استشراق: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
أهداف الاستشراق ودوافعه
وسمان: لفظ تباهي تحرير مرئي
الرجوع عن تعديل معلق واحد من 41.176.123.167 إلى نسخة 33592072 من JarBot.: سبب:نسخ حرفي
سطر 24:
 
ومنذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي أصبحت مدينتا لندن وباريس من المراكز الرئيسية في تدريس الاستشراق، ثمّ توسّع حتّى أصبحت أكثر البلدان الأوربية في الوقت الحاضر لديها معاهد خاصّة بتدريس الاستشراق بجميع أقسامه، وتخرّج في كلّ عام أعداداً كبيرة من الأساتذة، الذين يغذّون البحوث والدراسات في أوروبا في مجال الاستشراق.
 
== دوافع أو أهداف الاستشراق ==
لا يملك مصطلح الشّرق ولا مبدأ الغرب استقرارًا وجوديًّا؛ كلٌّ منهما صُنِع بمجهودٍ بشريٍّ، بعضه تأكيدًا وبعضه تعريفًا بالآخر. سهولة التّلاعب بهذه الخرافات وتنظيم الشّغف الجماعيّ لها، لم يكن جليًّا أبدًا بقدر ما هو في وقتنا هذا، حين أصبح تحريك الخوف والكره والاشمئزاز وطفرة الاعتزاز بالنّفس والغطرسة، شركاتٍ أو مشاريعَ واسعة النّطاق.
 
سيطرت فرنسا وبريطانيا على الشّرق والاستشراق منذ بداية القرن التّاسع عشر حتّى نهاية الحرب العالميّة الثّانية، ومنذ ذلك الحين استلمت أميركا تلك المُهمّة. فكرة الهويّة الأوروبّيّة بكونها الأعلى شأنًا بالمقارنة مع باقي الشّعوب والثّقافات اللّا-أوروبّيّة، هو ما جعل هذه الثّقافة مهيمنة في وخارج أوروبّا. إضافةً إلى ذلك، تهيمن الأفكار الأوروبّيّة حول الشّرق، وتخترعه، جاعلةً إيّاه مكانًا للرّومنسيّة، والمخلوقات الغريبة، والذّكريات والمناظر الطّبيعيّة المُلازمة، والخُبُرات الاستثنائيّة، مكرّرةً تفوّقها على الرّجعيّة الشّرقيّة، مُلغيةً احتمال وجود مفكّرٍ أكثر استقلاليّةً وشكًّا، وامتلاكه لوجهات نظرٍ مختلفةٍ حول الموضوع. يعطي إدوارد سعيد شاهدًا على هذا التّصريح، قائلًا: كتب صحفيٌّ فرنسيٌّ بتأسُّفٍ عن قلب المدينة التّجاريّ، المُتْلفة أحشاؤه، “تراءى في يومٍ ما أنّها تنتمي إلى… شرق Chateau-Brian وNerval”. كان محقًّا بشأن المكان، طبعًا، بقدر ما يمكن لأوروبّيٍّ أن يكون معنيًّا.
 
ليس الشّرق فقط مُجاورًا لأوروبّا؛ لكنّه أيضًا: أعظم وأغنى وأقدم استعماراتها، مصدر حضاراتها ولغاتها، منافسها الثّقافيّ، وواحدًا من أعمق صور الآخر وأكثرها ورودًا. زيادةً على ذلك، ساعد الشّرق على تحديد أوروبّا (أو الغرب) لتباينه عنها صورةً، وفكرةً، وشخصيّةً، وخبرةً، بذلك يكون الشّرق جزءً مُتمِّمًا من وللحضارة والثّقافة الأوروبّيّة المادّيّتين. أمّا الاستشراق فيصبح طريقة تقبُّل الغرب الأوروبّيّ للشّرق، مُرتكِزًا على اختباره الاستثنائيّ له، كما يعبّر عن ويقدّم هذا الجزء (أي الشّرق) ثقافيًّا وحتّى إيديولوجيًّا كأسلوب محادثةٍ، بوساطة مؤسّساتٍ داعمةٍ، مصطلحاتٍ، مِنحٍ، مَجازٍ، عقائدٍ، حتّى من خلال تبيين الدّواوينيّة أو البيروقراطيّة الاستعماريّة والأساليب الاستعماريّة الّتي استخدمتها أوروبّا. بالمقابل، التّفهّم الأميريكيّ للشّرق سيبدو أقلّ دسامةً إلى حدٍّ بعيدٍ، مع أنّ مغامرات اليابان، كوريا، والبلدان الهندو-صينيّة الحديثة يفترض أن تخلق الآن وعيًا شرقيًّا أكثر وقارًا وواقعيّةً.
 
علاوةً على ذلك، الانتشار الواسع للدّور السّياسيّ والاقتصاديّ الأميركيّ في الشّرق الأوسط يقوم بادّعاءات عظيمة حول فهم هذا الشّرق؛ فقد عَرّفَه من خلال قوّته السّياسيّة العظمى، اقتصاده النّفطيّ، انقسام قليلي العقل المحبّين للحرّيّة، إسرائيل الدّيمقراطيّة، وشرّ الدّيكتاتوريّين والإرهابيّين العرب؛ بذلك ضَؤُلَت فرص وجود رؤية واضحة عن الشّرق الأوسط حدّ الإحباط. من يعيش في الغرب منذ الخمسينات، بخاصّةٍ في الولايات المتّحدة، يكون قد شهد فترة اضطرابٍ استثنائيّةً في العلاقات بين الشّرق والغرب، ولاحظ كيف عنى الشّرق دائمًا الخطر والتّهديد خلال هذه الفترة. حياة العربيّ الفلسطينيّ في الغرب مثلًا، بخاصّة في أميركا، يثبِّط الهِمّة، إذ يؤيّد الجميع تقريبًا أنّه غير موجودٍ سياسيًّا، وإن سُمِح له بالوجود، يكون إمّا كأذًى وإزعاجًا وإمّا كشرقيٍّ. فالشّبكة العرقيّة، المُقولبات الثّقافيّة، الإمبراطوريّة السّياسيّة، والإديولوجيّة المُجرِّدة للإنسانيّة المكبِّلة للعرب بخاصّةٍ المُسْلِم، قويّةٌ جدًّا يشعر بها الفلسطينيّ كأنّها عقابه المصيريّ الفريد.
 
نتوصّل إلى القول، إنّ الاستشراق إدراك علم السّياسة الطّبيعيّة وتوزيعه على النّصوص الجماليّة، الدّراسيّة، الاقتصاديّة، الاجتماعيّة، وعلم فقه اللّغة؛ لا يهدف فقط إلى تفصيلٍ وتمييزٍ جغرافيٍّ قاعِديٍّ، إنّما له أيضًا سلسلة كاملة من المصالح الّتي تشكّل نوعًا من إرادة أو نيّة فهمٍ، في سبيل التّحكّم والتّلاعب، حتّى الدّمج بين الغرب وعالمٍ جليّ الاختلاف عنه. إذ هناك فرقٌ عميقٌ بين إرادة الفهم بغرض التّعايش وتوسُّع آفاق الإنسانيّة، وإرادة الهيمنة بغرض التّحكّم والسّيادة الخارجيّة. واحدة من الكوارث الفكريّة عبر التّاريخ أن تختار مجموعةٌ صغيرةٌ من موظّفين رسميّين أميريكيّين غير مُنتخَبين (كانوا يسمّون “صقر الدّجاج” لأنّهم لم يخدموا في الجيش) مُؤيِّدًا للاستعمار مشهورًا بنيّته الحَسَنة، ويستخدمونه ضدّ ديكتاتوريّة عالمٍ ثالثٍ مُدَمَّرٍ، على أسسٍ إيديولوجيّةٍ مُتمكّنةٍ لها علاقة بالهيمنة العالميّة، والتّحكّم الأمنيّ، وندرة الموارد. ثمّ يأتي المستشرقون، فيستعجلون ويبرّرون تلك الأفعال، خائنين بذلك دعوتهم كطلّاب عِلم.
 
نميّز الشّرق الألمانيّ، الّذي كان محصورًا تقريبًا بشرقٍ تعليميٍّ أو على الأقلّ كلاسيكيٍّ، اتُّخِذ موضوعًا للقصائد، للتّخيّلات، وحتّى للرّوايات، لكن لم يكن أبدًا فعليًّا واقعيًّا، كما كانت مصر وسورية فعليّتين لـِChateau-Brian, Nerval, Disraeli, Lamartine, Burton, Lane. مع ذلك ما كان مشتركًا بين الاستشراق الألمانيّ، والاستشراق الإنجليزيّ-الفرنسيّ، وفي وقتٍ لاحقٍ الاستشراق الأميريكيّ، هو نوعٌ من السّلطة الفكريّة على الشّرق ضمن الثّقافة الغربيّة. ما من شيءٍ غامضٍ أو طبيعيٍّ حول السّلطة؛ هي مُكوّنة، مَنشورة، مَنثورة، هي غرضيّة، مُقنعة، يتعذّر تمييزها فعليًّا عن بعض الأفكار الّتي تُبجِّلها كحقيقيّةٍ، وعن التّقاليد والملاحظات والأحكام الّتي تُشكِّلها، تَنقلها، وتُعيد إنتاجها، وكلّ هذه الصّفات للسّلطة تنطبق على الاستشراق.
 
تِبعًا لذلك، يشكّل الاستشراق، فوق كلّ شيء، حوارًا مُنتَجًا وموجودًا في تبادلٍ متفاوتٍ مع القوّة السّياسيّة (كما مع المنشآت الاستعماريّة أو الإمبراطوريّة)، القوّة العقليّة (كما مع العلوم الحاكمة مثل المقارنة اللّغويّة أو علم التّشريح، أو أيّ من العلوم السّياسيّة الحديثة)، القوّة الثّقافيّة (كما مع المعتقدات التّقليديّة وشرائع الذّوق، والنّصوص، والقيم)، والقوّة الأخلاقيّة (كما مع الأفكار عمّا يفعله الغرب “نحن” وما لا يمكن للشّرق “لهم” أن يفعله أو يفهمه كما يفعل الغرب “نحن”). يؤكّد إدوارد سعيد مصداقيّة فكرته بتحليله دراسة نايوم تشومسكي للصّلة الذّرائعيّة بين حرب فييتنام ونظريّة الدّراسة الموضوعيّة، موضحًا أنّ سبب تطبيقها، تغطية الأبحاث العسكريّة المُموَّلة من قبل الدّولة.
 
يبدو أنّ ما يعجز الزّعماء وخدّامهم المفكّرين عن فهمه، هو أنّه لا يمكن محو التّاريخ الشّرقيّ كلّيًّا كي يحفر عليه الغرب مستقبله، ويفرض أشكال عيشه، فيتبعها النّاس الأقلّ شأنًا. ومن الشّائع سماع المسؤولين في واشنطن وأماكن أخرى يتكلّمون عن تغيير خريطة الشّرق الأوسط، كأنّ المجتمعات القديمة والعدد الضّخم من النّاس يمكن خلطهم كالكثير من الفول السّوداني في إناءٍ.
 
== أقسام البحوث والتخصّصات ==
السطر 130 ⟵ 113:
 
{{تصنيف كومنز|Orientalism}}
{{شريط بوابات|فنون|أدب}}
[https://elmahatta.com/%D8%A5%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%82/ إدوارد سعيد “الاستشراق”]{{شريط بوابات|فنون|أدب}}
{{ضبط استنادي}}