أهل السنة والجماعة: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تدقيق إملائي
وسمان: تعديلات المحتوى المختار تحرير مرئي
سطر 48:
من المهم جدا معرفة الألفاظ المستعملة عند أئمة السلف، ففي عبارة ابن سيرين عند قوله: {{اقتباس مضمن|حديث أهل السنة}} تفيد أن رواية الحديث لم تكن مقصورة على أهل السنة، بل إن من وصفهم بالبدعة كذلك يروون الحديث، وأن الحديث جزء من تعريف أهل السنة، إذ المراد بهم أهل العلم الشرعي، وهو ما دلت عليه نصوص أئمة السلف من أنهم لا يقصدون بأهل السنة رواة الحديث، بل يقصدون بذلك أهل العلم المشتمل على رواية الحديث.
 
كان أئمة الصحابة والتابعين لهم ومن تبعهم بإحسان مرجعا للمسلمين بعد عصر النبوة في أمور الدين، من حيث أنهم نقلوا الدين وعلم الشريعة بعمومه، فلا يقتصر علمهم على النقل فقط بل يشمل كل ما نقلوه وتعلموه وما اختصوا به من المعرفة بتفسير الدين وفهم الشريعة واستنباط الأحكام الفقهية لما لديهم من أهلية الاجتهاد ومعرفة الناسخ والمنسوخ وغير ذلك ولكونهم أعلم من غيرهم بالشريعة، وقد جاء عن أئمة أهل السنة في عصر السلف أنهم كانوا يسمون هؤلاء الأئمة بـ أهل السنة أي: أصحاب الطريقة المسلوكة في الدين التي كانوا عليها من الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وهذه الطريقة عندهم قائمة على اتباع منهاج النبوة من حيث أنهم نقلوا علم الدين وفهموه واستنبطوا منه، و[[الصحابة]] لم يكونوا كلهم أهل فتيا، بل كان مختصا بعلماء الشريعة منهم الذين تخصصوا منذ عصر النبوة للعلم في الدين، وكان يطلق عليهم في صدر الإسلام لقب: القراء أي: المتعلمين، وكان المتعلم منهم يقال له قارئ، وبعد انتشار التعليم أصبح يطلق عليهم: الفقهاء أي: أئمة الدين وعلماء الشريعة، وبحسب ما ذكر ابن خلدون أن لقب القراء كان يطلق في صدر الإسلام على المختصين بعلم الشريعة، وبعد توسع التعليم وتمكن الاستنباط الفقهي عند الأئمة المجتهدين حيث أصبح الفقه صناعة وعلما بدلوا لقب: القراء باسم: الفقهاء والعلماء.<ref name="ابن خلدون°"/> وانتقل فقه الأئمة المجتهدين من الصحابة والتابعين إلى الأئمة المجتهدين من بعدهم، وصار الفقيه لقبا لأئمة المذاهب الفقهية، ثم اشتهر من ذلك طريقتان للمنهج الفقهي حسب ما ذكر [[ابن خلدون]] هما: منهج فقهاء [[أهل الرأي]] والقياس في العراق ومقدم جماعتهم الذي استقر المذهب فيه وفي أصحابه [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]]، ومنهج فقهاء [[أهل الحديث]] في الحجاز وإمامهم [[مالك بن أنس]] [[محمد بن إدريس الشافعي|والشافعي]] من بعده.<ref name="ابن خلدون°"/> ثم إن الإمام الشافعي وضع [[علم أصول الفقه]] في كتابه: الرسالة وجمع بين الطريقتن،الطريقتين، والفرق بينهما أن طريقة أهل الرأي توسعوا في القياس أكثر، وهاتان الطريقتان هما اللتان اشتهرتا بعد ذلك عند فقهاء أهل السنة، باعتبار أنه منهج فقهي.
 
بعد تمايز الفرق التي ظهرت في تاريخ الإسلام وكشف مقولاتها في عصر المتقدمين جمع العلماء مخالفات هذه الفرق وبينوا مسمياتهم ومقولاتهم، وحصروا عدد تلك الفرق ودونوا تواريخها وجمعوها في كتب الفرق، وذكر في كتاب الفرق بين الفرق أن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الثالثة والسبعون من فريقي [[أهل الرأي|الرأي]] [[أهل الحديث|والحديث]]،<ref group="°">أهل الرأي وأهل الحديث يقصد بهما: الفقهاء من أصحاب الطريقتن.</ref> وكان منهم أئمة القراء والمحدثون والفقهاء وأهل النظر، وكلهم متفقون على قول واحد في أصول الدين، وأئمتهم المتقدمون قد اتفقوا على هذه الأصول وبينوها ودونوها وأخذها عنهم المتأخرون، واختلاف الأئمة المجتهدين في [[فروع الفقه|فروع الأحكام]] لا يدخل في هذا التفرق بالاتفاق، ولا يلحق بسببه تفسيق ولا تبديع ولا تكفير، وبحسب ما جاء في كلامه أن هذه التسمية كانت تطلق على أهل السنة والجماعة تمييزا لهم عن الخوارج والمعتزلة والمجسمة وفرق التشيع وغيرها من الفرق المخالفة لهم في أصول الدين.<ref name="الفرق2"/>