مملكة كندة: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
طلا ملخص تعديل
طلا ملخص تعديل
سطر 1:
{{عن|مملكة كندة القديمة |استخدامات أخرى|كندة (توضيح)}}
[[ملف:Pergamon-Museum - Wandmalerei 3.jpg|350px|تصغير|يسار|<center>جزء من لوحة جدارية ممزقة تظهر رجلا في أقصى اليسار مقلداً بالتاج في القرن الأول/الثاني بعد الميلاد<center>]]
'''مملكة كِندّة''' أو ''' قرية ذات كهل ''' ([[خط المسند]]:[[ملف:Himjar kaf.PNG|13px]][[ملف:Himjar dal.PNG|13px]][[ملف:Himjar ta2.PNG|13px]]) ('' على الأقل '' [[200]]ق.م<ref>[http://www.aramcoexpats.com/articles/2002/11/3ci3ereliving-a-memory3ci3e-excerpts-of-chapter-1/ J. Sander,Aramco Expats ''Reliving a Memory is a work based on the 1950 diary of George Blakslee.'']</ref> - [[633]]م <ref name="abc1">Albert Jamme, inscription from Mahram Bilqis P.137</ref>)
هي مملكة عربية قديمة قامت في وسط الجزيرة العربية ملوكها من [[كندة (قبيلة)|قبيلة كندة]]، وانتزعت [[إقليم البحرين|البحرين]] من [[المناذرة]] في العصر الجاهلي.<ref>نفحة الملوكية في أحوال الأمة العربية الجاهلية, ص 84</ref> يعود ذكرها إلى القرن الثاني ق.م على أقل تقدير ولعبت دورا مفصليا عبر [[تاريخ العرب القديم]]. خلافا لباقي الممالك العربية الجنوبية القديمة، كان ملوك كندة أقرب إلى المشايخ ويتمتعون بهيبة شخصية بين القبائل أكثر من كونهم حكومة وسلطة مستقرة.<ref>^ History of Arabia – Kindah. Encyclopedia Britannica. Retrieved 11 February 2012</ref> كان نظام المملكة يقوم على اتحاد يجمع قبائل عديدة تترأسه أسر من كندة.<ref>محمد بيومي مهران '' تاريخ العرب القديم '' ط 1988 ص 604</ref>
 
كانوا وثنيين قبل الإسلام واكتشف عدد من [[خط المسند|النصوص المسندية]] بلغة سماها [[لسانيات|اللسانيون والمستشرقون]] "شبه سبئية" في عاصمتهم الأولى [[قرية الفاو|بقرية الفاو]]. وليس من الواضح ما إذا كانوا اعتنقوا [[اليهودية]]، إلا أنه من المؤكد أن جزءًا منهم كان في جيش الملك [[يوسف اسار يثار|يوسف ذو نواس]].<ref>Michael Lecker.''Judaism among Kinda and the Ridda of KindaJournal of the American Oriental Society
Vol. 115, No. 4 (Oct. - Dec., 1995), pp. 635-650</ref> وهناك دلائل أن الأقسام التي تواجدت شمال الجزيرة العربية كانوا مسيحيين.<ref name="abc2">Hikmat Kashouh.''The Arabic Versions of the Gospels: The Manuscripts and their Families'' p.170</ref> سقطت مملكتهم قبيل الإسلام بزمن غير بعيد وتفككت لعدة إمارات كان آخرها [[دومة الجندل]] وأميرها [[أكيدر بن عبد الملك]].
 
== التسمية ==
كِندة اسم من الأسماء الغامضة المعنى، وللإخباريين عدة روايات بشأنه. أشهرها أنهم سميو بذلك لإن جدهم الأكبر ثور "كنّد نعمة أباه،أباه"، أي كفر بها.<ref>محمد بن جرير الطبري، '' تفسير الطبري '' ج 24 ص 566 نقلا عن إبن السائب الكلبي</ref> ولم يوضح الإخباريين ماهية هذه النعمة التي كفر بها ثور هذا ليطلق الاسم على سلالته، خاصة أن "آل ثور" المذكورين في نصوص المسند تتحدث عن قسم منهم وهم الملوك في قرية الفاو وليس القبيلة كلها.<ref>المفصل ج 3 ص 355</ref> وقيل أن كِندة تعني أعلى قطعة في الجبل. <ref>[http://www.almaany.com/.php?language=arabic&lang_name=عربي&word=كندة قاموس المعاني، تاريخ الولوج 13 ديسمبر 2012]</ref> ويؤيد ذلك وصف [[بلينيوس الأكبر]] بأنهم كانوا يسكنون في عين الجبل.<ref>جواد علي ، ''المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام '' ج 2 ص 551</ref> في كل الأحوال، لا يمكن التأكد بصورة قطعية لأن الاسم قديم ولم تُكتشف مصادر أصلية بخط المسند توضح معناه.
 
== التاريخ ==
=== نبذة ===
[[ملف:Pergamon Museum - Stiftungsinschrift.jpg|250px|تصغير|يسار|<center>كتابة باللغة السبئية بخط المسند عُثر عليها في [[قرية الفاو]]<center>]]
معرفة الباحثين ضئيلة عن ''قرية كاهل'' أو [[قرية الفاو]] وحسب التنقيبات الأثرية، فإن تاريخ القرية يعود إلى القرن الرابع ق.م .<ref>A. R. Al-Ansary, Qaryat Al-Fau: A Portrait Of Pre-Islamic Civilisation In Saudi Arabia, 1982, University of Riyadh (Saudi Arabia), p. 146.</ref> عرفت القرية الفاو باسم قرية <nowiki>''كاهل''</nowiki> الذي كان أكبر آلهة كندة و[[مذحج]]،<ref>BM Report of Trustees 1981-84, pp.60-61, fig. 18</ref> وأقدموعثر النصوصعلى المشيرةأقدم نص مشير إليهم اكتشفت في [[مأرب]] في كتابة دونها ملك [[مملكة سبأ]] [[شاعر أوتر]] أواخر القرن الثاني ق.م، ويشيريشير فيها إلى معاركه لإخماد عدد من حركات التمرد شملت إحداها مكان أسماه "قرية ذات كاهل" وملكها [[ربيعة آل ثور]].<ref>Albert Jamme,''Inscriptions from Mahram Bilqis'' p.137</ref> تشير نصوص المسند إلى كندة ومذحج بعبارة ''أعراب سبأ''، وغالبا ما تذكر القبيلتان معاً.<ref>Albert Jamme. inscription from Mahram Bilqis p.164</ref> كان البدو السبئيين يعيشون في منازل ثابتة ولم يتنقلوا من منطقة لأخرى بحثاً عن الكلأ، والغالب أن صفة البداوة التصقت بهم بسبب مواقعهم الجافة والصحراوية وليس بسبب تبني نمط الحياة المعروف عن البدو في مناطق أخرى من شبه الجزيرة العربية.<ref>المفصل ج 4 ص 278</ref>
 
أقام "آل ثور" هؤلاء [[دولة مدينة|مملكة مدينة]] في قرية الفاو كانت جزءا من سياسة توسع [[مملكة سبأ|سبئية]] لحماية القوافل الخارجة من [[اليمن]] نحو [[العراق]] و[[فارس]].<ref>James Alan Montgomery.The Arabia and the Bible p.138</ref> عثر على عدة نصوص من سكان القرية أنفسهم، منها نقش على قبر ملك يدعى معاوية بن ربيعة، وآخر لشخص يدعى عجل بن هفعهمهفعم تخليدا لأخيه ربيب[[إلإيل (إله)|إيلربيبئيل]]). ولهذه النقوش أهمية لغوية للوقوف على مراحل تطور [[اللغة العربية،العربية]]، فهي إلى جانب [[نقش النمارة]] في [[جبل الدروز]]، تحوي خصائص لغوية مثيرة لاهتمام اللغويين والمهتمين بتاريخ [[لغةهذه عربية|اللغة العربية]].<ref>J. Wansbrough (1969). Review of A. F. L. Beeston 'Written Arabic: an approach to the basic structures' Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 32, pp 607</ref>.
 
جل معارف الباحثين عن كِندة نابع من كتب التراث العربية، والبسيط الذي اكتشف عنهم أظهر تاريخاً مغايرا لما هو مدون عند الإخباريين. ولعل مزيداً من التنقيبات الجدية سيساعد في فهم دورهم التاريخي بشكل أكثر وضوحا، إذ تعرض تاريخهم لتحزبات وميول الإخباريين ك[[ابن السائب الكلبي]] مثلًا، الذي أقحم قبيلته [[بنو كلب]] كثيراً وأظهرهم بمظهر صاحب الفضل في إتساع ملك كندة، وهو حال جل كتابات الإخباريين بعد الإسلام.<ref>جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج 3 ص 318</ref> الملاحظ أن كتابات الإخباريين لم تتطرق لتفاصيل كثيرة عن تاريخ كندة، وأكثر ملوكهم تفصيلا في كتاباتهم هو الملك [[آكل المرار|حجر بن عمرو الكندي]] المعروف بـ"آكل المرار". أي أن أقصى ماوصلت إليه ذاكرة الإخباريين لالم تتجاوز القرن السادس الميلادي.<ref>تاريخ ابن خلدون ج2 ص273</ref><ref>تاريخ أبي الفداء ج1 ص 74</ref> وبعضهم ذكر عدد من الملوك قبله دون تفاصيل كثيرة <ref>كتاب البلدان لليعقوبي ج1 ص 176</ref> الاكتشافات الحديثة أظهرت أنهم أقدم من ذلك، إلا أن ما يمكن استخلاصه عنهم من كتابات أهل الأخبار هو أن حكمهم كان متقطعاً، يعتمد على مدى قسوة ملوك كندة. فعادة قبائل البادية التمرد مع أول بادرة ضعف، ليطلبوا الدعم من الممالك المجاورة ولم يكونوا يجدون حرجاً في ذلك.<ref>Le Muséon,''Le Muséon: Revue d’Études Orientales'' 1953, 3-4, P.303</ref>
 
=== التحالف مع مملكة حمير ===
[[ملف:Pergamon-Museum - Bronzekopf.jpg|200px|تصغير|رأس من البرونز عثر عليه في خرائب الفاو يعود للقرن الأول ق.م]]
في أواخر القرن الثاني ق.م، نشبت الحروب القبلية واستعرتاستعرت الفوضى السياسية في [[مملكة سبأ]]، فظهرتوظهرت حركات تمرد واسعة في أرجاء المملكة وتقلص نفوذ المملكةنفوذها كثيراً حتى في تلك الفترة واقتصراقتصر على [[مأرب]] و[[صنعاء]]. ظهر الملك [[شاعر أوتر]]، وهو زعيم قبيلة [[حاشد]] في تلك الأيام، وشن حملات واسعة لإخماد حركات التمرد في [[حضرموت]] و[[ظفار]] و[[تهامة]] و[[منطقة نجران|نجران]].
 
فور انتهائه من نجران، توجه قائد القوات السبئيةقواته المدعو [[أبو كرب أحرس]] نحو قرية الفاو لقتال ملك كندة [[ربيعة آل ثور]]،ثور، ويذكر النص السبئي أن مملكة سبأ غنمت أموالا وخيولاً كثيرة.<ref>Le Museon, 1964, 3-4, P.473</ref> لم يذكر النص ماكان مصير الملك ربيعة آل ثور، ولكن اكتشف نص في مأرب دونه ربيعة هذا ورد فيه شكره للإله [[المقه|إيل مقه]] أن أعانه في حروبه ومعاركه، وتضمن دعائه سؤالًا بحماية ملك سبأ.<ref>Albert Jamme,''Inscription From Mahram Bilqis'' p.304</ref> كان نصا مقتضبا للغاية ولم يذكر فيه أي تفاصيل.
 
شنت كندة هجوماً على [[إيلي شرح يحضب]] زعيم [[بكيل]] في تلك الفترة، لمولم يوفقوا في هجومهم الذي كان بقرب منطقة تدعى ظلمة في [[محافظة إب]] حالياً. واكتشف نص لإيلي شرح هذا يشكر فيه الآلهة إيل مقه و[[تألب ريام]] على توفيقه في صد هجوم ملك كندي اسمه امرؤ القيس بن عوف وذلك في النصف الثاني من القرن الأول ق.م.<ref>Albert Jamme. Inscription from Mahram Bilqis p.319</ref>
 
تحالف الكنديون مع أحد المجموعات المتمردة على سبأ، وكان هؤلاء هم [[مملكة حمير|الحميريون]]الحميريين. خلال هذه الفترة، تظهر الآثار المكتشفة أن الكنديين استبدلوا الجمال بالخيول في معاركهم، وأكثروا من غزو صنعاء.<ref>Robin, Christian.'' Le royaume hujride, dit « royaume de Kinda , entre Himyar et Byzance'' Comptes-rendus des séances de l'Académie des Inscriptions et Belles-Lettres (1996) pp.665-666</ref> في العام [[275]]، شن الحميريون غارتهم القاضية على سبأ واستطاع [[شمر يهرعش]] من إسقاط المملكة السبئية نهائيانهائيا، ولكن بقيت [[مملكة حضرموت]].
 
في البداية، قاد شمر حملة بنفسه ضد ملك حضرموت المدعو رب شمس، وانتهت المعركة بالاستيلاء على [[شبوة]]. لم يكد ينتهي من حضرموت حتى وصلته أخبار عن تمرد في [[صعدة (محافظة)|صعدة]] من قبل من أسماهم الملك الحِميّري "دودان" [[خولان]].<ref>Glaser, Eduard,Die Abessinier in Arabien und Afrika (1895) p.63</ref> انشغل شمّر بخولان و[[سنحان]] ومن ثم [[بيشة]]، واستغل الحضارم انشغاله بالتمردات ليطردوا الحامية الحميرية من شبوة.

عثر على كتابتين تحكي معارك سقوط حضرموت بيد الحميريين، المعركة الأولى كانت بقيادة حِميّري يدعى سعد يتلف ذي جدنجدن، والذي كان قاد جمعًا من أعراب كندة ومذحج لإخماد التمرد. والمعركة الأخرى كانت بقيادة كندي اسمه [[ربيعة بن وائل]]، قاد ثلاثة آلاف وخمسمائة راكب على الجمال بالإضافة إلى ومائة وخمس وعشرين فارس، قتلت ثمان مائة وخمسين من المتمردين وغنمت ثلاثين فرسا وألفاًوألف ومئتي بعير، وفق الرقم المسجل في النص.<ref>Albert Jamme,''Inscription from Mahram Bilqis'' p.169-179-171</ref> ولم يرد عن تمرد على حمير بعدها.
 
=== المعارك مع المناذرة ===
[[ملف:Pergamon-Museum - Wandmalerei 2.jpg|تصغير|250px|<center>لوحة جدارية تظهر رجلاً محاطاً بفتاتين بعناقيد من عنب في [[قرية الفاو]] والرجل في الصورة يدعى "زكي" تعود للقرن الأول/الثاني للميلاد وليس من الواضح ماهو مركز "زكي" على وجه الدقة<center>]]
في مرحلة ما من القرن الميلادي الرابع ولكنها بلا شك بعد العام [[328]]، قام ملكغزا المناذرة [[بقيادة إمرؤ القيس بن عمرو]] بغزو نجد قادماقادمين من بادية العراق، وذكر امرؤ القيس في جملة القبائل التي أخضعها [[بنو أسد]] و[[نزار]] و[[معد]] ومذحج حتى وصل إلى نجران التي أسماها مدينة شمر، ويُعتقد أن المقصود هو [[شمر يهرعش]].<ref>Franz Altheim,''Geschichte der Hunnen'' Berlin, De Gruyter, 1959 p.127</ref> يتضح من [[نقش النمارة]] أنه انتصر على مذحج، وبالفعل فقد ورد نص حميري يشير إلى توجيه شمّر يهرعش لقوات من كندة ومذحج لغزو [[القطيف]] التي وصفها "بأرض الفرس"، و[[الإحساء]] و[[بني أسد]] واستطاعوا هزيمة المناذرة وردهم لأطراف العراق.<ref>Le Muséon: Revue d’Études Orientales 1967 3-4 pp.505-508</ref>
 
ورداكتشف نص آخر يعود للعام 428 ويشير إلى كندة وصدهم للمناذرة كذلك في موقع يقال له مأسل الجمح في [[الدوادمي]].<ref>Le Muséon: Revue d’Études Orientales 1953 3-4 p.303</ref> يحكي النص أن الملك الحِميّري [[أسعد الكامل]]، شن حملة على ذلك الموقع ومعه أقيال و''[[مقتوى]]'' من حضرموت ومأرب وكندة، وذكر جمعًا أسماهم صغار الناس من قبيلتين اسمهما سود وعله.<ref>Philby, H. St. John,''MOTOR TRACKS AND SABAEAN INSCRIPTIONS IN NAJD'' The Geographical Journal Vol. 116, No. 4/6 (Oct. - Dec., 1950), pp. 211-215</ref> انتهت المعركة باستسلام [[المناذرة]]،المناذرة، وعلى هذه النتيجة انتهى النقش فلم يذكر أن أسعد الكامل أكمل مسيره نحو العراق، وغيرغير أن [[محمد بن جرير الطبري|الطبري]] ذكر أنه استولى على [[الحيرة]].<ref>تاريخ الطبري ج 1 ص 612</ref>
 
=== سقوط حمير ===
في عام [[518]]، دون [[يوسف اسار يثار]]،اسأر، المعروف بذو نواس الحميري، كتابة يؤرخ فيها لحملات شنها على [[ظفار يريم]] و[[المخا]]، وذُكرت كندة إلى جانب مذحج من ضمن الأعراب الذين قاتلوا المسيحيين في نجران، وقتلوا 11,000 مسيحي حسب الرقم الذي سجله ذو نواس..<ref>Le Museon, 3-4, 1953, P.296</ref><ref>Vincent J O'Malley, C.M. (2001). Saints of Africa. Huntington, IN: Our Sunday Visitor Publishing. pp. p.142.</ref><ref>Le Muséon: Revue d’Études Orientales 1953 3-4 p.296</ref><ref>عبد الرحمن بن خلدون، المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذو الشأن الأكبر. ج 2 ص 477</ref> في العام 535، ورد نص يشير إلى رجلين من كندة اسمهما بشر بن حصن وأبو الجبر بن عمرو، شنا حملة على مكان اسمه تربة قرب [[الطائف]]، ودونت كتابة أخرى بخط المسند تذكر عدد القتلى والغنائم والأطفال الذين أخذوا مقابل الولاء.<ref>>A. G. Lundin, Yujnaya Arabia W VI Weke Palestyniski Sbornik 1961, PP. 73-84</ref>
 
واكتشف نص يعود للعام 542 عن شخص يدعى يزيد بن كبشة الكندي، قاتل [[أبرهة]] ومعه جمع من بكيل ومراد إلى جانب قبائل لم يعد لها ذكر اليوم، وورد في ذات النص أن أبرهة تصدى لسيد كندة وتوصل لهدنة عقب وصول أخبار عن تصدع هو الثالث وقبل الأخير أصاب [[سد مأرب]].<ref>Glaser, Zwei Inschriftten uber den Dammbruch von Marib, II, 1897, S. 421</ref> معظم هذه النقوش مدوّنة من حميريين، ولم يكن كاتبوها من ملوك كندة.
السطر 44 ⟵ 46:
=== القرن السادس ===
 
كانت هذه الفترة كانت آخر سنين مملكة الكنديين، حتى إن [[الإمبراطورية البيزنطية|البيزنطيين]] ذكروا أن الغساسنة ورثوا جزءاً من هيمننهم على القبائل العربية.<ref>Irfan Kawar Journal of the American Oriental Society Vol. 77, No. 2 (Apr. - Jun., 1957), p.371 Published by: American Oriental Society</ref> ويظهر أن علاقة كندة [[الغساسنة|بالغساسنة]] قد توثقت بشكل إيجابي خلال هذه الحقبة. ورد اسم كندة في كتابة بيزنطية متأخرة أيام الإمبراطور [[جستنيان الأول]] يشير إليهم و[[معد]]،ومعد، وأن عليهم ملكاً يدعى "كايسوس" (قيس).<ref>Gunnar Olinder,''The Kings of Kinda of the Family of Ākil Al-murār'' H. Ohlsson, 1927 p.114</ref> واختلف حول هوية قيس هذا، فرجح بعض المستشرقين أنه هو الشاعر الجاهلي المعروف [[إمرؤ القيس]] ولكن هذا غير مسنود بدليل، ولكن المؤكد أنه كان إما من أبناء أو أقارب [[الحارث بن عمرو الكندي]] أو "آريثاس" ([[يونانية]]: Αρέθας) كما ذكره البيزنطيون، والحارث هذا كان الجد الأول للشاعر الجاهلي.<ref>Gunnar Olinder,The Kings of Kinda of the Family of Ākil Al-murār H. Ohlsson, 1927 p.82</ref>
 
كان قيس مقرباً من البيزنطيين، ووصل إلى مرتبة عالية هي مرتبة ([[لاتينية]]:Vir gloriosus) ([[يونانية|وباليونانية]]:ἐνδοξότατος ''إندوكشاتتوس'') وهي أعلى طبقة أرستقراطية في [[مجلس الشيوخ الروماني]] وتعني "الرجل المجيد".<ref>Kazhdan, Alexander, ed. (1991). Oxford of Byzantium. Oxford University Press p.855</ref><ref>Irfan Shahîd,Byzantium and the Arabs in the Sixth Century, Volume 1 1995 p.201</ref> قسمت أجزاء من [[فلسطين]] بين كندة وغسان وبحسب المصادر البيزنطية، فإن انتقال قيس لفلسطين جعله يعين أخويه ملوكًا على ما سمي "بالعربية الصحراوية" هما يزيد وعمرو وذلك قرابة العام [[536]] ميلادية، غير أن هؤلاء أقدموا على غزو [[سوريا (ولاية رومانية)|ولاية سورية الرومانية]] بقوة مكونة من ألف وخمس مئة مقاتل، وتم التوصل لاتفاق بين زعيمي كندة ودوق الولاية يسمح لهم بالاستفادة من مياه الفرات، ولا يبدو أن غزوتهم تلك أثرت على علاقة قيس ببيزنطة.<ref>{{citebook|author=Greg Fisher|title=Arabs and Empires Before Islam|date=2015|page=239|publisher=Oxford University Press}}</ref>
على الرغم من أن هؤلاء العرب كانوا يسمون أنفسهم ملوكاً في ذلك الوقت، فإن البيزنطيين كان يسمونهم " فيلرخوش " ([[يونانية]]: φύλαρχος) وتعني شيخ أو عامل منطقة.<ref>E. Jeffreys, B. Croke, and R. Scott (eds.), Studies in John Malalas (Sydney: Australian Association for Byzantine Studies, 1990) (Byzantina Australiensia, p.252</ref> بدليل أن الإمبراطور جستنيان الأول أرسل مبعوثاً إلى شميفع أشوع، حاكم اليمن المسيحي وقتها، يطلب منه تعيين قيس المذكور آنفًا ملكًا على قبائل معد.<ref>Gunnar Olinder,The Kings of Kinda of the Family of Ākil Al-murār H. Ohlsson, 1927 p.117</ref>
الإمبراطور جستنيان الأول أرسل مبعوثاً إلى شميفع أشوع، حاكم اليمن المسيحي وقتها، يطلب منه تعيين قيس المذكور آنفًا ملكًا على قبائل معد.<ref>Gunnar Olinder,The Kings of Kinda of the Family of Ākil Al-murār H. Ohlsson, 1927 p.117</ref>
 
كان الحارث بن عمرو الكندي حليفًا لبيزنطة من عام [[502]] حتى سنة [[528]] واستطاع أن ينتزع [[الحيرة]] من ملوكها الأصليين. وتزوج [[المنذر بن امرئ القيس]] من هند ابنة الحارث، وهي والدة [[عمرو بن المنذر]] المعروف في كتب التراث العربية باسم عمرو بن هند، وبلقب و"<nowiki>''مُضَرِّط الحجارة"''</nowiki>. هند بنت الحارث هذه هي صاحبة [[دير هند الكبرى]]، وتركت الملكة نقشا رجح التوجه الذي ذهب إليه عدد كبير من الكتاب المسيحيين الشاميين أن بني كندة كانوا مسيحيين، أو القسم الذي كان موجوداً في شمال شبه الجزيرة العربية على الأقل . وقد دون النقش بعربية صريحة شابها شيء من اللغة السريانية، ولكن فيها ما يؤيد كتابات أهل الأخبار أن رجال كندة كانوا من نقل الخط النبطي المتأخر إلى مكة.<ref>تاريخ بن خلدون ج 2 ص 275</ref><ref>جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج 4 ص 465</ref> جاء في النص ما يلي:<ref name="abc2"/>:{{إقتباس خاص|بنت هذه البيعة ''' هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر الملكة بنت الأملاك ''' وأم الملك عمرو بن المنذر أمة المسيح وأم عبده وبنت عبيده في ملك ملك الأملاك خسرو أنوشروان في زمن مار أفراييم الأسقف فالإله الذي بنيت له هذا الدير يغفر خطيئتها ويترحم عليها وعلى ولدها ويقبل بها ويقومها على إقامة الحق ويكون معها ومع ولدها الدهر الداهر |px15|15px|نقش هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر الكندي في [[دير هند الكبرى]] بالحيرة}}
 
انتهز المنذر بن إمرؤ القيس تردي العلاقة بين والد زوجته والبيزنطيين ليقتله غدراً، ويوصل رسالة إلى القبائل العربية أن المناذرة قد استعادوا ملك الحيرة. خشي البيزنطة أن يعتبر العرب ذلك نصرا فارسياً عليهم على الرغم أن الكندي قطع علاقاته بهم نفس العام الذي أُغتيل فيه. ويُعتقد أن الفرس تخلوا عن المناذرة وركزوا على علاقتهم بالحارث، مما دفع المناذرة لاغتياله.<ref>Gunnar Olinder,The Kings of Kinda of the Family of Ākil Al-murār H. Ohlsson, 1927 p.22</ref>
السطر 57 ⟵ 58:
 
=== السقوط ===
نشبت الخلافات بين أبناء حجر بن الحارث، والد الشاعر امرؤ القيس الذي قُتل مسموماً، وهناك تكهنات أن [[الغساسنة]] كانوا وراء ذلك بسبب خوفهم أن "حندج" - اسم الشاعر الحقيقي في بعض الروايات - بلغ مبلغاً كبيراً عند الإمبراطور على حسابهم.<ref>Cyril Glassé,''The New Encyclopedia Of Islam'' p.308</ref> وبقي جزء من كندة لا ينتمي إلى البيت الملكي القديم، كان أشهرهم [[أكيدر بن عبد الملك]] صاحب [[دومة الجندل]].<ref>Irfan Shahîd,Byzantium and the Arabs in the Sixth Century, Volume 1 1995 p.153</ref> كان الغزو الفارسي على بيزنطة عام 620 مكلفاَ فلم تتعافي الإمبراطورية البيزنطية منه سريعاً حتى بعد استعادتها للشام من الفرس الذين سيطروا عليها عقب [[الحرب الساسانية-البيزنطية 602-628]]، ودخل الفرس بدورهم حرباً أهلية ولم تكد تتعافى القوتان حتى ظهرت [[الإسلام|قوة جديدة]] لم يخطر على بال أي منهم أنها قد تشكل تهديداً عليهم.<ref>Treadgold, Warren (2002). The Oxford History of Byzantium. New York: Oxford UP. pp. p. 131.</ref>
 
أما العرب المرتبطين بهم فمنهم من قاتل لأجل دينه مثل أكيدر بن عبد الملك الكندي وربيعة بن الجودي الغساني ومن معهم من [[بنو كلب]] في [[معركة دومة الجندل]]، وكانت تلك المعركة نهاية ممالك كندة وماشابهها من الممالك لغسانوغسان ومنذر،ولخم، وبلا شك فإن كندة أطولهم عمراً، وأقدمهم وأكبرهم مساحة. فمنذ القرن الرابع الميلادي على الأقل إلى نهايات القرن السادس وكندة مسيطرة على نجد وأجزاء من الحجاز والمواضع الشرقية الجنوبية من شبه الجزيرة العربية.<ref>Sir H. A. R. Gibb.''The Encyclopaedia of Islam, Volume 10'' p.119</ref> وجاء في [[دائرة المعارف الإسلامية]] أن كندة بعد الإسلام لم تتغير طباعها وبقوا يلعبون دوراً مؤثرا وبارزا عبر التاريخ الإسلامي بشكل جلي وواضح.<ref>Sir H. A. R. Gibb.''The Encyclopaedia of Islam, Volume 10'' p.120</ref>
 
== قبائل كندة ==
{{مفصلة|كندة (قبيلة)}}
من الناحية التاريخية، تنقسم كندة لثلاث أقسام رئيسية هم بنو معاوية الأكرمين، والسكون والسكاسك. نصوص المسند لم تشر إلى أيهم بهذه الأسماء، ووصفت الملوك منهم بآل ثور.<ref>Albert Jamme, Inscription from Mahram Bilqis P.318</ref> النصوص المتوفرة حالياً لا تكفي لتكوين صورة متكاملة عن أسر كندة، فكتابات الإخباريين هي المصدر الوحيد لمعرفة أقسامها وقبائلها بكثير من التفصيل. كثيرقبل الإسلام، كان جزء من كندة قد دخل في حلف [[تنوخيون|تنوخ]].<ref>{{Cite journal|title=المجلة الأردنية للتاريخ والآثار|volume=1|year=2007|page=19}}</ref> انصهر كثير من كندة مع الشعوب في الأمصار عقب [[الفتوحات الإسلامية]]الإسلامية، ويتواجدونخصوصًا في بلاد الشام وشمال أفريقيا، وفي العصر الحديث يتواجدون في [[اليمن]] و<nowiki/>[[السعودية|المملكة العربية السعودية]] و[[الإمارات العربية المتحدة]] و[[سلطنة عمان]] والعراقو<nowiki/>[[العراق]] والأردنو[[عربستان]].<ref>{{citebook|title=كشاف الألقاب|author=عبدالعزيز بن مساعد الياسين|date=2007|page=440|publisher=مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع}}</ref>
 
== العمارة والفن ==