نابليون بونابرت: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Glory20 (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 173:
<blockquote>وأصلح حال الأمة المصرية.'''"'''</blockquote>
[[ملف:Francois-Louis-Joseph Watteau 001.jpg|تصغير|220بك|معركة الأهرام، [[21 يوليو]] سنة [[1798]]، بريشة "فرانسوا لويس-جوزيف واتو"، حوالي سنة [[1798]] أو [[1799]].]]
تغلّب الجيش الفرنسي بسهولة على [[مماليك|المماليك]]، حكّام مصر القدامى، الذين هبّوا لقتال الفرنسيين بمجرد وصولهم للبلاد. وقد ساعد انتصار بونابرت الأول على المماليك في فتح المجال أمامه للتخطيط لمعركته التالية معهم، التي وقعت بعد أسبوع من المعركة الأولى بالقرب من مدينة [[القاهرة]]، على بعد 6 كيلومترات من [[أهرام الجيزة]]، وعُرفت باسم [[معركة الأهرام]]. حقق بونابرت انتصارًا باهرًا على المماليك في هذه المعركة، على الرغم من أنهم فاقوا جيشه عددًا، فقد وصل عدد الخيالة المماليك إلى 60,000 فارس، بينما بلغ عدد الخيالة الفرنسيون 20,000، لكن القائد الفرنسي لجأ مرة أخرى إلى أساليبه الحربية الباهرة، فجعل الجنود الفرنسية تتخذ تشكيلات مربعة في وسطها كل العتاد اللازم، فكان الفرنسيون يطلقون النار على المماليك من جميع الجهات دون توقف، ولم يستطع هؤلاء قتال الفرنسيين بطريقة فعّآلة لقدم أساليب قتالهم مقارنة بالأساليب الأوروبية الحديثة. أسفرت المعركة عن مقتل 300 جندي فرنسي وحوالي 6,000 مصري.<ref>Smith 1998, p.140</ref>
 
رأت [[الدولة العثمانية]] في احتلال بونابرت مصر اعتداءً عليها، ووقفت [[الإمبراطورية البريطانية]] و[[الإمبراطورية الروسية]] إلى جانب الدولة العثمانية، وعرضوا على الباب العالي المساعدة العسكرية، برًا وبحرًا لإخراج الفرنسيين من مصر.<ref name="بونابرت في لبنان الجنوبي">المصور في التاريخ، الجزء السابع، بونابرت في لبنان الجنوبي، صفحة 131 - 132</ref> وأصدر السلطان [[فرمان عثماني|فرمانا]] نادى فيه كل المسلمين للدفاع عن مهد الإسلام ضد الحملة الفرنسية، وقد أعلن البيان للشعب أن الفرنسيين الخالعين لأي إيمان، المحرفين لكل ما هو مقدس في الدين، وفي البيانات الحكومية لأمتهم، أعلنوا الحرب على الإسلام من أجل القضاء على المؤمنين، ما عدا النساء والأطفال، لتحويل هؤلاء إلى مشركين.<ref name="حملة الفرنسيين">سوريا ولبنان وفلسطين تحت الحكم التركي، من الناحيتين السياسية والتاريخية. ق.م. بازيلي. ترجمة: د. يسر جبر، مراجعة: د. منذر جبر. دار الحداثة. صفحة 96-97</ref> إلا أن هذا الفرمان لم يكن له التأثير المنتظر في نفس بونابرت، فقد اعتمد عند دخوله مصر على تعب الشعب من جور المماليك، وعلى انشغال كل [[شبه الجزيرة العربية]] بحرب [[وهابيون|الوهابيين]]، وعلى عدم مبالاة العديد من سكان [[بلاد الشام]] بسبب إرهاق الولاة العثمانيين لهم منذ حوالي القرن من الزمن.<ref name="حملة الفرنسيين"/> وأجاب بونابرت على الكلام الذي صبه عليه [[قائمة السلاطين العثمانيين|السلطان العثماني]] بأن جعل من الصيت الذي أطلقه عند دخوله البلاد، أي اعتناقه الإسلام، واقعًا أمام أعين الناس، وذلك كي يتبرأ من كل الآثار التي خلفتها [[الحروب الصليبية]] في نفوس الشعب، وليقنع المسلمين بلاعدائيته تجاه دينهم تظاهر في [[القاهرة]] بإسلامه مؤديًا الفرائض الدينية.<ref name="حملة الفرنسيين"/> أصبح نابليون بونابرت بهذا حاكمًا مسلمًا اسمه "بونابردي باشا"، وكان يطلق عليه المسلمين اسم "علي نابليون بونابرت"، وكان يتجوّل وهو مرتد الملابس الشرقية و[[عمامة|العمامة]] و[[الجلباب]]. وكان يتردد على [[المسجد]] في أيام الجمعة ويسهم بالشعائر الدينية مثل [[صلاة (إسلام)|الصلاة]]، وكوّن نابليون ديوانًا استشاريًا مؤلفًا من المشايخ والعلماء المسلمين مكونًا من 11 عالمًا ويرأسه الشيخ "[[عبد الله الشرقاوي]]".<ref name="النبأ">[http://www.annabaa.org/nbanews/63/148.htm الحملة الفرنسية على مصر: استعمار ام استشراق؟] شبكة النبأ المعلوماتية، تاريخ الوصول 25 فبراير 2009. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20130530191929/http://annabaa.org:80/nbanews/63/148.htm |date=30 مايو 2013}}</ref> خاب أمل [[الباب العالي]] في أن يجعل من الحرب مع فرنسا حربًا وطنية، فاضطر بالتالي مع [[باشا]]واته أن يخوضوها بقواهم الخاصة تُساندهم القوى الحليفة الأوروبية.<ref name="حملة الفرنسيين"/> وبتاريخ [[25 يوليو]]، قام العثمانيون بإنزال بري في مرفأ أبي قير وقاتلوا الجنود الفرنسية قتالاً شديدًا، لكنهم لم يقدروا عليها، فانتصرت الأخيرة انتصارًا ساحقًا.<ref>Schom 1998, pp.176–179</ref>
[[ملف:BashirChehab.jpg|تصغير|يمين|الأمير "[[بشير الثاني الشهابي]]"، أمير لبنان من سنة [[1788]] حتى سنة [[1840]]، التفت إليه كل من بونابرت والجزار للمساعدة عند حصار عكا.]]
وبتاريخ [[1 أغسطس]] من نفس العام، كان الأسطول البريطاني بقيادة القبطان "[[هوراشيو نيلسون]]"، قد أسر أو دمّر جميع السفن الفرنسية، عدا سفينتين، في [[معركة أبي قير البحرية]]، فأُحبط بهذا مشروع بونابرت الهادف إلى إقامة مركز فرنسي ممتاز في [[حوض البحر المتوسط]]،<ref name="rxx">Roberts 2001, p.xx</ref> إلا أن جيشه كان قد نجح في بسط السلطة الفرنسية على [[مصر]]، على الرغم من تعرضه لانتفاضات ومقاومة مستمرة من قبل السكان.<ref>Schom 1998, pp.139–144</ref> وما لبث أن انضم الأسطول العثماني و[[البحرية الإمبراطورية الروسية|الروسي]] إلى جانب الأسطول البريطاني لقتال الفرنسيين وإخراجهم من مصر، ولمّا رأى بونابرت تجمع الأساطيل الحليفة في [[البحر المتوسط]]، عزم على مفاجأة الدولة العثمانية باحتلال [[بلاد الشام]] قبل أن يستكمل العثمانيون استعداداتهم، فقام في أوائل سنة [[1799]] بتحريك 13,000 جندي من جيشه قاصداً سواحل الشام، فاحتل [[العريش]] و[[غزة]] و[[يافا]] و[[الرملة]] و[[حيفا]] ووصل إلى [[صور]] في [[جنوب لبنان]].<ref name=Insect>Roberts 1995, p.147–160</ref> كان الهجوم الفرنسي على مدينة يافا بالذات أكثر ضراوةً من غيره، فقد اكتشف نابليون بعد استسلام المدينة أن كثيرًا من الذين كانوا يدافعون عنها هم في واقع الأمر أسرى حرب سابقون يعملون مقابل إطلاق سراحهم لاحقًا، فأمر بإعدام جميع أفراد الحامية و1,400 أسير حرب من الذين ساهموا بالدفاع عن المدينة، باستخدام الحراب أو عن طريق الإغراق، وذلك كي يوفر رصاص البنادق،<ref name="rxx"/> وسمح لجنوده بنهب المدينة، فارتكبت الجنود الفرنسية عدّة فظائع طيلة 3 أيام، حيث نهبت وقتلت الكثير من السكان.<ref>McLynn 1998, p.189</ref> ومن بين جميع مدن الساحل الشامي الجنوبي، وحدها مدينة عكا صمدت في وجه بونابرت، فلم يستطع الجنود الفرنسيون اقتحام حصونها لمناعتها، كما كان واليها "[[أحمد باشا الجزار]]" قد زوّد حاميتها بال[[مدفع|مدافع]]، وكان الأسطول الإنگليزي بقيادة [[أمير البحر]] "سدني سميث" يُساعد رجال الجزار.<ref name="بونابرت في لبنان الجنوبي"/> عندما تساوت قوى الفريقين، ووقف كل من بونابرت والجزار يتربص بالآخر، التفت كل منهما إلى أمير لبنان "[[بشير الثاني الشهابي]]"، فوجدا فيه مرجّحًا لكفة من يُساعده فيما يُقدمه الأمير من رجال ومؤن، فكتب كل منهما إليه: أما بونابرت فقد طلب إليه المساعدة ووعده بتوسيع حدود إمارته وتخليص بلاد الشام من حكم الجزار المتقلّب الذي دائما ما يخلف بوعوده ويغدر بمن حوله؛ وأما الجزار فأصرّ على الأمير أن يمده بجيش ليقاوم الحملة الفرنسية، ووعده مقابل ذلك بإعادة مدينة بيروت إلى إمارته.<ref>المصور في التاريخ، الجزء السابع، موقف الأمير: حياد بين بونابرت والجزار، صفحة: 132</ref> لكن بشيراً اتخذ موقفًا محايداً من كلا الطرفين، فسكت عن الرد على رسالة بونابرت، وتجاهل المؤن التي زود بعض الأهالي بها الجيش الفرنسي، وردّ على الجزار يعتذر عن تقاعسه في نجدته، زاعماً أن أهل البلاد امتنعوا عن طاعته بعد أن بلغهم أن الجزار عزله عن الحكم، وولّى مكانه أبناء سلفه، الأمير "يوسف الشهابي".
سطر 299:
اعتُقل نابليون وسُجن لفترة قصيرة، ثم نُفي إلى [[سانت هيلينا|جزيرة القديسة هيلانة]] في وسط [[المحيط الأطلسي|المحيط الأطلسي الجنوبي]] بين [[أفريقيا]] و[[البرازيل]]، والتي تبعد 2,000 كيلومتر تقريبًا عن كليهما. عاش نابليون أول شهرين له على الجزيرة في منزل على أرض مملوكة لشخص يُدعى "وليام بالكومب"، وسرعان ما أصبح صديقًا مقربًا لأفراد العائلة، وبشكل خاص للإبنة الصغرى "إليزابيث لوسيا"، التي ألّفت في وقت لاحق كتاب "ذكريات الإمبراطور نابليون"<ref>Balcombe 1845</ref> ([[لغة إنكليزية|بالإنگليزية]]: Recollections of the Emperor Napoleon). انتهت هذه الصداقة في عام [[1818]]، عندما شكّت السلطات البريطانية بأن بالكومب يلعب دور الوسيط بين نابليون و[[باريس]]، فقامت بترحيل بالكومب من الجزيرة.<ref>Thomson 1969, p.77–9</ref>
[[ملف:16 Napoleons exole St Helena June1970.jpg|تصغير|يمين|منزل لونگوود على جزيرة القديسة هيلانة حيث أمضى نابليون السنوات الأخيرة من حياته.]]
نُقل نابليون بعد ذلك إلى "منزل لونگوود" في شهر ديسمبر من سنة 1815؛ وكان ذلك المنزل شديد العطب كثير [[رطوبة|الرطوبة]]، تعصف به الرياح على الدوام. نشرت صحيفة "[[ذي تايمز|الأزمان]]" البريطانية عدّة مقالات تقول فيها بأن الحكومة البريطانية ترغب بالتسريع من [[موت]] بونابرت، وأن الأخير اشتكى على الدوام من ظروف العيش السيئة في رسائل موجهة إلى حاكم الجزيرة السير "هدسون لوي".<ref>Schom 1997, p.769–770</ref> وفي تلك الفترة، قام بونابرت بكتابة ذكرياته بمعاونة ثلة من تابعيه المخلصين الذين حضروا معه إلى الجزيرة، وانتقد فيها آسريه وبشكل خاص الحاكم لوي. يتفق العديد من المؤرخين أن معاملة لوي لنابليون كانت معاملة رديئة،<ref name=Lowe>McLynn 1998, p.642</ref> فقد أقدم على جعل وضعه يتفاقم بعدة طرق منها: الإنقاص من حجم المصروف الذي كان يُرسل إليه، منع إرسال أو تسليم أي هدية إليه إن كانت تتضمن ذكراً لمنصبه الإمبراطوري، ووثيقة كان على تابعيه التوقيع عليها وهي تضمن بقاءهم إلى جانبه إلى أجل غير مسمى.<ref name=Lowe/>
[[ملف:Napoleon sainthelene.jpg|تصغير|نابليون على جزيرة القديسة هيلانة.]]
في سنة [[1818]] نشرت صحيفة الأزمان إشاعة كاذبة تُفيد بأن نابليون هرب من الجزيرة، كما قيل أن عدد من [[لندن|اللندنيين]] استقبل هذا الخبر بالإضاءات العفوية.<ref group="معلومة">كانت هذه عادة إنگليزية قديمة، تتمثل في قيام أصحاب البيوت بإشعال الشموع ووضعها على حافة الشبابيك المطلة على الشارع إعلانًا بوقوع حدث سعيد.</ref><ref>Woodward 2005, p.51–9</ref> حصد نابليون خلال الفترة التي قضاها في الجزيرة تعاطف بعض أعضاء البرلمان البريطاني، فقد ألقى اللورد "هنري ڤاسل فوكس"، أحد كبار السياسيين، خطابًا قويًا في إحدى الجلسات طالب فيه ألا تتم معاملة نابليون بقسوة غير ضرورية.<ref>McLynn 1998, p.644</ref> وفي هذا الوقت كان نابليون يُتابع ما يجري في بريطانيا عن طريق ذات الصحيفة التي نشرت خبر هروبه، فتأمّل أن يتم إطلاق سراحه بحال أصبح فوكس رئيسًا للوزراء. حصل نابليون كذلك على دعم اللورد "طوماس كوكران" الذي دعم حركة الاستقلال في كل من [[تشيلي]] و[[البرازيل]]، ورغب في إنقاذ نابليون ومساعدته على إنشاء إمبراطورية جديدة في [[أمريكا الجنوبية]]، إلا أن هذه الخطة أحبطت بوفاة نابليون سنة [[1821]].<ref>Macaulay 1986, p.141</ref> كان هناك أيضًا عدد من الخطط الأخرى الهادفة لإنقاذ نابليون، منها الخطة التي وضعها الجنود الفرنسيون الذين نفوا إلى ولاية [[تكساس]] الأمريكية، ورغبوا في قيام إمبراطورية نابليونية جديدة في [[أمريكا الشمالية]]، حتى أنه يُقال بوجود خطة قضت بتهريب بونابرت عن طريق [[غواصة]] بدائية.<ref>Wilkins 1972</ref> كان نابليون بالنسبة للورد "[[جورج غوردون بايرون، البارون بايرون السادس|جورج گوردن بايرون]]"، وهو أحد الشعراء الإنگليز، مثال البطل الرومانسي المضطهد والعبقري الوحيد المعيب. أثارت مسألة قيام نابليون بأعمال البستنة بنفسه في مسكنه بلونگوود في سنواته الأخيرة، حساسية وتعاطف الكثير من أبناء الشعب البريطاني والسياسيين معه بشكل أكبر من السابق.<ref>McLynn 1998, p.651</ref>