الدولة الفاطمية: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 282:
تضاربت الآراء في الدولة الفاطميَّة لقلَّة الوثائق والمراجع العلميَّة الحياديَّة، فالأبحاث المُتوافرة اعتمدت إمَّا آراء أعداء الفاطميين والذين شككوا في نسبهم وطعنوا في تصرُّفاتهم، أو آراء المُغالين في التشيع لهم. ومُعظم المُؤرخين نقل المعلومات دون مُناقشة، وقليلٌ منهم من درس التاريخ الفاطميّ دراسةً أكاديميَّةً من بدايته إلى نهايته. لذا فإنَّ الآراء والأقوال المُتعلقة بهم وبدولتهم كثيرًا ما تكون إمَّا مُذمَّة أو كثيرة المدح، وبعضها القليل يقفُ موقفًا وسطيًّا، فيذكر ما للفاطميين من فضل على الحضارة الإسلاميَّة، وما كان لها من عُيوب. وقد بدأت الدراسات التاريخيَّة العربيَّة تُنصف الدولة الفاطميَّة بعض الانصاف بعد التدقيق في تاريخ هذه السُلالة، فعلى سبيل المِثال يقول الدكتور عبد المنعم ماجد، وهو أستاذ التاريخ الإسلامي [[كلية الآداب (جامعة عين شمس)|بكُليَّة الآداب في جامعة عين شمس]]، أنَّ تاريخ الخلافة الفاطميَّة في مصر كان غامضًا للغاية، إذ كانت مُعظم مصادره التاريخيَّة لا تستقي من منابعها، أو أنها غير موجودة، أو مُزيَّفة أو مُضطربة، أو جافة، أو مُختصرة، فضلًا عن أنَّ مُعظمها مصادر أدبيَّة لا تُعطي فكرة صحيحة عنهم، غير أنَّ الوثائق أو المخطوطات المكتوبة بأقلامٍ مُعاصرة، مكَّنت الباحثين من تكوين فكرة عن التاريخ الصحيح لهذه الدولة.<ref name="هيئة علماء بيروت">[http://www.allikaa.net/subject.php?id=98 هيئة عُلماء بيروت: الفاطميون بين حقائق التاريخ وظلم المؤرخين؛ إعداد: الشيخ سمير رحّال] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161204151004/http://allikaa.net/subject.php?id=98 |date=04 ديسمبر 2016}}</ref>
 
يتَّجهُ الرأي العام الشيعي القديم والمُعاصر إلى التمجيد بالدولة الفاطميَّة، رُغم أنَّ غالب الشيعة يتبعون المذهب [[جعفرية|الجعفري]] [[شيعة إثنا عشرية|الاثنا عشري]]، عكس الدولة الفاطميَّة التي اتبعت المذهب الإسماعيلي، ففي العهد الفاطميّ بدأ الشيعة يتحرّكون في [[بلاد الشام|بلاد الشَّام]] وينشطون ثقافيًّا وسياسيًّا. وعاشوا فترة حُريَّة واستقرار، نشطت فيها حركة التشيُّع في بلاد الشام. وعن هذه الفترة يقول الإمام [[جلال الدين السيوطي|جلالُ الدين السيوطي]]: {{اقتباس مضمن|غَلَا الرَّفْضُ وَفَارَ فِي بِمِصْرَ وَالمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ}}.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[جلال الدين السيوطي|السيوطي، الإمام الحافظ جلالُ الدين عبدُ الرحمٰن بن الكمال أبي بكر بن مُحمَّد]]|العنوان= [[تاريخ الخلفاء (كتاب)|تاريخ الخُلفاء]]|الإصدار= الأولى|الصفحة= 406|السنة= 1425هـ - 2003م|الناشر= دار ابن حزم|المكان= بيروت - لُبنان}}</ref><ref>[http://alkafeel.net/islamiclibrary/faqh/ryadmasael/05.html#24 شبكة الكفيل العالميَّة، المكتبة الإسلاميَّة؛ كتاب «رياض المسائل الجزء الاول» مؤلف «الفقيه المدقق السيد عليّ الطباطبائي». نبذة عن التاريخ السياسي للتشيُّع في بلاد الشام] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160404111340/https://alkafeel.net/islamiclibrary/faqh/ryadmasael/05.html |date=04 أبريل 2016}}</ref> وقال بعضُ علماء الشيعة بأسبابٍ عديدة تدفع إلى تأييد الدولة الفاطميَّة والخُلفاء الفاطميين والإشادة بهم وبدولتهم، ومنها ما قاله العلَّامة الشيخ [[علي الكوراني|علي الكوراني العامليّ]]، من أنَّ الفاطميين أحيوا سُننًا نبويَّةً كثيرة، ففقرة «حَيَّ على خير العمل» بحسبه كانت في الواقع جُزءًا من الآذان زمن الرسول مُحمَّد و[[أبو بكر الصديق|أبي بكرٍ الصدِّيق]] وخلال قسم من خِلافة [[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]]، ثُمَّ أبطلها الأخير بحُجَّة أنَّ الناس قد يتصورون أنَّ [[الصلاة في الإسلام|الصَّلاة]] خيرٌ من [[الجهاد]] ويتركون [[الفتوحات الإسلامية|فتح البلاد]]، رُغم اعتراض آل البيت وبعض الصَّحابة والتابعين.<ref>[https://www.islam4u.com/ar/maghalat/%D8%AD%D9%8E%D8%B0%D9%8E%D9%81%D9%8E-%D8%B9%D9%85%D8%B1-%D8%AD%D9%8E%D9%8A%D9%91%D9%8E-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%88-%D8%A3%D8%AB%D8%A8%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9 مركز الإشعاع الإسلامي للدراسات والبحوث الإسلاميَّة، مقال بعنوان: "حَذَفَ عمر «حَيَّ على خير العمل» و أثبتها الشيعة"] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160517103839/http://www.islam4u.com:80/ar/maghalat/%D8%AD%D9%8E%D8%B0%D9%8E%D9%81%D9%8E-%D8%B9%D9%85%D8%B1-%D8%AD%D9%8E%D9%8A%D9%91%D9%8E-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%88-%D8%A3%D8%AB%D8%A8%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9 |date=17 مايو 2016}}</ref> وقد زَعَمَ ذلك بعض المُؤرخين الشيعة قديمًا، مثل [[الفضل بن شاذان]] الذي ادعى أنّ الإمام [[أبو يوسف|أبو يُوسُف]] و[[محمد بن الحسن الشيباني|مُحمَّد بن الحسن]] والإمام [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة النُعمان]]، قَدْ قالوا: {{اقتباس مضمن|كَانَ الآذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلُ اللهِ {{صلى الله عليه وآله وسلم}} وَعَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِن خِلَافَةِ عُمَر {{عنهما}} يُنَادَى فِيْهِ: "حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَل"}}.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[الفضل بن شاذان|الشيخ أبو مُحمَّد الفضل بن شاذان الأزدي النَّيسابوريّ]]|المؤلف2=تحقيق السيّد جلالُ الدين بن القاسم الحُسيني|العنوان= الإيضاح|الإصدار= الأولى|الصفحة= 201|السنة= 1402هـ - 1982م|الناشر= مؤسسة الأعلمي للمطبوعات|المكان= بيروت - لُبنان}}</ref> هذا بالإضافة إلى تمسّك الفاطميين بالعقيدة الشيعيَّة القائلة بإمامة آل البيت من نسل عليّ بن أبي طالب وفاطمة الزهراء للأُمَّة الإسلاميَّة، ورفعهم الشهادة بذلك في الآذان: «أشهدُ أنَّ عليًّا وَليُّ الله» بعد أن فسَّر فُقهاء الشيعة بأنَّ الآية الخامسة والخمسين من [[سورة المائدة]]: {{قرآن|إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}} نزلت بحق عليّ بن أبي طالب.
[[ملف:Muammar al-Gaddafi at the AU summit.jpg|تصغير|مُعمَّر القذَّافي، زعيمُ ليبيا مُنذُ سنة 1969 حتّى سنة 2011م. أعلن في إحدى تصريحاته أنَّه ينوي إحياء الخِلافة الفاطميَّة مُجددًا.]]
بالمُقابل، انقسم عُلماء أهل السُنَّة إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ يرى بأنَّ الدولة الفاطميَّة يسري عليها ما يسري على أغلب حقب الحُكم في التاريخ العربي والإسلامي عمومًا. أي لها من الانجازات الكثير، ولها من الخطايا الكثير أيضًا، وأنَّه من الخطأ الكبير أن تكون العصبيَّة والمذهبيَّة هي التي تُملي هذه المواقف الصادمة والجائرة بحق حقبة تاريخيَّة بأكملها والغض عن كُل الإيجابيَّات التي قدمتها الدولة الفاطميَّة، وعدم رؤية إلَّا ما هو سلبي أو التضخيم لبعضها، إلى حد التنكر لهذه الدولة وكأنَّها الحقبة الفاصلة بين تاريخين إسلاميين ولا شأن لها بالإسلام.<ref name="هيئة علماء بيروت" /> وقسمٌ آخر يؤيَّد خِلافة الفاطميين ويؤكِّد نسبهم العَلوي ويُدافع عنهم، ومن أبرز عُلماء أهل السُنَّة القائلين بذلك: قديمًا [[المقريزي]] و[[ابن خلدون]]، ومن المُعاصرين: [[عباس محمود العقاد|عبَّاس محمود العقَّاد]]،الذي وصف اتهام الفاطميين في نسبهم بالدعوى المُنتظرة، وأنَّ البواعث إليها كانت مُتعددة مؤكدًا أنَّ ذلك مرجعه إلى أنَّ الفاطميين كان يطلبون الخِلافة ويعتمدون في طلبها على النسب وكانوا يُهددون بمساعيهم في طلب الخِلافة خصومًا كثيرين يملكون الدول في المشرق والمغرب ولا يُريدون النزول عمَّا ملكوه، أو لا يُريدون بعبارةٍ أُخرى أن يسلموا للفاطميين صحَّة النسب الذي يعتمدون عليه.<ref name="هيئة علماء بيروت" /> أمَّا القسم الثالث والأخير من عُلماء أهل السُنَّة، فلا يعترفون بشرعيَّة الخِلافة الفاطميَّة، ويعتبرونها قد أضرَّت الإسلام والمُسلمين، فقد اعتبر [[ابن كثير]] أنَّ الخُلفاء الفاطميين كانوا من أجبر زُعماء المُسلمين وأظلمهم، وأنجسِ الملوكِ سيرةً، وأخبثهم سريرة، وأنَّه من كثرة خبثهم ونفاقهم ظهرت في دولتهم البدعُ والمُنكراتُ وكثر أهلُ الفسادِ، وقلَّ عندهم الصالحون من العُلماءِ والعبادِ، و«كثر بأرضِ الشامِ [[مسيحية|النصرانيةُ]] و[[موحدون دروز|الدرزيةُ]] و[[حشاشون|الحشيشيةُ]]» نتيجة سوء تدبيرهم وإدارتهم، وكان من نتيجة ذلك أن أخذ الإفرنج بيت المقدس.<ref name="صيد الفوائد">[http://www.saaid.net/Doat/Zugail/294.htm شبكة صيد الفوائد:قراءاتٌ تاريخيةٌ؛ اغتيالاتُ علماءِ وأمراءِ أهلِ السنةِ والجماعةِ. ] بقلم عبد الله زُقَيْل. تاريخ التحرير: [[3 شوال|3 شوَّال]] [[1424 هـ]] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150924093130/http://www.saaid.net/Doat/Zugail/294.htm |date=24 سبتمبر 2015}}</ref> وأورد هؤلاء بطش الفاطميين ببعض عُلماء أهل السُنَّة، ومنهم الإمام أبو بكر مُحمَّد بن أحمد بن سهل الرملي، الشهير بابن النابلسي، الذي قيل بأنَّهُ تهجَّم على المُعز لدين الله وقال له وجهًا لوجه أنَّهُ يجب على المُسلمين قتال الفاطميين كونهم غيّروا دين الأُمَّة وادعوا ما ليس لهم وقتلوا الصالحين، فأمر المُعز أن يُضرب النابلسي ضربًا مُبرحًا، ثُم أن يُسلخ جلده حيًّا.<ref name="صيد الفوائد" /> كما يروي أصحاب هذا الاتجاه أنَّ عُبيد الله المهدي لمَّا دخل القيروان أمر بتعليق رؤوس [[خروف|الأكباش]] و[[حمار|الحُمر]] على الحوانيت عليها قراطيس معلقة فيها أسماء الصحابـة، الأمر الذي أدّى إلى انتفاض وثورة عُلماء [[مالكية|المالكيَّة]].<ref>[http://ar.islamway.net/article/4810/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B3-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D8%A3%D8%AF%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85 موقع طريق الإسلام: الدولة الفاطميَّة: بين مواقف مالكيَّة الأمس ومواقف أدعياء المالكيَّة اليوم] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170401205521/http://ar.islamway.net:80/article/4810/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B3-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D8%A3%D8%AF%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85 |date=01 أبريل 2017}}</ref>