ثقافة: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Jobas1 (نقاش | مساهمات)
الرجوع عن تعديل معلق واحد من 85.182.218.170 إلى نسخة 31440684 من Bo hessin.
لا ملخص تعديل
سطر 1:
[[ملف:Gobustan ancient Azerbaycan full.jpg|تصغير|النقوش الصخرية في [[غوبوستان]] بأذربيجان، والتي يعود تاريخها إلى 10،000 سنة قبل الميلاد مما يدل على ثقافة مزدهرة.]]
 
'''الثقافة''' هو [[سلوك اجتماعي]] و<nowiki/>[[معيار اجتماعي|معيار]] موجود في [[مجتمع|المجتمعات]] [[بشرية|البشرية]]. تعتبرتعدّ الثقافة [[مفهوم|مفهوما]] مركزيا في [[علم الإنسان|الأنثروبولوجيا]]، يشمل نطاق الظواهر التي تنتقل من خلال [[التعلم]] الاجتماعي في المجتمعات البشرية. بعض جوانب السلوك الإنساني، والممارسات الاجتماعية مثل الثقافة، والأشكال التعبيرية مثل [[فن|الفن]]، [[موسيقى|الموسيقى]]، [[رقص|الرقص]]، [[الطقوس]]، و<nowiki/>[[تكنولوجيا|التقنيات]] مثل استخدام الأدوات، [[طبخ|الطبخ]]، [[مأوى|المأوى]]، و<nowiki/>[[ملابس|الملابس]] هي بمثابة [[كليات ثقافية]]، توجد في جميع المجتمعات البشرية. مفهوم [[ثقافة مادية|الثقافة المادية]] يغطي التعبيرات المادية للثقافة، مثل التكنولوجيا، و<nowiki/>[[عمارة|الهندسة المعمارية]] والفن، في حين أن الجوانب [[ثقافة غير مادية|غير المادية للثقافة]] مثل مبادئ التنظيم الاجتماعي (بما في ذلك ممارسات منظمة سياسية واجتماعية المؤسسات)، [[علم الأساطير|الأساطير]]، [[فلسفة|الفلسفة]]، الأدب (على حد سواء المكتوب والشفوي)، و<nowiki/>[[علم|العلم]] يتكون من [[تراث ثقافي غير مادي|التراث الثقافي غير المادي]] للمجتمع.<ref>Macionis, John J; Gerber, Linda Marie (2011). Sociology. Toronto: Pearson Prentice Hall. p. 53. <nowiki>ISBN 978-0137001613</nowiki>. OCLC 652430995.</ref>
 
 
 
في [[علوم إنسانية|العلوم الإنسانية]]، كان الشعور بالثقافة بصفتها سمة للفرد هو الدرجة التي يزرعون بها مستوى معين من التطور في [[الفنون]] أو العلوم أو [[تعليم|التعليم]] أو [[أخلاق|الأخلاق]]. كما ينظر أحيانا إلى مستوى التطور الثقافي على أنه يميز [[حضارة|الحضارات]] عن المجتمعات الأقل تعقيدا. توجد أيضا وجهات نظر هرمية حول الثقافة في التمييز الطبقي بين [[ثقافة عالية|الثقافة الرفيعة]] لل<nowiki/>[[نخبة]] الاجتماعية وبين [[ثقافة منخفضة|الثقافة المتدنية]] أو [[ثقافة شعبية|الثقافة الشعبية]] أو الثقافة [[فلكلور|الفكلورية]] للطبقات الدنيا، تتميز بالوصول إلى طبقة رأس المال الثقافي. في اللغة الشائعة، غالبا ما تستخدم الثقافة للإشارة على وجه التحديد إلى العلامات الرمزية التي تستخدمها المجموعات الإثنية لتمييز نفسها بشكل واضح عن بعضها البعض مثل الملابس أو [[مجوهرات|المجوهرات]]. تشير الثقافة الجماهيرية إلى أشكال الإنتاج الجماعي والمستنير للثقافة الاستهلاكية التي ظهرت في القرن العشرين. وقد جادلت بعض مدارس الفلسفة، مثل الماركسية والنظرية النقدية، أن الثقافة غالبا ما تستخدم سياسيا كأداة للنخب للتلاعب في الطبقات الدنيا وخلق وعي زائف، وهذه المناظير شائعة في مجال الدراسات الثقافية. في العلوم الاجتماعية الأوسع، يرى المنظور النظري للمادية الثقافية أن الثقافة الرمزية البشرية تنشأ من الظروف المادية للحياة البشرية، حيث أن البشر يهيئون الظروف للبقاء البدني، وأن أساس الثقافة موجود في التصرفات البيولوجية المتطورة.
السطر 8 ⟵ 10:
 
== مجالات ارتقاء المثل الإنسانية ==
في غضون القرن التاسع عشر، كان لأنصار الحركة الإنسانية الكلاسيكية ومنهم الشاعر والكاتب الإنجليزى [[ماثيو أرنولد|ماثيو آرنولد]] (1822-1888) Matthew Arnold مفهوما آخر لكلمة "الثقافة" حيث استخدموا هذا المصطلح للإشارة إلى الصورة المثلى في دماثة الخلق، أو بصورة أخرى الوصول إلى "أفضل ما توصل إليه البشر من طرق للتفكير قيلت أو اعتقد فيها في ذلك الوقت ".<ref name="anarchy">آرنولد، ماثيو. 1869. [http://www.library.utoronto.ca/utel/nonfiction_u/arnoldm_ca/ca_all.html ''الثقافة والفوضى«.] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170819125333/http://www.library.utoronto.ca:80/utel/nonfiction_u/arnoldm_ca/ca_all.html |date=19 أغسطس 2017}}</ref> ويعتبرويعدّ مفهوم "الثقافة" قريب الشبه من مفهوم "بيلدونج" "bildung" باللغة الألمانية والذي يعنى أن:".. الثقافة تهدف بدورها إلى تحقيق غاية الكمال عن طريق التعرف على أفضل ما تم الوصول إليه فكرا وقولا في كل ما يهمنا بصورة أساسية على مستوى العالم كله في ذلك الوقت<ref name="anarchy"/>.
 
وبصورة عملية، فإن مفهوم الثقافة يشير إلى كل ما هو مثالي أو يجتمع علية القوم أو الصفوة وكل ما هو وثيق الصلة بمثل هذه الأمور مثل فن الرسم والنحت، الموسيقى الكلاسيكية، فن الطبخ المتميز والأزياء الراقية، والخلق الكريم<ref name="مولد تلقائيا1">ويليامز(1983) Williams، صفحة 90. ومما هو مدون في كل من شقير روي عام (1994). Shuker Roy، '''' فهم الموسيقى الشعبية، صفحة 5.رقم0- 415-10723-7</ref>، أن التعريفات المعاصرة للثقافة تندرج تحت ثلاثة تصنيفات أو مزيج من الثلاثة التالية:
السطر 18 ⟵ 20:
 
يرى [[ماثيو أرنولد|ماثيو آرنولد Matthew Arnold]] تناقضا بين كلا من مفهومى "الثقافة" و"الفوضى السياسية"؛ مقلدا في ذلك عدد من الفلاسفة الآخرين مثل [[توماس هوبز|توماس هوبس]] Thomas Hobbes وجان جاك روسوو Jean-Jacques Rousseau الذين رؤوا تناقضا بين مفهوم "الثقافة" و"حالة الإنسان الطبيعية"وبالنسبة إلى هوبز وروسوو فيرى كلا منهما أن سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر والذين تعرضوا للغزو من قبل الأوروبيين بداية من القرن السادس عشر كانوا يعيشون بدافع الغريزة أو الفطرة، وقد تم التعبير عن هذا من خلال التناقض بين "المتمدنين " و"غير المتمدنين". ووفقا لهذه الطريقة في التفكير، فيمكن للمرء أن يصنف بعض الدول والشعوب على أنها أكثر تحضرا من غيرها، وأن يصنف بعض الناس على أنهم أكثر ثقافة من غيرهم. ومن ثم أدى هذا التناقض إلى توصل كلا من هربرت سبنسر Herbert Spencer إلى نظريته الداروينية الاجتماعية Social Darwinism، ولويس هنرى مورغان Lewis Henry Morgan إلى نظريته التطور الثقافى.وعلى هذا النحو، فقد أشار بعض النقاد إلى أن التمييز بين الثقافات المتحضرة والمتخلفة يعزى في واقع الأمر إلى وجود حالة من الصراع بين الصفوة من الأوروبيين وغيرهم ممن هم ينتمون إلى طبقة اجتماعية أدنى، هذا وأرجع بعض النقاد الفجوة بين الشعوب المتحضرة وغيرهم من الشعوب الغير متحضرة إلى الصراع القائم بين كلا من الإمبراطورية البريطانية من جهة وبين رعاياها من جهة أخرى.
[[ملف:Edward Burnett Tylor.jpg|تصغير|يسار|upright|يعتبريعدّ عالم الإنثربولوجيا البريطاني ادوارد تايلور Edward Tylor واحدا من أول العلماء الناطقين بالإنجليزية ممن استخدموا مصطلح الثقافة بالمعنى الواسع والعالمى]]
 
هذا وقد وافق بعض من نقاد القرن التاسع عشر، ممن اعقبوا روسو، على هذا الاختلاف بين ثقافة ما عرف بالأعلى والأدنى، ولكنهم في الوقت ذاته أقروا بأن محاولة التعديل والتكلف في صياغة قالب من الثقافة عالية المستوى على أنه افساد بل ومحاولة تعديل في غير موضعه والذي من شأنه جلب المفسدة والتشوه لفطرة الله التي فطر الناس عليها. ويعتبرويعدّ هؤلاء النقاد أن الموسيقى الشعبية أو ما يعرف بالفلكلور (والتي تنتجها أفراد الطبقة العاملة) تعبيرا صادقا عن شكل من أشكال الحياة الطبيعية، في حين تبدو الموسيقى الكلاسيكية سطحية ومنحلة. وبنفس القدر، تصور وجهة النظر هذه الشعوب الأهلية على أنها "نبلاء بدائيون" حيث يعيشون حياة فطرية غير معقدة لا تشوبها شائبة، ولم تعبث بها أيدى أنظمة الغرب الفاسدة الطبقية الرأسمالية.
 
وفي عام 1870، قام إدوارد تايلور Edward Tylor (1832-1917) بتطبيق أفكار الثقافة الأعلى في مقابل الثقافة الأدنى في محاولة من شأنها اقتراح نظرية التطور الدينى. طبقا لهذه النظرية، يتطور الدين لدى الفرد من شكل الشرك المتعدد إلى شكل التوحيد المطلق.<ref>مكلينن McClenon، صفحة 528 -529</ref> أعاد تايلور في هذه العملية تعريف الثقافة بأنها مجموعة متنوعة من الأنشطة المميزة لجميع المجتمعات البشرية. وبذلك مهدت وجهة النظر هذه الطريق لفهم الثقافة الحديثة.
السطر 64 ⟵ 66:
ومع ذلك، فإن مصطلح "الثقافة" ينطبق على الكائنات غير البشرية إلا إذا قصدنا أية ثقافة كانت أو أى سلوك مكتسب كان.وفي ظل الأنثروبولوجيا المادية السائدة، يميل العلماء إلى الاعتقاد بضرورة وجود تعريف أكثر تحديدا.يهتم هؤلاء الباحثين بعلة ارتقاء البشر ليكونوا مختلفى الطباع عن بقية الفصائل الأخرى. وهناك تعريف أكثر دقة لمفهوم الثقافة، والذي يستثني السلوك الاجتماعى للحيوانات من غير البشر، والذي من شأنه أن يسمح لعلماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية بدراسة كيفية تطور قدرة البشر الفريدة على اكتساب مفهوم "الثقافة".
 
وتعتبروتعدّ فصيلة الشمبانزي (سكان الكهوف والبانيسكس) Pan troglodytes and Pan paniscus بشرا أى (قريبى الشبه بالإنسان العاقل) وهما الأقارب الأكثر شبها ببعضهما بمعنى، أن كلاهما ينحدر من سلف مشترك والذي عاش قبل نحو خمسة أو ستة ملايين سنة. هذا واستغرق كل من هو الخيول وحمير الزرد، والأسود والنمور، والفئران والجرذان، نفس المقدار من الوقت تقريبا لتتباعد عن أسلافها المشتركة<ref>إم. كنج وأ ويلسون 1975 "التطور على مستويين: في البشر وقردة الشمبانزي" ''العلم'' 188: 107-116</ref>. حيث تميز تطور البشرية المعاصرة بالسرعة: فعلى سبيل المثال لقد تطور (الأوسترالابيثاسينز) Australopithicenes منذ ما يقرب من أربعة ملايين سنة مضت، على عكس ما هو الحال بشأن الإنسان المعاصر الذي استغرق عدة مئات الآلاف من الأعوام<ref>سترينجر ومكيو 1996 ''الهجرة الجماعية الأفريقية: أصول الإنسانية المعاصرة.'' لندن: كايب</ref> ولقد طورت الإنسانية خلال هذا الحقبة ثلاث سمات مميزة ألا وهي:
 
:(أ) القدرة على تكوين واستخدام الرموز التقليدية، بما في ذلك الرموز اللغوية ومشتقاتها، مثل اللغة المكتوبة والرموز الرياضية والملاحظات؛ (ب) القدرة على تكوين واستخدام الأدوات المعقدة وغيرها من التكنولوجيا المفيدة، و(ج) القدرة على تكوين مؤسسات وهيئات اجتماعية ذات طابع راقى.<ref name="autogenerated2">مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد''الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 510</ref>
يرى مايكل توماسيلو Michael Tomasello، عالم نفس النمو أن السؤال الجوهرى الذي يطرح نفسه هو " من أين جاءت هذه الممارسات السلوكية الفريدة والمعقدة لتلك الفصائل وما يصحبها من مهارات معرفية ؟. فبما أن الفترة متباعدة جدا ما بين البشر المعاصرين وقردة الشمبانزى من ناحية وبين الخيول وحمير الزرد والفئران والجرذان من ناحية أخرى، وبما أن التطور البالغ التباين بينهم حدث قي فترة قصيرة من الزمن، " ينبغى أن يقوم هذا البحث على قدر قليل من الاختلاف والذي نجم عنه اختلاف بالغ الكبر، بمعنى آخر - بعض التكيف، أو قليل من ذلك التكيف، والذي غير عملية التطور المعرفي للحيوانات الراقية بشتى الطرق. " لا بد وأن الإجابة على هذا السؤال سوف تشكل أساسا لوجود تعريف علمي لمفهوم "ثقافة البشر. كما يراه توماسيلو" Tomasello<ref name="autogenerated2"/>.
 
يرى توماسيلو -في ضوء نتائج البحث الأساسي والذي يضم دراسة حول الإنسان والحيوانات الراقية وما اكتسبت من مهارات التعامل مع الأخرىن واستخدام الأدوات وآليات التعلم - بأن سر تقدم الإنسان على تلك المخلوقات يتمثل في (اللغة، والتكنولوجيات المعقدة، التنظيم الاجتماعي المتشعب) وتعتبروتعدّ كلها عوامل تمخضت عن كم الموارد المعرفية الهائلة لدى البشر. وهذا ما يسمى "بالتأثير التدريجى" أي: "مشاركة مجموعة من الأشخاص أفكارا مبتكرة يعملون على نشرها فيما بينهم وفى الوقت ذاته يتم اختيار زعماء لتلك المجموعة من الشباب قي مقتبل العمر حتى تساعدهم لأن يظلوا كوحدة متضامنة قي نموذج متجدد إلى أن تأتى بارقة أمل على الطريق". ويتسم الأطفال حديثى الولادة بالمهارة في تعلم سلوك اجتماعى من نوع خاص بالفطرة. لعل من أهم ما ترتب على ذلك خلق بيئة محببة للابتكار الاجتماعى لديهم، مما جعلهم أكثر قدرة على التكيف ليس هذا فحسب بل والتواصل مع الأجيال الجديدة على عكس ما هو الحال في الابتكار الفردي.<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد''الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 512</ref> وكما يرى توماسيلو ينقسم التعلم الاجتماعى -هذا الذي يميز الإنسان عن غيره من الحيوانات الراقية والذي يمثل دورا محوريا في عملية التطور الإنسانى -إلى عنصرين: أما الأول، فهو ما يسمي"التعلم عن طريق المحاكاة، "(في مقابل "التعلم عن طريق المنافسة" والذي تتصف به فصيلة القرود الأخرى)، وأما الثاني، ففى الواقع يعبر البشر عن تجاربهم بطريقة رمزية (بدلا من طريقة التماثيل، كما هو الحال بالنسبة للحيوانات الأخرى). لذلك يمكن كلا من هذين العنصرين البشر من الوصول إلى درجة من الإبداع والحفاظ على المخترعات المفيدة في نفس الوقت. وعلى هذا النحو ينتبلور ما يسمى بالتأثير التدريجى.
 
[[ملف:chimpanzee mom and baby.jpg|upright|تصغير|الشمبانزي الأم والطفل]]
السطر 76 ⟵ 78:
يمثل التعلم بطريقة المنافسة النوع المتعارف عليه بين فصيلة الحيوانات الراقية حيث يركز على الأحداث البيئية المتطورة - ما ينتج من تغييرات بيئية ناجمة عن تصرف الأخرىن - أكثر من التركيز على العوامل المسببة لهذه الأحداث."<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد ''الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 520</ref><ref name="autogenerated5">مايكل توماسيلو 1990 "نقل الثقافة في استخدام الشمبانزي للأداة والتواصل بالإشارات فيما بينهم ؟" في ''"اللغة" والذكاء لدى في القرود والقرود المقلدة: أبعاد تنمية مقارنة ''. إس. باركر، كا بيبسون. كامبريدج: صحافة جامعة كامبريدج.صفحات: 274-311</ref><ref>مايكل توماسيلو 1996 "هل القرود تقلد؟" ''التعلم الاجتماعي في الحيوانات: جذور الثقافة''. سى هايز وبى.جالف C. Heyes and B. Galefنيويورك: المطبعة الأكاديمية. ص: 319-346</ref> ويركز توماسيلو على أن التعلم بطريقة المنافسة لهو إستراتيجية للتكيف بدرجة عالية بالنسبة للقرود لأنه يركز على الآثار المترتبة على الفعل. ففى التجارب المختبرية، عرض على الشمبانزي طريقتين لاستخدام المجراف بوصفه أداة للحصول على شيء بعيد المنال نسبيا. اتسمت كلتا الطريقتين بالفعالية إلا أن إحداهما كانت أكثر فعالية من نظيرتها. ظل الشمبانزي مصرا على محاكاة الطريقة الأكثر فعالية.<ref name="autogenerated3">ناجال، كا، اولجن كا. وتوماسيلو إم. 1993"عمليات التعلم الاجتماعي في استخدام الشمبانزي للأداة من ''(عموم سكان الكهوف) (Pan troglodytes) '' وأطفال الإنسان ''(قرود السابينز) الشبيهة بالإنسان)" (Homo sapiens)'' في ''مجلة علم النفس المقارن'' 107: 174-186</ref>
 
تستعمل الحيوانات الراقية أمثلة عديدة لطريقة التعلم عن طريق المنافسة بشكل متعارف عليه تماماتضم صور استحمام قرود المكاك اليابانية، واستخدام الشمبانزي للأدوات، وتواصل الشمبانزى عن طريق الإيماءات أمثلة جلية على التعلم عن طريق المنافسة لدى الحيوانات الراقية. في عام 1953، لوحظت أنثى قرد من فصيلة المكاك والتي تبلغ من العمر 18 شهرا وقتذاك وهي تأخذ قطعة رملية من البطاطا (تم إعطائها للقرود بواسطة المراقبين) إلى نبع مائي (وفيما بعد، إلى المحيط) ليغسل ما علق بها من الرمال. ثم لوحظ نفس هذا السلوك بمرور ثلاثة أشهر بعد ذلك، على والدتها واثنين من رفاقها في اللعب، ومن ثم على أمهات رفاقهم في اللعب في نفس الوقت. ليس هذا فحسب وإنما شوهدت سبع غيرها من صغار قرود المكاك يتعمدون غسيل البطاطس الخاصة بهم، وقد تبنت هذه الممارسة نسبة ما يقرب من 40% من الجماعة.<ref>إس. كاوامورا 1959 S. Kawamura "عملية نشرالثقافات الفرعية بين قرود المكاك اليابانية" ''الحيوانات الراقية2'': 43-60</ref><ref name="ReferenceA">إم. كاواي 1965 "سلوك مجموعة قرود المكاك اليابانية على جزيرة كوشيما قي فترة ما قبل اكتساب الثقافة '' ''الحيوانات الراقية'' 6: 1-30</ref> تمثل هذه القصة مثالا صارخا على تقليد السلوك الإنساني إلا أنه ثبت بالدليل القاطع نفى ذلك. فتعتبرفتعدّ إزالة قردة المكاك الرمال عن طعامها سلوك فطرى بحت: تمت ملاحظة مثل هذا السلوك على تلك الفصيلة قبل ملاحظة الأولى وهي تغسل طعامها. وعلاوة على ذلك، فقد لوحظت عملية غسل البطاطا على أربعة قرود أخرى من نفس الفصيلة كل على حدة، مما يوحي بأنه قد تعلم ما لا يقل عن أربعة من القرود الآخرين أن تغسل الرمال بنفسها.<ref name="ReferenceA"/> فقد تتعلم بعض القرود الأخرى غسل طعامها بطريقة سريعة وهي لا تزال في أقفاصها.<ref>إى فيسالبيرغى ودى.إم فراكجسى E. Visalberghi and D.M. Fragaszy 1990 " سلوك غسل الغذاء لدى قرود الكبوشيون المعنقدة، ''سيبيوسابيلاCebusapella''، وقرود المكاك الكرابيتينج crabeating macaques، {1 }ماكاكا الفاسيكيوليس "Macaca fasciculais سلوك الحيوان (40): 829-836</ref> وأخيرا، تميز التعلم فيما بين قرود المكاك اليابانية بالبطء النسبى، هذا في الوقت الذي لم يتواكب فيه معدل تعلم الأعضاء الجدد في الفصيلة مع التزايد الواضح في أعداد الأعضاء. على هذا النحو إذا كانت المحاكاة هي الطريقة المستخدمة في التعلم، فإنه لابد لنسبة التعلم أن تتضاعف بشكل ملحوظ. فيعتبرفيعدّ غسل الطعام سلوكا كغيره من أنواع النظافة المتعارف عليها فيما بينهم بشكل طبيعي، كما يعتبريعدّ غسل الطعام سلوكا مكتسبا بالفطرة عند القرود التي تمكث منفردة بالقرب من المياه عوضا عن مسحه.فالبتالى يتبين أن كلا النوعين سواء الذي يظل برفقة القرد الذي غسل أولا أو الذي يمكث بجوار المياه مستمتعا بوقته، على دراية بكيفية غسل ما يحصلون عليه من البطاطا. كما يتضح لنا السبب في بطء معدل انتشار هذا السلوك.<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في ''مجلد الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 519</ref>
 
اكتسب الشمبانزي كثير من الأنشطة نتيجة لمعايشته عددا من السكان الذين يستخدمون أدوات متنوعة في نشاطهم اليومى مثل: صيد النمل الأبيض، وصيد النمل العادي، وغمس النمل، وشق الجوز، واستعمال أوراق الشجر ككمادات. يصطاد شمبانزى جومبى Gombe chimpanzees النمل الأبيض بواسطة عصا رفيعة صغيرة الحجم، ولكن يستخدم شمبانزي غربي أفريقيا عصا كبيرة الحجم لعمل حفرا في أكوام الطين واستخراج النمل الأبيض عن طريق الغرف بيديه. قد يرجع هذا التنوع إلى "العوامل البيئية" (فيوجد كثير من الأمطار بغربي أفريقيا، مما يجعل أكوام الطمى أكثر لينا وأسهل كسرا على عكس الحال بالنسبة للجومب بشرقى أفريقيا. وبالتالى، لدى قرود الشمبانزي القدرة على التعلم بطريقة المنافسة بشكل جيد. كما تتعلم صغار الشمبانزي كيفية تسلق فروع الأشجار وكيفية صيد الحشرات بطريقة فردية. فعندما يرون أمهاتهم يتسلقن الأشجار بغية صيد الحشرات من أجل غذائهم، يتعلموا على الفور أن يفعلوا ذلك بالمثل. وبعبارة أخرى، يقوم هذا الشكل من أشكال التعلم على أنشطة متعارف عليها من قبل الأطفال مسبقا.<ref name="autogenerated5"/><ref>مايكل توماسيلو 1996 "هل القرود تقلد؟" في ''التعلم الاجتماعي في الحيوانات: نسخة جذور الثقافة''. سى هايز C. Heyes وبى. جالف B.Galef. نيويورك: المطبعة الأكاديمية. ص: 319-346</ref>
السطر 85 ⟵ 87:
[[ملف:kidsindoorwayC.jpg|تصغير|يسار|الأطفال في القدس]]
[[ملف:Children in Namibia(1 cropped).jpg|تصغير|يسار|الأطفال في ناميبيا]]
يستخدم الأطفال طريقة التعلم بالمحاكاة ونقصد بها "اصدار استجابة مقصودة متوازنة مبنية على وعي تام مسبق لدى الطفل."<ref>[40] ^ ^ مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا. 28: 512</ref> فيبدأ الأطفال حديثى الولادة في إدراك بعض الأدلة من هذا النمط من التعلم في عمر يتراوح ما بين التاسعة والثانية عشر، وذلك عندما يركز الطفل انتباهه ليس على الشيء وإنما على طريقة النظر للكبار والتي تمكنه من الاستفادة منهم باعتبارهم أدلة يهدونه السبيل في وقت لاحق "وبنفس الطريقة يتصرف الطفل مع الأشياء بنفس الطريقة التي يتصرف بها الكبار".<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد ''الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 513</ref> وتعتبروتعدّ هذه العلاقة موثقة جيدا واصطلح على تسميتها "الصلة المشتركة" أو "الاهتمام المشترك."<ref>آر باكيرمان. وإل. آدامسون 1984 R. Bakerman and L. Adamson "الانتباه المنسق إلى الأشخاص والأشياء أثناء التفاعل بين الأم والرضع وإلى الأطفال الرضع بعضهم البعض في ''تنمية الطفل'' (55): 1278-1289</ref><ref>سى. مور وبى دنهام C. Moore and P. Dunham 1995 ''الاهتمام المشترك '' '': أصولها ودورها في التنمية.'' هيلسديل،: صحافة ايرلبم.</ref> كما يعرف التنامي في قدرة الأطفال على التعرف على الأخرىن عن طريق "العوامل المتعمدة:"حيث يكون لدى بعض "الناس " القدرة على السيطرة على تصرفاتهم العفوية" والذين "لديهم أيضا أهداف بحياتهم ويقومون باتخاذ قرارات مصيرية من خلال وسائل سلوكية معينة لتحقيق غاياتهم الذين يسعون من أجلها."<ref>إم توماسيلو M. Tomasello. 1995 "الاهتمام المشترك مثل الادراك الاجتماعي" في ''الاهتمام المشترك: أصولها ودورها في التنمية، ''. سى موور وبى دنهام C. Moore and P. Dunham. هيلسدال نيوجيرسي: صحافة ايرلبم الصفحات 103-130</ref>
 
== ادراك الطفل ==
تمد عملية نمو المهارات المشتركة بحلول نهاية العام الأول من حياة الطفل بأساس قوى للتعلم بطريقة المحاكاة يظهر بطبيعة الحال في العام الثاني. حيث قلد مجموعة أطفال يناهزوا الـ18 شهرا من العمر طريقة معقدة نسبيا لشخص بالغ في إضاءة مفتاح الكهرباء، وإن كان لدى تلك المجموعة من الأطفال طرق أكثر سهولة وأكثر طبيعية لتحقيق نفس الهدف.<ref>[45] ^ دابليو سى ميلتزوف 1988W. C. Meltzoff " تقليد الرضع بعد تأخير لمدة اسبوع: الذاكرة طويلة الأمد لأفعال جديدة ومؤثرات متعددة" في ''علم النفس النمو'' 24: 470-476</ref> وفي دراسة أخرى، تعامل فيها مجموعة أخرى من الأطفال في عمر ال 16 شهرا مع البالغين الذين استخدموا سلسلة معقدة من الحركات بدت مقصودة بعض الشيء، ومجموعة مماثلة من الحركات بدت عرضية نوعا ما، بدأ الأطفال في محاكاة تلك الحركات التي تبدو متعمدة.<ref>إم. كاربنتر، إن أختار، إم توماسيلو 1998 M. Carpenter، N. Akhtar، M. Tomasello "تقليد لرضع قي السادسة عشر شهرا من العمر لحركات متعمدة بشكل تفاضلي " '''' في ''التنمية السلوكية للرضع'' 21: 315-330</ref> وكشفت دراسة أخرى تم اجراؤها على مجموعة من الأطفال يناهزون ال 18 شهرا عن أنهم يحاكون البالغين في حركاتهم المتعمدة، والتي لا تشترط أن ينجحوا في تنفيذها بدرجة صحيحة في كل الأحيان.<ref>آ. ميلتزوف 1995A. Meltzoff "فهم نوايا الآخرين: إعادة تفعيل الأعمال التي يقوم بها الأطفال البالغين من العمر 18 شهرا" في علم النفس التنموي ''31: 838-850</ref>
ركز توماسيلو على أن هذا النوع من التعلم بالمحاكاة " يعتمد أساسا على قدرة الرضع على تمييز البالغين، وعلى قابليتهم على التعرف على تصرفات الآخرين والهدف من ورائها والوسائل المختلفة التي يمكن استخدامها لتحقيق ذلك."<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا. 28: 514</ref> يسمى ماسيلو هذا النوع من التعلم ب"التعلم الثقافي لأن تعلم الطفل ليس مجرد تعلم مجموعة أشياء من الأشخاص الآخرين، وإنما يعتبريعدّ أيضا تعلم أشياء من خلالهم—بمعنى أنه يجب أن يعرف شيئا عن وجهة نظر الكبار إبان موقف معين للاستفادة من حدوث موقف مماثل في المستقبل. "<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا. 28: 515</ref><ref>إم توماسيلو، كروجر، آى وراتنر، اتش. 1993 Tomasello، M.، Kruger، A. &amp؛ Ratner، H "التعلم الثقافى " ''العلوم الدماغية والسلوكية 16''، 495-552</ref> ويخلص إلى أن الميزة الرئيسية للتعلم الثقافي هو أنه لا يحدث إلا عندما يقوم الفرد "بتفهم تصرفات الآخرين المتعمدة، كما هو الحال مع شخص ما، حينما تكون لديه وجهة نظر ما حيال العالم من حوله والتي يمكن اتباعها وتطبيقها والاستفادة منها بشكل عام.<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا. 28: 516</ref>
 
يعد كلا من التعلم بالمنافسة أو بالمحاكاة طريقتين مختلفتين لا يمكن تفسيرهما إلا في ظل كلا من الظروف البيئية المحيطة أو ملابسات عملية التطور على حد سواء. ففى إحدى التجارب، تم تقديم اثنين من صغار الشمبانزي يناهزوا الثانية من العمر كل على حدة بأداة للغرف وشئ يبعد عنهم نسبيا.كما قدم الأشخاص البالغون طريقتين للوصول إلى الشيء باستخدام الأداة إحداهما فعالة والأخرى أقل فعالية. استخدم الشمبانزي الطريقة الأكثر فعالية ذاتها أكثر من مرة. وبنفس الطريقة، يقلد الأطفال أي أسلوب يتبناه البالغين ويرونه سليما. فربما يعتقد البعض بأن الشمبانزى أكثر ذكاء إذا ما وضع في كفة مقارنة بنفس تلك المعايير مع البشر في آن واحد. لدى كلا الطرفين نسبة ذكاء متساوية من منطلق الناحية التطورية لكن مع مراعاة اختلاف نوع الذكاء المرتبط باختلاف البيئات.<ref name="autogenerated3"/> ترتبط آليات تعلم الشمبانزي مع البيئة المادية المحيطة بهم والتي لا تتطلب سوى القليل من التعاون الاجتماعي فيما بينهم (وذلك بالمقارنة مع البشر). فتتناغم آليات تعلم الإنسان والبيئة الاجتماعية المتشعبة المحيطة به حيث نجد أن تفهم وجهات نظر الأخرين أهم بكثير من النجاح قي أدء مهمة معينة.من وجهة نظر توماسيلو، مكنت تلك الآلية من تحقيق "التأثير التدريجى " والذي ساعد بدوره البشرية في تطور أنظمتها الاجتماعية المتشعبة والتي خلقت نوعا من التكيف الفعال مع البيئات المادية المختلفة على سطح البسيطة.<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا. 28: 520-521</ref>
 
== التعليم الثقافي ==
يعتبريعدّ التعلم الثقافي من وجهة نظر توماسيلو ضرورة ملحة من أجل اكتساب اللغة. حيث لا يتعلم كل أطفال مجتمع ما أو معظمهم في آخر جميع المصطلحات من خلال التأثير المباشر من قبل البالغين عليهم. وعموما، يجب على السواد الأعظم من الأطفال أن يجدوا طريقة لتعلم اللغة من خلال الاحتكاك الاجتماعى الطويل الأمد، حتى من خلال الكلام الموجه لغيرهم في بعض الأحيان. وذلك لوجود كمية هائلة من المفردات الخاصة بلغتهم أيا كانت. هذا ما أكدته مجموعة متنوعة من التجارب التي تعلم من خلالها الأطفال بعض الكلمات الجديدة وإن لم يتواجد مصدرا مباشرا لتلك الكلمات، بل يمكن أن يتواجد أكثر من مصدر لها في آن واحد، ولم يكن للبالغين أية جهود مبذولة بطريقة مباشرة كمحاولة لتعليم ولو كلمة واحدة فقط للطفل.<ref>إم توماسيلو. وإم بارتون 1994M. Tomasello and M. Barton"تعلم الكلمات في سياقات غير مقصودة" ''علم النفس النمو'' 30:639-650</ref><ref>إن أختار وإم توماسيلوN. Akhtar and M. Tomasello 1996 " تعلم أطفال قي عمر الأربعة والعشرون شهرا بعض الكلمات لأشياء غائبة " في ''المجلة البريطانية لعلم نفس النمو'' 14: 79-93</ref><ref>إم توماسيلو وآر ستروسبرج، إن أختار 1996 M. Tomasello R. Strosberg، N. Akhtar. " تعلم أطفال قي الثمانية عشر شهرا من العمر بعض الكلمات في سياقات غير مقصودة " في مجلة لغة الطفل 23: 157-176</ref> لا يعتبريعدّ الرمز سوى علامة على الفهم العام لموقف مشترك هذا ما انتهى إليه توماسيلو.<ref>مايكل توماسيلو 1999Michael Tomasello "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد''الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 516</ref>
 
وأكد توماسيلو بعد استعراضه لبحث في عام [[1999]] تضمن مقارنة بين آليات تعلم البشر وغيرهم من الحيوانات الراقية ما جاء به عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية رالف هولواي Ralph Holloway في مناقشته عام [[1969]] من أن سر تطور البشرية وما توصلوا إليه من ادراك لطبيعة مفهوم الثقافة ما يتمثل في ترابط كلا من السلوك الاجتماعى والمعرفة الرمزية. وفقا لهولواي، يتمثل مفتاح السر في فهم تطور شبيه الإنسان، وهو في الوقت ذاته نفس مفتاح سر مفهوم كلمة "ثقافة"، في آلية تنظيم الإنسان لخبراته. تعتبرتعدّ الثقافة هي "فرض شكل تعسفي على البيئة."<ref>رالف ال هولواي 1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 10 (4): 395</ref> تعد تلك الحقيقة هي الأولى من نوعها والتي يتطرق فيها هولوواى إلى ما يميز كلا من آليات التعلم لدى الإنسان، واستخدام الآلة، واللغة. يعتبريعدّ كلا من صناعة البشر للآلة، وقدرتهم على اكتشاف اللغة عمليات معرفية متشابهة إن لم تكن متطابقة حيث تزودنا بدليل دامغ على كيفية تطور البشرية.<ref>رالف ال هولواي 1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 10 (4): 396</ref>
 
وبعبارة أخرى كما أشار مكجرو على أهمية تركيز علماء الأنثربولوجيا على أنماط السلوك مثل استخدام الآلة ومهارات التواصل وذلك لعدم إمكانية التعرف على ما في داخل العقل، رأى هولوواي بقطعية الدليل على وجود تباين في الناحية المعرفية بين البشر وغيرهم مثل وجود اللغة البشرية، واستخدام الآلة، بما في ذلك الأدوات الحجرية البدائية التي وجدت في سجل الحفريات والتي توضح بالضرورة تطور الإنسان. لا يتسائل هولوواى عن كيفية تعامل أو تعلم تلك المخلوقات مع بعضها البعض أو كيفية صناعتهم للأدوات وإنما في "طريقة" قيامهم بتلك الأمور."يعد غسل البطاطا في المحيط.. تجريد أغصان الأوراق لصيد النمل الأبيض"، وأمثلة أخرى لاستخدام الحيوانات الرئيسية للآلة شيئا مبدعا في حد ذاته، هذا وليس هناك أي تدخل من البيئة لمساعدة الحيوانات."<ref>رالف ال هولواي 1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في الأنثروبولوجيا الحالية 10 (4): 400</ref> تمثل الأدوات البشرية شكل من أشكال استقلال الإنسان عن البيئة الطبيعية والذي يبرز التفكير الرمزي. "يتمثل أروع مظهر من مظاهر الإبداع قي عملية تحضير العصا لصيد النمل الأبيض وما فيها من تجسيد للعلاقة بين المنتج والمادة الخام. على العكس من ذلك، لا تتجسد أهمية العلاقة بين شكل المنتج النهائي والمادة الخام قي عملية صناعة الأداة الحجرية<ref>رالف ال هولواي 1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 10 (4): 401.</ref>.
السطر 113 ⟵ 115:
[[ملف:Bifaz-1 del Trabancos.gif|تصغير|H] أدوات تقطيع]]
 
حدد كلا من تشارلز هوكيت Charles Hockett وآر آسكر R. Ascher بصفتهم من علماء اللغة ثلاثة عشرة سمة من سمات اللغة، يتقاسمها أشكال أخرى من التواصل بين الحيوانات. وتعتبروتعدّ القدرة اللغوية الهائلة لدى الإنسان من إحدى تلك السمات، وبعبارة أخرى، يكون لدى المتحدثين بلغة ما القدرة على إنتاج عدد لا حصر له من العبارات الأصلية لتلك اللغة. ويبدو أن تلك القدرة ما هي إلا نتاج لحصيلة سمات بشرية من نوع فريد.كما تعد "ازدواجية الأشكال" من تلك السمات، حيث تتألف لغة الإنسان من التعبير عن عدة عمليات منفصلة، لكل منها مجموعة من القواعد الخاصة: مثل دمج [[أصوات لغوية|الصوتيات اللغوية]] لتكوين المقاطع [[مقاطع (منطق)|morphemes]]، والجمع بين [[مقاطع (منطق)|morphemes]] لإنتاج الكلمات، والتي تشكل بدورها جملا في نهاية المطاف. وبالتالي يكون لدى أى شخص القدرة على إنتاج تركيبات لغوية بشكل لانهائي عن طريق إجادة عدد محدود من الإشارات الخاصة والقواعد اللغوية. وهناك عنصرا آخر بالغ الأهمية يتمثل في كون اللغة البشرية [[رمزية]] إلى حد ما، حيث يمكن أن تحمل مجموعة كلمات مشتركة في نفس الصوت معانى متعددة وذلك لاختلاف طرق هجاء كل منها عن الأخرى.<ref>سى إف هوكيت وآر آسكر 1964C.F. Hockett and R. Ascher "الثورة الإنسانية" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 4: 135-168.</ref> ] وبمعنى آخر يتحدد معنى تلك الكلمات من خلال السياق بشكل واضح. فبما أن معان تلك الكلمات يفرض نفسه على السياق، ونتيجة وجود معان متعددة لكلمة واحدة، ونتيجة إمكانية الإشارة لأى شيء باستخدام مجموعة مختلفة من المفردات؛ فإنه يعتمد على اختيار الألفاظ بمعناها الذي يتضح من خلال السياق، وعلى قصد المتكلم من وراء كلامه، وعلى قدرة السامع على فهم ذلك كله بطريقة سليمة. فكما يرى توماسيلو Tomasello، على المتكلم الناظر لشجرة معينة والذي يريد لفت انتباه السامع إلى تلك [[شجرة (توضيح)|الشجرة]] أن يقرر التعبير المناسب لوصف تلك الشجرة بناء على معرفة السامع لنوعية تلك الشجرة وبناء على توقعه لها حيث يمكنه الإشارة إليها ب" تلك الشجرة هناك، " أو "هذه"، أو "هذا البلوط" أو"هذا البلوط الطاعن قي السن"، أو " تلك الشجرة"، أو شجرة الباجسوينج تلك "، أو " ذلك الشئ الماكث بالساحة الأمامية"، أو"تلك الزينة"، أو "هذا العائق"، وبأي عدد من التعبيرات الأخرى.. حيث لا يتم اتخاذ مثل تلك الاختيارات قي ضوء الأهمية المباشرة لطبيعة الشئ أو النشاط من قبل المستمع بالدرجة الأولى وإنما تقوم على أساس رغبته واهتمامه بالشئ أو النشاط وفقط.
 
هذا هو السبب في أن الإدراك الرمزي والاتصالات والتعلم يسيران جنبا إلى جنب.<ref>مايكل توماسيلو 1999 "التكيف الإنسانى للثقافة" في مجلد''الاستعراض السنوي للأنثروبولوجيا''. 28: 517.</ref>
السطر 121 ⟵ 123:
:في ضوء ما ذكرنا آنفا من أمثلة متعلقة ببناء الجمل، وبالقواعد، وبتسلسل الأفكار، يمكن لأي كائن يتصف باكتساب اللغة من أن يستخدمها بنفس الطريقة لوصف صناعة الأدوات ولا يثير ذلك أية مظاهر للدهشة. حيث كلاهما من الأنشطة المتسلسلة، وكلاهما له قواعد صارمة قي وحدة التسلسل للأنشطة (قواعد اللغة، وبناء الجملة)، وكلاهما مثالا للنظام الهرمي للنشاط (كأي نشاط حركي آخر)، وينتج كلا منهما مفردات تتميز بالتنوع والتي من ثم تصبح جزء من البيئة، إما بصفة مؤقتة أو دائمة.<ref>رالف ال هولواي 1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 10 (4): 401</ref>
 
::ونعنى بإلإنتاجية المرجوة في ضوء المعايير الحالية أن تستخدم جميع الأنواع الأساسية لأغراض متعددة، بمعنى أن يكون لدى صناعة الآلات القدرة على التوسع بشكل دائم مع مرور الوقت، كما يكون للتغيير الطفيف قي النمط الأساسي القدرة على مواجهة بعض الفرص الوظيفية الجديدة. وتعتبروتعدّ ''العناصر الأساسية "المفردات" لعمليات السيارات مثل - الصنفرة، والفصل، والتعديل، وإعداد الممرات الأكثر تحملا، وما إلى ذلك، تستخدم جميعها في تركيبات مختلفة لإنتاج أدوات متباينة، وبأشكال مختلفة، وكما هو متوقع باستخدامات مختلفة.''.. هذا إن تم التركيز على طريقة عمل كل أداة على حدة؛ فلن تظهر النتيجة النهائية على الساحة أبدًا، حيث تعتمد كل مرحلة على ما قبلها وترتبط بما بعدها، ويتطابق كل جزء قي آلية العمل في آخر الأمر مع الخطة الأصلية. وبعبارة أخرى، لا يعتد بأي أداة قي الهيكل العام للمنتج إلا إذا اكتملت المراحل كلها بحذافيرها، بل وتعد كل جزئية منفصلة قي العمل بلا طائل إلا إذا تم استخدامها ضمن المنتج النهائي. هذا بالضبط الحال مع اللغة.<ref>رالف ال هولواي ا1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 10 (4): 402</ref>
 
كما أثبت توماسيلو Tomasello، أن الفكر الرمزي لا يعمل إلا في بيئة اجتماعية معينة:
 
:وتفرض الرموز الجامدة مجموعة من التصورات، والتي لا تسمح للأعضاء بالتواصل حول الكائنات نفسها من حيث المكان والزمان (كما في الصيد) ولكنها تسمح أيضا للعلاقات الاجتماعية بمزيد من المعيارية وقلة نسبة التلاعب بها عن طريق الرموز. حيث يتم النظر إلى الخصوصية ضمن درجات من السلوك. فمن منظور جمود الإدراك الحسي، تفرض الرموز بثبات السلوك الاجتماعي، والذي يعتبريعدّ بدوره شرطا مسبقا لمهمة التفاضلية لقطاعات الأدوار في مجتمع متمايز متكيف، ليس فقط مع البيئة الخارجية ولكن مع ذاته على حد سواء.<ref>رالف ال هولواي 1969Ralph L. Holloway "الثقافة: معرفة الإنسان" في ''الأنثروبولوجيا الحالية'' 10 (4): 406.</ref>
 
حيث أثبت عالم [[علم الإنسان الحيوي|الأنثروبولوجيا البيولوجية]] تيرنس ديكون Terrence Deacon، في أبحاث استغرقت أكثر من عشرين عامًا حول تطور البشرية، والأمراض العصبية، علم الحيوانات الراقية، أن "تصعيد" التأثير ما هو إلا شكلا من أشكال "التطورالبلدوينى"Baldwinian Evolution. نسبة [[علم النفس|لعالم النفس]] [[جيمس بالدوين James Baldwin|جيمس بالدوين]]، James Baldwin، ويصف العواقب التطورية التي تطرأ على سلوك الحيوان وذلك عندما تتغير البيئة الطبيعية، وبالتالي العوامل المؤثرة على الحيوان<ref>تيرنس ديكون 1997Terrence Deacon {1 الأنواع الرمزية: تطور اللغة، والمخ نيويورك{/1} ولندن:دابليو دابليو نورتون، صفحات 322</ref>.
السطر 132 ⟵ 134:
وفقا لديكون Deacon، حدث هذا في الفترة بين 2 و2.5 مليون سنة مضت، عندما اكتشف أول دليل عضوي من استخدام الأدوات الحجرية وبداية اتجاه نحو زيادة في حجم المخ. ولكنه تطور اللغة الرمزية التي هي السبب—وليس في الواقع النتيجة—قي هذه الاتجاهات.<ref>تيرنس ديكون 1997 Terrence Deacon ''الأنواع الرمزية:تطور اللغة والمخ نيويورك'' ولندن:دابليو دابليو نورتون، صفحات. 340</ref> بشكل أكثر تحديدا، يقترح ديكون بأن الأسترالوبيثاسين ''Australopithecines''، مثل القرود المعاصرة، قد استخدموا الأدوات، فمن المحتمل أنه على مدى ملايين السنين من تاريخ الأسترالوبيثاسين ''Australopithecine'' قد تكون طورت نظم الاتصالات الرمزية. أى أن واحدة من هذه المجموعات غيرت بيئتها حيث " قدمت اختيار لقدرات تعلم شديدة الاختلاف عن تلك الأنواع السابقة لها."<ref>تيرنس ديكون 1997 Terrence Deacon ''الأنواع الرمزية: تطورواللغة والمخ نيويورك'' ولندن: دابليو دابليو نورتون، صفحات. 347</ref> ] هذه الفصيلة بدأت العملية البلدوينية (التدرج التأثيري) التي أدت بدورها إلى تطورهم إلى جنس ''شبيه الإنسان.''
 
ويتبادر السؤال لدى ديكون، ما هي التغييرات السلوكية البيئية التي من شأنها تطوير قدرة التفكير الرمزي على التكيف؟ وهنا يؤكد على أهمية تمييز الإنسان عن جميع الأنواع الأخرى، ليس من أجل اقراره بذكاء الإنسان وإنما ليستقرأ الواقع. فبما أن تطور ''قرود السابينز ''الشبيهة بالإنسان قد انحدر من أسلاف لم يعرفوا مفهوم الثقافة، فماذا أصابهم ليبتعدوا عن المعرفة، التعلم، التواصل، وطرق صنع الأدوات التي كانت واستمرت ليتكيف معها معظم الحيوانات الراقية الأخرى. (ومعظم باقى الفصائل الحيوانية الأخرى، كما ذكر البعض). وتعتبروتعدّ أنظمة التعلم الرمزية مضيعة للوقت أكثر من غيرها من أشكال التواصل، لذلك سهل التفكير الرمزي إمكانية التوصل لإستراتيجية اتصال مختلفة، ولكنها ليست الأكثر كفاءة من تلك المتعارف عليها بين القرود الأخرى. ومع ذلك، لابد وأنها قدمت ميزة انتقائية بطريقة أو بأخرى لمساعدة ''قرود السابينز'' الشبيهة بالإنسان على التطور. وبدأ ديكون البحث في بعدين رئيسيان في التاريخ التطوري: سلوك البحث عن علف الماشية، وأنماط العلاقات الجنسية. وكما أنه لاحظ أن المنافسة من أجل الوصول إلى الممارسة الجنسية ضيقت نطاق إمكانيات التعاون الاجتماعي في كثير من الأنواع، وبرغم هذا كله، لاحظ ديكون، وجود ثلاثة أنماط ثابتة في مجال التناسل البشري التي تميز البشر عن غيره من الأجناس:
# عادة ما تسهم الذكور والإناث على حد سواء جهدا كبيرا من أجل تربية أبنائهم، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة في كثير من الأحيان، وبطرق مختلفة في أحيان أخرى.
# تقتصر الحقوق الجنسية في جميع المجتمعات، وإذا كانت الغالبية العظمى على الذكور والإناث المرتبطين على المدى الطويل، كما تحرم على أولئك الأفراد من الجنس الآخر.
# يبقوا على هذه العلاقات الجنسية الحصرية أثناء العيش في مجتمع يتراوح ما بين متواضع الحجم إلى كبير الحجم ومتعدد الذكور، ومتعدد الإناث، ويضم عدد من الفئات الاجتماعية التعاونية.<ref>تيرنس ديكون 1997Terrence Deacon ''الأنواع الرمزية: تطور اللغة والمخ ونيويورك'' ولندن:دابليو دابليو نورتون، صفحات. 384-385</ref>
وعلاوة على ذلك، هناك سمة واحدة مشتركة بين جميع المجتمعات المعروفة التي تبحث عن الغذاء (حال جميع البشر قبل مضى عشرة أو خمسة عشر ألف سنة)، والتي تختلف اختلافا ملحوظا عن القرود الأخرى: "استخدام اللحم.. حيث تزامن ظهور بعض الأدوات الحجرية الأولى منذ ما يقرب من 2.5 مليون سنة مع التحول الجذري في السلوك بدرجة كبيرة من أجل البحث عن اللحم.<ref>تيرنس ديكون 1997Terrence Deacon ''الأنواع الرمزية: تطور اللغة والمخ نيويورك'' ولندن: دابليو دابليو نورتون، صفحات. 386.</ref> ] ولا يعتقد ديكون بضرورة التفكير الرمزي للصيد أو لصنع أداة (على الرغم من أن صنع الأدوات يعتبريعدّ قائمة تضم مجموعة كبيرة من التفكير الرمزي)، بل كان ضروريا لنجاح العلاقات الاجتماعية المميزة.
 
يكمن السر في أنه باعتبار أن الرجال والنساء على قدم المساواة من الباحثين عن اللحوم بطريقة فعالة، قي حين أن الأمهات اللاتى يحملن الأطفال المعالين لسن من صائدي اللحم المحنكات. وبالتالي يجب أن يعتمدن على الصيادين من الذكور. ومما أدى إلى وجود نظاما ينفرد فيه الذكور بطريقة متفردة للوصول الجنسي للإناث، وتستطيع الإناث الاعتماد على شريكها الجنسى قي تأمين توفير الغذاء لهن ولأطفالهن. في معظم الفصائل الثديية، ينتج نظام رتبى أو يتسم بالمنافسة الجنسية الذي يتسبب بدوره قي تعدد الزوجات، أو رابطة الزواج طويلة الأمد والتي تربط بين فردين يتمتعون بالاستقلال النسبى عن غيرهم من البالغين من الأنواع، وفي كلتا الحالتين يلعب عدوان الذكور دورا هاما في الحفاظ على الاتصال الجنسي لرفيقته أو رفيقاته. (ق). ما هي الصفات الفريدة من نوعها التي تميز البشر؟
السطر 169 ⟵ 171:
وفي عام 1962 قام [[لويس بينفورد Lewis Binford|لويس بنفوردLewis]] Binfordا تلميذ ليزلى وايت بتقديم اقتراحا فيما يتعلق بعلم الآثار الأنثروبولوجي، والذي يسمى "علم الآثار الجديد" أو، [[علم الآثار الإجرائية|"علم الآثار الإجرائى"]]، وذلك على أساس تعريف وايت للثقافة بأنها "وسيلة - جسدية إضافية للتكيف لجسم الإنسان."<ref>لويش بنفورد 1962 Lewish Binford "علم الآثار والأنثروبولوجيا" '''' في ''العصور الأمريكية القديمة 28 (2): 218، وانظر وايت 1959'' تطور الثقافة ''نيويورك: ماكجرو هيل McGraw Hill صفحة.8''</ref> ] وقد سمح هذا التعريف لبنفورد بتأسيس علم الآثار كإحدى المجالات الهامة من أجل السعي لمنهجية البيئة الثقافية لجوليان ستيوارد:
 
:وتعتبروتعدّ الدراسة المقارنة للنظم الثقافية باستخدام الأساليب التكنولوجية المتغيرة في مجموعة وتكنولوجيات بيئية مماثلة أو مشابهة في بيئات مختلفة هي المنهجية الرئيسية لما أطلق عليه ستيوارد (1955: 36-42) "البيئة الثقافية"، كما أنه بالتأكيد وسيلة قيمة لزيادة قدرتنا على فهم العمليات الثقافية. كم أن مثل هذه المنهجية مفيدة أيضا في توضيح العلاقة البنيوية بين الفروع الثقافية الكبرى مثل النظم الفرعية الاجتماعية والأيديولوجية.<ref>لويش بنفورد 1962Lewish Binford " علم الآثار والأنثروبولوجيا" '''' في ''العصور الأمريكية القديمة 28 (2): 218، وانظر ستيوارد 1955'' نظرية تغيير ''الثقافة.'' ''صحافة جامعة إلينوي، أوربانا.''</ref>
 
وبعبارة أخرى، فقد قام بنفورد بتقديم علما للآثار بحيث يكون مشروعا محوريا من علماء الأنثروبولوجيا الثقافية المهيمنة في ذات الوقت (الثقافة بوصفها غير قابلة للتعديلات الوراثية بالنسبة إلى البيئة)، كما كان علم الآثار "الجديد" يمثل الأنثروبولوجيا الثقافية (في شكل البيئة الثقافية أو الأنثروبولوجيا الايكولوجية) للماضي.
السطر 176 ⟵ 178:
 
=== اللغة والثقافة ===
قد لوحظت العلاقة بين الثقافة واللغة في فترة تعود إلى الفترة الكلاسيكية، وربما قبل ذلك بوقت طويل. فالإغريق القدامى، على سبيل المثال، يميزون بين الشعوب المتحضرة [[البربري|وبارباروس]] "أولئك الذين يميلون إلى الثرثرة"، أي أولئك الذين يتكلمون لغات غير مفهومة.<ref>بيبلر، بول. 2003 Baepler، Paul. "العبيد البيض، الأسيادالأفارقة". حوليات الأكاديمية الأميركية للعلوم السياسية والاجتماعية 588 (1):90 - 111. ص. 91</ref> فنظرا لأن هناك مجموعات تتحدث لغات مختلفة، وغير مفهومة فقد يعتبريعدّ ذلك دليلا ملموسا على الاختلافات الثقافية أكثر من كونه من السمات الثقافية الأخرى الأقل وضوحا.
 
ويرى أنصار الحركة الرومانسية الألمان في القرن التاسع عشر مثل هوردر، Herder وندت Wundt وهومبولت Humbolt، اللغة ليس فقط باعتبارها واحدة من بين العديد من السمات الثقافية، بل كوسيلة للتعبير المباشر عن الطابع الوطني للشعوب، ولكن بشكل مختزل إلى حد ما. وندت وهومبولت، اللغة ليس فقط باعتبارها واحدة من بين العديد من السمات الثقافية، بل كوسيلة للتعبير المباشر عن الطابع الوطني للشعوب، ولكن بشكل مختزل إلى حد ما. ويشير هوردرمايلى ""Denn jedes Volk ist Volk؛ es hat seine National Bildung wie seine Sprache (وحيث ينتمى كل الناس إلى شعب واحد، فلدي كل منهم ثقافته الوطنية والتي يعبر عنها من خلال لغته الخاصة).
السطر 182 ⟵ 184:
ويرى فرانز بواس Franz Boas، مؤسس الأنثروبولوجيا الأميركية، كغيره من الرواد الألمان، على أن اللغة المشتركة بين المجتمعات هي الناقل الأساسي لثقافتهم العامة. حيث كان بواس هو أول علماء الأنثروبولوجيا الذين اعتبروا أنه من غير الممكن دراسة ثقافة الشعوب الأجنبية من دون التعرف على لغتهم الخاصة. وبالنسبة لبواس، فكان يعتقد أن الثقافة الفكرية لشعب ما انشاها وتقاسمها وحافظ عليها استخدام اللغة، مما يعني أن فهم لغة مجموعة ثقافية ما هو المفتاح لفهم ثقافتهم. في الوقت نفسه، على الرغم من بواس وطلابه كانوا على وعي بأن الثقافة واللغة لا تعتمد كل منهما على الآخر بشكل مباشر. ويوضح ذلك أحد المعانى الهامة وهو أن الجماعات ذات الثقافات المختلفة قد يتحدثون بلغة مشتركة، والمتحدثون بلغات مختلفة تماما يمكن أن يشتركون في السمات الأساسية الثقافية ذاتها.<ref>سابير 1921:228</ref><ref>سابير 1995: 59</ref> هذا ويقترح العديد من العلماء الآخرين ان شكل اللغة يسهم قي تحديد بعض السمات الثقافية الخاصة.<ref>فون هومبولت، ويلهلم Von Humbolt، Wilhelm. 1820. Uber das vergleichende Sprachstudium in Beziehung auf die verschiedenen Epochen der Sprachentwicklung.</ref> وهذا مشابه لمفهوم [[الحتمية الغوية|الحتمية اللغوية]]، التي تنص على أن شكل اللغة يسهم قي تحديد الفكر الفردي. وبينما بواس نفسه رفض وجود علاقة سببية بين اللغة والثقافة، ذهب بعض ممن تناقلوا أسلوبه قي التفكير إلى تبنى فكرة أن الأنماط الاعتيادية من التحدث والتفكير بلغة معينة قد تؤثر على ثقافة مجموعة لغوية ما.<ref>ورف، بنيامين لي Whorf، Benjamin Lee. 1941. " العلاقة بين التفكير والسلوك المعتاد للغة ". في ''اللغة، الثقافة، والشخصية: مقالات تكريما لإدوارد سابير.'' ميناشا، ويسكونسن: صندوق النشر التذكاري لسابير.</ref> ويعد هذا الاعتقاد وثيق الصلة بنظرية [[النسبية اللغوية|النسبية لغوية.]] وبواس، مثل معظم علماء الأنثروبولوجيا الحديثة، ومع ذلك، كان أكثر ميلا إلى الربط بين العلاقة الوثيقة بين اللغة والثقافة وبين العبارة التي تقول، كما وضعها بى إل ورف، "أنهما نشئا معا".<ref>ورف، بنيامين لي Whorf، Benjamin Lee. 1941. "العلاقة بين التفكير والسلوك المعتاد للغة". في ''اللغة والثقافة، والشخصية: مقالات تكريما لإدوارد سابير.'' مناشا، ويسكونسن: صندوق النشر التذكارى لسابير. ص. 293. وانظر أيضًا، بواس، فرانز. 1911. "مقدمة"''كتيب الغات الهندية الأمريكية.'' واشنطن: معهد سميثسونيان، مكتب الإثنوغرافية الأمريكية.</ref>
 
في الواقع، إن أصل اللغة، والذي يفهم على أنه قدرة الإنسان على التواصل عن طريق الرموز المعقدة، وكذلك منشأ الثقافة المعقدة غالبا ما يعتقد أنهما يشتركان في نفس الأصل هو نفس العملية التطورية للإنسان البدائى. في الواقع، إن أصل اللغة، والذي يفهم على أنه قدرة الإنسان على التواصل عن طريق الرموز المعقدة، وكذلك منشأ الثقافة المعقدة غالبا ما يعتقد أنهما يشتركان في نفس الأصل هو نفس العملية التطورية للإنسان البدائى. ومن ثم فإنه يمكن وصف كل من اللغة والثقافة على حد سواء كوسيلة لاستخدام الرموز في بناء الهوية الاجتماعية والحفاظ على التماسك الاجتماعي في إطار مجموعة اجتماعية لا يمكنها الاعتماد بشكل كامل على طرق بناء المجتمع التي ظهرت قبل ظهور الإنسان وذلك بسبب كبر حجمها على سبيل المثال [[الزواج الاجتماعى|الاستمالة.]].و لأنه يعتبريعدّ كل اللغة والثقافة على حد سواء في جوهرهما أنظمة رمزية، فقد قام المنظرون الثقافيون في القرن العشرين بتطبيق طرق تحليل اللغة التي تطورت في ضوء علم اللغويات من أجل تحليل الثقافة.ولا سيما النظرية [[بنيوية|الهيكلية]] [[فريديناند دي سوسير Ferdinand de Saussure|لفرديناند دي سوسير]]، Ferdinand de Saussure. الذي يصف فيها الأنظمة الرمزية على أنها تتألف من إشارات (مزاوجة بين شكل معين ذو معنى خاص)، حيث يتم تطبيقها على نطاق واسع في دراسة الثقافة. ولكن نظريات ما بعد البنيوية، والتي لا تزال تعتمد على التشابه بين اللغة والثقافة بوصفها نظم للاتصال الرمزي، قد طبقت في مجال [[علم المعاني|السيميائية]]. ويمكن فهم التشابه بين اللغة والثقافة على أنه التناظرية في التشابه بين العلامة اللغوية، التي تتكون من على سبيل المثال الصوت <nowiki>[كوا]</nowiki> ومعنى كلمة "البقرة"، والإشارة الثقافية، التي تتكون من على سبيل المثال الشكل الثقافي " مرتديا التاج "، والمعنى الثقافي" كونه ملكا ". وبهذه الطريقة فإنه يمكن القول بأن الثقافة هي في حد ذاتها نوعا من اللغة. كما أن هناك تناظرا آخرا بين النظم الثقافية واللغوية وهو أن كلا منهما يعد نوعا من الممارسة، ويعنى ذلك أنهما مجموعة من الوسائل الخاصة للقيام بهذه الأمور التي يتم بناؤها وإدامتها من خلال التفاعلات الاجتماعية<ref>دورانتى 1997:49(Duranti 1997: 49) (مانهايم وتيدلوك 1995: 2 Mannheim &amp؛ Tedlock)</ref> فالأطفال، على سبيل المثال، يعتمدون في اكتساب اللغة على ذات الطريقة التي تمكنهم من استيعاب القواعد الأساسية الثقافية للمجتمع الذي ينشأون فيه—من خلال التفاعل مع الأعضاء الأكبر سنا من جماعتهم الثقافية.
 
ومع ذلك، فإن اللغات، التي تفهم على أنها مجموعة معينة من قواعد الكلام في مجتمع معين، هي أيضا جزء من ثقافة المجتمع الذي يتحدث تلك اللغة. فالبشر يستخدمون اللغة كوسيلة للتعبير الهوية الثقافية داخل مجموعة واحدة وبشكل يميزهم عن باقى المجموعات الأخرى. حتى بين المتحدثين بلغة واحدة فإننا كثيرًا ما نجد بعض الاختلافات في استخدام تلك اللغة، ويستخدم كل اختلاف من هذه الاختلافات في تمييز بعض المجموعات الفرعية عن غيرها ضمن إطار الثقافة الأوسع. في علم اللغويات تسمى هذه الطرق المختلفة لاستخدام لغة واحدة [[متنوعة (لغويات)|"أصناف".]] فاللغة الإنجليزية على سبيل المثال، يتحدث بها الناس بشكل مختلف في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، وحتى داخل البلدان الناطقة بالإنكليزية هناك المئات من [[عامية|اللهجات]] الإنجليزية التي تشير إلى أولئك الذين ينتمون إلى منطقة معينة و/ أو ثقافة فرعية. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة تميز لهجة [[كوكني أحد سكان لندن الأصليين|كوكني]] أولئك الذين ينتمون إلى مجموعة من عمال الطبقة الدنيا من شرق لندن. كما تظهر الفروق بين الأنواع المختلفة من نفس اللغة غالبا ليس في الاختلاف في طرق النطق والمفردات اللغوية فحسب، ولكن أيضا في بعض الأحيان في الاختلاف في النظم النحوية، وكثيرًا ما تستخدم في [[الأساليب الفنية|الأنماط]] المختلفة (على سبيل المثال كوكني [[النظم العامية|العامية المقفاه]] أو [[الكلام القانوني#الكلام القانوني|لغة رجال المحاماه).]] هذا وقد تخصص كل من اللغويين وعلماء الأنثروبولوجيا، وبخاصة [[لسانيات اجتماعية|علماء اللغويات الاجتماعيين]]، [[اللغويات الأنثروبولوجية|وعلماء اللغويات المتخصصون قي الأعراق]] [[الانثروبولوجيا اللغوية|والأنثروبولوجيا اللغوية]] في دراسة كيفية تنوع طرق الطلام بين المجتمعات التي تتميز بالكلام.
 
وتعتبروتعدّ طرق الكلام أو الإشارة في مجتمع ما جزء لا يتجزأمن ثقافة المجتمع ككل، تماما كما هي الممارسات المشتركة الأخرى. فاستخدام اللغة هي طريقة لبلورة وتوضيح هوية المجتمع. فطرق الكلام بين الأشخاص ليست طريقة لتسهيل التواصل بينهم فحسب وإنما لتحديد هوية ومكانة المتحدث الاجتماعية أيضا. فعادة ما يطلق اللغويون على الطرق المختلفة في التحدث بلغة ما، مصطلحا يشمل [[لهجة|لهجات]] معرفة جغرافيا أو ثقافيا و[[سجل (علم اللغة الاجتماعي)|لغات]] أو [[نمط التحول|أساليب]] تحدد المجموعة [[ثقافة فرعية|الفرعية]] ذاتها وتميزها عن غيرها. كما يعرف علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا اللغوية الأسلوب التواصلى على أنه الطرق التي تستخدمها اللغة والتي تعتبرتعدّ مفهومة في إطار ثقافة معينة.
 
فلا تقتصر الاختلافات بين اللغات علي اختلافات النطق، والمفردات أو القواعد اللغوية فحسب، بل تتعدى لتشمل الاختلافات في " ثقافات الكلام". حيث يوجد بعض الثقافات على سبيل المثال أنظمة واسعة من "deixis الاجتماعية"، وأنظمة تحويل المسافة الاجتماعية إلى إشارات من خلال معان لغوية ] ففى اللغة الإنجليزية، تظهر deixis الاجتماعية في غالب الأمر عند التمييز بين مخاطبة بعض الناس باستعمال الاسم الأول والبعض الآخر باستعمال الألقاب، وأيضا عند استعمال الألقاب مثل "سيدتى"، "ولدى"، "دكتور" أو "صاحب السمو"، ولكن في لغات أخرى قد تكون مثل هذه الأنظمة معقدة للغاية وتندثر معالمها ضمن قواعد اللغة ومفرداتها أما في لغات شرق آسيا، على سبيل المثال [[اللغة التايلاندية|التايلاندية]]، [[لغة بورمية|البورمية]] [[الجاوية القديمة|والجاوية]]، تستخدم كلمات مختلفة حسب شخصية المخاطب سواء أكان من رتبة أعلى أو أقل وذلك طبقا لتصنيف تحتل فيه الحيوانات والأطفال أدنى مرتبة والآلهة وأعضاء الحاشية الملكية أعلاها وفي لغات أخرى قد تستخدم تعبيرات مختلفة عند مخاطبة أى من الجنس الآخر أو الأقارب من الدرجة الأولى، وتستخدم العديد من اللغات [[Baby talk|طرقا]] خاصة [[حديث الأطفال|للتحدث إلى الأطفال والرضع.]] من بين تلك المجموعات، قد يترتب على تبنى تلك الثقافة ''عدم التحدث'' إلى شخص معين، على سبيل المثال يعتبريعدّ تحدث المرء إلى محارم الآخر [[حرام|من المحرمات]] في لكثير من ثقافات الشعوب الأصلية في أستراليا، وقد لا يوجه الحديث إلى الأطفال بطريقة مباشرة في بعض تلك الثقافات. وقد تتطلب بعض اللغات الأخرى طرقا مختلفة للتحدث مع أفراد من مختلف الطبقات الاجتماعية، وغالبا ما يقوم مثل هذا النظام على الفروق بين الجنسين، كما هو الحال في [[الفوارق بين الجنسين في اللغة اليابانية المنطوقة|اليابان]] [[كوساتى Koasati|وKoasati كوساتى]]<ref>خطاب الرجل والمرأة بالكوساتية، ماري آر هاس Mary R. Haas، اللغة، المجلد. 20، رقم 3 (يوليو - سبتمبر-، 1944)، صفحة. 142-149 (أيضا تم تلخيصه قي فولي في 1997)</ref>
 
=== الأنثروبولوجيا الثقافية ===
==== 1899-1946: العالمي مقابل الخاص ====
[[ملف:FranzBoas.jpg|تصغير|upright|عرف فرانز بواس الأنثروبولوجيا الأمريكية الحديثة بأنها دراسة مجموع الظواهر البشرية]]
[[ملف:Ruth Benedict.jpg|تصغير|upright|تعتبرتعدّ روث بنديكت أول من كان له دور أساسي في تعريف المفهوم الحديث للثقافات المميزة بالنمطية]]
 
ولدى الفهم الأنثروبولوجي الحديث للثقافة جذوره في القرن التاسع عشر في ظل نظرية [[أدولف باستيان Adolf Bastian]]" الوحدة النفسية للبشرية "، والتي - تأثرت ب هردر وفون همبولت -، شككت في محاولة تحديد" الثقافة " حسب طريقة حياة النخب الأوروبية، ومحاولة عالم الأنثروبولوجيا البريطاني [[إدوارد بيرنت تايلور|إدوارد بيرنت تايلور Edward Burnett Tylor]] 'قي ايجاد تعريف شامل للثقافة قدر الإمكان. وقد وصف تايلور الثقافة في عام 1874 على النحو التالي: " تعنى الثقافة أو [[حضارة|الحضارة]]، بما لذلك من حس [[الإثنوغرافية|إثنوغرافي]] بمفهومها الشامل حسب علم المجتمعات البدائية، بالكل المتداخل والذي يشمل المعرفة والإيمان والفن والأخلاق والقانون، والعرف، وأية قدرات وعادات أخرى قد يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع.<ref>تايلور، إى بى 1874. ''الثقافة البدائية: الأبحاث في اتجاه تطوير الأساطير والفلسفة والدين، والفن، والعرف.''</ref> وبرغم عدم قصد تايلور في وضع نظرية عامة للثقافة (حيث أوضح فهمه للثقافة في سياق قضية أكبرعن الطبيعة والدين)، إلا أن علماء الأنثروبولوجيا الأميركية بوجه عام قدموا تعريفات مختلفة للثقافة جاءت جميعها كتحسين لما جاء به تايلور في نظريته. وقد عرف [[ألفريد كروبير Alfred Kroeber|ألفريد كروبير]](1876-1970) Alfred Kroeberتلميذ فرانس بواس الثقافة من منظور "الكيمياء العضوية"، حيث تعنى ذلك المجال بما يحويه من المبادئ والقوانين التي لا يمكن تفسيرها أو اخضاعها إلى علم الأحياء.<ref>أى إل كروبير 1917 "الكيمياء العضوية" ''الأنثروبولوجية الأميركية''، السلسلة الجديدة، المجلد. 19، رقم 2 ص. 163-213.</ref> ] وفي عام 1973، استعرض جيرالد وايس التعاريف المختلفة للثقافة والمناقشات من منظور التقتير والسلطة، وتوصل إلى أكثر تعريف علميا مفيدا "للثقافة" بوصفها {0 مصطلحا وراثيا يصلح لجميع الطوائف الإنسانية، أو شبيهة الإنسان وحتى الظواهر الغريبة " {/0} ((الخط المائل في النص الأصلي)).<ref>جيرالد وييس 1973 Gerald Weiss "المفهوم العلمى للثقافة" في ''الأنثروبولوجية الأميركية'' 75 (5): 1382</ref>
السطر 210 ⟵ 212:
هناك توتر على صعيد الأنثروبولوجيا الثقافية بين الإدعاء بعالمية الثقافة (الحقيقة التي تقول بأن لدى جميع المجتمعات البشرية شيء من الثقافة)، وبين القول بذاتية الثقافة في نفس الوقت (حيث تأخذ الثقافة أشكالا هائلة من التنوع حول العالم). منذ أن ظهر بواس، وسادت اثنتين من المناقشات حول الأنثروبولوجيا الثقافية. يختص الأول بطرق محاكاة ثقافات معينة. على وجه التحديد، وناقش علماء الأنثروبولوجيا مفهوم "الثقافة" باعتباره شيء متكامل ومترابط، أو باعتباره مجموعة متنوعة من الأشياء، وأرقام ومعاني التي تتسم بالتغير المستمر. ولقد توصلت روث بنديكت تلميذة بواس بأن السمات الثقافية لأى مجتمع قد توجد بدرجة أقل أو أكثر"تكاملا"، والتي على هذا الأساس، تشكل نمطا من العمل والتفكير يضفى بريقا على الهدف الذي يعيش من أجله معظم الناس، ويوفر لهم أساسا تنطلق منه سبل تقييم الأفكار والأعمال الجديدة، وعلى الرغم من اقرارها بدرجات مختلفة من التكامل، إلا أنها لاحظت فشل بعض الثقافات في تحقيق التكامل المنشود.<ref>روث بنديكت 1959 1934] Ruth Benedict ''أنماط الثقافة.'' بوسطن: شركة هوتون ميفلين. 46-47</ref> وكما ذكر بواس، ومع ذلك، بأن الاندماج الكامل أمر نادر الحدوث، وإن ظهرت ثقافة ما على أنها متكاملة في بعض النواحى فيعزى هذا بدرجة كبيرة إلى تحيز الباحث.<ref>فرانز بواس 1940 [1932] Franz Boas "أهداف البحوث الانثروبولوجية، " في ''العرق طبعة اللغة والثقافة''. جورج ستوكنج. شيكاغو: مطبعة جامعة شيكاغو صفحة256</ref> من وجهة نظر بواس، يعد ظهور أنماط من هذا القبيل—ثقافة وطنية، على سبيل المثال--، نتاجا لوجهة نظر معينة.<ref>باشكاو Bashkow، ايرا 2004 " تعريف بوسانى جديد لحدود الثقافية " ''الأنثروبولوجيا الأميركية'' 106 (3): 446</ref>
 
انتشر النقاش الأول على نحو فعال في عام 1934 عندما نشرت روث بنديكت كتابها [[أنماط الثقافة]]، والذي ما زال يتم طبع نسخ عديدة منه. على الرغم من كون هذا الكتاب معروفا جيدا من أجل نشر مبدأ أنصار بواس بشأن [[النسبية الثقافية]]، إلا أنه يشكل بين علماء الأنثروبولوجيا تلخيصا مهما للاكتشافات التي توصل إليها أنصار بواس، وفاصل حاسم لتأكيد بواس على تنقل السمات الثقافية المتنوعة. "وقد تم تكريس عمل الأنثروبولوجيا على نحو واسع من أجل تحليل السمات الثقافية"، حيث كتبت تقول "بدلا من دراسة الثقافات على هيئة كليات منطوقة."<ref>روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن: شركة هوتون مفلن Houghton Miflin Company. صفحة 48</ref> وعلى الرغم من تأثرها بعالم الأنثروبولوجيا الاجتماعي البريطاني من أصل بولندى [[برونيسلاف مالينوفسكي Bronislaw Malinowski]]، فقد قالت إن "الشيء الأساسي، كما يبدو اليوم، هو دراسة الثقافة الحية، للتعرف إلى عادات التفكير ووظائف مؤسساتها" كما أضافت قائلة " الطريقة الوحيدة التي يمكننا أن نعرف من خلالها أهمية التفاصيل المختارة من السلوك تعتبرتعدّ ضد خلفية الدوافع والمشاعر والقيم التي هي ذات طابع مؤسسي في تلك الثقافة<ref>روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن: شركة هوتون مفلنرHoughton Miflin Company صفحة. 49</ref> كما أضافت قائلة ان "الكل يحدد جميع أجزائه وليس العلاقة فحسب بل وأدق تفاصيل طبيعته، " وهي متأثرة في ذلك بكل من المؤرخ الألمانى [[ويلهلم ديلثى Wilhelm Dilthey|فيلهيلم ديلتهى]] [[أوزوالد سبينجلر Oswald Spengler|وأوزوالد سبينجلر]]، إلى جانب تأثرها بعلماء [[علم نفس الجشطالت|نفس مدرسة الجشطالت]]، <ref>[133] ^ روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن: شركة هوتون مفلن Houghton Miflin Company صفحة. 52</ref>، وأن "الثقافات، بالمثل، تعتبرتعدّ أكبر من مجموع سماتها<ref>روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن: شركة هوتون مفلن Houghton Miflin Company صفحة. 47</ref> كما هو الحال مع أى لغة منطوقة حيث تعتبرتعدّ مجموعة من الأصوات الانتقائية المحدودة الخارجة من فم الإنسان (خالي من العيوب)، خلصت إلى أن كل الناس في المجتمع، وبمرور الوقت، وسواء من خلال عمليات الوعي واللاوعي، تعتبرنخبةتعدّنخبة من مجموعة واسعة ولكنها محدودة من السمات الثقافية، والتي تتجمع لتشكل نمطا فريدا ومميزا.<ref>روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن:شركة هوتون مفلن Houghton Miflin Company صفحة. 23-24</ref>
 
:وتحتفظ أهمية السلوك الثقافي بمكانتها عندما نعترف بكونها محلية وأنها من صنع الإنسان وأنها متغيرة بشكل كبير. حيث تميل إلى أن تكون متكاملة. وتعتبروتعدّ الثقافة، مثل أي فرد، نمطا ثابتا يقل أو يزداد من الفكر والعمل. حيث يوجد داخل كل ثقافة مجموعة أغراض تشخيصية ليس بالضرورة أن تكون سمة مشتركة بين أنواع أخرى من المجتمع. وفي سبيل خدمة تلك الأغراض، يدعم كل شخص زيادة خبرتها، بما يتناسب مع الحاجة الملحة لهذه الدوافع والعناصرغير المتجانسة من السلوك يظهر المزيد والمزيد من الانسجام مع الشكل النهائى. وبتبنى تلك الثقافة المتكاملة، تصبح الأعمال الأكثر سوء سمة لأهدافها بوجه خاص، في كثير من الأحيان من قبل معظم التحولات المستبعدة.<ref>روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن:شركة هوتون مفلن صفحة.46</ref>
وعلى الرغم من أن بنديكت لاحظت أن جميع الثقافات يجمعهم تشابه ما من الناحية الافتراضية إلا أنها رأت أن هذه الأنماط يمكن أن يشوبها نوع ما من التغيير بمرور الزمن كنتيجة لإبداع الإنسان ومن ثم فإنه قد يكون لبعض المجتمعات قي أماكن مختلفة حول العالم شخصياتها المتميزة التي تميزها عن غيرها.حيث يقارن كتاب ''أنماط من الثقافة'' [[زوني Zu?i|ثقافات الزوني]]، [[دوبو Dobu|الدوبو]] [[كواكياتل Kwakiutl|والكواكياتل]] كوسيلة لتسليط الضوء على الطرق المختلفة للحياة الإنسانية. وهنا لاحظت بنديكت أن العديد من الغربيين يروا أن هذا الرأي اجبرهم على التخلي عن "أحلام الدوام والمثالية ومع الأفكار الذاتية فيما يخص الحكم الذاتي" كما أنه بالنسبة للكثيرين، فقد أدى ذلك بالوجود ليكون "فارغا".<ref name="autogenerated4">روث بنديكت 1934 Ruth Benedict ''أنماط الثقافة'' بوسطن:شركة هوتون مفلن Houghton Miflin Company صفحة.277</ref> بيد انها قالت انه بمجرد قبول الناس لنتائج البحوث العلمية، فسوف يصلون إلى الإيمان الذي يتصف بأنه أكثر واقعية اجتماعية، آملين في وجود الأمل كبداية للتسامح والتعايش وأشكال صالحة للحياه التي لطالما خلقها الإنسان لذاتها من مواد الوجود الخام.<ref name="autogenerated4"/>
 
السطر 219 ⟵ 221:
[[ملف:Cousin-Kinship-chart.png|تصغير|يسار|300بك|هيكل قرابة الآيروكوس Iroqois Kinship Structure]]
[[ملف:Triangle culinaire.svg|تصغير|يسار|مثلث الطبخ]]
ودار النقاش الثاني حول مدى القدرة على تقديم المطالبات العالمية حول جميع الثقافات. على الرغم من زعم بواس بأن علماء الأنثروبولوجيا لم يتمكنوا بعد من جمع ما يكفي من الأدلة الثابتة من عينة متنوعة من المجتمعات لتقديم أي مطالبات صحيحة عامة أو عالمية حول الثقافة، إلا أنه قبيل عام 1940 رأى البعض استعدادهم لذلك. في حين رأى كل من كروبر وبنديكت بأن "الثقافة"—التي يمكن أن يشير إليها البعض من منظور محلى أو إقليمى كانت بطريقة أو بأخرى تاخذ شكلا أو قالبا معينا. أما الآن فقد شعر بعض علماء الأنثروبولوجيا بوجود ما يكفي من البيانات التي تم جمعها لإثبات أنها غالبا ما أخذت أشكالا تتسم بالتنظيم بدرجة عالية. أما السؤال الذي لطالما كان يطرح نفسه أمام علماء الأنثروبولوجيا، هو "هل تعتبرتعدّ تلك الهياكل مواد احصائية من صنع الإنسان؟، أو أين تعبيراتهم الخاصة بالنماذج العقلية؟ وبرز هذا النقاش مكتملا في عام 1949، مع نشر [[جورج موردوك George Murdock|جورج موردوك]] ' George Murdock ''البناء الاجتماعي''، [[كلود ليفي ستروس Claude Lévi-Strauss|وكلود ليفي ستروس']] Claude Lévi-Strauss '''' Les Structures Elémentaires de la Parenté.
 
ومعارضة بواس وأنصاره، يأتي عالم الأنثروبولوجيا [[جورج موردوك George Murdock|جورج موردوك]]، الذي قام بجمع الملفات الخاصة بالعلاقات الإنسانية حيث تبين هذه الملفات المتغيرات الثقافية الموجودة في المجتمعات المختلفة، بحيث يمكن لعلماء الأنثروبولوجيا استخدام [[إحصاء|الأساليب الإحصائية]] لدراسة العلاقات المتبادلة بين المتغيرات المختلفة.<ref>موردوك، جورج، 1949 Murdock، George ''الهيكل الاجتماعي'' نيويورك: شركة ماكميلان</ref><ref>موردوك جى بى، 1967.Murdock، G. P. ''الأطلس الإثنوغرافي: موجز.'' بيتسبرغ: مطبعة جامعة بيتسبرغ</ref><ref>موردوك، 1981.Murdock، G. P ''أطلس الثقافات العالمية.'' بيتسبرغ: مطبعة جامعة بيتسبرغ.</ref> والهدف النهائي من هذا المشروع هو تطوير التعميمات التي تنطبق على أعداد متزايدة من الثقافات الفردية. وفي وقت لاحق، قام كل من موردوك [[دوغلاس آر.وايت Douglas R. White|ودوغلاس آر وايت.بتطوير]] [[عينة نموذجية ثقافية|العينة الثقافية الثابتة اعتبارها]] وسيلة لصقل هذا الأسلوب.
السطر 228 ⟵ 230:
 
==== التحدى البنائى النفعى: المجتمع مقابل الثقافة ====
في أربعينيات القرن الماضي) ظهر نوذج جديد للبحث في العلوم الاجتماعية وعلوم الأنثروبولوجيا متحديا في ذلك ما دعا إليه بواس وأنصاره وسمى هذا النموذج [[نفعية البناء|بالهيكلية الوظيفية.]]. وتم تطوير هذا النموذج بصورة مستقلة ولكن متوازية في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة (وفي كلتا الحالتين يعتبريعدّ ''فريدا من نوعه'': فليس لديه علاقة مباشرة "بالبنيوية" إلا أن كلا من البنيوية الفرنسية والنفعية البنائية الأنجلو أمريكية قد تأثرتا بدوركهايم. كما أنها مماثلة، ولكن لا علاقة لها، بغيرها من أشكال "الوظيفية"). في حين أن ينظر أنصار بواس للأنثروبولوجيا على أنها ضرب من العلوم الطبيعية التي خصصت لدراسة للجنس البشري، كما يرى انصار النفعية البنائية الأنثروبولوجيا باعتبارها واحدة من بين العديد من العلوم الاجتماعية، والتي تم تكريسها لدراسة جانب واحد من البشرية. الأمر الذي أدى بأنصار النفعية البنائية لإعادة تعريف والتقليل من نطاق مفهوم "الثقافة".
 
في المملكة المتحدة، وكان من المتوقع إنشاء الهيكلية الوظيفية من قبل [[ريموند فيرث Raymond Firth|ريموند فيرث]] 'Raymond Firth (1901-2002) ''ونحن في تيكوبيا''، Tikopia والتي نشرت في عام 1936، والتي تمثلت في نشر ''الأنظمة السياسية الأفريقية''، الذي حرره [[ميير فورتس Meyer Fortes|ماير فورتس]] (1906-1983) و[[إى إى ايفانز بريتشارد E.E. Evans-Pritchard|كهر ايفانز بريتشارد]] (1902-1973) في عام 1940.<ref>ريموند فيرث 1936 Raymond Firth ''نحن التيكوبياTikopia: دراسة اجتماعية للقرابة البدائية في بولينيجا لندن '' ألان وأنوين</ref><ref>ماير فورتيس وإى إى ايفانز بريتشارد 1940 Meyer Fortes and E.E. Evans Pritchard. ''الأنظمة السياسية الأفريقية.'' لندن ونيويورك: المعهد الدولي الأفريقي.</ref> في هذه الأعمال قام علماء الأنثروبولوجيا بتوجيه تجميعا للأفكار لكل من، [[برونيسلاف مالينوفسكي Bronislaw Malinowski|برونيسلاف مالينوفسكي]] (1884-1942)، ومنافسه، [[آى آر رادكليف براون A. R. Radcliffe-Brown|ع رادكليف براون]] (1881-1955). كلا من مالينوفسكي ورادكليف براون ينظر للأنثروبولوجيا—و هو ما يسمونه "[[الأنثروبولوجيا الاجتماعية]]"—على أنها فرع من فروع علم الاجتماع الذي درس ما يسمى بالمجتمعات البدائية. وفقا لنظرية مالينوفسكي فيما يتعلق بنظرية [[وظائفية (فلسفة)|الوظيفية]]، لدى جميع البشر بعض الاحتياجات البيولوجية، مثل الحاجة إلى الغذاء والمأوى، والحاجة البيولوجية للإنجاب. وكل مجتمع يقوم بتطوير مؤسساته الخاصة، والتي تعمل على تلبية هذه الاحتياجات. من أجل أن تعمل هذه المؤسسات، يجب على الأفراد القيام ببعض الأدوار الاجتماعية المعينة التي تنظم كيفية التصرف والتفاعل داخل المجتمع. على الرغم من أن بعض الأعضاء في أي مجتمع قد لا يفهمون الدور المنوط بهم وببعض المؤسسات، إلا أنه يمكن للأثنوغرافي وضع نموذج لهذه الوظائف من خلال رصد دقيق للحياة الاجتماعية.<ref>برونيسلاف مالينوفسكي ''1944Bronislaw Malinowski النظرية العلمية للثقافة''</ref> هذا ورفض رادكليف براون ما زعمه مالينوفسكي فيما يخص مفهوم الوظيفة، واعتقد أنه يمكن تطبيق نظرية عامة للحياة الاجتماعية البدائية من خلال مقارنة دقيقة بين مختلف المجتمعات.رادكليف براون قال بأنه يتوجب على علماء الأنثروبولوجيا رسم البنية الاجتماعية في أي مجتمع معين قبل بمقارنة هياكل المجتمعات المختلفة وهو متأثرا في ذلك بعالم الاجتماع الفرنسي [[إميل دوركهايم Emile Durkheim|إميل دوركهايم]] (1858-1917) الذي قال بأن المجتمعات البدائية والحديثة تنفرد بالهياكل الاجتماعية المتميزة.، <ref>آى آر رادكليف براون 1952 A.R. Radcliffe-Brown ''هيكل ووظيفة في المجتمع البدائي''</ref> هذا ووجد كل من فيرث Firth، وفورتيس Fortes، وإيفانز بريتشارد Evans-Pritchard، أنه من السهل الجمع بين مالينوفسكي في الانتباه إلى الأدوار الاجتماعية والمؤسسات وبين ما دعا إليه رادكليف براون بشأن الهياكل الاجتماعية. حيث قاموا بالتمييز بين "التنظيم الاجتماعي" (ملاحظة التفاعلات الاجتماعية)، و"البنية الاجتماعية" (القاعدة التي تحكمها أنماط التفاعل الاجتماعي)، وحولوا انتباههم من الوظائف البيولوجية للوظائف الاجتماعية (على سبيل المثال، مدى الاختلاف بين المؤسسات المتكاملة وظيفيا، ومدى، والطرق، التي يمكن من خلالها للمؤسسات أن تعمل لتعزيز الاستقرار والتضامن الاجتماعي. وباختصار القول، فبدلا من ثقافة (كما يفهمها كل البشر على أنها ظاهرة غير وراثية أو من خارج الظواهر الجسدية) دعوا إلى أن يكون "السلوك الاجتماعي" (التفاعلات والعلاقات بين الأشخاص والجماعات) هو موضوع دراستهم.(وفي الواقع، كتب رادكليف براون ذات مرة "وأود أن استشهد بأحد المحرمات في مفهوم ''الثقافة'' <ref name="ReferenceB">آى.آر رادكليف براون ''1957'' Radcliffe-Brown، ''العلوم الطبيعية لمجتمع'' جلينكو: فرى برس Free Press صفحة. 53</ref><ref name="ReferenceB"/>
السطر 291 ⟵ 293:
* [[تعددية ثقافية|التعددية الثقافية]]:: سياسة تنتهج بحيث يحافظ كل من المهاجرين وغيرهم على ثقافاتهم مع مختلف الثقافات ويتعايش كل هؤلاء في سلام داخل دولة واحدة.
 
ونادرا ما تتآلف ثقافات المهاجرين بطريقة دقيقة مع الثقافات الأخرى تطبيقا لأحد الأساليب المذكورة أعلاه. فهناك العديد من المعايير التي لابد وان توضع بعين الاعتبار مثل درجة الاختلاف مع ثقافة البلد المضيف (على سبيل المثال، "الغرابة")، وعدد المهاجرين، ومواقف السكان المقيمين، ونوع السياسات الحكومية التي يتم سنها، ومدى فعالية هذه السياسات، كل هذا يجعل من الصعب التعميم بخصوص النتائج. وبالمثل مع الثقافات الفرعية الأخرى داخل المجتمع، فإن المواقف من السواد الأعظم من السكان، والاتصالات بين الجماعات الثقافية المختلفة تلعب دورا رئيسيا في تحديد تلك النتائج. وتعتبروتعدّ دراسة الثقافات داخل المجتمع أمرا بالغ التعقيد كما أن البحث يجب أن يأخذ في الاعتبار عددا لا يحصى من المتغيرات.
 
=== الدراسات الثقافية ===