تاريخ جنوب السودان: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:إضافة بوابة (2.1) (بوابة:السودان)
ط WPCleaner v2.0b - باستخدام وب:فو (تدرج العناوين)
سطر 2:
'''تاريخ جنوب السودان''' عبارة عن الحقب الزمنية التي شهدها [[جنوب السودان]] والأحداث السياسية والاجتماعية التي ميزت كل حقبة.
==لمحة تاريخية==
==== بداية مشكلة جنوب السودان ====
تعاملت حكومة الاحتلال مع الجنوب بشكل منفصل عن الشمال، وذلك تمهيدا لتنفيذ واحد من ثلاثة خيارات بحثتها السلطات الإنجليزية<ref name="ReferenceC">السودان من الحكم البريطاني المباشر إلى فجر الاستقلال، سير جيمس روبرتسون، تعريب مصطفى عابدين الخانجي، دار الجيل بيروت 1996</ref>:
* فصل الجنوب عن الشمال وضمه ليوغندا.
سطر 13:
* تغييب الدعوة الإسلامية مع تشجيع التبشير المسيحي
* قانون المناطق المقفولة
===== قانون المناطق المقفولة =====
[[ملف:Charles Gordon Pasha 1.jpg|تصغير|170بك|يسار|غوردون باشا آخر حكام العهد التركي المصري]]
عمدت إدارة الحكم الثنائي إلى إصدار ما عرف بقانون المناطق المقفولة والذي حددت بمقتضاه مناطق في السودان يحرم على الأجانب والسودانيين دخولها أو الإقامة فيها دون تصريح رسمي. وشمل القانون 7 مناطق متفرقة من السودان: [[دارفور]] و[[بحر الغزال]] ومنقلا [[السوباط|والسوباط]] ومركز بيبور ـ وهي مناطق تقع في [[جنوب السودان]] بالإضافة إلى مناطق في [[كردفان]] وجبال النوبة وشمال السودان ومن مظاهر ذلك القانون حرمان السوداني الشمالي من إنشاء المدارس في الجنوب إذا سمح له بالإقامة فيها. وإذا تزوج بامرأة جنوبية فلا يستطيع أخذ أطفاله عند عودته إلى شمال السودان.<ref>
سطر 21:
وفي عام [[1922]] م، انحصر قانون المناطق المقفولة على [[جنوب السودان]]. وصدرت في عام [[1930]] م، توجيهات وأحكام هدفها منع التجار الشماليين من الاستيطان في الجنوب ووقف المد الثقافي العربي والدين الإسلامي من الانتشار في [[جنوب السودان]]، بل أن ارتداء الأزياء العربية التقليدية كالجلباب والعمامة كان محظورا على الجنوبيين. هذه السياسة التي وصفها أنتوني سيلفستر [[أبارتيد|بالأبارتيد]] الجنوبي تم التخلي عنها فجأة بعد [[الحرب العالمية الثانية]] أي بنهاية عام [[1946]].
 
===== موقف التنمية في الجنوب =====
نظرا لقلة الإيرادات في الجنوب فقد عجزت الحكومة الاستعمارية عن إحداث تنمية ملموسة في الجنوب، فقد أوكلت مهام الصحة والتعليم إلى الإرساليات التبشيرية دون دعم من الحكومة حتى العشرينات حين بدأت الحكومة في دعم الإرساليات وإنشاء خدماتها الموازية. وقد اعترف السير جيمس روبرتسون آخر السكرتيرين الإداريين في السودان بأن تلك الجهود المبذولة ما كان لها أن تعطي أي أثر ملموس في الإقليم الشاسع في وقت كان يتطور فيه الشمال بوتيرة متسارعة جدا. وقد أسهم قانون المناطق المقفولة في عزل أي تأثير إيجابي من الشمال.
 
في الأربعينات اعتمدت السلطات الاستعمارية خطة لتعمير الجنوب باستخدام جزء من منحة بريطانية قدمت للسودان. وقد تضمنت الخطة إنشاء مشاريع مثل مشروع الزاندي مصحوبة بعض الصناعات البسيطة كالسكر والصابون. وقد توقفت هذه الجهود باندلاع الحرب الأهلية التي مرت حتى القائم من هذه المشاريع<ref name="ReferenceC"/>.
 
===== مؤتمر جوبا 1947 =====
دعى السكرتير الإداري جيمس روبرتسون إلى عقد مؤتمر في جوبا بهدف بحث تمثيل الجنوب في المجلس التشريعي أو إنشاء مجلس تشريعي منفصل للجنوب. دعي للمؤتمر رؤساء القبائل الجنوبية والموظفين الجنوبيين المتعلمين، وعقد المؤتمر في جوبا في يونيو 1947. أوصى المؤتمر بتمثيل الجنوب في المجلس التشريعي ممهدا لوحدة السودان فيما بعد.
 
بحلول عام [[1950]]م، سمح للإداريين الشماليين ولأول مرة بدخول الجنوب وتم ادخال تعليم [[لغة عربية|اللغة العربية]] في مدارس الجنوب ورفع الحظر عن [[إسلام|الدعوة الإسلامية]]<ref>(Anthony Sylvester:Sudan Under Nimeiri, The Bodely Head, London,(1977),: ص. 154)</ref>.
 
===== الحرب الأهلية الأولى في جنوب السودان =====
في عام [[1955]] م، ظهرت بدايات [[الحرب الأهلية السودانية الأولى|الحرب الأهلية الأولى]] في السودان بعصيان كتيبة جنوبية تابعة [[القوات المسلحة السودانية|لقوة دفاع السودان]] في توريت في [[جنوب السودان]] لأوامر قادتها بالانتقال إلى شمال السودان، فسادت الفوضى في الجنوب وانفلت الأمن وتعرض كثير من الشماليين بالجنوب للقتل والأذى على أسس عرقية. واستمر الصراع لتسعة عشر عاما ليعيق تطور السودان عموما والجنوب خصوصا حيث توقفت مشاريع التنمية المحدوة القائمة أصلا.
===== مشكلة الجنوب في عهد عبود =====
وفيما يتعلق بمشكلة الجنوب فقد اعتمدت حكومة [[إبراهيم عبود|عبود]] الحل العسكري على نفس نهج الحكومة التي سبقتها،، وعينت بعض السياسيين الجنوبيين في مناصب قيادية كتعيين سانتينو دينق وزيرا للثروة الحيوانية - الذي حافظ على منصبه في كافة الحكومات المتعاقبة في تلك الفترة لمدة عشر سنوات وذلك بسبب الخط المتشدد الذي كان يتخذه ضد الحركات الانفصالية في الجنوب.<ref name="Mansour Khalid page 188">Mansour Khalid: The Government they Deserve,page 188</ref>
ويرى البعض أن مشكلة الجنوب لم تكن ضمن أولويات حكومة [[إبراهيم عبود|عبود]]. ولهذا فأنه لم يتقدم بأي طرح لحلها، ويستدلون على ذلك بأن الفريق [[إبراهيم عبود]] لم يشر أبدا إلى المشكلة في بيانه الأول يوم الاستيلاء على السلطة.<ref name="Mansour Khalid page 188"/>
سطر 43:
2a b Wells, Victor C. and Samuel P. Dilla, December 1993, "Colonization, Arabization, Slavery, and War, and War Against Indigenous Peoples of Southern Sudan" Fourth World Bulletin, Vol.3, No.1
</ref> لتشن [[حرب عصابات]] في المديريات الجنوبية الثلاث (أعالي النيل، وبحر الغزال، والاستوائية) مما أدى إلى تدهور في الوضع الأمني فيها.
==== مؤتمر المائدة المستديرة= ===
أبدت حكومة [[سر الختم الخليفة]] الانتقالية تسامحا في التعامل مع المعارضين الجنوبيين وضمت في عضويتها اثنين من أبناء الجنوب وأعلنت العفو العام عن المتمردين ودعت إلى مؤتمر حول المشكلة عرف بمؤتمر المائدة المستديرة الذي إنعقد في [[مارس]]/[[آذار]] [[1965]] م، بمدينة [[جوبا]] [[جنوب السودان|بجنوب السودان]] بهدف ايجاد حل لمشكلة الجنوب. وكان موقف الجنوبيين من القضية أثناء المؤتمر تتنازعه رؤيتان: الاتحاد federation والانفصال separation.
 
سطر 52:
 
استعرت الحرب الأهلية في الجنوب، وبدأ الجنوبيون المعارضون للحكومة في تنظيم انفسهم واستدرار تعاطف المجتمع الدولي واستنفارالرأي العام في الجنوب. وتم تأسيس حكومة السودان الجنوبية المؤقتة في المنفى كجناح مدني لحركة الأنيانيا. ثم أعلن المتمردون عن تأسيس "جمهورية النيل"، فحكومة "جمهورية انييدي" في المنفى.
==== إعلان 9 يونيو ====
تمثلت أولى خطوات حكومة النميري لتسوية مشكلة [[جنوب السودان]] في إعلان التاسع من [[يونيو]] / [[حزيران]] [[1969]] م، الذي انطلق من الأعتراف بالتباين والفوارق بين شمال السودان وجنوبه، وحق الجنوبيين في أن يطوروا ثقافتهم وتقاليدهم في نطاق سودان "اشتراكي" موحد مما يشكل نقطة تحول كبرى في سياسات الشمال تجاه [[جنوب السودان]] حيث أن ذلك يعني التخلي عن أهم توجه الأحزاب الشمالية في تسوية إشكالية الجنوب عن طريق نشر الثقافة العربية والدين الإسلامي في الأقاليم الجنوبية، لكن ذلك لم يشفع للنظام انتمائه الواضح لليسار في نظر المتمردين الجنوبيين الذين استغلوا هذا التوجه السياسي الجديد للشمال، فأعلنوا انهم يحاربون الشيوعية والتدخل السوفيتي في الجنوب.<ref>عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية مايو 1969 م - أبريل 1985 م، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، الخرطوم (1995).</ref>
بدأت حكومة نميري أولا بالاهتمام بالمسيحية، وجعلت العطلة الإسبوعية في الجنوب يوم الأحد بدلا عن يوم الجمعة، وسعت إلى تحسين علاقتها مع الكنيسة وبالتالي تحسين علاقات السودان بالغرب ومع البلدان الأفريقية وفي مقدمتها إثيوبيا التي كانت تحتضن قادة التمرد الجنوبيين.
===== إتفاقية أديس أبابا =====
وفي ظل هذه التحولات السياسية تم التوقيع على [[إتفاقية أديس أبابا]] في 3 مارس [[1972]] م، بين حكومة السودان والمتمردين الجنوبيين تحت وساطة إثيوبية ومجلس الكنائس العالمي ومجلس عموم أفريقيا الكنسي،<ref>[http://www.splamilitary.net/documents/THE%20ADDIS%20ABABA%20AGREEMENT 武蔵村山新築図録 | 武蔵村山には新築がいっぱい♪<!-- عنوان مولد بالبوت -->] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160425055012/http://splamilitary.net/documents/THE%20ADDIS%20ABABA%20AGREEMENT/ |date=25 أبريل 2016}}</ref>
وتمخضت الاتفاقية عن وقف لأطلاق النار واقرار [[حكم ذاتي|لحكم ذاتي]] إقليمي تضمن إنشاء [[برلمان|جمعية تشريعية]] ومجلس تنفيذي عال، ومؤسسات حكم إقليمي في [[جنوب السودان]] واستيعاب ستة آلاف فرد من قوات حركة [[الأنيانيا]] في [[القوات المسلحة السودانية]].<ref>عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية مايو 1969 م - أبريل 1985 م، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، الخرطوم (1995) ص. 31</ref> كمااعترفت الاتفاقية باللغة العربية كلغة رسمية للبلاد واللغة الإنجليزية كلغة عمل رئيسية في [[جنوب السودان]] وكفلت حرية العقيدة وحرية إقامة المؤسسات الدينية في حدود المصلحة المشتركة وفي إطار القوانين المحلية. وجدت الاتفاقية معارضة من قبل بعض القوى السياسية أبرزها الاتحاد العام [[مرتفعات النوبة|لجبال النوبة]] الذي وصفها وعلى لسان زعيمه الأب [[الحزب القومي السوداني|فيليب عباس غبوش]] بأنها تمثل خيانة لقضية السودانيين الأفارقة. كما انتقدها دعاة الانفصال من الجنوبيين لأنها لا تلبي مطامحهم وانتقدها أيضا [[قومية عربية|القوميون العرب]] من السودانيين. وأشار نقادها إلى وجود ثغرات بها مثل [[حق النقض|حق الفيتو]] الذي يتمتع به رئيس الجمهورية ضد أي مشروع قرار صادر عن حكومة [[جنوب السودان]] يرى بأنه يتعارض مع نصوص الدستور الوطني. وواقع الحال أن الغرض من وضع هذا النص هو لكي يكون صمام أمان لوحدة البلاد.
سطر 64:
[[ملف:John Garang of Sudan.jpg|تصغير|[[جون قرنق|جون قرنق دي مابيور]].]]
 
===== الحرب الأهلية الثانية =====
وبحلول عام [[1983]] م، بلغ الاحتقان ذروته وتفجر الوضع في الجنوب عندما رفضت فرقة عسكرية في مدينة [[واو]] عاصمة إقليم [[بحر الغزال]] بالجنوب الأوامر الصادرة إليها بالانتقال إلى الشمال واغتالت الضباط الشماليين وفرت بعتادها إلى الغابة مطلقة على نفسها اسم حركة "انيانيا ـ 2 "، وهكذا بدأ [[التمرد]] الثاني.<ref>
عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية مايو 1969 م - أبريل 1985 م، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، الخرطوم (1995) ص. 60
سطر 70:
وأرسلت الحكومة ضابطا جنوبيا برتية عقيد هو [[جون قرنق|جون قرنق دي مابيور]] لتثنية الفرقة المتمردة عن تمردها وحثها على إلقاء السلاح، إلا أن العقيد جون قرنق إنضم الي المتمردين في الغابة بدلا عن تهدئتهم واقناعهم بالعدول عن التمرد، منشئا [[الجيش الشعبي لتحرير السودان]] وجناحها المدني [[الحركة الشعبية لتحرير السودان]]. وبدأ العد التنازلي لحكم جعفر نميري، والسودان بدون دستور دائم أو نظام للحكم متفق عليه مع حرب مستعرة في جنوبه وحالة من الأرتباك السياسي والضبابية لم يعهدها من قبل.
 
==== الديمقراطية الثالثة= ===
اتسمت فترة [[الديمقراطية]] الثالثة بعدم الاستقرار، إذ تم تشكيل خمس [[حكومة ائتلافية|حكومات ائتلافية]] في ظرف أربع سنوات. قام الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي خرج من الحكومة الائتلافية بتوقيع اتفاق سلام مع [[الحركة الشعبية لتحرير السودان]] التي حققت انتصارات عسكرية نتيجة للمساعدات العسكرية والدعم السياسي الذي تلقته من [[إثيوبيا]] وبعض الدول الأفريقية المجاورة للسودان، والمنظمات الكنسية. ونص الأتفاق على وقف لإطلاق النار إلى جانب رفع حالة الطواريء بغية تمهيد الطريق أمام مؤتمر دستوري عام، على أن يسبقه تجميد العمل [[حد (عقوبة)|بالعقوبات الحدية]] (الشريعة الإسلامية أو قوانين سبتمبر كما كان يطلق عليها) أواستبدالها بقوانين جديدة مماثلة.