كاترين الثانية: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
الرجوع عن تعديل معلق واحد من 51.253.33.231 إلى نسخة 32027758 من Exmak. |
ط بوت التصانيف المعادلة (30.1) +تدقيق+ترتيب+تنظيف (14.9): + تصنيف:أشخاص من حرب الخلافة البافارية |
||
سطر 14:
| الاسم الكامل = صوفي فردريك أغسطس ڤون آنهالت زربست دورنبرگ
| اسم العهد = العصر الكاتريني
| العائلة الملكية = آنهالت <small>(رابطة الدم)</small><br
| الأب = كريستيان أغسطس أمير آنهالت زربست
| الأم = حنَّة أليصابت الهولشتاينيَّة
سطر 30:
| اسم الولادة = لا
}}
'''إمبراطورة وبغاطرة كُل الروس كاترين الثانية ألكسيڤنا بنت كريستيان أغسطس أمير آنهالت''' {{روس|Екатери́на II Алексе́евна Вели́кая}}، الشهيرة باسم '''كاترين الكبيرة''' أو '''كاترين العظيمة''' {{روس|Екатерина II Великая}}، هي إحدى أبرز وأهم وأكبر [[قائمة الحكام الروس|حُكَّام روسيا]] عبر التاريخ، وأعظم شخصيَّة حكمت البلاد الروسيَّة في [[التاريخ الحديث]]، ومن أطول النساء الحاكمات عهدًا، إذ امتدَّ عصرُها من سنة [[1762]]م حتَّى وفاتها سنة [[1796]]م عن عُمرٍ يُناهز 67 سنة، كما أنَّها من بين أشهر النساء الحاكمات عبر التاريخ ومن أعظمهنَّ شأنًا وتأثيرًا. وُلدت في مدينة [[شتتين|
اعتمدت كاترين الثانية على طبقة النُبلاء في إدارة شؤون بلادها، ودانت لِبعضهم بِفضل وُصولها إلى سُدَّة العرش، ومن أبرز هؤلاء گريگوري أورلوڤ و[[جريجوري بوتيمكين|
أعادت كاترين الثانية تنظيم إدارة [[غوبرنيه|الغوبرنيهات (الولايات)]] في طول الإمبراطوريَّة وعرضها، وأمرت بِإنشاء [[قائمة مدن وقرى روسيا|الكثير من المُدن والبلدات]] الجديدة وتوطين الناس فيها. ولمَّا كانت من أشد المُعجبين بِ[[بطرس الأكبر|بُطرس الأكبر]]، فقد سارت على أثره وانتهجت نهجه في تحديث وتطوير الإمبراطوريَّة الروسيَّة على النسق الأوروپي الغربي، على أنَّ بعض جوانب الحياة استمرَّت مُختلفة أشد الاختلاف عن أوروپَّا، فالتجنيد العسكري وعجلة الاقتصاد استمرَّت تعتمدُ على [[قنانة|القنانة]]، وقد أفضت مُتطلِّبات الدولة الاقتصاديَّة المُتزايدة ومُتطلبات كبار المُلَّاك والإقطاعيين التي تنامت مع نُمو واتساع حُدود الإمبراطوريَّة وارتفاع عدد سُكَّانها إلى ارتفاع نسبة الاعتماد على الأقنان. كانت قضيَّة القنانة هذه وما رافقها من اضطهاداتٍ ومآسٍ السبب الرئيسي وراء قيام الكثير من الثورات ضدَّ حُكم كاترين الثانية، ومن تلك الثورات «ثورة پوگاچف» واسعة النطاق التي تمرَّد فيها آلاف الفلَّاحين و[[قوزاق|القوزاق]] على الإمبراطورة.
سطر 84:
{{ahnentafel bottom}}
[[ملف:Alten Stettin.jpg|تصغير|170بك|خارطة قديمة لِمدينة شتچین مسقط رأس كاترين الثانية.]]
وُلدت صوفي فردريك أغسطس ڤون آنهالت زربست يوم [[2 مايو|2 أيَّار (مايو)]] [[1729]]م المُوافق فيه [[21 أبريل|21 نيسان (أبريل)]] من ذات السنة وفق [[تقويم يولياني|التقويم اليولياني]]، في مدينة [[شتتين|
أبرز أقاربها من المُلوك والأباطرة والأُمراء الأوروپيين خالها الأصغر [[أدولف فريدريك|أدولف فردريك]] (1710 - 1771م) ملك السُويد، وخالها الأكبر كارل أغسطس (1706 - 1727م) الذي خُطبت له [[إليزابيث إمبراطورة روسيا|أليصابت]] بنت [[كاثرين الأولى|كاترين الأولى]] و[[بطرس الأكبر|بُطرس الأكبر]] إمبراطور روسيا، ولم يُقدَّر له أن يتزوَّجها إذ توفي في ليلة الزفاف. كما كان لها نسيبان تولَّيا عرش السُويد أيضًا، هُما: [[غوستاف الثالث|گوستاڤ الثالث]] (1746 - 1792م) و[[كارل الثالث عشر]] (1748 - 1818م).<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف=Cronholm, Neander N. |العنوان=A History of Sweden from the Earliest Times to the Present Day|المسار=https://archive.org/details/cu31924071200822|السنة=1902}} ch 37</ref>
سطر 90:
=== حياتها المُبكرة ===
[[ملف:Catherine II's child calligraphy exercises (1742).jpg|تصغير|170بك|كتابة فرنسيَّة خطَّتها كاترين الثانية بِيدها خِلال إحدى دُروس اللُغة التي تلقتها.]]
تلقَّت صوفي فردريك أغسطس تعليمها المُبكر في دارة أهلها. وكما كانت العائدة الرائجة عند النُبلاء الألمان آنذاك، فقد تتلمذت على يد مُربِّيات ومُربين فرنسيين أُحضروا لها خصيصًا من [[فرنسا]]، فتعلَّمت اللُغات [[لغة فرنسية|الفرنسيَّة]] و[[لغة إنجليزية|الإنگليزيَّة]] و[[لغة إيطالية|الإيطاليَّة]] إلى جانب لُغتها [[لغة ألمانية|الألمانيَّة]] الأُم، كما تعلَّمت أُصُول الرقص الصالوني الراقي، والعزف على الآلات الموسيقيَّة، وأُسس التاريخ، والجُغرافيا، والدين. عُرف عن الإمبراطورة المُستقبليَّة بأنها كانت جسورة في طفولتها، وأحبت إظهار قُوَّتها أمام الصبيان أبناء جيلها، وكثيرًا ما شاركتهم اللعب في شوارع المدينة. على أنَّ أبويها لم يكونا سعيدان بِتصرُفات إبنتهما الصبيانيَّة، فعهدا إلى شقيقها الأكبر فردريك أن يتولَّى تأديبها ويُبعدها عن الأجواء التي تعيشها.
أمَّا صوفي نفسها فوصت طفولتها بأنها كانت هادئة لِلغاية، حتَّى أنها أشارت في إحدى رسائلها إلى صديقها البارون گريم قائلةً: «لا أرى في حياتي ما يستحق الاهتمام».<ref group="ْ">Sergeant, Philip W. The Courtships of Catherine the Great (Kessinger Publishing, 2004), 5.</ref> وعلى الرُغم من أُصولها النبيلة ومن مركزها الاجتماعي كأميرة، إلَّا أنَّ عائلتها لم تنعم بِالثراء الكبير، بل كانت أوضاعهم الاقتصاديَّة أقرب إلى أوضاع أُسرةٍ مُتوسطة الحال، وما كانت كاترين لِتصل إلى ما وصلته لاحقًا لولا علاقات والدتها وثيقة الصلة بِأفراد الأُسرة الحاكمة الأثرياء وأصحاب النُفوذ.<ref group="ْ">Streeter, Michael. Catherine the Great (Haus Publishing, 2007), 3.</ref><ref group="ْ">{{harvard citation no brackets|Massie|2011|pp=10–19}}</ref>
سطر 101:
سنة 1744م، وصلت عروس الإمبراطور العتيد مع والدتها إلى البلاط الإمبراطوري الروسي، وسُرعان ما اكتسبت محبَّة وتقدير الإمبراطورة وحاشيتها والنُبلاء وخطيبها وحتَّى [[روس|أفراد الشعب]]، لِما أظهرته من إجلالٍ واحترامٍ لِلعادات والتقاليد الروسيَّة، ولِلإمبراطورة نفسها، التي عيَّنت لها فور وُصولها أساتذة لِتعليمها [[لغة روسية|اللُغة الروسيَّة]]، و[[باليه|رقص الباليه]]، و[[تاريخ روسيا]]، وتعاليم [[أرثوذكسية شرقية|الأرثوذكسيَّة الشرقيَّة]]، والعادات والتقاليد والأعراف الرائجة في البلاد في سبيل تسريع تأقلُمها واندماجها في وطنها الجديد. ومن أبرز المُعلمين الذين تولّوا تدريسها: المُطران واللاهوتي الكبير شمعون تودورسكي الذي تولَّى مُهمَّة تدريسها التعاليم الأرثوذكسيَّة الشرقيَّة، وباسيل آدودوروف أُستاذ اللُغة والقواعد الروسيَّة. بلغ من درجة اهتمام الأميرة بِاللُغة الروسيَّة أنها كانت تستيقظُ ليلًا وتروح وتجيء حافية القدمين في غُرفتها وهي تُردد الدُروس التي تلقتها نهارًا، وعلى الرُغم من أنها أتقنت اللُغة في نهاية المطاف، إلَّا أنها احتفظت بِلكنةٍ ألمانيَّةٍ واضحة. كان من نتيجة هذه الخصلة أن أُصيبت صوفي [[ذات الرئة|بِذات الرئة]] في شهر آذار (مارس) سنة 1744م لِكثرة تعرُّض قديمها لِبُرودة الأرض، ولِشدَّة المرض الذي ألمَّ بها عرضت والدتها أن تُرسل في طلب قسٍ من بروسيا لِيقوم بِعلاجها، لكنَّ صوفي رفضت رفضًا قاطعًا وطالبت بأن يُعالجها المُطران شمعون تودورسكي، أي فضَّلت أن تُعالج على يد كاهنٍ أرثوذكسي عوض كاهنٍ لوثريّ، مما أكسبها شعبيَّةً أكبر في البلاط الروسي.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|الأخير= Massie|الأول= Robert K.|date= 2011|العنوان= Catherine the Great: Portrait of a Woman|المسار= https://books.google.com.lb/books?id=8ZbfVbQX9mIC&pg=PA55&lpg=PA55&dq=Simon+todorsky&source=bl&ots=XKs7qClsjE&sig=DtNAMUggiJ0tQ34k8R7xuSpOkWA&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwijw9Xtqb_OAhUEahoKHS8qCJgQ6AEIKzAE#v=onepage&q=Simon%20todorsky&f=false|الناشر= Random House Publishing Group|الصفحة= 55|الرقم المعياري= 9781588360441}}</ref> كتبت كاترين في [[مذكرات|مُذكراتها]] لاحقًا تقول أنَّها كانت قد عقدت العزم مُنذ أن وصلت إلى روسيا كي تُثبت نفسها أمام البلاط والحاشية والشعب أنها أهلٌ لِتضع التاج الإمبراطوري، مهما كلَّفها ذلك من ثمن.
في [[28 يونيو|28 حُزيران (يونيو)]] [[1744]]م تخلَّت الأميرة صوفي عن مذهبها اللوثريّ الپروتستانتيّ وتحوَّلت إلى المذهب الأرثوذكسي الشرقي، رُغم المُعارضة الشديدة التي أبداها والدها، الذي كان
[[ملف:Empress Catherine The Great circa 1845 (George Christoph Grooth).jpg|تصغير|الأرشدوقة كاترين ألكسيڤنا قُرابة فترة زواجها من بُطرس الثالث، بِريشة جورج كريستوف گروث.]]
استقرَّ الزوجان الجديدان في قصر «أورانينباوم» الواقع على [[خليج فنلندا]] غرب بطرسبرغ، فعُرف هذا القصر بـ«البلاط الصغير» طيلة سنواتٍ عدَّة. خِلال السنوات الأولى من الزواج، لم يُبدِ بُطرس أي اهتمامٍ بِزوجته، بل إنَّ العلاقة الزوجيَّة الطبيعيَّة بينهما كانت معدومة، وقد كتبت كاترين تذكر هذا في مُذكراتها، فقالت:
سطر 111:
{{نهاية مقولة}}
|}
تابعت كاترين خِلال هذه الفترة تثقيف نفسها بنفسها، فاطلعت على مُؤلَّفاتٍ عديدة في الفلسفة والتاريخ والقانون، وعلى كتابات [[فولتير|ڤولتير]] و[[مونتسكيو]] و[[تاسيتس]] و[[بيير بايل|بايل]] وغيرهم الكثيرين. وكانت تُرفِّه عن نفسها من خلال الصيد بِبنادق البارود والنِبال، و[[فروسية|رُكوب الخيل]]، والرقص، والمُشاركة في الحفلات التنكُريَّة. وكان من نتيجة انعدام العلاقة الزوجيَّة الطبيعيَّة بينها وبين الإمبراطور المُستقبلي أن اتخذت لِنفسها عدَّة عُشَّاق، وفي هذا المجال قال حاجبها الكونت أندراوس شوڤالوڤ لِكاتب السير الذاتيَّة الاسكتلندي جيمس بوسويل - الذي كان أحد أصدقائه المُقرَّبين - أنَّ سيِّدته كان لها علاقات غراميَّة مع كُلٍ من: الضابط سيرگاي صالتيكوڤ،<ref group="ْ">''Dangerous Liaisons.'' Liena Zagare, ''[[:en:The New York Sun|The New York Sun]]'', Arts & Letters, Pg. 15. August 18, 2005.</ref> والضابط گريگوري أورلوڤ (1734–1783م)،<ref group="ْ">June Head, Catherine: The Portrait of An Empress, Viking Press, New York, 1935, pp.312–13.</ref><ref group="ْ">Malecka, Anna " Did Orlov buy the Orlov ?", Gems and Jewellery, July 2014, vol. 23, no. 6, pp. 10–12.</ref> والأرستقراطي إسكندر ڤاسيلچيكوڤ،<ref group="ْ">[[:en:Simon Sebag Montefiore|Simon Sebag Montefiore]] : ''Potemkin och Katarina den stora – en kejserlig förbindelse'' (Potemkin and Catherine the Great – an imperial commitment) (2006) (In Swedish)</ref><ref group="ْ">Kaus, Gina (trans June Head), ''Catherine: The Portrait of An Empress'', Viking Press, New York, 1935, pp.312–16.</ref> والقائد العسكري [[جريجوري بوتيمكين|
[[ملف:Paul I of Russia as child (Kostroma).jpg|تصغير|بولس الأوَّل ابن كاترين في صباه.]]
[[إجهاض|أجهضت]] كاترين حملها مرَّتين، أمَّا حملها الثالث فسار على ما يُرام، وفي [[20 سبتمبر|20 أيلول (سپتمبر)]] [[1754]]م أنجبت ابنها البكر [[بافل الأول|بولس]]، بعد ولادةٍ مُتعسرة. ولم تكد تمضي دقائق قصيرة على الولادة حتَّى أُخذ الطفل الوليد من أُمِّه بناءً على طلب الإمبراطورة كي يتربَّى في كنفها، فحُرمت منه والدته أغلب الوقت، ولم يكن يُسمح لها بِزيارته إلَّا لِفتراتٍ وجيزة بين الحين والآخر، لِلحفاظ على رابطتهما. ويُقال أنَّ المرَّة الأولى التي شاهدت فيها كاترين طفلها كانت بعد 40 يومٍ من ولادته. وفي سنة 1759م أنجبت كاترين ابنةً سمَّتها «حنَّة»، ولم تعش أكثر من أربعة شُهُور. خِلال هذه الفترة أخذت الألسن في القصر تتناقل أخبار المُغامرات العاطفيَّة لِكاترين مع عددٍ من الرجال السالف ذِكرهم، فاشتهرت بكونها [[زنا|زانية]]، وبنفس الوقت سرت إشاعة مفادها أنَّ والد بولس الصغير ليس وليّ العهد بُطرس، بل هو الضابط سيرگاي صالتيكوڤ (ولمَّحت كاترين نفسها إلى هذا الأمر في مُذكراتها)،<ref group="ْ">{{citation | الأخير = Farquhar | الأول = Michael| السنة = 2001 | العنوان = A Treasure of Royal Scandals | الصفحة = 88 | الناشر = Penguin Books | المكان = New York | ISBN = 978-0-7394-2025-6}}.</ref> وقال البعض أنَّ بُطرس كان عقيمًا، فيستحيل عليه أن يكون الأب. ساءت علاقة بُطرس وكاترين بشكلٍ ملحوظٍ خِلال هذه الفترة، خُصوصًا بعد أن بلغ مسامعه ما قيل عن زوجته بأنها زانية وأنَّهُ عقيم، فاقتنع بأنَّهُ ليس الأب الفعليّ لِلطفل، ولمَّا وصلته أنباء حملها بِالطفلة الجديدة قال: {{اقتباس مضمن|لَا أَحَدَ سِوَى [[الله في المسيحية|اللهُ]] يَعلَمُ كَيفَ حَمِلَت زَوجَتِي مُجَدَّدًا! هَل لِي أن أُؤمِنَ بِأَنَّ هَذَا الطِّفلَ هُوَ طِفلِي؟ أَم أُخَاطِر واعتَبِرهُ كَذَلِكَ وَقَلبِي غَيرُ مُطمئن؟}}.<ref>''[[:ru:Анри Труайя|Анри Труайя]].'' Екатерина Великая. — М.: [[:ru:Эксмо|Эксмо]], 2004. — (Серия «Русские биографии») — С. 127. — ISBN 5-699-01632-5</ref> ولم يمر الكثير من الوقت حتَّى دبَّت مُشاجرة كبيرة بين الزوجين بِسبب هذا الأمر، فدافعت كاترين عن نفسها بشراسة مؤكدةً بأنَّ كُل الأطفال الذين أنجبتهم ليس لهم سوى أبٍ واحدٍ هو بُطرس، فلم يُصدقها الأخير وقال لها: «إذهبي إلى سيّدُك إبليس». ومُنذ ذلك الحين أمضت كاترين أغلب وقتها في مخدعها بعيدًا عن زوجها وتقلُّباته المزاجيَّة.<ref group="ْ">Sergeant, Philip W. The Courtships of Catherine the Great (Kessinger Publishing, 2004), 62.</ref> ذكرت كاترين مشاعرها وموقفها الحازم خِلال هذه الفترة قُبيل تربُّع زوجها على العرش فقالت:
:كُنتُ أقول لِنفسي أنَّ الشُعور بِالسعادة والبُؤس يعتمد على أنفُسنا. لو كُنت تشعر بالحُزن، ترفَّع عن هذا الحُزن، وتصرَّف بِطريقةٍ تُصبحُ فيها سعادتك مُستقلَّة عن كُل المآسي والاحتمالات من حولك.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف=Barbara Evans Clements|العنوان=A History of Women in Russia: From Earliest Times to the Present|المسار=https://books.google.com/books?id=xa2yCC2apZAC&pg=PA71|السنة=2012|الناشر=Indiana University Press|الصفحة=71}}</ref>
[[ملف:Catherine03.jpg|تصغير|يمين|الأرشدوقة كاترين الثانية وهي تُمارس رياضتها المُفضَّلة: رُكوب الخيل.]]
تقرَّبت كاترين في هذه المُدَّة من السفير البريطاني في روسيا المدعو «وليامز»، فأصبحا صديقان حميمان، وتمكَّنت من خلاله من الحُصُول على عدَّة مبالغ كبيرة من المال على شكل قُروض بعد أن ضاق بها الحال جرَّاء علاقتها المُتأزمة مع زوجها، فاستحصل لها سنة 1750م على ما يزيد عن 50 ألف روبل مُقابل إيصالين؛<ref name=autogenerated8>''[[:ru:Казимир Валишевский|Казимир Валишевский]].'' Екатерина Великая (Роман императрицы). Кн. 1. Ч. 2. Гл. 1, I.</ref> وفي شهر تشرين الثاني (نوڤمبر) 1756م استحصل لها على 44,000 روبل أُخرى.<ref name=autogenerated10>''[[:ru:Покровский, Михаил Николаевич|Покровский М. Н.]]'' Русская история с древнейших времен. / При участии [[:ru:Никольский, Николай Михайлович|Н. Никольского]] и [[:ru:Сторожев, Василий Николаевич|В. Сторожева]]. Т. 4. — М., 1911. — С. 46.</ref> وفي مُقابل هذه المُساعدة، أعطت كاترين لِلبريطانيين عدَّة معلومات سريَّة عن البلاط الروسي وعن أحوال البلاد، شفاهةً ومن خِلال المُراسلات التي كانت تبعثها لِوليامز بين الحين والآخر تحت أسماءٍ مُستعارة مُختلفة.<ref name="autogenerated2">''[[:ru:Павленко, Николай Иванович|Павленко Н. И.]]'' Екатерина Великая. — М.: [[:ru:Молодая гвардия (издательство)|Молодая гвардия]], 2006. — С. 30. — ([[:ru:ЖЗЛ|ЖЗЛ]]) — ISBN 5-235-02808-2</ref> ومما يُؤكِّد هذا الأمر أنَّ وليامز نفسه ذكر لاحقًا في أواخر سنة 1756م، وتحديدًا بعد اندلاع [[حرب السنوات السبع]] بِفترةٍ قصيرة (التي دخلتها [[بريطانيا العظمى|بريطانيا]] إلى جانب [[بروسيا]] ضدَّ فرنسا وروسيا وحُلفائهما)، أنَّهُ تلقَّى معلوماتٍ من كاترين عن تعداد [[الجيش الإمبراطوري الروسي|الجيش الروسي]] المُشارك بِالحرب وخِطَّة الهُجُوم الروسيَّة، فسارع بِتوصيلها إلى [[لندن]] وإلى [[برلين]] كي يطلع عليها الملكان البروسي والبريطاني.<ref name=autogenerated10/><ref>''[[:ru:Бильбасов, Василий Алексеевич|Бильбасов В. А.]]'' История Екатерины Второй. Т. 1. — Берлин, 1900. — С. 495—497.</ref> تقرَّبت كاترين من خليفة وليامز المدعو «كيث» بعد أن انتهت فترة اعتماد الأوَّل وعاد إلى بريطانيا؛ فتابع كيث سياسة سلفه تجاه كاترين بأن أغدق عليها الأموال والهدايا مُقابل حُصوله على معلوماتٍ خاصَّةٍ بِأوضاع الإمبراطوريَّة الروسيَّة.<ref>''Бильбасов В. А.'' История Екатерины Второй. Т. 1. — Берлин, 1900. — С. 445.</ref> نتجة حُب كاترين لِلمال وصف المُؤرخون البريطانيُّون التحالف معها بالمُبذِر لِكثرة ما صُرف لها من المبالغ الطائلة، وأخذت بعض الأصوات في البلاط الملكي البريطاني تُطالب بِالتخلّي عنها.<ref name=autogenerated8/> ويبدو أنَّ كاترين كانت مُتيقنة لما يدور خلف الكواليس في بريطانيا، فأرسلت إلى وليامز خطابًا
== في عهد بُطرس الثالث وانقلاب تمُّوز (يوليو) 1762م ==
سطر 122:
[[ملف:Peter III by A.Antropov (circa 1762, Russian museum).jpg|تصغير|رسم بِريشة إسكندر أنتروپوڤ لِلإمبراطور بُطرس الثالث بِملابسه الملكيَّة الرسميَّة، 1762م.]]
تُوفيت الإمبراطورة أليصابت يوم [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[1762]]م المُوافق فيه [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[1761]]م حسب التقويم اليولياني، وبعد وفاتها بُويع بُطرس الهولشتايني من قِبل النُبلاء والأعيان ونُصب على العرش في ذات اليوم، لِيُعرف بِالإمبراطور بُطرس الثالث، وبِهذا أصبحت كاترين [[عقيلة ملك|إمبراطورةً عقيلة (زوجة إمبراطور)]]، وانتقلت مع زوجها من قصر أورانينباوم إلى [[قصر الشتاء]] في [[سانت بطرسبرغ|بطرسبرغ]]، مقر قياصرة وأباطرة روسيا مُنذ سنة 1732م. أخذ بُطرس في هذه الفترة يعيشُ علنًا في علاقةٍ غراميَّةٍ مع مُحظيته أليصابت ڤورونتسوڤا، وترك زوجته تعيش على هواها في الطرف الآخر من القصر، فاتخذت لنفسها هي الأُخرى عشيقًا هو گريگوري أورلوڤ. كان من نتيجة هذه العلاقة أن حملت كاترين سفاحًا، فأخفت حملها عن زوجها وعن مُعظم أفراد الحاشية إلَّا المُقربون جدًا منها، وقد استفادت من إهمال زوجها لها في هذه الفترة وتفاديه مُعاشرتها ورؤيتها، فابتعدت عنه بدورها وتفادته حتَّى انقضت فترة حملها. ولمَّا آن أوان ولادتها، قام أحد خُدَّامها المُخلصين، ويُدعى «ڤاسيلي شَكُورين» بِإضرام النار في بيته الواقع على أراضي القصر كما سائر بُيُوت الخدم، فخرج جميع أفراد الحاشية من القصر الرئيسي لِإخماد الحريق وخرج معهم الإمبراطور وخدمه لمُتابعة ما يجري، وفي تلك الأثناء وضعت كاترين طفلها بِسلام، لِيكون طفلها اللاشرعيّ الوحيد،<ref group="ْ">{{مرجع ويب |الأخير=Marek |الأول=Miroslav |المسار=http://genealogy.euweb.cz/ascania/ascan13.html |العنوان= Genealogy.euweb.cz |الناشر= Genealogy EU}}</ref> وأُطلق عليه اسم «إسكندر بوبرينسكي».<ref>«Дворянские роды» гр. А. Бобринского, см. т. II, стр. 507—8</ref>
[[ملف:Christ the Savior Cathedral Moscow.jpg|تصغير|أعلن بُطرس الثالث بُعيد تربُّعه على العرش عن نيَّته إجراء إصلاحاتٍ دينيَّةٍ وكنسيَّةٍ شاملةٍ في البلاد، مما كان سببًا
بعد تربُّعه على العرش بِبضعة شُهُور، انتهج بُطرس الثالث سياساتٍ غريبة الأطوار أثارت عليه حقد كِبار قادة الجيش. من تلك السياسات اتباع أساليب جديدة وديَّة في التعامل مع البروسيين نظرًا لِلإعجاب الكبير الذي كان يكنَّهُ
أضف إلى ذلك، أقدم بُطرس على عدَّة خُطوات كانت بِمثابة القشَّة التي قصمت ظهر البعير، فصادر مُمتلكات الكنيسة الروسيَّة، وألغى الامتيازات الاقطاعيَّة الممنوحة لِلأديرة، وأعلن لِبعض المُقربين منه نيَّته إجراء إصلاحاتٍ دينيَّةٍ شاملةٍ في طول البلاد وعرضها. عند هذه المرحلة، رأى أغلب النُبلاء والعسكريين ورجال الدين أنَّ بُطرسًا غير مُؤهَّل لِلحُكم، واتهموه بالجهالة والعته وكره روسيا والميل لِأعداء البلاد، ولمع أمامهم نجم زوجته كاترين البالغة من العُمر 33 سنة، فرأوها أكثر شخصٍ مُؤهَّلٍ لِلحُكم، إذ بانت عليها ملامح الذكاء والثقافة وسعة الحيلة وقُوَّة الشخصيَّة. أخذ الأعيان بِهذا يُعدُّون العدَّة لانقلابٍ يُطيحُ بِالإمبراطور وحاشيته المُقرَّبة، وصارحوا كاترين بِالأمر وبِرغبتهم تنصيبها على العرش بِمُجرَّد نجاح الخطَّة. ولمَّا كانت كاترين قد ضاقت ذرعًا بِزوجها وكرهته أشد الكُره وطمعت بِالسُلطة إلى حدٍ كبير فقد وافقت على المُشاركة بالانقلاب. وشرع داعموها وفي مُقدمتهم گريگوري أورلوڤ
[[ملف:Екатерина на балконе.jpg|تصغير|320بك|يمين|كاترين الثانية تطل من إحدى شُرفات قصر الشتاء بعد تمام الانقلاب على الإمبراطور بُطرس الثالث، حيثُ يُحييها الحرس والعساكر والشعب.]]
خِلال شهر تمُّوز (يوليو) 1762م، غادر بُطرس عاصمة مُلكه واصطحب معه أفراد حاشيته الهولشتاينيين في إجازةٍ إلى أورانينباوم وترك زوجته في بطرسبرغ، ولم يكن قد مضى على تولِّيه العرش غير شُهورٍ ستَّة. وفي ليلة 8 تمُّوز (يوليو) 1762م، المُوافق فيه 27 حُزيران (يونيو) 1762م من التقويم اليولياني، وصلت كاترين أنباءً مفادها أنَّ زوجها أمر باعتقال أحد القادة العسكريين المُتآمرين معها على خلعه، وأنَّ عليهم التحرُّك فورًا دون تردُّد لِتنفيذ خطَّتهم.<ref group="ْ">{{مرجع ويب|المسار=http://www.history.co.uk/biographies/catherine-the-great|العنوان=Catherine The Great |الناشر=HISTORY channel |التاريخ= |تاريخ الوصول=2015-03-11}}</ref> فغادرت القصر وتوجَّهت إلى ثكنة الحرس الإمبراطوري حيثُ خطبت بِالقادة والجُنود خطابًا
== جُلوسها على العرش ==
[[ملف:Catherine_II_by_Alexey_Antropov_(18th_c,_Tver_gallery).jpg|270بك|تصغير|يمين|كاترين الثانية وعلى يمينها التاج الإمبراطوري. بِريشة إسكندر أنتروپوڤ حوالي سنة 1765م.]]
[[ملف:Brockhaus and Efron Encyclopedic Dictionary b31 322-3.jpg|تصغير|حفل تتويج كاترين الثانية إمبراطورةً على عرش روسيا.]]
تُوِّجت كاترين على عرش الإمبراطوريَّة الروسيَّة بِصُورةٍ رسميَّةٍ يوم [[22 سبتمبر|22 أيلول (سپتمبر)]] 1762م المُوافق فيه [[3 أكتوبر|3 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] من ذات السنة وفق التقويم اليولياني، في مدينة [[موسكو]]،<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://mikv1.narod.ru/text/OpisKor_RS93t80n12.htm |العنوان=Описание коронации, миропомазания и причащения императрицы Екатерины II-й |الناشر=Русская старина, 1893. – Т. 80. – № 12. – С. 487–496. – В ст.: Труворов А. ''Коронация императрицы Екатерины Второй'' – Сетевая версия – М. Вознесенский |السنة=2006 |تاريخ الوصول=2015-03-11}}</ref> واتخذت لِنفسها لقب «كاترين الثانية». وبعد تتويجها، أصدرت بيانًا
أمرت كاترين بعد تربُّعها على العرش بِصناعة دُرَّة المُجوهرات الإمبراطوريَّة لِآل رومانوڤ، ألا وهو التاج الإمبراطوري الروسي الذي تناقله خُلفائها من بعدها وتُوجوا به جميعًا حتَّى عهد آخر الأباطرة الروس [[نيقولا الثاني|نِقولا الثاني]]، الذي كان آخر من تُوِّج به.<ref group="ْ">[http://www.crownminiatures.com/European%20Crowns/Russia/russia-imperialc.html The Imperial Crown of Russia (1763)], accessed 2007-06-18.</ref> صُمِّم التاج الجديد على يد الصائغ الفرنسي السويسري إرميَّا پوزيه {{فرن|Jérémie Pauzié}} مُستلهمًا شكله من تصاميم التيجان البيزنطيَّة، فجعله من نصفين شبه كُرويين يُمثلُ أحدهما [[الإمبراطورية الرومانية الغربية|الإمبراطورية الرومانيَّة الغربيَّة]] والآخر يُمثِّل [[الإمبراطورية البيزنطية|الإمبراطوريَّة الرومانيَّة الشرقيَّة (البيزنطيَّة)]]، يفصلُ بينهما إكليلٌ ورقيّ الشكل، وثبَّت الأقسام الثلاثة هذه بِواسطة طوقٍ سُفليّ. رُصِّع التاج بِخمسةٍ وسبعين [[لؤلؤ]]ة و4,936 ألماسةٍ هنديَّةٍ على شكل ورق الغار والسنديان، وهي من رُموز العظمة والسُلطة عند الرومان والإغريق القُدماء، وعلاه [[ياقوت]]ة زنتها 398.62 قيراط من مجموعة الإمبراطورة الخاصَّة، إلى جانب صليبٍ ألماسيّ. وقد استغرقت فترة العمل على هذا التاج شهران فقط، وبلغت زنته عند الانتهاء تمامًا منه 2.3 كيلوگرامات.<ref group="ْ">{{مرجع ويب|المسار=http://famousdiamonds.tripod.com/russiancrownjewels.html |العنوان=The Russian Crown Jewels |الناشر=Famousdiamonds.tripod.com |التاريخ= |تاريخ الوصول=2014-06-11 |وصلة مكسورة=yes |مسار الأرشيف=https://web.archive.org/web/20140627113746/http://famousdiamonds.tripod.com:80/russiancrownjewels.html |تاريخ الأرشيف=27 حُزيران (يونيو) 2014}}</ref>
سطر 174:
{{أيضا|ناكاز كاترين الثانية}}
[[ملف:Catherine 2 nakaz.JPG|تصغير|300بك|يمين|كاترين الثانية في طور كتابة وثيقتها المشهورة باسم «الناكاز».]]
يوم [[14 ديسمبر|14 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[1766]]م، أصدرت كاترين الثانية بيانًا
[[ملف:Матвей Марков. Екатерининская комиссия 1767 г..jpg|تصغير|اللجنة التشريعيَّة الروسيَّة في إحدى اجتماعاتها.]]
عقدت اللجنة التشريعيَّة أولى اجتماعاتها في قصر الوجاهة بِمدينة موسكو، ثُمَّ انتقلت إلى بُطرسبرغ. استمرَّت الاجتماعات والمُناقشات تتوالى طيلة سنة ونصف قبل أن يتم حل اللجنة وإقصائها بحُجَّة رغبة المندوبين إعلان الحرب على [[الدولة العثمانية|الدولة العُثمانيَّة]] ومُعارضة الإمبراطورة لِهذه الخطوة التي اعتبرتها ومُستشاريها غير ضروريَّة. يقول بعض المُؤرخين المُعاصرين، إلى جانب آخرين عاصروا عهد كاترين الثانية، أنَّ إنشاء اللجنة التشريعيَّة لم يكن سوى دعاية سياسيَّة ومُناورة بارعة من الإمبراطورة بِهدف تجميل صورتها أمام رعياها وأمام الغرب وإظهارها بِمظهر راعية المُواطنين وحُقوقهم ومُتطلباتهم الحياتيَّة والقانونيَّة.<ref>Павленко Н. И. Екатерина Великая. Москва, 2006, с. 129, 131</ref> قيل أيضًا أنَّ الاجتماعات الأولى لِلجنة لم يجرِ فيها أيُّ شيءٍ مُهم على صعيد الإمبراطوريَّة، بل خُصصت فقط لِتمجيد الإمبراطورة وشُكرها على دعوتها لِإنشاء اللجنة التشريعيَّة، كما خُصِّصت بعض الجلسات لاختيار لقبٍ لها فقط، فعُرضت ألقاب مثل: {{ط|الحكيمة}}، و{{ط|والدة بلاد الأجداد}}، إلخ، إلى أن تمَّ الاستقرار على لقبها الذي اشتهرت فيه بِالتاريخ، وهو «الكبيرة» أو «العظيمة».<ref>Труайя А. Екатерина Великая. Москва, 2007, с. 242</ref>
سطر 188:
شكَّل [[قوزاق|القوزاق]] في المناطق الواقعة على الضفة الغربيَّة من [[نهر الدانوب|نهر الطونة (الدانوب)]] في [[أوكرانيا]] المعروفة باسم «زاپوروجيا»، إمارة مُستقلَّة مُنذ القرن الخامس عشر، وحالفوا القيصريَّة في روسيا مُنذ سنة 1654م بعد إبرام مُعاهدة پيرياسلاڤ التي أصبحت بِموجبها أوكرانيا ولاية خاضعة لِروسيا. وفي عهد كاترين الثانية أخذ بعض كِبار القادة والساسة يرون ضرورة القضاء على الامتيازات التي منحها القياصرة الروس قديمًا لِلقوزاق في سبيل دمجهم دمجًا تامًا مع سائر السُكَّان في المنطقة، كما كان أُسلُوب حياة القوزاق كثيرًا ما يُدخلهم في مشاكل ونزاعات مع الحُكومة الروسيَّة بِسبب ميلهم نحو الحرب والقِتال. وكان هؤلاء القوزاق قد شرعوا قُبيل العهد الكاتريني بِتوطين الأقنان الروس والبولونيين الهاربين في أراضيهم بِزاپوروجيا تحسُبًا لِأي هُجومٍ روسيٍّ مُحتمل على بلادهم، فجعلوا منهم فلَّاحين أحرار مُقابل الحُصول على ولائهم الكامل واستعدادهم لِلقتال إلى جانبهم في حالة أي غزوةٍ روسيَّةٍ مُستقبليَّة، وقد أدَّى هذا الأمر إلى وُصُول عدد الفلَّاحين في زاپوروجيا سنة 1762م إلى 150,000 فلَّاح مُقابل 33,700 قوزاقي.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب |الأخير=Magocsi|الأول=Paul Robert|author-link=:en:Paul Robert Magocsi |date=2010 |العنوان=History of Ukraine - 2nd, Revised Edition: The Land and Its Peoples |المسار=https://books.google.com.lb/books?id=Z0mKRsElYNkC&redir_esc=y&hl=en |الناشر=University of Toronto Press |الرقم المعياري=978-1-4426-9879-6}}</ref> من الأساليب التي انتهجتها كاترين الثانية في حل المُشكلة القوزاقيَّة كان دمج كِبار القادة العسكريين منهم في طبقة النُبلاء الروسيَّة وإغراقهم بِالأموال والهدايا والامتيازات في سبيل الحُصُول على ولائهم الكامل، أمَّا القادة الأصغر فجُعلوا من طبقة الفلَّاحين، فما كان منهم إلَّا أن استمرّوا في إيواء الأقنان الهاربين من روسيا وبولونيا بمن فيهم أتباع الثائر على الإمبراطوريَّة [[إميليان بوغاتشيف|إميليان پوگاچيڤ]]، مما جعل عدد هؤلاء القادمين من [[هتمانات القوزاق|الهتمانيَّة]] وحدها يصل إلى 100,000 شخص، الأمر الذي أثار غضب الإمبراطورة على هذه الفئة من القوزاق التي أعلنت من خِلال حركتها هذه تحديها لِكاترين وشقها لِعصا الطاعة.
[[ملف:22. Kozak z golovoju tatarina.jpg|تصغير|يمين|«قوزاقي يحملُ رأس تتري».]]
من الأسباب التي دفعت الروس قبل العهد الكاتريني، وخِلال السنوات الأولى من هذا العهد، إلى تقبُّل نمط حياة القوزاق المُثير لِلمتاعب، هو العداء الكبير الذي كان قائمًا بين الإمبراطوريَّة الروسيَّة و[[الدولة العثمانية|الدولة العُثمانيَّة]]، وخوف الروس المُستمر من غارات وحملات العُثمانيين على السواحل الشماليَّة لِلبحر الأسود، ودعمهم المُستمر [[خانية القرم|لِخانيَّة القرم التتريَّة]] المُسلمة كي تصمد في وجه روسيا، فكان دور القوزاق في هذا المجال أشبه بِدور حرس الحُدود لِصد الهجمات العُثمانيَّة والتتريَّة. لكن لمَّا أُبرمت [[معاهدة كيتشوك كاينارجي|مُعاهدة كُچُك قينارجه]] بين الدولة العُثمانيَّة والإمبراطوريَّة الروسيَّة في سنة 1774م، والتي انتهت بِمُقتضاها [[الحرب الروسية التركية (1768-1774)|الحرب بين الدولتين]]،<ref group="ْ">{{مرجع كتاب |العنوان=Ord. Prof. Ömer Lütfi Barkan'a armağan |المؤلف=Ömer Lütfi Barkan |الناشر=Istanbul University |السنة=1985 |الصفحة=48 |اللغة=التركية}}</ref> وضُمَّت خانيَّة القرم بِمُوجبها إلى روسيا، لم يعد لِلروس حاجة في إقامة خُطوط دفاع جنوبيَّة لِلبلاد، فاستغنت الحُكومة عن خدمات القوزاق، وأمرت الإمبراطورة باستحداث حاكميَّة جديدة أُطلق عليها تسمية «روسيا الجديدة» تضم القرم وقسمًا من جنوب أوكرانيا بِمُحاذاة زاپوروجيا، وأخذ المُستوطنون يتوافدون عليها ويُشيدون المُستعمرات فيها، ومن أبرز تلك المُستعمرات مُستعمرة «صربيا الجديدة»، التي أسسها مُستوطنون صرب هاربون من تُخُوم [[ملكية هابسبورغ|مملكة هابسبورگ النمساويَّة]]. وكانت تلك المُستعمرة مُلاصقة لِزاپوروجيا القوزاقيَّة، ممَّا أدَّى إلى دُخول الصرب والقوزاق في نزاعاتٍ عنيفةٍ حول ملكيَّة الأراضي.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|الأخير=Subtelny|الأول=Orest|وصلة المؤلف=:en:Orest Subtelny|العنوان=Ukraine: A History|المسار=http://books.google.com/books?id=l5uiWHgRphQC|السنة=2000|الصفحات=187-188|الناشر=University of Toronto Press|الرقم المعياري=978-0-8020-8390-6}}</ref> بعد تفاقم النزاعات والاقتتالات بين المُستوطنين الجُدد والقوزاق، وبعد اقتناع الإمبراطورة بِعدم حاجة روسيا إلى هذه الفئة بعد الآن، اجتمعت كاترين الثانية بِمُستشاريها الذين أيَّدوا رأيها، وأصدروا بيانًا بِضرورة إنهاء استقلال القوزاق والقضاء عليهم، وذلك يوم [[7 مايو|7 أيَّار (مايو)]] [[1775]]م. بناءً على هذا، أُعطيت الأوامر إلى القائد بُطرس تيكلي لِلتقدُّم على رأس قُوَّةٍ عسكريَّةٍ لاحتلال الحصن الرئيسي (حصن السيچ) لِلقوزاق في زاپوروجيا وتسويته بِالأرض، وأُبقي هذا القرار
{{اقتباس خاص|لِيكُن معلومًا بِهذا البيان المُوجَّه لِإمبراطوريَّتنا ورعايانا المُخلصين أنَّ حصن السيچ الزاپوروجي قد دُمِّر وانتهى أمره، وأنَّ القوزاق الزاپوروجيين لم يعد لهم وُجودٌ أيضًا، وأنَّ أيُّ ذِكرٍ لِهؤلاء القوم لن يُعتبر أقل من إهانةٍ إلى سُدَّتنا المُلوكيَّة، بِسبب أفعالهم وعصيانهم وامتناعهم عن إطاعة أوامر جلالتنا الملكيَّة.<ref group="ْ">Magazine Museums of Ukraine [http://www.museum-ukraine.org.ua/index.php?go=News&file=print&id=1418 Manifesto of Catherine II on Destruction of Zaporozhian Sich] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20120209084917/http://www.museum-ukraine.org.ua/index.php?go=News&file=print&id=1418 |date=09 فبراير 2012}}</ref>}}
يوم 5 حُزيران (يونيو) 1775م، قسَّم بُطرس تيكلي قُوَّاته إلى خمسة كتائب وحاصر الحصن الرئيسي لِلقوازق بِالمُشاة والمدفعيَّة. ولم يكن القوزاق قادرين على صد الهُجوم الروسي بعد أن ضعُفت قُدراتهم القتاليَّة بسبب فترة السلام الطويلة
=== السياسة الاقتصاديَّة ===
سطر 200:
بِالإجمال، فإنَّ نسبة الصادرات الروسيَّة إلى الدُول الأوروپيَّة الغربيَّة ارتفعت بشكلٍ ملحوظ خِلال هذه الفترة، وتخصصت بعض تلك الدُول باستيراد كميَّات كبيرة من بضائع مُحددة، فقد استأثرت بريطانيا بِحصَّة الأسد من صادرات [[قماش|الأقمشة]] والأنسجة الروسيَّة، بينما تصدَّر [[حديد|الحديد الخام]] و[[حديد زهر|الحديد الزهر]] قائمة الصادرات الروسيَّة إلى بُلدانٍ أُخرى، كما ارتفعت نسبة الطلب على الحديد في الأسواق المحليَّة بشكلٍ كبير.<ref name="ev">Бердышев С. Н. Екатерина Великая. — М.: Мир книги, 2007. — 240 с.</ref> أضف إلى ذلك، لوحظ ارتفاعٌ واضحٌ في نسبة الصادرات من المواد الأوليَّة، ومنها: الأخشاب (تضاعفت 5 مرَّات)، و[[قنب|القنَّب]]، وشعر المواشي وأصوافها، وغير ذلك من المواد، إلى جانب [[حنطة|الحنطة]].<ref>Рожков Н. Русская история в сравнительно-историческом освещении (основы социальной динамики) Ленинград — Москва, 1928, т. 7, с. 41</ref> وبِحُلول سنة 1790م كان حجم الصادرات الروسيَّة قد بلغ 39.6 ملايين روبل، مُقارنةً بِحوالي 13.9 ملايين روبل سنة 1760م.<ref name=autogenerated17>Павленко Н. И. Екатерина Великая. Москва, 2006, с. 304—305</ref> كان العداء الروسي العُثماني إحدى أسباب إغلاق العُثمانيين لِمضيقيّ [[البوسفور]] و[[الدردنيل]] أمام الروس لِمنعهم من العُبور إلى [[البحر المتوسط|البحر المُتوسِّط]] وحرمانهم من مُمارسة الأعمال التجاريَّة فيه، أمَّا بعد إبرام الصُلح بين الدولتين، تمكَّنت روسيا من أن تنفذ إلى البحر سالِف الذِكر،<ref name="ev"/> على أنَّ عدد سُفنها فيه كان قليلًا جدًا بِالمُقارنة مع سُفنها في بِحار الشمال، فقد شكَّلت 7% فقط من إجمالي السُفن التجاريَّة الروسيَّة في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر؛ لكن بِالمُقابل شهد العهد الكاتريني ارتفاع عدد السُفن التجاريَّة الأجنبيَّة المُبحرة في المُتوسِّط تحت الراية الروسيَّة، أو المأجورة من قِبل المرافئ الروسيَّة، من 1340 سفينة إلى 2430 سفينة.<ref group="ْ">Russie a la fin du 19e siecle, sous dir. de M.Kowalevsky. Paris, 1900, pp. 687, 691</ref>
يقول المُؤرِّخ الاقتصادي الروسي نِقولا روسخوڤ أنَّ غالبيَّة الصادرات الروسيَّة في العهد الكاتريني كانت عبارة عن موادٍ أوليَّةٍ أو مُنتجاتٍ شبه جاهزة، أمَّا المُنتجات الصادرة الكاملة فكانت معدومة أو شبه معدومة، وأنَّ ما بين 80 و90% من المُنتجات الجاهزة في روسيا كانت في واقع الأمر مُستوردة من أوروپَّا الغربيَّة،<ref>Рожков Н. А. Русская история в сравнительно-историческом освещении (основы социальной динамики) Ленинград — Москва, 1928, т. 7, с. 41</ref> ممَّا يعني أنَّ كميَّة الواردات كانت تفوق كميَّة البضائع المُصنَّعة
[[ملف:Gerbv.png|تصغير|شِعار الجمعيَّة الاقتصاديَّة الحُرَّة التي أسستها كاترين الثانية في سبيل نشر ودعم الأفكار التجاريَّة الليبراليَّة.]]
يُلاحظُ أنَّ سياسة كاترين الثانية الاقتصاديَّة تحوَّلت
[[ملف:Russia 1771 Sestroretsk Rouble.jpg|تصغير|يمين|275بك|روبل نُحاسي صافٍ ضُرب في عهد كاترين الثانية (سنة 1771م) بِقطرٍ يبلغ {{حول|77|mm|in|frac=100}} وسماكةٍ تصلُ إلى {{حول|26|mm|in|frac=100}} وزنتة {{حول|1.022|kg|lb|abbr=on}}. لِيكون بِهذا أكبر وأثقل سكَّةٍ نُحاسيَّة صدرت عبر التاريخ.<ref group="ْ">{{Citation | العنوان = Catherine II. Novodel Sestroretsk Rouble 1771|الناشر =Heritage Auctions| المسار = http://coins.ha.com/itm/russia/russia-catherine-ii-novodel-sestroretsk-rouble-1771-romanov-eagle-with-date-on-breast-within-wreath-crown-over-value-in-two-line/a/410-14564.s?type=| تاريخ الوصول = 1 September 2015}}</ref>]]
ازدهرت الزراعة في العهد الكاتريني وارتفعت نسبة المُنتجات الزراعيَّة بشكلٍ ملحوظ، ومردُّ ذلك هو اكتساب الإمبراطوريَّة المزيد من الأراضي والبلاد ذات التُربة الخصبة والمُناخ المُعتدل
[[ملف:25 rublej 1769 goda..jpg|تصغير|عملة ورقيَّة روسيَّة من فئة 25 روبل صدرت سنة 1769م.]]
سنة 1768م أمرت كاترين بِإنشاء مصرفٍ خاصٍ بِالدولة مُهمَّتهُ إصدار نقدٍ ورقيٍّ لِلتداول به عوض النقد المعدنيّ. فافتُتح في السنة التالية (1769م) في بطرسبرغ وموسكو، ثُمَّ افتُتحت في السنوات التالية عدَّة فُروع لِهذا المصرف في البلدات والمُدن الرئيسيَّة عبر مُختلف أنحاء الإمبراطوريَّة. وقد أصدر المصرف أوراقًا ماليَّة بِقيمة 100 و75 و50 و25 روبل، كانت تُمنح لِلناس عند إيداعهم مبالغ مُماثلة بِالقطع النقديَّة النُحاسيَّة.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب |الأخير1=Cuhaj |الأول1=George S. |السنة=2010|العنوان=Paper Money General Issues 1368-1960|work= |volume= |issue= |الصفحة =1017 |الناشر=Krause Publications |doi= |المسار= http://books.google.com/books/about/Standard_Catalog_Of_World_Paper_Money_Ge.html?id=BuNA39dnuHsC |تاريخ الوصول=|الإصدار=13|الرقم المعياري=978-1-4402-1293-2}}</ref> أمَّا سبب اعتماد النقد الورقي في روسيا في ذلك الوقت فكان بِسبب صرف الحُكومة مبالغ طائلة على سلاح وعتاد الجيش الذي كان يخوض حربًا ضدَّ العُثمانيين، ممَّا أدَّى إلى حُصول نقصٍ في مخزون الدولة من الفضَّة.<ref>Чечулин Н. Д. Очерки по истории русских финансов в царствование Екатерины II. С-Петербург, 1906, с. 323, 373, 364, 87</ref> وقد أدَّى تناقص النُقود الفضيَّة ونُدرتها في الأسواق وكثرة النُقود النُحاسيَّة إلى صُعوبة دفع المبالغ الضخمة المُستحقة لِأصحابها وشراء البضائع، بِسبب صُعوبة جمع تلك المبالغ بما هو موجود من العُملات النحُاسيَّة، لِذا رأت الإمبراطورة أنَّهُ لا بُد من إصدار صُكوكٍ مُعيَّنة تُغطي قيمة المُعاملات الاقتصاديَّة الكبيرة. على أنَّ رأسمال المصرف سالِف الذكر لم يتجاوز مليون روبل نُحاسيَّة في فرعيه بِموسكو وبُطرسبرغ، ممَّا جعل قيمة الصُكوك الصادرة محصورة بِمليون روبل فقط.
سطر 210:
=== الفساد والمحسوبيَّات ===
حين تربَّعت كاترين الثانية على عرش روسيا، كان مبدأ رِشوة الموظفين العُموميين والسياسيين قد تجذَّر في نُفوس الناس، بحيثُ أصبحت مصالحهم الإداريَّة لا تنقضي إلَّا من خِلال هذا الأُسلوب، كما تجذَّر الفساد في نُفوس هؤلاء المُوظفين والساسة، وأصبح التلاعب بِالقوانين والالتفاف حولها وسيلة حياةٍ طبيعيَّةٍ بالنسبة لهم، وهو ما أشارت له كاترين في مُذكراتها. وبِتاريخ 18 تمُّوز (يوليو) 1762م، أي بعد ثلاثة أسابيع فقط من تربُّعها على العرش، أصدرت كاترين بيانًا أشارت فيه إلى استغلال بعض الموظفين والسياسيين لِمناصبهم في سبيل ابتزاز الناس وتحقيق مصالحهم الشخصيَّة، وأنَّها قد عقدت العزم على مُحاربة هذه الفئة واستئصالها من الإدارات الحُكوميَّة. يقُولُ المُؤرِّخ الروسي ڤاسيلي بيلباسوڤ أنَّ كاترين أقنعت نفسها لاحقًا بِغض البصر عن هذه القضيَّة لِأنَّ استئصال هذه المشاكل من جسم الحُكومة الروسيَّة لا يقتصر فقط على إصدار البيانات ووُجود نيَّة قويَّة بِالتغيير، بل لا بُد من إصلاحٍ شاملٍ لِكُل النظام السياسي في الإمبراطوريَّة، وهو أمرٌ لم يكن في نيَّتها فعله حينها ولا حتَّى لاحقًا، في سبيل تثبيت نُفوذها المُطلق في البلاد.<ref>Бильбасов В. А. История Екатерины Второй. Берлин, 1900, т 2, с. 208, 212</ref> من الأمثلة المعروفة عن الفساد السياسي والإداري في العهد الكاتريني: قيام الحاكم العسكري وعُضو مجلس الشُيُوخ إسكندر إيڤانوڤيچ اگليبوڤ بِمُصادرة أفضل أنواع النبيذ من أصحاب المخامر ومُزارعي الكُروم وإعادة بيعها إليهم عند ارتفاع الطلب عليها أو بعد مُرور فترة إضافيَّة عليها بحيثُ تكون قد تخمَّرت وارتفعت جودتها وأثمانها. أيضًا، كانت بعض كتائب الحرس القوزاقيَّة تفرض على التُجَّار خُوَّات مُعيَّنة لِقاء حمايتهم وأرزاقهم من اللُصوص، وكان الحرس القوزاقيُّون كثيرًا ما يعتدون على التُجَّار ويسلبونهم أموالهم بِالقُوَّة بِحال رفضوا دفع الخُوَّة المُستحقة عليهم، ووصل الأمر ببعضهم إلى سبي نساء وبنات بعض التُجَّار بدلًا من الانتظار لِلحُصول على مالهم.<ref>Павленко Н. И. Екатерина Великая. Москва, 2006, с. 82-86</ref>
[[ملف:Rostopchin Fyodor Vasilyevich.jpg|تصغير|الكونت تُيُودور راستوپشين الذي تحدَّث عن المفاسد والمحسوبيَّات في الحُكومة والإدارات الروسيَّة خِلال عهد كاترين الثانية.<br
تُشيرُ بعض المراجع إلى ضُلوع
يقول المُؤرِّخ نِقولا پاڤلنكو أنَّ كُل السرقات والرشاوى والاختلاسات التي تلقاها أو قام بها المُقربون من كاترين زعموا بِأنها كانت لِصالح الدولة أو لِخدمة الصالح العام وتحقيق منفعة مُحددة، إلَّا أنَّه من الواضح جدًا أنَّ هذا لم يكن صحيحًا، وأنَّ كُل تلك الفئة ما كانت لِتتردد أن تختلس أو تنهب خزينة الدولة وأموال الشعب الروسي طالما كان ذلك يُحقق مصلحةً لها.<ref>Павленко Н. И. Екатерина Великая. Москва, 2006, с. 355</ref> بعضُ مظاهر الفساد في العهد الكاتريني لم تكن قاصرة على الاختلاس ونهب الأموال العامَّة، بل تمثَّلت بالتبذير المُبالغ فيه، حتَّى وُصفت مصاريف عُشَّاقها والمُقربين منها بأنها أقرب إلى مصاريف المُؤسسات العامَّة وليس الأفراد،<ref>Казимир Валишевский. Екатерина Великая (Роман императрицы), кн.3, ч.2, гл.3, I</ref> وقد قدَّر بعض المُعاصرين لِعهد كاترين المصاريف الخاصَّة والأموال المدفوعة لِأحد عشر مُقربًا منها فقط بِحوالي 92 مليون و820 ألف روبل،<ref>Труайя А. Екатерина Великая. Москва, 2007, с. 409</ref><ref name=autogenerated19>Павленко Н. И. Екатерина Великая. Москва, 2006, с. 389</ref> أي أنَّها فاقت الميزانيَّة السنويَّة لِلإمبراطوريَّة بِعدَّة أضعاف، وقورن هذا المبلغ بِمجموع الدُيون الداخليَّة والخارجيَّة التي ترتبت على عاتق الإمبراطوريَّة في أواخر العهد الكاتريني. وصف نِقولا پاڤلنكو هذا الأمر بِأنَّ كاترين كانت «تشتري حُب وإخلاص المُقرَّبين منها»، وبأنَّ هذا الأمر كُلُّه كان عِبارة عن «لُعبةٍ غراميَّة» كلَّفت روسيا غاليًا.<ref>Павленко Н. И. Екатерина Великая. Москва, 2006, с. 389, 371</ref> أضف إلى ذلك، لم يقتصر الفساد والمحسوبيَّات على الماديَّات من المُكافآت، بل تخطاه إلى المعنويَّات منها، إذ ترفَّع الكثير من الضُبَّاط والقادة العسكريين في مراكزهم دون أن يكونوا أهلًا لِذلك، مما ترك صُورة وانطباعًا
[[ملف:Election of Stanisław August Poniatowski in 1764 (detail).PNG|تصغير|حفل انتخاب ستانيسواڤ أغسطس پونياتوڤسكي ملكًا على بولونيا سنة 1764م، بعد أن حصل على كامل الدعم من كاترين الثانية.]]
كانت كاترين شديدة البذخ والعطاء مع الأشخاص المُفضلين لديها، حتَّى قيل أنَّ كرمها معهم لم يكن يعرفُ حُدودًا، وقد امتدَّ بذخها هذا في بعض الأحيان إلى أشخاصٍ مُقربين من البلاط الروسي وإلى عائلاتهم وأقربائهم أيضًا، إلى جانب بعض الأرستقراطيين الأجانب. فعلى سبيل المِثال، يُعرف أنَّ الإمبراطورة هذه منحت حوالي 800 من الأقنان إلى المُقربين منها طيلة عهدها، وخصصت راتبًا
=== العلم والتعليم والطبابة ===
كانت كاترين تطمح بِتطبيق نُظم التعليم الأوروپيَّة الغربيَّة في روسيا، وأن تُحيط نفسها بِثُلَّةٍ من العُلماء والمُفكرين أصحاب الفكر التنويري الغربي،<ref group="ْ">Max, "If these walls....Smolny's Repreated Roles in History," Russian Life (2006) : 19–24.</ref> وآمنت أنَّ «فئةً جديدةً من البشر» ستنشأ بِحال تربَّى الأطفال الروس على المبادئ والقيم الأوروپيَّة وتلقوا تعليمًا
[[ملف:Wiki Moscow Orphanage, Moskvoretskaya Embankment.jpg|تصغير|يمين|الدار التأسيسيَّة المسكوبيَّة، أو ميتم موسكو.]]
عيَّنت كاترين «إيڤان بتسكوي» مُستشارًا لها في شؤون التعليم،<ref group="ْ">Isabel De Madariaga, "The Foundation of the Russian Educational System by Catherine II", Slavonic and East European Review (1979) : 369–395.</ref> وتمكَّنت من خِلال مُساعدته من تجميع الكثير من المعلومات المُتعلقة بِالمُؤسسات التعليميَّة في روسيا وخارجها. كما أسَّست جمعيَّة تتكوَّن من عدَّة عُلماء ومُربين روس وألمان في سبيل صياغة نظام تعليمي راقٍ لِأبناء الشعب الروسي، كما استشارت بعض رُوَّاد التعليم البريطانيين، ومن أبرزهم: الكاهن دانييل دومارسق والدكتور جون براون،<ref group="ْ">N. Hans, "Dumaresq, Brown and Some Early Educational Projects of Catherine II", Slavonic and East European Review (1961) : 229–235.</ref> ففي سنة 1764م أرسلت بِطلب دومارسق وعيَّنتهُ عُضوًا في الجمعيَّة سالفة الذِكر بِمُجرَّد وُصوله إلى روسيا. درست الجمعيَّة المُقترحات الإصلاحيَّة التعليميَّة التي قدَّمها المُفكِّر والمُصلح إيڤان شوڤالوڤ في زمن الإمبراطورة أليصابت ومن بعدها بُطرس الثالث، فأجرى أعضائها بعض التعديلات عليها ثُمَّ قدَّموا توصيتهم بإنشاء نظام تعليمي شامل لِجميع الروس المسيحيين الأرثوذكس اللذين تتراوح أعمارُهم بين 5 و18 سنة، باستثناء الأقنان منهم.<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation”, 374.</ref> لكن على الرُغم من عمل اللجنة وتوصياتها، إلَّا أنَّ شيئًا من مُقترحاتها لم يُؤخذ، بسبب قيام كاترين بِحل اللجنة التشريعيَّة التي يُناط بها بِطبيعة الحال وضع قوانين لِلبلاد بِما فيها قانون التعليم الذي يُشرِّع أو يرفض التوصيات المُقدَّمة أو بعضُها. في شهر تمُّوز (يوليو) سنة 1765م، كتب دومارسق إلى الدكتور جون براون يشرح لهُ الصُعوبات التي تُواجه اللجنة التعليميَّة، فتلقَّى منهُ جوابًا طويلًا يتضمَّن اقتراحات عامَّة جدًا وشاملة هادفة لِلإصلاح التعليمي والاجتماعي في روسيا. وأشار براون في جوابة إلى أنَّهُ في الدُول الديمُقراطيَّة تتولَّى الدولة الإشراف على النظام التعليمي وتُحدد مساره وفق ما ينص عليه قانون التعليم المُعتمد في البلاد. وأضاف في رسالته إلى ضرورة اعتماد نظام تعليمي سليم وفعَّال لِلإناث؛ هذا وكانت كاترين قد لجأت قبل سنتين إلى إيڤان بتسكوي كي يضع برنامجًا
[[ملف:Galaktionov Smolny institute 1823.jpg|تصغير|مؤسسة سمولني لِلنبيلات، أوَّل مُؤسسة تعلميَّة روسيَّة لِلفتيات النبيلات وأوَّل مُؤسسة تعليم عالي أوروپيَّة رسميَّة (حُكوميَّة) مُخصصة لِتعليم الإناث حصرًا.]]
بعد فترةٍ قصيرةٍ من إغلاق الدار التأسيسيَّة المسكوبيَّة، أمرت كاترين بِإنشاء «مؤسسة سمولني لِلنبيلات» المُخصصة لِتعليم وتثقيف الإناث. كانت تلك المُؤسسة الأولى من نوعها في روسيا، وفي بداياتها لم يندرج فيها سوى البنات الصغيرات المُنتميات إلى طبقة النُبلاء العُليا، ثُمَّ أخذت ترتادها فتيات الطبقة [[برجوازية|البُرجوازيَّة]] الصغيرة
خلال الفترة المُمتدة بين سنتيّ 1768 و1774م لم يطرأ أي تقدُّم على مُحاولة إنشاء نظامٍِ مدرسيٍّ على المُستوى الوطنيّ في روسيا،<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation”, 379.</ref> واستمرَّت كاترين تتحرَّى النظريَّة التعليميَّة وتجارب الأُمم الأُخرى في ميدان التعليم، لكنَّها وعلى الرُغم من انعدام النظام الوطنيّ المدرسيّ في بلادها، أجرت عدَّة إصلاحات على الصعيد التعليمي، ففي سنة 1766م أقدمت على إصلاح وإعادة تشكيل نظام فيالق المُجندين العسكريين مُتبعةً في ذلك نهجًا شبيهًا بِالنهج الذي اتبعهُ العُثمانيُّون لِإنشاء وتنمية فيالق [[إنكشارية|الإنكشاريَّة]] في ذُروة مجد وقوَّة [[الدولة العثمانية|الدولة العُثمانيَّة]]، فأمرت بِأخذ الأطفال من سنٍ مُبكرة وتعليمهم وتثقيفهم مُختلف العُلوم والمعارف العسكريَّة إلى أن يبلغوا الحادية والعشرين من عُمرهم. تمَّ توسيع نطاق هذا المنهاج لاحقًا لِيتخطَّى [[علوم عسكرية|العُلوم العسكريَّة]] ويشتمل على [[طبيعيات|العُلوم الطبيعيَّة]]، وال[[فلسفة]]، و[[علم الأخلاق|الأخلاق]]، و[[علم التأريخ|التاريخ]]، و[[قانون دولي|القانون الدولي]]. ثُمَّ نُقل تطبيق هذا النظام من الكُليَّات الحربيَّة إلى الكُليَّات البحريَّة وكُليَّات الهندسة والمدفعيَّة. ولمَّا انتصرت الإمبراطوريَّة على الثُوَّار القُوزاق بِقيادة إميليان پوگاچيڤ وقضت بهذا على جميع المخاطر الداخليَّة، أصدرت كاترين قرارًا يُوجب إنشاء المدارس في جميع الغوبرنيهات (الولايات) الروسيَّة دون استثناء، في مُحاولةٍ لِإقامة نوع من العدالة الاجتماعيَّة في البلاد.<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation,” 380.</ref>
سنة 1782م، أعادت كاترين تشكيل لجنة استشاريَّة جديدة لِتتولَّى دراسة المعلومات التي جُمعت عن النُظم التعليميَّة المُختلفة لِعددٍ من الدُول الأوروپيَّة الغربيَّة والمُجاورة.<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation”, 383.</ref> كان أبرز الأنظمة المُقترح تنفيذها في روسيا نظامًا اقترحه عالم الرياضيَّات الألماني [[فرانز أبنوس|فرانز أپنوس]]، الذي مال بِقوَّة إلى اعتماد النظام التعليمي النمساوي ثُلاثيّ المُستويات لِلمدارس البدائيَّة والعاديَّة والملكيَّة في القُرى والبلدات وقصبات الحاكميَّات. وإلى جانب اللجنة الاستشاريَّة، أنشأت كاترين هيئة تمثيليَّة لِلمدارس الوطنيَّة بِزعامة «پيوتر زاڤادوڤسكي» أُنيط بها تشكيل شبكة مدارس على مُستوى الإمبراطوريَّة، وتدريب المُدرسين على كيفيَّة التدريس والتلقين والإلقاء، وتأمين الكُتُب المدرسيَّة لِلتلاميذ. وبِتاريخ 5 آب (أغسطس) 1786م صدر القانون الأساسي لِلتعليم في روسيا،<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation”, 385.</ref> وبِمُقتضى هذا القانون اعتُمد نظامٌ تعلميّ مدرسيّ من مُستويان: ابتدائي وثانوي، في جميع قصبات (عواصم) الحاكميَّات، وخُصص لِجميع طبقات الشعب من الأحرار (غير الأقنان)، كما جُعل
انتقد مُؤرخو القرن التاسع عشر السياسات التعليميَّة التي انتهجتها كاترين الثانية زاعمين بِأنَّها لم تتمكن من تأمين ما يكفي من الأموال لِدعم برنامجها الإصلاحي في القطاع التعليمي والتربوي.<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation”, 391.</ref> بعد مُرور سنتين على اعتماد النظام الجديد في القطاع التربوي الروسي وفق البرنامج الكاتريني، أقدم عددٌ من أعضاء الهيئة التمثيليَّة لِلمدرس الوطنيَّة على تفقُّد المُؤسسات التعليميَّة التي افتُتحت في طول البلاد وعرضها لِلوُقوف على أوضاعها، فتبيَّن لهم أنَّ تأثيرها لم يكن مُنتظمًا، فعلى الرُغم من أنَّ طبقة النُبلاء ساهمت في إنشاء هذه المدارس من خلال تأمين الأموال اللازمة لِإنشائها، إلَّا أنَّ أغلب النُبلاء استمرَّوا يُفضِّلون إرسال إبنائهم وبناتهم إلى المدارس الخاصَّة الراقية، كما تبيَّن أنَّ كثيرًا من القرويين وأبناء البلدات كرهوا الانتساب إلى هذه المدارس بِسبب أساليب تعليمها التي رأوها غريبةً عنهم وعن عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم. قُدِّر عدد التلاميذ الذين انتسبوا إلى المدارس الحُكوميَّة الروسيَّة في أواخر عهد كاترين الثانية بِحوالي 62,000 تلميذ مُوزعين على 549 مدرسة، وهو عددٌ ضئيل بِالمُقارنة مع عدد سُكَّان الإمبراطوريَّة الروسيَّة آنذاك.<ref group="ْ">Madariaga, “Foundation”, 394.</ref>
سطر 236:
بعد فرضها سيطرتها على كامل البلاد الروسيَّة والقسم الشرقي من بولونيا وعلى سواحل البحر الأسود، حاولت كاترين الثانية صبغ الإمبراطوريَّة بِلونٍ ثقافيٍّ مُوحَّد، فكان عليها أن تحتك بِحوالي مليون يهودي مُقيمين في هذه المناطق، نظرًا لِأنَّ اليهود كانوا يعيشون في مُجتمعاتٍ شبه مُنغلقة ويتبعون أساليب حياةٍ مُختلفة عن أساليب حياة الروس المسيحيين، فكانت خلفيتهم الثقافيَّة وديانتهم وعاداتهم وتقاليدهم مُختلفة عن خلفيَّة سائر الشعب. وتخوَّفت كاترين وحاشيتها من هجرة اليهود من المناطق التي يقطنوها بعد أن ضُمَّت إلى روسيا إلى المناطق الوُسطى من الإمبراطوريَّة ذات الغالبيَّة المسيحيَّة، فيكون من نتيجة ذلك ولادة بعض المشاكل الطائفيَّة، كما رغبت بربطهم بالأراضي التي يسكنوها لِتسهيل جباية الضرائب المُتوجبة على تلك الأراضي منهم. بناءً على هذا، أصدرت كاترين الثانية أمرًا بِإنشاء إقليمًا خاصًا لِسُكنى اليهود سنة 1791م، بحيثُ لا يُسمح لهم بِمُغادرته والسكن خارجه إلَّا لو تنصروا واعتنقوا المذهب الأرثوذكسي، وضمَّ ذلك الإقليم جميع المُقاطعات البولونيَّة التي كان يسكُنها اليهود قبل ضمِّها إلى روسيا، إلى جانب مناطق السُهوب القريبة من سواحل البحر الأسود، وبعض المناطق قليلة السُكَّان الواقعة شرق نهر الطونة (الدانوب). على الرُغم من أنَّ هذه الخُطوة هدفت كاترين من وراءها إلى صيانة القوميَّة الروسيَّة والحفاظ عليها وتحديد معالمها ومنع دُخول أيَّة تأثيرات أجنبيَّة عليها، إلَّا أنها ساهمت بِنُشوء وتطوير القوميَّة والهويَّة اليهوديَّة في روسيا، بعد أن حصرت اليهود كُلهم في منطقةٍ واحدة وعاملتهم على أُسسٍ عُنصريَّة تُميِّزهم عن سائر مُكوِّنات الشعب.<ref>''[[:ru:Каменский, Александр Борисович|Каменский А. Б.]]'' [http://his.1september.ru/article.php?ID=200400307 «Царство разума» и «еврейский вопрос»: Как Екатерина Вторая вводила черту оседлости в Российской империи] // История. — 2004. — № 3. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160304125348/http://his.1september.ru/article.php?ID=200400307 |date=04 مارس 2016}}</ref>
[[ملف:Bundesarchiv Bild 137-000471, Russland, Dorf Streckerau an der Wolga.jpg|يمين|تصغير|إحدى المُستوطنات الألمانيَّة في حوض نهر الڤولغا كما كانت تبدو سنة 1920م.]]
خِلال الفترة المُمتدة بين سنتيّ 1762 و1764م، أصدرت كاترين الثانية بيانًا
وصل عدد السُكَّان الذين دخلوا في تبعيَّة الإمبراطوريَّة الروسيَّة خِلال عهد كاترين الثانية إلى حوالي 7 ملايين نسمة،<ref name=autogenerated3>Ключевский В. Курс русской истории. Лекция LXXVI</ref> نتيجة سيطرة الروس على سواحل البحر الأسود وحوض بحر آزوڤ والقرم وقسمٌ من بولونيا، وهذه كُلَّها بلادٌ وفيرة الخيرات والسُكَّان. نتيجةً هذا التنوُّع العرقي، كتب المُؤرِّخ الروسي ڤاسيلي كليوچڤسكي يقول أنَّ ذلك العهد شهد صراعًا حدًا على المصالح بين مُختلف الشُعُوب القاطنة في الإمبراطوريَّة، كما شهد تمييزًا بِحق بعض تلك الشُعُوب. من الأمثلة على ذلك أن فُرضت ضرائب وتقسيمات إداريَّة مُختلفة على كُل شعبٍ على حدى، فعلى سبيل المِثال كان الألمان معفيُّون من جميع الضرائب ومسموحٌ لهم الإقامة في أي منطقة من مناطق الإمبراطوريَّة، بينما حُددت لِليهود منطقة يُقيمون بها كما أُسلف، كما كان البولونيون معفيُّون بدايةً من الضريبة المفروضة على رؤوس أموالهم، ثُمَّ أُعيد فرضها عليهم بِنسبةٍ وصلت إلى حوالي نصف ما يملكونه من رؤوس الأموال. أدَّت هذه السياسة التي انتهجتها الإمبراطوريَّة إلى قيام عدَّة نزاعات عرقيَّة لاحقًا بين الألمان والبولونيين واليهود والروس في حوض الڤولغا.<ref>Ключевский В. Курс русской истории. Лекция LXXXI</ref>
سطر 246:
# الإعفاء من جميع أشكال الخدمة العسكريَّة والمدنيَّة، في جميع وحدات الجيش.
# الإعفاء من جميع أشكال العقاب البدني بحال ارتكب أحدهم فعلًا يستوجب في العادة مثل هذا العقاب.
# الحق لِكُل نبيلٍ في تملُّك جميع الثروات المعدنيَّة والطبيعيَّة التي تقع في جوف أرضه أو أراضيه، واستغلالها.
# الحق في إنشاء مُنظمات ومُؤسسات مُمثلة لِهذه الفئة وحدها دون غيرها، وابتكار ألقاب تُميزها عن سائر فئات الشعب.
::i. يتم استبدال تسمية «طبقة النُبلاء» بـ«طبقة النُبلاء الأكارم».
سطر 252:
::iii. يحق لِكُل نبيلٍ أن يتملَّك أرضًا أو أراضٍ بِمُفرده، ويكونُ لهُ حقٌ حصريٌّ عليها، على أنَّهُ لا يحق له بناء وتشييد أي حصنٍ أو قلعةٍ فيها كحُصُون وقلاع الدولة.
::iv. لِأعيان القوم وأكابرهم من الأوكرانيين حُقوقٌ مُماثلة لِحُقوق النُبلاء الروس.
:::أ. يحقُّ لِلنُبلاء الأوكرانيين الذين يحملون رُتبة ضابط عسكري الإدلااء بِأصواتهم في أي انتخاباتٍ تُنظَّم.
:::ب. لا يحق سوى لِلنُبلاء الذين يفوق دخل أراضيهم 100 روبل أن يتبوَّأو مناصب إداريَّة عُليا.
[[ملف:091 Description of all the Russian state-dwelling peoples.jpg|تصغير|تاجرٌ روسيّ من سُكَّان بُطرسبرغ سنة 1799م.]]
* '''أهالي المُدن والبلدات''':
# التأكيد على حق التُجَّار الكبار بِعدم دفع الضريبة السنويَّة المُستوجبة على رؤوس أموالهم.
# يدفع كُل شخص من أبناء هذه الطبقة جزية لِلدولة بحال لم يكن راغبًا بالالتحاق بِالخدمة العسكريَّة.
هذا وقسَّمت «رسائل الامتيازات الخاصَّة بِالمُدن» الأهالي سكنة هذه المناطق إلى ستة فئات:
سطر 265:
# أعيان القوم — التُجَّار أصحاب رأس مال لا يقل عن 50 ألف روبل، والمصرفيُّون الأثرياء الذين لا تقل ثروتهم عن 100 ألف روبل، إلى جانب النُخبة المُثقفة من أبناء المدينة، كالمُهندسين والرسَّامين والمُلحنين والعُلماء ومن كان في فئتهم.
# الأهالي الذين لا يمتلكون الكثير في المدينة، وأصحاب المهن البسيطة، مثل صيَّادي الأسماك وصغار الحرفيين.
عُرف أبناء الفئتين الثالثة والسادسة باسم «البورويين»، وهي كلمة مُشتقة من البولونيَّة وغيرها من اللُغات كالإنگليزيَّة، ويُقصد بها
على الرُغم من المنافع الكثيرة التي حازتها طبقة النُبلاء في العهد الكاتريني، إلَّا أنَّهُ يُلاحظ تراجع الأوضاع الماديَّة لِقسمٍ من هؤلاء النُبلاء مُقارنةٍ بِالعُهود السابقة عليها، فوُلدت طبقيَّة داخل الطبقة النبيلة، بحيثُ أصبح هُناك نُبلاء «أغنياء» ونُبلاء «فُقراء». فخلال العهد الكاتريني، وتحديدًا في سنة 1777م، امتلك بعضُ الاقطاعيين أراضٍ زراعيَّة هائلة بِعشرات الآلاف أو حتَّى مئات الآلاف من الأقنان نتيجة ما أُنعم عليهم من عطايا إضافيَّة زادت من ثرائهم ونُفوذهم، فضمُّوا إلى أملاكهم العقارات الصغيرة وهيمنوا على الإنتاج الزراعي. هذا ويُلاحظ أنَّ الإقطاعي الغني قُبيل العهد الكاتريني كان من يملكُ أرضًا بِخمسُمائةٍ من أقنانها فقط؛ بينما امتلك حوالي ثُلثيّ الإقطاعيين أراضٍ أصغر حجمًا بِما لا يزيد عن 30 قنًا من الرجال، وامتلك ثُلثُ الإقطاعيين أقل من 10 أقنان؛ وبلغ من تردّي أوضاع بعض الإقطاعيين الصِغار أنَّهم اضطرّوا إلى الالتحاق بِالجيش على أمل النُهوض بحالهم بعض الشيء، وكان بعضهم غيرُ قادرٍ حتَّى على تأمين ملابس عسكريَّة أو أحذية لائقة،<ref group="ْ">Blum J. Lord and Peasant in Russia. From the Ninth to the Nineteenth Century. New York, 1964, pp.367, 376</ref> كما لم يتمكَّن بعضُ الإقطاعيين من إكمال تعليم أبنائهم في الأكاديميَّة البحريَّة أو في الدار التأسيسيَّة المسكوبيَّة، فُطرد أغلبهم.<ref name=autogenerated18
[[ملف:Byrney. Russians.jpg|تصغير|فلَّاحٌ روسيٌّ من الأقنان ينحني أمام سيِّده الإقطاعي.]]
[[ملف:Supplice du Grand Knout.jpg|تصغير|أحدُ الأقنان وهو يُجلد بِالسَّوط عقابًا له.]]
* '''طبقة الفلَّاحين''': شكَّل الفلَّاحون في العصر الكاتريني حوالي 95% من الشعب الروسي، وكانت نسبة الأقنان منهم تصل إلى قُرابة 90%، ولم يكن منهم سوى قلَّة ضئيلة تمتلك أراضيها الخاصَّة تزرعها وتعتاش من خيراتها. ووفق التشريعات التي أصدرتها كاترين، أُعفي مُلَّاك الأراضي ذات التُربة السوداء الخصبة الناتجة عن تراكم طمي الأنهار، أُعفوا من دفع الضرائب السنويَّة المُستوجبة على أراضيهم، على أنَّ ذات التشريعات نصَّت على أنَّ جميع الفلَّاحين قاطني هذه الأراضي يدخلون في عِداد الأقنان. يتجه الرأي العام عند المُؤرخين الغربيين والرُوس إلى اعتبار العهد الكاتريني الأسوأ في التاريخ الروسي بِالنسبة لِلفلَّاحين والطبقات الاجتماعيَّة الدُنيا، ويُقارنهُ البعض بِعهد استعباد [[أمريكيون أفارقة|الزُنوج الأفارقة]] في [[أمريكتان|الأمريكتين]]، إذ أنَّ مُعاملة الطبقات العُليا لِهذه الفئات لم تقل سوءًا عن مُعاملة الأوروپيين لِلعبيد في [[العالم الجديد]].<ref>Покровский М. Н. Русская история с древнейших времен. При участии Н.Никольского и В.Сторожева. Москва, 1911, т. 4, с. 120</ref> يقول بعض المُؤرخين، بالاستناد إلى عددٍ من الوثائق القديمة، أنَّ الإقطاعيين في منطقة «
كان الفلَّاحون الأقنان يُباعون ويُشترون ويُعاملون كالمتاع أو البضائع التجاريَّة، فيُعرضون في الأسواق أمام الناس، وكانت الجرائد والصُحف تنشر إعلانات عن عُروضات بيع أقنان يتقدم بها بعض الإقطاعيين؛ كما كان من الشائع أن يُبادل الإقطاعي إحدى أقنانه بِقنٍّ أو قِنَّةٍ لِإقطاعيٍّ آخر، حتَّى أنَّ بعضهم كان يتبرِّع بِقنٍّ أو أكثر لِإقطاعيٍّ آخر دون مُقابل أو كبادرة حُسن نيَّة، وكثيرًا ما كان الفلَّاحون الأقنان يُزوَّجون رُغمًا عنهم. كذلك، لم يكن يُسمح لِلفلَّاح أن يترك القرية أو الضيعة التي يسكنها إلَّا لِمسافة 30 ميلًا، أمَّا إذا رغب بِالذهاب لِمكانٍ أبعد من ذلك فكان عليه أن يستحصل على إذنٍ مكتوب من سيِّده ومن السُلطات المحليَّة حتَّى يتمكن من التنقُّل بِحُريَّة. وفق القانون الكاتريني، لم يكن يحق لِلفلَّاح القِن أن يمثل أمام القضاء كي يُعاقب أو يُنصف من تُهمةٍ مُلصقة به، بل كان يُحاكم على يد سيِّده، وبالتالي كان يحق لِأي إقطاعي أن يُعذِّب قِنَّه حتَّى يُجبره على الاعتراف بِذنبٍ يُنسب إليه، وكثيرًا ما كان الإقطاعيُّون يُعذبون أحد أقنانهم عذابًا شديدًا حتَّى الموت، بل كان لِبعض الإقطاعيين حظائر خاصَّة يقومون فيها بِضرب وسحل القِن حتَّى يموت، ووُصفت بعض تلك الحظائر بأنها كانت أشبه بِالمسالخ حيثُ تُذبح المواشي.<ref group="ْ">Blum J. Lord and Peasant in Russia. From the Ninth to the Nineteenth Century. New York, 1964, p. 441</ref> سعت كاترين الثانية في وقتٍ لاحقٍ إلى تحسين أوضاع الفلَّاحين في بلادها، فسنَّت قوانين جديدة تمنع أساءة السيِّد الإقطاعي لِأيِّ قنٍّ من أقنانه، وأصدرت قانونًا يُجبر الإقطاعيين على مُساعدة أقنانهم والوُقوف بجانبهم في أوقات الشدَّة، كما في حالة حُدوت مجاعة، بحيثُ أُجبر جميع الإقطاعيين على تخزين نسبة من محاصيلهم تسد حاجة جميع أقنانهم وتوزيعها عليهم بِالتساوي، على أنَّ أغلب الإقطاعيين أهمل تطبيق هذا القانون وترك أقنانه لِبؤسهم،<ref group="ْ">David Moon. "The Abolition of Serfdom in Russia". Harlow: Pearson Education Limited, 2001. Page 39 - 40</ref> كما أنَّ مُعظم الإقطاعيين الذين استمرُّوا يُسيئون مُعاملة أقنانهم لم يُحاكموا، باستثناء فئة قليلة منهم.<ref group="ْ">Blum J. Lord and Peasant in Russia. From the Ninth to the Nineteenth Century. New York, 1964, p. 439</ref>
عادت كاترين ومنحت الفلَّاحين الأقنان حقًا جديدًا في وقتٍ لاحقٍ هو إمكانيَّة رفع شكوى إليها مُباشرةً بِحال أساء الإقطاعيُّ مُعاملتهم، على أنها أكَّدت على أن لا تكون صلة الأقنان معها مُباشرةً، بل تدرُّجيَّة وفق التُراتُبيَّة الإداريَّة المُتعارف عليها، وبِذلك ضمنت أن لا تتعرَّض لِإلحاحاتهم على الدوام وبِنفس الوقت ضمنت عدم حُدوث أيَّة ثورة عليها وعلى النظام الإقطاعي من قِبلهم.<ref group="ْ">Isabel de Madriaga, “Catherine II and the Serfs: A Reconsideration of Some Problems”, The Slavonic and East European Review, Vol. 52, No. 126 (Jan., 1974), 48–51</ref> مُنح الأقنان - بِواسطة هذا الحق - وضعًا
:* قانون سنة 1763م الذي سمح بِتدخُّل الجيش لِقمع أي انتفاضة أو ثورة يُشعلها الفلَّاحون.
:* قانون سنة 1765م الذي منح الإقطاعيين الحق في نفي أيِّ قنٍّ عاصٍ أو مُشاغب إلى [[سيبيريا]]، وهي عُقُوبة كانت في الأساس مُخصصة لِلمُجرمين الخطيرين،<ref group="ْ">Madriaga, “Catherine II”, 42–46</ref> أو تعذيبه من خِلال تشغيله بِالأعمال الشاقَّة. كما كان يحق لِلإقطاعي - وفقًا لِهذا القانون - أن يُعيد قِنَّهُ إلى قريته ساعة ما شاء.
:* قانون سنة 1767م الذي منع الأقنان من رفع شكوى ضدَّ أسيادهم أمام القضاء، ورفعها لِكاترين مُباشرةً عبر المسؤول الإداري في المنطقة التي تقع فيها قرية هذا القِن.<ref group="ْ">Madriaga, “Catherine II”, 48–51</ref>
:* قانون سنة 1783م الذي سمح بِتطبيق نظام القنانة على الفلَّاحين الأوكرانيين.
سطر 287:
تميَّزت روسيا خِلال العهد الكاتريني بِالتسامُح الديني إجمالًا، إذ أصدرت كاترين الثانية سنة 1773م قانونًا ينص على احترام جميع العقائد والأديان ويمنع الكنيسة الروسيَّة الأرثوذكسيَّة من التدخُّل في شؤون الديانات الأُخرى غير المسيحيَّة،<ref>[http://ng.ru/style/2004-11-03/8_ekaterina.html Муравьева М. Веротерпимая императрица //Независимая газета от 03.11.2004] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171009223158/http://www.ng.ru/style/2004-11-03/8_ekaterina.html |date=09 أكتوبر 2017}}</ref> كما نصَّ القانون على السماح لِأي طائفةٍ مسيحيَّة غير أرثوذكسيَّة بِإنشاء كنائسها الخاصَّة وإقامة صلواتها وطُقوسها بها.<ref name="humanities.edu.ru">[http://www.humanities.edu.ru/db/msg/25608 Смахтина М. В. Правительственные ограничения предпринимательства старообрядцев в XVIII первой половине XIX в. // Материалы научно-практической конференции «Прохоровские чтения»]</ref> ويبدو أنَّهُ كان لِرغبة كاترين وقابليَّتها الاستغناء عن ثقافتها وخلفيَّتها الألمانيَّة [[بروتستانتية|الپروتستانتيَّة]] [[لوثرية|اللوثريَّة]] وتبنيها لِكُل وجهٍ من أوجه الثقافة والحضارة الروسيَّة (بما فيها [[أرثوذكسية شرقية|المذهب الأرثوذكسي الشرقي]]) دورٌ في جعلها غير مُتعصبة لِدينٍ أو مذهبٍ دون آخر، أو حتَّى غير مُبالية. صادرت كاترين جميع أراضي الكنيسة الأرثوذكسيَّة الروسيَّة، واستغلَّت مردودها المالي لِتمويل النشاط الحربي لِلإمبراطوريَّة، كما أفرغت مُعظم الأديرة وأجبرت الكهنة على العمل كمُزارعين، ولم تسمح لهم بِمُمارسة أيَّة أنشطة كنسيَّة إلَّا تلك البسيطة الخاصَّة بِالأحوال الشخصيَّة، [[تعميد|كتعميد الأطفال]] وما شابه. كان من نتيجة هذه السياسة أن ارتفعت نسبة مُهملي الطُقُوس الدينيَّة المسيحيَّة، وقلَّ عدد النُبلاء الذين كانوا يرتادون الكنائس، وجاهر بعضهم [[إلحاد|بِإلحاده]] وبعضهم الآخر بانشقاقه عن الكنيسة الروسيَّة. وعلى الرُغم من أنَّ كاترين لم تفرض على أحد اتباع مذهبٍ أو دينٍ مُعيَّن وسمحت لِغير الأرثوذكس ببناء كنائسهم وأديرتهم، إلَّا أنَّها ضيَّقت الخِناق على المُنشقين عن الكنيسة الروسيَّة، فلم تسمح لهم ببناء كنائسهم الخاصَّة في سبيل الحِفاظ على الهويَّة الوطنيَّة المُميزة لِروسيا، كما أنها قمعت المُلحدين ومُعارضي الأديان بِقُوَّة عندما نشبت [[الثورة الفرنسية|الثورة الفرنسيَّة]] خوفًا من تأثرهم بِالعلمانيين والمُلحدين الفرنسيين الذين جاهروا بِعداء [[الكنيسة الرومانية الكاثوليكية|الكنيسة الكاثوليكيَّة]] وغيَّروا وجهًا من الأوجه الثقافيَّة المُميزة لِفرنسا.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|الأول=Isabel De|الأخير=Madariaga|العنوان=Russia in the Age of Catherine the Great|الناشر=Yale University Press|السنة=1981|الصفحة=111-112}}</ref> بعد أن صادرت كاترين الأراضي التابعة لِلكنيسة الأرثوذكسيَّة الروسيَّة وجعلتها تحت إدارة الدولة، أصدرت في شهر شُباط (فبراير) 1764م قرارًا آخر قضى بِتجريد جميع الكهنة ورجال الدين من أراضيهم الزراعيَّة ومنعهم من تملُّك مثل هذه الأراضي، فخسر حوالي مليونيّ كاهن ما كان يمتلكه من أراضٍ لِصالح الحُكومة الروسيَّة، التي تولَّت الإشراف عليها مُمثلةً بِديوان الاقتصاد. وتلى ذلك التحريم في الأراضي الروسيَّة تجريد رجال الدين المسيحيين من الألمان المُهاجرين المُستوطنين في حوض الڤولغا، من مُمتلكاتهم العقاريَّة، وذلك سنة 1786م. وبهذا، أصبحت طبقة رجال الدين خاضعة تمامًا لِلحُكومة الروسيَّة بعد أن أُلغيت امتيازاتها الاقتصاديَّة التي كفلت لها الاكتفاء الذاتي بعيدًا عن الحُكُومة، واضطرَّ رجالُ الدين النصارى إلى الانضواء تحت جناح الدولة الروسيَّة بعد أن فقدوا قُوَّتهم الاقتصاديَّة، واضطرُّوا كذلك إلى الرُضُوخ لِإرادة الإمبراطورة، التي كانت تسعى - كما يبدو - لِضمان حُقُوق الأقليَّات المسيحيَّة في البلاد، وفي مُقدمتها [[بروتستانتية|الپروتستانت]]، الذين كانوا يُعتبرون هراطقة في نظر الكنيسة الأرثوذكسيَّة، وما كانت هذه لِترضى مُعاملتهم على قدم المُساواة مع رعيَّتها من الأرثوذكس فيما لو بقيت سُلطة رجالُ الدين قويَّة. أوقفت كاترين الثانية - خِلال سنوات حُكمها الأولى - اضطهاد أصحاب الإيمان القديم، وهؤلاء طائفة من الروس الأرثوذكس كانوا ما يزالون مُتبعين لِلشعائر والطُقُوس القديمة التي سبقت إصلاحات [[البطريرك نيكون|البطريرك نيكون المسكوبي]] مُنذ ما يزيد عن مائة سنة،<ref group="ْ">Zenkovsky, Serge A.: "The ideology of the Denisov brothers", ''Harvard Slavic Studies'', 1957. III, 49–66</ref> فدعتهم إلى العودة إلى بلادهم التي نُفُوا منها وشملتهم بِالحماية الكاملة، وشجعتهم على استثمار واستغلال الأراضي المهجورة، كونهم اشتهروا بأنهم مُزارعين وحرفيين نشطين،<ref>А. Мыльников: «Сенату предписывалось разработать положение о свободном возвращении староверов, бежавших в преж-ние годы из-за религиозных преследований в Речь Посполитую и другие страны. Возвращавшимся предлагалось по их усмотрению поселяться в Сибири, Барабинской степи и некоторых других местах. …
Круг указов, которыми император обе-щал защитить старообрядцев „от чинимых им обид и притеснений“, был скреплен торжественным манифестом 28 февраля. Бежавшим за рубеж „великороссийским и малороссийским разного звания людям, также раскольникам, купцам, помещичьим крестьянам, дворовым людям и воинским дезертирам“ разрешалось возвращаться до 27 марта (9 апреля) 1900 года „без всякой боязни или страха“» [http://pryahi.indeep.ru/history/mylnikov.html] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170913191907/http://pryahi.indeep.ru:80/history/mylnikov.html |date=13 سبتمبر 2017}}</ref> فعاد أغلبهم إلى موطنهم الأصلي واستقرُّوا مُجددًا،<ref name="humanities.edu.ru"/> ثُمَّ ما لبثت كاترين أن أصدرت مرسومًا يسمح لهم باتخاذ مرجعيَّتهم الخاصَّة دون الرُجُوع إلى البطريركيَّة المسكوبيَّة.<ref>{{ВТ-ЭСБЕ|Беглопоповщина}}</ref><ref>О реформе патриарха Никона Екатерина в 1763 году писала — «Никон-личность возбуждающая во мне отвращение. Счастливее бы была, еслибы не слыхала о его имени… Подчинить себе пытался Никон и государя: он хотел сделаться папой… Никон внёс смуту и разделения в отечественную мирную до него и целостно единю церковь. Триперстие навязано нам греками при помощи проклятий, истязаний и смертельных казней… Никон из Алексея царя-отца сделал тирана и истязателя своего народа»[http://krotov.info/acts/18/2/17630915.html] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170928134504/http://krotov.info:80/acts/18/2/17630915.html |date=28 سبتمبر 2017}}</ref>
== سياستها الخارجيَّة ==
== كاترين الثانية بِصفتها صاحبة عصر التنوُّر الروسي ==
== حياتها الشخصيَّة ==
=== خلَّانها ===
=== أقنانها ===
== المراجع ==
السطر 383 ⟵ 335:
{{شريط بوابات|السياسة|المرأة|أعلام|تاريخ أوروبا|الإمبراطورية الروسية|ملكية}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}
[[تصنيف:
[[تصنيف:أسرة هولشتاين - غوتورب - رومانوف]]
[[تصنيف:أشخاص من حرب الخلافة البافارية]]
[[تصنيف:أشخاص من شتتين]]
[[تصنيف:أعضاء الأكاديمية البروسية للعلوم]]
السطر 393 ⟵ 346:
[[تصنيف:إمبراطورات روسيات]]
[[تصنيف:إمبراطورات صاحبات نهج سائد]]
[[تصنيف:آل أسكانيا]]
[[تصنيف:بروتستانت تحولوا إلى الأرثوذكسية الشرقية]]
[[تصنيف:جامعو فنون روس]]
|