الإسكندر الأكبر: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط بوت: إضافة بوابات معادلة (ғʀ) (بوابة:استكشاف) |
ط بوت:إزالة تصنيف عام (3.5) إزالة تصنيف:ملوك مقدونيون لوجود (تصنيف:الإسكندر الأكبر)) |
||
سطر 16:
| place of birth =[[بيلا (اليونان)|پيلا]]، مقدونيا
| date of death = 10 أو 11 يونيو 323 ق.م (32 عامًا)
| place of death =[[بابل]]، [[بلاد الرافدين|بلاد ما بين النهرين]]، [[ملف:Vergina sun.svg|20بك]] [[مقدونيا القديمة|الإمبراطورية المقدونية]]
| spouse 1 = [[روكسانا|رخسانة الباختريّة]]
| spouse 2 = ستاتیرا الثانية الفارسيّة
| spouse 3 = پروشات الثانية الفارسيّة
| issue = [[الإسكندر الرابع المقدوني]]
| religion =[[
| عرقية = لا
| عائلة = لا
|الجنسية = لا
}}
'''الإسكندر الثالث المقدوني'''، المعروف بأسماء عديدة أخرى أبرزها: '''الإسكندر الأكبر'''، و'''الإسكندر الكبير'''، و'''الإسكندر المقدوني'''، و'''الإسكندر ذو القرنين''' ([[لغة يونانية|باليونانية]]: Ἀλέξανδρος ὁ Μέγας؛ [[نقحرة]]: {{خط عربي دولي|fa|ألكساندروس أوميگاس}})، هو أحد ملوك [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]] [[يونانيون|الإغريق]]، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر [[التاريخ]]. وُلد الإسكندر في مدينة [[بيلا (اليونان)|پيلا]] قرابة سنة 356 ق.م، وتتلمذ على يد الفيلسوف والعالم الشهير [[أرسطو]] حتى بلغ ربيعه السادس عشر. وبحلول عامه الثلاثين، كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها [[تاريخ قديم|العالم القديم]]، والتي امتدت من سواحل [[البحر الأيوني]] غربًا وصولاً إلى [[
خلف الإسكندر والده، [[فيليب الثاني المقدوني|فيليپ الثاني المقدوني «الأعور»]]، على عرش البلاد سنة 336 ق.م، وبعد أن اغتيل الأخير. ورث الإسكندر عن أبيه مملكة متينة الأساس وجيشًا عرمرمًا قويًا ذا جنود مخضرمة. وقد مُنح حق قيادة جيوش [[اليونان القديمة|بلاد اليونان]] كلها، فاستغل ذلك ليُحقق أهداف أبيه التوسعيّة، وانطلق في عام 334 ق.م في حملة على [[بلاد فارس]]، فتمكن من دحر [[فرس (
كان الإسكندر يسعى للوصول إلى «نهاية العالم والبحر الخارجي الكبير»، فأقدم على غزو [[الهند]] سنة 326 ق.م في محاولة لاكتشاف الطريق إلى ذاك البحر، لكنه اضطرّ إلى أن يعود أدراجه بناءً على إلحاح قادة الجند وبسبب تمرّد الجيش. توفي الإسكندر في مدينة [[بابل]] سنة 323 ق.م، قبل أن يشرع في مباشرة عدّة حملات عسكرية جديدة خطط لها، وكان أولها فتح [[شبه الجزيرة العربية]]. بعد بضعة سنوات من وفاته، نشبت حروب أهلية طاحنة بين أتباعه كان من شأنها أن مزّقت أوصال إمبراطوريته، وولّدت عدّة دول يحكم كل منها «خليفة» وقد عرفت [[ملوك طوائف الإسكندر|بملوك الطوائف]] ([[لغة يونانية|باليونانية]]: Διάδοχοι، و[[لغة لاتينية|باللاتينية]]: Diadochi)، وكان كل [[ملك]] من هؤلاء الملوك مستقل لا يدين بالولاء إلا لنفسه، وكان هؤلاء هم من بقي حيًا من قادة جيش الإسكندر وشاركه حملاته في الماضي.
يشمل إرث الإسكندر [[انتشار ثقافي|التمازج الثقافي]] الذي خلقته فتوحاته، فقد تمكن من خلط الثقافة الإغريقية الهلينية بالثقافات الشرقية المختلفة للشعوب الخاضعة له، كما أسس أكثر من عشرين مدينة تحمل اسمه في أنحاء مختلفة من إمبراطوريته، أبرزها وأشهرها هي مدينة [[الإسكندرية]] في [[مصر]]. كما أدّى إنشاء الإسكندر للمستعمرات الإغريقية الكثيرة في طول البلاد وعرضها، إلى خلق [[الحضارة الهلنستية|حضارة هلينية]] جديدة استمرت مظاهرها بارزة في تقاليد [[الإمبراطورية البيزنطية]] حتى منتصف [[القرن 15|القرن الخامس عشر]]. استحال الإسكندر شخصيةً بارزة في الأساطير والقصص والتاريخ اليوناني والعالمي تقريبًا، حتى قام مقام [[آخيل]]، وأصبح المقياس الذي يُحدد القادة العسكريين بناءً عليه نجاح أو فشل مسيرتهم، وما زالت المدارس العسكرية حول العالم تُدرّس أساليبه وتكتيكاته الحربيّة حتى الوقت الحالي.<ref>{{Harvard citation no brackets|Yenne|2010|page=8}}, p. viii</ref>{{cref|ii}}
== بداية حياته ==
سطر 62:
في مدينة [[بيلا (اليونان)|پيلا]] عاصمة [[مقدونيا القديمة|مملكة مقدونيا]].<ref>{{citation |العنوان= Alexander of Macedon, 356-323 B.C.: a historical biography |series= Hellenistic culture and society |المؤلف= Peter Green |الإصدار= reprinted, illustrated, revised |الناشر= University of California Press |السنة= 1970 |isbn= 9780520071650 |الصفحة= xxxiii |المسار= http://books.google.es/books?id=g6Wl4AKGQkIC&pg=PA559&dq=alexander+the+great+356+OR+355&hl=es&sa=X&ei=h78uT-uaFYSzhAe436jsCg&ved=0CF8Q6AEwCDgK#v=onepage&q=356&f=false |اقتباس= 356 - Alexander born in Pella. The exact date is not known, but probably either 20 or 26 July.}}</ref> والده هو الملك [[فيليب الثاني المقدوني|فيليپ الثاني]] المُلقب بالأعور، ووالدته هي [[أوليمبياس|أوليمپياس]] ابنة نيوبطليموس الأول ملك إقليم إيپيروس، وهي الزوجة الرابعة لفيليپ.<ref name="N10-M">{{harvard citation no brackets| McCarty|2004|p=10}}</ref><ref name="Renault, p. 28">{{harvard citation no brackets| Renault|2001|p=28}}</ref><ref name=durant538/> وعلى الرغم من أن الأخير كان متزوجًا بسبع أو ثمانية نساء، إلا أن أوليمپياس كانت المفضلة لديه وأقربهنّ إليه لفترة من الزمن على الأقل، ويُرجح أن سبب ذلك هو إنجابها لوريث ذكر له، هو الإسكندر.<ref>{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=171}}</ref>
[[ملف:Jupiter-and-olympia-1178.jpg|تصغير|يمين|زيوس يُغري أوليمپياس، لوحة [[جوليو رومانو|لجوليو رومانو]]، تُظهر أسطورة حمل أوليمپياس بالإسكندر من كبير آلهة الإغريق.]]
تحيط عدّة أساطير بولادة الإسكندر وبنشأته.<ref name="Roisman 2010 188"/> فوفقًا للكاتب الإغريقي القديم [[
كان فيليپ الثاني يُحضر [[حصار|لحصار]] مستعمرة «پوتيدايا» الواقعة على [[خالكيذيكي|شبه جزيرة خالكيذيكي]]، في يوم ولادة ابنه. وفي ذات اليوم تلقى خبرًا مفاده أن أحد أبرز قادة جيشه، وهو پارمنيون، انتصر على جيش مكون من حلف من الأليريين والپايونيانيين وردّهم على أعقابهم، وأن [[
[[ملف:Alexander taming Bucephalus by F. Schommer, German, late 19th century.jpg|تصغير|الإسكندر الفتى يروّض [[بوسيفالوس]] الحصان الجامح.]]
تربّى الإسكندر خلال السنوات الأولى من حياته على يد مرضعة وخادمة تُدعى «لانيك»، وهي شقيقة [[كليتوس الأسود]]، أحد القادة المستقبليين في جيش الإسكندر. وفي وقت لاحق، تتلمذ الإسكندر على يديّ ليونيدس الإيپروسي، وهو أحد أقارب أمه، و[[ليسيماخوس]]، أحد قادة الجيش العاملين في خدمة والده.<ref name="M33-34-R">{{harvard citation no brackets|Renault|2001|p=33–34}}</ref> نشأ الإسكندر نشأة الشباب المقدونيين النبلاء، فتعلّم [[قراءة|القراءة]] و[[كتابة|الكتابة]]، و[[قيثارة|عزف القيثارة]]، و[[فروسية|ركوب الخيل]]، و[[مصارعة
عندما بلغ الإسكندر عامه العاشر، أحضر أحد التجار [[ثيساليا|الثيساليين]] حصانًا مطهمًا إلى الملك فيليپ، وعرض أن يبيعه إياه مقابل ثلاثين طالن. وعندما حاول الملك ركوب [[
=== مراهقته وتعليمه ===
[[ملف:Alexander and Aristotle.jpg|تصغير|يمين|الإسكندر وأرسطو في مجلس العلم.]]
عندما بلغ الإسكندر الثالثة عشرة من عمره، أخذ والده يبحث له عن معلّم يلقنه [[فلسفة|الفلسفة]] و[[
كان هذا المعبد بمثابة مدرسة الصعود للإسكندر وغيره من أبناء النبلاء المقدونيين، مثل [[بطليموس الأول|بطليموس]]، وهفستيون، و[[كاسندر]]، الذين استحالوا أصدقاء الإسكندر المقربين، وقادة جيشه المستقبليين، وغالبًا ما يُشار إليهم بأصحاب الإسكندر ورفاق دربه. تلقن هؤلاء الشباب مبادئ [[طب|الطب]]، و[[فلسفة يونانية
== وريث فيليپ ==
سطر 81:
أنهى الإسكندر تعليمه في سن السادسة عشرة، وفي ذلك الحين غادر والده فيليپ ليشن حربًا على [[بيزنطة]]، فترك شؤون الحكم في بلاده إلى ابنه الشاب، فحكم الإسكندر بالنيابة عن والده بصفته وليًا للعهد.<ref name="Roisman 2010 188"/> بعد مغادرة فيليپ، ثارت [[ميديون|القبائل الميدية]] [[تراقيا|التراقية]] على الحكم المقدوني مستغلة حداثة سن الإسكندر وعدم درايته بالشؤون السياسية والحربية، لكن الأخير فاجأهم، ورد عليهم ردًا قاسيًا، فأجلاهم عن مناطقهم ووطن فيها أغريقًا، وأسس مدينة أسماها «ألكساندروپولس» أي «مدينة الإسكندر».<ref name="R68-F/">{{harvard citation no brackets|Fox |1980|p=68}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Renault|2001|p=47}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Bose|2003|p=43}}</ref>
بعد عودة فيليپ، أُرسل الإسكندر على رأس قوة عسكرية صغيرة إلى جنوب تراقيا لإخضاع الثورات القائمة فيها. بدأت هذه الحملة بالهجوم على مدينة «پيرينثوس»، حيث يُقال أن الإسكندر أنقذ حياة والده عند تعرضه لهجوم، وفي ذلك الحين كانت مدينة [[أمفيسا]] قد شرعت بالتوسع في أراض وقف بالقرب من [[دلفي]]، تعتبر أراض مقدسة ومكرسة لخدمة الإله [[أبولو (إله إغريقي)|أپولو]]، فاستغل فيليپ هذه القضية للتدخل في الشؤون اليونانية، معتبرًا أنه يُدافع عن الدين ويحمي المقدسات من التدنيس. ولمّا كان فيليپ لا يزال مشغولاً بالصراع في تراقيا، أمر الإسكندر بأن يحشد جيشًا ويتحضر لحملة على [[اليونان]]. لجأ الإسكندر إلى الخديعة وتظاهر بأنه يعزم مهاجمة [[علالية|أليريا]] عوض أمفيسا، خوفًا من أن تثور مدن يونانية أخرى وتهب لمجابهته ومساعدة شقيقتها. وفي خضم هذه الفوضى، هاجم الأليريون مقدونيا فعلاً، فأسرع الإسكندر وردهم على أعقابهم.<ref name="Renault47-49">{{harvard citation no brackets|Renault |2001|p=47–49}}</ref>
انضم فيليپ وجيشه إلى الإسكندر في سنة 338 ق.م، وسارا جنوبًا عبر ممر «البوابات الحارقة»، بعد مقاومة شرسة وعنيدة من الحامية الطيبية المعسكرة في المنطقة، وتابعا طريقهما ليفتحا مدينة [[إلاتيا]]، التي تبعد مسافة بضعة أيام فقط عن كل من [[
[[ملف:Battle of Chaeronea, 338 BC ar.png|تصغير|مخطط [[معركة
تعرّض الأثينيون والطيبيون للجيش المقدوني أثناء توجهه جنوبًا، وقطعوا عليه الطريق بالقرب من بلدة [[خيرونيا|خايرونيا]] في منطقة [[بيوتيا]]، ليحتكوا معه في معركة هائلة عرفت باسم [[معركة خيرونيا|معركة خايرونيا]]. خلال هذه المعركة، تولّى فيليپ قيادة الجناح الأيمن من الجيش، فيما تولّى الإسكندر قيادة الجناح الأيسر، برفقة جماعة من القادة الموثوقين. تنص المصادر القديمة أن تلك المعركة كانت مريرة، وأنها طالت كثيرًا حتى فكّر فيليپ بخداع خصومه حتى يتمكن من هزيمتهم وحسم الأمر لصالحه، فأمر جنوده بالتراجع آملاً أن تتبعه العساكر الأثينية غير الخبيرة بشؤون الحرب، فيتمكن من خرق صفوف الجيش. كان الإسكندر أوّل من تمكن من خرق صفوف الطيبيين، تلاه قادة فيليپ، ولمّا رأى الأخير أن تماسك الجيش قد اختل بعد أن تبعه الأثينيين، أمر جنوده بالتقدم وتطويقهم. استسلم الطيبيون سريعًا بعد أن رأوا هزيمة حلفائهم الأثينيين ومحاصرة المقدونيين لهم، فكان النصر حليف الإسكندر ووالده.<ref name="DiodXVI">{{harvard citation no brackets|Diodorus Siculus |1988|pp= XVI,86}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Diod.+16.86&redirect=true أنظر الصفحة]</ref>
بعد هذا النصر الكبير، سار الإسكندر وفيليپ إلى [[بيلوبونيز|شبه جزيرة المورة]] دون أن يتعرض لهما أحد، بل رحبت بهما كل المدن اليونانية وفتحت أبوابها للجيش المقدوني. إلا أن الوضع تغيّر حينما وصلا إلى [[
=== في المنفى والعودة ===
[[ملف:Alexander1256.jpg|تصغير|تمثال للإسكندر من متحف إسطنبول للآثار.]]
بعد عودة فيليپ إلى [[بيلا|پيلا]] عاصمة ملكه، أُغرم بامرأة تُدعى «كليوپترا يوريديس»، ابنة أخ إحدى قادة جيشه وهو «أتالوس»، وتزوّج بها.<ref name="Roisman 2010 179">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=179}}</ref> وبهذا الزواج استحال منصب الإسكندر كوريث للعرش مهتزًا، فأي ولد ذكر يولد لفيليپ من هذه المرأة سيكون ولي العهد شرعًا، بما أنه مولود لأبوين مقدونيين، في حين كان الإسكندر نصف مقدوني، من ناحية أبيه فقط.<ref name="McCarty27">{{harvard citation no brackets|McCarty |2004|pp= 27}}</ref> يذكر المؤرخون أنه خلال وليمة العرس، تضرّع أتالوس [[
{{اقتباس|خلال حفل زفاف فيليپ وكليوپترا التي أغرم بها وتزوجها، على الرغم من أنها كانت تصغره بكثير من السنين، قام عمّها أتالوس، وقد ثمل من كثرة [[مشروبات كحولية|الخمر]]، ورغب إلى المقدونيين أن يناشدوا الآلهة كي تهب لهم وريثًا شرعيًا من ابنة أخيه يرث المملكة بعد حين. وقد أثار هذا غضب الإسكندر لدرجة دفعته أن يقذف رأس الخطيب بإحدى الكؤوس، قائلاً له: «أيها الشرير، وما أنا؟ هل أنا بلقيط؟» ثم قام فيليپ وقد مال إلى جانب أتالوس، وكاد أن يقتل ابنه، لولا أن تدخلت عناية القدر، فزلّت قدمه، إما لشدة غضبه الذي أعماه، أو لكثرة ما شرب من [[نبيذ|النبيذ]]، فوقع أرضًا. وهنا وبّخه الإسكندر والحاضرين مستهزءًا، فقال: «إليكم الرجل الذي يُحضّر لغزو [[آسيا]]، سقط وهو ينتقل من مقعد لآخر».|پلوتارخ، واصفًا الشجار الذي وقع في حفل زفاف فيليپ المقدوني.<ref name="PA9">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|p=IX, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=9 أنظر الصفحة]</ref>}}
بعد هذه الحادثة، غادر الإسكندر مقدونيا بصحبة والدته، وتركها مع أخيها، خاله إسكندر الإيپروسي في مدينة دودونا، عاصمة قبيلة المولوسيين.<ref name="Roisman 2010 180">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=180}}</ref> ثم تابع طريقه متجهًا إلى [[علالية|أليريا]]،<ref name="Roisman 2010 180"/> حيث احتمى بملك الأليريين، الذي استقبله بكل حفاوة وأكرمه، على الرغم من أنه كان قد هزم جيشه قبل بضع سنين. أمضى الإسكندر زهاء 6 شهور في أليريا، كان خلالها أحد أصدقاء العائلة، وهو «ديمراتوس الكورنثي»، قد توسّط لدى فيليپ أن يعفو عن ابنه ويسامحه عمّا بدر منه،<ref name="P75-B/">{{harvard citation no brackets|Bose|2003|p=75}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Renault|2001|p=56}}</ref> والظاهر أن فيليپ لم يكن ينوي معاقبة ولده أصلاً أو أن يتبرأ منه خصوصًا وأنه كان محنّكًا سياسيًا وخبيرًا عسكريًا، لكنه تركه في المنفى لفترة كي يحفظ ماء الوجه.<ref name="Roisman 2010 180"/>
عاد الإسكندر إلى [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]] بعد أن بلغه عفو والده عنه، وفي السنة التالية عرض الحاكم الفارسي [[كاريا (إقليم)|لإقليم كاريا]] أن يزوج ابنته بالأخ غير الشقيق للإسكندر، المدعو [[فيليبوس الثالث المقدوني|فيليپ آرهيدايوس]]،<ref name="Roisman 2010 180"/> فقالت أوليمپياس وعدد من أصحاب الإسكندر، أن مشروع الزواج هذا يؤكد عزم فيليپ جعل آرهيدايوس وريثًا له.<ref name="Roisman 2010 180"/> فقام الإسكندر بإرسال مبعوث يُدعى ثيساليوس الكورنثي إلى الحاكم الفارسي يُخبره فيها أنه من غير اللائق لمنصبه أن يعرض تزويج ابنته بولد غير شرعي، وأنه ينبغي أن يزوجها للإسكندر عوض ذلك. ولمّا علم فيليپ بالقصة، أوقف مفاوضاته مع الحاكم الفارسي فورًا، ووبخ الإسكندر توبيخًا شديدًا، قائلاً له أن ما لا يليق هو اتخاذه لزوجة فارسية كاريّة، وإنه كان يعتزم تزويجه بامرأة أفضل.<ref name="Roisman 2010 180"/> أقدم فيليپ على نفي أربعة من أصدقاء الإسكندر الذين دفعوه إلى هذا العمل، وهم: هارپالوس، ونيارخوس، و[[بطليموس]]، وإريگايوس، وجعل أبناء مدينة [[كورنث]] يُحضرون مواطنهم ثيساليوس أمامه مكبلاً بالأغلال.<ref name=McCarty27/><ref>{{harvard citation no brackets|Renault|2001|p=59}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Fox|1980|p=71}}</ref>
سطر 104:
=== توطيد سلطته ===
بدأ الإسكندر عهده بإبادة خصومه الذين يُحتمل أن يبرز منهم شخصًا يُنازعه على عرش المملكة، فأمر [[
بعد أن انتشر خبر وفاة فيليپ، ثارت عدّة مدن خاضعة لمقدونيا وانتفضت على حكّامها، وكان من ضمنها: [[
[[ملف:Alexander Diogenes MBA Lyon H494.jpg|تصغير|رسم من [[القرن السادس عشر]] يُظهر لقاء الإسكندر بالفيلسوف [[ديوجانس الكلبي]] في مدينة [[كورنث]].]]
تابع الإسكندر مسيرته حتى وصل ممر البوابات الحارقة، وتابع جنوبًا حتى وصل [[كورنث]]، وحينها طلب منه الأثينيون الأمان، وعاهدوه بالخضوع لمقدونيا، فعفا عنهم وأمّنهم على أرواحهم وممتلكاتهم. التقى الإسكندر خلال فترة مكوثه في كورنث بالفيلسوف الزاهد الشهير [[ديوجانس الكلبي]]، وكان من أشد المعجبين به، فسأله إن كان له طلب يقدر أن يحققه له، فردّ الفيلسوف بازدراء: «تنح قليلاً، أنت تحجب [[الشمس]] عني».<ref>{{harvard citation no brackets|Stoneman|2004|p=21}}</ref> يظهر بأن هذا الرد أبهج الإسكندر، حيث ينص بعض المؤرخون قوله: «حقًا أقول لكم، لو لم أكن الاسكندر لوددت أن أكون ديوجانس».<ref>{{harvard citation no brackets|Dillon|2004|page=187-188}}</ref> خُلع على الإسكندر لقب القائد الأعلى للرابطة الهلينية خلال إقامته في كورنث، وعُين خلفًا لوالده في قيادة جيوش [[اليونان|بلاد اليونان]] كلها في الحرب القادمة مع [[أخمينيون|الإمبراطورية الفارسية]]، كما تلقى أنباءً تفيد بانتفاض التراقيين على حكمه.<ref name="Renault, p. 72"/><ref name="P96-Bose">{{harvard citation no brackets|Bose|2003|p=96}}</ref>
سطر 112:
=== الحملة البلقانية ===
[[ملف:Alexander at sack of Thebes.jpg|تصغير|يمين|الإسكندر وجيشه ينهبون طيبة عقابًا لها على العصيان.]]
رغب الإسكندر أن يؤمن حدود مملكته الشمالية، قبل أن يعبر [[الدردنيل|مضيق الدردنيل]] متجهًا إلى [[آسيا]]، فأقدم في ربيع سنة 335 ق.م على الشروع بحملة لتطهير بلاده من الثورات والانتفاضات القائمة. انطلق الإسكندر من مدينة «آمفيپوليس» متجهًا شرقًا إلى بلاد «التراقيين المستقلين»، وعلى سفوح [[جبال البلقان]] هزم قواتهم هزيمة منكرة،<ref name="I, 1">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p=I, 1}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book1a.asp أنظر الصفحة]</ref> ثم تابع طريقه إلى مناطق قبائل التريباليين، وتغلب عليهم بالقرب من نهر لايگينوس،<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 2}}</ref> وهو أحد فروع [[دانوب|الدانوب]]. اتجه الجيش بعد ذلك إلى الفرع الرئيسي للنهر حيث لقي قبيلة [[غيتيون|الغيتيون]] على الضفة المقابلة، فأمر الإسكندر رجاله بالعبور ليلاً تحت جنح الظلام، فأُخذ الغيتيون على حين غرّة وأجبرهم على التراجع بعد أوّل مناوشة بين الفرسان.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 3–4}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Renault|2001|pp=73–74}}</ref> بعد ذلك وصله أن كليتوس ملك [[علالية|أليريا]]، وگلوكياس ملك التولنتيين قد أشهرا العصيان عليه، فحوّل الإسكندر سير جيشه غربًا ناحية أليريا، حيث هزم الملكان تباعًا وفرق جيوشهما، وبتمام هذا النصر كان الإسكندر قد أمّن الحدود الشمالية لمملكته.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 5–6}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Renault|2001|p=77}}</ref>
ثار الطيبيون والأثينيون على الحكم المقدوني مجددًا، أثناء حملة الإسكندر الشمالية، ولمّا علم الأخير بذلك، اتجه جنوبًا بأقصى سرعة لإخماد نار الثورة قبل امتدادها.<ref name="Roisman 2010 192">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=192}}</ref> كما في الثورات السابقة، ترددت جميع المدن اليونانية في مقارعة الإسكندر لمّا علمت بقدومه، إلا طيبة، التي قررت المواجهة. كانت مقاومة الطيبيين غير مجدية على الإطلاق، فقد اكتسحهم الإسكندر وجيشه كالعاصفة الهوجاء، وسوّى مدينتهم بالأرض، وقسّم أراضيها بين باقي [[بيوتيا|المدن البيوتيّة]]. كان لنهاية طيبة أثر مروّع في نفوس الأثينيين، فخضعوا لمقدونيا خوفًا من أن يصيبهم ذات المصير، الأمر الذي كان من شأنه إحلال السلام في جميع بلاد الإغريق ولو مؤقتًا.<ref name="Roisman 2010 192"/> بهذا تفرّغ الإسكندر تمامًا لحملته الآسيوية، فجمع الجند والعتاد وانطلق شرقًا، تاركًا أحد القادة العسكريين، وهو [[أنتيباتر|أنتيپاتر]]، وصيًا على العرش.<ref name="Roisman 2010 199">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=199}}</ref>
سطر 119:
=== آسيا الصغرى ===
[[ملف:Charles Le Brun, Le Passage du Granique, 1665.png|تصغير|يمين|معركة نهر گرانیکوس بين الإسكندر والفرس.]]
عبر الإسكندر [[الدردنيل|مضيق الدردنيل]] سنة 334 ق.م بجيش قوامه 48,100 جندي من [[مشاة|المشاة]]، و6,100 من الفرسان ، وأسطول سفن مكوّن من 120 [[سفينة]] بلغ عدد أفراد طاقمها 38,000 نفر،<ref name="Roisman 2010 192"/> أحضروا من [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]] ومختلف المدن اليونانية. كما ضمّ الجيش عدد من [[مرتزق|المرتزقة]] والمحاربين الإقطاعيين من [[تراقيا]]، وپايونيا، و[[علالية|أليريا]].<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 11}}</ref> أظهر الإسكندر نيته في غزو كافة أراضي الإمبراطورية الفارسية عندما غرز رمحًا في [[الأناضول|البر الآسيوي]] أوّل ما وطأه قائلاً أنه قبل [[آسيا]] هدية لشخصه من الإلهة.<ref name="Roisman 2010 192"/> أظهرت هذه الحادثة أيضًا أمرًا مهمًا آخر، وهو توق الإسكندر لقتال الفرس ، وميله نحو الحلول العسكرية، على العكس من والده، الذي كان يُفضل الحلول الدبلوماسية على الدوام.<ref name="Roisman 2010 192"/> اشتبك المقدونيون مع الفرس في أوّل معركة على ضفاف [[معركة الغرانیکوس|نهر گرانیکوس]]، المعروف حاليًا باسم «نهر بیگا»، شمال غرب [[آسيا الصغرى]] بالقرب من موقع مدينة [[طروادة]]، حيث انهزم الفرس وسلّموا مفاتيح مدينة «سارد» عاصمة ذلك الإقليم، إلى الإسكندر، الذي دخلها ظافرًا، واستولى على خزائنها، ثم تابع تقدمه على طول ساحل [[البحر الأيوني]].<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 13–19}}</ref> ضرب الإسكندر الحصار على مدينة [[هاليكارناسوس]] الواقعة في [[كاريا (إقليم)|إقليم كاريا]]، لتكون بذلك أوّل مدينة يحاصرها، وقد كان الحصار ناجحًا لدرجة أن قائد المرتزقة في المدينة، المدعو «ممنون الرودسي» وحاكم الإقليم الفارسي «أُراندباد» المقيم بالمدينة، اضطرا إلى الانسحاب منها عن طريق البحر.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 20–23}}</ref> سلّم الإسكندر حكم كاريا إلى «أدا الكاريّة»، وهي حاكمة سابقة للإقليم،<ref>{{مرجع كتاب | العنوان=A History of Ancient Coinage, 700-300 B.C.| المسار=http://books.google.com/books?id=_s6ZUeMRJEMC&pgis=1| الأخير=Gardner| الأول=Percy| السنة=1918| الناشر=Oxford University| المكان=Clarendon Press| الصفحة=303}}</ref> أعلنت ولائها لمقدونيا وتبنّت الإسكندر تبنيًا رسميًا حتى يؤول إليه حكم الإقليم شرعًا بعد وفاتها.<ref name="Arrian 1976 loc=I, 23">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 23}}</ref>
[[ملف:Alexander cuts the Gordian Knot.jpg|تصغير|الإسكندر يقطع [[عقدة غوردية|العقدة الگوردية]]، بريشة جان سيمون بيرتليمي.]]
تقدم الإسكندر وجيشه من هاليكارناسوس إلى منطقة [[ليقيا|ليكيا]] الجبلية في جنوب [[الأناضول]] فسهل [[بامفيليا|پامفيليا]]، فاتحًا كل المدن الساحلية الواحدة تلو الأخرى حارمًا الفرس من الكثير من الموانئ البحرية الهامّة. سار الإسكندر إلى داخل الأناضول بعد فتح پامفيليا، بما أن باقي الخط الساحلي لم يحو أية موانئ أو قواعد بحرية بارزة، ولمّا وصل مدينة ترمسوس [[بيسيديا|الپيسيديّة]]، عدل عن اقتحامها بعد أن شبهها بعش [[عقاب (طائر)|عقاب]]، الطائر المجسد لكبير الآلهة [[زيوس]]، حيث خاف أن يؤدي عمله ذلك إلى غضب زيوس عليه وعدم توفيقه في حملته.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 27–28}}</ref> بعد ترمسوس كانت [[غورديوم|گورديوم]] المحطة التالية للإسكندر وجيشه، وفيها قام بحل [[عقدة غوردية|العقدة الگوردية]] غير المحلولة قبلاً، التي قيل بأن أحدًا لن يقدر على حلّها سوى ملك آسيا الحق.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 3}}</ref> يفيد المؤرخون بأن الإسكندر قطع العقدة [[سيف|بسيفه]] قائلاً أنه من غير الضروري معرفة الطريقة الصحيحة لحلها.<ref>{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=351}}</ref>
=== بلاد الشام ===
سطر 128:
بعد أن أمضى الإسكندر وجيشه الشتاء بكامله يغزون ويفتحون المدن والقلاع الحصينة في [[آسيا الصغرى]]، تابعوا زحفهم جنوبًا وعبروا بوابات [[قيليقية]] سنة 333 ق.م، فالتقوا بالفرس ثانية عند [[إسوس]] يقودهم الشاه [[دارا الثالث]] بنفسه،<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 6–10}}</ref> فاشتبك الجيشان في [[معركة إسوس|معركة حامية الوطيس]] أسفرت عن تحقيق الإسكندر لنصر حاسم، وانكسار الجيش الفارسي وفرار الشاه ناجيًا بحياته، ووقعت في الأسر زوجته وابنتيه وأمه «سيسيگامبيس»، وغنم المقدونيون كنزًا عظيمًا كان قد حمله معه، وكميات هائلة من المؤن والأسلحة.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 11–12}}</ref> عرض الشاه إبرام [[معاهدة سلام]] مع الإسكندر يحتفظ الأخير بموجبها بما فتحه من الأراضي، وأن يطلق سراح عائلته مقابل 10,000 طالن. ردّ الإسكندر على هذا المقترح بأنه هو وحده من لديه الحق بتقسيم أراضي آسيا، بما أنه استحال سيدها، فلا يحق لدارا أو أي كان أن يحدد له ما يحتفظ به وما يتركه.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=I, 3–4 II, 14}}</ref>
[[ملف:Tyre besieged and captured by Alexander (1696).jpg|تصغير|صور المشتعلة خلال حصار الإسكندر لها.]]
خلّد الإسكندر نصره هذا، الذي فتح له أبواب [[بلاد الشام|الشام]] على مصراعيها، بأن أنشأ مدينة في شمال البلاد على حدود [[الأناضول]]، هي «[[إسكندرونة|الإسكندرونة]]». وكان أمام الإسكندر، الآن، أن يختار إحدى خطتين: إما أن يتعقب [[فرس (مجموعة إثنية)|الفرس]] إلى [[بلاد فارس|بلادهم]] نفسها، وإما أن يزحف جنوبًا لفتح [[
[[ملف:Siege tryre-ar.png|تصغير|يمين|حصار الإسكندر لصور وجسر الردم الذي وصل به القسم القديم البري بالقسم الجديد البحري من المدينة.]]
ورغب الإسكندر في أن يُقدّم الذبائح لإله [[صور (لبنان)|صور]] «ملقارت»، فأبى الصوريّون عليه ذلك، إذ كانوا يعتبرون هذا العمل حقًا من حقوق ملكهم دون غيره. فعدّ الإسكندر رفضهم هذا إهانة شخصية له، وعزم على تأديب المدينة العنيدة.<ref name="المصور"/> وكانت صور تنقسم آنذاك إلى قسمين: صور البرية وصور الجزيرة. فارتأى الإسكندر أن يفتح المدينة البرية أولاً، ثم يبني سدًا يربطها بالجزيرة فيعبر البحر عليه، ويحاصر الجزيرة فتسقط في يديه. وهكذا استولى في سهولة فائقة على صور البرية، ثم أمر رجاله بهدم مبانيها وإلقاء أنقاضها في البحر، وبقطع [[شجرة|الأشجار]] من [[غابة|الغابات]] المجاورة لاستخدامها في أعمال الطمر الجبّارة.<ref name="المصور"/> ولكن الصوريّون قاوموا الفاتح ببسالة عجيبة، حتى كاد اليأس يتسرب إلى فؤاده. وأخيرًا استطاع الإسكندر أن يجمع قوة بحرية هائلة حاصر بها الجزيرة فسقطت في يده، في شهر يوليو سنة 332 ق.م، بعد حصار دام سبعة أشهر.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=II, 16–24}}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Gunther|2007|p=84}}</ref> وانتقم الإسكندر من صور، [[قتل|فقتل]] ستة آلاف من أهلها، و[[صلب (توضيح)|صلب]] ألفين، و[[عبودية|سبى]] ثلاثين ألفًا.<ref>{{harvard citation no brackets|Sabin|van Wees|Whitby|2007|p=396}}</ref> ثم دخل هيكل ملقارت وقدّم الذبائح إلى إله صور، وأقام حفلة ألعاب ابتهاجًا بنصره.<ref name="المصور"/>
بعد تدمير صور، خضعت معظم المدن والبلدات الشامية للإسكندر دون قتال، أثناء مروره بها متجهًا إلى مصر، إلا [[غزة]]، فقد رفض حاكم المدينة الفارسي فتح أبوابها للقائد المقدوني، وأعلن عزمه مقاومته. وكانت غزة من أكثر مدن الشام تحصينًا، وكان موقعها على تلة يفرض على أي جيش ضرب الحصار عليها كي يتمكن من فتحها.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=II, 26}}</ref> حاول المقدونيون اقتحام المدينة ثلاث مرات متتالية، فلم ينجحوا،<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://www.lbdb.com/TMDisplayBattle.cfm?BID=211&WID=46|العنوان= Leaders and Battles: Gaza, Siege of|الناشر = Leaders and Battles Database|المؤلف= |تاريخ الوصول=2007-01-18 |مسار الأرشيف = http://web.archive.org/web/20061022040333/http://www.lbdb.com/TMDisplayBattle.cfm?BID=211&WID=46 <!-- Bot retrieved archive --> |تاريخ الأرشيف = 2006-10-22| وصلة مكسورة = yes }}</ref> وفي المرة الرابعة وفقوا بعد أن استخدموا أدوات حصار أحضروها خصيصًا من صور، غير أن الإسكندر دفع ثمن الحصار غاليًا، فقد أصيب بجرح خطير في كتفه. وكما فعل في صور، انتقم الإسكندر من أهل المدينة شر انتقام، فطال [[سيف]]ه رقاب كل الرجال القادرين على حمل السلاح، وبيعت النساء والأولاد عبيدًا، كما جعل الحاكم عبرة لمن لا يعتبر، فربط قائمتيه [[عربة|بعربة]] ثم جرّه تحت أسوار المدينة، واستمر يجرّه حتى مات متأثرًا بجراحه.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=II, 26–27}}</ref>
سطر 138:
=== مصر ===
[[ملف:Alexander laying out the city of Alexandria by Andre Castaigne (1898-1899).jpg|تصغير|يمين|الإسكندر يُشرف على رسم حدود ووضع أساسات مدينة الإسكندرية.]]
وصل الإسكندر إلى [[الفرما]]، بوابة [[مصر]] الشرقية، في خريف عام 332 ق.م، ولم يجد أي مقاومة من المصريين ولا من الحامية الفارسية عند الحدود ففتحها بسهولة، ثم عبر [[نهر النيل|النيل]] ووصل إلى العاصمة [[منف]]، فاستقبله أهلها كمحرر منتصر،<ref>{{harvard citation no brackets|Ring|Salkin|Berney|Schellinger|1994|pp=49, 320}}</ref> ثم أقام مهرجانًا ثقافيًا ترفيهيًا على النمط الإغريقي احتفالاً بهذا الفوز العظيم. بعد ذلك سار بقواته بحذاء الفرع الكانوبي للنيل، متجهًا إلى ساحل [[البحر الأبيض المتوسط|البحر المتوسط]]، وحط رحاله بالقرب من [[بحيرة مريوط]]، وراعه أهمية المكان المحصور بين البحيرة والبحر المتوسط، خاصة إن المكان قريب من نهر النيل الذي يمده [[
[[ملف:Ammun temple IMG 2020.jpg|تصغير|بقايا معبد آمون في واحة سيوة، حيث تُوج الإسكندر فرعونًا على مصر وسُمي ابنًا لكبير آلهتها، [[آمون]].]]
ويروي المؤرخون أن الإسكندر الأكبر عند اختياره للإسكندرية كي تكون عاصمة لإمبراطوريته، استهدى في ذلك بتوجيه معلمه الروحي [[هوميروس]] صاحب ملحمتي الإلياذة والأوديسة، والذي ظهر للإسكندر في الحلم، وأنشده أبياته المشهورة من ملحمة الأوديسة عندما التجأ بطل الملحمة ورفاقه إلى جزيرة فاروس، واستجابة لهذا الحلم غادر الإسكندر مخدعه في الحال، وذهب إلى فاروس التي كانت آنذاك لا تزال جزيرة صغيرة تقع إلى الجنوب الغربي بالنسب للمصب الكانوبي <ref>{{استشهاد بخبر| مسار = https://al-ain.com/article/great-alexander-history-alexandria| عنوان = الإسكندرية القديمة .. ثلاثية خالدة لأجمل رفات التاريخ| ناشر = [[بوابة العين الإخبارية]]| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20190404224546/https://al-ain.com/article/great-alexander-history-alexandria | تاريخ الأرشيف = 4 أبريل 2019 }}</ref>.
بينما شرع المهندسون في التصميم، قرر الإسكندر القيام [[حج|برحلة روحية]] لمعبد الإله آمون، المقابل لزيوس عند الإغريق، في [[سيوة|واحة سيوة]] ب[[الصحراء الغربية (مصر)|الصحراء الغربية لمصر]].<ref name="grimal">{{harvard citation no brackets|Grimal|1992|p=382}}</ref> وكان معبد أمون بواحة سيوة مشهورًا كأحد معابد [[
=== بلاد الرافدين ===
{{أيضا|معركة غوغميلا{{!}}معركة گوگميلا}}
[[ملف:Battle of Gaugamela (Arbela).PNG|تصغير|رسم فلمنكي على نسيج، يُظهر معركة گوگميلا.]]
سار الإسكندر بجيشه متجهًا إلى عقر دار الفرس معتزمًا القضاء على قوتهم العسكرية، فوصل [[بلاد الرافدين|بلاد ما بين النهرين]]، حيث كان الشاه [[دارا الثالث]] قد حشد جيشًا جرّارًا وصل تعداد أفراده بحسب المصادر القديمة إلى ما بين 200,000 و250,000 جندي،<ref>[http://www.eyewitnesstohistory.com/alexander.htm شاهد عيان على التاريخ: الإسكندر يهزم الفرس، 331 ق.م] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170801044445/http://www.eyewitnesstohistory.com:80/alexander.htm |date=01 أغسطس 2017}}</ref> بينما تنص المصادر المعاصرة أن العدد ربما كان يتراوح بين 50,000 و100,000 جندي، بينما وصل عدد أفراد الجيش المقدوني إلى 47,000 جندي فقط.<ref>Hanson 2001, p. 72.</ref> اختار الشاه موقع المعركة الفاصلة بعناية مدروسة، فجعله سهلاً مكشوفًا مسطحًا بحيث يتمكن من إفراز كامل قواته المتفوقة عدديًا، حتى لا يحصل له ما حصل في إسوس قبل سنتين، عندما لم تمكنه طبيعة المنطقة من استخدام جيشه كاملاً، فاستفاد الإسكندر من ذلك وقهره، أما الآن فأراد إلقاء كامل ثقله العسكري في وجه المقدونيين، بحيث يضمن النصر.<ref>Hanson 2001, pp. 69-72</ref>
[[ملف:Batalla de Gaugamela (M.A.N. Inv.1980-60-1) 02.jpg|تصغير|يمين|منحوتة عاجيّة من [[القرن الثامن عشر]] تُظهر الشاه [[دارا الثالث]] وهو يفرّ من ساحة المعركة ناجيًا بحياته.]]
[[ملف:Charles Le Brun - Entry of Alexander into Babylon.JPG|تصغير|الإسكندر يدخل بابل على عربة الشاه دارا الثالث.]]
اقترح قادة جيش الإسكندر مباغتة الفرس عشيّة المعركة ومهاجمتهم تحت جنح الظلام وأخذهم على حين غرّة، ذلك أن مواجهة هذا الجيش العرمرم وجهًا لوجه لهو أمرٌ في غاية العسر إن لم يكن مستحيلاً. لكن الإسكندر رفض هذه الفكرة، قائلاً أنه لن يسرق هذا النصر، بل سيظفر به عن جدارة، فكيف عساه يكون ملك [[آسيا]] الحق إن لم يكسبها بحق. وفي جميع الأحوال فإن هكذا هجوم كان سيُقدّر له الفشل على الأرجح، إذ أن دارا استبق الأمور وتوقعه، فأمر رجاله بالبقاء صاحين طوال الليل ووضعهم على أهبة الاستعداد لرد أي هجوم محتمل. وفي صبيحة اليوم التالي اتجه الجيش المقدوني إلى ساحة المعركة ليجدوا الفرس مصطفين وبانتظارهم، وقد ظهر بين صفوفهم الكثير من [[عجلة حربية|العجلات الحربية]] وخمسة عشرة [[فيل|فيلاً]] حربيًا أحضرت خصيصًا من [[الهند]].<ref>Hanson 2001, pp. 70-71.</ref> أظهر الإسكندر نبوغه العسكري عند بداية المعركة، فقام بالعدو على موازاة الجناح الأيمن للجيش الفارسي، يرافقه ثلّة من أفضل فرسانه، فتبعه قسم من الجيش، حتى إذا ظهرت فجوة بين صفوفهم، دخلها الإسكندر بسرعة فائقة ووصل إلى حيث تخفق راية الشاه، الذي راعه رؤية المقدونيين وقد اخترقوا صفوف جيشه، ففر هاربًا مع بعض قادته، تاركًا جيشه يتضعضع تحت وطأة ضربات الإسكندر وجيشه.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=III 7–15}}</ref> لاحق الإسكندر فلول الجيش الفارسي رغبة منه بالقبض على الشاه، فتتبعه حتى [[
=== بلاد فارس ===
بعد فتحه بابل، انطلق الإسكندر باتجاه مدينة [[شوشان|سوسة]]، إحدى العواصم الأخمينية المهمة، فدخلها واستولى على خزائنها.<ref name=AIII16/> ثم سار مع القسم الأعظم من جيشه إلى [[
=== سقوط الإمبراطورية الفارسية والفتوحات الشرقية ===
[[ملف:Alexander inspects the corpse of Darius.jpg|تصغير|الإسكندر يتفقد جثة دارا.]]
[[ملف:Den Leichnam des Darius.jpg|تصغير|الإسكندر يُغطي جثة دارا بعبائته.]]
تابع الإسكندر مطاردة الشاه دارا الثالث بكل ما أوتي من عزم، فلاحقه حتى [[ميديون|ميدية]] أولاً، ثم تبعه إلى [[فرثيا]]،<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=III, 19–20}}</ref> وكان دارا في حالة لا يُحسد عليها، فبعد أن خسر كل معاركه مع الإسكندر، وفقد أغلب الأراضي لصالحه، خسر احترام وثقة ضبّاطه القلائل الذين رافقوه، ومن بينهم «أردشير» المعروف باسم بسوس، حاكم [[باختر|باختريا]] وقريبه، فقد عصاه هذا الأخير، ولم يكتف بذلك، بل قام بتكبيله وحمله معه أسيرًا إلى [[آسيا الوسطى]].<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=III, 21}}</ref> وعندما عرف باقتراب الإسكندر وجيشه، أمر رجاله بطعن دارا طعنةً قاتلة، ثم أعلن نفسه خليفة له، تحت اسم «أردشير الخامس»، وتابع طريقه متجهًا إلى آسيا الوسطى ليُحضر سلسلة حملات عسكرية ضد القائد المقدوني.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=III, 21, 25}}</ref> عثرت مقدمة الجيش المقدوني على دارا مرميًا في عربته في حالة النزاع، ولمّا وصل الإسكندر كان دارا قد [[موت|أسلم الروح]]، ويظهر أن الإسكندر قد أحزنه رؤية خصمه القديم على هذه الحال، هو الذي كان ملكًا عظيمًا في يوم من الأيام، انتهى أمره على هذا الشكل؛ فغطاه بعبائته، ونقل جثمانه إلى پرسپوليس حيث [[دفن]]ه إلى جانب أسلافه من الملوك، بعد أن أقام له [[جنازة]] مهيبة.<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=III, 22}}</ref> بعض الروايات، ومنها رواية الإسكندر نفسه، تشير إلى أنه حينما وصل، كان دارا ما زال حيًا، وسمّى الإسكندر خليفة له على عرش فارس.<ref name="BriefLife81">{{harvard citation no brackets|Gergel|2004|p=81}}</ref> يعتبر المؤرخون أن نهاية [[أخمينيون|الإمبراطورية الأخمينية]] حلّت بوفاة دارا الثالث.<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://www.livius.org/aj-al/alexander/alexander10.html|العنوان=The end of Persia|الناشر=www.livius.org|تاريخ الوصول=16 November 2009| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20160316211044/http://www.livius.org/aj-al/alexander/alexander10.html | تاريخ الأرشيف = 16 مارس 2016 | وصلة مكسورة = yes }}</ref>
[[ملف:The punishment of Bessus by Andre Castaigne (1898-1899).jpg|تصغير|يمين|الإسكندر يشهد عذاب بسوس.]]
اعتبر الإسكندر بسوس غاصبًا معتديًا، وانطلق في أثره. تحوّلت الحملة الهادفة إلى اعتقال بسوس إلى جولة واسعة النطاق في آسيا الوسطى، فقد فتح الإسكندر المدينة تلو المدينة والبلدة تلو البلدة، وأسس عدّة مدن أسماها كلها «الإسكندرية»، وما زال بعضها قائمًا إلى الوقت الحالي، إلا أن اسمها تغيّر، ومنها: [[قندهار]] في [[أفغانستان]]، والإسكندرية القصوى في [[طاجيكستان]]. ضمّ الإسكندر عدّة أقاليم إلى إمبراطوريته خلال هذه الجولة، مثل: ميدية، وپارت، وآريانة (أفغانستان الغربية)، وزرنكا، والرخج (أفغانستان الوسطى والجنوبية)، و[[باختر|باختريا]] (شمال أفغانستان ووسطها)، و[[سكيثيا|سيثيا]].<ref>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=III, 23–25, 27–30; IV, 1–7}}</ref>
تمكن الإسكندر من بسوس بعد أن خانه حاكم [[صغد]]يا، المدعو «سپنتامنش»، وسلّمه إلى [[بطليموس]] في سنة 329 ق.م، فحمله الأخير إلى الإسكندر، الذي أمر [[
=== المشاكل والمؤامرات المُحاكة ===
[[ملف:The killing of Cleitus by Andre Castaigne (1898-1899) reduced.jpg|تصغير|الإسكندر يرمي كليتوس برمح ويرديه قتيلاً أثناء الشجار الذي وقع بينهما في سمرقند.]]
بعد وفاة دارا، والقضاء على كل المنافسين على عرش فارس، اتخذ الإسكندر لنفسه لقب «[[شاه]]نشاه»، بمعنى «ملك الملوك»، واقتبس الكثير من العادات والتقاليد الفارسية، سواء تلك المتعلقة بالملبس أو المأكل أو التشريفات، وأمر بتطبيقها في بلاطه، ولعلّ أبرزها كان تقبيل يديّ من هو أعلى مقامًا و[[سجود|السجود]] له، وهي عادة كان الفرس يتبعونها مع الشاه خاصةً، وبما أنه أصبح حاملاً لهذا اللقب، فقد أمر رجاله باتباع هذه العادة معه.<ref name="AVII11">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p=VII, 11}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book7a.asp أنظر الصفحة]</ref> اعتبر الإغريق أن هذه التحية لا تجوز إلا للآلهة، وإن الإسكندر عظّم نفسه لدرجة العبادة عندما طلب تطبيقها، فرفضها العديدون، ونبذوا قائدهم وقاطعوه، مما اضطره إلى التخلي عنها في نهاية المطاف.<ref name="Morkot 1996 111"/> اكتشف الإسكندر مخططًا [[اغتيال|لاغتياله]] وضعه أحد قادته، وهو فيلوطس بن پارمنیون، فلم يتردد في إعدامه، وذلك بسبب وصول عدّة تقارير عنه في السابق تتحدث عن عزمه قتل الإسكندر، فكان اكتشاف المخطط الأخير بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. حوكم فيلوطس من قبل لجنة مؤلفة من كبار الضبّاط، ثم عُذّب حتى يكشف أسماء المساعدين له، ثم [[رجم|رُجم]] حتى الموت، وبعض المصادر تنص أنه طُعن [[رمح|بالرماح]]. أدّى [[عقوبة الإعدام|إعدام]] فيلوطس إلى ضرورة إعدام والده پارمنیون، الذي وكّله الإسكندر أمر [[همدان (إيران)|همدان]]، كي لا تثور ثائرته ويعمل على [[انتقام|الانتقام]]، فأرسل له من قتله بسرعة. من أبرز الأحداث التي وقعت خلال هذه الفترة، وأرّقت عين الإسكندر، كان قتله الرجل الذي أنقذ حياته خلال معركة نهر گرانیکوس في [[آسيا الصغرى]]،<ref>Arrian, ''Anabasis Alexandri'', [http://websfor.org/alexander/arrian/book1a.asp i. 12, 15, 16] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170211085047/http://websfor.org/alexander/arrian/book1a.asp |date=11 فبراير 2017}}</ref><ref>Plutarch, ''The Life of Alexander'', [http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Roman/Texts/Plutarch/Lives/Alexander*/3.html 16.]</ref> ألا وهو [[كليتوس الأسود]]، وذلك أبّان شجار وقع بينهما في [[سمرقند]]، عندما كان كلاً منهما [[
=== مقدونيا أثناء غياب الإسكندر ===
كان الإسكندر قد وكّل [[أنتيباتر|أنتيپاتر]]، وهو أحد قادته الخبيرين ومن السياسيين المحنكين، أمر [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]]، قبل أن يُغادر إلى [[آسيا]].<ref name="Roisman 2010 199"/> استمرت جميع مدن [[اليونان]] هادئة طيلة فترة غياب الإسكندر، ولم تتحرك فيها أي ثورة، خوفًا من أن يُصيبها ما أصاب [[
== الحملة الهندية ==
سطر 175:
{{أيضا|معركة هيداسبس{{!}}معركة هيداسپس}}
[[ملف:The phalanx attacking the centre in the battle of the Hydaspes by Andre Castaigne (1898-1899).jpg|تصغير|كتائب الجيش المقدوني تهاجم مركز الجيش الهندي في معركة هيداسپس.]]
بعد موت سپنتامنش، تزوّج الإسكندر بأميرة باخترية تُدعى [[روكسانا|رخسانة]] ليقوّي العلاقات مع حكّام أقاليمه الجدد، ثمّ حوّل أنظاره إلى [[شبه قارة الهند|شبه القارة الهندية]] لفتحها، فأرسل إلى زعماء القبائل في إقليم «گندهارة» ([[قندهار]])، الواقع في شمال [[باكستان]] حاليًا، يأمرهم بالمثول أمامه والاعتراف بسلطانه على بلادهم. استجاب صاحب مقاطعة «تکسیلا»، المدعو «أومفيس»، والذي كانت مملكته تمتد من [[نهر السند]] إلى نهر جهلم، إلى أمر الإسكندر، لكن شيوخ بعض قبائل التلال، المنتمين لعشيرة الكمبوجة تحديدًا، رفضوا ذلك رفضًا قاطعًا.<ref name="Ind118">{{harvard citation no brackets|Tripathi|1999|p=118–121}}</ref> فما كان من الإسكندر إلا أن حمل على تلك القبائل في [[شتاء]] سنة 327/326 ق.م، واتجه لقتال كل منها في عقر دارها: بوادي كنار، ووادي پنجكرا، ووادي [[سوات]] وبونير.<ref>{{harvard citation no brackets|Narain|1965|pp=155–165}}</ref> تميّزت معارك الإسكندر مع هذه القبائل بالضراوة الشديدة، فعندما لقي قبيلة «الأسپاسيوا»، لم يهزمهم إلا بعد أن أصيب بنبلة في كتفه، وعندما اتجه لمواجهة قبيلة «الأساكينوا»، وجد أنهم تحصنوا في بضعة مواقع، في مساگا وأورا وأورنوس،<ref name=Ind118/> فاضطر إلى ضرب الحصار عليهم، وبعد أيام قليلة من القتال العنيف، جُرح خلالها الإسكندر جرحًا بالغًا في كاحله، تمكن المقدونيون من اقتحام حصن مساگا ودمّروه تدميرًا. يقول المؤرخ الروماني «كوينتس كورتيوس روفوس»: {{اقتباس مضمن|لم يكتف الإسكندر بذبح جمهرة مساگا كاملةً، بل أقدم على هدم كل أبنيتها وجعلها [[غبار|غبارًا]] منثورًا}}.<ref>{{harvard citation no brackets|McCrindle|1997|p=229}}</ref> تعرّض المحاربون المتحصنون بأورا لمذبحة شبيهة بتلك التي وقعت لإخوانهم في مساگا، وعندما وصلت الأخبار إلى من بقي من الأساكينوا، هرب العديد منهم إلى حصن أورنوس، لكن ذلك لم يفيدهم شيئًا، إذ تبعهم الإسكندر وجيشه، وقد عقد العزم على فتح هذا الحصن نظرًا لموقعه الاستراتيجي وأهميته في حماية طرق المواصلات، وبعد أربعة أيام دموية، سقط هذا الموقع في يده.<ref name=Ind118/>
[[ملف:Le Brun, Alexander and Porus.jpg|تصغير|يمين|الإسكندر والراجا پور خلال معركة هيداسپس الملحمية. بريشة شارل لبرون.]]
بعد النصر في أورنوس، سار الإسكندر بجيشه وعبروا [[نهر السند]] ليواجهوا [[راجا|الراجا]] «پور»، سيد مملكة پوراڤة، الواقعة حاليًا في إقليم [[بنجاب (منطقة)|البنجاب]]، في معركة ملحمية - سميت [[معركة هيداسبس]] - أُضرجت خلالها الأرض بالدماء، وذلك في سنة 326 ق.م.<ref name="Ind124">{{harvard citation no brackets|Tripathi|1999|p=124–125}}</ref> كانت تلك المعركة أقسى معارك الإسكندر على الإطلاق، فقد خسر فيها كثيرًا من الجنود، وقاومه الراجا الهندي بما أوتي من قوة، ودافع عن بلاده دفاع الأبطال أمام تقدم الفاتح المقدوني، لكن خبرة الإسكندر العسكرية كان لها القول الفصل في تحديد المنتصر، كما أن قادته وعساكره المخضرمين ما كان لهم أن يُهزموا بسهولة، فتمكنوا من الجيش الهندي وهزموه هزيمة منكرة. أُعجب الإسكندر بشجاعة وإقدام الراجا پور، وبسالته في الدفاع عن أرضه، فاتخذه حليفًا، وأبقاه حاكمًا على الأراضي التي شكلت مملكته، وأضاف له عليها أقسام أخرى لم تكن تابعة له، وبهذا ضمن تحكمه بتلك المنطقة البعيدة أشد البعد عن [[اليونان]]، فلو كان قد أقام عليها حاكمًا أجنبيًا، ما كان باستطاعته أن يردها إلى حوزته بسهولة فيما لو قامت فيها ثورة عليه.<ref name="Ind126">{{harvard citation no brackets|Tripathi|1999|p=126–127}}</ref> أسس الإسكندر مدينتين متقابلتين على ضفتيّ نهر جهلم، سمّى إحداها «بوسيفلا» تيمنًا بجواده الذي نفق قرابة هذا الوقت،<ref name="BriefLife120">{{harvard citation no brackets|Gergel|2004|p=120}}</ref> والأخرى «نيقية» أي «النصر»، الوقعة حاليًا بالقرب من بلدة «مونغ» في [[باكستان]].<ref>{{harvard citation no brackets|Worthington|2003|p=175}}</ref>
سطر 181:
=== تمرّد الجند ===
[[ملف:Alexander troops beg to return home from India.jpg|تصغير|جنود الإسكندر يتوسلونه للرجوع إلى الوطن. بريشة أنطونيو تيمپستا الفلورنسي، [[1608]].]]
كانت إمبراطورية الناندا المگادهيّة تقع شرق مملكة الراجا پور، بالقرب من [[نهر الغانج|نهر الگنج]]، كما وقعت إمبراطورية الگنگريداي [[بنغال|البنغال]]ية شرق هذه الأخيرة، ولمّا كانت هذه الدول تُشكل تحديًا وهدفًا جديدًا مغريًا للإسكندر، وبسبب خوف جنوده من مجابهة الجيوش الجرّارة لتلك الإمبراطوريات، خاصة بعد أن أرهقتهم سنوات الحرب والترحال الطويلة، أعلنوا العصيان بالقرب من نهر بياس في شمال [[الهند]]، ورفضوا التقدم شرقًا. وبهذا أصبح هذا النهر يُشكل أقصى امتداد شرقي بلغته فتوحات الإسكندر.<ref name="Ind129">{{harvard citation no brackets|Tripathi|1999|p=129–130}}</ref> يقول [[
حاول الإسكندر إقناع جنوده بالتقدم شرقًا لفترة قصيرة بعد، لكنه لم يُفلح، وتدخل أحد قادته، وهو كوينوس، وتوسله أن يعدل عن رأيه ويعود أدراجه، قائلاً: {{اقتباس مضمن|لقد تاق الرجال لرؤية أبائهم وأمهاتهم، وزوجاتهم وأولادهم، وأرضهم وأوطانهم}}. فاقتنع الإسكندر بكلامه، وبلّغ جنوده أن يستعدوا للعودة إلى بلادهم. سار الجيش على طول [[نهر السند]]، وفي طريقهم فتحوا أراضي قبيلة المُل، الواقعة في مدينة [[ملتان|مُلتان]] حاليًا، وغيرها من أراضي بعض القبائل الهندية الأخرى.<ref name="Ind137">{{harvard citation no brackets|Tripathi|1999|p=137–138}} [http://books.google.com.lb/books?id=WbrcVcT-GbUC&pg=PA134&dq=Malloi++Alexander&hl=en#v=onepage&q=Malloi%20%20Alexander&f=false أنظر الصفحة]</ref> أرسل الإسكندر القسم الأعظم من جيشه إلى إقليم [[كرمان]] جنوب فارس بقيادة صديقه كراتيرس، وكلّف نيارخوس قيادة أسطول لاستكشاف ومسح شواطئ [[الخليج العربي]]، وتابع هو مسيرته مع ما بقي من الجنود إلى [[بابل]]، فاختار أقصر الطرق على الرغم من أنها أصعبها، وهي [[صحراء ميديا]] الممتدة عبر [[بلوشستان (باكستان)|بلوشستان]] و[[مكران]]، بجنوب باكستان و[[إيران]] حاليًا.<ref name="Ind141">{{harvard citation no brackets|Tripathi|1999|p= 141}}</ref> وصل الإسكندر إلى مدينة [[شوشان|سوسة]] سنة 324 ق.م، وكان قد خسر كثيرًا من الرجال بفعل قيظ [[صحراء|الصحراء]].<ref>{{harvard citation no brackets|Morkot|1996|p=9}}</ref>
سطر 187:
== سنواته الأخيرة في فارس ==
[[ملف:Alexander and Hephaestion.jpg|تصغير|يمين|منحوتتان لرأسيّ الإسكندر (يسار) وهفستیون (يمين).]]
اكتشف الإسكندر بعد وصوله إلى [[شوشان|سوسة]] أن العديد من حكّام الأقاليم الذين عينهم أساؤا التصرّف في غيابه، فأقدم على إعدام أغلبهم ليكونوا عبرة لغيرهم.<ref name="AVI27">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p= VI, 27}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book6b.asp أنظر الصفحة]</ref><ref name="AVII4">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p= VII, 4}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book7a.asp أنظر الصفحة]</ref> كما قام بدفع الرواتب المستحقة لجنوده، كبادرة شكر وامتنان لهم على ما قدموه من التضحيات، وأعلن أنه سيُرسل قدامى المحاربين وأولئك الذين أصيبوا بإعاقة جسدية إلى [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]]، بقيادة كراتيرس. غير أن الجنود أساؤوا فهم نية قائدهم، فأعلنوا العصيان في بلدة أوپيس، ورفضوا أن يعودوا إلى وطنهم الأم اعتقادًا منهم أن الإسكندر ينوي استبدالهم بعساكر فارسية، أو دمج الوحدات الفارسية بالوحدات المقدونية.<ref name="Worthington 2003 307">{{harvard citation no brackets|Worthington|2003|pp=307–308}}</ref> وبعد ثلاثة أيام لم يتمكن الإسكندر خلالها من إقناع رجاله بالعدول عن قرارهم، أقدم على تعيين عدّة ضباط فرس في جيشه، ومنح ألقابًا عسكريةً مقدونيةً لعدد من الوحدات الفارسية، فارتمى المقدونيون عند أقدامه يرجونه أن يعدل عن قراره ويطلبون منه السماح. غفر الإسكندر لجميع جنوده الذين تمردوا عليه، وأقام لهم مأدبة طعام فاخرة شارك فيها الآلاف.<ref name="Roisman 2010 194">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=194}}</ref> وفي محاولة منه ليرأب الصدع بين المقدونيين والفرس، ويوحد صفوفهم وقلوبهم، أمر ضبّاطه الكبار أن يتزوجوا بأميرات فارسيات، وأقام لهم حفل زفاف جماعي في سوسة، لكنه يظهر أن قلّة من تلك الزيجات دامت أكثر من سنة.<ref name=AVII4/> غادر الإسكندر سوسة بعد أن رتّب أمورها واتجه إلى [[همدان (قبيلة)|همدان]]، وما أن وصل تبين له أن الحرّاس الذين كلفهم بحماية قبر الشاه [[قورش الكبير]] قاموا بتدنيسه، فأعدمهم بسرعة.<ref name="AVI29">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p= II, 29}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book6b.asp أنظر الصفحة]</ref>
بعد وصول الإسكندر إلى همدان، أصيب هفستيون، وهو أقرب أصدقائه إليه ويُحتمل أنه كان عشيقه أيضًا، أصيب بمرض عضال لم يُمهله طويلاً حتى فارق الحياة، ويُقال أن أحدهم دس إليه [[سم|السم]].<ref name=AVII14/><ref>{{harvard citation no brackets|Berkley|2006|p=101}}</ref> كان لوفاة هفستيون أثر مدمّر على الإسكندر، فقد حزن عليه حزنًا شديدًا، وأمر بتحضير محرقة جثث كبيرة في [[بابل]] حتى يُحرق جثمانه فيها، وأصدر مرسومًا بالحداد العام.<ref name="AVII14">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p= VII, 14}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book7a.asp أنظر الصفحة]</ref> بعد وصوله إلى بابل، شرع الإسكندر يُخطط لسلسلة حملات جديدة في مستهلها فتح [[شبه الجزيرة العربية]]، لكن لم يُكتب له أن يشرع بأي منها، إذ توفي بعد فترة قصيرة جدًا.<ref name="AVII19">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p= VII, 19}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book7b.asp أنظر الصفحة]</ref>
سطر 195:
[[ملف:Babylonian astronomical diary recording the death of Alexander the Great (British Museum).jpg|تصغير|مفكرة [[علم الفلك البابلي|فلكية بابلية]] (تعود لما بين عاميّ 323 و 322 ق.م تقريبًا) تؤرخ وفاة الإسكندر. محفوظة في [[المتحف البريطاني]] [[لندن|بلندن]].]]
[[ملف:The Death of Alexander the Great after the painting by Karl von Piloty (1886).jpg|تصغير|الإسكندر على فراش الموت، وقد أحاطت به زوجاته وجنوده ورفاق دربه.]]
توفي الإسكندر في قصر [[
من الأسباب الأخرى المحتملة لوفاة الإسكندر، هي اغتياله من قبل الأرستقراطيين المقدونيين،<ref name="g1">{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=1–2}}</ref> وقد ذكر هذه النظرية كل من ديودورس وپلوتارخ وآريان وجستن، فقالوا أن الإسكندر سُمم على يد بعض المقربين منه، غير أن پلوتارخ رفضها وأفاد بأنها رواية ملفقة لا أساس لها من الصحة،<ref name="PA77">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|p=LXXVII, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=77&highlight=poisoning أنظر الصفحة]</ref> فيما قال ديودورس وآريان أنهما ذكراها لتتمة الفائدة فحسب.<ref name=DSXVII117/><ref name="AVII27">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|p=VII, 27}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book7b.asp أنظر الصفحة]</ref> تشير الأدلة المتوافرة، أن التسميم لو كان هو السبب وراء موت الإسكندر، فإن المشتبه به الرئيسي هو [[أنتيباتر|أنتيپاتر]]، الذي ائتمنه الإسكندر على مقدونيا أثناء غيابه، ثم عاد وعزله واستدعاه إلى بابل، ولعلّ أنتيپاتر اعتبر استدعائه بمثابة حكم بالإعدام،<ref name="g23">{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=23–24}}</ref> وخاف أن يلقى نفس مصير پارمنيون وفيلوطس،<ref name=DSXVII118/> فأوعز إلى ابنه «إيولاس»، الذي كان يعمل ساقيًا للإسكندر، أن يدس له السم في [[نبيذ|النبيذ]] أو [[ماء|الماء]].<ref name=AVII27/><ref name="DSXVII118">{{harvard citation no brackets|Diodorus Siculus|1989|p=XVII,118}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Diod.+17.118.1&redirect=true أنظر الصفحة]</ref> كما اقترح بعض الباحثين تورّط [[أرسطو]] نفسه في هذه القضية.<ref name=AVII27/> ردّ بعض الباحثين على القائلين بنظرية التسمم هذه بأن فترة اثنا عشر يومًا مرت بين إصابة الإسكندر بالمرض ووفاته، وهي فترة تُعد طويلة جدًا حتى يأخذ أي سم من الأنواع التي كانت معروفة حينها تأثيره الكامل، فالسموم بطيئة المفعول كانت على الأرجح غير معروفة بعد.<ref>{{harvard citation no brackets|Fox|2006|loc=chapter 32}}</ref> أفادت إحدى النظريات الحديثة التي برزت إلى حيّز الوجود سنة [[2010]]، أن أعراض مرض الإسكندر المذكورة في الوثائق القديمة تتلائم مع أعراض التسمم بالماء الأسود [[ستيكس|لنهر ستيكس]] التي تحوي مركب «الكاليكميسين» فائق الخطورة، الذي تسببه إحدى أنواع [[بكتيريا|البكتيريا]] القاتلة.<ref>{{استشهاد بخبر|المسار=http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/europe/greece/7924855/Alexander-the-Great-poisoned-by-the-River-Styx.html|العنوان=Alexander the Great poisoned by the River Styx|التاريخ=4 August 2010|تاريخ الوصول=12 December 2011|المكان=London|العمل=The Daily Telegraph|الأول=Nick|الأخير=Squires| مسار الأرشيف = http://web.archive.org/web/20171205101855/http://www.telegraph.co.uk:80/news/worldnews/europe/greece/7924855/Alexander-the-Great-poisoned-by-the-River-Styx.html | تاريخ الأرشيف = 05 ديسمبر 2017 }}</ref>
اقترح البعض أن يكون سبب الوفاة راجع إلى إحدى [[مرض|الأمراض الطبيعية]] المزمنة التي يُحتمل إصابة الإسكندر بها أثناء أسفاره، ومن الأمراض التي رُشحت أن تكون وراء وفاة الإسكندر المبكرة: [[ملاريا|الملاريا]] و[[حمى
=== بعد وفاته ===
[[ملف:Mid-nineteenth century reconstruction of Alexander's catafalque based on the description by Diodorus.jpg|تصغير|يمين|رسم من [[القرن التاسع عشر]] استُند فيه إلى النصوص القديمة، يُظهر موكب جنازة الإسكندر متجهًا إلى مسقط رأسه.]]
وُضع جثمان الإسكندر في تابوت ذهبي صُنع على هيئة بشرية، ووُضع هذا بدوره في ناووس من الذهب.<ref name="sarco1">Kosmetatou, Elizabeth (1998). [http://wayback.archive.org/web/jsp/Interstitial.jsp?seconds=5&date=1085972269000&url=http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/location.html&target=http://web.archive.org/web/20040531025749/http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/location.html "The Location of the Tomb: Facts and Speculation"]. Greece.org. Archived from [http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/location.html the original] on 31 May 2004. Retrieved 16 December 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170331064545/http://greece.org:80/alexandria/alexander/Pages/location.html |date=31 مارس 2017}}</ref> تفيد بعض النصوص أن عرّافًا يُدعى «أريستاندر» تنبأ بأن البلد التي سيُدفن فيها الإسكندر «ستعرف السعادة طيلة أيامها ولن يقوى أحد على غزوها وقهرها».<ref name="Aelian">Aelian, [http://penelope.uchicago.edu/aelian/varhist12.xhtml#chap64 ''Varia Historia'' XII, 64]</ref> يُحتمل أن يكون كل خليفة من خلفاء الإسكندر قد اعتبر الاستحواذ على جثمان ملكهم الراحل عملاً يُضفي الشرعية على خلافته الخاصة، لا سيما وأن دفن الملك الحالي للملك السابق كان يُعد إثباتًا قاطعًا لحقه في العرش.<ref>{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=32}}</ref> أثناء سير موكب جنازة الإسكندر من [[بابل]] إلى [[مقدونيا القديمة|مقدونيا]]، تعرّض لهم [[بطليموس]] وقطع عليهم الطريق، وحوّل المسير إلى [[منف]] عاصمة [[مصر القديمة|مصر]] حيث [[تحنيط|حُنّط]] الجثمان ووري الثرى،<ref name=sarco1/><ref name=Aelian/> ثم قام خليفته [[بطليموس الثاني]] بنقل التابوت إلى [[الإسكندرية]] حيث بقي حتى ما قبل بداية [[العصور الوسطى]] بقليل. أقدم [[بطليموس التاسع]]، وهو من أواخر خلفاء بطليموس الأول، أقدم على نقل [[مومياء]] الإسكندر من التابوت الذهبي إلى تابوت آخر مصنوع من [[زجاج|الزجاج]]، وذلك حتى يتسنى له تذويب الأول وسكّ العملات من سائله.<ref name="sarco2">Kosmetatou, Elizabeth (1998). [http://wayback.archive.org/web/jsp/Interstitial.jsp?seconds=5&date=1093614212000&url=http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/aftermath.html&target=http://web.archive.org/web/20040827134332/http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/aftermath.html "The Aftermath: The Burial of Alexander the Great"]. Greece.org. Archived from [http://www.greece.org/alexandria/alexander/pages/aftermath.html the original] on 27 August 2004. Retrieved 16 December 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170615221626/http://www.greece.org:80/alexandria/alexander/Pages/aftermath.html |date=15 يونيو 2017}}</ref> قام كل من القادة الرومان [[بومبيوس الكبير|پومپي]] و[[يوليوس قيصر]] و[[أغسطس (إمبراطور)|أغسطس قيصر]] بزيارة ضريح الإسكندر، ويُقال أن الأخير اقتلع الأنف عن طريق الخطأ، كما ورد بأن يوليوس قيصر بكى عندما بلغ عامه الثالث والثلاثين، قائلاً أنه على الرغم من كل إنجازاته لم يبلغ ما بلغه الإسكندر من المجد في هذا السن. كذلك قيل أن الإمبراطور الروماني [[كاليغولا|كاليگولا]] اقتلع الصفحية الصدرية من المومياء واحتفظ بها لنفسه. أقدم الإمبراطور [[
[[ملف:Alexander-sarkofagen, Nordisk familjebok.png|تصغير|«تابوت الإسكندر»، عُثر عليه بالقرب من مدينة صيدا بلبنان، وهو الآن محفوظ في متحف الآثار باسطنبول.]]
عام [[1887]]، اكتشف العالم والباحث العثماني، عثمان حمدي بك، تابوتًا بالقرب من مدينة [[صيدا]] [[لبنان|بلبنان]] تظهر عليه نقوش للإسكندر وهو يُقاتل الفرس في بعضها ويصطاد [[حيوان|حيوانات]] في بعضها الآخر، فأطلق على التابوت «تابوت الإسكندر»، وقد جعلت هذه التسمية كثيرًا من الناس يُخطئون ويعتقدون أنه كان يحوي رفات القائد المقدوني. كان يُعتقد أساسًا أن هذا التابوت حوى رفات «عبدلونيموس» ملك صيدون الذي عينه الإسكندر عقب [[معركة إسوس]]، غير أن بعض الأدلّة الحديثة تشير إلى أن هذا التابوت يرجع لفترة زمنية سابقة على عام 311 ق.م، أي السنة التي شهدت وفاة عبدلونيموس.<ref>{{harvard citation no brackets|Studniczka|1894|pp=226ff}}</ref><ref>{{Cite journal|الأخير=Bieber|الأول= M |العنوان=The Portraits of Alexander |journal=Greece & Rome, Second Series |السنة=1965 |الصفحات=183–188|volume = 12.2}}</ref>
=== تقسيم الإمبراطورية ===
كانت [[موت|وفاة]] الإسكندر مُفاجئة لدرجة أنه حينما وصلت الرسائل إلى [[اليونان]] حاملة النبأ، لم يُصدقها الكثير من الناس وزعموا أنها إشاعة لا أساس لها من الصحة.<ref name="Roisman 2010 199"/> لم يكن الإسكندر عند وفاته قد خلّف بعد وريثًا يجلس على عرش الإمبراطورية، بل إن ابنه من [[روكسانا|رخسانة]]، [[الإسكندر الرابع المقدوني|الإسكندر الرابع]]، وُلد بعد موته بشهور.<ref name="g24">{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=24–26}}</ref> يقول [[ديودور الصقلي|ديودورس]] أن أصحاب الإسكندر سألوه على فراش موته إلى أي الرجال ترك إمبراطوريته الواسعة، فأجابهم بإيجاز «إلى الأقوى».<ref name=DSXVII117/> يعتبر كل من أريان وپلوتارخ أن هذه القصة ملفقة، إذ أن الإسكندر كان قد فقد كل مقدرة على النطق في هذه المرحلة.<ref>{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=20}}</ref> قدّم مؤرخون آخرون قصة أكثر جدارةً بالتصديق ولو ظاهريًا، فقالوا أن الإسكندر أعطى خاتمه إلى [[بيرديكاس|پيرديكاس]]، وهو أحد حرّاسه الشخصيين وقائد خيّالته، بحضور شاهد، وبذلك يكون قد رشحه لخلافته.<ref name=DSXVII117/><ref name=g24/>
[[ملف:Map Diadochs-ar.png|تصغير|يمين|إمبراطورية الإسكندر بعد تقسيمها إلى أربع ممالك بين خلفاؤه، قرابة سنة 281 ق.م.]]
اقترح پيرديكاس أن يتولى ابن الإسكندر شؤون الحكم عند بلوغه [[سن
سرعان ما دبّ الخلاف بين المقدونيين بعد فترة قصيرة من ذلك، وحدث انشقاق ومنافسة بين كبار الضبّاط، الذين تسرّب الطمع إلى قلوبهم ورغب كل منهم بالحكم. فقام پيرديكاس بتقسيم أراضي الإمبراطورية ووزعها عليهم حقنًا للدماء، فأصبح كل إقليم من تلك الأقاليم بمثابة قاعدة استخدمها كل قائد ليتوسع وينطلق باتجاه أراضي خصمه. بعد اغتيال پيرديكاس سنة 321 ق.م، انهارت الوحدة المقدونية بالكامل، فتحارب إخوة الأمس فيما بينهم طيلة 40 سنة، ولم تنتهي الحرب إلا بعد تقسيم العالم الهيليني الذي أسسه الإسكندر إلى أربعة أقسام: [[بطالمة|المملكة البطلمية]] في [[مصر القديمة|مصر]] وجوارها، و[[سلوقيون|الإمبراطورية السلوقية]] في الشرق، ومملكة پرگامون في [[آسيا الصغرى]]، و[[مقدونيا القديمة|مملكة مقدونيا]]. كما تمّ اغتيال كل من الإسكندر الرابع وفيليپ آرهيدايوس.<ref name="g29">{{harvard citation no brackets|Green|2007|p=29–4}}</ref>
=== وصيّته ===
يقول [[ديودور الصقلي|ديودورس]] أن الإسكندر كان قد أعطى كراتيرس تعليمات مفصلة مكتوبة وصّى فيها ببعض الأمور، قبل وفاته.<ref name="DSXVIII4">{{harvard citation no brackets|Diodorus Siculus|1989|p=XVIII,4}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/invalidquery.jsp?doc=Perseus:text:1999.01.0084:book=18:chapter=4:section=1 أنظر الصفحة]</ref> شرع كراتيرس بتنفيذ وصيّة الإسكندر بكل نشاط، غير أن خلفاء الأخير أوقفوه عند حده واختاروا ألاّ يُنفذوا أكثر مما نفذ حتى ذلك الحين، معتبرين أن ما بقي من المطالب لهو غير عملي ومتهور وينطوي على الكثير من الإسراف.<ref name=DSXVIII4/> لكن على الرغم من ذلك، قام كراتيرس بقراءة وصيّة الإسكندر على الجنود،<ref name="Roisman 2010 199"/> ليكتشفوا أنه يدعوهم إلى التوسع في إقليم جنوب وغرب [[حوض البحر الأبيض المتوسط|حوض البحر المتوسط]]، وبناء نصب تذكارية عظيمة، والاختلاط مع شعوب الشرق، ومما جاء تفصيلاً:
* بناء ضريح تذكاري لوالده وملكهم السابق [[فيليب الثاني المقدوني|فيليپ الثاني]]، «يُضاهي عظمة [[أهرام الجيزة|أهرام مصر]]».<ref name="Roisman 2010 199"/>
* تشييد هياكل كبيرة في كل من: جزيرة دلوس، ومدائن [[دلفي]]، ودودونا، و[[
* فتح [[شبه الجزيرة العربية]] وكامل [[حوض البحر الأبيض المتوسط|حوض البحر المتوسط]].<ref name="Roisman 2010 199"/>
* الملاحة حول [[أفريقيا]] وتخطيط سواحلها.<ref name="Roisman 2010 199"/>
* بناء مدن جديدة، و«نقل جمهرات من [[آسيا]] إلى [[أوروبا]] والعكس، في سبيل توحيد القارتين، والتأليف بين قلوب الشعوب عبر التزاوج من بعضهم وإنشائهم لروابط عائلية».<ref>{{harvard citation no brackets|McKechnie|1989|p=54}}</ref>
سطر 232:
لجأ الإسكندر إلى نفس أسلوب نشر الجند عندما خاض أول معركة مع [[دارا الثالث]] سنة 333 ق.م، أي [[معركة إسوس]]، فوضع فيلق الرمّاحين في الوسط، وقد تمكنوا من خرق صفوف الفرس مرة أخرى.<ref name="Morkot 1996 122"/> تولّى الإسكندر بنفسه قيادة الهجوم في الوسط، وتوجيه جيش العدو لصالحه.<ref name="Roisman 2010 193"/> وفي [[معركة غوغميلا|الموقعة الحاسمة مع الفرس في گوگميلا]]، قام دارا بتجهيز [[عجلة حربية|عرباته]] بمناجل على عجلاتها حتى يتمكن من خرق صفوف الرمّاحين، وزوّد مشاته برماح طويلة شبيهة برماح المقدونيين، غير أن الإسكندر تيقن لخطته، فجعل رمّاحيه يصطفون بصفوف مزدوجة يتقدم وسطها إلى الأمام على شكل زاوية، وتتفرق عندما تتجه العربات نحوها، ثم تعود لتصطف مجددًا عند نهاية الهجوم وتتابع تقدمها. كان هذا التكتيك ناجحًا للغاية، فخرق وسط الجيش الفارسي، وأرغم الشاه وجنوده على الانسحاب.<ref name="Morkot 1996 122"/>
كان الإسكندر عندما يواجه جيوشًا تستخدم أساليب قتال لم يعهدها قبلاً، كما في حالة جيوش [[آسيا الوسطى]] و[[الهند]]، كان يجعل قوّاته تتبنى أسلوب قتال الخصم، ومثال ذلك ما فعله في [[باختر|باختريا]] و[[صغد]]يا، فقد استخدم رماته من نشابين وحملة رماح خفيفة ليحولوا دون التفاف الأعداء من حولهم، فيما حشد خيالته في المركز.<ref name="Roisman 2010 193"/> وعندما واجه فيالق [[فيل|الفيلة]] في الهند أثناء معركته مع الراجا پور، جعل جنوده يفتحون ثغرات في صفوفهم حتى تدخلها الفيلة، ومن ثم إغلاقها عليها وطعن الفيّالين برماحهم الطويلة وإسقاطهم من على ظهر دوابهم.<ref name="Roisman 2010 194"/>
=== هيئته الخارجية ===
[[ملف:AlexandreLouvre.jpg|تصغير|نسخة رومانية عن منحوتة للإسكندر صنعها [[ليسيبوس|ليسيپوس]]، معروضة في [[متحف اللوفر|متحف اللوڤر]] [[باريس|بباريس]]. يقول [[
وصف المؤرخ الإغريقي [[
وصف المؤرخ آريان (لوسيوس فلاڤيوس آريانوس «زينفون»، ما بين عاميّ 86 و 160 ميلادية) الإسكندر بقوله:{{اقتباس|ذاك القائد القوي، الوسيم والمتين، ذو العينان البراقتان، إحداهما سوداء كالليل والأخرى زرقاء كسماء النهار.<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://free-history-dictionary-books-hotels-health-maps.mithec.com/eng/alexander_the_great.html|العنوان=Alexander the Great| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20181013042435/http://free-history-dictionary-books-hotels-health-maps.mithec.com:80/eng/alexander_the_great.html | تاريخ الأرشيف = 13 أكتوبر 2018 }}</ref><ref>{{مرجع ويب|المسار=http://www.bpatc.org.bd/elibrary/files/1271169473ALEXANDERTHEGREAT.pdf|العنوان=ALEXANDER THE GREAT, BY: JOHN J. POPOVIC|مسار الأرشيف=http://web.archive.org/web/20130220191839/http://www.bpatc.org.bd/elibrary/files/1271169473ALEXANDERTHEGREAT.pdf|تاريخ الأرشيف=2013-02-20| وصلة مكسورة = yes }}</ref>}}
سطر 249:
يفيد پلوتارخ أن من أبرز خصال الإسكندر: طبعه الحاد وتهوره واندفاعه،<ref name="AVII29">{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|pp=VII, 29}} [http://websfor.org/alexander/arrian/book7b.asp انظر الصفحة]</ref> وهي خصال كانت تلعب دورًا في اتخاذه لقراراته دون شك.<ref name=g15/> يُعرف عن الإسكندر عناده الشديد وتصلبه في الرأي، لكنه على الرغم من ذلك كان متقبلاً لأي نقاش ومستمع لصاحبه طالما كان منطقيًا.<ref name="PA7">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|pp=VII, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=7:section=1 أنظر الصفحة]</ref> وكان للإسكندر جانب آخر أكثر تعقلاً، فتميّز بتبصره، ومنطقيته، ويقظته، ومال نحو العلم ميلاً كبيرًا، وأحبّ [[فلسفة|الفلسفة]]،<ref name="PA8">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|pp=VIII, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=8:section=1 أنظر الصفحة]</ref> وكان ينكب على قراءة الكتب بنهم، ويتعلم ما جاء فيها من [[حكمة|الحكمة]] ويحفظه بسرعة،<ref name=g15/> ويرجع الفضل في هذا إلى [[أرسطو]]، المعلّم الكبير، وقد ساهم ذكاء الإسكندر والجانب المتهور من شخصيته إلى حد بعيد بنجاحه كقائد عسكري.<ref name=AVII29/> كان الإسكندر يتمتع بقدرة كبيرة على ضبط نفسه ومنعها من الانغماس في «ملذات الجسد»، وعلى العكس من ذلك، لم يكن بقادر على أن يضبط نفسه حينما يتعلق الأمر [[خمر|بالخمور]]، فظل يُعاقرها دون ضابط.<ref name=AVII28>{{harvard citation no brackets|Arrian|1976|loc=VII, 28}}</ref>
كان الإسكندر واسع المعرفة، أحب [[
أصيب الإسكندر بحالة من [[
=== علاقاته الشخصية وأقرانه ===
سطر 259:
ارتبط الإسكندر بعلاقة وثيقة مع صديق عمره وخليله، المدعو هفستيون، وهو ابن أحد النبلاء المقدونيين وحارس شخصي وقائد في جيش الإسكندر.<ref name=AVII14/><ref name=g15/><ref name="DSXVII114">{{harvard citation no brackets|Diodorus Siculus|1989|pp=XVII,114}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Diod.+17.114.1&redirect=true أنظر الصفحة]</ref> وبلغ من شدّة تقرّب الاثنان أن لعبت وفاة هفستيون دورًا في جعل [[صحة]] الإسكندر تتراجع بوتيرة أكبر،<ref name=AVII14/><ref name="P72">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|pp=LXXII, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=72 أنظر الصفحة]</ref> وباختلال [[صحة نفسية|توازنه العقلي]] على الأرجح، خلال الشهور الأخيرة من حياته.<ref name=g23/><ref name=AMD/>
تنص المصادر التاريخية أن الإسكندر تزوّج بثلاثة نساء: [[روكسانا|رخسانة ابنة وخش آراد]]، أحد نبلاء [[باختر|باختريا]]، بعد أن رآها ووقع في حبها؛<ref>{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|loc=LXVII, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=47 View page]</ref> وستاتيرا الثانية، ابنة الشاه [[دارا الثالث]]، لدوافع سياسية محضة؛<ref>{{harvard citation no brackets|Plutarch|1936|loc=II, 6}} [http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Roman/Texts/Plutarch/Moralia/Fortuna_Alexandri*/2.html View page]</ref> وپروشات الثانية، صغرى بنات الشاه أردشير الثالث، التي تزوجها في [[شوشان|سوسة]] إلى جانب عدد من ضباطه الذين جعلهم يقترنون بأميرات فارسيات. يظهر بأن الإسكندر أنجب ابنان فقط: [[الإسكندر الرابع المقدوني|الإسكندر الرابع]] من رخسانة، وهرقل المقدوني من أمته «برسين»، وتوفي له طفل مرة واحدة، عندما [[إجهاض|أجهضت]] رخسانة في [[بابل]].<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://www.livius.org/aj-al/alexander01/alexander_iv.html|العنوان=Alexander IV|الناشر=livius.org|تاريخ الوصول=13 December 2009| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20130924230104/http://www.livius.org:80/aj-al/alexander01/alexander_iv.html | تاريخ الأرشيف = 24 سبتمبر 2013 | وصلة مكسورة = yes }}</ref><ref>{{harvard citation no brackets|Renault|2001|p=100}}</ref>
كانت ميول الإسكندر الجنسية موضع جدال وشك طيلة سنين.<ref>{{harvard citation no brackets|Ogden|2009|p=204}}</ref> فلا يوجد أي نص قديم يفيد بأنه كان [[مثلية جنسية|مثليًا]]، أو دخل في علاقة من هذا النوع، أو أن علاقته مع هفستيون كانت علاقة جنسية. لكن على الرغم من ذلك، يذكر المؤرخ الإغريقي «أليانوس تكتيكوس» قصة جاء فيها أنه عندما زار الإسكندر [[طروادة]]، اتجه إلى قبر [[آخيل]] وكلله بالزهور، فيما اتجه هفستيون إلى قبر [[فطرقل]] وكلله كذلك الأمر، مما قد يعني أنه كان عشيق الإسكندر، كما كان فطرقل عشيق آخيل، فلم عسى كل منهما يزور قبر نظيره دون الآخر إن لم يكن الأمر كذلك.<ref name="AelXII7">Aelian, ''Varia Historia'', [http://penelope.uchicago.edu/aelian/varhist12.xhtml#chap7 XII, 7]</ref> كما يشير أليانوس إلى عبارة «إيرومينوس»، والتي تعني «المحبوب» [[
يقول پيتر گرين أن النصوص والوثائق القديمة لا تشير إلى أن الإسكندر كان يهتم كثيرًا بالنساء؛ ولعلّ أبرز ما يؤكد ذلك هو عدم إنجابه لولد إلا في آخر أيامه.<ref name=g15/> وقد ردّ باحثون آخرون على هذا الافتراض، بأن الإسكندر توفي وهو ما يزال صغير السن نسبيًا، لكنه على الرغم من ذلك كان قد تزوج بنساء أكثر مما تزوج به أبيه في ذات المرحلة العمرية،<ref>{{harvard citation no brackets|Ogden|2009|p=208}} «... إن ذكر ثلاث حالات حمل خلال ثماني سنوات يعني أن معدّل التخصيب بلغ مرّة واحدة كل 2.7 من السنوات، وهذه النسبة أعلى بكثير من تلك الخاصة بوالده.»</ref> وأنه عرف نساءً كثيرات غير زوجاته، فكان له [[تعدد الزوجات|حريمًا]] كما شاه فارس من قبله، لكنه اعتدل في معاشرتهنّ؛<ref name="DSXVII77">{{harvard citation no brackets|Diodorus Siculus|1989|pp=XVII,77}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Diod.+17.77.1&redirect=true أنظر الصفحة]</ref> وأظهر ضبط نفس كبير ومنع نفسه من الانغماس في «ملذات الجسد»،<ref name=AVII28/> حتى أنه لم يفرض نفسه على رخسانة في ليلة زواجهما، على الرغم من أنها فتنته افتتانًا كبيرًا.<ref>{{harvard citation no brackets|Plutarch|1936|loc=I, 11}} [http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Roman/Texts/Plutarch/Moralia/Fortuna_Alexandri*/2.html View page]</ref> يُضيف گرين أن الإسكندر كوّن صداقات متينة مع عدد من النسوة، أبرزهنّ «أدا الكاريّة»، التي تبنته، وحتى «سيسيگامبيس» والدة دارا الثالث، التي أحبّت الإسكندر كولدها، ويُقال أنها ماتت من شدّة الحزن عليه.<ref name=g15/>
سطر 273:
إن أبرز وأهم إرث تركه الإسكندر هو دون شك مدّ النفوذ المقدوني إلى مساحات شاسعة داخل آسيا. وصلت مساحة إمبراطورية الإسكندر عند وفاته إلى 5.200.000 كم<sup>2</sup>، لتكون بذلك أكبر دولة شهدها ذلك العصر.<ref name=uconn>Peter Turchin, Thomas D. Hall and Jonathan M. Adams, "[https://archive.is/20120805045715/jwsr.ucr.edu/archive/vol12/number2/pdf/jwsr-v12n2-tah.pdf East-West Orientation of Historical Empires]", ''Journal of World-Systems Research'' Vol. 12 (no. 2), pp. 219–229 (2006).</ref> استمرت معظم هذه المناطق خاضعة للمقدونيين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، طيلة السنوات المئتين أو الثلاثمائة التالية، وكانت دول خلفاء الإسكندر أو [[ملوك طوائف الإسكندر]] أقوى دول العالم، في بداية عهدها على الأقل، لذلك دأب المؤرخون على تسمية العهد الممتد عبر هذه السنوات ب[[عصر هلنستي|الحقبة الهلنستية]].<ref name="gxii">{{harvard citation no brackets|Green|2007|pp=xii–xix}}</ref>
كانت الأقاليم الواقعة على الحدود الشرقية للإمبراطورية المقدونية قد بدأت تستقل الواحدة تلو الأخرى عندما كان الإسكندر لا يزال حيًا.<ref name=g24/> تسبب الفراغ السياسي الذي صنعه الإسكندر في شمال غرب [[شبه قارة الهند|شبه القارة الهندية]] في ظهور إحدى أعظم السلالات الحاكمة الهندية عبر التاريخ، ألا وهي [[الإمبراطورية الماورية|السلالة الماورية]] التي أسسها الإمبراطور چاندراگوپتا ماوریا، ذو الأصول المتواضعة، بعد أن سيطر على البنجاب واتخذها قاعدةً لإطلاق الحملات العسكرية لفتح أراضي إمبراطورية الناندا.<ref name="keay82">{{harvard citation no brackets|Keay|2001|pp=82–85}}</ref>
=== المدائن الجديدة ===
{{أيضا|الإسكندرية|الإسكندرية (العراق){{!}}الإسكندرية العراقية|الإسكندرونة|غزنة}}
[[ملف:Ancient Alexandria (1878) - TIMEA.jpg|تصغير|رسم لمدينة الإسكندرية قديمًا. تُعد هذه المدينة أشهر المدن التي أسسها الإسكندر على الإطلاق وأعظمها شأنًا.]]
أسس الإسكندر أكثر من عشرين مدينة تحمل اسمه في أنحاء مختلفة من إمبراطوريته في نواح كثيرة من الأراضي التي فتحها خلال حملاته العسكرية، غير أن أغلبها وقع شرق [[دجلة|نهر دجلة]].<ref name="Morkot 1996 111">{{harvard citation no brackets|Morkot|1996|p=111}}</ref><ref name="livius">{{مرجع ويب|المسار=http://www.livius.org/aj-al/alexander/alexander_z2.html|العنوان=Alexander the Great: his towns|الناشر=livius.org|تاريخ الوصول=13 December 2009| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20150503150242/http://www.livius.org:80/aj-al/alexander/alexander_z2.html | تاريخ الأرشيف = 3 مايو 2015 | وصلة مكسورة = yes }}</ref> كانت أعظم تلك المدن بلا منازع هي [[الإسكندرية]] في [[مصر القديمة|مصر]]، والتي قُدّر لها فيما بعد أن تحتل مكانة مرموقة ومقامًا رفيعًا بين مدن العالم عمومًا و[[حوض البحر الأبيض المتوسط|حوض البحر المتوسط]] خصوصًا.<ref name="Morkot 1996 111"/> وقعت المدن التي أسسها الإسكندر على الطرق التجارية المهمة، في أماكن حصينة غالبًا،<ref name="Morkot 1996 111"/> وسكنها الإغريق وأبناء البلدان الأصليين، وبعد وفاته حاول الكثير من الإغريق أبناء تلك المدن أن يعود إلى وطنه الأم، لكن قسمًا آخر آثر البقاء،<ref name="Morkot 1996 111"/><ref name="livius"/> وبعد حوالي القرن من موت الإسكندر، كانت مدنه تشهد أبهى عصورها، فقد بُنيت فيها [[مستشفى|المستشفيات]] و[[مرصد|المراصد الفلكية]] و[[معبد|المعابد]] وغيرها من المصالح، وازداد عدد سكانها ذوي الأصول الإغريقية والبلدية وأضيف إليهم عنصر جديد هو العنصر الخليط بين الاثنين.<ref name="Morkot 1996 111"/>
=== هلينة العالم القديم ===
{{مفصلة|الهلينة}}
[[ملف:إمبراطورية الإسكندر الأكبر ودروب حملاته.png|تصغير|الإمبراطورية المقدونية كاملةً، ودروب حملات الإسكندر: العالم الهلنستي.]]
«الهلينة» هو [[تعريب (لغة)|تعريب]] لمصطلح ألماني لاتيني (Hellenismus) صاغه المؤرخ الألماني [[يوهان جوستاف دريزن|يوهان گوستاڤ دريزن]] ليُشير إلى انتشار [[
كانت [[أثينا|الثقافة الأثينية]] تُشكّل أساس الثقافة الهيلينية الأصلية،<ref name=g56/><ref name="murphy">{{harvard citation no brackets|McCarty|2004|pp=17}}</ref> وقد لعب تجنيد الإسكندر لرجال من مختلف أنحاء [[اليونان]] دورًا في صهر اللهجات الإغريقية المختلفة في بوتقة واحدة، وظهور ما يُعرف باسم [[
[[ملف:Buddha-Vajrapani-Herakles.JPG|تصغير|أحد أبرز الأمثلة على دخول الثقافة الإغريقية إلى [[الهند]] وتمازجها مع الثقافة البوذية: منحوتة يظهر فيها [[
ما زال بالإمكان العثور على بعض مظاهر الهلنستية المميزة في الهند، وبالتحديد في المنطقة حيث قامت بضعة [[
=== تأثيره على روما ===
حصد الإسكندر ومنجزاته إعجاب الرومان عامةً، والقادة العسكريين منهم خاصةً، فاتخذوه قدوة، وغالبًا ما قارنوا مسيرتهم بمسيرته،<ref name="Asirvatham">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|loc=Chapter 6, p. 114}}</ref> وذلك بعد أن اطلعوا على مؤلّف المؤرخ اليوناني [[بوليبيوس|پوليبيوس]] حامل عنوان «التواريخ» {{لات|Historiae}}، الذي قام فيه بتذكير الرومان بإنجازات الإسكندر. اتخذ القائد الروماني [[بومبي|پومپي]] لقب «الكبير» {{لات|Magnus}} تيمنًا بالإسكندر، بل إنه كان يقص شعره على نفس شكل قصّة شعر الأخير، وبلغ من شدّة إعجابه بالقائد المقدوني أن بحث في البلدان التي فتحها المقدونيون عن عباءة الإسكندر البالغة من العمر 260 سنة، والتي كان يضعها كإحدى علامات العظمة.<ref name="Asirvatham"/> أمر [[يوليوس قيصر]] صنّاعه بصب [[تمثال الفارس|تمثال برونزي له وهو على صهوة جواده]]، يكون نسخة طبق الأصل عن إحدى تماثيل الإسكندر، وأن يستبدلوا وجهه بوجه الأخير، كما أقدم الإمبراطور [[أغسطس (إمبراطور)|أغسطس قيصر]] خلال زيارته [[الإسكندرية]] على استبدال نقش [[أبو الهول]] الموجود على خاتمه بصورة جانبية لوجه الإسكندر.<ref name="Asirvatham"/> من أبرز الأباطرة الرومان الذين أعجبوا بالإسكندر أيضًا: [[تراجان]]، و[[نيرون]]، و[[كاراكلا]].<ref name="Asirvatham"/> احتفظت أسرة ماكريني، وهي الأسرة الرومانية الحاكمة خلال عهد الإمبراطور [[ماكرينوس]]، احتفظت بصور للإسكندر على متاعها، مثل [[مجوهرات|المجوهرات]]، أو قامت بتطريزها على ملابس أفرادها.<ref name="Holt3">{{harvard citation no brackets|Holt|2003|pp=3}}</ref>
استخدم بعض الكتّاب الرومان، وبالأخص الجمهوريون، قصة حياة الإسكندر لتحذير الرعيّة من مخاطر [[
=== في الأساطير ===
سطر 298:
تضم سيرة حياة الإسكندر في طيّاتها عدد من [[أسطورة|الأساطير]] والقصص الخرافية، التي يُحتمل أن يكون الإسكندر نفسه قد شجع على إشاعتها وكتابتها.<ref name="Roisman 2010 187">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|p=187}}</ref> يقول مؤرخه الخاص كاليستنس أن [[بحر|البحر]] تراجع خوفًا منه عندما كان في [[قيليقية]]. وبعد فترة قصيرة من وفاة الإسكندر، اخترع مؤرخ آخر، وهو أونيسيكريتوس، قصة مفادها أن «ثاليتريس» ملكة [[أمازونيات|الأمازونيات]] زارت الإسكندر وحصل بينهما نوع من الودّ، وعندما قرأ أونيسيكريتوس القصة على مسمع [[ليسيماخوس]]، أحد خلفاء الإسكندر، أجابه قائلاً: «أتساءل أين كنت في ذلك الحين؟».<ref name="PA46">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|pp=LXVI, 1}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0243:chapter=46&highlight=lysimachus,onesicritus أنظر الصفحة]</ref>
جُمعت كل الأساطير المتعلقة بالإسكندر بعد قرون من رحيله في كتاب عُرف باسم «رومانسية الإسكندر»، في مدينة [[الإسكندرية]] على الأرجح، وقد نُسب هذا الكتاب خطأً إلى كاليستنس، ولهذا السبب يُلاحظ أنه يُدعى ''Pseudo-Callisthenes'' في بعض الأحيان. خضع هذا الكتاب لمراجعات عديدة وإضافات كثيرة طيلة العصور القديمة وصولاً إلى [[العصور الوسطى]]،<ref>{{harvard citation no brackets|Stoneman|1996|loc=''passim''}}</ref> ولذلك فهو يحوي عدد من القصص المشكوك بصحتها،<ref name="Roisman 2010 187"/> كما تُرجم إلى لغات كثيرة من شاكلة اليونانية الرومية، و[[لغة أرمنية|الأرمنية]]، و[[
=== في الثقافة القديمة والحديثة ===
{{أيضا|ذو القرنين|الإسكندر (فيلم){{!}}فيلم الإسكندر}}
[[ملف:Byzantine Greek Alexander Manuscript Cataphract (cropped).JPG|تصغير|رسم للإسكندر من مخطوطة [[الإمبراطورية البيزنطية|بيزنطية]] تعود [[القرن
[[ملف:Eskandar fighting the enemy.jpg|تصغير|يمين|«إسكندر يُقاتل الأعداء»، مخطوطة فارسية من [[القرن 15|القرن الخامس عشر]].]]
ذُكر الإسكندر ومنجزاته العظيمة في نصوص عدّة حضارات، سواء تلك القديمة أو الحديثة، فأوّل من ذكره في نصوصهم كان الإغريق أنفسهم خلال حياته، واستمر غيرهم من بعدهم يروي قصص هذا القائد جيلاً بعد الجيل حتى الزمن الحالي. لعب كتاب وروايات «رومانسية الإسكندر» دورًا لا يُستهان به في التأثير على صورته في الحضارات المتأخرة، وبالأخص الفارسية والأوروبية الوسطى واليونانية المعاصرة.<ref name="Roisman 2010 117">{{harvard citation no brackets|Roisman|Worthington|2010|loc=Chapter 6, 117}}</ref>
يظهر الإسكندر بشكل بارز في الفلكلور اليوناني المعاصر أكثر من أي شخصية قديمة أخرى،<ref name="Fermor">{{harvard citation no brackets|Fermor|2006|page=215}}</ref> فقد أصبح الشكل العاميّ لاسمه [[لغة يونانية|باليونانية الحديثة]] ({{نستعليق|أوميگالكساندروس}}) لقبًا للكثير من العائلات، وهو البطل القديم الوحيد الذي يظهر في عروض الكركوز الهادفة لتسلية الأطفال.<ref name="Fermor"/> إحدى الخرافات الشائعة بين البحارة اليونانيون تتحدث عن [[حورية البحر|حورية بحر]] وحيدة تُقدم على التعلق بمقدمات المراكب والسفن خلال [[عاصفة|العواصف]] لتسأل القبطان: «ألا يزال الملك الإسكندر حيًا؟»، ويجب على القبطان هنا أن يُجيب: «إنه حي وعلى ما يُرام ويحكم العالم أجمع!»، فتعود الحورية إلى البحر مطمئنة، أما لو أجاب القبطان بغير هذا، فتتحول الحورية إلى [[غورغون|گورگون]] ثائر، يجر السفينة وركابها إلى قاع البحر.<ref name="Fermor"/>
كان [[زرادشتية|الفرس قبل اعتناقهم الإسلام]]، ينعتون الإسكندر «الملعون»، حيث اتهموه بحرق معابدهم وإتلاف نصوصهم وكتبهم المقدسة.<ref>{{harvard citation no brackets|Curtis|Tallis|Andre-Salvini|2005|p=154}}</ref> أما بعد [[
[[ملف:Louxor Amon Ra Alexandre.jpg|تصغير|يمين|نقش مصري للإسكندر في [[معبد الأقصر]]، يظهر فيه رافعًا يديه متعبدًا إله الشمس [[آمون]].]]
[[ملف:سورة الكهف 83 - 98.JPG|تصغير|سورة الكهف من الآية الثالثة والثمانين حتى الآية الثامنة والتسعين، أي المقطع الذي ذُكرت فيه قصة ذو القرنين كاملةً.]]
سطر 315:
[[ملف:سورة الكهف 83.JPG|تصغير|الآية الثالثة والثمانين من [[سورة الكهف]] التي بدأ فيها ذكر القائد الصالح «ذو القرنين».]]
ورد في [[الكتاب المقدس]] ذكرٌ صريح للإسكندر، كما ذُكر في الأخير وفي [[القرآن|القرآن الكريم]] قصة قائد صالح، سُمي [[ذو القرنين|بذي القرنين أو صاحب القرنين أو «لوقرانائيم»]]، قال بعض مفسري [[التوراة]] و[[القرآن]] أنه يُحتمل أن يكون هو الإسكندر الأكبر، ومن المواضع التي ذُكر بها، سواء المؤكدة أو غير المؤكدة؛ [[سفر المكابيين الأول]]: {{خط عربي دولي|إن الإسكندر بن فيلبس المقدوني بعد خروجه من أرض كتيم وإيقاعه بدارا ملك فارس وماداي ملك مكانه وهو أول من ملك على اليونان. ثم أثار حروبًا كثيرة وفتح حصونًا متعددة وقتل ملوك الأرض. واجتاز إلى اقاصي الأرض وسلب غنائم جمهور من الأمم فسكتت الأرض بين يديه فترفع في قلبه وتشامخ. وحشد جيشًا قويًا جدًا. واستولى على البلاد والأمم والسلاطين فكانوا يحملون إليه الجزية. وبعد ذلك انطرح على فراشه وأحس من نفسه بالموت. فدعا عبيده الكبراء الذين نشأوا معه منذ الصباء فقسم مملكته بينهم في حياته. وكان ملك الاسكندر اثنتي عشرة سنة ومات.}}{{شواهد الكتاب المقدس|المكابيين|1}}<ref>[http://popekirillos.net/ar/main.php مطرانية طنطا وتوابعها، أسرة البابا كيرلس العلمية: سفر المكابيين الأول، الإصحاح 1] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170824151645/http://popekirillos.net:80/ar/main.php |date=24 أغسطس 2017}}</ref> و[[سفر دانيال]]: {{خط عربي دولي|أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ. وَالتَّيْسُ الْعَافِي مَلِكُ الْيُونَانِ، وَالْقَرْنُ الْعَظِيمُ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ الْمَلِكُ الأَوَّلُ. وَإِذِ انْكَسَرَ وَقَامَ أَرْبَعَةٌ عِوَضًا عَنْهُ، فَسَتَقُومُ أَرْبَعُ مَمَالِكَ مِنَ الأُمَّةِ، وَلكِنْ لَيْسَ فِي قُوَّتِهِ. وَفِي آخِرِ مَمْلَكَتِهِمْ عِنْدَ تَمَامِ الْمَعَاصِي يَقُومُ مَلِكٌ جَافِي الْوَجْهِ وَفَاهِمُ الْحِيَلِ. وَتَعْظُمُ قُوَّتُهُ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقُوَّتِهِ. يُهْلِكُ عَجَبًا وَيَنْجَحُ وَيَفْعَلُ وَيُبِيدُ الْعُظَمَاءَ وَشَعْبَ الْقِدِّيسِينَ. وَبِحَذَاقَتِهِ يَنْجَحُ أَيْضًا الْمَكْرُ فِي يَدِهِ، وَيَتَعَظَّمُ بِقَلْبِهِ. وَفِي الاطْمِئْنَانِ يُهْلِكُ كَثِيرِينَ، وَيَقُومُ عَلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَبِلاَ يَدٍ يَنْكَسِرُ.}}{{شواهد الكتاب المقدس|دانيال|8}} أما في [[القرآن]]، فمما جاء وقيل باحتمال إشارته إلى الإسكندر ورد في [[سورة الكهف]]،<ref name="Roisman 2010 120"/> وهو: {{قرآن مصور|الكهف|83|84|85|86}}؛ وأيضًا: {{قرآن مصور|الكهف|93|94|95|96|97|98}}. يقول [[علم التفسير|علماء التفسير]] أن ذا القرنين هذا كان عبدًا صالحًا طاف الدنيا وبنى سدًا ضخمًا في وجه قوم [[يأجوج ومأجوج]] الذين عاثوا فسادًا في الأرض،<ref name="Roisman 2010 122"/> وقال بعضهم أن هذا الرجل هو الإسكندر، وخالف آخرون هذا الرأي.<ref name="ذو القرنين">[http://quran-m.com/container.php?fun=artview&id=986 موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة: ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنًا وكشف عنها - أبو الكلام أزاد - ] بقلم الدكتور عبد المنعم النمر. تاريخ النشر: [[20 يوليو]] [[2010]] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150418135710/http://quran-m.com/container.php?fun=artview&id=986 |date=18 أبريل 2015}}</ref>{{cref|vii}}
يُشير اسم «إسكندر» أو «سكندر» في [[الهند]] و[[باكستان]]، وبالتحديد في البنجاب، إلى شخص يافع موهوب تنمو قدراته شيئًا فشيئًا.<ref>{{harvard citation no brackets|Connerney|2009|p=68}}</ref> جُعل الإسكندر عضوًا في جماعة «الفاضلون التسعة» في [[أوروبا]] خلال [[العصور الوسطى]]، والجماعة المذكورة كانت تضم رجالاً اعتُبروا أكثر فرسان عصرهم شهامةً ونبلاً، مثل [[شارلمان]] و[[يوليوس قيصر]] وغيرهما. أنتجت هوليوود [[الإسكندر (فيلم)|فيلمًا سينمائيًا عن حياة الإسكندر]] في سنة [[2004]]، لعب فيه الممثل الإيرلندي [[كولين فاريل]] دور القائد المقدوني، وقد واجه الفيلم انتقادات واسعة من قبل الجمهور اليوناني والمؤرخين، سواء اليونانيين أو الإيرانيين، الذين اعتبروه غير دقيق في تصويره الأحداث،<ref>[http://www.stfrancis.edu/historyinthemovies/alexander.htm "Alexander (opened 11/ 24/04) Oliver Stone's Costly History Lesson"] By Cathy Schultz, Ph.D. in ''Dayton Daily News'', 24 November 2004. (Also in ''Joliet Herald News'', 28 November 2004; ''Bend Bulletin'', 28 November 2004; ''Providence Journal'', 26 November 2004.) {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20090305150240/http://www.stfrancis.edu:80/historyinthemovies/alexander.htm |date=05 مارس 2009}}</ref> حتى أن مجموعة من المحامين اليونان حاولت مقاضاة [[وارنر
== تأريخ حياة الإسكندر ==
إن جميع النصوص المكتوبة من قبل أشخاص عاشروا الإسكندر ورافقوه في حملاته أو جمعوها من أخبار رفاقه وأصحابه، قد ضاعت كلها ولم يبق منها إلا بضعة مخطوطات منها ما هو كامل ومنها ما استحال فتاتًا.<ref name="Roisman 2010 186"/> من الأشخاص المعاصرين للإسكندر والذين كتبوا عن حياته: مؤرخه الخاص كاليستنس، والقادة في جيشه [[بطليموس]] ونيارخوس، وأحد الضبّاط الصغار المدعو «أريستوبولوس»، وكبير الربّان «أونيسيكريتوس». كُتبت كل النصوص التي تناولت حياة الإسكندر بالاستناد إلى تلك التي كتبها هؤلاء الرجال، وأول النصوص المنقولة كان ذاك الخاص بالمؤرخ [[
== المصادر ==
سطر 325:
{{بداية المراجع|colwidth=30em}}
{{Cnote|i|كان الإسكندر عند وفاته قد فتح جميع أراضي [[أخمينيون|الإمبراطورية الفارسية الأخمينية]]، وأضافها إلى الممتلكات المقدونية في أوروبا؛ ويقول بعض المؤرخين والكتّاب المعاصرين، أن ذلك كان يُشكل معظم أنحاء العالم المعروف عند الإغريق القدماء.<ref name="danforth">{{harvard citation no brackets|Danforth|1997|pp=38, 49, 167}}</ref><ref name="stoneman">{{harvard citation no brackets|Stoneman|2004|pp=2}}</ref> يُمكن الاطلاع على العالم كما عرفه الإسكندر في خرائط المؤرخ اليوناني هکاتيوس الملطي، أنظر [[:ملف:Hecataeus world map-ar.png|خريطة العالم لهکاتيوس]].}}
{{Cnote|ii|اعتبر [[حنبعل|حنبعل (هنيبعل)]]، على سبيل المثال، الإسكندر بأنه أفضل قائد عسكري على مر العصور؛<ref>{{harvard citation no brackets|Goldsworthy|2003|pp=327–328}}</ref> ويُقال أن يوليوس قيصر بكى عندما رأى تمثالاً للإسكندر عند بلوغه ذات السن التي توفي بها الأخير، قائلاً أنه لم يُحقق شيئًا بالمقارنة بما حققه ذاك القائد العظيم في سنّه؛<ref name="Plutarch, Caesar, 11">{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|pp=XI, 2}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.01.0244:chapter=11&highlight=alexander أنظر الصفحة]</ref> قال القائد [[بومبي|پومپي]] بأنه شعر نفسه 'الإسكندر الجديد'؛<ref>{{harvard citation no brackets|Holland|2003|pp=176–183}}</ref> كما كان [[
{{Cnote|iii|يُشتق الاسم ''Αλέξανδρος'' من الفعل اليوناني «ἀλέξω» (ألكسو)، بمعنى «يصد»، أو «يتفادى»، أو «يُدافع»<ref>{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|loc=IV, 57}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.04.0057:entry=a)le/cw ἀλέξω] {{harvard citation no brackets|Liddell|Scott|1940}}</ref> أما الاسم «ἀνδρός» (أندروس)، فهو مُضاف لكلمة «ἀνήρ» (آنر)، بمعنى «إنسان»<ref>{{harvard citation no brackets|Plutarch|1919|loc=IV, 57}} [http://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus:text:1999.04.0057:entry=a)nh/r ἀνήρ] {{harvard citation no brackets|Liddell|Scott|1940}}</ref> فيكون المعنى بالتالي «المدافع عن الإنسان» أو «حامي الإنسان».<ref>{{مرجع ويب|تاريخ الوصول=11 December 2009|المسار=http://www.etymonline.com/index.php?search=Alexander&searchmode=none|العنوان=Alexander|الناشر=Online Etymology Dictionary| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20170904180253/http://www.etymonline.com/index.php?search=Alexander&searchmode=none | تاريخ الأرشيف = 4 سبتمبر 2017 }}</ref>}}
{{Cnote|iv|«في أوائل القرن الخامس الميلادي اعتُرف بالأسرة الحاكمة المقدونية، وهي الأسرة التيمينيدية، كأسرة يونانية من قبل رؤساء الألعاب الأولمبية. وكان قرارهم وحكمهم هذا حاسمًا للجدال حول هوية المقدونيين. من المؤكد أن ملوك تلك البلاد اعتبروا أنفسهم إغريقًا يتحدرون من صُلب هرقل بن زيوس.»<ref name="H86">{{harvard citation no brackets|Hammond|1986|pp=516}}</ref>
سطر 331:
{{Cnote|v|«الأيكيديون المتحدرون من صُلب أيكوس، ابن زيوس والحورية أيجينا، الذين أعطوا اسمهم لإحدى الجزر. وابن أيكوس هو پيليوس، والد آخيل، الذي أطلق المتحدرون منه (المفترضين أو الواقعيين) على أنفسهم اسم الأيكيديين: ومنهم پيروس والإسكندر الأكبر.»<ref name="CR03">{{harvard citation no brackets|Chamoux & Roussel|2003|pp=396}}</ref>}}
{{Cnote|vi|كان هناك شك منذ البداية أن يكون پوسانياس قد استُأجر لاغتيال فيليپ. وتدور الشبهات حول كل من الإسكندر، وأمه أوليمپياس، وحتى شاه فارس المتوج حديثًا، دارا الثالث. فكل من هؤلاء الثلاثة كان لديه ما يكفي من الدوافع لقتل الملك المقدوني.<ref name="Fox72-73">{{harvard citation no brackets|Fox|1980|pp=72–73}}</ref>}}
{{Cnote|vii|ذكر [[الزمخشري]] في تفسير الكشاف أن ذو القرنين هو الإسكندر، وذكر رواية عن النبي [[محمد]]، أنه سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا يعني جانبيها شرقًا وغربًا. وقيل كان لتاجه قرنان، وذكر الإمام [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] في تفسيره: أنه الإسكندر ثم يبطل هذا، ويقول أنه كان في زمن [[إبراهيم|الخليل إبراهيم]] وطاف معه [[الكعبة|بالبيت]]. وقيل عبد صالح. وأورد في تاريخه «البداية والنهاية» بالجزء الثاني مثل ذلك وزاد أنه نبي أو مَلَك. أما [[شمس الدين القرطبي|القرطبي]] في تفسيره فقد أورد أقوالاً كثيرة أيضًا: كان من أهل [[مصر]] واسمه «مرزبان»، ونقل عن [[عبد الملك بن هشام|ابن هشام]] أنه الاسكندر، كما نقل روايات عن الرسول محمد، بأنه ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب. وعن [[عمر بن الخطاب]] و[[علي بن أبي طالب]] بأنه مَلَك.. أو عبد صالح وهي روايات غير صحيحة. وقيل أنه الصعب بن ذي يزن الحميري، وكلها روايات وأقوال تخمينية ولا سند لها. أما [[أبو الثناء الآلوسي|الآلوسي]] في تفسيره، فقد جمع الأقوال السابقة كلها تقريبًا، وقال: لا يكاد يسلم فيها رأي، ثم اختار أنه الاسكندر المقدوني ودافع عن رأيه بأن تلمذته [[أرسطو|لأرسطو]] [[إلحاد|الملحد]]، لا تمنع من أنه كان عبدًا صالحًا. أما المفسرون المحدثون فكانوا كذلك ينقلون عن الأقدمين. أما [[أبو الكلام آزاد]]، عالم [[الهند]] المعروف بترجم معاني [[القرآن]] إلى [[
{{نهاية المراجع}}
</div>
سطر 481:
[[تصنيف:ملوك بلاد فارس]]
[[تصنيف:ملوك فارس]]
[[تصنيف:مواليد 356 ق م]]
[[تصنيف:مواليد في بيلا (اليونان)]]
|