الحي اللاتيني (رواية): الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
←‏القصة: تم تصحيح خطأ مطبعي
وسوم: تحرير من المحمول تعديل في تطبيق الأجهزة المحمولة تعديل بتطبيق أندرويد
صالح (نقاش | مساهمات)
تعديل، إزالة بيانات خلافية غير موسوعية
سطر 39:
 
== القصة ==
تصور هذه الرواية العلاقة بين الشرق والغرب من خلال المرأة باعتبارها هي المحك الأساسي لهذه العلاقة والرمز الإنساني الذي سيحكم على هذا التواصل الحضاري بين الأنا والآخر. فبطل الحي اللاتيني هو الأنا أو الشرق، وجانين مونترو هي بمثابة رمز للآخر أو الغرب. إذا، كيف ستكون طبيعة العلاقة بين هاتين الشخصيتين الرئيسيتين في الرواية؟ هل ستكون علاقة إيجابية أم سلبية؟ وما أساس هذه العلاقة ومنظورها الفلسفي؟الفلسفي.
 
يبدأ الكاتب باستهلال روائي يحدد الشخصيات المحورية في الرواية: البطل وعدنان وصبحي الذين غادروا لبنان متجهين إلى فرنسا من أجل استكمال دراساتهم العليا وتحضير الدكتوراه، وكل هذا على نفقة وزارة المعارف اللبنانية. بيد أن الشخصية الدينامية هي شخصية البطل التي استقر بها المقام بعد وصولها إلى باريس في [[الحي اللاتيني]] لتكون  قريبة من [[جامعة السوربون]]. وقد نزل هذا البطل عاصمة الجن والملائكة من أجل تسجيل رسالة الدكتوراه في الشعر العربي الحديث تحت إشراف أساتذة فرنسيين ومستشرقين يدرسون في السوربون.
 
وبعد الاستقرار في الفندق، انطلق أصدقاء البطل للارتماء في أحضان الحرية والخمرة والرقص والمجون والاستهتار والجنس بعد أن هربوا من قيود أعراف مجتمعهم وتقاليده التي جعلتهم يعانون من الحرمان والكبت. و أصبحت الأنثى لعدنان وصبحي ملاذا وجوديا ومصيرا إنسانيا ضروريا في هذا الاغتراب الذاتي والمكاني. لكن بطلنا انطوى على نفسه وانزوى في حجرته يسترجع الماضي وأصدقاءه في بيروت وعشيقته ناهدة. وعاش البطل فترة من التردد والانجذاب بين بيروت وباريس، بيروت الماضي والتقاليد الصارمة وباريس الحاضر وحرية الانعتاق. وأحس بعد ذلك بالإخفاق والفشل في الحصول على ماكان يتمناه ألا وهو الوصول إلى أنثى شقراء للتواصل معها وجدانيا وعاطفيا على غرار أصدقائه العرب ولاسيما أحمد وربيع وفؤاد وصبحي وعدنان:" تبحث عنها... عن المرأة...تلك هي الحقيقة التي تنساها...بل تتجاهلها. لقد أتيت إلى باريس من أجلها. والآن، أرأيت أنك كنت مخدوعا عن نفسك، ساعة كنت تتصور أنهن كثيرات، هنا، وأنه يكفيك أن تسير في الطريق، ليتهافتن عليك، ويحدثنك حديث الهوى؟"1.
 
وقرر بطل [[الحي اللاتيني]] أن ينطلق مستبيحا ماهو محرم في بلده، يقتنص لذات الحب والجنس مع مومس الرصيف ويلامس ساق الفتاة الشقراء في قاعة السينما ويسأل هذه ويطارد الأخرى كدون جوان أو زير النساء. ولكن علاقاته في البداية كانت فاشلة أساسها الخيبة والانتظار والملل والإخفاق على غرار شخصية إدريس في رواية أوراق لعبد الله العروي. ولم يأت البطل إلى [[باريس]] إلا للبحث عن المرأة العارية للارتواء الجنسي بعد أن ذاق الحرمان والمنع والكبت السياسي والاجتماعي على شاكلة بطل الطيب صالح في روايته موسم الهجرة إلى الشمال الذي هاجر بلده السودان إلى لندن لينتقم من إنجلترا التي استعمرت بلده جنسيا. إنه هروب من شرق التقاليد وطقوس الخوف والقهر إلى غرب الحرية واللذة الشبقية لا للانتقام من فرنسا المستعمرة بل  للتحرر الشبقي والوجودي:" أسبوع طويل ينقضي، وفي جسدك نار تلتهب، وفي مخيلتك ألف صُورة وصورة لنساء عاريات، متمددات على السرر، يلسعن فكرك وجسمك بألف لسان من نار. لا، لا تحاول أن تحتج أو تنكر. أجل شرقك ذلك، لم يغرك بالهرب منه سوى خيال المرأة الغربية، سوى اختفاء المرأة الشرقية في حياتك، إلا أن تطل في بسمة لا تزيد الحرمان إلا حرمانا، أو أن تشعرك بوجودها بلمسة تائهة، خائفة، بعيدة، تملأ ذاتك بمئة عقدة، وتميت فيك ثقتك برجولتك، أو أن تسعى أنت إليها حين تشعر تارة بالغربة الروحية مع امرأة لا تعطيك إلا جسدا فيه برودة الثلج، وطورا بالاشمئزاز والغثيان يتنافس في خلقهما عشرة أسباب على الأقل...هكذا عرفت المرأة في شرقك، فعرفت الخوف والحرمان والكبت والشذوذ والانطواء والخيال المريض. عرفت الخيال على أي حال، فكان لك فيه منجى من نفسك وجوك ومحيطك ومجتمعك. وقد أمسك هذا الخيال بذهنك، فقاده إلى البعيد الذي خلقت إطاره في وجدانك فصول من الكتب، أو من مغامرات صديق..." 22.
 
وبعد أيام وأيام من العبث واللهو والمجون، تعرف البطل فتاة شقراء في مقتبل العمر، حسناء من الألزاس هي جانين مونترو كانت تقطن معه بالفندق الذي كان يسكنه هذا الشاب الشرقي. فكانت بينهما ابتسامات الجوار، فتحولت إلى مطاردة ثم انتهت بالحب الرومانسي الذي أعقبه الارتواء الجسدي. فصارت العلاقة بينهما علاقة وفاء وصدق والتزام حتى أصبح كل واحد منهما لا يستطيع الفراق عن الآخر. عاشا أياما حلوة وممتعة بين قاعات السينما ومسارح باريس، وبين المقاهي والمطاعم، وبين الحانات والمراقص الليلية، وكانت جانين جسدا فاتنا ووجها جذابا يثير أنظار الآخرين. وقد أشاد بها زملاؤه ولاسيما فؤاد صديقه الوفي والعزيز لديه الذي كان شريكا لفرانسواز. وإذا كانت المرأة للبطل هدفا أساسيا فإنها بالنسبة لفؤاد وسيلة للنضال الوطني والقومي، فقضيته أكبر من المرأة، فأمته في حاجة إليه لتحريرها من شرنقة الاستعمار والتخلف والاستبداد؛ لذلك سيتصادم مع فرانسواز التي كانت تدافع عن الاستعمار الفرنسي، بينما فؤاد يرفض موقفها العنصري الذي لا ينسجم مع حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وما دعت إليها الثورة الفرنسية. لذلك سيغادرها فؤاد عائدا إلى بلده لتشييع والده والبقاء هناك من أجل النضال القومي.
 
ومع مرض الأم، اضطر البطل أن يغادر باريس للتوجه إلى بيروت لقضاء العطلة الصيفية ريثما يعود في السنة الجامعية المقبلة لتكون آخر سنة لمناقشة أطروحته الجامعية نظرا لكثرة النفقات التي لايمكن لوزارة المعارف اللبنانية أن تتحملها إذا طالت مدة إقامته في فرنسا. وكان هذا السفر بالنسبة لجانين مأساة مؤلمة أثار فيها فكرة التفاوت الحضاري بين الشرق والغرب على الرغم من انبهارها بالشرق الروحاني وسحره الطبيعي الرائع وصحرائه المشمسة الفيحاء وتعاطفها مع العرب وثورتها على بلدها: فرنسا الاستعمارية. ولم تستطع أن تمنع جانين عشيقها الشرقي من السفر مادامت أمه تلح على رؤيته قبل أن تودع الحياة.
 
وبعد وصوله إلى بيروت، أحس البطل بالغربة والملل والضيق بسبب ابتعاده عن باريس وحبيبته جانين التي كانت ترسل إليه عدة رسائل وكان آخرها تخبره بأن له ابنا وهو جنين في بطنه وعليه أن يحسم في اختياره وأن يحدد مصير علاقتهما. وتحت ضغوطات أمه وأخته، اضطر البطل أن ينكر هذا المولود الذي قد يكون ثمرة علاقات مشبوهة مع الآخرين ولاسيما خطيبها هنري الذي فض بكارتها في بداية الأمر. ولكن جنين اتخذت موقفا نزولا عند رغبة عشيقها فأجرت عملية جراحية لإسقاط الجنين، وعانت في ذلك المرارة والألم الشديد وتغيرت صحتها وأصبحت بعد ذلك فقيرة معدمة ليس لها من يعيلها ولا عمل يساعدها على مواجهة أعباء الحياة مادامت لم تسطع الحصول على شهادة في معهد الصحافة الذي كانت تدرس فيه. وعندما عاد بطل الحي اللاتيني إلى باريس، وبخه فؤاد لأنه لم يلتزم بالحرية ولم يكن في مستوى المسؤولية، كما عاتبته مذكرات جانين ورسائلها التي اعتبرت نفسها فيها عائقا كبيرا أمام طموح هذا الشرقي الذي ظفر بشهادة الدكتوراه ، وبحبها الصادق الذي ضحت من أجله لكي يدوم ويثمر ويبقى حيا طوال حياتهما. واستلقت جانين في كهف سان جيرمان لمعانقة أفكار سارتر في التحرر من المسؤولية والانسياق وراء الاختيار الوجودي والبحث عن المصير الإنساني المفضل. لقد أصبحت شخصية وجودية فقدت الثقة في القيم والإنسان ومعايير الحياة التي يقننها العقل والمنطق.
 
لم يستطع البطل أن ينسلخ عن شرقه وجذوره وما نشأ عليه من أعراف وتقاليد، وقد استوعبت جانين هذا الاختلاف الحضاري جيدا على الرغم من أن عشيقها قرر أن يتزوج منها بعد أن عاتبه ضميره الحي وأراد أن يقتاد بفؤاد وأن يكون مسؤولا وملتزما بدوره الوجودي. إنه صراع بين القيم الروحية والقيم المادية، صراع بين الدين والإلحاد، وصراع بين الأخلاق والإباحية، وصراع بين الرجولة الشرقية والأنوثة الغربية، وقد يعكس هذا الصراع التفاوت الحضاري بين غرب التقدم والتكنولوجيا والعلم وشرق التخلف والخرافات كما عكست ذلك رواية قنديل أم هاشم ورواية توفيق الحكيم: عصفور من الشرق. إذا، صدام اجتماعي وأخلاقي وحضاري، وهذا ما تعبر عنه جانين في مذكراته إلى فتاها الأسمر الشرقي بعد أن رفضت الزواج من فتاها بسبب القيود الاجتماعية والفكرية والعقائدية بين الشرق والغرب:" أنا الآن على يقين من أن اجتماعنا أمس، في غرفتي المسكينة، فرض علي فرضا أن أرد فكرة الاقتران بك. لقد اجتمعت أمس بإنسان لا أعرفه. بشاب أنكرته، وكأنني ما لقيته من قبل قط. كان شعوري بعد أن تركتني يا حبيبي. لقد استعدت ما حدثتني به عن المستقبل، وعن آمالك، وعن حياة الصراع الذي أنت مدعو إلى أن تعيشها في بلادك، فوجدت أن دنياك التي تحلم بها أوسع وأعظم من أن يستطيع الثبات فيها شخص ضعيف مثلي. إنك الآن تبدأ النضال، أما أنا فقد فرغت منه، ومات حس النضال في نفسي. لقد عجزت أن أقاوم أطول مما قاومت، فسقطت ضعيفة مهيضة الجناح...
 
أما أنت، فقد قرأت أمس في عينيك استعدادا طويلا، طويلا جدا للمقاومة والصراع. وقد كنت قرأت مثل ذلك في عيني صديقك العزيز فؤاد، ولكن يخيل إلي أن الجذوة التي كانت تطل من ناظريك هي أشد التهابا وإشعاعا من جذوة فؤاد، تلك التي حدثتني عنها مرة في معرض الإعجاب. إنك إنسان جديد يعرف الذي يريده، ويسعى إليه بثقة وإيمان. لا يا حبيبي، لسنا على صعيد واحد. لقد وجدت أنت نفسك بينما أضعت أنا نفسي. فكيف تريدني أن أستطيع السير إلى جانبك، قدما واحدة، في الطريق الشاق الذي ستسلك؟ إنني لا أنتمي إلى جيلكم، جيلك وجيل فؤاد وربيع وأحمد وصبحي وعدنان. لا، لن أذهب معك. إن بوسعي الآن أن أتمثل نفسي إذا رافقتك. ستجرجرني خلفك. سأعيق طموحك. سأعيق طموحك. سأكون أنا في السفح وتكون أنت في القمة. فامض قدما يا حبيبي، ولا تلتفت إلى ما وراءك. أما أنا فأستمد دائما من حبي لك، هذا الذي تصهره الآلام، وقودا يشع علي، فينسيني شقاء عيشي، وزادا أتبلغ به حتى أيامي الأخيرة. فدعني هنا أتابع طريقي حتى النهاية، وعد أنت يا حبيبي العربي إلى شرقك البعيد الذي ينتظرك، ويحتاج إلى شبابك ونضالك.- جانين."3 وعاد الشرقي إلى بلده بشهادته المشرفة ليبدأ نضاله الوطني والقومي، ولتحقيق طموحاته وتطلعاته بين أحضان أسرته وشعبه وأمته.
 
==النقاد==
السطر 65 ⟵ 50:
 
== المراجع ==
{{مراجع}}
 
{{مراجع}}
* [http://www.marefa.org/index.php/الحي_اللاتيني_(رواية) المعرفة - رواية الحي اللاتيني]
* [http://mawdoo3.com/تلخيص_رواية_الحي_اللاتيني موقع موضوع - رواية الحي اللاتيني للكاتب سهيل إدريس]
==المصادر==
* سهيل إدريس: الحي اللاتيني، مطبعة دار الآداب، بيروت، لبنان، ط11، ص:26؛
* سهيل إدريس: الحي اللاتيني، ص:28-29؛
* سهيل إدريس: نفسه، ص: 281-282؛
* د. عبد الله السعافين: تطور الرواية العربية الحديثة في بلاد الشام، دار المناهل، بيروت، لبنان، ط2، 1987، صص:463-464؛
* د. سهيل إدريس: ( شهادة في تجربة روائية)، الرواية العربية: واقع وآفاق، دار ابن رشد للطباعة والنشر، ط1، 1981، ص: 286-287؛
* سهيل إدريس: نفسه، ص: 32؛
* نفسه، ص:67؛
* نفسه، ص: 270؛
* نفسه، ص: 136؛
* نفسه، ص: 97؛
* نفسه، ص: 43؛
* إبراهيم السعافين: نفسه، ص:446-447.
* خالدة سعيد : حركية الإبداع، دار العودة ، بيروت، لبنان، ط2،1982ص:225؛
* انظر الرواية العربية: واقع وآفاق، ص:286؛
* انظر الغلاف الخارجي الخلفي لرواية الحي اللاتيني، ط11، 1995.
* مجلة العربي المصرية
{{شريط بوابات|روايات|أدب عربي|لبنان|أدب|كتب}}
 
[[تصنيف:أفضل مائة رواية عربية]]
[[تصنيف:روايات لبنانية]]