أحمد بن طولون: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V3.3
سطر 122:
لما أدخل [[المعتصم العباسي]] [[الأتراك]] إلى عصب [[الدولة العباسية]]، وولاهم معظم المناصب الكبرى، آلت إليهم الولايات العباسية، وكان بايكباك التركي من أحد أبرز العناصر التركية والذي برز على المسرح السياسي على أثر الصراع الذي انتهى بِمقتل الخليفة المُستعين وتولية المُعتز. وكان هذا القائد التُركي في مُقدِّمة القادة التُرك الذين أداروا هذا الصراع، وقد تقاسموا الأعمال والنواحي فيما بينهم. فأقطع المُعتز بايكباك أعمال مصر ونواحيها،<ref name="المقريزي2">{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[المقريزي|المقريزي، أبو العبَّاس تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبد القادر الحُسيني العُبيدي]]|العنوان= [[المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار]]، الجُزء الثاني|الإصدار= الأولى|الصفحة= 120 - 121|السنة= [[1418هـ]]|الناشر= دار الكُتُب العلميَّة|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> ويبدو أنه خشي مُغادرة عاصمة الخِلافة حتَّى لا يتعرَّض للعزل، وآثر أن يبقى قريبًا من مركز السُلطة يُشارك في اتخاذ القرارات، وأناب عنهُ أحمد بن طولون في مصر، وقد فضَّلهُ على غيره لما عُرف عنه من حُسن السيرة وبِفعل قرابته له، فهو زوج أُمِّه. سار أحمد بن طولون إلى مصر بِرفقة أحمد بن مُحمَّد الواسطي، ودخلها يوم الأربعاء [[7 رمضان]] [[254هـ]]<ref name="البداية والنهاية لابن كثير 11/54">البداية والنهاية لابن كثير 11/54</ref> المُوافق فيه [[15 سبتمبر|15 أيلول (سپتمبر)]] [[868]]م. وكانت السياسة السائدة آنذاك أن يتولَّى السُلطة في مصر أكثر من شخصٍ حتَّى يُراقب بعضهم بعضًا. فكان عامل الخِراج أحمد بن مُحمَّد بن المُدبِّر، ذو السيرة السيِّئة في المُجتمع المصري بِفعل شدَّته وقسوته، وهو من دُهاة الناس وشياطين الكُتَّاب.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= البلوي المدني، أبو مُحمَّد عبدُ الله بن مُحمَّد بن عُمير|المؤلف2= تحقيق: [[محمد كرد علي|مُحمَّد كُرد عليّ]]|العنوان= سيرة أحمد بن طولون|الإصدار= الأولى|الصفحة= 43|السنة= [[1998]]|الناشر= مكتبة الثقافة الدينيَّة|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وكان شُقير الخادم على البريد، وهو غُلامُ قبيحة والدة المُعتز، يُراقبُ أعمال كبار المُوظفين وسُلوك النَّاس ويُعلمُ الخِلافة بذلك، وهو دائمًا يدسُّ بين هذه القوى المُتعددة، وكان بكَّار بن قُتيبة على القضاء، وعلى الإسكندريَّة إسحٰق بن دينار، وعلى برقة أحمد بن عيسى الصعيدي.<ref name="المقريزي2" /> وما أن استقرَّ أحمد بن طولون في الفسطاط حتَّى اصطدمت مصالحه مع هذه القوى، فساءت علاقته بابن المُدبِّر الذي حاول استقطابه بِعشرة آلاف دينار، فرفض ابن طولون الهديَّة وردَّها بِفعل أنه دخل مصر وهو مُفعم بِتطلُّعات سُلطويَّة تفوق كُلَّ حد. أدرك ابنُ المُدبِّر أنَّهُ أمام رجلٍ طموحٍ قد يُشكِّلُ خطرًا عليه، فراح يُحيكُ المُؤامرات للتخلُّص منه أو إبعاده عن مصر، فأرسل تقريرًا إلى دار الخِلافة أوضح فيه بأنَّ أحمد بن طولون رجلٌ لا يُؤتمنُ لا على ولاية مصر ولا حتَّى على طرفٍ من الأطراف واتهمهُ بأنَّهُ ينوي الاستقلال بِمصر.<ref name="المقريزي2" />
[[ملف:Fragmentation of the Abbasid Caliphate-ar.jpg|تصغير|يمين|250بك|خارطة الدولة العبَّاسيَّة عند تفكُكها إلى عدَّة دُويلات، ومن بينها الدولة الطولونيَّة.]]
تصدَّى أحمد بن طولون لِهذه المُؤامرة التي صاغها ضدَّه ابن المُدبِّر واستقطب بعض التُجَّار في مصر والعراق، فاستخدمهم لاستمالة أولي الأمر في بغداد عن طريق بذل المال،<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[ابن سعيد المغربي|ابن سعيد الغرناطي المغربي، نورُ الدين أبو الحسن عليّ بن موسى بن مُحمَّد بن عبد الملك]]|المؤلف2= تحقيق: زكي مُحمَّد حسن، و[[شوقي ضيف]]، وسيِّدة كاشف|العنوان= المُغرِّب في حُلى المغرب، الجُزء الأوَّل، القسم الخاص بِمصر|الإصدار= الأولى|الصفحة= 78|السنة= [[1953]]|الناشر= مطبعة جامعة فؤاد الأوَّل|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وقد نجح في هذا المضمار حيثُ مكَّنتهُ هذه السياسة من الاستمرار في حُكم مصر على الرُغم من كثرة الوُشاة والكُتب المُتلاحقة من ابن المُدبِّر وشُقير الحاجب، كما كانت دعمًا آخر له إضافةً إلى دعم بعض القادة التُرك المُهيمنين على مُقدرات الخِلافة مثل بايكباك ويارجوخ. واستمال أحمد بن طولون الوزير الحسن بن مُخلَّد عن طريق بذل المال أيضًا، فأرسل لهُ هذا الكُتب التي كان يبعثها ابن المُدبِّر وشُقير الحاجب ضدَّه.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[ابن الداية|ابن الداية، أبو جعفر أحمد بن يُوسُف]]|العنوان= سيرة أحمد بن طولون|الصفحة= 11|السنة= [[1894]]|الناشر= نشر فولرز|المكان= [[برلين]] - [[الإمبراطورية الألمانية|الإمبراطوريَّة الألمانيَّة]]}}</ref> وبهذا الأُسلوب السياسي كشف ابن طولون أعداءه واطلع على حقيقة موقفهم منه، لِذلك قرَّر التخلُّص منهم حتَّى تخلو له الساحة السياسيَّة، فاستدعى شُقير الحاجب واعتقله، ولم يستحمل الأخير هول الصدمة، فمات.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= البلوي المدني، أبو مُحمَّد عبدُ الله بن مُحمَّد بن عُمير|المؤلف2= تحقيق: [[محمد كرد علي|مُحمَّد كُرد عليّ]]|العنوان= سيرة أحمد بن طولون|الإصدار= الأولى|الصفحة= 58 - 59|السنة= [[1998]]|الناشر= مكتبة الثقافة الدينيَّة|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> التفت أحمد بن طولون بعد ذلك إلى التخلُّص من ابن المُدبِّر بِفعل خطره عليه ووُقوفه حجر عثرة في وجه مشروعاته الكُبرى في مصر، فكتب إلى الخليفة المُهتدي يطلب منه صرفه عن خراج مصر وتعيين مُحمَّد بن هلال مكانه، وهو أحد أصدقائه. ولمَّا كان بايكباك مُهيمنًا على دار الخِلافة، فقد وافق الخليفة على طلبه.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[ابن سعيد المغربي|ابن سعيد الغرناطي المغربي، نورُ الدين أبو الحسن عليّ بن موسى بن مُحمَّد بن عبد الملك]]|المؤلف2= تحقيق: زكي مُحمَّد حسن، و[[شوقي ضيف]]، وسيِّدة كاشف|العنوان= المُغرِّب في حُلى المغرب، الجُزء الأوَّل، القسم الخاص بِمصر|الإصدار= الأولى|الصفحة= 79|السنة= [[1953]]|الناشر= مطبعة جامعة فؤاد الأوَّل|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وساعدت الظُروف السياسيَّة، التي حدثت في بغداد، أحمد بن طولون في تثبيت أقدامه في مصر، فقد حدث أن قُتل بايكباك في سنة [[256هـ]] المُوافقة لِسنة [[870]]م وخلفه القائد التُركي يارجوخ وهو [[ختن]] ابن طولون، فكتب إليه: «تسلَّم من نفسك لِنفسك»،<ref name="البلوي المدني">{{مرجع كتاب|المؤلف1= البلوي المدني، أبو مُحمَّد عبدُ الله بن مُحمَّد بن عُمير|المؤلف2= تحقيق: [[محمد كرد علي|مُحمَّد كُرد عليّ]]|العنوان= سيرة أحمد بن طولون|الإصدار= الأولى|الصفحة= 46|السنة= [[1998]]|الناشر= مكتبة الثقافة الدينيَّة|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وهي إشارة واضحة لِتسليمه مصر كُلَّها، ولكنَّهُ استثنى الخراج الذي ظلَّ بِيد أحمد بن المُدبِّر، الذي أضحى محدود السُلطة في ظل هيمنة ابن طولون<ref name="التأسيس">{{مرجع كتاب|المؤلف1= طقُّوش، مُحمَّد سُهيل|العنوان= تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 49 - 50|السنة= [[1429هـ]] - [[2008]]م|الناشر= دار النفائس|الرقم المعياري= 9789953184562|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> والذي سار بِخُطىً ثابتة للسيطرة على الأُمور كُلها في مصر، فخرج على رأس قُوَّة عسكريَّة إلى الإسكندريَّة واستخلف طغلغ على الفسطاط وطخشي بن يلبرد على الشُرطة. وعندما وصل إليها في رمضان سنة [[257هـ]] المُوافق فيه حُزيران (يونيو) [[871]]م استقبلهُ عاملها إسحٰق بن دينار بالترحاب، فأقرَّهُ عليها، كما استلم برقة من أحمد بن عيسى الصعيدي، فعظُمت بِذلك منزلته وكثُر قلق ابن المُدبِّر وغمُّه. وبذلك بدأت مرحلة جديدة في تاريخ مصر.<ref name="البلوي المدني" /> توفي يارجوخ في سنة [[259هـ]] المُوافقة لِسنة [[873]]م<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[ابن الأثير|ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني]]|المؤلف2= تحقيق: أبو الفداء عبدُ الله القاضي|العنوان= [[الكامل في التاريخ]]، الجُزء السَّادس|الإصدار= الأولى|الصفحة= 313|السنة= [[1407هـ]] - [[1987]]م|الناشر= دار الكُتب العلميَّة|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وهو صاحب إقطاع مصر الذي كان أحمد بن طولون يحكُمه بالنيابة عنه ويدعو لهُ على منابره بعد الخليفة، فأقرَّهُ الخليفة المُعتمد واليًا عليها، وبذلك أضحى حاكم مصر الشرعي من قِبل الخِلافة مُباشرةً، وتُعدُّ هذه السنة سنة تأسيس الإمارة الطولونيَّة.<ref name="التأسيس" /> وفي سنة [[263هـ]] المُوافقة لِسنة [[877]]م، ورد كتاب المُعتمد إلى أحمد بن طولون يطلب منه إرسال خراج مصر، فردَّ عليه قائلًا: «لستُ أُطيقُ ذلك والخراجُ بِيد غيري»، فما كان من المُعتمد عندئذٍ إلَّا أن قلَّدهُ خراج مصر وولَّاهُ إمرة الثُغور الشَّاميَّة على أثر اضطراب أوضاعها. فأضحى بذلك سيِّد الديار المصريَّة كُلَّها والمُشرف العام على جميع أعمالها العسكريَّة والإداريَّة والقضائيَّة والماليَّة، وقام بِضرب الدينار الأحمدي رمزًا لِهذا الاستقلال.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= زيود، مُحمَّد أحمد|العنوان= العلاقات بين الشَّام ومصر في العهدين الطولوني والإخشيدي 254 - 358هـ|الإصدار= الأولى|الصفحة= 26|السنة= [[1409هـ]] - [[1989]]م|الناشر= دار حسَّان للطباعة والنشر|المكان= [[دمشق]] - [[سوريا]]}}</ref>، وبذلك تم إعلان [[الدولة الطولونية]]، وهي إحدى الدول المستقلة عن الدولة العباسية، وتمثِّل الدولة الطولونية أول تجربة حكم محلي تحكم فيه أسرة أو دولة حكمًا مستقلاًّ عن حكومة الخلافة العباسية المركزية<ref>[http://ar.grandegyptianmuseum.net/?p=4338 أصل الطولونيون وبداية تأسيس الدولة الطولونية - حواديت تاريخية |موقع تاريخ مصر] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170407233854/http://ar.grandegyptianmuseum.net/?p=4338 |date=7 أبريل 2017}}</ref>، حيث تعاقب عليها عدد من أفراد أسرة ابن طولون حتى تم إنهاء الدولة الطولونية على يد محمد بن سليمان الكاتب.
 
==أعماله==