتلو بعضهم بعضا في شعبان ورمضان}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص449، عبد الرحمن الجبرتي</ref> نص إبراهيم باشا في رسالة بعثها إلى [[محمد علي باشا]] في تلك الفترة بوقوع معارك كبيرة على أحد أسوار الدرعية لاحقاً مع إمامها [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]] وأتباعه قتل فيها أخواه [[فيصل بن سعود الكبير]] وتركي بن سعود الكبير منذ بداية حصار الدرعية حتى تاريخ الرسالة وهو التاسع من رمضان سنة 1233هـ. يُذكر أن [[فيصل بن سعود الكبير]] هو قائد مشاة الدرعية وقائد معركة بسل قبل ثلاث سنوات من حصار الدرعية.<ref>وثائق عثمانية، القاهرة/(من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث)، عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم</ref>
سطر 278:
* يسافر الإمام عبدالله بن سعود الكبير إلى مصر ثم إلى الأستانة.
{{اقتباس عالم|الإمام [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]]<ref>وثيقة روسيل، قنصل فرنسا في مصر، المرسلة إلى وزارة الخارجية الفرنسية نقلا عن مراسلات بين إبراهيم باشا وأبيه</ref>|متن=أنت قوي يا إبراهيم، وأبوك محمد علي أقوى منك، والسلطان محمود أقوى من أبيك، ولكن الله.. أقوى منكم جميعاً، وإذا لم يكن مقدراً علي أن أقتل فإن سيوفكم كلها لا تستطيع أن تقطع رأسي.|خيمة إبراهيم باشا بعد أن تفاخر الأخير بقوته وقوة والده التي أجبرت الدرعية على الاستسلام والتي ستوصله بسلام حتى الأستانة}}
لاحقاً، وبعد أن قبل عبدالله بن سعود الكبير بالشروط، نكث إبراهيم باشا بما تعهد به؛ إذ قام بعد أن استولى على الدرعية بتدمير معظم بيوتها وأسوارها، كما أحرق نخيلها، وقطع أشجارها، وقتل علماءَها، وصادر معظم الوثائق والمخطوطات والكتب التي وصل إليها؛<ref>تاريخ الفاخري، ص184، محمد بن عمر الفاخري/عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص429-ص434، ابن بشر/خواطر حول الوهابية، ص61-ص66، محمد إسماعيل المقدم</ref> بالإضافة إلى أنه قام بمصادرة كل السيوف والدروع المنحوتة بأسماء أئمة الدرعية وأمراءَها وقدرت بأربعمائة قطعة أثرية.<ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/232 الصفحة 232 من كتاب Persia and A brief history of the Wahauby الجزء الثاني قسم الوهابية.]</ref> عمل إبراهيم باشا أيضا على ملاحقة ذرية [[محمد بن سعود بن محمد آل مقرن|محمد بن سعود]] و[[محمد بن عبد الوهاب|محمد بن عبدالوهاب]] وقتلهم.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> من جملة من فر من الدرعية، قاضي الدرعية ومندوبها إلى محمد علي باشا أواخر سنة 1815م، القاضي عبدالعزيز بن حمد بن إبراهيم التميمي.<ref>علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام</ref> في حين ألقي القبض على القاضي أحمد بن رشيد الحنبلي، وتم خلع أسنانه حياً وتعذيبه أشد العذاب.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص421-ص424، ابن بشر</ref> وأعدم القاضي سليمان بن عبدالله، حفيد الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛<ref>كتاب معجزة فوق الرمال، أحمد عسه، نقلاً عن سلفية لا وهابية ص216-ص218</ref> وأخا -سليمان- القاضي علي بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب.<ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> كما أعدم قاضي الخرج والدلم علي بن حمد العريني؛ وقاضي الحريق والحوطة رشيد السردي؛ وقاضي الأحساء عبدالرحمن النمي وغيرهم.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص421-ص430، ابن بشر</ref><ref>تاريخ الفاخري، ص183، محمد بن عمر الفاخري التميمي</ref>
{{صندوق اقتباس
| align = left
سطر 287:
روى هارفرد بريدجز عن نهايتهم، ما نصه: {{اقتباس مضمن|هكذا تنتهي في الوقت الحاضر القوة والحكومة التي أقامها هذا الشعب الذي تمكن من التحول من الضعف إلى القوة، كان في وقت من الأوقات يثير أشد حالات الذعر لكل الباشوات الأتراك في كل قارة آسيا، وسيدهم السلطان في القسطنطينية على حد سواء، بالإضافة إلى أتباع النبي محمد التقليديين بشكل عام. لقد سمح الوهابيون لأنفسهم في الواقع أن ينخدعوا فيما يخص مدى قوتهم الحقيقية إلى درجة أنهم تصوروا بكل تهور أنهم يستطيعون تحدي الحكومة البريطانية. كان تعاقب الحكام الوهابيون على النحو التالي: الأول: محمد بن سعود؛ الثاني: عبدالعزيز بن محمد بن سعود؛ الثالث: سعود بن عبدالعزيز؛ الرابع: عبدالله بن سعود}}.<ref>[https://archive.org/details/b29348730/page/104 الصفحة 105 من كتاب Persia and A brief history of the Wahauby]</ref>
 
يُذكر أن بعض علماء الدرعية وأمراءَها فروا إلى [[رأس الخيمة]] و[[الشارقة]]، تحت ظل الشيوخ [[القواسم]]؛ إذ أصبحت آخر مناطق متبقية تدين بالولاء للدرعية وبعيدة عن إبراهيم باشا. من جملة من فر إليهم القاضي [[على بن حسين آل الشيخ|علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب]] وعمته فاطمة بنت محمد بن عبدالوهاب؛ وكان ذلك قبل أن تطلق الإمبراطورية البريطانية حملتها الرابعة على رأس الخيمة مستغلة دمار الدرعية.<ref>[https://books.google.com.sa/books?id=hxaKj3AjyfwC&pg=PA78&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false The Gulf States: A Modern History]</ref><ref>عنوان المجدname="مولد فيتلقائيا10" تاريخ نجد، الجزء الأول، ابن بشر</ref> في حين مكث إبراهيم باشا تسعة أشهر بالدرعية بعد دخولها، قام فيها بتوطيد سلطته بنشر الحاميات العثمانية ببلدات نجد، وعاد للقاهرة سنة 1235هـ/1819م بعد أن خرب الدرعية.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا12" التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
حرص إبراهيم باشا قبل مغادرة نجد أيضا على اغتيال وأسر كل عمالها الموالين للدرعية؛ إذ اغتيل أمير [[حائل|الجبل]] محمد بن عبدالمحسن آل علي في قصره؛ واغتيل أمراء الدلم من آل عفيصان جميعاً؛ وتم أسر أمير القصيم حجيلان بن حمد التميمي.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص437-ص438، ابن بشر</ref>
==وَقعْ سقوط الدرعية==
سطر 293:
روى المؤرخ المصري [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]] المعاصر لتلك الحقبة رد فعل محمد علي باشا عن نبأ سقوط الدرعية في تاريخه، ما نصه: {{اقتباس مضمن|وردت بشائر من شرق الحجاز بمراسلة من عثمان آغا الورداني أمير الينبع بأن إبراهيم باشا استولى على الدرعية و[[الدولة السعودية الأولى|الوهابية]]، فانسر الباشا لهذا الخبر سرورا عظيما، وانجلى عنه الضجر والقلق وأنعم على المبشر، وعند ذلك ضربوا مدافع كثيرة من القلعة والجيزة وبولاق والأزبكية، وانتشر المبشرون على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص451، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
وقال أيضا: {{اقتباس مضمن|واستهلت سنة أربعة وثلاثين ومائتين وألف ووردت الأخبار من شرق الحجاز والبشائر، بنصرة حضرة إبراهيم باشا على [[الدولة السعودية الأولى|الوهابية]] قبل استهلال السنة بأربعة أيام، فعند ذلك نودي بزينة المدينة سبعة أيام.. ونصبت الصواوين خارج باب النصر عند الهمايل، وكذلك صيوان الباشا، وباقي الأمراء والأعيان خرجوا بأسرهم لعمل الشنك والحرائق، وأخرجوا من المدافع مائة مدفع وعشرة، وتماثيل وقلاعا، وسواقي وسواريخ، وصورا من بارود بدأوا في عمل الشنك من يوم الأربعاء، فيضربون بالمدافع مع رماحة الخيالة من أول النهار مقدار ساعة زمانية وربع قريبا من عشرين درجة، ضربا متتابعا لا يتخلله سكون على طريقة الإفرنج في الحروب، بحيث أنهم يضربون المدفع الواحد اثني عشرة مرة، وقيل أربع عشرة مرة في دقيقة واحدة، فعلى هذا الحساب يزيد ضرب المدافع في تلك المدة على ثمانين ألف مدفع، بحيث يتخيل الإنسان أصواتها مع أصوات بنادق الخيالة المترامحين، رعودا هائلة، ورتبوا المدافع أربع صفوف، ورسم الباشا أن الخيالة ينقسمون كذلك طوابير، ويكمنون في الأعالي، ثم ينزلون مترامحين وهم يضربون بالبنادق، ويهجمون على المدافع في حال اندفاعها بالرمي، فمن خطف شيئا من أدوات الطبجية الرماة يأتي به إلى الباشا، ويعطيه البقشيش والإنعام، فمات بسبب ذلك أشخاص وسواس}}.<ref name="مولد تلقائيا11">عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص460، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
وقال أيضا في وصف الحفلات: {{اقتباس مضمن|وحول محل الحراقة حلقة دائرة متسعة حولها ألوف من المشاعل الموقدة، وطلبوا لعمل أكياس بارود المدافع مائتي ألف ذراع من القماش البز}}، إلى أن قال: {{اقتباس مضمن|وبعد انقضاء السبعة أيام المذكورة، حصل السكون}}.<ref>عجائب الآثارname="مولد فيتلقائيا11" التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص460، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
{{اقتباس عالم|[[ولي العهد عباس ميرزا|عباس ميرزا]] ولي عهد [[القاجاريون|القاجار]]<ref>كتاب (من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث)، ترجمة وثائق عثمانية، الجزء الثاني، ص395، عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم</ref>|متن= أنه قد بلغ إلينا، مجاري أمرك، ومعالي قدرك، وأنباء ظفرك، ونصرك ما ينشد أبهج عنه، ويبشر المبهج به، وتحار العقول لديه، وتطير القلوب إليه، فاطلعنا على ما صنعت في قتال العرب، وصبرت في احتمال التعب، واجتهدت في تجهيز الكتائب وتشميد الغواضب، حتى وطئت أرجاء التهامة، بأقدام الشهامة، وخلصت أرض النجد بالعز والمجد، فتحت باب الأمنية، بفتح الدرعية، وبالغت في دفع البدع، ونفي الدين المخترع، وقطع دابر المفسدين.|مجمل رسالته ل[[محمد علي باشا]]}}
سطر 302:
قال [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]] عن دخول [[عاشوراء]] والإمام عبدالله، ما نصه: {{اقتباس مضمن|وكان الباشا قد أمر بإنشاء قصر لخصوص جلوسه بالجزيرة على تجاه بولاق، قبلي قصر ابنه إسماعيل، وتمموا بياضه ونظامه في هذه المدة القليلة، فلما كان ليلة الإثنين، وهو يوم عاشوراء خرج الباشا في ليلته وعدى إلى القصر المذكور، وخرج أهل الدائرة والأعيان إلى الأماكن التي استأجروها -حول نهر النيل-، وكذلك العامة أفواجا، وأصبح يوم الإثنين المذكور، فضربت المدافع الكثيرة التي صففوها بالبرين، وزين أهالي بولاق أسواقهم وحوانيتهم، وأبواب دورهم ودقت الطبول المزامير والنقرزانات في السفائن وغيرها، وطبلخانة الباشا تضرب في كل وقت، والمدافع الكثيرة في ضحوة كل يوم وعصره وبعد العشاء كذلك، وتوقد المشاعل، وتعمل أصناف الحراقات والسواريخ والنفوط والشعل، وتتقابل القلاع المصنوعة على وجه الماء، ويرمون منها المدافع على هيئة المتحاربين، وفيها فوانيس وقناديل، وهيئة باب مالطة بوابة مجسمة مقوصرة لها بدنات، ويرى بداخلها سرج وشعل، ويخرج منها حراقات وسواريخ، وغالب هذه الأعمال من صناعة الإفرنج، وأحضروا سفائن رومية صغيرة، تسمى الشلبنات يرمى منها مدافع وشنابر وشيطيات، وغلايين مما يسير في البحر المالح، وفي جميعها وقدات وسرج وقناديل، وكلها مزينة بالبيارق الحرير والأشكال المختلفة الألوان، ودبوس أوغلي ببولاق التكرور وعنده أيضاً الحراقات الكثيرة والشعل والمدافع والسواريخ، وبالجيزة عباس بيك ابن طوسون باشا، والنصارى الأرمن بمصر القديمة وبولاق، والإفرنج، وأبرز الجميع زينتهم وتماثيلهم وحرائقهم، وعند الأعيان حتى المشايخ في القنج والسفائن المعدة للسروح والتفرج والنزاهة، والخروج عن الأوضاع الشرعية والأدبية، واستمروا على ما ذكر إلى يوم الإثنين سابع عشره}}.<ref>عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص462، عبد الرحمن الجبرتي</ref>
 
روى [[عبد الرحمن الجبرتي|عبدالرحمن الجبرتي]] أن آخر أيام الاحتفالات كانت عند وصول الإمام [[عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبدالله بن سعود الكبير]] في يوم الإثنين السابع عشر من شهر المحرم، قال:<ref>نفس المصدر<name="مولد تلقائيا8" /ref> {{اقتباس|وفي ذلك اليوم وصل عبدالله بن سعود الوهابي، ودخل من باب النصر، وصحبه عبدالله بكتاش قبطان السويس، وهو راكب على هجين، وبجانبه المذكور، وأمامه طائفة من الدلاة، فضربوا عند دخوله مدافع كثيرة من القلعة وبولاق وخلافهما، وانقضى أمر الشنك وخلافه من ساحل النيل وبولاق، ورفعوا الزينة وركب الباشا إلى قصر شبرا في تلك السفينة، وانفض الجمع وذهبوا إلى دورهم، وكان ذلك من أغرب الأعمال التي لم يقع نظيرها بأرض مصر.. فذهبوا به إلى بيت إسماعيل باشا ابن الباشا، فأقام يومه، وذهبوا به في صبحها عند الباشا بشبرا، فلما دخل عليه قام له وقابله بالبشاشة وأجلسه بجانبه وحادثه، وقال له: ما هذه المطاولة؟ فقال: الحرب سجال، قال: وكيف رأيت إبراهيم باشا؟ قال: ما قصر وبذل همته، ونحن كذلك حتى كان ما كان قدره المولى، فقال: أنا إن شاء الله تعالى أترجى فيك عند مولانا السلطان، فقال: المقدر يكون، ثم ألبسه خلعة، وانصرف عنه إلى بيت إسماعيل باشا ببولاق.. وفي يوم الأربعاء تاسع عشره، سافر عبدالله بن سعود إلى جهة الإسكندرية وصحبته جماعة من الططر إلى دار السلطنة ومعه خدم لزومه}}
==تجدد المعارك في عسير وسقوط المخلاف السليماني==
روى ابن بشر عن تجدد المعارك في عسير وسقوط [[المخلاف السليماني]] ما نصه: {{اقتباس مضمن|سار أبو مسمار حمود بن محمد الشريف بجنوده، وقد استنجده محمد بن أحمد وقومه من عسير، وكان قد سار إليهم عساكر الروم مع سنان آغا، ومعه عدد من أهل الحجاز وتهامة، فاجتمع أبو مسمار بعسير فوقعت الملاقات بينهم وبين الروم في حجيلا من نواحي عسير، وكثرت القتلى بين الفريقين، فانهزم الروم.. وبعد هذه الوقعة مرض أبو مسمار، ولم يلبث إلا عشرة أيام ومات، وقام مقامه ابنه أحمد.. ثم سار إليهم خليل باشا بعسكر كثيف من الروم وآخر الأمر أنه أمسك أحمد بن حمود.. ثم سار عسكر ثالث ومعهم محمد بن عون الشريف ورجال من العرب وتوجهوا إلى عسير، وكانوا قد أمسكوا محمد بن أحمد وهو مريض وقتلوه}}.<ref>عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص427-ص428، ابن بشر</ref>