علم الآثار الفلكي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي V1
Glory20 (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 1:
[[Image:Newgrange ireland 750px.jpg|يسار|thumb|300px|شروق الشمس ينير الغرفة الداخلية لنصب [[نيوغرانغ]] في أيرلندا، فقط في [[انقلاب شتوي|الانقلاب الشتوي]].]]
 
'''علم الفلك الآثاري''' {{إنج|Archaeoastronomy}}،هو دراسة كيف فهم الناس [[ظاهرة|الظواهر]] [[سماء|السماوية]] في الماضي وكيف استخدموا هذه الظواهر وما الدور الذي لعبته السماء في ثقافاتهم<ref>Sinclair 2006:13</ref>. أن علم [[الفلك]] القديم الذي نستخلصه اليوم من دراسة الأوابد القديمة وكافة الدلائل الآثارية المكتشفة انطلاقاً من معارفنا الحالية في علوم الآثار و[[الرياضيات]] والفلك... والحق أن هذا الفرع الجديد من تاريخ العلوم خطا خطوات واسعة حققت لنا معارف هامة ودقيقة تتعلق بإنجازات الإنسان القديم في مجال ملاحظاته الفلكية تحديداً، وفي مجالات معارفه الأخرى وفنونه ودياناته بشكل عام. ويختص علم الفلك الآثاري بدراسة كافة الآثار والمعطيات غير المكتوبة التي تركتها لنا الحضارات القديمة والمتعلقة بالرصد الفلكي، كالمعابد والأحجار الضخمة. ولهذا، وبقدر ما يكون العمل ممتعاً في هذا الفرع العلمي بما يقدمه لنا من جوانب ثقافية هامة في حياة الإنسان القديم، فهو أيضاً عمل صعب بسبب ندرة المعطيات من جهة، وكثرة المتطفلين أيضاً الذين يحلو لهم تفسير النتائج بأساليب غير علمية مما يؤدي إلى تشويهها، وفي الحقيقة، فإن تفسير النتائج العلمية المرتبطة بالتاريخ القديم يظل قابلاً لحيز من الخطأ، ولهذا لايصح أن نقبل بأي تفسير له، كما لا يجدر بنا أن ننساق وراء المتزمتين علمياً، الذين لايقبلون إلاّ بالتفسير الحرفي. ومن هنا، يحاول العلماء المختصون في هذا المجال قدر استطاعتهم الاستعانة بخبرات زملائهم في المجالات الأخرى لكي يتمكنوا من وضع النتائج التي يحصلون عليها في إطارها الصحيح، أي ضمن الإمكانيات الأكثر توافقاً مع الطبيعة الإنسانية ومع المعطيات الفنية والاجتماعية والدينية للشعوب القديمة. وهكذا، يمكن وضع حجر الأساس لدراسة الأساطير القديمة، والدوافع العميقة التي حفزت الإنسان القديم على تحقيق إنجازاته كافة. أما النتائج التي لم يستطع العلماء تفسيرها حتى الآن، فإنهم يعرضونها ضمن الحدود التي يسمح بها المنطق العلمي، ودون طرح فرضيات هوجاء قد تسيء لأصالة هذه الإنجازات مرتين: الأولى من خلال نسبها في كثير من الأحيان إلى حضارات غريبة كما يفعل كتاب كثيرون فيسقطون مضمونها الإنساني، والثانية حين ينتقصون من قدرات الإنسان القديم ولا يحاولون التفكر في القوى والدوافع الحقيقية التي قادته إلى مثل هذه الأعمال العظيمة. ولهذا أريد التنويه إلى أنني لا أهدف لطرح تفسيرات خاصة حول بعض اكتشافات علم الفلك الآثاري، بل سأحاول عرض أهم هذه الاكتشافات تاركاً لكم التأمل فيها وفي مقدرات الإنسان العظيمة.
سطر 20:
ولاشك أن الإنسان القديم لاحظ هذه الحركة الدورية، بل ولاشك أنه أقام الاحتفالات والطقوس في عدة مناسبات موافقة لها. لكن هذا الإنسان القديم لم يكن يفكر بطريقتنا اليوم. وبكل بساطة، لم يكن هذا الإنسان أكثر قرباً من الطبيعة، بل كان من الطبيعة ذاتها، وكانت كافة أفعاله صادرة منها ومنسجمة معها. ولهذا، فحتى الاحتفالات الشعائرية التي قد لانرى أي معنى لها اليوم، كانت احتفالات طبيعية تماماً، وكانت نتائجها ملموسة بالنسبة للإنسان القديم. لسنا تماماً مع علماء الفلك الآثاري بقولهم إن هذا الإنسان بنى مراصده الحجرية في البداية لرصد الشمس والقمر، ثم طورها ليرصد نجوم أخرى. بل إن هذا الأمر جاء متأخراً بالنسبة لإنسان كرومانيون الذي لدينا أدلة آثارية على أنه ظل طيلة أكثر من عشرين ألف سنة يراقب السماء ويتواصل معها، ومما يؤكد قولنا هذا أن مراقبة القمر مثلاً تتطلب عشرات بل ومئات السنين لكي يمكن في النهاية ضبط نقاط شروقه وغروبه. ولهذا، فإن غياب معرفة الأقوام البدائية للتدوين ولتسجيل أرصادهم كان ليشكل عائقاً كبيراً على متابعة أرصادهم.
 
إن حركة القمر الظاهرية بالنسبة للأرض تختلف تماماً عن حركة الشمس الظاهرية. ففترة دوران القمر حول الأرض هي 27.3 يوم, و هو ما يعرف بالشهر النجومى, و هو الشهر الذىالذي يقوم فيه القمر بعمل دورة كاملة بالنسبة للنجوم. ولكن بما أن القمر مرتبط بالأرض التي تدور حول الشمس، فإن مراحل أطوار القمر التي تظهر لنا تتكرر وفق دورة من 29.5 يوم. ويقطع مسار القمر مستوى الكسوف في نقطتين تدعيان بالعقدتين وليس لهما وضعية ثابتة. وتنتقل العقدتان بشكل مستمر لتكملا دورة كاملة كل 18.6 سنة. ولا تحدد هذه الدورة الكسوفات فقط، بل ونقاط شروق القمر عند خط الأفق، وكانت كلها تشكل ظاهرة مميزة بالنسبة للإنسان القديم.
 
يبلغ القمر أعظم ارتفاع له على الأفق كل 18.6 سنة، وذلك في أبعد نقطة ممكنة له باتجاه الشمال عند مروره بخط الزوال السماوي. ومع ذلك، وبعد 15 يوماً من هذه الظاهرة، نجد القمر في أدنى ارتفاع له وفي أقصى نقطة يظهر فيها باتجاه الجنوب. وتدعى هاتان النقطتان بنقطتي التوقف. وخلال مرحلة قصيرة، يواصل القمر بلوغ الارتفاع نفسه في كل شهر. ولكن مع مرور السنين تتناقص المسافة بين النقطتين الحديتين لظهور القمر، ثم تزداد ببطء حتى تعود إلى بداية دورة جديدة من 18.6 سنة. ومما لاشك فيه أن دراسة هذه الظاهرة ليس بالأمر الهيّن. وهي قد لا تكون ذات أهمية تذكر بالنسبة لشعوب القسم الجنوبي من الأرض، لكن الأمر يختلف تماماً بالنسبة لسكان المناطق الشمالية. ففي بعض المواقع المرتفعة، يظهر القمر عندما يبلغ ارتفاعه الأقصى في نقطة قريبة جداً من نقطة غروبه، وفي بعض الأحيان لاينزل تحت الأفق طوال اليوم، فيبدو للمراقب كما لو كان يدور حوله. ولاشك أن مثل هذه الظاهرة كانت تشدّ الإنسان الذي يلاحظها، لا بل وتترك في نفسه تأثيراً مضاعفاُ أقوى من تأثير القمر عليه في حالاته الأخرى. وثمة دلائل كثيرة على أن بعض الأوابد الحجرية الضخمة التي سنتحدث عنها يمكن أن تكون قد سجلت هذه الظاهرة.