الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Jobas1 (نقاش | مساهمات)
الرجوع عن تعديل معلق واحد من 156.219.196.70 إلى نسخة 33814669 من JarBot.
JarBot (نقاش | مساهمات)
بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V3.3
سطر 41:
 
== أصل التسمية ==
كلمة [[أقباط|قبطي]] تأتي جذورها الأولى من كلمة "حاكبتاح" [[هيروغليفية|الهيروغليفية]] والتي هي بحسب بعض الآراء تشير إلى مدينة [[ممفيس، مصر|ممفيس]] أو إله مدينة منف، كون الإله بتاح هو إلهها، ولما كانت المدينة يطلق عليها اسم إلهها في بعض الأحيان، فقد اطلق على هذه المدينة اسم الإله خاصتها " الإله بتاح ".<ref>[https://st-takla.org/Coptic-church-1_.html الكنيسة المسيحية القبطية الأرثوذكسية والتاريخ القبطي في مصر]، الأنبا تكلا، 15 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180630014418/https://st-takla.org/Coptic-church-1_.html |date=30 يونيو 2018}}</ref> ولما كانت المدينة إحدى عواصم [[مصر]] القديمة فقد ساد اسمها في المنطقة المحيطة واستبدلت بعض أحرفه على مر العصور، فأصبح "هكاتباه" وخلال [[إغريق|العصر الإغريقي]] حوّر الإغريق المصلطح بما يلائم ملافظ الحروف في [[لغة يونانية|اللغة اليونانية]] ومنها استبدال الهاء بالألف، وإضافة الواو والسين، وهما لازمتان لجميع أسماء العلم في [[لغة يونانية|اليونانية]] وكنتيجة للتحوير أصبح المصطلح "إيجيبتوس ([[لغة يونانية|باليونانية]]: Αιγύπτιος)". وساد هذا المصطلح لفترة طويلة، لوصف [[مصر]] وسكانها.<ref name="مصطلح">[https://majles.alukah.net/showthread.php?t=1285 أصل كلمة قبط]، المجلس العلمي، 15 أيار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20081025201752/http://majles.alukah.net:80/showthread.php?t=1285 |date=25 أكتوبر 2008}}</ref> هناك نظرية ثانية، تقول أن عاصمة [[مصر العليا]] في السابق كانت تدعى جيبتو ومنها اشتقت التسمية، وفي جميع الأحوال فإن الموئل واحد، بكون المصطلح ذو جذر [[لغة يونانية|يوناني]] واستخدم لوصف سكان مصر.
 
بعد أن نقلت اللغة الديموطيقية إلى [[أبجدية يونانية|الأبجدية اليونانية]]، تكونت بذلك أولى أساسات [[لغة قبطية|اللغة القبطية]] وأصبحت التسمية اليونانية هي الشائعة لوصف [[مصر]] ومنها انتقلت إلى مختلف اللغات الحديثة [[لغة إنجليزية|كالإنجليزية]]؛ أما داخل البلاد فقد تحوّلت في أعقاب [[الفتح الإسلامي لمصر]] إلى لقب مخصوص بالكنيسة المصرية، ويشيع استخدامه لوصف المسيحيين فقط.<ref name="مصطلح"/> أما كلمة [[أرثوذكسية]] فهي قادمة من [[لغة يونانية|اليونانية]] ([[لغة يونانية|باليونانية]]: Ορθοδοξία) بمعنى الإيمان المستقيم أو الإيمان القويم، وقد شاع استخدام هذا المصطلح لدى شتّى الطوائف المسيحية منذ القرون الأولى، وبات رسميًا في أعقاب [[مجمع نيقية]] وغايته الأساس التفريق بين [[هرطقة|الهراطقة]] الذين ضلّوا حسب رأي الكنيسة عن الإيمان القويم وبين الطوائف المسيحية التي لا تزال متمسكة به.<ref>[https://www.peregabriel.com/aveomaria/article.php?id=1994 الفرق بين الأرثوذكسية والهرطقة]، موقع الأب جبرائيل، 18 أيار 2011. {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}}</ref> بناءً على ما سبق، يمكن ترجمة مصطلح "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية" ترجمة حرفية إلى [[لغة عربية|العربية]] بحيث تصبح: "الكنيسة المصرية ذات الإيمان القويم".
 
== التاريخ ==
=== تأسيس كنيسة الإسكندرية ونشأتها (55 أو 61 - 106) ===
[[ملف:StMarkcoptic.jpg|يمين|250بك|تصغير|أيقونة قبطية تظهر [[مرقص|القديس مرقس]]، البابا الأول [[الإسكندرية|للإسكندرية]] ومؤسس الكنيسة القبطية.]]
بحسب التقاليد الكنسية المتوارثة فإن [[مرقص|القديس مرقس]] هو مؤسس الكنيسة القبطية ولذلك تسمى "الكنيسة المرقسية". القديس مرقس هو أحد [[التلاميذ السبعون|الرسل السبعين]] الذين اختارهم [[يسوع]] وأطلقهم لنقل البشارة. وقد ورد ذكره في [[أعمال الرسل|سفر أعمال الرسل]] كأحد مرافقي [[القديس بولس]] في {{المقصود|أنطاكية|أنطاكية}} و[[قبرص]]، وأحد أتباع [[القديس بطرس]] وتلامذته، ومن ثم هو أيضًا كاتب [[إنجيل مرقس|الإنجيل الثاني]] في [[العهد الجديد]] والمنسوب لشخصه عن ذكريات نقلها إليه [[بطرس]]. أصل القديس مرقس غير معروف، وإن كانت بعض التقاليد وبعض كتابات [[آباء الكنيسة]] تعيده إلى مدينة [[برقة]] في [[ليبيا]].<ref>[http://vb.orthodoxonline.org/threads/1129-قصة-حياة-القديس-مارمرقس#axzz1aTs21Fa1 قصة حياة مار مرقس]، الشبكة العربية الأرثوذكسية، 15 أيار 2011. {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}}</ref> وصل القديس مرقس إلى [[الإسكندرية]] حسب ما يتفق عليه المؤرخون الأقباط حوالي عام [[61]] ويرجع البعض الآخر ذلك لعام [[55]]،<ref>[https://copticlibrary.t35.com/history/irisvolume1/20.htm قصة الكنيسة - إيريس حبيب المصري، ص.21]، المكتبة القبطية، 15 أيار 2011.</ref> قادمًا من [[ليبيا]] حيث بشّر هناك أولاً بعد أن عاد من [[روما]] على ما يذكر ساويرس بن المقفع في كتابه "تاريخ البطاركة".<ref name="مرقس">[https://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_01-Historical-Notes-on-the-Mother-Church/Christian-Church-History__043-Patriarch-1-Saint-Marc.html القديس مرقس، الرسول الشهيد، والبطريرك الأول]، أنبا تكلا، 14 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170912121722/http://st-takla.org:80/Coptic-History/CopticHistory_01-Historical-Notes-on-the-Mother-Church/Christian-Church-History__043-Patriarch-1-Saint-Marc.html |date=12 سبتمبر 2017}}</ref> وفيها كانت أولى أعماله اجتراح أعجوبة شفاء [[إنيانوس (بابا الإسكندرية)|إنيانوس]] الذي كان يعمل إسكافيًا، ومن ثم اعتنق إنيانوس [[المسيحية]] وغدا [[أسقف|أسقفًا]] ومن ثم [[قائمة بطاركة الإسكندرية|البابا الثاني في الإسكندرية]]. وفق معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فإن عجائب القديس مرقس قد تعددت، ما ساهم في انتشار [[المسيحية]] في المدينة، ومن ثم حوّل إحدى المنازل لأول كنيسة فيها، عرفت فيما بعد باسم بوكاليّا، على ما ذكر المؤرخ [[يوسابيوس]].<ref name="مرقس"/> وأقام أيضًا مدرسة لاهوتية صغيرة كان [[يسطس الأول (بابا الإسكندرية)|القديس يسطس]] أول مدرسيها، وهو غدا يسطس فيما بعد بابا للإسكندرية، وينسب للقديس مرقس في الإسكندرية أيضًا القدّاس المعروف باسم "القدّاس الكيرلسي" الذي لا يزال معمولاً به إلى اليوم.
[[ملف:Cima da conegliano, guarigione di anania.jpg|يسار|200بك|تصغير|اهتداء [[إنيانوس (بابا الإسكندرية)|القديس إنيانوس]]، البابا الثاني على يد [[مرقص|القديس مرقس]]. بريشة كونجيليانو، [[1490]].]]
تنقل التقاليد الكنسيّة، أن القديس مرقس غادر [[الإسكندرية]] في رحلة تبشيرية إلى [[ليبيا]] و[[روما]] من جديد، ومن ثم عاد إليها وقد نما وتكاثر عدد المسيحيين فيها، ما أثار احتكاكات مع الوثنيين وأتباع الأديان الأخرى؛ تزامن ذلك مع حقبة من [[اضطهاد المسيحيين]] على يد [[الإمبراطورية الرومانية]] بدأت في [[روما]] نفسها على يد [[نيرون]]، وقد استمرّ الاضطهاد مستمرًا في مختلف أصقاع الإمبراطورية ردحًا طويلاً، كان أحد ضحاياه عام [[68]] القديس مرقس نفسه. طريقة موت القديس مرقس، حسب التقاليد القديمة للكنيسة القبطية والكنائس المصريّة بشكل عام، هي السحل. وقد تلاه في رئاسة أساقفة الكنيسة الإسكندرانية [[إنيانوس (بابا الإسكندرية)|إنيانوس]]، ويقول المؤرخ الروماني يوسابيوس القيصري، أنه في السنة الثامنة في حكم [[نيرون]] أصبح إينانوس بطريركًا على [[الإسكندرية]]. أبرز أحداث حبريته، ثورة اليهود عام [[70]] ضد الحكم الروماني والتي أفضت إلى تدمير [[القدس]] وهجرة الكثير من اليهود القاطنين بها نحو [[الإسكندرية]] أكبر المراكز الاقتصادية في حوض [[البحر الأبيض المتوسط]]، فنقلوا معهم قلاقل وعدم استقرار سياسي واقتصادي؛ ولا يمكن القول أن فترة حبريته كانت خالية من الاضطهاد للمسيحيين، لكن وكما حصل في مواقع أخرى من العالم الروماني كان عدد المسيحيين آخذ بالتنامي، حتى رسم البابا إينانوس أساقفة وشمامسة جدد بنتيجة تزايد عدد المسيحيين.<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_374.htm البابا إينانوس - ثاني الباباوات]، تاريخ الأقباط، 14 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170723004610/http://www.coptichistory.org:80/new_page_374.htm |date=23 يوليو 2017}}</ref> وإثر وفاته عام [[83]] أصبح [[ميليوس الأول (بابا الإسكندرية)|ميليوس]] ثالث البطاركة في [[الإسكندرية]]، وقد وصف ابن المقفع في كتابه "تاريخ البطاركة" ميليوس بكونه: «''ذا عفاف وقد ثبت الشعب على معرفة المسيح، وكثر الشعب الأرثوذكسي [[مصر|بمصر]] والخمس مدن وأفريقية في حبريته التي امتدت اثني عشر عامًا على الكرسي.''»<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_1824.htm البابا ميليوس]، تاريخ الأقباط، 15 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160309192121/http://www.coptichistory.org/new_page_1824.htm |date=09 مارس 2016}}</ref> فيمكن استنادًا إلى وصف ابن المقفّع السابق، القول بنمو المطرد للمسيحيين في [[الإسكندرية]] وضواحيها أواخر [[القرن الأول]]، والذي تصاحب دومًا مع اضطهاد روماني، فإثر وفاة هذا البابا عام [[93]] لم ينتخب خلفه حتى عام [[95]] بسبب الاضطهادات وملاحقة المسيحيين، الأمر الذي استتبع في عهد رابع البطاركة [[كردونوس الأول (بابا الإسكندرية)|كردونوس]] والمعروف باسم اضطهاد [[تراجان]] والذي بدأ عام [[98]] وكان من نتائجه قتل البطريرك نفسه عام [[106]].<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_1825.htm البابا كردنوس]، تاريخ الأقباط 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160304190253/http://www.coptichistory.org/new_page_1825.htm |date=04 مارس 2016}}</ref> وعلى الرغم من ذلك فقد توافق الأساقفة على بطريرك جديد، ما يدلّ، أنه وعلى الرغم من الاضطهاد الذي لحق بالمسيحيين بعض نصف قرن تقريبًا على تواجدهم في [[الإسكندرية]]، إلا أن أساس كنيستهم كان من القوّة بحيث لم ينقرض أو يباد باختلاف أنواع الاضطهاد، بما فيه قتل البابا نفسه.
سطر 58:
أما على صعيد الكنيسة، فقد كان [[القرن الثاني]] بدوره حافلاً: انتخب [[إبريموس الأول (بابا الإسكندرية)|إبريموس]] عام [[106]] وأصبح [[مدرسة الإسكندرية المسيحية|لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية]] شأنًا هامًا في أيامه وتكاثر عدد الكنائس في [[مصر]] وخارجها، غير أن الإمبراطور [[هادريان]] أمر باضطهاد المسيحيين ونفيهم خارج المدن، ومن ثم أمر بهدم الكنائس.<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_401.htm البابا بريموس]، تاريخ الأقباط، 16 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170723004650/http://www.coptichistory.org:80/new_page_401.htm |date=23 يوليو 2017}}</ref> وبعد وفاته عام [[118]] اختير [[يسطس الأول (بابا الإسكندرية)|يسطس]] بطريركًا والمعلومات حول بطريركيته قليلة للغاية رغم ذكره في كتابات المؤرخين الأقدمين [[يوسابيوس النيقوميدي|كيوسابيوس النيقموميدي]] وذكره كذلك في كتابات المؤرخين الأقباط خلال مرحلة [[القرون الوسطى]] وما بعدها؛ ولم يستراح المسيحيون في أيامه من الاضطهاد وكذلك في أيام خلفه [[أومانيوس الأول (بابا الإسكندرية)|أومانيوس]] عام [[129]] وحتى [[141]]، وقد كان هذا البابا رئيسًا للمدرسة اللاهوتية في الإسكندرية، إذ اشتدّ اضطهاد [[هادريان]] خلال حبريته، وقتل خلاله مئات الأقباط ومن بينهم القديسة صوفيا، التي نقل جثمانها لاحقًا إلى [[القسطنطينية]] وشيدت [[آيا صوفيا]] خلال أيام [[قسطنطين الأول]] فوق ضريحها.<ref>[https://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=391 أوميانوس]، قاموس آباء الكنيسة وقديسيها، 16 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160312083927/http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=391 |date=12 مارس 2016}}</ref>
[[ملف:St. Anthony's Monastery 2006.jpg|يسار|300بك|تصغير|[[دير الأنبا أنطونيوس]] في [[صحراء العرب]]، والمسمى على اسم [[أنطونيوس|القديس أنطونيوس الكبير]] أب الرهبان.]]
هدأت الاضهادات في عهد خليفته [[مرقيانوس]] وكذلك في عهد كالاديانوس،<ref>[https://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_1457.html كلاديانوس البطريرك السابع - من سلسلة القديسين الأقباط]، الأنبا تكلا، 16 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170701052620/http://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_1457.html |date=01 يوليو 2017}}</ref><ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_1674.htm البابا كلاديانوس]، تاريخ الأقباط، 16 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20120325044359/http://www.coptichistory.org/new_page_1674.htm |date=25 مارس 2012}}</ref> ويعود السبب في ذلك إلى اعتلاء عرش الإمبراطورية [[ماركوس أوريليوس]] وقد كان يميل إلى التسامح يحلم بإقامة الجمهورية الفاضلة التي تحدث عنها [[أفلاطون]] وقد أشرك [[فلسفة|الفلاسفة]] والحكماء في حكمه.<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_24.htm المائة سنة الثانية]، تاريخ الأقباط، 16 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170723002216/http://www.coptichistory.org:80/new_page_24.htm |date=23 يوليو 2017}}</ref> ومنذ منتصف [[القرن الثاني]] قدّمت الكنيسة القبطية عددًا وافرًا من [[آباء الكنيسة]] ومعلميها الأوائل الذين لا تزال مؤلفاتهم يدرسها [[لاهوت|طلاب اللاهوت]] حول العالم يدرسونها حتى اليوم: منهم [[أوريجانوس]] الذي ألف أكثر من ستة آلاف كتاب حول تفسير [[الكتاب المقدس]]،<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_591.htm أوريجانوس]، تاريخ الأقباط، 17 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170723003341/http://www.coptichistory.org:80/new_page_591.htm |date=23 يوليو 2017}}</ref> و[[إكليمندس الإسكندري|القديس إكليمندس الإسكندري]] الذي زاوج خلال دراسته في [[مدرسة الإسكندرية المسيحية|المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية]] بين الفلسفة اليونانية واللاهوت المسيحي، ما ساهم في نقل مبادئ الدين إلى لغة مثقفي ذلك العصر من ناحية، وانفتاح المسيحية على العلوم من الناحية الثانية،<ref>[https://www.christusrex.org/www1/ofm/1god/padri/clementealessandrino.htm إكلمندوس الإسكندري]، الموسوعة العربية المسيحية، 17 أيار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160309221821/http://www.christusrex.org/www1/ofm/1god/padri/clementealessandrino.htm |date=9 مارس 2016}}</ref> ويضاف إليهم أثينا غوراس والقديس بنتينوس.<ref>[https://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_01-Historical-Notes-on-the-Mother-Church/Christian-Church-History__050-3olama2-Madraset-Al-Iskandaria.html علماء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وفلاسفتها الأفذاذ]، الأنبا تكلا، 17 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180315200342/https://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_01-Historical-Notes-on-the-Mother-Church/Christian-Church-History__050-3olama2-Madraset-Al-Iskandaria.html |date=15 مارس 2018}}</ref> يذكر أن بعضًا من أهم [[آباء الكنيسة]] اللاحقين في [[مسيحية غربية|الغرب المسيحي]] [[أوغسطين|كالقديس أوغسطين]] و[[جيروم|القديس جيروم]] قد تأثروا بكتابات آباء المدرسة اللاهوتية في الإسكندرية وكتاباتهم، أما على صعيد الإنجازات الأخرى خلال [[القرن الثاني]] تسجل أول ترجمة [[الكتاب المقدس|للكتاب المقدس]] إلى [[لغة قبطية|اللغة القبطية]] بعد أن كان منحصرًا [[لغة يونانية|باليونانية]] التي يجيدها متعلمو الشعب فحسب،<ref>[https://st-takla.org/Coptic-church-1_.html الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر]، الأنبا تكلا، 17 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180630014418/https://st-takla.org/Coptic-church-1_.html |date=30 يونيو 2018}}</ref> وقد وضع في عهد البطريرك [[ديمتريوس الأول (بابا الإسكندرية)|ديمتريوس]] ([[191]] - [[232]]) أول تقويم معتمد لحساب مواقيت الأعياد والأزمنة الطقسية، وسيقوم [[مجمع نيقية]] في وقت لاحق بتثبيت هذا التقويم للكنيسة بأسرها خصوصًا فيما يتعلق بحساب موعد {{المقصود|عيد الفصح|عيد الفصح}}، وجاء في قرار [[مجمع نيقية]] أن يقوم بطريرك الإسكندرية، لتقدّم المدينة في علوم الفلك والحساب، بتحديد موعد العيد وإخطار سائر البطاركة بالموعد، ليصار إلى الاحتفال به. توفي ديمتريوس بعد بطريركية طويلة عام [[232]]، ولم يحدث في حبريته ولا في حبرية سلفه يوليانوس ([[178]] - [[188]]) أي اضطهاد عنيف ضد المسيحيين، غير أن التضييقات لم تتوقف، فحظر على الأساقفة خلال عهده مغادرة الإسكندرية. غير أنّ البابا كان يغادرها سرًا، لتعيين [[قس|القسس]] الجدد في القرى والمدن الأخرى. ويقول المؤرخ تراتليان، أن ربع سكان [[الشرق الأوسط|الشرق]] بختام [[القرن الثاني]] كانوا من المسيحيين.<ref>[https://www.civilizationstory.com/civilization/page.php?pageNumber=3988#bm قصة الحضارة]، ويل ديورانت، ص.3988. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20121124154725/http://www.civilizationstory.com/civilization/page.php?pageNumber=3988 |date=24 نوفمبر 2012}}</ref>
[[ملف:StAnthony.jpg|يمين|200بك|تصغير|[[أيقونة]] من [[الفن القبطي]] تظهر [[أنطونيوس الكبير|القديس أنطونيوس الكبير]] أبي الرهبان.]]
ولعلّ من أبرز مساهمات الكنيسة المصرية خلال [[القرن الثاني]] مقارعة [[غنوصية|الحركة الغنوصية]] وهي جماعة دينية توأمت بين [[المسيحية]] والمعتقدات التي كانت سائدة سابقًا، كان رهبانها يغرقون في التأمل والفلسفة للوصول إلى المعرفة التامّة، والتي بمقدور كل إنسان الوصول إليها وبالتالي الوصول إلى [[الله]] فهي شبيهة بالمذهب الحلولي في الأزمنة المعاصرة، وانطلاقًا من كونهم يعتمدون على التأمل الذاتي للوصول إلى المعرفة سمّوا جماعة العرفان، وهي الترجمة العربية لمصطلح غنوصية في [[لغة يونانية|اليونانية]]؛ ظلت المعلومات قليلة عن [[غنوصية|الغنوصيين]] حتى أواسط [[القرن العشرين]] حين اكتشفت مجموعة من المخطوطات في [[مصر]] ساهمت في إماطة اللثام عن معتقدات هذه الجماعة نوعًا ما، إذ دلّت المخطوطات المكتشفة ومنها [[مخطوطات نجع حمادي]] إلى أن الغنوصيين قد أفرزوا أناجيل خاصة بهم، ونسبوها إلى شخصيات كنسية شهيرة، وتهدف هذه الأناجيل الغنوصية إلى نقل وجهة النظر أو العقائد والفلسفات الخاصة بهذه الجماعة إلى العموم، مثلاً إحدى العقائد الغنوصية كما اكتشفت في [[إنجيل يهوذا]] توضح أن الغنوصيون ينظرون إلى [[يهوذا الإسخريوطي]] مسلم [[يسوع]] بكونه شريكًا في الخلاص والفداء؛<ref>[https://www.tahawolat.com/cms/article.php3?id_article=970 قبلة الاسخريوطي في سيناريو غنوصي]، موقع تحولات، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161011060847/http://www.tahawolat.com/cms/article.php3?id_article=970 |date=11 أكتوبر 2016}}</ref> قاومت الكنيسة الحركة الغنوصية من خلال [[آباء الكنيسة]] ولاهوتيها الذين ألفوا كتبًا داخل [[مصر]] وخارجها، حول أصول الإيمان المسيحي، وتذكر في هذا الخصوص كتابات [[أوريجانوس]] و[[إكليمندس الإسكندري]]، ما ساهم في فقدان الغنوصية لقوتها قبيل نهاية [[القرن الثاني]]، غير أن اختفائها كليًا استغرق قرونًا عدة.
 
ومنذ حبرية [[ياراكلاس (بابا الإسكندرية)|ياراكلاس]] ([[232]] - [[248]]) أصبح يطلق على بطريرك الإسكندرية لقب "بابا"، وهو لقب من حيث التاريخ أطلق عليه قبيل إطلاق الاسم على أسقف [[روما]] و[[بطريرك]] الغرب الذي يقابل حاليًا [[بابوية كاثوليكية|البابا الكاثوليكي]]، على أنّ اللفظة عندما انتقلت إلى [[روما]] جاءت لكون أسقفها خليفة [[القديس بطرس]] رأس الرسل وفق المعتقدات المسيحية، وذلك عبر [[قرطاجنة]] و[[مجمع نيقية]] و[[مجمع خلقيدونية]] اللاحقين.<ref>[https://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=1871 البابا ياراكلاوس]، موقع شبكة البابا كرلس، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160308072607/http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=1871 |date=08 مارس 2016}}</ref> وقد تلاه في رئاسة كرسي الإسكندرية [[ديونيسيوس (بابا الإسكندرية)|ديونيسيوس]] ([[248]] - [[265]]) الملقب "معلم الكنيسة الجامعة" وقد شهدت حبريته اضطهاد الإمبراطور ديسيوس الذي قضى خلاله الكثير من المسيحيين في [[الإمبراطورية الرومانية]]، وقد حفظ التاريخ مجموعة من رسائل البطريرك إلى الأساقفة خارج [[مصر]] ومنهم أسقف {{المقصود|أنطاكية|أنطاكية}} تبيّن به مآسي الكنيسة المصرية وشهدائها، والرغبة في المقاومة والاستمرار بل إن البابا يعلن في أحد رسائله أنه تعرض للسجن وأنه استطاع الهرب لاحقًا من سجنه برفقة واحدًا من [[شماس|الشمامسة]]، ولاحقًا ألقي القبض عليه مرة ثانية ونفي إلى أحد أديرة الصحراء؛<ref name="ديو">[https://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=967 ديونيسيوس - البابا الرابع عشر]، موقع شبكة البابا كرلس، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160312032607/http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=967 |date=12 مارس 2016}}</ref> وهاجمت قبائل من البربر [[الإسكندرية]] وأعلن والي الإسكندرية نفسه إمبراطورًا فقامت المعارك بين [[روما]] و[[الإسكندرية]] حول السيادة، ذهب العديد من المسيحيين كضحايا لها، وقد قال البابا حول هذه القضية في رسالة {{المقصود|عيد الفصح|عيد الفصح}} لعام [[263]]: "''يبدو أن الوقت غير مناسب للعيد، فنحن لا نرى إلا الدموع، الكل ينوح، والعويل يسمع كل يوم في المدينة بسبب كثرة الموتى، بعد هذا حلّت الحرب وحدثت المجاعة. تحملنا هذين الأمرين سويّا مع الوثنيين؛ لكننا فرحنا بسلام المسيح الذي وُهب لنا نحن وحدنا''".<ref name="ديو"/> وقد ظهرت في حبريته كتابات بولس السمساطي وغيره مما وصفت [[هرطقة|بالهرطقة]] لأسباب شتى منها القول برفض خلاص التائبين أو القول بخلاف طبيعة [[الابن]] عن طبيعة [[الآب]]، وقد قارع البابا هذه المعتقدات بشدة. وكذلك ظهرت خلال تلك الفترة [[مانوية|الديانة المانوية]] التي سطعت من [[بلاد فارس]] ومزج معتنقوها بين [[المسيحية]] و[[غنوصية|الغنوصية]] و[[زرادشتية|الزرادشتية]] و[[بوذية|البوذية]] فصنفت على أنها واحدة من آخر ديانات الأسرار وأقواها، وقد ترك أمر التصدي لها في [[الإسكندرية]] و[[مصر]] عمومًا للبابا مكسيموس ([[265]] - [[282]]) إذ نبه البابا في عظاته ورسائله وحذّر بشدة من المانوية، وقد شهدت حبريته أيضًا الإدانة الرسمية لكتابات بولس السمساطي وآرائه،<ref>[https://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=1701 مكسيموس البابا الخامس عشر]، قاموس آباء الكنيسة وقديسيها، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160313201149/http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=1701 |date=13 مارس 2016}}</ref>
غير أنها ظلت متواجدة في كتابات [[لوسيان الأنطاكي|لوقيان الأنطاكي]] ما مهد [[آريوس|لآريوس]] أن يأخذ بها لاحقًا.<ref>[https://www.newadvent.org/cathen/01707c.htm الآريوسية (بالإنجليزية)]، [[الموسوعة الكاثوليكية]]، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20190422212852/http://www.newadvent.org/cathen/01707c.htm |date=22 أبريل 2019}}</ref> كان عهد هذا البابا خاليًا من الاضطهاد وكذلك عهد خليفته [[ثاؤنا (بابا الإسكندرية)|ثيوأنس]]{{للهامش|3}} ([[282]] - [[300]]) حتى بني في حبريته أول كنيسة فوق سطح الأرض في [[الإسكندرية]] وشيدت على اسم [[مريم العذراء]]،<ref>[https://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=771 البابا ثيوأنس البابا السادس عشر]، قاموس آباء الكنيسة وقديسها، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160311215250/http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/read.php?id=771 |date=11 مارس 2016}}</ref> كذلك فقد ظهر [[أنطونيوس|القديس أنطونيوس]] واضع قوانين وشروط الرهبنة وبانيها، فكان أحد [[آباء الكنيسة]] المرموقين والمبجلين من قبل المسيحيين في العالم أجمع، بدءًا من عام [[285]] فعن طريق [[مصر]] دخلت الرهبنة إلى [[بلاد الشام]] ومنها نحو [[أوروبا]]، على أن بعض الباحثين يشيرون إلى أن عددًا من القديسين الأوائل {{المقصود|كالقديس بولا|بولا}} ترهبوا قبل القديس أنطونيوس، بيد أن تنظيم الرهبنة ومأسستها إنما يعود له أولاً.<ref>[https://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_332.html القديس أنطونيوس الكبير]، الأنبا تكلا، 18 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170912160359/http://st-takla.org:80/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_332.html |date=12 سبتمبر 2017}}</ref>
 
{{الدين في مصر}}
سطر 108:
بحسب تقرير الحريّة الدينية الصادر عن [[وزارة الخارجية]] في [[الولايات المتحدة الإمريكية]] فإن [[مصر]] حاليًا، تعتبر دولة منتهكة ومقيّدة للأقليات الدينية،<ref name="حرية">[https://www.state.gov/g/drl/rls/irf/2007/90209.htm التقرير العالمي للحرية الدينية، مصر (بالإنجليزية)]، وزارة الخارجية الإمريكية، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20120119082940/http://www.state.gov/g/drl/rls/irf/2007/90209.htm |date=19 يناير 2012}}</ref> كذلك تعتبر دولة تميّز بين مواطنيها على أسس دينية رغم كون التشريعات النافذة في البلاد تكفل المساواة.<ref name="حرية"/> تقرير الحريات الدينية استند إلى عدّة معطيات منها، أن الدولة المصريّة لا تقبل التحوّل من دين إلى دين باستثناء باتجاه [[الإسلام]] [[أهل السنة|السنّي]]، أحدث هذه الحالات هي حالة {{المقصود|محمد حجازي|محمد حجازي}} الذي رفع دعوى قضائية للتحول وزوجته إلى [[المسيحية]] غير أنّ القضاء المصري رفض الدعوى، ويورد الناشطون الأقباط حالات أخرى مماثلة لهذه الحالة.<ref>[https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146510 التحول إلى المسيحية جريمة في مصر المحروسة]، الحوار المتمدن، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20121204015530/http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146510 |date=04 ديسمبر 2012}}</ref> أما في عدد آخر من الحالات مثل [[مجدي علام]] يغادر من يود اعتناق المسيحية [[مصر]]، ويقيم خارجها.<ref>[https://news.bbc.co.uk/hi/arabic/press/newsid_7310000/7310903.stm بابا الفاتيكان يعمد صحفيًا مصريًا ارتد إلى المسيحية]، البي بي سي العربية، 26 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160308220729/http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/press/newsid_7310000/7310903.stm |date=08 مارس 2016}}</ref> هناك قضية شائكة أخرى ترتبط بقضية التحوّل الديني لعلّ أبرز رموزها [[وفاء قسطنطين]] و[[كاميليا شحاتة]]، فبينما تقول جهات إسلامية أن المذكورتين قد اعتنقتا الإسلام بطوع إرادتهما، يصرّ الأقباط على حالات خطف وإكراه للفتيات على اعتناق الإسلام ولا يقتصر الأمر على الحالتين المذكورتين، حيث سلّمت السيدتين إلى السلطات الكنسيّة من جديد، بل تورد بعض الجهات القبطية -الغير معترف بها من الكنيسة- حالات أخرى في مواقع على الإنترنت تعدها الكنيسة رسمياً مشبوهة.<ref>[https://www.alkalema.net/copt/copt33.htm الحالة الدينية للأقباط في مصر - فتيات قاصرات تحولن من المسيحية إلى الإسلام تحت دواعي الغش والتدليس والإكراه.]، موقع الكلمة، 26 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180213193830/http://www.alkalema.net:80/copt/copt33.htm |date=13 فبراير 2018}}</ref>
[[ملف:Egyptian Unity.jpg|يمين|320بك|تصغير|شبّان مصريون يرفعون شعارات ترفض الطائفية وتؤكد المساواة بين المسلمين والمسيحيين.]]
المنحى الثاني من مناحي التمييز على أسس دينية يتمثل بقضية بناء [[كنيسة|الكنائس]] في [[مصر]]؛ حيث لا يزال التشريع المعتمد هو [[الخط الهمايونى]] الصادر عن [[الدولة العثمانية]] عام [[1856]]، ومن ثم أضافت إلى وزارة الداخلية المصرية عام [[1934]] ما يعرف باسم "الشروط العشرة"،<ref>[https://www.alkalema.net/copt/copt21.htm الحالة الدينية للأقباط في مصر - بناء الكنائس]، موقع الكلمة، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170918073155/http://www.alkalema.net:80/copt/copt21.htm |date=18 سبتمبر 2017}}</ref> مرفقًا بموافقة أمنية، وهو ما جعل بناء الكنائس حسب رأي البعض شبه مستحيل؛<ref>[https://islamexplained.com/DNNArticleView/tabid/104/ArticleId/125/128.aspx الحريات الدينية في مصر - 128]، الإسلام: دراسة وتحليل، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171113005452/http://islamexplained.com/DNNArticleView/tabid/104/ArticleId/125/128.aspx |date=13 نوفمبر 2017}}</ref> في حين صرّح البعض أن بناء الكنائس بما فيها الشروط العشرة هو أسهل من بناء [[مسجد|المساجد]].<ref>[https://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325161& سليم العوا: شروط بناء الكنائس أسهل من بناء المساجد.. وعلى ولى الأمر منع زواج المسلمة من المسيحى مهما كان الثمن..والأصوات المنادية بتغيير المادة الثانية من الدستور "فقاقيع"]، اليوم السابع، 25 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20110825180822/http://www.youm7.com:80/News.asp?NewsID=325161& |date=25 أغسطس 2011}}</ref> يضاف إلى ذلك أن بناء الكنائس كان يحتاج حتى فترة قريبة إلى مرسوم من [[رئيس الجمهورية]] وكذلك ترميمها،<ref>انظر على سبيل المثال: [https://www.alkalema.net/copt/copt26.htm قرار جمهوري بتجديد دورة مياه في كنيسة]، موقع الكلمة، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170918073301/http://www.alkalema.net:80/copt/copt26.htm |date=18 سبتمبر 2017}}</ref> وقد نقلت هذه الصلاحية عام [[2005]] إلى المحافظين، غير أنه قد تم الحفاظ على الشروط العشرة والموافقة الأمنية قبلاً؛ ويقدّم الأقباط ملفات عديدة تتعلق بتعويق ترميم كنائس أو بناء كنائس جديدة؛<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_1037.htm بناء الكنائس]، تاريخ الأقباط، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170424063725/http://www.coptichistory.org:80/new_page_1037.htm |date=24 أبريل 2017}}</ref> يدور الجدل حديثًا في [[مصر]] حول الانتهاء من هذه القضية بوضع قانون موحد لبناء دور العبادة؛<ref>[https://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=60707&IssueID=674 خبراء: قانون موحد لدور العبادة هو الحل]، المصري اليوم، 24 أيار 2011.</ref> وقد نقلت أيضًا تصريحات عن عدد من الدعاة الإسلاميين من أمثال خالد الجندي وسواه، بأنه يجوز بناء الكنائس.<ref>[https://www.aljazeera.net/NR/exeres/A50ADBA5-D243-4FA7-8DAF-044452456DA0.htm داعية مصري يقر بناء الكنائس]، الجزيرة نت، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20110902134421/http://www.aljazeera.net:80/NR/exeres/A50ADBA5-D243-4FA7-8DAF-044452456DA0.htm |date=02 سبتمبر 2011}}</ref> يقول الأقباط أيضًا أن الدولة تميّز بينهم وبين المسلمين في كثير من مناحي الحياة اليومية، كتخفيض مدة الخدمة العسكرية ستة أشهر لمن يحفظ [[القرآن]] مقابل عدم وجود مثل هذا الامتياز للمسيحيين،<ref>[https://www.alkalema.net/copt/copt6.htm حق المواطنة - إشكاليات التمييز الطائفي في مصر]، موقع الكلمة، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170918075020/http://www.alkalema.net:80/copt/copt6.htm |date=18 سبتمبر 2017}}</ref> فضلاً عن عدم وجود أو وجود نسبة قليلة جدًا في المسيحيين يشغلون مناصب هامة، كضباط في الجيش أو عمادات في الجامعات، بل حتى أن الإذاعة المصرية تخصص 20% من برامجها للبرامج الدينية الإسلامية دون أن تلحظ أي نسبة للمسيحيين.<ref>[https://www.alkalema.net/copt/copt4.htm الفرز بين الأقباط والمسلمين في مصر]، موقع الكلمة، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170918074037/http://www.alkalema.net:80/copt/copt4.htm |date=18 سبتمبر 2017}}</ref> حتى في {{المقصود|مجلس الشعب|مجلس الشعب}}<ref>[[القمص بولس باسيلي]] أول كاهن في مجلس الشعب المصري</ref> المصري عن دورة [[2010]] يبلغ عدد النواب الأقباط سبعة نواب فقط أي 1.5% من مجموع المجلس، وبعد أن عيّن الرئيس السابق [[حسني مبارك]] عددًا من النواب الأقباط ضمن قائمة النواب المعينين حسب الدستور المصري فإن العدد ارتفع إلى أحد عشر نائبًا فقط أي 2% من مجموع المجلس.<ref>[https://copts-united.com/Arabic2011/Article.php?I=647&A=26196 في اول استطلاعات لمقاعد الاقباط في مجلس الشعب الجديد2010 يقوم به الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان ]، الأقباط المتحدون، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20121209081608/http://copts-united.com/Arabic2011/Article.php?I=647&A=26196 |date=09 ديسمبر 2012}}</ref> ومع ذلك فقد برز عدد من الأقباط في المجالات الاقتصادية والثقافية؛ فهناك تقارير تقول ان الأقباط يسيطرون على 40% من الاقتصاد المصري،<ref>[https://www.aljazeera.net/NR/exeres/AF9D7247-8E36-4CF0-861F-1502A22E1F97.htm ملف التمييز ضد الأقباط في مصر] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20111019192029/http://www.aljazeera.net:80/NR/exeres/AF9D7247-8E36-4CF0-861F-1502A22E1F97.htm |date=19 أكتوبر 2011}}</ref>؛ ويحتل ثلاثة من الأقباط رأس قائمة أغنى أغنياء مصر، <ref>[https://www.akhbarak.net/articles/169230- _10-03-2011_ مجلة_فوربس_الأمريكية_ مجلة فوربس الأمريكية: عائلة ساويرس أغنى أغنياء مصر]، مصرس، 10 مارس 2011</ref> وذلك حسب التصنيف السنوى الذي تصدره [[مجلة فوربس]].<ref>[https://www.forbes.com/wealth/billionaires/list?country=208&industry=-1&state= مجلة فوربس الأمريكية: عائلة ساويرس أغنى أغنياء مصر] (بالإنكليزية) {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20120120135212/http://www.forbes.com:80/wealth/billionaires/list?country=208&industry=-1&state= |date=20 يناير 2012}}</ref>
 
سوى ذلك فإن [[مصر]] تشهد اقتتالات طائفية بين مسلمين وأقباط كان منها مؤخرًا حوادث في [[أطفيح]] و[[إمبابة]] و[[نجع حمادي]]، فضلاً عن مظاهرات لمناصري [[سلفية|التيار السلفي]] في {{المقصود|قنا|قنا}} حول رفض تعيين محافظ مسيحي؛ هذه الحوادث غالبًا ما تنتهي بسقوط عدد من القتلى الأقباط الذين تعتبرهم الكنيسة شهداء.<ref>[https://www.alarabiya.net/articles/2011/01/03/132018.html الفتنة الطائفية في مصر، حرائق سياسية تتنكر تحت عباءة الدين]، العربية نت، 24 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161230222247/http://www.alarabiya.net:80/articles/2011/01/03/132018.html |date=30 ديسمبر 2016}}</ref><ref>[https://www.dw-world.de/dw/article/0,,15077929,00.html تجدد المواجهات الطائفية في مصر]، دويتشه فيله، 24 أيار 2011.</ref> أمام هذا التراجع في الدور العام للأقباط، يقول العديد من الباحثين، بإن حالة انكفاء نحو الكنيسة سادت الشارع القبطي بدلاً من الانفتاح على المجتمع، وهو ما مكّن الكنيسة من لعب دور في السياسة المصرية، كممثل سياسي للأقباط، بل يعيد البعض الدور السياسي [[شنودة الثالث|للبابا شنودة نفسه]].
سطر 129:
{{مفصلة|المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية}}
 
[[المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية]] يتألف من 102 عضو، هم مجموع [[أسقف|الأساقفة]] و[[مطران|المطارنة]] و[[رهبنة|رؤساء الأديرة]] داخل [[مصر]] وخارجها إضافة إلى الكنائس ذات الشركة معها ونواب البابا الذين بمرتبة [[أسقف]]، يجتمع دوريًا برئاسة [[بابا الإسكندرية|البابا]] نفسه، وتنظم الشرائع والقوانين الكنسيّة آلية عمله وصلاحياته، التي تشمل المصداقة على جميع الأمور الخطيرة في الكنيسة، والتشاور حول وضعها العام ومشاكلها، فضلاً عن كونه أعلى سلطة [[لاهوت]]ية وشتمل ولايته الإكليروس من [[قس]]س و[[رهبانية|رهبان]] وكذلك مؤمني الشعب، ويولج تفسير العقائد وتعليمها،<ref>انظر على سبيل المثال موافقة المجمع المقدس على الوثيقة مع [[الكنيسة الكاثوليكية]] التي أنهت الجدل الدائر حول طبيعة المسيح منذ [[مجمع خلقيدونية]]: [https://www.vatican.va/roman_curia/pontifical_councils/chrstuni/anc-orient-ch-docs/rc_pc_christuni_doc_20060130_report-iii-meeting_en.html الوثيقة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية المشرقية (بالإنجليزية)]، موقع الفاتيكان، 20 أيار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180626194554/http://www.vatican.va:80/roman_curia/pontifical_councils/chrstuni/anc-orient-ch-docs/rc_pc_christuni_doc_20060130_report-iii-meeting_en.html |date=26 يونيو 2018}}</ref> وإقرار التشريعات الكنسية المختلفة وتطويرها وفق حاجة الكنيسة، وكذلك الحال بالنسبة للطقوس الكنسية وطرق الاحتفال بها.<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_2601.htm ما هو المجمع المقدس]، تاريخ الأقباط، 20 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171117191026/http://www.coptichistory.org:80/new_page_2601.htm |date=17 نوفمبر 2017}}</ref>
 
يتبع للمجمع، تسع وعشرين لجنة تغطي جميع مناحي الحياة الكنسيّة، سواءً على الصعيد اللاهوتي أم على الصعيد الرعوي أم على الصعيد الاجتماعي العام، ويطلق على الأساقفة رؤساء اللجان، اسم الأساقفة العامون لعدم تواجدهم في [[أبرشية|أبرشيات مخصوصة]]. الكنيسة القبطية تعتبر من الكنائس الهرمية أي كسائر الكنائس المسيحية عدا [[بروتستانتية|البروتستانتية]] منها، وهيكلية الكنيسة تفرض تواجد كنائس يخدمها [[قس]] واحد أو أكثر، وتتبع كل مجموعة من الكنائس في منطقة جغرافية واحدة لسيادة [[أسقف]] يشكل مع قسسها وجانبًا من علمانييها مجلسًا لإدارة شؤون الأبرشية، ومن ثمّ تشكل المدن الكبرى أو اتحاد من مجموعة أبرشيات صغيرة [[مطرانية]] يرأسها [[مطران]] أو كبير أساقفة، يمارس مهام الأسقف في أبرشيته وله حق الاطلاع والإشراف على عمل الأبرشيات التابعة له، غير أن رئاسته أشبه ما تكون بالشرفيّة، وعمومًا تعتبر كل أبرشية مستقلة من الناحية المادية عن سائر الأبرشيات، ولها الحق بإدارة شؤونها وفق مصالحها، تحت الضوابط العامة التي يضعها المجمع المقدس وشرع الكنيسة، ويحقّ في حال مخالفة ذلك للمجمع عزل الأسقف بموافقة [[بابا الإسكندرية|البابا]] أو نقله من أبرشيته؛<ref>[https://oce.catholic.com/index.php?title=Eparchy الإيبارشية في الكنائس الأرثوذكسية المشرقية (بالإنجليزية)]، الموسوعة الكاثوليكية، 20 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150919152208/http://oce.catholic.com/index.php?title=Eparchy |date=19 سبتمبر 2015}}</ref> وعمومًا فإنه في كل ما يخصّ القضايا الخطيرة لا يجوز للأسقف أن يتفرد بالقرار دون العودة إلى المجمع المقدس. حسب المعتقدات المسيحية، فإن الأساقفة هم خلفاء [[التلاميذ الاثني عشر]] الذين نقلوا البشارة وساسوا الكنيسة، وبالتالي فإن واجباتهم تنطلق من ذات دعوة [[العهد الجديد]] لهم.<ref>[https://mb-soft.com/believe/taom/apossucc.htm الخلافة الرسولية]، موقع نؤمن، 20 أيار 2011 {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150927115423/http://mb-soft.com/believe/taom/apossucc.htm |date=27 سبتمبر 2015}}</ref>
سطر 143:
[[ملف:Coptic Christian Orthodox Monastery in Lower Egypt.jpg|يسار|200بك|تصغير|قلاّية (بيت الراهب) أثرية في أحد أديرة [[صعيد مصر]].]]
[[ملف:Menas.jpg|يمين|200بك|تصغير|[[أيقونة]] من [[الفن القبطي]] تعود [[القرن السادس|للقرن السادس]] تظهر [[يسوع]] والقديس ميناس.]]
الرهبنة المسيحية بشكل عام إنما بدأت وتمأسست في [[مصر]] أولاً، وبحسب البحاثة فقد ساهمت الرهبة في تكوين شخصية الكنيسة المصرية كما هي اليوم.<ref name="رهبنة">[https://www.coptcatholic.net/section.php?hash=aWQ9MzI2OQ== الرهبنة القبطية - عبقرية مصرية]، موقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي، 21 أيار 2011. {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}}</ref> وباتفاق الباحثين، فإن الرهبنة نشأت في [[مصر]] أواخر [[القرن الأول]] أو أوائل [[القرن الثاني]]؛ بحسب الوثائق التاريخية المتواجدة فإنه خلال عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس ([[138]] - [[161]]) قام فرونتونيوس بالانعزال في [[وادي النطرون]] مع سبعين رجلاً مسيحيًا للتزهد وقضاء الوقت في الصلاة والتأمل [[الله|بالله]]، وكذلك فحل {{المقصود|كالقديس بولا|بولا}} الملقب برئيس السوّاح، لأنه اعتزل الحياة العامة وساح في براري [[مصر]] زاهدًا في الحياة صارفًا الوقت في [[الصلاة]] والتأمل.<ref>[https://www.senksar.com/vb/showthread.php?t=68069 تاريخ نشأة الرهبنة القبطية]، موقع السنكسار القبطي، 21 أيار 2011.</ref> أما تأسيسها الفعلي، أي وضع نظام واضح وصريح لها يعود [[أنطونيوس الكبير|للقديس أنطونيوس]] الملقب "بالكبير" والملقب "كوكب البرية". ولد [[أنطونيوس|القديس أنطونيوس]] عام [[251]] لعائلة غنيّة، بيد أنه اعتزلها عام [[269]] منتقلاً إلى عيش الحياة البساطة،<ref>[https://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_332.html القديس أنطونيوس الكبير]، الأنبا تكلا، 21 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170912160359/http://st-takla.org:80/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_332.html |date=12 سبتمبر 2017}}</ref> ومن ثم كتب مجموعة من القوانين حول واجبات الراهب، إن كان بمواعيد الصلاة أو مواعيد العمل اليدوي كالزراعة أو التعليم وسواهما، ومن [[مصر]] انتقلت الرهبنة إلى سائر أصقاع العالم. المبادئ الثلاثة التي وضعها القديس أنطونيوس لا تزال في مختلف رهبانيات العالم ومنها القبطية إلى اليوم، وهي ثلاث: الفقر أو نذر حياة الفقر، والعفّة والطاعة.<ref>[https://www.coptichistory.org/new_page_335.htm طريق الرهبانية]، تاريخ الأقباط، 21 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171128105541/http://www.coptichistory.org:80/new_page_335.htm |date=28 نوفمبر 2017}}</ref> وعمومًا فإنه يوجد نوعين من الرهبنة، الرهبنة التشاركية حيث يقيم مجموعة من الرهبان في دير والرهبنة النسكية، حيث يتنسك الراهب منفردًا في {{المقصود|صومعة|صومعة}} لا يخرج منها في الحالة العامة، وقد توسعت مهام الرهبان في العصر الحالي لتشمل التعليم والتدريس، غير أنه لا يزال في الكنيسة القبطية على وجه الخصوص، الكثير من الرهبان المتنسكين والذين يطلق عليهم أيضًا اسم الرهبان المتوحدين. من آباء الرهبنة المصرية أيضًا [[باخوميوس|القديس باخوميوس]] والذي نقل منه القديس بندكت، بعد لقاءه إيّاه، نظام الرهبنة إلى [[أوروبا]].؛ ومن ثم تبعه [[شنودة رئيس المتوحدين|القديس شنودة رئيس المتوحدين]] الذي أعاد صياغة وتطوير نظام الرهبنة المصريّة، وحوى الدير الذي رأسه لأكثر من نصف قرن على 2200 راهب، وسمي "أبو القبط"، نظرًا لمكانته في الكنيسة القبطية. وكذلك يعتبر من آباء الرهبنة القبطية الأوائل ومؤسسيها، [[مارمينا]]، والذي تعتقد الكنيسة وتؤمن بأنه كان قادرًا على اجتراح العجائب ولذلك يلقب "[[مارمينا]] العجائبي". أما على صعيد الرهبنة النسائية، فقد برز ومنذ القرون الأولى، إذ إن الرهبنة ومنذ تأسيسها لم تكن حكرًا على الرجال، ومع تطورها، باتت أديرة الرجال منفصلة عن أديرة النساء، ولعلّ [[كاترينا الإسكندرانية|القديسة كاترين الإسكندرانية]] المبجلة في [[أرثوذكسية مشرقية|الكنائس الأرثوذكسية المشرقية]] و[[أرثوذكسية شرقية|الكنائس الأرثوذكسية الشرقية]] و[[الكنيسة الكاثوليكية]] على حد سواء، واحدة من أشهر الراهبات القبطيات، يذكر أيضًا [[القديسة دميانة]]، التي قتلت خلال [[اضطهاد المسيحيين|الاضطهادات الرومانية]] ولم تنكر إيمانها، و[[مريم القبطية]] وغيرهنّ.
 
دور الرهبنة موقعها في عالم اليوم، لا يزال قويًا في الكنيسة القبطية؛ يعود ذلك إلى عوامل عدّة منها كون [[بابا الإسكندرية]] ينتخب من صفوف الرهبان، ومنها أيضًا كون الرهبنة الذراع الذي يمدّ الكنيسة باحتياجاتها الرعويّة المختلفة إلى جانب الكهنوت؛ يبلغ عدد الرهبان الأقباط اليوم ألف وخمسمائة راهب،<ref name="واقع">[https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-006-His-Grace-Bishop-Makarios/005-Lematha-Yokbel-Shabab-3ala-El-Rahbana/Coptic-Youth-Monasticism-02-Movement.html الحركة الرهبانية بين الماضي والحاضر]، الأنبا تكلا، 26 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170905004714/http://st-takla.org:80/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-006-His-Grace-Bishop-Makarios/005-Lematha-Yokbel-Shabab-3ala-El-Rahbana/Coptic-Youth-Monasticism-02-Movement.html |date=05 سبتمبر 2017}}</ref> منقسمين إلى جميع أنواع الرهبنة، أي الرهبان المتوحدون والرهبان الديريون؛ كان العدد في السابق أكبر بكثير، فقد روى [[تقي الدين المقريزي]] أنه عند دخول [[عمرو بن العاص]] إلى [[مصر]] قابله فيها سبعون ألف راهب، فكتب لهم أمان؛<ref name="واقع"/> انخفاض عدد الرهبان يعود لأسباب عديدة منها [[اضطهاد المسيحيين|الاضطهادات]] التي لقيها المسيحيون وهدم الأديرة خلال بعض المراحل، إضافة إلى تطور الحياة العامة بينما ظلّت قوانين الأديرة دون إصلاحات جذرية؛ وعمومًا فإن الباباوات الأقباط سعوا للاهتمام بالرهبنة من جديد وإصلاح ما يمكن من أوضاعها دون المساس بجوهرها، وهو التوحّد مع الله، فكان عدد الرهبان الأقباط مائة وخمسين فقط في عهد [[كيرلس الرابع (بابا الإسكندرية)|كيرلس الرابع]] الملقب بالبابا الإصلاحي ومن ثم تتابع بالارتفاع خلال حبريتي [[كيرلس السادس]] و[[شنودة الثالث]] حتى وصل العدد إلى ما هو عليه الآن.<ref name="واقع"/>
سطر 155:
== الإيمان والمعتقدات ==
[[ملف:Interior of Archangel Michael's Coptic Orthodox Cathedral, Aswan (Egypt).JPG|يمين|250بك|تصغير|كاتدرائية {{المقصود|القديس ميخائيل|ميخائيل}} في [[أسوان]]، حيث يظهر صحن الكنيسة والمذبح والقبّة.]]
تعتبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من الكنائس المسيحية التقليدية، أي التي تقر [[الأسرار السبعة المقدسة|الأسرار السبعة]] و[[المجامع المسكونية الأربعة]] والتسلسل الهرمي في السلطات، والتقليد الكنسي المتوارث وكتابات [[آباء الكنيسة]]، وبالتالي هي تشابه في كثير من ذلك، سائر [[أرثوذكسية مشرقية|الكنائس الأرثوذكسية المشرقية]] وكذلك [[أرثوذكسية شرقية|الكنائس الأرثوذكسية الشرقية]] و[[الكنيسة الكاثوليكية]] والكنائس البروتستانتية الأسقفية. وتعتبر الكنيسة القبطية من الكنائس الثالوثية، أي التي قالت بوحدانية [[إله|الإله]]،<ref>يقول [[بولس|القديس بولس]]: "لنا إله واحد للجميع، وهو فوق الجميع وبالجميع وفي الجميع". (الرسالة إلى أفسس 6/4)؛ وهناك مراجع أخرى من [[العهد الجديد]] تدعم هذا القول، انظر رسالة يعقوب 19/2 و[[إنجيل مرقس]] 29/12.</ref> غير أنها ميّزت بين ثلاث "مظاهر" أو "أقانيم" له. هذه الأقانيم متساوية في الجوهر ولا يمكن أن تنفصم عن بعضها البعض، وهي [[الآب]] الضابط الكل وخالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى،<ref>هو [[قانون الإيمان]] الصادر عن [[مجمع نيقية]]، وقد شارك في صياغته [[أثناسيوس|القديس أثناسيوس]] [[بابا الإسكندرية]]، انظر [https://www.christusrex.org/www1/ofm/1god/simboli/niceno2.htm قانون إيمان مجمع نيقية]، الموسوعة العربية المسيحية، 25 أيار 2011. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180305030956/http://www.christusrex.org:80/www1/ofm/1god/simboli/niceno2.htm |date=5 مارس 2018}}</ref> و[[الروح القدس]] المنبثق من [[الآب]] ويشكل قوته الفاعلة في العالم، والموحي [[نبي|للأنبياء]] والمهلم [[آباء الكنيسة|للآباء]] ومقوي الكنيسة، و[[الابن]] الذي يدعى "كلمة الله" التي اتخذت جسمًا وتجسدت حبًا بالبشرية وفي سبيل خلاصها، ودعيت [[يسوع]] الذي صلب ومات وقام محققًا النبؤات السابقة لمجيئه، بعد أن ترك العديد من التعاليم والمواعظ. أما بالنسبة لطبيعة يسوع أو [[كرستولوجيا|الكرستولوجيا]] فإن الكنيسة القبطية تؤمن بطبيعتين إلهية وبشرية اتحدتا بشكل لا يقبل الانفصام مطلقًا في طبيعة واحدة، وعبارة "الطبيعة الواحدة" سببت رفض الكنيسة القبطية الاعتراف [[مجمع خلقيدونية]]، بيد أن العام [[1988]] شهد حلّ هذا الخلاف حلّ مع [[الكنيسة الكاثوليكية]] بالوصول إلى تعريف جديد لطبيعة [[يسوع]].{{للهامش|5}}
 
تؤمن الكنيسة القبطية [[الكتاب المقدس|بالكتاب المقدس]] وبأنه قد كتب بوحي [[الروح القدس]] وبناءً عليه وعلى تفاسير [[آباء الكنيسة]] له تبني إيمانها. كذلك تؤمن [[الأسرار السبعة المقدسة|بالأسرار السبعة المقدسة]] وهي [[معمودية|العماد]] للدخول في [[المسيحية]] ويتم وفق ما جاء في [[العهد القديم]] للذكر بعد أربعين يومًا وللأنثى بعد ثمانين يومًا من ميلادها، وذلك بتغطيس كامل الجسم في الماء كدليل على الموت والقيامة؛ و[[سر الميرون]] لتثبيت المؤمن وهو مستقى أيضًا من [[العهد القديم]] ويتم برشم الجسم بستة وثلاثين مرة بزيت الميرون المكون من سبعة عشر نوعًا من الطيوب، ويمنح هذا السر بعد العماد مباشرة. أما سر التوبة فيتم فرديًا، وهو مهم من أجل [[افخارستيا|التناول]] خلال [[القداس الإلهي]]، وتحبذ الكنيسة أن تعترف كل عائلة لدى كاهن واحد بحيث يصبح كمرشد روحي لها. وسر مسحة المرضى وسر [[زواج|الزواج]]، وتعتبر الكنيسة القبطية من أكثر الكنائس محافظة فيما يخصّ فسخ الزواج أو إبطاله إلا في [[زنى|حالة الزنى]] وبعض الحالات القهرية الأخرى، ولا يتم دون موافقة مجلس أساقفة المطرانية، ويحق أن يطلب الطلاق الزوج أو الزوجة، بيد أن هذه التضييق على الطلاق سبب بضع مشاكل للكنيسة،<ref>[http://www.google.com/url?sa=t&source=web&cd=2&ved=0CB8QFjAB&url=http://st-takla.org/Coptic-History/002-The-Coptic-Orthodox-Councils__Al-Magame3-Al-Mokadasa-index-02.html&rct=j&q=%20الكنيسة%20القبطية%20المجامع%20المسكونية%20الأربعة&ei=WkHdTbu5B4eXOryhxewO&usg=AFQjCNHt9LmC_VMqx1yd06YfcmBoQA_dcQ&cad=rja البابا شنودة متحدثًا عن الطلاق في الكنيسة القبطية]، شبكة القديس سيرافيم، 25 أيار 2011.</ref> فضلاً عن منع الزواج خلال فترات الصوم، والكنيسة القبطية ترفض [[تعدد الزوجات]]. و[[افخارستيا|سر القربان]] حيث يتحول الخبز والخمر إلى جسد [[يسوع]] ودمه في [[القداس الإلهي]] وأخيرًا سر الكهنوت. أما [[مجمع مسكوني|المجامع المسكونية]] التي تعترف بها الكنيسة القبطية، فهي [[مجمع نيقية]] و[[مجمع القسطنطينية]] و[[مجمع أفسس]] و[[مجمع أفسس الثاني]].<ref>[http://www.google.com/url?sa=t&source=web&cd=2&ved=0CB8QFjAB&url=http://st-takla.org/Coptic-History/002-The-Coptic-Orthodox-Councils__Al-Magame3-Al-Mokadasa-index-02.html&rct=j&q=%20الكنيسة%20القبطية%20المجامع%20المسكونية%20الأربعة&ei=WkHdTbu5B4eXOryhxewO&usg=AFQjCNHt9LmC_VMqx1yd06YfcmBoQA_dcQ&cad=rja الكنيسة القبطية المجامع المسكونية]، الأنبا تكلا، 25 أيار 2011.</ref>
سطر 169:
[[ملف:Coptic Bible.JPG|يمين|300بك|تصغير|نسخة لأحد الكتب الطقسية القبطية تظهر مديحًا [[يوحنا بن زبدي|للقديس يوحنا]]؛ وهي من محفوظات [[المتحف القبطي]] في [[القاهرة]].]]
=== نشأة الطقس القبطي وتطوره ===
عموم الطقوس المسيحية إنما نشأت أولاً في [[القدس]] والتي تدعى "أم الكنائس"، ومنها تفرعت وانتقلت إلى [[مصر]] و[[بلاد الشام]] حيث نشأت العواصم اللاحقة للطقوس المسيحية وهي بنوع خاص {{المقصود|أنطاكية|أنطاكية}} و[[الرها]] في [[بلاد الشام]] و[[الإسكندرية]] في [[مصر]]؛ بيد أنّ الطقوس المسيحية عمومًا تأثرت ببعضها البعض ونمت بشكل متوازي، وبناءً عليه يمكن القول بتشابه عام في خطوطها العريضة. أما الوضع في الطقس القبطي فهو مختلف تمامًا، يعود ذلك بسبب حالة العزلة التي فرضت على كنيسة الإسكندرية في أعقاب [[مجمع خلقيدونية]] عام [[451]]،<ref name="سنة">[https://www.catholicchurch-eg.com/catholicchurch/print.php/2010/04/20/2-48.phtml السنة الطقسية القبطية - الجزء الثاني]، الكنيسة الكاثوليكية في مصر، 28 أيار 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171201043107/http://www.catholicchurch-eg.com/catholicchurch/print.php/2010/04/20/2-48.phtml |date=01 ديسمبر 2017}}</ref> ومن ثم [[الفتح العربي الإسلامي لمصر|الفتح الإسلامي]] الذي جعل البلاد معزولة عمّا يدور خارجها في [[روما]] أو [[القسطنطينية]]، مجمل القول أن الطقس القبطي قد تتطور تطورًا ذاتيًا وبعيدًا عن سائر الطقوس المسيحية، واستجلب من الواقع المصري مراحل تطوره؛ أبرز مراحل الإصلاح كانت في [[القرن الثاني عشر]] على يد البابا غابرئيل الثاني، ومن ثم في [[القرن الخامس عشر]] على يد البابا غابرئيل الخامس، ومنذ ذلك الوقت لم تحصل أي تطورات تذكر على الطقس القبطي أو حذف أو إضافة أي طقوس خاصة به،<ref name="سنة"/> وقد ضبط النصّ بشكل دائم في أعقاب طباعة الكتب الطقسيّة التي بدأت في [[القرن الثامن عشر]] تحديدًا في عام [[1736]] على يد الأنبا روفائيل الطوخي وذلك في [[روما]]، إذ لم يكن هناك مطابع في [[مصر]] بعد.<ref name="سنة"/> أحد أبرز المعالم العريضة للطقس القبطي هو الطول من حيث المدة الزمنية يعود ذلك لاستحباب تكرار الصلوات والأدعية وكثرة الترانيم،<ref name="جمال">[https://www.coptcatholic.net/section.php?hash=aWQ9MTg0 جمال الطقس القبطي]، موقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكية، 28 أيار 2011. {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}}</ref> كذلك فإن من مميزات الطقس القبطي استخدام صيغة الجماعة خلال الصلوات لا صيغة الفرد،<ref name="جمال"/> فضلاً عن كثرة الحركات الطقسية ذات الرموز الخاصة،<ref name="جمال"/> إضافة إلى اعتماد الصلوات على جمل أو مقاطع معينة من [[الكتاب المقدس]] تدمج في صيغة الصلوات أو الأدعية، ويشير الباحثون إلى أن عددًا وافرًا من الطقوس {{المقصود|الفرعونية|فراعنة}} قد أدخلها آباء الكنيسة القبطية إلى الطقس القبطي بعد أن ارتدت معاني ورموز مسيحية، فالطقوس بشكل عام هي ابنة التقاليد والعادات السائدة في المجتمع.<ref name="جمال"/>
 
الطقوس القبطية تاريخيًا كانت تقام [[لغة قبطية|باللغة القبطية]] وإلى جانبها بعض المقاطع [[لغة يونانية|باللغة اليونانية]] التي كانت لغة ثقافة ذلك العصر، وبعد انتشار [[لغة عربية|العربية]] بين أقباط مصر، عُربت بعض أقسام الطقوس خصوصًا [[القداس الإلهي|القداس]] فأصبحت تتلى [[لغة قبطية|بالقبطية]] و[[لغة عربية|العربية]]، وفي بلاد الانتشار ترجمت الأسقفيات القبطية بعض المقاطع أيضًا إلى اللغات المتداولة في تلك البلاد، فأدخلت نصوص [[لغة إنجليزية|بالإنجليزية]] و[[لغة فرنسية|الفرنسية]] و[[لغة ألمانية|الألمانية]] وغيرها إلى الطقوس القبطية، إلى جانب [[لغة قبطية|القبطية]] و[[لغة عربية|العربية]].
سطر 177:
 
[[ملف:POPE kyrellos.JPG|يمين|230بك|تصغير|مُعلم الكنيسة الجامعة البابا [[كيرلس الأول]] يحمل "القداس الكيرلسي".]]
تحتفل الكنيسة القبطية، بالإضافة إلى أعياد القديسين، بأربعة عشر عيدًا مقسومة إلى سبعة أعياد كبرى تعتبر بطالة، منها [[عيد الميلاد]] الذي تحتفل به الكنيسة القبطية في [[7 يناير]] من كل عام و{{المقصود|عيد الفصح|عيد الفصح}} الذي يحتفل به في الأحد التالي لظهور أول بدر في [[فصل الربيع]] وذلك وفق حسابات خاصة تعرف باسم [[التقويم القبطي]]،<ref>[https://www.coptcatholic.net/section.php?hash=aWQ9NDUzMQ== علم الحساب الأبقطي لحساب السنة القبطية]، كنيسة الإسكندرية الكاثوليكية، 27 أيار 2011. {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}}</ref> و[[عيد الغطاس]]؛ أما من أعياد القديسين الهامة، فهناك عيد [[مار جرجس]] و[[مارمينا]] و[[دميانة|الشهيدة دميانة]] وسواهم.
 
=== القداس الإلهي ===
أما في خصوص [[القداس الإلهي]] فهناك بشكل رئيسي ثلاث نصوص للقدّاس في الكنيسة القبطية، أقدمها هو قدّاس [[كيرلس الأول|البابا كيرلس الأول]]؛ بحسب التقليد الكنسي فإن [[مرقص|القديس مرقس]] مؤسس الكنيسة هو من وضع نصوص هذا القدّاس [[لغة يونانية|باليونانية]] وتم تناقله شفهيًا بين الأساقفة والقسس حتى تم تدوينه أول الأمر في [[القرن الرابع]] وإرساله إلى [[أثيوبيا]] ليتمكن مسيحيوها من أداءه، وبعد ذلك قام البابا [[كيرلس الأول]] بتنقيحه وتعديله وإعادة ترتيبه وإضافة مجموعة من النصوص لإغناءه، وانطلاقًا من ذلك كان أصل التسمية. أما القدّاس الثاني فهو القداس المنسوب للقديس باسيل أسقف {{المقصود|قيصرية|قيصرية}} والثالث هو القدّاس المنسوب للقديس غريغوري النيقي أسقف [[القسطنطينية]]، ويعتبر القدّاس الباسيلي أكثر القدّاسات استعمالاً. بنية القدّاس القبطي تبدأ برتبة البخور، حيث يضع المحتفل بالقدّاس البخور في مبخرة وينفح الشعب والمذبح به بهدف التطهير،<ref name="قداس">[http://ehdenz.com/index.php?option=com_content&view=article&id=399:القداس-القبطي-حسب-أباء-الكنيسة-(6)&catid=35:2011-01-06-11-06-03&Itemid=62 القداس القبطي حسب آباء الكنيسة]، أبرشية زغرتا المارونية، 4 حزيران 2011. {{وصلة مكسورة|تاريخ= مايو 2019 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20160305115019/http://ehdenz.com/index.php?catid=35:2011-01-06-11-06-03&id=399:القداس-القبطي-حسب-أباء-الكنيسة-(6)&itemid=62&option=com_content&view=article |date=5 مارس 2016}}</ref> ومن ثم هناك تسبحة الصباح أو المساء حسب موعد القداس، ولا تعتبر جزءًا منه بل أشبه بمقدمة لتهيئة المشاركين في أجواء الصلاة. يلي ذلك "القراءات" وهي مجموعة من المقاطع المختارة من [[العهد الجديد]] للكتاب المقدس وتناسب الزمن الطقسي أو المناسبة التي يحتفل بها، ويفصل بين كل قراءة وأخرى مجموعة من الألحان والتسابيح القبطية التي تقوم الجوقة بأدائها؛<ref name="قداس"/> تبدأ بقراءة من سفر [[أعمال الرسل]] ثم رسائل [[بولس|القديس بولس]] وأخيرًا [[رسائل الكاثوليكون]] الثمانية، مباشرة بعد القراءات يلقي المحتفل العظة، التي يشرح بها النصّ ويقدم معانيه، وبختام العظة يجب على غير المسيحيين أو غير [[معمودية|المعمدين]] مغادرة الكنيسة، في حين يظلّ من هو معمد داخلها، ويدعى هذا القسم "قسم الكلمة" وهو ذو صلوات متبدلة بحسب المناسبة المحتفل بها، ويليه "قسم [[أفخارستيا|قسم الإفخارستيا]]" ولا يشارك به سوى المعمدين في طقس [[أرثوذكسية مشرقية|الكنائس الأرثوذكسية المشرقية]] عمومًا.<ref name="قداس"/> "قسم الإفخارستيا" يبدأ بصلوات التوبة والغفران والطِلبات حيث يصلّي المحتفل من أجل الكنيسة والحكام المدنيين ومن ثم من أجل الجمع الحاضر، وفي ختامها يتبادل المشاركون "قبلة السلام"، وفي إثرها يقوم المحتفل برتبة "غسل الأيدي" حيث يغسل يديه، ليبدأ صلوات التقديس التي فيها يتم استدعاء [[الروح القدس]] ليحلّ على الخبز والخمر فيحولهما لجسد ودم [[يسوع]]، وهو أصل [[القداس الإلهي]] وجوهره، لتتم عملية المناولة أي توزيع القربان على المشاركين، في استذكار لما فعله [[يسوع]] مع [[التلاميذ الاثني عشر]] وطلب منهم تكراره لذكراه.
 
المناولة القبطية تاريخيًا تقام تحت شكليْ الخبز والخمر، وحديثًا وبسبب تزايد عدد المشاركين في القدّاسات يمكن تقديم المناولة تحت شكلٍ واحد فقط مع تقديس الشكلين، اختصارًا للوقت، خصوصًا في القدّاسات الاحتفالية حيث يشارك عدد كبير من المؤمنين وتشابه الكنيسة القبطية في ذلك [[الكنيسة الكاثوليكية]] التي كانت أول من أفتت بإمكانية المناولة تحت شكلٍ واحد. وتاريخيًا أيضًا، فإن [[القداس الإلهي]] يقام مرتين في الأسبوع فقط وذلك يومي [[السبت]] و{{المقصود|الأحد|الأحد}}،<ref name="قداس"/> ويقام في ليلاً نظرًا لأن [[يسوع]] عندما أقامه للمرة الأولى كان في الليل، وهو ما ثبته [[إكليمندس الإسكندري|القديس كلمينت الإسكندري]] في [[القرن الثاني]].<ref>[https://www.coptcatholic.net/section.php?hash=aWQ9NzcwMg== القداس القبطي حسب آباء الكنيسة - الجزء الثاني]، كنيسة الإسكندرية الكاثوليكية، 4 حزيران 2011. {{وصلة مكسورة|date= يوليو 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20130129102834/http://www.coptcatholic.net:80/section.php?hash=aWQ9NzcwMg%3D%3D |date=29 يناير 2013}} </ref> في سائر أيام الأسبوع يستعاض عن القدّاس برتبة الكلمة فقط، ويتم فيها قراءة وشرح نصوص من [[العهد القديم]] إلى جانب [[العهد الجديد]]، وتتم أيضًا صلوات وتسابيح خاصة حسب أيام الأسبوع والزمن الطقسي. فيما يخصّ نوعية الخبز المستعمل في [[القداس الإلهي|القداس]] القبطي فهو خبز فطير يضاف إليه الخمير ويكتسب ذلك رمزية خاصة في [[لاهوت|علم اللاهوت]]، إذ يشير الخمير إلى الخطيئة حسب موروثات [[العهد القديم]] فبإضافته إلى الخبز الفطير والمسمى "الحمل" الذي يرمز إلى [[يسوع]] ورفعه، إشارة إلى [[إنجيل يوحنا]] حيث يذكر بأن [[يسوع]] هو الحمل الذي رفع خطيئة العالم.<ref>[https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/07_KH/kh_41.html الخمير]، الأنبا تكلا، 4 حزيران 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171201131529/https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/07_KH/kh_41.html |date=01 ديسمبر 2017}}</ref>