12٬938
تعديل
منصورالواقدي (نقاش | مساهمات) ط (استرجاع تعديلات JarBot (نقاش) حتى آخر نسخة بواسطة منصورالواقدي) وسم: استرجاع |
منصورالواقدي (نقاش | مساهمات) |
||
== التعريف بأهل السنة والجماعة ==
أهل السنة والجماعة لقب جرى تداوله منذ فترات سابقة في تاريخ الإسلام بسبب الفرق التي ظهر معظمها في عصور السلف، ثم صارت هذه التسمية تمييزا لهم عن الفرق المخالفة لهم، وأصل التسمية عند أئمة أهل السنة والجماعة يرجع إلى معنى الاتباع، فالسنة المتبعة هي الطريقة المسلوكة في الدين، والجماعة أهل الاتباع هم الخلفاء الراشدون والأئمة المجتهدون من الصحابة والتابعين والفقهاء من أهل الرأي وأهل الحديث ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم وأخذ عنهم طريقتهم بالنقل والإسناد المتصل، وقد انتقل فقه الصحابة إلى التابعين فمن بعدهم من الأئمة، وكان لهم اجتهادات في [[فروع الفقه|الفروع]] والتي نتج عنها ظهور المذاهب الفقهية، واشتهر منها طريقتان للمنهج الفقهي ذكرهما [[ابن خلدون]] في تاريخة (الذي دونه في القرن الثامن الهجري) هما: منهج فقهاء [[أهل الرأي]] في العراق ومقدم جماعتهم الذي استقر المذهب فيه وفي أصحابه [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]]، ومنهج فقهاء [[أهل الحديث]] في الحجاز وإمامهم [[مالك بن أنس]] [[محمد بن إدريس الشافعي|والشافعي]] من بعده.<ref name="ابن خلدون°"/> وذكر ابن خلدون وغيره أن الإمام الشافعي هو أول من وضع [[علم أصول الفقه]] الذي صاغه في كتابه: «الرسالة»، فجمع بذلك بين طريقتي الرأي والحديث، وتلخص مذهب أهل السنة في هذه المرحلة في مذاهب الأئمة الثلاثة وهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي، واستقر فقه أهل السنة على هاتين الطريقتين فيهم وفي أصحابهم من بعدهم، ودخل في جماعتهم أئمة المذاهب الأخرى المتفقون معهم في أصول الدين، وتبعهم الأئمة الفقهاء من أصحاب هاتين الطريقتن في القرن الثالث الهجري، ثم استقر الفقه في أئمة [[المذاهب الأربعة]]، ودخل في جماعتهم أئمة المذاهب الفقهية الأخرى الذين اتفقوا معهم في الأصول.
بعد
فأهل السنة هم أصحاب المذاهب الفقهية المعتبرة من فقهاء أهل الرأي وأهل الحديث الذين سلكوا مسلك أئمة هاتين الطريقتين، وكلهم متفقون على قول واحد في الأصول، وأصول اعتقاد أهل السنة مأخوذة أصلا من الصحابة باعتبار أنهم هم الذين تلقوا عقيدة الإسلام من مصدرها الأول وتلقاها عنهم من بعدهم، وأصول اعتقاد أهل السنة في أواخر عصر السلف ومن بعدهم منقولة عن أئمتهم السابقين من أهل الرأي وأهل الحديث الذين تلقوها عمن سبقهم بالنقل عن أئمة الصحابة والتابعين حسب ما هو مقرر في كتب علمائهم، وإنما يظهر الفرق في سبب تأسيس قواعد علم التوحيد ومنهج أئمته في الاستدلال.
وطريقة أهل الحديث تعتمد في الاستدلال على الأدلة السمعية أي: النقلية من الكتاب والسنة والإجماع فيما يكون منها دليلا تقوم به حجة لإثبات الحكم، وطريقة أهل النظر والصناعة النظرية، وتعتمد في الاستدلال على الأدلية السمعية والنظرية باعتبار أن الأدلة السمعية هي الأصل، والأدلة العقلية خادمة لها.
كان ظهور تلك الفِرق المخالفة لأهل السنة في الأصول وتمايزها وافتراق بعضها عن بعض أدى بواقع الحال إلى وصف أهل السنة في هذه الحالة بأنها فِرقة من ضمن هذه الفِرق، ووصف أهل السنة والجماعة بذلك إنما هو بالنسبة لتعريفهم في مقابل الفِرق المخالفة لهم في الأصول.
بعد ذهاب عصر السلف انتقل مذهب أهل السنة والجماعة إلى من بعدهم، واشتهر مذهب أهل السنة والجماعة على طريقة أبي الحسن الأشعري في العراق وخراسان والشام والمغرب والأندلس وغيرها، واشتهر مذهب أهل السنة والجماعة على طريقة أبي منصور الماتريدي في ما وراء النهر وغيرها، واختص جماعة من أهل الحديث بنقل معتقد أهل السنة والجماعة على طريقة الأثرية من أهل الحديث، ثم أصبح لقب أهل السنة والجماعة يطلق على الأشعرية والماتريدية والأثرية من أهل الحديث، باعتبار أن أهل السنة والجماعة من أصحاب الصناعة النظرية هم الأشعرية والماتريدية، حيث قرروا عقيدة أهل السنة والجماعة بطريقة الصناعة النظرية، وأما الأثرية فلم يكونوا أصحاب صناعة نظرية، بل اقتصروا في تقرير عقيدة أهل السنة والجماعة على الطريقة السمعية (الكتاب والسنة والإجماع)، وربما أخذ بعضهم بطريقة المتكلمين من أهل النظر، فأهل السنة والجماعة على اختلاف طرقهم في تقرير عقيدة أهل السنة والجماعة هم مكون واحد متفقون على قول واحد في أصول الدين، وربما اختلفوا فى بعض فروعها اختلافا لا يوجب تضليلا ولا تفسيقا.<ref name="الفرق•"/>
هناك تسميات متعددة ذكرها العلماء للتعريف بأهل السنة والجماعة، ومهما اختلفت صياغتها في استعمالات العلماء من أهل السنة والجماعة فمردها واحد، والاختلاف في صياغتها خلاف شكلي لا أكثر، وبعد ظهور أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي اشتهر لقب أهل السنة والجماعة على الأشعرية والماتريدية أكثر، قال [[ابن عابدين]] في تقرير اعتقاد أهل السنة والجماعة: مما يجب اعتقاده على كل مكلف بلا تقليد لأحد وهو ما عليه أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية، وهم متوافقون إلا في مسائل يسيرة أرجعها بعضهم إلى الخلاف اللفظي كما بين في محله.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=محمد أمين بن عمر المعروف بـ«ابن عابدين»|العنوان=حاشية ابن عابدين المسمى بـ«رد المحتار على الدر المختار» المقدمة، ج1|الصفحة=48 وما بعدها|الناشر=دار الكتب العلمية|السنة=1412 هـ/ 1992م|الإصدار=د.ط}}</ref> وذكر غيره مثل هذا، ووجه ذلك: أن الأشعرية والماتريدية عملوا على إثبات عقيدة أئمة أهل السنة بالمناهج الكلامية، وإنما كان اشتهار هذه التسمية باعتبار أن أصحاب الصناعة النظرية من أهل السنة والجماعة دونوا وحققوا أكثر من غيرهم، إذ أن الأثرية لم يكونوا أهل صناعة نظرية، وكان أول من وضع قواعد علم التوحيد على مذهب أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري ومن تبعه من بعده، وأبو منصور الماتريدي ومن تبعه من بعده. فلو قلنا مثلا: أجمع جمهور أهل السنة والجماعة على تقديم الشرع على العقل، ومقابل هذا أن المعتزلة بالغوا في تقديس العقل فقدموه على نصوص الشرع بدليل أن بعض المعتزلة
كما أنهم ذكروا الفرق الإسلامية وجعلوا منها أهل السنة والجماعة فرقة واحدة، وإنما يكون الخلاف بين أهل السنة والجماعة في الفروع، ومهما كان اختلافهم في فروع الأحكام فلا يحكم بعضهم على بعض بالكفر ولا يصفه بالابتداع، وما قد يقع من خلاف في مسائل العقيدة فهو خلاف شكلي قد يلتبس على العوام، بسبب الحكم على الأشياء من غير استبيان، أو المبالغة في الحكم من غير علم، ومن انتسب إلى أهل السنة والجماعة وخالف إجماعهم فقوله منسوب إليه ومحسوب عليه وحده ومردود عليه، فأهل السنة والجماعة في أصول الاعتقاد مذهب واحد.
=== طريقة الأثرية في مسائل الاعتقاد ===
الطريقة الأثرية هي التي تستند على الأثر، والأثر في اللغة بقية الشيء، والمأثور ما ينقله خلف عن سلف،<ref>لسان العرب لابن منظور (أثر) ج1 ص52 وما بعدها</ref> وال[[أثرية]] من أهل الحديث عند علماء الكلام يطلق على العلماء الذين اعتمدوا في مسائل العقيدة على الأثر الذي يقوم على النقل والأخذ بالأدلة السمعية أي: الكتاب والسنة والإجماع، والأثر بمعنى المأثور قد يكون أعم من الحديث، إلا أن المقصود لا يختلف، وأهل السنة والجماعة سواء كانوا من أهل الأثر أو النظر كلهم من أهل الحديث، لكن الفرق في التسمية يظهر في طريقة الاستدلال، وهذا الفرق مهم في التسمية، وذلك أن الأدلة السمعية أساسية في الأحكام الشرعية سواء كانت علمية أو عملية، غير أن [[فروع الفقه|الأحكام العملية]] يكون فيها القياس عند فقد النص، بخلاف الأحكام العلمية (العقيدة) فهي تُؤخذ بالأدلة السمعية عن طريق النقل والنص، ولا مجال فيها للقياس، وقد كان أئمة أهل السنة والجماعة في عصر [[الصحابة]] والتابعين يهتمون بنقل
بعد انتشار المعتزلة خلال القرن الثالث الهجري وبحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره أن المعتزلة توغلوا في الصفات فأنكروا صفات ثابتة واستخدموا أساليب كلامية لتأييد ما استحدثوه، وكان من السلف جماعة تعلقوا بظواهر نصوص متشابهة وبالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم الصريح المناقض للتنزيه، وأما السلف الذين أخذوا بمنهج المتقدمين عليهم من أهل الحديث وسلكوا مسلك السلامة فقالوا في النصوص المتشابهة: نؤمن بها ولا نتعرض لتأويلها، قال الشهرستاني: {{مض|وأما السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل ولا تهدفوا للتشبيه فمنهم: [[مالك بن أنس]] رضي الله عنهما إذ قال: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، ومثل [[أحمد بن حنبل]] رحمه الله و[[سفيان الثوري]] و[[داود بن علي الأصفهاني]] ومن تابعهم حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي والحارث بن أسعد المحاسبي وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية}}.<ref>الملل والنحل للشهرستاني، ج1 ص: (93)</ref> والسلف من أهل الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين؛ تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في النصوص المتشابهات، قال الشهرستاني: {{مض|فأما [[أحمد بن حنبل]] و[[داود بن علي الأصفهاني]] وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث مثل: [[مالك بن أنس]] و[[مقاتل بن سليمان]]، وسلكوا طريق السلامة فقالوا: نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعا أن الله عز وجل لا يشبه شيئا من المخلوقات، وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره، وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية أن قالوا: من حرك يده عند قراءته قوله تعالى: {{قرآن|خلقت بيدي}} أو أشار بإصبعيه عند روايته: {{حديث|قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن}} وجب قطع يده وقلع أصبعيه}}<ref>محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، الصفحة: ١٠٢ وما بعدها</ref>
=== طريقة أهل النظر ===
|