12٬938
تعديل
منصورالواقدي (نقاش | مساهمات) |
منصورالواقدي (نقاش | مساهمات) |
||
=== أول بِدعة في الإسلام ===
كانت أول
استحدث الخوارج أول بدعة في الإسلام تتضمن مقولات متشددة ومبالغ فيها، واتخذوا من مبدأ التكفير سببا للخروج على ولاة أمر المسلمين، وبما أن علي بن أبي طالب كان صارما في التعامل معهم وبما لديه من الفقه في الدين، فقد حاورهم وحاول أن يستعيدهم للصواب فرجع منهم من رجع وبقي منهم من بقي، وبعد وقعة النهروان لم يبق منهم إلا عدد قليل تفرقوا في البلدان. ذكر ابن بطال في حديث عن علي بن أبي طالب أنه قال في أثناء خطبته: {{اقتباس مضمن|مايمنع أشقاكم أن يخضبها بدم}} وأشار إلى لحيته.<ref>[http://www.al-eman.com/الكتب/شرح%20صحيح%20البخاري%20لابن%20بطال%20***/باب%20شدة%20المرض/i306&d221079&c&p1 شرح صحيح البخاري لابن بطال كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت]</ref><ref group="°">نص الحديث: عن معمر عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: سمعت عليًا يخطب فقال: (اللهم إني قد سئمتهم وسئموني فارحمني منهم وارحمهم مني، «مايمنع أشقاكم أن يخضبها بدم» وأشار إلى لحيته).</ref> وقد توجه من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم لقتل علي بن أبي طالب فقتله في المسجد [[يوم الجمعة]] قبل [[صلاة الفجر]].
=== الكلام في الصفات ومسائل الاعتقاد (تم)===
بعد ظهور الخوارج وانشقاقهم عن جماعة الصحابة تفرعت منهم فرق كثيرة، وقد وصفهم أهل السنة بأنهم أهل الأهواء المضلة الذين استحدثوا بأهوائهم ما لا أصل له في الشريعة وتكلموا فيما نهى الله ورسوله عن البحث فيه فاختلفت أهواؤهم وافترقت آرآؤهم وتحولت شبهاتهم إلى معتقدات صاروا بسببها جماعات متفرقة،
وكان أئمة أهل السنة من متقدمي عصر السلف يكتفون بإضاح القول فيما يحتاج إلى إيضاح ولا يتكلمون فيما نهى الله ورسوله عن الخوض فيه، ويتركون الخصام والجدال والمراء فيه، قال [[ابن خلدون]] في تاريخه المدون في القرن الثامن الهجري: {{مض|وأمهات العقائد الإيمانية معللة بأدلتها العقلية، وأدلتها من الكتاب والسنة كثير وهي معلومة ومقررة، وما وقع من الخلاف في العقائد أكثره من اتباع المتشابه}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/>
وجاء في كلامه أنه لما كان وجوب التنزيه لله تعالى في وصفه بالكمال المطلق، ودلت عليه النصوص كقوله تعالى: {{قرآن|ليس كمثله شيء}} فقد بالغت القدرية (المعتزلة) في التنزيه مما أدى إلى استحداث بدعة القول بإنكار صفات ثابتة بالنص، وبالمقابل فقد ظهر في عصر السلف مبتدعة بالغوا في إثبات الصفات، اتبعوا المتشابهات من النصوص وفسروها بحسب الظاهر، فوقعوا في التجسيم المناقض لآيات التنزيه الصريح، وذكر [[أبو الفتح الشهرستاني]] في كتابه: «[[الملل والنحل]]»
أن المعتزلة لما بالغوا في التنزيه فأنكروا صفات ثابتة بالنص أطلقوا عليهم معطلة، وأن السلف لما كانوا من مثبتي الصفات كانوا يسمونهم الصفاتية، وأن بعض السلف بالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم، وذكر منها بدعة محمد بن كرام السجستاني،<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=الذهبي|العنوان=سير أعلام النبلاء ج11|الصفحة=523 و524|المسار=http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=2107&bk_no=60&flag=1}}</ref> في القول بالتجسيم وتنسب إليه الكرامية، وقد نصرهم محمود بن سبكتكين السلطان، (وكان من الكرامية).<ref>الملل والنحل، محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، المقدمة الرابعة: في بيان أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية وكيفية انشعابها ومن مصدرها ومن مظهرها، ج1 ص20 وما بعدها، دار المعرفة - بيروت، 1404 هـ</ref>
اتفق أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا على أن النصوص الموهمة بظاهرها للتشبيه بالحوادث هي من المتشابهات التي لا يجوز الخوض فيها، وقد نهى الله عن الخوض فيها؛ لأنه من صفات أهل الزيغ والضلال حيث أنهم تكلموا فيما لم يأذن به الله مما ليس لهم به علم وفسروا المتشابهات وفق أهوائهم، وقد ورد ذلك في القرآن في قوله تعالى: {{قرآن|فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ..}}.<ref group="°">قال الله تعالى: {{قرآن|هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}}. (آل عمران: 7).</ref>
روى [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]: {{اقتباس مضمن|عن ابن عباس أنه قال: التفسير على أربعة أنحاء: فتفسير لا يعذر أحد في فهمه، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه الراسخون في العلم، وتفسير لا يعلمه إلا الله عز وجل. ويروى هذا القول عن عائشة وعروة وأبي الشعثاء وأبي نهيك وغيرهم}}.<ref name="تفسير ابن كثير">{{مرجع كتاب|المؤلف=إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي|العنوان=تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة آل عمران، تفسير قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءآيات محكمات الجزء الثاني|الصفحات=10 وما بعدها|الناشر=دار طيبة|السنة=1422 هـ}}</ref>
هناك مذهبان مرويان عن الصحابة ذكرهما المفسرون في قوله تعالى: {{قرآن|وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ..}}، وقد ذكر ابن جرير الطبري القول في تأويل الآية: أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، قال: {{اقتباس مضمن|وأما الراسخون في العلم فيقولون: {{قرآن|ءامنا به كل من عند ربنا}}، لا يعلمون ذلك، ولكن فضل علمهم في ذلك على غيرهم العلم بأن الله هو العالم بذلك دون من سواه من خلقه}}.<ref name="أبو جعفر">تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، دار المعارف، تفسير سورة آل عمران، القول في تأويل قوله تعالى: {{قرآن|وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا}}. الجزء السادس، ص201، 206</ref> ثم ذكر اختلاف أهل التأويل في تأويل ذلك وهل {{قرآن|الراسخون}} يعلمون بتأويل المتشابه، أم أنهم يقولون: ءامنا بالمتشابه وصدقنا أن علم ذلك لا يعلمه إلا الله؟
فقال بعضهم: معنى ذلك: وما يعلم تأويل ذلك إلا الله وحده منفردا بعلمه، وأما الراسخون في العلم فيؤمنون به ولا يعلمون تأويله، عن عائشة قالت: {{اقتباس مضمن|كان من رسوخهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه، ولم يعلموا تأويله}}. وروى هذا عن ابن عباس وعروة وأبي نهيك الأسدي وعمر بن عبد العزيز ومالك.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {{قرآن|وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}}، وهم مع علمهم بذلك ورسوخهم في العلم يقولون: {{قرآن|ءامنا به كل من عند ربنا}}. وروى عن ابن عباس أنه قال: {{اقتباس مضمن|أنا ممن يعلم تأويله}}. وعن مجاهد: {{قرآن|والراسخون في العلم}}: يعلمون تأويله ويقولون: {{قرآن|ءامنا به}}.
قال أبو جعفر: وأما معنى التأويل في كلام العرب فإنه التفسير والمرجع والمصير. ورجح ابن جرير الطبري (وهو من أئمة السلف): القول الأول وهو: أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، قال: وأما {{قرآن|الراسخون في العلم}} فلا يعلمون تأويل المتشابه، يقولون: ءامنا بالمتشابه وصدقنا أن علم ذلك لا يعلمه إلا الله.<ref name="أبو جعفر"/>
وهذا المذهبان المرويان عن السلف حكاهما [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] (وهو من علماء القرن الثامن الهجري) أولهما: أنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله، وهو ما رواه ابن جرير على قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي ابن كعب، وكذا رواه ابن جرير عن عمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس: أنهم يؤمنون به ولا يعلمون تأويله، واختار ابن جرير هذا القول. وهذا هو مذهب التسليم أو التفويض لأنهم يفوضون علم ذلك لله ولا يأولون المتشابه بل يؤمنون به ويقولون: لا يعلم تأويله إلا الله، وهذا القول مروي عن أئمة السلف.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب التوحيد، ص427</ref>
وثانيهما: لا يعلم تأويل المتشابه الذي أراد ما أراد {{قرآن|إلا الله والراسخون في العلم}} يعلمون تأويله {{قرآن|يقولون ءامنا به}}، ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمات التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، فاتسق بقولهم الكتاب، وصدق بعضه بعضا فنفذت الحجة وظهر به العذر وزاح به الباطل ودفع به الكفر، ويسمى مذهب التأويل وهو مروي عن بعض أئمة السلف،
قال ابن كثير: {{اقتباس مضمن|وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول وقالوا: الخطاب بما لا يفهم بعيد، وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: {{اقتباس مضمن|أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله}}. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون: آمنا به. وكذا قال الربيع بن أنس. وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير: {{قرآن|وما يعلم تأويله}} الذي أراد ما أراد {{قرآن|إلا الله والراسخون في العلم يقولون ءامنا به}} ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، فاتسق بقولهم الكتاب، وصدق بعضه بعضا فنفذت الحجة وظهر به العذر وزاح به الباطل ودفع به الكفر، وفي الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس فقال: {{حديث|اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل}}}}.<ref name="تفسير ابن كثير"/>
|